رواية بين دروب قسوته الفصل السادس عشر 16 بقلم ندا حسن
رواية بين دروب قسوته الجزء السادس عشر
رواية بين دروب قسوته البارت السادس عشر
رواية بين دروب قسوته الحلقة السادسة عشر
“حبه لها كان هوس وجنون”
عادت “سلمى” من الجمعية بعد ذهاب “هشام” حيث أنها لم تستطع تكملة اليوم ولا العمل وكل ما بقيٰ في خاطرها هو التفكير في حديثه و “عامر”!..
كانت تعلم أن “عامر” في المنزل ولم يذهب إلى مكان واستمعت إليه في الصباح يكلف تلك الفتاة التي تُسمى بـ “جومانا” بكل شيء اليوم..
ورأت “هدى” أيضًا وعلمت أنها لم تذهب مثله..
بعد أن جلست قليلًا وأخذت أنفاسها صعدت إلى الأعلى حيث غرفة “عامر”، وقد كانت أخذت قرارها بعد كثرة التفكير الذي داهمها منذ أن رأت ذلك الحـ ـقير..
ولجت إلى الغرفة بعد الاستماع إلى أذنه لها بالدخول، وجدته يدلف من الشرفة إلى الغرفة ويده اليمنى على بطنه في موضع جرحه والأخرى أمام شفتاه يدخن سيجارة بها..
تقدمت وأغلقت الباب من خلفها ثم وقفت تنظر إليه بعينين هادئة مُرهقة:
-التدخين مُضر.. بلاش في الفترة دي حتى، أنت تعبان
دعس السيجارة بيده في باب الشرفة ثم ألقاها إلى للخارج وتقدم من “سلمى” ينظر إليها بعينيه البُنية الساحرة وكانت نظرته مُدققة بها ذات معنى وتسائل بصوتٍ خافت:
-بتخافي عليا؟
حركت زيتونية عينيها على جميع ملامح وجهه بتوتر وابتلعت ما وقف بحلقها ثم أجابته بهدوء:
-أكيد بخاف عليك
أقترب منها إلى الغاية ووقف أمامها يفصل بينهما الهواء المار ليس إلا، علق عينيه على عينيها وأردف مُتسائلًا:
-اومال ليه ده مش باين؟
تنفست بغير انتظام وقالت بجدية وهي تبادلة النظرات المتعطشة إلى أي مشاعر تُرى بينهما:
-أنت اللي مش شايف
وقف صامتًا ينظر إلى عينيها، متردد كثيرًا، يود البوح بكثير من الأشياء ولكنه لا يستطيع، يخاف أن تكون كاذبة وأصبحت أخرى تكذب عليه كي يتركها تعيش وتنعم بالحياة التي قتلتها..
يخاف أن تكون تخلت عنه بالفعل وألقت كل ما كان بينهم كي يتطاير متناثرًا مع النسمات الموزعة في الهواء..
ابتلعت ما وقف بجوفها مرة أخرى، انخفضت برأسها إلى الأرضية ثم مرة أخرى رفعتها تنظر إليه تحاول أن تستجمع شتات نفسها كي تبدأ الحديث معه وتقنعه بما تريد..
أردفت بنبرة جدية حازمة:
-أنا.. أنا عايزة أجل معاد الفرح، وكده كده أنت تعبان
ابتسم بسخرية وما أتى بذهنه يُلقى عليه الآن منها ويؤكد كل ما كان يكذبه:
-وأنا مش هأجل معاد الفرح.. والجرح اللي في بطني ده مش هيمنعني عن الجواز، ده جرح سطحي أوي متقلقيش أنتي
عادت للخلف خطوة والأخرى خلفها فوقفت وورآها الحائط، زفرت بضيق وأكملت على حديثه:
-طيب أنا عايزة أجل الفرح.. أنا مش مستعدة للجواز دلوقتي
أقترب منها في لحظة خاطفة ووقف أمامها بعنفوان وقسوة رافعًا يده يقبض على عنقها ولكن بخفه قائلًا بنبرة مُتألمه:
-ايه؟ لقيتي نفسك هتتكشفي مش كده؟ ما كان من الأول.. من الأول يا سلمى
رفعت يدها الاثنين تتعلق بيداه وعينيها تتحرك مع عيناه وصاحت قائلة:
-افهمها زي ما تفهمها بس أنا عايزة أجل وأنت لازم تعمل اللي أنا عايزاه
-ضيق ما بين حاجبيه وأقترب بوجهه منها مُعقبًا بسخرية:
-ليه؟ مجبور على كده؟ لأ ياست هانم أنا هتجوزك وغصب عنك وعن اللي خلفوكي.. عامر مش لعبة في ايدك أنا راجـ ـل وهعرف أتصرف معاكي كويس أوي بس صبرك عليا يا سلمى
وقفت بزيتونية عينيها على خاصته ونظرت إليه مطولًا بعمق وكثير من الحديث المكبوت داخلها لا تستطيع البوح به.. كمثله بالضبط ولكنه في لحظة استفزته نظرتها فصاح قائلًا بعنف وحرقة تلهب قلبه:
-أنتي عايزة ايه بالظبط؟ عايزة ايه؟ ليه مش حاسه بيا واللي جوايا؟ ليه مش مقدرة اللي أنا فيه؟ أنا بمـ ـوت كل لحظة.. كل لحظة بتعدي قدامي فيها بمـ ـوت من جوايا مية مرة بسببك.. بقول لنفسي يا ترى بتحبني لسه؟ يا ترى خانتني وباعت جسمها لواحد وسـ* زي ده؟ يا ترى لسه بريئة زي ماهي
وقف عن الحديث وحرك عيناه في إتجاه آخر غيرها عندما شعر أن حرقة قلبه وقهرته تصعد إلى عيناه التي ملئتها الدموع، أكمل بعنفوان وقسوة يحاول أن يبتعد عن الضعف أمامها:
-الطريقة الوحيدة اللي أقدر أعرف بيها إجابة الأسئلة دي هي الجواز منك.. وهتجوزك بردو سواء برضاكي ولا غصب عنك وهعمل اللي أنا عايزة ومش هيهمني حد.. ولا حتى أنتي.. كفاية عذاب بقى
أقترب منها بوجهه وعاد بعينيه التي مازالت بُنية لم تتغير حتى بتغير حديثه القاسي:
-عارفه لو خيبتي ظني فيكي يا سلمى.. هقـ ـتلك، قولتهالك قبل كده والله لاقتـ ـلك يا سلمى، هعيش عمري كله من بعدك وحيد ومش هشوف واحدة تانية غيرك ولا عمري عيني هتبص لغيرك، هعيش ندمان ومقهور على فراقك، بس النار اللي جوايا ساعتها مش هيطفيها حاجه غير إني اقتـ ـلك واقتـ ـله.. أقـ ـتل اللي سرقك مني ولمسك وأنتي بتاعتي أنا وملكي أنا
عادت دموع عيناه مرة أخرى ويراها تقف بعينين متسعة تنظر إليه خائفة من مجرد حديث يقوله:
-مش عارف وقتها هعملها إزاي، مش عارف إزاي ايدي وقلبي ممكن يطاوعوني واقتـ ـلك، حتى مش عارف عيني إزاي ممكن تشوفك بتروحي مني وتسكت بس بردو هعملها.. لو كنتي خونتيني يا سلمى اخرتك هتبقى على أيدي.. على ايد عامر
أمسك ذراعيها الاثنين وضغط عليهما بقوة ساحقة، وأكمل حديثه الذي كان لا يستطيع البوح به:
-أنا بحبك يا سلمى، بحبك حب جنوني عمرك ما تتخيليه.. حاسس إن الحب اللي بينا ده هيكون سبب في مـ ـوت حد فينا.. أنتي عمرك ما شوفتيني غير وأنا بقول بحبك.. وأنا متعصب وأنا مبسوط وأنا مضايق.. لكن مشوفتينيش مرة واحدة وأنا بحبك فعلًا، أنا مجنون بيكي.. مهوس بسلمى القصاص ومش شايف غيرها في حياتي ومش هشوف
رأت الجنون والهوس بعيناه حقًا، الدموع تظهر وتختفي منها، يأتي شخص ضعيف والآخر قاسي إلى ما لا نهاية، قلبها يدق بعنف وكلماته بعد أن علمت معناها جيدًا قرعت الطبول داخلها والخوف يزفها إلى بوابة النهاية بقلبها..
أهي الآن خائفة من “عامر”!.. وبكل تأكيد نعم خائفة، لقد أظهر لها الآن أشياء كثيرة تغاضت عنها في حياتها معه واعتبرتها غير موجودة أو تصنعت مع نفسها ذلك ولكنه الآن وبكل وضوح يعترف أنه مهوس بها وإن تكون له أو له.. أو للموت!..
دقق بها “عامر” ورأى الخوف بعينيها، أنفاسها غير مُنتظمة وتنظر إليه باتساع وتمعن ودقات قلبها يكاد يستمع إليها..
رفع يده اليمنى إلى خلف رأسها وأقترب منها بطوله الفارع الذي يخفيها، ثم هتف بصوت رجولي أجش:
-أنا بحبك وعايزك يا سلمى لآخر يوم في عمري ومستني الإثبات اللي بتمناه كل لحظة.. أنا عارف إنك بريئة وجوايا مقتنع بكده بس في حاجه مُصره تخليني أتأكد خايف يكونوا ضحكوا عليكي
احتدت عيناه إلى اللون الآخر، الأسود الحالك وتغيرت نبرته كليًا لتصبح قاسية عنيفة غير مرغوبة بالمرة وهو يقول:
-ولو ضحكوا عليكي.. وديني هقتـ ـلك
لم تستطع التحدث بعد كل ما قاله، لم تستطع أن تجمع أي كلمات لتتفوه بها بل لجم فمها وبقيت فقط تنظر إليه باستغراب كلي وخوف وذهول..
رأته يقترب منها منخفضًا بوجهه عليها إلى أن طبع شفتيه فوق خاصتها يقبلها بهدوء وتروي، ثم احتد قليلًا لتتجه قبلته إلى مُنحنى آخر وهو يقطف منها بنهم شديد حُرم منه لكثيرًا ومازالت تريد أن تحرمه أكثر..
فعل ما يحلو له وهي مُغمضة العينين ليست هنا، بل كانت في مكان ليس به غيرها وصوته الذي يتردد على أذنها بكل كلماته اللينة والقاسية..
عاد للخلف وعيناه تشع بالرغبة القاتلة تجاهها، ومازال يريد أكثر ولكن ليس الآن.. نظرت إليه وهي مغيبة تمامًا عن أرض الواقع ثم أخذت خيباتها وكلماته بصوته الحاد والحنون معها وهي تخرج من الغرفة لتتجه إلى غرفتها تعيد مرة أخرى ما قاله على مسامعها.. ربما أخطأت!.
ولكن الحقيقة المُرة أنها لم تخطئ، لقد جعلها ترتعب خوفًا ورهبةً منه، نظراته! عينيه السوداء، التي تتحول متى شاءت، شفتيه الرفيعة التي تتحرك بحدة لتتناسب مع قسوته ونبرته العنيفة في الحديث..
ذلك الخبيث الماكر الذي عرفته دومًا يتحول معها إلى أعنف رجل قابلته على الإطلاق، لقد أقسم أنه سيقوم بقتـ ـلها!؟ هي على دراية تامة أنه بعد ذلك الحديث وذلك القسم سيفعلها مهما كلفه الأمر وستكون نهايتها على يده.. ستكون هي من قتـ ـلها حبهم كما قال منذ قليل..
❈-❈-❈
“قبل خمسة سنوات”
صف سيارته بعيدًا عن بوابة الجامعة ثم خرج منها بعد أن أخذ المفتاح منها، وقف على الأرضية في الخارج ثم أغلق بابها ووضع المفتاح بجيبه، نظر إلى البوابة بعينيه البُنية التي تتعمد الشمس عليها في لحظة حرارة عالية فرفع نظارته الشمسية إلى وجهه وقام بارتدائها..
وقف مُعتدلًا يظهر طوله الفارع وجسده الرياضي المُتناسق ثم سار إلى البوابة بخطوات ثابتة معروف بها هنا في المكان.. حيث أنه يُعرف بأنه “عامر القصاص” البطل الخاص بـ “سلمى القصاص”..
سار إلى الداخل مُتجهًا إلى مكانها المعروف التي تنتظره به في كل مرة ليأخذها ويذهب بها إلى البعيد مُبتعدًا عن الجميع وخاصة والده..
وقف على بعد خطوات منها ينظر على المكان المتواجدة به بعد أن وقعت عينيه عليها، وقفت عينيه على الفتاة التي تجلس مقابلة لها على الطاولة يتسامرون في الحديث سويًا، وقف جامدًا وجسده تشنج ولم يتحرك.. لعب ذلك الموقف على أعصابه كثيرًا..
خلع النظارة عن وجهه بيده اليمنى وأبقاها جوار جسده ينظر إليها بدقة مُتناهية ربما هو المخطئ ويرى ملامح تلك الفتاة في أخرى..
دقق النظر بها كثيرًا واتضح له أنها هي بالفعل.. “إيناس”!. ابنة الملاهي الليلية صاحبة السُمعة السيئة والأفكار القـ ـذرة، التي تعرف عليها بمكان قـ ـذر لا يطيق أن تدلفه حبيبته أو شقيقته أو واحدة تابعه له، تلك التي يعرفها على حبيبته ويغازلها بعبارات وقحة خبيثة تتفهمها وتتقبلها جيدًا.. ما الذي تفعله مع “سلمى”!..
استدارت “سلمى” برأسها وهي تتحدث مع “إيناس” لتراه يقف بعيدًا قليلًا عنها ينظر إليها بدقة وعينيه كأنها مُثبتة تفكر في شيء ما ليس فقط ينظر إليها بل ذهنه شارد..
نطقت اسمه من بين شفتيها المُكتنزة وأعادت خصلات شعرها الذهبية إلى خلف أذنها ثم وقفت على قدميها تتقدم منه:
-عـامـر
سارت إليه بابتسامة هادئة كما المُعتاد منها عندما يذهب إليها وبعينين بها حيوية وحب لا مثيل لهم..
بينما الأخرى نظرت إلى المكان الذي تنظر إليه سلمى واستمعت إلى الاسم المألوف بالنسبة إليها بدرجة كبيرة تغيرها وتداعب أنوثتها كلما استمعت إليه.. وقعت عينيها عليه! إنه هو حقًا! إنه “عامر” ذلك الشاب الذي لا مثيل له صاحب السبعة وعشرون عامًا، ذلك الحيوي والخبيث، بنظراته الوقحة والماكرة، حديثه الخطر ونظراته التي تأتي بالنساء من الأعلى إلى الأسفل..
وقع على رأسها سؤال غريب بعد أن قامت بوصفه بكل ما تحبه به، كيف شخص مثله يعرف تلك “السلمى” البريئة وصاحبة الأخلاق العالية.. فاشلة في دراستها ولكنها تتمتع باحترام لا مثيل له هنا..
تابعتهم بعينيها ورأتها وهي تقترب منه إلى الغاية حتى وقفت أمامه مُباشرة..
أردفت بنبرة هادئة وشفتيها المُكتنزة تتحرك أمامه وعينيها الزيتونية تتابع خاصته:
-أتأخرت عليا ليه كده
رفع عينه إلى تلك الجالسة خلفها، ووقفت على عيونها هي الأخرى تقابله بنفس التساؤلات الغريبة المتواجدة في رأسه ثم مرة أخرى يعود إلى “سلمى” هاتفًا بجدية:
-الطريق زحمة
أومأت إليه برأسها قائلة بابتسامة:
-هجيب شنطتي واجي
لم يُجيب عليها وأبعد عينه إلى الأخرى ثانيةً فنظرت إليه بعفوية مُعتقدة أنه يريد معرفة من هي كما كل مرة للاطمئنان عليها بمعرفة مع من تُكون صداقات..
أمسكت يده وسارت مُتجهة إلى الطاولة المتواجدة عليها “إيناس” وهو يسير خلفها وعلى وجهها ابتسامة بلهاء، وقفت أمامها ثم قدمتها إليه مُشيرة إليها:
-دي إيناس أول مرة تشوفها معايا علشان جايه الكلية جديد
وقفت “إيناس” على قدميها وعلمت كيف تخفي تعابير وجهها وتابعت مع الأخرى مُبتسمة وقدمت يدها إليه:
-أهلًا وسهلًا
قدم يده إليها يتبادل معها التحية أمام “سلمى” فقط، حيث أن واحدة مثل “إيناس” بالنسبة إليها ليس لها قيمة من الأساس
أقتربت منه “سلمى” واحتضنت ذراعه بذراعيها الاثنين قائلة بسعادة وحب:
-ده عامر ابن عمي وجوزي المستقبلي
رفعت رأسها كي تنظر إليه بمرح وأكملت:
-ده لو مغيرتش رأيي يعني
كان متوترًا وليس خائفًا، لا يريد من تلك الأخرى أن تقول لحبيبته ما الذي يفعله من خلفها، لا يريد من الأساس أن يقول أنها تعرفه، ولكن عقله الخبيث يستطيع أن يقوم بحلها..
ابتسم إلى “سلمى” ورفع يده المُمسكة بها ليتبادلوا الأدوار وحاوطها بذراعه مقربها منه أمامها، ثم نظر إليها قائلًا بخبث ومكر:
-أنا شوفتك قبل كده في نايت
ابتسمت بسماجة وقد توصل إليها أنه لا يريد لها أن تعلم بما بينهما:
-أيوه وأنا كمان شوفتك فعلًا
أومأ إليها وقد فعلت ما يريد، الباقي دوره هو، عليه أن يقنع ابنة عمه بالابتعاد عنها لأنها لا تناسبها أبدًا فهي فتاة صاخبة ليست مثل الأخرى بل تعاكسها تمامًا وأخلاقها تالفة..
أخفض وجهه إلى “سلمى” قائلًا بابتسامة وصوت جاد حنون:
-يلا يا حبيبتي
أومأت إليه وأمسكت حقيبتها ثم نظرت إلى “إيناس” مودعة إياها:
-باي إيناس
أشارت لها الأخرى دون حديث، أخذها وذهب من أمامها فجلست هي مرة أخرى على المقعد تنظر إليهم وهم ذاهبين، ورأته وهو ينظر إليها بجانب عينه واعتقدت أنه في تلك النظرة يحذرها من البوح بأي شيء..
الوسيم الذي لا مثيل له والذي أعجبها بشدة، صاحب العنفوان المعروف في أي ملهى ليلي يذهب إليه وصديق الطاولة التي يهبط عليها كل المشروبات المحرمة على علاقة مع فتاة لا تستطيع أن تفعل أي شيء سوى أن تتحدث بصدق!.. شتان بينهما هما الاثنين..
كيف “عامر” ذلك بخبثه وجبروته، حضرته ومكره، شغفه ونظراته يحب تلك الفتاة ويريد الزواج منها!.. وهي التي ستغير رأيها أيضًا يالا السخرية!..
إنها جميلة، لأ خلاف على ذلك ولكن الجمال ليس كل شيء، أنه يريد فتاة مثله صاخبة، مفعمة بالحيوية والنشاط، فتاة تفكر بنفس طريقته تبادله كل الجنون الذي يريده ويعيشه.. إنه يريد فتاة تكون مثله تشرب الخـ ـمر وتحب السهر للصباح في الملاهي الليلة، يريد لا ترفض شيء وليس لديها مبادئ كي يتبادل معاها كل ما يحب..
فتاة تكون بعيدة كامل البعد عن شخصية “سلمى” البريئة المنغلقة تمامًا عن أي شيء آخر سوى الطيبة والصدق، أنها لا تعلم سوى الاحترام والحديث المنمق، ما هذه العلاقة الساخرة..
أم أنه يحب أن يكون المُسيطر!؟ تستطيع أن تفعل ذلك أيضًا..
كان في الطريق للعودة إلى المنزل بعد أن وقف عقله إلى هنا، إلى أن علم بعلاقتها مع تلك الفتاة الحقـ ـيرة التي لا يتمناها شقيقة أو زوجة لألد أعداءه..
استدار برأسه ينظر إليها بعينين حادة كي يستطيع رسم الدور جيدًا عليها:
-تعرفي البت دي من امتى يا سلمى
عاد برأسه إلى الطريق مرة أخرى وشعر بأنها استدارت تنظر إليه ثم استمع إلى نبرتها الجدية:
-من أسبوعين كده.. ليه السؤال
قال بحدة ونبرته لا تحتمل النقاش:
-تبعدي عنها
سألته باستغراب مضيقة ما بين حاجبيها وعينيها الزيتونية تتابعه:
-ليه؟
عقب على حديثها يُجيب بجدية شديدة وتأكيد ملحوظ وكأن حديثه صدق بالفعل، ونظر إليها في منتصف الحديث وعاد إلى الطريق مرة أخرى:
-دي صايعة ووسخـ* يا سلمى، بشوفها في أي نايت بروحه وبتقعد مع رجالة وبترقص بطريقة زبالة وبتشرب كمان.. ابعدي عنها أنتي من امتى بتعرفي ناس كده
استغربت كثيرًا من حديثه فردت بذهول:
-أنت متأكد؟
لم يُجيب عليها بل وجدته ينحرف بالسيارة إلى جانب الطريق ثم وقف، استدار بجسده ينظر إليها بعمق قائلًا:
-أكيد سمعتيني وأنا بقولها شوفتك وهي كمان قالت أيوه.. ابعدي عنها أنا مش هقول الكلام ده تاني
قالت بنبرة مُنزعجة وهي تنظر إليه بحزن:
-مكنتش أعرف أنها كده بجد
تابعها بعينيه الخبيثة الوقحة وقال:
-واديكي عرفتي يبقى تبعدي عنها ودي أول وآخر مرة اشوفك معاها.. سامعة!
أومأت إليه برأسها ثم استدارت تنظر إلى الأمام مرة أخرى، زفر بهدوء وقد انزاح عن قلبه حمل كبير كان لا يدري كيف التخلص منه، بقيٰ فقط تلك الحقـ ـيرة التي أقتربت من ابنة عمه حتى وإن كان بالخطأ.. هذه ستكون آخر مرة، عليه أن يبتعد عن الجميع فما حدث لم يكن متوقع أبدًا ومن الممكن أن تحدث مُجددًا.. تتقابل مع أخرى يعرفها فترسم النهاية بيدها وهو يعرفها جيدًا..
❈-❈-❈
دلف إلى غرفة شقيقته بعد أن دق الباب وأذنت له بالدخول، وقف أمامها ينظر إليها بعد أن دلف إلى الغرفة وأغلق الباب من خلفه..
يعلم أنها بعيدة عنه منذ وفاة زوجها “ياسين” ويعلم أنها تعتقد أيضًا أنه هو السبب في موته هو وعائلته كما كانت تعتقد حبيبته ذلك، الغريب أنه لم يحاول سابقًا في تبرير ذلك الأمر إليها وتركها تبتعد كما تريد.. بل ترك الجميع يبتعد عنه وأصبح في العامين السابقين وحيد تمامًا مجردًا من البشر سوى نفسه..
ولكن بعد أن علم بما فعله “ياسين” وحقيقة زواجه من غيرها شعر أنه يريد القرب منها، رأى الصدمة على معالمها وشعر بأن الحزن تملكها، بالأخص بعد عدم ذهابها إلى عملها.. قرر بعد ذلك أن يتحدث إليها.. يحاول أن يعود إليهم واحدًا تلو الآخر ربما تكتمل حياته على هذا النحو ولا تطعنه ابنة عمه في ظهره..
ذهب وجلس أمامها على الفراش ببطء وتروي لأجل جرح بطنه، نظر إليها بهدوء ثم تحدث قائًلا دون مقدمات:
-أنا عارف إنك مستغربه دخولي عندك وحتى كلامي معاكي، وعارف كمان إنك مفكرة موت ياسين كان بسببي.. اللي مش عارفه هو أنا ليه سكت كل الفترة دي بس يمكن علشان مكنتش قادر أقرب من حد بعد اللي حصل.. أنا جاي علشان ارجعك تاني ليا أو أرجع أنا ليكي وأقولك إني ماليش دعوة باللي حصل لـ “ياسين” وعمي ومراته كل ده قضاء وقدر
تابعته وهو يتحدث، رأت الصدق بملامحه وحديثه، نبرته لمست داخلها وشعر به قلبها، حركت شفتيها قائلة ببساطة توضح الواقع الذي كانوا به حينها:
-سمعت بابا وهو بيتهمك إنك أنت اللي قتلتهم.. وكلامه كان صح ومظبوط أنت هددت قبل ما تمشي وقت الحادثة إنك مش هتسكت وسلمى مش هتسافر.. كنت هتعمل ايه؟ أهي سلمى مسافرتش
تابع عيناها وقد تفهم حديثها والذي تُشير إليه، مازالت تصدق ذلك أو تريد تبرير، أردف قائلًا بخذلان وعتاب:
-أبوكي وأتوقع منه كل حاجه وأي إتهام يقوله ليا، لكن أنتي شوفتي مني ايه وحش علشان تقولي كده أو تصدقي كلامه
نظرت إلى الفراش وأبتعدت بعينيها عنه، إنه محق!.. أجابته قائلة بصدق ثم أكملت:
-مشوفتش.. غير إنك متهور
كرمش ملامح وجهه وضغط على نبرته لتظهر أكثر وضوح يؤكد على كل كلمة ينطق بها ويبرأ نفسه مما أُنسب إليه:
-مش لدرجة إني أقتل حبيبتي ومعاها أبويا وأخويا اللي هو جوزك وأمه.. مش للدرجة دي.. بس أنا مش هعتب عليكي أنا عارف إن اللي مريتي بيه صعب زيي بالظبط
رفعت وجهها إليه وسألته فجأة دون مقدمات:
-أنت بتحب سلمى يا عامر؟
سألها هو الآخر باستغراب:
-مش عارفه إجابة السؤال ده؟
أجابته بتشتت واضح تُشير بيدها أثناء حديثها:
-محتارة فيه! شوية ألاقيك بتحبها بجنون وشوية ألاقيك أقسى واحد عليها وشوية ألاقيك أحن واحد عليها وشوية تانية ألاقيك شمتان فيها
نظر إلى الأمام بعيد عنها وتابع على حديثها وهو يقدر أنها لا تستطيع فهم ما بينهم إن كان حب أو غيره:
-اللي بيني وبين سلمى محدش يقدر يفهمه غيرنا.. مهما حصل
عاد إليها مرة أخرى وأكمل بجدية وصدق معترف بكل ما قاله بينه وبين نفسه:
-متزعليش منها يا هدى إنها خبت عليكي، هي كمان عندها حق ياسين عمره ما كان زيي وطول عمره بيحاول يحافظ عليكي وعلى زعلك
تنهدت قائلة بحيرة من أمرها:
-المشكلة إني عارفه كده.. بقول مش هسامحه وأفتكر إن كل اللي عمله معايا كان كويس برجع تاني أحن ليه وادعيله
أومأ إليها مُكملًا على حديثها يشجعها عليه ثم تحولت نبرته إلى الندم:
-بالظبط يا هدى.. ادعيله.. ادعيله وبصي لحياتك بقى كفاية واحد فينا عمره ضاع
نفت ما قاله وأردفت تنظر إليه بحسرة حاولت أن تُخفيها:
-أنت لسه شباب وهي هتحي شبابك أكتر وأكتر
تنهد بعمق وزفر يقول بنبرة راجية:
-اتمنى يا هدى.. اتمنى
تابعها ونظر إلى عينيها مباشرة وهتف بندم وحب ظهر بنبرته تجاه شقيقته الوحيدة والمتبقيه إليه:
-أنا آسف على بعدي عنك.. وآسف على فكرتك الوحشة عني، أنا بحبك يا هدى ونفسي أشوفك أحسن واحدة في الدنيا
أقتربت منه سريعًا بعد استماعها إلى كلماته وكأنها كانت تريد فقط البداية وهي تكمل الطريق، عانقته بقوة وقالت بحنين وألم:
-أنا كمان بحبك يا عامر، بحبك وماليش غيرك.. كل ما أحط نفسي مكان سلمى واتخيل إنك أنت اللي مش موجود ببقى هتجنن.. أنا مقدرش أعيش من غيرك رغم كل حاجه بتحصل بينا
بادلها العناق مثلها بقوة وحاوطها بذراعيه ينعم بذلك بعد الحرمان منه وهو يستمع إلى نبرتها النادمه:
-أنا آسفة إني فكرت فيك بالشكل ده.. أنا عارفه قد ايه قلبك طيب وحنين.. بس عصبي ومتهور
ابتعدت للخلف فتابع وسألها:,
-هتتجوزي تامر؟
قالت بهدوء وهي إلى الآن لا تعرف الإجابة الحقيقية على سؤاله:
-عايزة اديله فرصة
قال بجدية يقدم إليها نصيحة الأخ بعد أن حرمها منها:
-التفكير الصح يا هدى حاولي تعيشي وتفرحي وتنبسطي وانسي ياسين.. ياسين في مكان أحسن من هنا مليون مرة
أومأت إليه توافق على حديثه ونظرت إليه مطولًا ثم ابتسمت بسعادة بوجهه فبادلها هو الآخر وعاد يحتضن إياها مرة أخرى فرحين هم الاثنين بما آتاهم، فرحين بتلك العودة الرائعة بعد انقطاع دام عامين وأكثر..
❈-❈-❈
بعد أن تخطت الساعة الثانية عشرة ليلًا في ليالي الربيع والجميع نائم، كانت معه في الحديقة الخلفية للفيلا بعيدًا عن الجميع، بعد كثير من المناوشات التي حدثت بينهم اليوم، تجلس على الأرضية العشبية الخضراء تمدد قدميها عليها براحة وهو كان نائم على الأرضية يضع رأسه على قدميها نائمًا على ظهره وينظر إليها بعينين يملؤها الحب المجنون..
حركت يدها على رأسه وأردفت بعقلانية وهي تنظر إليه بعينيها تتابع ملامحه بهدوء:
-مش كل يوم والتاني تتخانق معاه يا عامر حاول تطول بالك شوية
زفر بضيق لأنه يراها تقف دائمًا مع عمها اعتقادًا منه أنها تتبادل معه الأدوار لأنه دومًا يقف معها:
-بقولك هو اللي اتخانق معايا وطردني قدام الموظفين تقوليلي طول بالك ومتتخانقش
أدرفت بعدم اقتناع لحديثه الذي قاله لها:
-مهو أصل كلامك مش مقنع بصراحة
جلس فجأة وأبتعد عنها يقابلها ناظرًا إليها بحدة ثم قال بنبرة ساخرة:
-ما تقولي لنفسك يا سلمى.. ايه السبب في الخناقة دي مافيش أصلًا، كل ده علشان نسيت الملف في البيت وفي اجتماع مع مجلس إدارة الشركة طب ما كان يتأجل نص ساعة على ما أرجع أخد الملف لكن إزاي أنا مُستهتر ومش مركز في الشغل ومش في دماغي حاجه والإسطوانة بتاعت كل مرة قدام الموظفين اللي المفروض كلهم شغالين عندي
ربتت على ذراعه وهي تعلم المعاناة التي يعيشها مع والده، تعلم كيف تألم لبعده عنه، كيف يقضي لياليه بعد كل مناوشة تحدث بينهم، هي الوحيدة التي يقص عليها ما يشعر به وما يدق داخل قلبه من حب وحنين.. ألم وقسوة..
-معلش، أنت عارف إن عمي راجل كبير و….
قاطع حديثها بعنف وعينيه تقص عليها كم أنه قاسي القلب عليه قبل أن يتحدث حتى:
-لأ مش كبير، مش كبير ولسه مخرفش وحتى لو كبر هو كده من زمان وأنتي عارفه متحاوليش تبرري ليه أي حاجه.. وبعدين مبقاش يفرق معايا
عقبت بصدق محاولة التخفيف عنه وأيضًا إيضاح الصورة له:
-متنساش إن ده حصل بسببك يا عامر، هو بردو حاول معاك كتير وبعد اللي عملته اتقفل منك وبقى كده
وقف على قدميه وأبتعد عنها خطوة والأخرى ومن بعدها استدار يشيح بيده بهمجية صائحًا:
-كنت أول واحد يغلط أنا؟ ايه مافيش حد غلط في البشرية دي كلها غيري أنا؟ وبعدين أنتي ليه شايفه الجنب الحلو فيه هو، ما هو عالج غلطي بطريقة غلط أكتر مني.. بدل ما يبعدني عن اللي أنا فيه كان بيطردني بيخليني أروح ليه برجليا
وقفت على قدميها مثله وتقدمت منه تقف أمامه قائلة بهدوء محاولة امتصاص غضبه:
-طيب ممكن تنسى كل اللي فات.. إحنا ممكن نبدأ من جديد وهو لو لقاك متغير معاه هو كمان هيتغير، محتاج بس البداية
قال بتكبر وغرور:
-وليه متكونش البداية من عنده
أجابته بتأكيد وثقة تنظر إليه برجاء مطالبة بالاستماع إليها:
-علشان ده واجبك أنت.. أنت ابنه وهو اللي أبوك
نظر إلى وجهها، براءتها وحنيتها على الجميع، اشبع عيناه من ملامحها وابتسم بسخرية قائلًا:
-فكرك بقى أنا مش عارف اللي بتقولي عليه ابويا ده اتخانق مع أبوكي من يومين ليه!
اخفضت وجهها بالأرضية، كانت تعلم أن الخبر سيصل إليه، على الرغم من ذلك لم تستطع أن تقول إليه، فهذا لن يفعل أي شيء سوى أن يكبر الفجوة بينهم ويجعل قلوبهم تزداد قساوة على بعضها البعض، بالأخص قلب “عامر”..
أقترب منها خطوة ليكن أمامها تمامًا، رفع يده إلى ذقنها أمسك به رافعًا وجهها إليه ليجعلها تنظر إليه مرة أخرى كمان كانت، أتت عينيه بعينيها الزيتونية للحظة كانت تعبر بها عن كم العشق المجنون داخله لأجلها..
نطقت شفتيه الرفيعة بكلمات قاسية على قلبه، بنبرة خافتة خائفة وعيناه تتابع كل ما يصدر عن ملامحها:
-اتخانق مع أبوكي علشانا.. علشاني أنا وأنتي، مش عايزنا لبعض يا سلمى، بيدور على أكتر حاجه ممكن تكسرني وعايز يعملها، عايز يبعدني عنك
رأت الدموع تتجمع بعينيه، شعرت أن شفتيه تود البوح بأكثر من ذلك عن طريق الصراخ، ووالله شعرت أن قلبه مُحطم من أفعال والده..
رفعت يدها الاثنين على جانبي وجهه تحركها بحنية ورقة وابتسمت ابتسامة بلهاء وهي تُجيبه:
-ده عمره ما يحصل، بابا بيحبك وعارف إنك بتحبني ولو هو حتى سمع كلامه مع إن ده من رابع المستحيلات أنا عمري ما أسمع الكلام ده وأنت عارف كده كويس
خرجت دمعة من طرف عينه اليمنى والأخرى تهدد بالفرار كمثل شقيقتها وأردف مُتسائلًا بصوت حزين يقطع نياط القلب:
-طب قوليلي ليه بيعمل كده؟ سلمى هو اللي خلاني وحش معاه، هو اللي خلاني بقف ابجح فيه مافيش أب بيعمل كده يا سلمى.. الابن لو غلط أبوه يصلح غلطه ويفضل وراه لآخر يوم في عمره
أكمل بعد أن خرجت الدموع واحدة خلف الأخرى وهي تومأ برأسها إليه وتمسحها بإبهام يديها:
-أنا غلطت آه هو حاول يصلح مرة واتنين والتالته كانت الأخيرة.. ليه عايز ياخدك مني طيب!.. أنا بحبك.. أنا ماليش غيرك في الدنيا دي.. محدش قريب مني ولا يعرف عني حاجه غيرك أنتي وعمي اللي هو أبوكي.. أبوكي اللي أخد دور أبويا
مسحت دموعه بيدها أكثر من مرة وانتقلت إليها عدوى الحزن وأصبح صوتها خافت مقهور لأجل ما يشعر به:
-ممكن كفاية بقى بلاش نكد.. دا أنت نكدي أوي ياخي ما أنا معاك أهو، أنت عايزني أعيط
وضع يده اليمنى على وجنتها يحرك إبهامه عليها بشغف ورقه بالغة، ثم أخذ كفها الموضوع على وجنته هو وقربه من فمه يطبع عليه قبلة ساحرة رقيقة من شفتيه وقال بصوت رجولي أجش:
-أنا مقدرش أشوف دمعة واحدة منك.. أنتي اتخلقتي للحب والسعادة بس يا سلمى
ابتسمت إليه فابتسم بوجهها هو الآخر وجذبها بيده المُمسكة بوجهها إليه لتقترب منه بهدوء ورقه والشغف يقتل كلاهما، أقترب يضع قُبلة شغوفه على شفتيها الوردية المُكتنزة التي تقتله بالاغراء كلما نظر إليها..
وضع يده خلف رأسها يقربها بجنون ولهفة منه والأخرى على خصرها في الخفاء، بادلته العناق وتركته يقبلها كما يشاء في لحظة ضعف منه لم ترد أن تمنع عنه ما يريد..
وهو لم يبخل على نفسه في شيء بل فعل بشفتيها كل ما يريد وهو مغمض العينين يماثلها يحاول أن ينعم بالشعور المُسكر لكل عضو به، متذكرًا في خياله جسدها الممشوق ومعالمها الأنثوية التي تتمتع بها هي وتفتك به هو كلما رآها واشتهى قربها..
يفكر بشيء، والأخرى تفكر بقهرة قلبه وكسرته من والده، تفكر في ضعفه معها وحبه لها، انشغل عقلها برسم لوحة فنية جميلة في أثناء تقبيله لها، مكونه من الحب والشغف المجنون بينهم وفي الخلفية ضعف وحزن لا ينتهي..
مرآة الحب كما لقبها البعض كفيفة، لا نرى فيها إلا من نحب دون عيوب ودون أخطاء لأجل ذلك لم ترى أن حبه المجنون والمهوس بها يعادل شهوته تجاهها، ولم يأتي على خلدها لحظة المقارنة بين حبها الخالص له وحبه المجنون بها..
❈-❈-❈
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين دروب قسوته)