رواية تربصت بي أعين قاتلة الفصل الثاني 2 بقلم سارة أسامة نيل
رواية تربصت بي أعين قاتلة البارت الثاني
رواية تربصت بي أعين قاتلة الجزء الثاني
رواية تربصت بي أعين قاتلة الحلقة الثانية
حمحم بخشونة وقال وهو يُبعد أنظاره عنها:-
– تميم.
– وبعدين؟! أعمل أيه يعني!
تعجب من نبرتها الحادة ونزاقتها في الحديث، استغفر سرًا، وردد بهدوء:-
– بصراحة أنا عندي شغل هنا في المنطقة والغروب هلّ وأنا مخلصتش ومحتاج مكان أقعد فيه فلقيت المكان ده، أقدر أحجز أوضة هنا..
نظرت بعدم إهتمام ثم تحركت خلف المكتب وسحبت ورقة صفراء قديمة وتسائلت بنبرة جافة وهي تضع “البومة” على طرف المكتب:-
– اسمك .. والبطاقة الشخصية.
رغم تعجب “تميم” من تلك الفتاة وطريقتها ووقاحتها إلا أنه قال وهو يمد يده يجذب هويته من محفظته:-
– تميم حسين نُعمان .. اتفضلي يا أبلة البطاقة..
رفعت رأسها وقلبت عينيها وهي تردد بسخرية وبرود:-
– أبلة!!
لم يُعلق “تميم” وهو بقمة تعجبه من هجوم تلك الفتاة عليه .. أهذه طريقتها أم أنها متعمدة أن تفعل هذا!
وضعت مفتاح صغير بحدة بعض الشيء على المكتب وأتبعته بقولها:-
– أوضة تسعة…..
ونادت وهي تتحرك للأعلى:-
– فتحية … فتحية..
أتت فتحية تتثاءب من الداخل:-
– خير يا ست البنات..
قالت بلامبالاة وهي تُشير نحوه بينما تصعد الدرج الداخلي:-
– في ضيف جديد..
أفاقت فتحية ونظرت نحو “تميم” فغمرتها السعادة وهتفت مرحبة:-
– أهلًا أهلًا يا فندم .. ربنا يزيد ويبارك..
شعر “تميم” أنه لربما قد سقط في بئر مجاذيب، مابالهم غريبيّ الأطوار هكذا! … أم أن هذا أثر البرية عليهم..!
أجلى صوته وقال بإحترام:-
– قولت للأبلة إن محتاج مكان أقعد فيه يومين .. هي أخدت البيانات والبطاقة وأنا أخدت مفتاح الغرفة، ممكن أعرف تكلفتها..
ابتسمت “فتحية” بإتساع وقالت بلباقة:-
– كلها حاجات بسيطة يا فندم تقدر تدفع تكلفة يوم بيوم لو حابب أو أيامك كلها مع بعض مفيش مشكلة، وهنقدم لحضرتك وجبة فطار وغدا ووجبة خفيفية للعشا..
تنهد “تميم” براحة وقال وهو يحمل حقيبته:-
– شكرًا جدًا لحضرتك..
وصعد يبحث عن الغرفة “٩” والتي سيندلع منها جحيمه الأبدي..
ظل يسير في الرواق ذا الإضاءة الخافتة والهادىء هدوء مُميت..
– المكان هادي …دي حاجة كويسة علشان أقدر أجمع أفكاري..
********
خرج “محروس” من القبو وهو يمسح يده لتقابله “فتحية” بفرحة غامرة..
– ضيف جديد يا معلم..
ابتسم ببهجة وهتف:-
– خير وبركة .. على الأقل نقدر نكمل بيه العدد المطلوب.
وتسائل:-
– لواحده.!
– أيوا شاب لواحده..
– غريبة!! إللي بيجي هنا بيبقى معاه صُحبة أو على الأقل بنت..
– ملناش دعوة بقاا يا معلم المهم المصلحة..
– طب مقالش جاي ليه.
– بيقول عنده شغل في المنطقة، وبصراحة الست غفران هي إللي استقبلته وسجلته..
مش عارفة بتقابل الزباين بوش ناشف ليه كدا، دا الراجل خاف منها..
ردد بفخر:-
– دي طبيعة غفران متخافيش هي عارفة شغلها كويس لازم تسيب بصمة على كل واحد كدا..
– طب هنفذ عالطول ولا أيه..
– لا اصبري شوية على ده .. لغاية ما أحل المشكلة مع جماعة الدّباحين.
*********
ظلت تسير ذهابًا وإيابًا في الغرفة دون تهادٍ ثم جلست وهي تتنفس مسرعة أمام حائط أبيض اللون أملس الملمس، أمسكت حجر أسود صغير ثم أغمضت عينيها وأخذت تضع لمساتها عليه بخفة برطوش الحجر الأسود تطبع أشياء عشوائية مستخدمة موهبة لا تعلم من أين أتتها في كسر حاجز الملل الذي يُقيدها في تلك الحياة..
وبعد ما يقرب النصف ساعة فرقت جفنيها على مهل لترى النتيجة..
لكن…!!!
فزعت وارتدت للخلف بوجل حين رأت عينيها ما لم يخطر لها على بال..
أليس هذا الشخص الذي رأته منذ قليل الذي يُدعى “تميم”..
لماذا….؟!!!!
وكيف هذا..!!
ألأنه أخر شيء رأته …لكن لم يحدث هذا من قبل..
بسرعة أمسكت بكوب الماء وأراقته فوقها ليهبط سائل أسود شوه معالمه..
أخذت تُزيل ما وضعت بقطعة قماش ثم خرجت الشرفة وجذبت فرشاة ووعاء به طلاءٌ أبيض ورجمت كل الأثر كعادتها..
– مجرد صدفة لا أكتر يا غفران..كلها ساعات وهنفذ..
أشعلت موسيقى عشوائية وبدأت تتحرك حركات أكثر عشوائية حتى ثارت خصلاته ونفذت طاقة الملل لديها..
عَلا صوت البومة فابتسمت وخرجت للشرفة لتجدها تقف على الجدار..
حملتها ومسدت على ريشها الأبيض الناعم:-
– بو إنتِ بتنادي عليا ليه..
هَنَدَت البومة بنعومة فهمست لها غفران بشرود:-
– مليت أووي يا بو .. هفضل في الملل ده كتير .. كمان القرية مش حلوة ومش بحب أنزلها..
لولا إنتِ يا بو مسلية وقتي وملار كمان حقيقي إنتوا إللي ليا..
شكلك جعانة .. تعالي ننزل نشوف هناكل أيه..
وكأنها تفهم ما يقول طارت فوق كتفها وهبطت غفران للأسفل..
– عاملة أكل أيه يا فتحية النهاردة؟
قالت فتحية ببعض الحذر:-
– فضلت خيرك أبوك دابح خروف يعجبك وطبخت لحمة طازة ريحتها مفحفة..
كرمش وجه غفران وهتفت بحدة:-
– طب اشبعي بيه .. ووسعي كدا أعمل حاجة أكلها أنا وبو..
– هتفضلي لغاية إمتى متاكليش اللحمة كدا..!
– لغاية ما أموت..
جذبت قطع الدجاح وأعطتها لِـ “بو” وأخذت طبق مليء بالتين الشوكي وبدأت تأكله بهدوء..
– أكل الضيف الجديد جاهز … تناديه ياكل هنا ولا تطلعي فوق … زي ما إنتِ عارفة دي مهمتك وأنا مش بقدر أطلع..
جاءت لتفتح أحد الأدراج فأوقفتها “فتحية”:-
– مش النهاردة … المعلم محروس قال شوية كدا..
غمغمت بصمت وجذبت صنية دائرية متوسطة وصعدت للأعلى بهدوء يُحيطها وغموض يُغلفها..
وقفت أمام الغرفة ببرود وكورت كفها تطرق الباب وانتظرت قليلًا .. لكن لا إجابة..!
عادت الكَرّة لكن لا فائدة …يُقابلها الصمت التام..
زفرت بنزق ووضعت يدها على مقبض الباب دون تردد وأدارته وفُتح الباب..
وقفت على عتبته تنظر بأرجاء الغرفة ذات الإضاءة الخافتة .. وزعت أنظارها بأركانها لكن لا وجود له..
وعندما جاءت لتستدير وتخرج تنائ لسمعها كلمة خشبت جسدها وجعلتها ترتد مرةً أخرى..
-الله أكــــــبــــــر….
نظرت للأسفل لترى مالم تراه يومًا ما..
رأته في وضعية السجود ويغشاه سكينة غريبة، اهتزّ بدنها وأصبته رعشة سارت بأنحاءه..
ظلت واقفة تحمل ما بيدها لا تُحرك ساكنًا .. فقط تنظر لحركاته..
أعينها الواسعة كالبحر أخذت تتسع أكثر وأكثر حتى لمع بياضها النقي وأضفى لمعة على الزُرقة الغامقة بمحيطها..
انتهى “تميم” من الصلاة ورفع سجادة الصلاة والتفت لها متعجبًا من وضعيتها..
وقف أمامها باستغراب شديد وتسائل بعدم فهم:-
– في حاجة يا أستاذة.!؟
رفعت عينيها إليه بقلب مرتجف للمرة الأولى ليُسرع هو بخفض نظره من شدة فتنة أعينها..
وضعت الصنية بين يديه وهرولت هروبًا إلى سطح المنزل في الظلمة السوداء تحت دهشة “تميم” المتصاعدة..
– مش قادر أفهم في أيه بجد .. هو في حاجة غلط على وشي ولا أيه..لا حول ولا قوة إلا بالله..
صعدت للأعلى وسط الظلمة بصدر ينهج بشدة … وقفت أسفل السماء المضيئة والتي تنتشر نجومها بغزارة على ثوبها الأسود..
شعرت أن العالم يدور من حولها وتصاعدت أحداث جحيمية لعقلها وأخذت بعض الأحداث تدور أمام عينيها كفِلاشات خاطفة..
سقطت على ركبتيها تضع يدها على أذنها وتضغط بقوة وهي تئن بصوت خفيض وتنظر للسماء بهيبة وخوف لم يمسّ قلبها يومًا..
أخذت تهمهم وتهرتل بشهقات:-
– أنا … أنا .. مين!! .. هو أنا مين..
وسقطت في ظلام دامس بعدما سحبها فقدان الوعي إليه رأفةً بها..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تربصت بي أعين قاتلة)