روايات

رواية بين دروب قسوته الفصل العشرون 20 بقلم ندا حسن

موقع كتابك في سطور

رواية بين دروب قسوته الفصل العشرون 20 بقلم ندا حسن

رواية بين دروب قسوته الجزء العشرون

رواية بين دروب قسوته البارت العشرون

بين دروب قسوته
بين دروب قسوته

رواية بين دروب قسوته الحلقة العشرون

وقف جوار باب السيارة بعد أن أغلقه وعينيه التي تحول لونها إلى الأسود القاتم مُثبتة عليهم، واحدًا خلف الآخر ينظر إليهم بثبات وجدية والقسوة بادية على ملامحه وعدم الخوف منهم ظهر إليهم وانبعث في لمح البصر..
وجه حديثه إلى واحدًا منهما قائلّا بجدية مُصطنع الغباء:
-ايه يا رجالة.. ما تفتحوا الطريق
أجابه ذلك مُعقبًا بنظرة ذات معنى قوي قد تفهمه الآخر:
-طب ما تشخلل علشان تعدي الطريق
ابتسم “عامر” بتهكم واضح ووزع بصره عليهم قائلًا بسخرية ولا مبالاة تامة:
-أشخلل بايه طيب.. فلوس؟ مباشيلش كاش، موبايل؟ عليه شغل والله مقدرش أتنازل عنه.. العربية لأ موديل السنة دي غالية وجديدة.. مكنش يتعز والله
عدم الإهتمام الذي تحدث به وظهور لا مبالاته وعدم خوفه منهم استفز داخلهم بشدة فصاح واحدًا منهم ساخرّا مثله:
-أنت مثلًا
اتسعت ابتسامته وهو يقف غير مُعتدلّا مُوضحًا له أنه لن يعود عليهم بالنفع أبدّا:
-لأ معتقدش إني انفعكم.. انتوا عايزين واحدة حلوة مقطقطة من شارع الزنقة
تقدم ذلك الرجل المُمسك بتلك العصاة بيده ووقف أمامه قائلًا وهو ينظر إليه مباشرة بعيون إجرامية خالصة:
-لأ تنفعنا.. تنفعنا أوي كمان.. إحنا بس عايزين عاهة
لوى شفتيه وحرك رأسه من الأعلى إلى الأسفل يستمر في اللا مبالاة الخاصة به مُتسائلّا:
-قولتولي.. عاهة وهتبقى مُستديمة بقى ولا نص نص
أجابه نفس الرجل بثقة كبيرة:
-مستديمة إن شاء الله.. لو قومت منها
تحرك “عامر” وهو يستدير إلى السيارة مرة أخرى قائلًا بفتور وسخرية:
-طب يلا يا شاطر أنت وهو افتحوا الطريق
أقترب منه أول من تحدث معه ووقف أمامه مباشرة ثم ابتسم ساخرًا بسبب ذلك البرود المأخوذ منه، لكنه أدار وجهه للناحية الأخرى ثم أخرج من جيبه مدية ورفع إياها في لمح البصر أمام وجهه مُتحدثًا بعنف وشراسة:
-ولا.. أرجع كده بدل ما تزعل بجد وإحنا ناوين يبقى زعل على خفيف
رفع “عامر” عيناه على تلك المدية المرفوعة في الهواء على استعداد تام أن تهبط على وجهه:
-المفروض إن البتاعة اللي في ايدك دي هتخوفني
أومأ إليه الآخر ساخرًا
-اه تخيل بقى
تابعه “عامر” بشجاعة وهتف قائلًا:
-طب شيل اللعبة دي ولو عايز تعملي عاهة خليها بايدك
عارض الآخر وأكمل على نفس النحو قائلًا:
-لأ بقى هي بدي
ثم رفع يده إلى الأعلى قليلًا وهبط بها إلى وجه “عامر” ولكنه أمسك بمعصم يده سريعًا وباليد الأخرى قام بلكمة في وجهه بقوة وغل شديد نابع من قلبه ليرتد الآخر إلى الخلف قليلًا مُستديرًا بوجهه، تقدم الآخرين بلهفة وسرعة لينالوا منه ولكن الأول أوقفهم رافعًا يده إليهم يمنعهم من العبور إليه..
تابعه بنظرات إجرامية، وعيناه حادة للغاية ينبع منها الغل وظاهر بها رغبة الانتـ ـقام، لا تدري على ماذا ولكن كونه تعرض إليه فيجب الانتـ ـقام..
أقترب منه مرة أخرى ونظرات “عامر” إليه حادة مثله يبادله العـ ـنف والغل الذي سيجعله يخرج من جسده عليهم واحدًا تلو الآخر..
رفع المدية مرة أخرى عليه ولكن “عامر” لم يستطع الإمساك بيده فارتد هو إلى الخلف بجذعه العلوي فاقترب الآخر مكررًا نفس الحركة فعاد “عامر” بكامل جسده ثم حاول الإمساك بها ولكنه جرح ظهر يده بها، عاد مرة أخرى إلى الخلف ثم تقدم وأمسك بيده في المرة الثالثة يضربها أكثر من مرة إلى أن وقعت منه المدية..
ولكمه في وجهه عدة مرات متتالية ثم في بطنه بقدمه والآخر لم يتركه يفعل ذلك مُستسلمًا بل ضربه هو الآخر لكمة في وجهه أسفل عينيه..
ولكن “عامر” كان الأقوى حيث أن الآخر لم يكن شابًا بل كان رجل أكبر من عامر ببضع سنوات فلم يكن بنفس تلك اللياقة والسرعة التي تحلى بها الآخر..
تقدم ذلك الذي كان مُمسكًا بعصاة من خلف “عامر” حيث أنه وهو يتشاجر مع الآخر استدار مُعطيًا إياهم ظهره، وقد كانت الضربة موجهه إليه في منتصف ظهره..
خرجت منه آنه وكرمشت ملامح وجهه مُتألمًا بشدة فاضطر إلى الانسحاب من المعركة الذي ستكون خاسرة هكذا ففي أي حال الكثرة تغلب الشجاعة وهو لا يريد الخسارة ولا يريد أن يقوم باذية أحد منهم
دفع الآخر عليهم بقوة واستدار إليهم بوجهه ثم أخرج المسدس من خلف ظهره رافعًا إياه عليهم صارخًا بهم:
-وديني اللي هشوفه قدامي ما هحله
حاول الإقتراب منه بعناد اعتقادًا منه أنه مسدس يقوم بالعبث معهم به أو أنه لا يقوى على استخدامه ولكن “عامر” لم يسمح له بالاقتراب فقام بالضغط على زناد المسدس بعد توجيهه إلى الأسفل على إحدى قدميه وقد كان..
أصيب الرجل برصاصة في قدمه اليمنى فوقع على الأرض صارخًا بعـ ـنف والـ ـدمـ ـاء تخرج من قدمه بغزارة
ارتعب الآخرين بخوف ورهبة منه بعد أن رأوا أنه على أتم الاستعداد للقـ ـتل ليس فقط التهويش، تقدم أحدهم واضعًا يده الاثنين أسفل ذراعي الرجل وقام بسحبه إلى الخلف بعد أن أبتعد الآخرون ليجعلوه يمر وذاك بعد أن فشل ما يريدون منه.
صاح “عامر” بقسوة وعنـ ـف قائلًا بتأكيد وثقة:
-قولوا للي باعتكم ردي عليه هيوصله بعد يومين بالكتير.. بالكتير أوي
دلف إلى السيارة ومازال رافعًا المسدس عليهم تحسبًا لأي حركة غذر قد تصدر عنهم فهو لن يضمن خوفهم منه، ولكن عندما رأوه يقوم بإطلاق النار على من معهم رأى العرق يتصبب منهم جميعًا..
أدار محرك السيارة وأبتعد بها وهما أيضًا يبتعدون عنه بذلك الذي لا يستطيع تحمل الألم الذي لحق به وظل يصرخ بعـ ـنف غير قادر على التحمل، ولكن نظرة الانتقام خاصته ورفعه المدية عليه أتى إليه هو بالاذى الشديد والذي لن يعوضه عنه أحد إن أصابت قدمه مكروه.. وهذا سيحدث لا محال
أبتعد “عامر” وأكمل طريقه إلى البيت وعقله مشغول بما حدث، هو شجاع ولم يخاف مما حدث، يستطيع أن يتصدى لهم ولكن الكثرة تغلب الشجاعة وهو معترف بذلك لن يكون بطل خارق يستطيع أن يتحدى أربعة أشخاص مسلحون ويقوم بالفوز عليهم..
لو لم يكن معه ذلك المسدس لكان الآن كما يقولون، بعد الدفاع عن نفسه إلى آخر نفس به ملقى على الأرضية لا أحد يعرف عنه شيء ينزف إلى المـ ـوت، حمدًا لله أنه كان معه..
وذلك الأخرق، لقد خطط له شيء لن يأخذه أحد سواه، سيكون ذلك مفصل لأجله وعلى القياس المضبوط.. سيقوم بالتفريغ عن غضبه وتعويضًا عن ذلك الكتمان والصبر. الذي تحلى به، فقط هو الآخر صبرًا وسيريه ما الذي سيفعله به وإن نجى منه لن يستسلم، سيكون هناك البديل والبديل بعد البديل.. لن يعجز عن شيء هو فقط صبور إلى أبعد حد..
كرمشت معالم وجهه وهو ينظر إلى المرأة في السيارة بينما يقوم بالقيادة لقد أخذ لكمة قوية في وجهه أسفل عينيه من ذلك الحيوان، وظهره يؤلمه للغاية، ألم لا يطاق..
يحاول الصمود الخمس دقائق الباقية للوصول إلى الفيلا.. لقد أخذ ضربة قوية على ظهره في منتصفه على عموده الفقري أفقدته صوابه ولكنه تحمل أمامهم.. تحمل كي لا يعطي إليهم الفرصة للنيل منه
نظر إلى المسدس الملقى جواره ثم أعاد بصرة إلى الطريق وعقله لا يكف عن التفكير في كثير من الأمور وكلما أعادها يجعلها تزداد مرة أخرى إلى أن يؤلمه رأسه من كثرة التفكير ويطالب بالانفـ ـجار بسببه..
❈-❈-❈
فتح باب جناحهم الخاص في الطابق العلوي، دلف بهدوء بجسد يتألم ينحني إلى الأمام قليلًا غير قادر على الاعتدال بسبب تلك الضربة التي تلقاها على ظهره، يمسك جاكيت بدلته في يده المجروحه التي قام بلفها بشاش أبيض ليس إلا.. ووجه مرهق وهناك كدمة أسفل عينه..
دلف إلى غرفتهم بارهاق شديد فوجدها تدلف من الشرفة تنظر إليه باستغراب:
-اتأخرت كده ليه
تابعت النظر إليه ودققت بملامحه وهيئته الغريبة ثم أقتربت سريعًا ناظرة إليه بلهفة وخوف عندما أبصرت يده:
-ايه ده مالك.. ايه اللي عمل فيك كده
أجابها وهو يجلس على الفراش بكذب ومراوغة يلقي جاكيت البدلة:
-قطاع طريق طلعوا عليا وكانوا عايزين يقلبوني
فك رباط حذاءه بسرعة ثم ارتمى على الفراش يقوم بفرد جسده كي يحاول الشعور بالراحة أكثر فظهره يؤلمه، كرمشت ملامح وجهه وهو ينام على الفراش وأخرج آنه بسيطة تنم عن ألمه..
أقتربت منه سريعًا وجلست على ركبتيها جواره على الأرضية، نظرت إليه تحاول الفهم ما الذي حدث وما الذي يعاني منه:
-مالك طيب ايه بيوجعك.. وعملت ايه معاهم
أغمض عيناه وهو ينام على ظهره ورفع ذراعه على رأسه يخفي وجهه عنها ثم تحدث بجدية وضيق:
-قطاع طريق يا سلمى كانوا عايزين ياخدوا العربية اتخانقت معاهم طبعًا واخدت ضربه على ضهري بس ده كل اللي حصل
تسائلت بخوف ورهبة، تنظر إليه بقلق قد جال بخاطرها أنه ذلك الغبي يطاردهم:
-وأنت عرفت منين أنهم قطاع طرق ما يمكن….
قاطعها لأنه يعلم ما الذي ستفكر به حتمًا فقال كاذبًا بفتور:
-لأ مش اللي في دماغك.. دول قطاع طريق بجد أنا عارفهم
نظرت إليه بتشتُت وعقلها لا يصدق هذه الكذبة، مؤكد أنه هو من قام بفعل ذلك لاذيتهم، قالت بقلق وهي تضع يدها فوق كتفه:
-مالك طيب ضهرك بس اللي بيوجعك
أومأ إليها برأسه دون أن يُجيب، فوقفت على قدميها تتقدم من درج مفتوح بالناحية الأخرى وهتفت قائلة:
-طيب قوم بالراحه كده أنا معايا كريم كويس هيخفف الألم لحد الصبح تبقى تكشف عليه
عادت إليه بعد أن أخذته، جلست أمامه على الفراش ثم أقتربت منه بهدوء قائلة برقة وحنان:
-عامر.. قوم معايا
اعتدل في جلسته بهدوء وبطء شديد فقد اشتد عليه الألم، أمسكت بيده وجذبته إلى الأمام ثم فتحت إليه أزرار القميص واحدًا تلو الآخر وقامت بنزعه عنه تنظر إليه بحزن لأجل أنه يشعر بالألم وهذا واضح وبشدة..
وقفت على قدميها وذهبت الناحية الأخرى عائده إلى الخلف ليظعر إليها ظهره وتستطيع أن تقوم بوضع الكريم إليه بهدوء..
أخذت منه على أطراف أصابعها ثم قامت بتدليك ظهره به بهدوء وخفه من يدها وأثناء ما تفعله راسها لا يكف عن التفكير فيما حدث معه، هل هو لا يتحدث لأجل أنه يتألم أم هناك شيء آخر..
عادت وجلست أمامه بعد أن انتهت وقالت ناظرة إلى عيناه بهدوء وحزن:
-خليك كده شوية ضهرك ياخد الكريم ده وهتبقى كويس
أومأ إليها برأسه بجدية:
-ماشي
أمسكت يده بحنان ورفعت حاجبيها تتسائل بقلق:
-بيوجعك أوي؟
ابتسم بهدوء وهو ينظر إلى وجهها وهي تتسائل بهذه الطريقة الرقيقة التي تبدو بها خائفة للغاية عليه فقال هو:
-لأ يا سلمى أنا كويس ده وجع خفيف من الضربة
تهكمت على حديثه حيث أن مظهره كان يقول غير الذي يهتف به تمامًا:
-كل ده وخفيف
تابعت النظر إليه وقالت بمزاح ومرح محاولة التخفيف من حدة الموقف:
-دول شلفطوك بص وشك عامل إزاي
رد ساخرًا هو الآخر محركًا رأسه بفخر لما فعله بهم:
-ماله وشي دي يادوب ضربه واحده إنما أنا ظبطهم
نظرت إلى ظهر يده التي غفلت عنها وأمسكت بها تجذبه إليها تهتف بنبرة جادة:
-طب وريني ايدك فيها ايه.. شكلها متعورة جامد
أعترض على حديثها وجذب يده منها قائلًا:
-لأ سيبيها زي ما هي مش هتعرفي تعمليها، أنا بكرة هروح المستشفى هتحتاج خياطة تقريبًا
صمتت لبرهة والأخرى خلفها ثم نظرت إليه بجدية تحاول أن تقول ما أتى برأسها عله يتفهمها ويرى الذي تراه هي:
-عامر.. ما يمكن يكون هو، أنا كده قلقانه وبجد خايفة عليك أنا مش هعرف أعيش كده كل ما تخرج أحط ايدي على قلبي وأقول هيحصله ايه
ابتسم بهدوء حتى لا يثير ربيتها وأقترب بخفة إليها جاذبًا إياها إلى صدره تنام برأسها عليه وهتف بجدية وثقة كي يجعلها تهدأ وتطمئن لحديثه:
-أنا عايزك متخافيش وتثقي في كلامي.. أنا متأكد أنه مش هو دول ناس أنا عارفها بيعلقوا أي حد ماشي وبعدين هو مايقدرش يعملي حاجه أنتي مش واثقة في قدراتي ولا ايه
أجابته بعقلانية وتفكير مُشتت:
-أنا كل اللي عرفاه إني خايفة عليك يا عامر
ربت على ذراعها يحتضن إياها وحاول أن يكون حديثه صادق، يعلم أنه يكذب ولكن بثقة كي لا تثور وتقلق عليه وتجعل عقلها الأخرق يخاف منه ليلًا ونهارًا:
-متخافيش يا سلمى.. مش هيعمل حاجه ولو عمل ياستي أنا جامد قدامك أهو.. كده كده هو جايله يوم وهيختفي خالص من حياتنا
حركت رأسها على صدره قائلة بتمني:
-يارب يا عامر بجد نفسي أعيش معاك مرتاحه مش بفكر في حاجه غير فينا إحنا
ابتسم وهو يبعدها عنه يتحدث بلهفة وشوق ناظرًا إليها داخل تلك الزيتونية:
-وايه اللي مانع حضرتك
بادلته الابتسامة وحاولت أن تكون مثله، ستطرد تلك الأفكار البشعة من رأسها وتنعم بكل لحظة معه:
-حالة حضرتك اللي منعاني
عقب على حديثها بخبث ومكر تعرفه جيدًا وقد أصبح غير ذلك الذي كان تعرفه بالسابق:
-لأ يا بطل حالة حضرتي زي الفل ورينا أنت بس جمدانك ده
غمزته بعينيها قائلة بدلال:
-ما بلاش
تسائل باندهاش مُضيقّا عينيه عليها يحاول أن يرى أين الخطب الذي به.. وهو يعرفه جيدًا لكن يظهر العكس أمامها:
-وبلاش ليه الله ما أنا جامد قدامك أهو وبعدين حتى لو تعبان أجمدلك يا بطل
ابتسمت بخجل وهو يغمزها بطرف عينيه اليسرى وتذكرت قائلة تتسائل:
-فين الحاجه الفرايحي اللي جبتها
رد بفتور ونبرة جادة فلم يكن مبالي بأي شيء أثناء قدومه بسبب آلام ظهره:
-في العربية.. مكنتش قادر بضهري كان واجعني أوي مجبتش حاجه كنت محتاج أطلع بس
قابلته بعينيها الحنونة مُردفة بصوت أم ملهوفة على طفلها:
-حاسس بايه دلوقتي لسه بردو تعبان؟
قدم يده يتمسك بيدها جاذبًا إياها إليه ثم رفعها إلى فمه بهدوء وحنان يبادلها إياه وقام بتقبيلها بشغف ورقه ونظر إليها باتمان:
-بقيت كويس بفضلك يا حبيبتي
ابتسمت إليه وأقتربت منه ومازال يمسك يدها:
-وربنا يخليك ليا يا عامر.. حاول تكون كويس علشاني أنا ماليش غيرك
أومأ إليها برأسه وأقترب هو الآخر إليها بوجهه يطبع قبلة أعلى جبينها حنونة رقيقة وناعمة يحاول أن يبث الأمان بها وأن يجعلها تهدأ وتطمئن لوجوده الدائم معها:
-أنا معاكي يا سلمى متقلقيش.. معاكي
مالت برأسها إلى صدره تنام عليه تحاول بذلك أن تأخذ الأمان منه وتشعر بوجوده الدائم معها كما قال، تحاول أن ترى الجانب الرائع في الحقيقة المرة بينهم..
بينما هو حاول بقدر الإمكان بحديثه وأفعاله بعد ذلك أن يجعلها تطمئن ولا تفكر في أي شيء سيء قد يحدث فهو في الوقت القريب جدًا سينهي كل هذا وما بقي إلا قليل عليها فقط الانتظار معه.. وما كان به داخل عقله إلا أشياء يسعى لتنفيذها على أكمل وجه..
❈-❈-❈
“بعد مرور يومان”
جلس “تامر” مع “رؤوف” في صالون منزلهم ومعهم “عامر” الذي جلس مُستمعًا فقط واستمع إلى والده يقول بجدية:
-تمام كده يبقى إحنا اتفقنا على كل حاجه.. بس أنا عندي شرط واحد بس علشان كل ده يتنفذ
ابتسم “تامر” متابعًا إياه في اعتقاده أنه سيطلب شيء عادي يستطيع تنفيذه بسهولة:
-أوي أوي اللي حضرتك تطلبه هيتنفذ
أجابه الآخر بمنتهى الجدية والهدوء ناظرًا إليه بعمق:
-تقعدوا معانا هنا
كرمشت ملامح وجه “تامر” وتسائل باستغراب وكأنه استمع إليه خطأ:
-نقعد فين؟
مرة أخرى بجدية وهدوء تحدث قائلًا بسلاسة وهو لا يرى أي مشكلة في بقائهم هنا:
-هنا في الفيلا.. أنت شايف فيلا طويلة عريضة محدش فيها غيرنا وأنا بصراحة مش عايز حد من ولادي يبعد عني ولو أنت عايز هدى أقعد معانا هنا
استغرب “عامر” كثيرًا من حديث والده وود الاعتراض عليه بشدة، كيف له أن يقول مثل هذا الحديث ولما قد يعيش معهم هنا، هكذا لن يجعل زوجته تأخذ راحتها في منزلها وهو سيكون ضاغطًا عليها بشكل كبير خوفًا من أن يحدث نظرة أو أخرى من قبل “تامر” ولو عن طريق الخطأ.. ما هذا الذي يهتف به
استنكر الآخر حديثه واعترض بأدب واحترام محاولًا ألا يجرح مشاعره:
-أيوه بس أنا بعد اذنك يعني مش موافق على الكلام ده
أكمل موضحًا بجدية:
-أنا عندي بيت نقدر نعيش فيه
حرك الآخر رأسه إلى الأسفل والأعلى موضحًا مثله ومحاولًا نيل استعطافه:
-أنا عارف إن عندك ومقولتش غير كده بس أنا بطلب منك كأنك ابني تكون معانا هنا في البيت أنا مش عايز ولادي يبعدوا.. كفاية اللي بعدوا
لوى الآخر شفتيه ببغض وضيق ثم هتف قائلًا موضحًا أكثر ربما هو لم يتفهم مقصده بعد:
-أنا آسف بس أنا مش هقدر على كده أنا هبقى جوز هدى.. مش هقدر أعيش معاها في مكان كانت عائشة فيه مع ياسين.. حتى لو هو ميت بس.. بس كفاية الذكريات
محى المشكلة التي تحدث بها ببضع كلمات وقال مقترحًا عليه:
-هنغير المكان كله يا تامر من ألوان لفرش وعفش وأبواب حتى، كل حاجه هتتغير على ذوقكم مع بعض انتوا وتعملوا ذكريات غيرها
عارضه مرة أخرى بجدية وهو لا يعلم كيف السبيل للهرب من مثل هذا الحديث الأبلة، فكيف يكون عنده بيته ويعيش هنا في بيت زوجته:
-بس أنا مش هكون مرتاح كده
هنا تدخل عامر بعد حديث “تامر” وأعجب بإصراره وأكمل عليه هو لأنه لا يود ذلك هو الآخر فوالده يفعل اشياء غريبة هذه الفترة:
-ما تسيبه براحته.. هو من حقه يعيش في بيته مع مراته
أجابه والده بصرامة وقوة قائلّا حديث محدد وواضح:
-أنا محتاج إن الكل يكون معايا هنا يا عامر.. مش هسمح لحد منكم يبعد
أبعد نظرة إلى “تامر” وأكمل ليجعله يرتاب لأمر عدم إتمام الزيجة وهو على حافة الهاوية:
-ده شرطي علشان الجوازة تتم
نظر إلى الأرضية دون حديث ثم عاد مرة أخرى إليه برأسه يتسائل:
-هدى موافقة على الكلام ده
أجابه بفتور يدلي بموافقة ابنته على عدم تركها له:
-أيوه موافقة ومستنية رأيك
تشتت “تامر” بالأخص بعد أن تفاجئ هنا، لو كان على علم مسبق بذلك الأمر كان رتب له الحديث الذي سيقوله مع أنه لا يرى أكثر من رفضه حديث:
-بصراحة أنا.. أنا مش عارف
مرة أخرى يحاول أن يجعله يرق قلبه ناحيته واتجه إلى اللين المنكسر قائلًا:
-أنت شايف إحنا عيلة عاملة إزاي.. وبجد أنا محتاج كل ولادي جنبي، خليك معانا
نظر إليه “تامر” وأراد ألا يحدث أمرًا مكروهًا بسبب عدم قبوله، أو ينزعج والدها منه بسبب عدم احترامه وتلبية رغبته فقال بعد تفكير للحظات:
-أنا موافق، بس لو لقيت إني مش هرتاح هنا هاخد هدى وأروح بيتي
هتف الآخر بجدية موافقًا على حديثه:
-وأنا موافق يا تامر
وكان “تامر” يقول ذلك كي يكون أعطى له سابق إنذار بذهابه من هنا سواء شعر بالراحة أم لم يشعر، فقط شهر بالكثير هنا في هذا البيت معهم ثم يأخذها ويذهب إلى بيته..
ود “عامر” في هذه اللحظات أن يقوم بخـ ـنق نفسه، لما قد يجعل شخص غريب عنهم يجلس بينهم في المنزل حتى ولو كان سيصبح زوج شقيقته!؟ لما؟
❈-❈-❈
-كنتي وحشاني أوي
نطق بتلك الكلمات الرقيقة والخارجة من بين شفتيه بشغف وهو مُحتضن إياها تنام بين ذراعيه على الفراش في وقت متأخر من الليل
دست نفسها في أحضانه تخفي وجهها في صدره العاري قائلة بحب وخجل تسيطر عليه مع الوقت:
-وأنت كمان
ابتسم ضاحكًا بصوت عالي وهو يحرك يده على جسدها:
-بس ايه.. بطل بطل يعني مافيش كلام
تابعت الحديث معه بمزاح ومرح وعينيها تلمع بالحب والسعادة:
-بطل بيتفرهد من صاحب البطل
اتسعت ابتسامته وهو يضغط عليها بيده يقربها إليه من منطقة خاصة:
-وماله.. طعم السعادة غالي بردو
جذبت يده الموضوعة خلفها واعتدلت في نومتها تقوم بتوبيخه بجدية:
-لم ايدك أنا عايزة أنام مش مستعدة أقوم تاني إحنا بقينا الصبح
أبتعد بيده مرة أخرى وهو يقول بلا مبالاة متناهية:
-لمي ايدك أنتي.. إحنا عريس وعروسة اعتبرينا بنلعب
رفعت وجهها إليه وتسائلت باستنكار وبعينين متسعة بطريقة مضحكة:
-هو لعبة عريس وعروسة بتفرهد أوي كده؟
أخفض وجهه إليها عندما شعر أنها اعتدلت تنظر إليه وقال بابتسامة عريضة مازحًا معها:
-يوه دي بتفرهد أوي خصوصًا بقى لو كانت من الدرجة الأولى
أكمل موضحًا أكثر يكذب عليها وكأنها تصدق حديثه:
-تعرفي إحنا بنلعب الدرجة التانية.. تعالي بقى نجرب الدرجة الأولى وهتشوفي الفرق كبير قد ايه
رفعت إحدى حاجبيها الاثنين ونظرت إليه بتهكم واضح وسخرت منه:
-وده بقى ظهر بعد ما ضهرك بقى كويس ولا ايه علشان ابقى فاهمه؟ ما أنت مكنتش قادر تتحرك دلوقتي هتفوق عليا
ضغط بيده عليها مرة أخرى وهو يجذبها ناحيته لتلتصق به أكثر وصاح قائلًا بسخرية وثقة:
-أفوق عليكي وعلى اللي يتشددلك.. بس أنا اللي طيب وحنين
استنكرت حديثه وصاحت قائلة بصوت عالي:
-حنين! حنين مين يا أبو حنين.. الحنية ماتت من زمان كانت مرة ولا اتنين
ابتسم وجذب رأسها إلى صدره مرة أخرى ليكي يجعلها تصمت وهتف باستفزاز:
-ما أنتي اللي بطل اعملك ايه.. وبعدين نامي بقى بقينا الصبح وأنا عندي شغل نامي
-تصبح على خير
قالتها بنبرة خافتة مُبتسمة وهي تحتضنه كما يفعل المثل وأجابها قائلًا بنبرة رجولية خشنة:
-وأنتي من أهل الخير يا بطل
ثم أغمض عينه كمثلها وهو يشعر براحه غريبة للغاية ويوم رائع ينتظره بالغد.
❈-❈-❈
اليوم التالي قد أتته الأخبار التي يريدها حقًا بعد أن ذهبت عناصر الشرطة إلى شركة “الصاوي” المعروفة حيث أنها قامت بتفتيش بعض المكاتب بعد أن قد فيهم بلاغ موصى به من بعيد كي لا يظهر في الصورة أمام الناس ولكن أمامهم كان معروف من فعلها..
تم القبض على “هشام” الصاوي بعد أن وجد في مكتبة كميات كبيرة من الممنوعات والذي صرخ كثيرًا بأنها لا تخصه ولا يعلم عنها شيء.. ولسوء حظه وحسن حظ “عامر” أنه فكر في إيقاف كاميرات المراقبة جميعها قبل دلوف الشخص الذي وضع له هذه الأشياء الذي كلفته مال كثيرًا ولكن حقًا كان يستحق الدفع ولو كان أكثر لدفع..
مقابل دفع المال والتخطيط لهذا الأمر حبس “هشام” مدة ستكون قاتلة له، وفضيحة رائعة لعائلة الصاوي وهذا ما يريده ومن بعده سيأتي الدور على ابنة عمه.. فقط صبرًا لتنال شيء كهذا يليق بها وبما ما تفعله..
❈-❈-❈

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين دروب قسوته)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى