روايات

رواية بين دروب قسوته الفصل الخامس 5 بقلم ندا حسن

رواية بين دروب قسوته الفصل الخامس 5 بقلم ندا حسن

رواية بين دروب قسوته الجزء الخامس

رواية بين دروب قسوته البارت الخامس

بين دروب قسوته
بين دروب قسوته

رواية بين دروب قسوته الحلقة الخامسة

“في إنتظار فصل الخريف”
تفوهت بكلماتٍ بسيطة أمام أي أحد تبدو طبيعية ولكن هنا وعند عمها بالأخص لم تكن طبيعية بالمرة، وقف على قدميه وترك مقعدة وأخذت قدميه في الإقتراب منها ببطء وهدوء ووجهه حزين للغاية وكان هذا يظهر بوضوح..
الاستماع إلى كلماته كهذه بالنسبة إليه موت آخر غير الذي تعايش معه، آخر فرد بقيٰ من رائحة شقيقه لن يتركه بهذه السهولة مهما حدث..
وقف أمامها مباشرة ونظر إليها بتلك العينين الباكية دومًا على كل شيء وهتف قائلًا بنبرة ضعيفة مُنهكة:
-ليه يا سلمى
أبصرت مظهره جيدًا ورأت كل ما يجب أن تراه ولكنها كانت مُقررة منذ دخولها إلى هنا لذا عليها التحلي بالقوة إلى النهاية:
-أنا من الأول كنت هسافر يا عمي ويمكن دا السبب اللي قلب حياتنا بالشكل ده
تسائل بعينين ضيقة عليها وحاجبيه معقودان بشدة:
-ولما أنتي عارفه كده لسه بردو عايزة تسافري
ضغطت على يدها التي بقيت خلف ظهرها وتحلت بالصبر والقوة تاركة كل ما كان يُبكيها خلف ظهرها وأردفت:
-أنا ماليش حد هنا.. أهلي ماتوا
أقترب منها باستنكار لحديثها الغريب عنه والذي لأول مرة يستمع إليه منها وهي الابنة المطيعة للجميع في المنزل من بداية قدومها، عنيدة ولكن ليس معهم:
-وإحنا يا سلمى؟ إحنا مش أهلك يا بنتي؟ أنا مش في مكان أبوكي اللي يرحمه
تداركت ما تفوهت به وعلمت أنه كان خاطئ عمها دومًا بمثابة والدها يحبها كابنته ولم يكن يريدها لـ “عامر” لأنه يخاف عليها منه:
-انتوا أهلي وكل حاجه لكن أنا عايزة أمشي.. مش قادرة أقعد هنا
أقترب وأمسك ذراعها وجذبه ناحيته ليبقى كف يدها بين يده يضغط عليه بدعم وراحة قائلًا بنبرة واثقة ولكن مُتسائلة:
-علشان عامر؟
أخفضت عينيها إلى الأرضية وتغيرت نبرتها وأصبحت مهزوزة بعد أن ترقرقت الدموع بعينيها:
-علشان كل حاجه يا عمي
ضغط على يدها أكثر وأعتدل يقف بشموخ ليظهر حديثه جادًا واثقًا وليكن قادر حقًا على فعل ما يتفوه به وهو كذلك ولكن ما وقع عليهم كان صعب للغاية:
-مش هخلي عامر يتعرضلك وهعرف أوقفه عند حده يا سلمى وطالما أنتي مش عايزاه محدش يقدر يغصبك على حاجه لكن بلاش تمشي..
رفعت عينيها المُتجمعة بها الدموع عليه وأردفت بخفوت:
-بس أنا….
قاطعها يذكرها بما لها:
-مابسش يا سلمى.. أنتي ناسية إن ليكي زينا هنا بالظبط في الشركات والبيت وكل حاجه نملكها
عارضت حديثه بهدوء:
-دي مش القصة يا عمي
انتقلت إليه عدوى البكاء ولكنه كان مُختلف عنها، جاهز تمامًا للبكاء وبقوة وقد فعلها تحت أنظارها بعد أن أصبح غير قادر على المواجهة وحده:
-عارف.. بس أنا مش عايزك تمشي.. مبقاش غيرك من ريحتهم بلاش تمشي يابنتي… كده كلكم عايزين تسيبوني لوحدي
ربتت على كتفه بيدها الأخرى ونظرت إليه بملامح حزينة مُعاتبة إياه:
-أنت مش لوحدك، طنط عزة معاك وهدى وعامر
سخر منها عند نطقها باسم ولده، استنكر وجوده من الأساس وقال بجدية يوضح لها ما تعرفه:
-عامر!.. أنتي عارفه إن عامر عمره ما كان قريب مني كان إبن ابوكي وهو الوحيد اللي كان بيقدر عليه من بعدك.. دلوقتي مافيش حد هيقدر عليه
تعرف ذلك وهو كان لا يريد الإقتراب من والده بسب نزاعاتهم الدائمة وكانت هي تحاول معه بكل الطرق ليكون جواره ويستمع إليه، لقد كان الأحب إلى والدها هي:
-قرب منه أنت يا عمي يمكن ربنا يصلح حاله
نظر إليها وهو يمسح بيده دموعه المُنهمره على وجنتيه وأقترب منها مُحتضن إياها باشتياق وحنين لأرواح من فارقوه الذي بها:
-يارب يا بنتي.. مش هتمشي مش كده؟.. خليكي معايا يا سلمى، بلاش تبقي معاهم خليكي معايا أنا
خرجت دمعة حزينة من عينيها بعد أقتراب عمها منها بهذه الطريقة والاستماع إلى صوته المتلهف الراغب لوجودها بكل الطرق، وما كان منها ألا أن توافق على طلبه:
-حاضر يا عمي.. حاضر مش همشي
كانت ستذهب لا محال ولم يكن هنا أي شيء لتبقى له ولكن عمها الطرف الأضعف بين الجميع رغم قوته وجبروته، رغم كل شيء يفعله ويحدث بينهم هو الأضعف الآن بين الجميع.. هو من هزمت عائلته في لمح البصر وأُخذ منه اثنين كانوا له العون والعائلة..
ستبقى لأجله فقط، لأجل أن تسعده برؤية شقيقه بها، ولأجل أن ترى والدها به..
❈-❈-❈
أمسكت بكتاب الله وجلست على الفراش في غرفتها بعيد عن كل شيء وفرغت بعض الوقت لقراءة القرآن الكريم لكي تجد راحتها به، لكي يربط الله على قلبها وتبقى على هذا الوضع صامدة إلى النهاية،..
فهي كلما مرت عليها لحظة وتذكرت بها والديها وشقيقها تبدأ وصلة بكاء مريرة تعكر صفو اليوم والأيام التالية له..
والأمر صعب تقبله، وثقيل نسيانه، ستبقى قوية بأمر الله إن بقيت هكذا، ستحاول دائمًا وأبدًا أن تكون الأقوى بين الجميع لتستقبل العاصفة التالية بحياتها القادمة..
مرة أخرى وفي منتصف النهار وجدت باب غرفتها يُفتح على مصراعيه وبكل عنف قد حدث ذلك ليظهر هو بجسده المتشنج الضخم يدلف إلى الغرفة وأغلق الباب بقوة اهتزت لها الجدران المجاورة له..
دلف يتقدم منها بهمجية وتشنج تحت أنظارها المصدومة من دخوله هذا، وقف على قدميه ثابتًا وحرك يده بتصميم وصوته حاد:
-اسمعي بقى سفر مافيش.. على جثتي يا سلمى فاهمه؟
تركت الكتاب من يدها على الفراش وأعتدلت في جلستها تنظر إليه بعينين ثابتة قوية لم يهزها حديثه بالمرة ولم يحرك بها شعرة واحدة:
-أطلع بره
استفزه أسلوبها البارد الذي يظهر بثقة وكأنها لا تبالي بحديثه وتقول له أفعل ما شئت، أقترب منها بغيظ مُمسكًا بذراعها جاذبًا إياها لتقف أمامه:
-سامعة؟. مافيش سفر حتى لو قلبتي قرد هنا
وضعت يدها الأخرى على كف يده المُمسك بها وازاحته عنها بقوة وحدة عنيفة، ناظرة إلى عينيه مباشرة بعينيها المختفي بريقها وأردفت بعناد وتأكيد على حديثها:
-أنا لو عايزة أمشي حالًا همشي يا عامر وأنت مش هتقدر تعمل حاجه صدقني فبلاش بقى الجو ده
حك جانب لحيته بأظافر يده اليمنى وهو يلوي شفتيه ناظرًا إليها بقوة يردف بنبرة قاسية:
-بلاش الأسلوب الوسـ* ده معايا قولتلك مليون مرة
بقيت على وضعها وهي تنظر إليه وكم كان يروق لها ما تفعله به، ليشعر بأقل من قليل الذي يفعله بها وأكملت بنفس العناد والبرود:
-أنا أتكلم زي ما أنا عايزة وأسلوبي بردو هيبقى زي ما أنا عايزة
أشار إليها بيده وحاول صدقًا أن يكون هادئ ويكمل ما بدأه معها وليكن جوارها في كل وقت ولكنها تغضبه وتخرج أسوأ ما به:
-أنا مقدر اللي أنتي فيه ومش عايز ازعلك
ابتسمت بسخرية واستهزاء ناظرة إليه من الأسفل إلى الأعلى بتقليل منه وأردفت:
-لأ زعلني، بس أنت متقدرش
عاد للخلف خطوة وقال بجدية ونبرة ثابتة محاولة البقاء كما هي أمام حديثها المستفز البارد:
-احترمي نفسك يا سلمى وبلاش عِند.. أنتي عارفه آخرته وحشه
رفعت كتفها للأعلى وأخفضته بلا مبالاة تامة وبعينين بريئة للغاية أظهرت مدى القوة التي بها وهي تُجيب:
-عليك مش عليا
ومرة أخرى توضح له بعد أن جلست على الفـ ـراش في مكانها ناظرة إليه بقوة وثبات، وقد حسمت كلماتها التي ستلقيها عليه وليفهمها كما يريد:
-وعايزة أفهمك حاجه بالمناسبة، أنت مالكش حكم عليا لا في لبس ولا في خروج ولا في كلام ولا سفر ولا أي حاجه.. ومحدش هنا ليه حكم عليا حتى عمي أنا بس هستأذنه في كل حاجه ذوقيًا مني لأنه في مقام بابا الله يرحمه
رفع حاجبيه للأعلى وأردف بلفظ بذيء في وسط حديثه:
-دا أنتي فُجرتي بقى.. طب استني يعدي على موتهم شوية وقت
وهي التي لم تشجع قول الكلمات الدنيئة من قبل أبدًا كررتها كما قالها تحرك رأسها بالايجاب تؤكد أن ما قاله صحيح غير مبالية به:
-فُجرت آه ولسه كمان دي البداية بس
ضيق عينيه وأقترب الخطوة التي ابتعدتها عنه مُتسائلًا بنبرة مستفهمة وعينيه عليها بدقة لتأخذ ردود فعلها وحركات وجهها:
-يعني ايه دي البداية؟
بادلته نظرته المحدقة بها قائلة بابتسامة خبيثة:
-يعني اللي فهمته أيًا كان هو ايه بقى
مسح على وجهه وداخله كان يحاول أن يبقى على ذلك الثبات الذي هو به بعد كل هذا الحديث الذي تفوهت به والذي لو كان في وقت آخر لكان فعل كثير لا يستطيع فعله الآن:
-نقي كلامك
-مش شغلك
ضغط على نفسه كثيرًا وإلى هنا ولم يستطع التكملة بعد نظرتها المرهقة له والتي تدل على أنه أضعف وأبعد من أن يلقي عليها أوامر، لذا عليه أن يوضح لها بعض الأمور..
أقترب في لحظة خاطفة مُمسكًا بذراعها جاذبًا إياها إليه مرة أخرى ولكن هذه المرة ثنى ذراعها خلف ظهرها وأدارها بيده لتواجهه بظهرها مقتربًا من جانب وجهها يهتف بقوة:
-لأ شغلي.. أنتي مفكرة نفسك ايه؟. أنتي ضعيفة أضعف ما يكون واخده بالك
تألمت بقوة بسبب قبضته عليها، إلى اليوم وبعد أسبوعين وأكثر تبقى آثار الحادث عليها، صاحت بقوة متألمة:
-سيب دراعي
لم يبالي بما تقوله مثلها يرد إليها أفعالها التي تلقيها عليه وهتف في أذنها وهو على مقربة كبيرة منها بجدية وثبات:
-أنتي مهما روحتي ولا جيتي بتاعتي، مراتي غصب عنك.. فاهمة
تركت ألام يدها القابض عليها وعادت رأسها للخلف لتقترب منه أكثر وعقبت على حديثه بتأكيد واثق حاد وكأنه تحول من أمير وفتى أحلام إلى جني يود خنقها:
-لو آخر راجل على وش الأرض مش هتجوزك يا عامر
أكمل على حديثها الغير مُهتم به بالمرة ولا يعطي له أي أساس وكأنه لم يستمع إليه، وقال بفحيح بأذنها وهو يضغط على ذراعها ليؤلمها أكثر:
-الكلام ده مش هياكل معايا، أنا هسيبك بمزاجي، سنة، اتنين، انشلا حتى عشرة المهم في الآخر خليكي عارفه مش هتروحي غير ليا
عاندته مرة أخرى وصرخت بقوة قائلة:
-مش هيحصل
وكأن حبه إليها توصل إلى مرحلة الجنون حقًا، منذ الصغر يحبها وهي تبادلة وكلما قال نتزوج وأقترب ميعاد الزواج تختلق شيء ليؤجل، بعد كل ما حدث بحياته وبعد أن تركت أثرها على أنها زوجته وله لن يتركها مهما حدث:
-أنا بحبك ومجنون بحبك ومش هسيبك إلا بموتي، مش بموتك لأ بموتي أنا في الحالة دي بس تقدري تكوني حرة وتشوفي غيري
أغمضت عينيها للحظة بعد كلماته التي تجعلها تشعر بالخوف والرهبة منه، وما يستطيع فعله كثير ولكنها تكذب على نفسها وعليه وتظهر القوة الهشة بداخلها:
-أنت بتكرهني فيك أكتر
ضغط على كلماته هذه المرة موضحًا إياها وهو يدرك جيدًا أنها مازالت تحبه:
-كدابة، بتحبيني وهتفضلي تحبيني لآخر يوم في عمرك.. اللي بينا مش قليل علشان يتنسي بالسرعة دي
عقبت على كلماته الغبية التي توقعها دائمًا مُردفة بقوة وكأن ما تقوله حدث بالفعل وقد تناست كل شيء كان بينهم بيوم من الأيام:
-اللي بينا نسيته في لحظة زي ما أهلي راحوا في لحظة بسببك
ضغط على ذراعها بيده بقوة كبيرة مُتعمدًا ليؤلمها أكثر من السابق وصاح في أذنها بقوة نافيًا ما تقول:
-مش بسببي.. مش بسببي أفهمي
أغمضت عينيها بقوة تعتصرهما بسبب الألم الذي يعصف بذراعها وصاحت تاركة كل ما تحدثوا به:
-سيب دراعي
لم يستمع إليها ولم يعطي لحديثها أهمية وضغط على ذراعها أكثر كما يضغط على حديثه الآن الذي يخرج من داخله بغضب جُلي بسبب عنادها:
-أفهمي إن عمك مش هيقدر يعمل حاجه معايا أنتي أكتر واحدة عارفه كده وأكتر واحدة عرفاني، أنتي ليا مهما حصل وأنا وأنتي والزمن طويل مافيش طرف تالت بينا يا سلمى
أردفت بنبرة خافتة مُرهقة، ظهر عليها الألم حقًا وتركت ما قاله ولم تعلق عليه كما كانت تفعل:
-دراعي واجعني
تركها دافعًا إياها للأمام بعنف، تقدمت لأ إراديًا بجسدها من الحائط فاستندت بيدها الاثنين عليه حتى لا تصطدم به واستدارت تنظر إليه بذهول وصدمة حقيقة، تمسكت بذراعها الذي ألمها كثيرًا ومازالت عينيها عليه لا تصدق أنه هتف بكل هذا الحديث وفعل معها هكذا!..
تركها في صدمتها تلك ولم يعطي إليها أي ردة فعل على ما تشعر به، بل أبتعد ليخرج من الغرفة ولكنه وقف في منتصف الطريق واستدار إليها قائلًا بجدية:
-أنا عملت كل اللي عليا، قربت منك بكل الطرق ووقفت جنبك في الفترة اللي فاتت مع إني أخدت كلام يسم البدن بس قولت معلش كمل للآخر
احتدت نظرت عينيه عليها وتحولت للون الأسود وأكمل بجدية قاسية عليها مُهددة بذلك الحديث:
-لكن أكتر من كده مافيش ولو فضلتي على وضعك أنا مش هفضل على وضعي لأ أنا هتحول للأسوا ومظنش إنك هتقدري تستحملي ده
ومرة أخرى بنبرة أخرى تمامًا خافتة هادئة معاتبة إياها:
-مكنتش متخيل أن أقرب حد ليا يعمل معايا كده..
فتحت عينيها الواسعة بقوة أكبر مما هي عليه وأبتعدت مقتربة منه خطوة تتحدث بثبات وتأكيد مُشيرة إلى نفسها بقوة:
-أنت هتعيش دور الضحية؟ لأ يا عامر مش هسمحلك أنا اللي اتخانت وأنا اللي اتغفلت واتغدر بيا منك وبسببك خسرت كل حاجه
أجاب بقوة هو الآخر موضحًا لها ما قاله سابقًا ولكنه هذه المرة أضاف شيئًا لم يكن يجب عليه قوله:
-أنا مغدرتش بيكي ولا خونتك أنا كنت شارب وزي زي كل الناس قاعد مع واحدة… مجبتنيش من السرير أنتي علشان تعملي هوليلة ولو جيتي للحق بقى أهلك ماتوا بسبب عنادك أنتي مش بسببي أنا
أشارت إلى نفسها مرة أخرى بذهول وصدمة احتلت كيانها فحديثه يجعلها تفقد كامل عقلها ولا تستطيع التفكير بعده:
-بسببي أنا؟
أكد سؤالها وهو يحرك يده بقوة أمامها يقف شامخًا يهتف بنبرة حادة قاسية عليها:
-آه بسببك أنتي.. أنتي اللي اصريتي تسافري وتبعدي عن الكل مع إني حاولت معاكي كتير مرة في الخفا وعشرين في العلن وأنتي مصممة زي ما تكوني صدقتي
تسائلت بنبرة أصبحت مذهولة غير مُدركة ما الذي يحدث وما الذي يجب أن تقوله وعلى الرغم من أنها تعرف إجابة سؤالها ولكنها تسائلت:
-أفضل معاك بعد كل ده؟
مسح على رأسه بكف يده وأشار بيده بعد أن اخفضها من على رأسه يتسائل بسخرية واستنكار مُتهكم عليها ويُجيب في نفس الوقت على نفسه غير مقدر لما تمر به الآن وسابقًا:
-كل ده اللي هو ايه؟.. علشان كلمت واحدة ولا اتنين؟ كل ده كلام وفي الوقت ده أنتي بتبقى مانعة أي قرب بينا حصل ولا محصلش؟ ولا قصدك إني عصبي حبتين؟ قولي متتكسفيش كل ده اللي هو ايه؟ ماهو مافيش واحد ولا واحدة كاملين
أكملت جملته بنفس الإصرار الذي عليه ولم يحرك حديثه أي عضو بها:
-ولا في واحدة تكمل مع واحد خاين
ابتسم بسخرية وأردف مُجيبًا باستهزاء:
-مع إني مش معتبر دي خيانة بس فيه.. فيه كتير بيكملوا مع خاينين
نظر إليها للحظات دون الحديث، وفي تلك اللحظات تذكر أنها الوحيدة التي كانت تفهمه من نظرة عين، تعلم ما الذي يريده قبل أن يتحدث، تعلم ما الذي يريد الاستماع إليه في كل وقت مُختلف عن الآخر، وعلى الرغم من أنهم الاثنين يتمتعون بصفات لا تطابق مع بعضها إلا أن رابط الحب كان بينهم أقوى من أي شيء..
تفوه بصوت خافت ناظرًا إليها بعينين باهتة حزينة على كل شيء معاتبًا إياها لفراقها له على الرغم من أنها تعلم أنه ليس له غيرها:
-الغريب في الموضوع إنك الوحيدة اللي ليا.. إنك الجزء الحلو وأكتر حد يعرفني وأول حد بجري عليه.. الغريب إنك ببساطة عايزة تسيبيني
لم تصدق حديثه بالمرة، لم تصدق أنه يرى نفسه بريء إلى هذه الدرجة، كيف له أن يكون هكذا؟. كيف له حقًا أن يسلب حقها في الإبتعاد والحزن على ما فعله وينسبه إليه؟..
ابتسمت بسخرية واستنكار قائلة:
-الغريب بجد إنك بجح.. أطلع بره
نظر إليها للحظة فقط ثم فعل ما أرادت وخرج من الغرفة دون التفوه بحرف واحدًا تاركًا إياها وحدها في الداخل تعيد ترتيب كلماته جميعها من جديد..
لتحاول فهم كيف له أن يأخذ دورها ويحزن هو من أفعالها التي لا تعلم ما هي من الأساس، هي كل ما تعمله أنه فعل شيء وهي قابلته برد الفعل له والمناسب لها..
❈-❈-❈
حضرت إليها صديقتها “إيناس” في المنزل كالعادة في الآونة الأخيرة، كانت تتردد عليها كثيرًا بعد ما تعرضت إليه وبقيت وحدها، لم تكن تفعلها سابقًا بل كانت تتقابل معها خارج المنزل في المطاعم والمقاهي لأنها تعلم أن “عامر” لا يطيق النظر إليها وهي تبادله نفس الشيء.. كما يقولون من القلب للقلب..
جلست معها خارج الفيلا في الحديقة بعيدة عن أعينه بعد أن علمت أنه بالداخل، تُرى لما الأسد داخله بقيٰ صامتًا بعد فعلتها!..
على كل حال هذا لا يهم، الآن هي توجد لأجل صديقتها، لأجل أن تقف جوارها في محنتها الصعبة، وتحاول معها أن تتجاوزها وتمر إلى منطقة أخرى غير تلك الحزينة التي وقعت بها وهذا ما كان أمام الجميع.. وما بالداخل سواد لأ حياة بعده..
لا تعلم أن الحزن بقلبها قد حفر مكانه وإن كانت تبتسم وتتظاهر بأن الأمر مضى، لم ولن يمضي فهي لم تخسر شيء ليس له قيمة، ولم تخسر فرد من عائلتها الحبيبة، بل خسرت الجميع كقائد دلف حرب بجيشه كله وخرج هو وحيدًا..
وضعت كف يدها على يد الأخرى تضغط عليها وكأنها تمدها بالدعم راسمة أمامها شعور القلق والأمان بذات الوقت:
-المهم تكوني كويسة يا سلمى
حركت الأخرى رأسها من الأعلى إلى الأسفل باستهزاء هاكمة وهي تقول:
-كويسة آه
ضغطت الأخرى على يدها أكثر مضيقة عينيها عليها ثم أعادت كل الحديث الذي قالته سابقًا كثيرًا من المرات:
-دا قضاء ربنا وقدره أنتي مش محتاجه أننا نفضل نقولك كده، أنتي عارفه كل حاجه وفاهمه ربنا بس بيسبب الأسباب
الإستماع إلى هذا الحديث سهل وقوله سهل، لكن الشعور به أصعب ما يكون، الجميع يكرر هذه الكلمات على مسامعها يظنون أنها لا تدري بالأمر!.. الشعور بالوحدة والألم كثيرًا عليها وتتحمله بصعوبة بالغة والألم داخل قلبها وليس مكان آخر:
-ونعم بالله، أنا راضية.. راضية بقضاء ربنا
ابتسمت إليها “إيناس” بهدوء قائلة بنبرة متعقلة:
-أيوه كده يا حبيبتي
سحبت يدها من عليها ثم نظرت إليها بدقة كبيرة قبل النطق بهذا السؤال الهام لها وبشدة:
-هو محاولش معاكي تاني؟
عادت “سلمى” للخلف تستند على ظهر المقعد، رفعت يدها تزيح خصلات شعرها للخلف صائحة بضيق وانزعاج:
-شيلينا من سيرته بالله عليكي يا إيناس مش ناقصة وجع قلب
تعلم أن الحديث في هذا الأمر يزعج صديقتها ولكنها لن تصمت، تصر على معرفة كل شيء كما كانت معها في السابق، تصر على معرفة ما يدور بينها وبينه، ذلك الأحمق الغبي:
-معلش أنا مقدره اللي أنتي فيه بس أنتي بردو لازم تاخدي قرار في حكايتك معاه.. وبصراحة كده أنا مش فاهمه أنتي إزاي مش هتكملي وتفضلي معاه في نفس البيت
أجابتها الأخرى بقوة موضحة موقفها وقرارها الذي اتخذته أمام الجميع:
-أنا أخدت القرار ومش هكمل معاه وده شيء مفروغ منه أما إني أقعد هنا فأنتي عارفة عمي رفض سفري هروح فين يعني وبعدين ده بيتي بردو
هنا بدأت ملامح وجهها تتغير من الهدوء إلى الضيق ثم في لحظة إلى الشفقة الخالصة، أخفضت وجهها إلى الأرضية ثم بنبرة خافتة وملامح بريئة بدأت بدس السم في حديثها المعسول:
-أنتي عارفه إني مش بعرف اخبي حاجه بس قعدتك هنا مع عامر في نفس البيت غلط.. ده مجنون ومتهور وممكن يعملك أي حاجه علشان توافقي ترجعيله
رفعت عينيها في لحظة خاطفة على ملامح وجه صديقتها، لم تكن تفهم ما الذي تريد أن تتوصل إليه بهذا الحديث، إنها معه منذ زمن بعيد وهي تعرف هذا لما الآن قد يتهور معها؟:
-قصدك ايه؟
رفعت عينيها هي الأخرى تقابلها بقوة وجدية كبيرة ملقية عليها الأكثر من حديثها السابقة الذي ربما يجعلها تبتعد عنه إلى الأبد:
-أنتي فاهمه قصدي عامر مش سهل يا سلمى هو آه ممكن يكون بيحبك بس الحب مش بيضعفه زي بقيت الناس ده قوي طول عمره ومهما كان ايه اللي هو عايزة بيعمله
نفت “سلمى” حديثها بقوة وضيق كبير ظهر على ملامحها، أنها أكثر من يعرفه، تعرف كيف يفكر وكيف يكون، ربما هو قاسي، عنيف، هددها بذلك سابقًا ولكن قلبه لن يجعله يفعل هذا:
-عامر مش كده أبدًا
ضحكت الأخرى بسخرية واستهزاء مُجيبة إياها بقوة وهي تُصر على حديثها الذي من المفترض أن هذا ليس ميعاده:
-أنتي بتكدبي عليا ولا على نفسك.. أنتي كنتي كل يوم في خناقة معاه
تفوت بالكلمات من بين شفتيها بضيق وهي تعود بخصلاتها للخلف مرة أخرى:
-إيناس أقفلي السيرة دي
لوت شفتيها بتهكم وأردفت قائلة بلا مبالاة:
-براحتك بس أنا صاحبتك وكان لازم أحذرك أنتي دلوقتي لوحدك قصاده
نظرت إلى البوابة الداخلية للفيلا عندما شعرت بوجوده، رأته خرج منها يسير في الحديقة متقدمًا من سيارته شامخ ثابت وكأنه لا يهتز أبدًا..
استدار بوجهه في سيره ونظر إليهم وكل منهن كان لها النظرة الخاصة بها، نظرة لحبيبته خاصة جدًا بينهم تحكي الكثير والكثير وداخلها مشاعر مدفونة تريد التحرير ولو توافق هي على ذلك لكان أسعد رجل في الحياة..
ونظرة أخرى إلى عدوة حبيبته وعدوته قبلها، يعلم أنها لا تكنُ الحب إلى “سلمى” ولو بذرة واحدة، يعلم أنها تبغضها كثيرًا وقد حذرها ولكنها توفي إليها بكل الحب القابع داخلها تجاه رابط الصداقة بينهم..
نظرته إليها كانت كريهة بغيضة، عينين حادة قاسية تُلقي عليها السلام من خلال الصمت القابع داخله، ولم يكن سلام عادي بل كان سلام بالشر..
وزعت “سلمى” نظراتها عليهم هم الاثنين، وجدته يبادلها نظرات الكره والغضب وهي الأخرى مثله تمامًا، عينيها قاسية عليه تنظر إليه بحدة ولم تخفضهما كما كانت تفعل دائمًا..
لما يتبادلون هذه النظرات القاسية؟.. لما هي لا تحبه وهو يبادلها نفس الشعور؟..
دلف السيارة وأبعد نظره عنهم ثم خرج من الفيلا بأكملها، عادت هي بنظراتها المُستفهمة إلى “إيناس” وكأنها تتسائل بعينيها عما يدور بينهم ولكن الأخرى قابلتها بسؤال بعيد عن كل شيء وللحق كانت على علم بتساؤلات “سلمى” المرتسمة بعينيها:
-هي فين هدى؟ لسه بردو حابسة نفسها؟
فعلت المثل وتركت كل ما كانت تفكر به على جانب وأجابتها:
-لأ بقت كويسة دلوقتي هي فوق
وقفت على قدميها مقترحة:
-طب تعالي نطلعلها
اومات إليها ووقفت من بعدها هي الأخرى ثم بدأت في السير متجهة إلى داخل الفيلا، السير واحد والإتجاه واحد، العقل هنا به الكثير من البراءة والآخر به الكثير من الخبث
❈-❈-❈
بعد كل ما مر عليهم، وبعد ذلك الوقت الذي حاول الجميع فيه الشفاء مما حدث، لم يتغاضى والده عن حديثه الذي ألقاه عليهم في يوم الحادث، يوم أن وقعت تلك المصيبة الكبيرة على رؤوسهم، قبل خروجه من المنزل قد هدد أنه لن يتركها ترحل مهما كلفه الأمر، لن يتركها تعبر الحدود وتمر إلى بلد أخرى وبدى واثقًا من حديثه للغاية وكأنه مُرتبًا له سابقًا..
لم يتغاضى عن نظرة عينيه ولغة جسده الواضحة المُحددة لموقفها والثابتة على رأيها، لقد ظهر جيدًا في ذلك الوقت كالنمر الهائج الذي خرج عن صمته في غابة الظلم..
والآن قبع الشك داخل قلب والده وهو يتذكر كل حركة صدرت عنه في تلك اللحظات التي مر عليها أيام وليالي، كلما تذكره في ناحية قابلته الناحية الأخرى بشك مميت يود لو يقتله، فلن يرحب بفكرة أن ابنه الوحيد هو من قام بتدبير ذلك الحادث لعمه وعائلته.. فقط لأجل ابنته!..
وقف أمام عيني والده شامخًا، واضعًا يده الاثنين في جيوب بنطاله الكلاسيكي الأنيق الذي يعلوه قميص أبيض يختفي داخل البنطال، رافعًا أكمامه إلى منتصف ذراعيه لتظهر عروق يده البارزة بقوة..
جسده ثابت شامخ أمام نظرات والده وعينيه البُنية تلمع في تلك الإضاءة العالية مثبت أبصاره عليه ولم يتزحزح عنه..
استدعاه والده وقد أتى إلى هنا في مكتبه ليقف أمامه مُنتظر أن يقول ما الذي يريده منه!.. بقيٰ الآخر جالسًا على مقعده خلف مكتبه واحتدت نظراته فقط عند ولوج ابنه عليه غرفة المكتب وقد لاحظ “عامر” ذلك الشيء ولكنه لم يعطيه أدنى إهتمام لانه يعرف طباع والده وصفاته معه..
مسح والده على وجهه بكفي يده الاثنين ثم زفر بقوة ورفع رأسه إلى ابنه ينظر عليه بثبات ليرى تعابير وجهه:
-أنت هددت قبل ما تمشي في اليوم إياه إن سلمى مش هتطلع من البلد مش كده؟
بقيٰ الآخر على وضعه ولم يحاول فهم ما الذي يريده والده من سؤال كهذا قد مر ومضى وأخلف من بعده كثير من النتائج الموجعة للقلوب:
-حصل
أتى سؤال والده هذه المرة حاد قوي واثق، عينيه احتدت أكثر وأكثر عليه وهو يلقي بتلك الكلمات:
-أنت اللي دبرت الحادثة؟
ألمه ضميره لما حدث حقًا، وشعر للحظات أنه كان السبب في ذلك ولكن ليس بهذه الطريقة المُرة!.. أخرج يده من جيوب بنطاله واعتدل في وقفته متقدمًا يسير على قدميه إلى ناحية والده وقد ظهرت ملامح الصدمة والذهول على وجهه:
-أنت بتقول ايه؟
وقف والده على قدميه وأبعد المقعد من خلفه، أبصر ولده بعينين حادة وقاسية ضاغطًا على نفسه أكثر لكي يكمل ما بدأه وليعرف هل لشكه مكان بينهم؟:
-بقول اللي سمعته.. أنت هددت أنها مش هتطلع من البلد وكنت واثق أوي ومشيت وسبتنا، كنت هتوقفها إزاي؟ قولي كنت هتوقفها إزاي إلا بالطريقة دي! الحادثة دي مكنتش صدفة ولا قضاء وقدر الحادثة دي كانت متدبرة راح فيها أخويا ومراته وابنه اللي هو جوز بنتي.. راح فيها عيلتي وأنت السبب
لم يأخد “عامر” الوقت الكافي ليفكر في هذا الحديث القاسي المُعذب لقلبه، بل صرخ بصوتٍ عالٍ في وجهه وهو يتقدم أكثر ليقف أمام المكتب مباشرة وليكن هو الفاصل بينهم:
-أنا مش مستغرب إنك تفكر فيا بالشكل ده، وآه أنا أعمل أي حاجه تخطر على بالك مش هكدب ولا هبرر حتى لو كنت معملتهاش.. لكن تيجي عند عمي اللي هو كان أب ليا قبل منك فده مستحيل، ياسين كان أخويا وعمي أحمد كان أبويا قبلك ومتنساش إن سلمى كانت معاهم في العربية يعني لو عايز أموتهم مش هعمل كده وهي معاهم..
عاد للخلف قليلًا ومازال ناظرًا إليه ولكن بعينين أصبحت ضعيفة مُنكسرة، مهزومة في واقعها، لمعتها أصبحت باهتة للغاية وهزم جسده ومال للأمام منحنيًا عليه، وبصوت أصبح خافتًا أردف:
-كنت متوقع أي حاجه منك… إلا دي
استدار بجسد متشنج ووجه عابس للغاية ليذهب من هنا، لم يكن مُتوقع أبدًا أن والده يفكر به بهذه الطريقة وبهذا الشكل المُغزي، لقد فعل كثير من الأشياء الخاطئة وأزداد في المعصية وأبتعد عن الله وأصبح لا حاكم له من هذه العائلة ولكن أن يقتلهم!.. يقتل عائلته! يقتل عمه الذي كان له الأب الأول! يقتل زوجته وأمه الثانية أم يقتل شقيقه وزوج شقيقته!.. من يقتل منهم! والمضحك حقًا ومثير للسخرية أن حبيبته ومن فعل لأجلها كل هذا كانت معهم!..
ربما كان يريد قتلها هي!.. كيف له أن يكون هكذا؟ كيف له أن يفكر به بهذه الطريقة وكيف استطاع أن يواجهه بهذا الحديث القاسي الذي هشم قلبه..
إلى هذه الدرجة يراه بشع ودنيء! يراه مُجرم! لقد كانت هذه العائلة هي صاحبة السعادة في فيلا مسكونة بالأشباح كوالده، يدفن السعادة بيده!؟..
خرج من الغرفة وهو غاضب وبشدة، قلبه وعقله وكل ما به كان على حافة الهاوية بسبب حديث ليس له أي أساس من الصحة ويالا حظه الرائع في كل مرة..
كانت هناك من تقف خلف الباب بعد أن جذبها الحديث الدائر في الداخل، أخفت نفسها عندما شعرت بخروجه من الغرفة وبقيت صامتة تهبط الدموع من عينيها بغزارة والصمت على ملامحها بينما داخلها براكين ثائرة تنوح بالداخل عن ما فعله..
أيعقل أن يكون هو من قتل عائلتهم! هو من قتل “ياسين”!. لم يشعر بالشفقة لأجل شقيقته!.. لم يشعر بالشفقة لأجلها أبدًا!.. أخذها من زوجها وجعلها أرملة في سن صغير كهذا!..
كل هذا لأجل حبيبته!.. هو المخطئ، هي لم تفعل شيء إلا ما كان عليها فعله منذ الكثير ولكنها كانت تغفر له في كل مرة وتعظم الحب الذي بينهم على حساب نفسها وسعادتها..
هو من كان السبب الرئيسي في كل ذلك!.. هل قتلهم حقًا!.. شك والده به لم يأتي من فراغ مؤكد هناك شيء يعلمه لذا قبع الشك داخله عن أنه من فعلها..
وضعت يدها على شفتيها تكتم بكائها الحاد وآلامها الذي خرجت مرة أخرى بعد أن قاربت على البدء في مرحلة الشفاء من مغادرة الحبيب والمحبوب لها..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين دروب قسوته)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى