روايات

رواية بين دروب قسوته الفصل الأول 1 بقلم ندا حسن

رواية بين دروب قسوته الفصل الأول 1 بقلم ندا حسن

رواية بين دروب قسوته الجزء الأول

رواية بين دروب قسوته البارت الأول

بين دروب قسوته
بين دروب قسوته

رواية بين دروب قسوته الحلقة الأولى

“طفولة مُرهقة بالحب والقسوة”

نظر إليها بعينيه البُنية الخلابة وفي لحظة تعامد الشمس عليها تصبح عسلية صافية، مد يده يُشير بإصبعه على شاشة الحاسوب الذي تحمله على قدميها بعد أن انتقل بنظره إليه وهتف بنبرة واثقة مقترحة:

-أنا شايف إن ده أحلى

بعد أن أبصرت الصالون الذي أشار إليه وقد كان حقًا بشع بالنسبة إليها عادت ببريق عينيها الزيتوني الواسعة إليه وهتفت باستنكار وضجر وشفتـ’ـيها المكتنزة تتحرك أمامه:

-يع وحش أوي يا عامر.. طول عمرك ذوقك بلدي

أقترب بوجهه يُميل بجسده عليها ناظرًا إليها بعينيه الوقحة الجريئة يحرك شفتيه الرفيعة قائلًا بخبث ووقاحة:

-وحياتك مافي حاجه حلوة في القعدة دي غيرك.. وبعدين ذوق ايه اللي بلدي دا أنا منقي بطل..

أبصر ابتسامتها الرقيقة، عينيها الواسعة المرسومة بدقة طبيعية ووجنتيها مع شفتيها المكتنزة غير خصلات شعرها المتطايرة حول أكتافها وصاح بحماس وشوق:

-وديني بطل

صدحت ضحكاتها في المكان وهي تعود للخلف برأسها مُتمسكة بالحاسوب، فالنظر إليه وهو يهتف كلماته المتلاعبة يجعلها تضحك بصخب..

منزل يظهر من الخارج كـ الفيلا، شاسعة المساحة رائعة التصميم، كبيرة للغاية بتصميم عصري حديث، في المنتصف بوابة حديدية كبيرة تجعلها تنفصل لجزئين مكونه من طابقين، الطابق الأرضي والأول علوي ثم الثاني، لونها رائع وفريد لا تستطيع تحديد ماهو وما اسمه، عينيك تنبهر بجمالها وروعة مظهرها وكأنه تُسر أعين الناظرين إليها كمن يقيمون بها، وهذا في الظاهر!..

حول هذه الفيلا مساحة كبيرة واسعة للغاية من الأرض الخضراء المحاطة بسور عالي يتوسطه بوابة حديدية كبيرة أكبر بكثير من الأخرى في الداخل وفي الجانب الخلفي للسور هناك واحدة مثلها..

حديقة جميلة ورائعة بها ألوان زاهية بفعل الزهور المتناثرة في نباتها في كل مكان، هناك طاولة كبيرة ومن حولها المقاعد الخاصة بها وتفصلها البوابة عن الناحية الأخرى من الحديقة حيث أنه في المنتصف طريق يتسع لسيارة واحدة من البوابة الخارجية إلى الداخلية يفصل الحديقة إلى ناحيتين..

بينما في الناحية الأخرى والجانب الظاهر منها أرجوحة كبيرة رائعة كشكل البيضة الملتفة حول نفسها، يجلس بها ذلك الشاب الثلاثيني صاحب الخصلات السوداء الحالكة، والعينين البُنية رائعة المظهر، خلابة وساحرة عندما تأتي أشعة الشمس عليها تتحول إلى لهيب صافي يُسرك فقط لأنك تنظر إليه، أنفه شامخ حاد يتماشى مع بقية ملامح وجهه وشفتيه رفيعة يعلوها شارب نابت خفيف ولحيته أيضًا نابته بينما وجهه بالكامل نحيف قليلًا يأخذ المظهر الطويل ولكنه يتمتع بقدر عالي من الوسامة والحدة المُرتسمة على ملامحه، يتمتع بجسد رياضي، ليس كثيرًا ولكنه جسد رشيق وطويل أيضًا، يظهر وكأنه شخص يتلاعب بالحديث والخبث ينبعث من حديثه بعد أن تحدث بجملتين معها..

بجانبه فتاة رقيقة لا تستطيع قول غير ذلك ولكنها أيضًا شرسة، مظهرها لن يدعوك لقول أنها رقيقة للغاية بل تظهر وكأنها جريئة قليلًا، خصلاتها تهبط إلى بعد كتفيها بقليل ليست طويلة لونها بُني رائع يختلط مع الذهبي يتدلى منه من الأمام خلصتين على جانبي وجهها لونهم ذهبي لامع، عينيها واسعة مرسومة بطريقة رائعة ليست هي من فعلتها بل هذا صُنع الخالق، لونها زيتوني رائع ككل ما بها، أنفها صغير ووجنتيها مكتنزة إلى حد ما ومثلها شفتيها ذو اللون الوردي الطبيعي دون أي مجهود منها، جسدها يبدو رشيق ليس نحيف وليس ممتلئ ولكنها تتمتع بالقدر الكافي لتكون أنثى متكاملة، لون بشرتها بيضاء ناعمة فقط من نظرتك إليها تشعر بذلك..

بعد أن توقفت عن الضحك نظرت إليه مُبتسمة بهدوء تطلب منه وعينيها تتقابل مع خاصته:

-ممكن تركز معايا شوية بقى

أقترب بجسده أكثر إلى أن التصق بها قائلًا بحرارة ونظرة شغوفه مشتاقة إليها بقوة:

-أكتر من كده؟ المرجيحه هتولع بينا

عادت برأسها للخلف مُتذمرة تبتعد عنه ومازالت تنظر إليه بقوة منادية اسمه بحدة ليتوقف عما يفعله بها في كل ركن بهذه الفيلا:

-عامر! الله

تلاعب بها وهو يضع كف يده العريض على وجنتها المكتنزة مُردفًا بهدوء وتروي ماكر:

-عيون عامر وقلب عامر وروح عامر

أبعدت يده عنها صائحة بقوة:

-والله هقوم واسيبك بطل بقى

لم يتراجع عما يفعله ولن يتراجع بهذه السهولة وهي تعرف ذلك، إنه يجعلها تود خنق نفسها من كثرة الإلحاح الرومانسي في أي موقف يمر عليهم:

-أبطل ايه هو حد هنا بطل غيرك

تذمرت بضيق محاولة أن تجعله يبقى لدقيقة واحدة من دون مغازلة وقحة لينهوا أمر هذا الزواج في أسرع وقت:

-ياخي خلينا نخلص الله.. مش عايز تتجوز ولا ايه؟ شكلك كده بتخلع

عاد للخف كما كان في البداية واتسعت عينيه مُستنكرًا ذلك الحديث الذي خرج منها يصيح بقوة ثم أكمل مقترحًا:

-ايه؟ اخلع؟ اخلع مين أنا فيها يا اخفيها.. ما تيجي نتجوز دلوقتي ونقعد في اوضتي لحد ما نخلص الجناح… أو اوضتك أنا معنديش مانع

أجابته بعقلانية شديدة وقد محت الابتسامة من على ثغرها الوردي نهائيًا لتظهر بشكل جدي لكي يفعل المثل:

-شوية جد بقى.. لو ركزت معايا هنتجوز في المعاد

قد نجحت هذه المرة، اعتدل في جلسته وعاد إلى الجدية قائلًا بنبرة جادة واضحة:

-يا سلمى ما أنا قولتلك ماليش في الحاجات دي ما تختاري أنتي

نظرت ببريق عينيها الزيتوني إليه قائلة برقة تحلت بها وهدوء قد أصابها عندما أتى الحوار بينهم إلى حياتهم الزوجية:

-مش ده هيبقى بيتنا يا عامر الله.. أنا عايزة نختار سوا

أردف قائلّا ما يحدث معه عندما يختار معها شيء، لا يُعجبها ولا يليق بها إذًا فلتختار ما تريده، أشار بيده قائلًا ثم أكمل بجدية:

-وكل ما اختار يبقى ذوقي بلدي.. حبيبي اختاري كل اللي أنتي عايزاه وأنا موافق عليه

معه حق إنها تفعل ذلك، حديثه صحيح ستأخذ بنصيحته هذه المرة فهي تعلم أنه لا يُجيد اختيار هذه الأشياء بذوق رفيع، إن ذوقه منحط للغاية في كل شيء ماعدا هي من المؤكد:

-طيب خلاص ماشي يكش نخلص

أقترب مرة أخرى عائدًا إلى نبرته وملامحه المتلاعبة المنتظرة أى حركة منها ليقوم باستغلالها وهتف بحماس ونبرة خبيثة:

-أيوه أنا عايز يكش نخلص دي

نظرت أمامها والحاسوب بيدها، لم يأخذها خلدها هذه المرة إلى تفكيره الوقح بل تحدثت بما ينقصهم لإتمام الزفاف في الموعد المحدد:

-هو كده يعتبر خلاص يعني، فاضل نفرش الجناح بس والفستان طبعًا أهم حاجه هسافر أشوفه والباقي بقى قاعة وحاجات كده تبعك أنت

نظر إليها مطولًا بشغف وعينيه تجوب على وجهها بالكامل وكل انش به، يروقه للغاية جسدها الأنثوي الفاتن الذي لا يستطيع المقاومة في حضوره، هتف وهو يضغط على شفتيه في نهاية حديثه:

-ياه يا سلمى فاضل شهر… شهر كده وتبقي تحت ايدي يا بطل وأعمل كل اللي أنا عايزة… دا أنا هفرمك

تركته وهبت واقفة على قدميها مرة واحدة مُبتعدة عنه تنظر إليه بحدة بعد أن تركت الحاسوب في مكانها تُشير إليه بإصبعها السبابة قائلة:

-بطل يا قليل الأدب بدل ما ألغي كل حاجه

لوى شفتيه بسخرية وتحدث بجدية مُميتة تهابُها دائمًا، يبدو أنه لعوب مرح ولكنه في الحقيقة ليس هذا الرجل أبدًا:

-أنتي عارفه وقتها هعمل ايه ماهو مش هستنى تلاتين سنة علشان سيادتك وبعدين تلغي كل حاجه

أردفت بكلمة واحدة وهي تبصره باشمئزاز وضيق:

-سافل

وقف على قدميه ببرود وأقترب منها ثم في لحظة لم تنتبه بها وضع يده الاثنين خلف خصرها جاذبًا إياها إليه وجعلها ملتصقة به للغاية وتحدث بحرارة:

-تعبان قدري يا مفترية

وضعت يدها الاثنين على ذراعيه المحيطة إياها وعادت للخلف برأسها عندما وجدته يقترب منها بوجهه تصرخ به بقوة وخوف:

-يخربيتك اوعى حد يشوفنا

شدد بيده عليها أكثر ناظرًا إلى جمالها الأخاذ وعقله يدعوه لفعل أشياء خطرة لا يستطيع الإنتظار حتى الحصول عليها بعد شهر من الآن:

-طب ياريت علشان نكتب الكتاب دلوقتي هو أنا لسه هستنى

اتسعت عينيها أكثر مما هي عليه وهتفت باستنكار وضجر وهي تحاول أن تبعده عنها:

-عامر بلاش جنان اوعى كده

تحدث بلين ونبرة خافتة وهو يتقرب من وجهها:

-يابت استني هبسطك

كاد أن يقترب من شفتيها المكتنزة يُقبلها ويصل إليها ليشعر بالراحة التي يريدها فهي لا تسمح له بفعلها كثيرًا بل كل مرة يفعل كل هذه الأمور ليصل إليها ولا ينال ما يريد، على حين غرة استمع إلى صوت شقيقته “هدى” وزوجة ابن عمه شقيق خطيبة التي تقف أمامه تنادي عليهم بصوت عالي من على بوابة الفيلا:

-سلمى!.. عامر!.. انتوا فين

دفعته بقوة وهو شارد ينظر إلى خلفها ويرى شقيقته تخرج من البوابة لتبحث عنهم، قائلة بضيق وانزعاج:

-يخربيتك أبعد

ضغط على شفتيه بأسنانه بقوة وهو يراها تبتعد عنه وصاح بضيق وضجر شديد:

-دايمًا كده يا هدى قاطعة كل لحظة حلوة عني

أجابت هي بصوتٍ عالٍ لتجذب انتباه شقيقته:

-أيوه يا هدى إحنا هنا

نظرت إليهم من على درج البوابة ثم هتفت داعية إياهم إلى الداخل في جلسة عائلية تخص عائلة “القصاص” والتي كانت هكذا دائمًا:

-طب يلا

أردفت مُجيبة إياها بايجاب:

-جايين

بعد أن دلفت شقيقته للداخل عادت مرة أخرى تلك الخطوات التي ابتعدتها عنه لتأخذ حاسوبها من خلفه على الأرجوحة، نظر إليها بقوة وهو يراها تتحرك أمامه ثم أقترب يحاول أن يتمسك بيدها ولكنها استدارت بعد أن أخذت الحاسوب ورأته فركضت بعيد عنه وهي تضحك بصخب قائلة:

-بعينك يا عامر

نظر إليها وهي تركض للداخل بذلك الثوب الوردي، بأكمام طويلة، ويصل إلى أسفل ركبتيها ولكنه ملتصق عليها بشدة يبرز مفاتنها وجمالها الخلاب، هتف بعد تنهيده طويلة قائلّا:

-هتروحي مني فين يعني.. كلها شهر ومش هتعرفي تتنفسي حتى

ثم سار خلفها بخطوات ثابتة بعد أن هندم ملابسه المكونة من بنطال كلاسيكي أسود وقميص مثله نفس اللون، ظهر طوله الفارع وجسده الرشيق وكم بدى واثقًا من نفسه وشامخًا حتى في سيرة.. يبدو أنه ليس كما قالت مرح ولعوب، إنه في هذه اللحظة يظهر قاسي للغاية بلامح حادة وعنيفة..

❈-❈-❈

خطى إلى داخل الفيلا من بعدها، ومن هنا نتحدث عن المساحة الكبيرة والمظهر الرائع، كم أن هناك اختلاف كبير بين الداخل والخارج، كيف هذا؟.. في بداية دخولك تقابلك صالة كبيرة شاسعة، تلمع أرضيتها بفعل ذلك الرخام الأبيض الرائع، وفي الداخل صالون يجلس به الجميع في منتصف اثنين من الدرج، واحد على اليسار والدرج الآخر على اليمين..

وفي المنتصف في الأسفل صالون به الجميع جالس، وعلى الجانبين بجوار الدرج غُرف مغلقة، على اليمين واحدة أخرى تنشغل كصالون آخر، وجوارها غرفة الطعام بها سفرة كبيرة للغاية لتجمع العائلة بأكملها..

والأخرى جوارهم بها شاشة كبيرة تأكل عرض الحائط وكأنها شاشة سينما وبها أريكة كبيرة وبعض أكياس القطن غير باب آخر داخلها يؤدي إلى مرحاض..

وعلى الطرف الآخر كان يوجد باب يؤدي إلى مدخل آخر ياخذك إلى المطبخ الكبير، وكأنه مطبخ أحد المطاعم.. وفي نفس هذا المدخل عرفة للخدم العاملين بالبيت وبها مرحاضها الخاص بينما جوار باب المدخل في الخارج غرفة للضيوف القادمين عليهم بها كل ما يلزم..

بينما خلف الدرج من الناحيتين هناك غرفتين مكتب..

وبعد كل هذه المساحة الكبيرة والوصف المبسط كان هناك ألوان زاهية على حوائط الفيلا غير تلك اللوحات المعلقة والتي تبدو غالية الثمن ورائعة المظهر، غير ما وجد من تماثيل تقف على أعمدة في المنتصف أمام كل درج..

وصف الروعة والجمال في هذه الفيلا لن يكفي حتى يصل كم هي رائعة، لا نستطيع وصفها بالشكل الصحيح ولكن المؤكد في كل هذا الحديث أنها مكان ساحر لا مثيل له يليق بعائلة كعائلة “القصاص”، عائلة من أغنى عائلات البلدة..

جلس جوارها أمام الجميع والذين كانوا أفراد العائلة، والده “رؤوف القصاص” ذو النظرات الحادة على ابنه من كل إتجاه وقد كانت ملامحه تشبه ابنه “عامر” كثيرًا وزوجته “عزة القصاص” ابنة عمه هي الأخرى تبدو سيدة محتشمة، ترتدي ملابس فضفاضة وحجاب كبير للغاية يغطي رأسها وصدرها وبداية ظهرها من الخلف وجوارها ابنتها “هدى” زوجة ابن عمها “ياسين” وشقيق خطيبة ولدها الآخر، جميلة هي الأخرى بجسد نحيف قليلًا، عينيها سوداء لامعة، بشرتها بيضاء وتبدو مرحة للغاية وابتسامتها بها حياة أخرى..

وعلى الأريكة الأخرى يجلس عمه “أحمد القصاص” ذو العيون المشابهه لابنته الساحرة وجواره زوجته “سعاد” الغريبة عن العائلة وليست كوالدة “عامر” بل كانت غير محجبة وتظهر خصلات شعرها السوداء بوضوح وأيضًا ترتدي ملابس ليست كالأخرى وجواره على الناحية الأخرى ابنه “ياسين” وقد كان ذو نظرة هادئة، ملامحه تشبه والده، عينيه سوداء، وسيم إلى حد كبير، بينما هو استولى على الأريكة الجالس عليها معها، ليشعر بالراحة أكثر وفي منتصف كل هذا طاولة كبيرة تحمل أصناف شهية من الحلوى والعصائر الطازجة الذي أتت إليهم بعد تناول طعام الغداء..

كان الحديث بين الرجال عن العمل فهتف “ياسين” بجدية ناظرًا إلى ابن عمه قائلًا:

-ورق المناقصة دي مع عامر يا بابا

أجاب “عامر” يومأ برأسه بثبات وهتف بنبرة واثقة:

-آه آه معايا

أردف والده بجدية هو الآخر وهو ينظر إليه:

-ابقى هتهولي عايز أشوفه وأبص عليه

-حاضر

تحدث عمه “أحمد” ووالد خطيبته قائلًا بمرح ومزاح وهو ينظر إليه مُشيرًا بيده إلى ابنته الجالسة جواره:

-عملتوا ايه يا عامر خلصتوا الفرش اللي سلمى صدعتنا بيه ولا لسه

أردف نافيًا ما قاله عمه ثم نظر إليها يكمل حديثه وعينيه مثبتة على عينيها ذات اللون الزيتوني الخالص:

-لأ والله يا عمي.. هي بقى تختاره وتخلصه مع نفسها تعبتني بصراحة

لكزته في ذراعه بقوة مُستنكرة حديثه ناظرة إليه بذهول تهتف بنبرة حادة:

-تعبتك؟ وأنت عملت حاجه أصلًا

مال عليها برأسه يهتف بنبرة خافتة خبيثة وعينه الوقحة الماكرة تنظر إليها بثبات وقد لاحظ الجميع أن هناك شيء آخر يتحدث به معها:

-آه عملت… انكري بقى

أجابته بنبرة خافتة مثله مضيقة عينيها عليه بقوة ولكن الضيق يشتد عليها بسبب أفعاله الدنيئة أمامهم:

-عملت عملت أخرس بقى

استمعت إلى صوت شقيقته تهتف بنبرة متسائلة تنظر إليها بهدوء وابتسامة صغيرة:

-هتروحي تشوفي الفستان امتى يا سلمى

أجابتها بهدوء هي الأخرى ثم استدارت تكمل حديثها إلى والدها الذي تريد أن تأخذ إذنه في السفر مع عامر إلى “لبنان” وحدهما لرؤية فستان عرسها الذي يصمم خصيصًا لها:

-اسبوعين بالظبط وهسافر وعامر معايا بعد اذنك يا بابا

أومأ إليها والدها بهدوء واستكمل حديثه مع شقيقه، تقدمت للأمام بجسدها تأخذ قطعة بسكويت لتأكلها فنظر إليها مُطولًا وهو يراها تأكل بنهم وبطريقة تجعله يموت داخله ألف مرة..

استدارت تنظر إليه عندما شعرت أنه أطال النظر عليها والجميع مُلتهي بالحديث والهواتف، أشارت له بعينيها فأشار لها هو الآخر على البسكويت دليل على أنه يريد مثلها، تقدمت وأخذت غير الذي اكلتهم وقدمتها إليه ولكنه أبعد نظره يبصر الجميع ليراهم منشغلين بعيد عنهم فأشار لها أن تطعمه بيدها.

أبعدت نظرها مثله ترى الآخرين ثم عادت إليه مُبتسمة بحب وقدمت إليه القطعة بيدها الناعمة، أمسك معصم يدها وهي تطعمه وتذوق إصبعها مع البسكويت فاغمض عينيه بقوة مُستمتعًا بتلك اللمسة الفريدة من نوعها..

جذبت يدها سريعًا وابتسمت بسعادة كبيرة وهي تراه واقع بها إلى هذا الحد، كم يحبها؟.. هذا لا يقدر إنه يحبها منذ أيام طفولتهم وإلى الآن ينتظرها للزواج منها بعد أن وضعت شروطها، أن ذلك لن يحدث إلا عندما تنهي دراستها بالكامل، تراه يحبها إلى حد كبير لا تستطيع معرفته أو وصفه، تراه يحبها كما تحب النجوم وجودها في السماء وتبادله ذلك الحب بالعشق الخالص الذي كان يشعرها بكونها تحبه كحب الأسماك لوجودها في المياة.. حياتها ومكانها الوحيد..

تراه مُتملك، قاسي إلى درجة كبيرة، وجديًا للغاية مع الجميع إلا هي، يكون شخص آخر معها غير ذلك الذي يعرفه الجميع، يكون معها طفل صغير يهوى معرفة المزيد عن العشق والغرام ليرسمه على ورقة من ذهب ويهديها إليها..

في لحظة ما استمعت إلى صوت هاتفها يعلن عن وصول مكالمة وقد كان على الطاولة قبل لحظة خروجها إلى الحديقة، تقدمت إلى الأمام في جلستها ثم أخذته بين يدها لترى اسم صديقتها المقربة يُنير الشاشة، وقفت على قدميها بنعومة ورقة ثم سارت في هدوء إلى الخارج مرة أخرى لتتحدث معها..

استند إلى ظهر الأريكة وفرد ذراعيه وعينيه مُثبته عليها وهي تسير للخارج، كم كان وقح في نظراته لا يعير أي أحد أدنى اهتمام أو حتى احترام، أتى بها من بداية حذائها ذو الكعب العالي الذي كلما خطت خطوة أصدر صوت مرتفع، إلى ساقيها البيضاء المغرية ومن بعدها إلى أعلى جسدها وصولًا إلى خصلات شعرها البُنية المختلطة مع اللون الذهبي…

اختفت عن عينيه البُنية وبقيت ما يقارب العشر دقائق في الخارج ولم يكن يعلم مع من تتحدث، وقف على قدميه بعد أن نظر إلى ساعة يده للمرة الخامسة وذهب خارجًا إليها ليرى مع من تتحدث ولما كل هذا الوقت..

وقف على بوابة الفيلا ليراها تهبط بالهاتف من على أذنها وانحنت برأسها قليلًا للأمام تنظر به، تعطيه ظهرها وتقف أمام شجرة كبيرة من التي في الحديقة..

ذهب بخطوات ثابتة إليها ويده الاثنين في جيوب بنطاله الكلاسيكي الأسود، وقف خلفها وأردف مُتسائلًا بجدية واستفهام:

-كنتي بتكلمي مين؟

استدارت إليه بعد أن استمعت صوته خلفها، وقفت أمامه ثم أجابته على سؤاله الجاد بجدية هي الأخرى وعينيها عليه:

-بكلم إيناس

أخرج يده من جيبه وأشار بحدة وعصبية احتلت كيانه عندما استمع إلى اسم صديقتها التي لا تريد الابتعاد عنها وعقب قائلًا:

-تاني؟ دين أم البت دي تاني؟

أبصرته بقوة مُجيبة بحدة هي الأخرى بعد الاستماع إلى نبرته الحادة الشرسة:

-ممكن تتكلم معايا عدل وبلاش الأسلوب ده

أقترب منها يهتف بنبرة حادة ناظرًا إلى عينيها بثبات وقوة، فقد قال لها كثير من المرات أن تبتعد عن هذه الفتاة ولكنها لا تبالي بحديثه:

-أسلوب ايه اللي بتكلم بيه أنا قولت مليون مرة ابعدي عن البت دي

عاندته مُجيبة بقوة ناظرة إليه بعمق:

-البنت دي صاحبتي من زمان

نفى حديثها بنبرة واثقة مما يقوله وكأنه يعلم شيء عنها هي لا تعلمه:

-مش صاحبتك يا سلمى أنا عارف أنا بقولك ايه

رفعت حاجبها للأعلى ونظرت إليه بحدة أكثر وأردفت قائلة بقوة تثبت إليه حديثها وتؤكد أنه الصحيح:

-لأ صاحبتي يا عامر ونظرية المؤامرة اللي في دماغك دي غلط

أقترب خطوة على حين غرة وهو يصيح بها بصوت حاد عالي ناظرًا إليها بعصبية وعينيه تحولت للسواد الحالك في لحظات:

-لأ مش غلط وهتبعدي عن البت دي غصب عنك طالما الكلام معاكي مش بيجي بفايدة

نظرت إليه بسخرية تلوي شفتيها المكتنزة واضعة يدها الاثنين أمام صدرها قائلة بتساؤل ساخر متهكم:

-والله؟ غصب عني ده اللي هو إزاي هتضربني مثلًا

عاد للخلف خطوة مرة أخرى كما الذي تقدمها في لحظة، نظر إليها بعمق ثم أعترف أخيرًا ولكن بخطئه في أسلوب الحديث:

-تمام تمام أنا غلطان في أسلوبي زي كل مرة افهمي أنتي بقى مرة واحدة في حياتك

كرمشت ملامح وجهها مُتسائلة بقوة:

-أفهم ايه؟ إنك عايزني أبعد عنها بدون وجه حق

عقب على حديثها بجدية محاولًا التوضيح لها ما الذي يدور بخلده:

-لأ مش بدون وجه حق قولتلك إن عمها رفعت الصاوي هو أكبر منافس لينا في السوق

اخفضت يدها من على صدرها وأشارت إليه باستنكار واضح وصريح قائلة:

-وايه يعني هو علشان منافس تبقى هي وحشه وهو وحش

أومأ إليها برأسه بجدية وأكمل حديثه بتأكد:

-آه وحشين… هو منافس آه لكن مش شريف وممكن يقضي على أي حد علشان مصلحته

نظرت للبعيد لحظة وهو عينيه مُثبتة عليها بقوة، ثم عادت إليه مرة أخرى قائلة حديث آخر بمنظور آخر تراه هي صحيح وهو يراه خطأ كبير:

-ماشي ياسيدي هعتبر إن كلامك صح.. أنا أصلّا معرفش أي حاجه عن الشغل يعني أنا مش هفيدها وبقالي كام سنة مش بفيدها ليه لسه صاحبتي

صاح مرة أخرى بصوت عالي وهو يراها تُصر على موقفها ولا تسمتع إلى حديثه، يعلم أنها عنيدة ولكنه عنيد وحاد أكثر منها:

-أنتي مصممة ولا ايه.. أنا عندي نظرة في الستات الكويسه والوحشة وبقولك دي هتخرب الدنيا ولازم تبعدي عنها

تفهمت ما الذي يقوله عندما خص الأمر النساء التي يتحدث عنهن، ولأنه “عامر القصاص” وهي خطيبته وابنة عمه فهمت إلى ماذا يشير فهتفت بحدة وضيق:

-آه قولتلي.. نظرتك بتاعت الستات دي خليها للستات إياهم ماشي؟ لكن أنا وصحابي برا النظرات دي يا عامر علشان إحنا مش شبههم

تهكم عليها بوضوح وتبسم بسخرية مُتسائلًا باستنكار ثم أكمل حديثه هازئا بها:

-إيناس مش شبههم!.. دا أنتي نايمة في العسل خالص

انزعجت من أسلوبه الساخر وحديثه المخفي عن أخلاق صديقتها الذي يشبهها هو بالنساء الذي يعرفهم، لوحت بيدها أمامه بحدة وأردفت بصوت عالي منزعج بشدة:

-بقولك ايه بلا عسل بلا بتاع مالكش دعوة بيها هي صاحبتي وأنا بحبها خلصنا يا عامر وده شيء مايخصكش أصلًا

أمسك يدها التي كانت تلوح بها وأردف بقوة وعصبية موجودة معه في جميع الأوقات حتى اللحظات الرومانسية تكون معه على أتم الاستعداد للخروج فقط أن قيلت كلمة واحدة لا تعجبه:

-اتكلمي كويس بلاش تخليني اتغابى عليكي بأسلوبك الوسـ* ده سامعه

نفضت يدها منه ولكنه ظل متمسك بها، نظرت إليه بقوة وأردفت بضيق وانزعاج من الذي يحدث بينهم، إنه عصبي إلى حد كبير ومتهور أكثر من اللازم ولا يندم على فعل شيء خطأ سريعًا وهي عنيدة ولسانها سليط وهذا يزعجهم أكثر:

-سيب كده هو فيه ايه وبعدين مش كل ما أتكلم قصادك تتعصب إحنا بنقعد خمس دقايق كويسين وطول اليوم خناق

ضغط على يدها وأردف بتأكيد ناظرًا إلى ذلك الزيتون داخل عينيها الجريئة المتحلية بها الآن:

-مهو بسببك

احتدت نبرتها مرة أخرى بعد أن نسب الأمر لها وهو من بدأ به:

-أنت هتستهبل؟

ترك يدها ووضع يده الاثنين بجيوب بنطاله كمل كان، استدار وأعطى لها ظهره ثم مرة أخرى نظر إليها وقال بجدية:

-ماشي.. ماشي أنا اللي غلطان وأسلوبي وحش متزعليش بس خليكي عارفة أنا مش هغير رأي في البت دي ودايمًا هحظرك منها

سألته بوضوح وجدية تقارن بينه وبينها ربما تجعله يصمت عن الحديث عنها بهذا الشكل:

-هو أنا بتكلم على حد من صحابك؟ أنت…

لم يجعلها تكمل ما بدأت الحديث به وصاح بغضب وقسوة قائلًا بعد أن أخرج يده من جيوبه مرة أخرى واهتاج جسده وتشنج:

-وأنتي مالك ومال صحابي أصلًا

يتمتع بغريزة التملك، تعرف ذلك جيدًا ويغار من الملابس الذي ترتديها تعرف ذلك أيضًا ولكن الأمر فوق كل طاقة تتحلى بها، رسمت الهدوء على وجهها وأردفت مُجيبة إياه:

-خلاص يا حبيبي خلاص ممكن نقفل الحوار الأسود ده؟

تنهد بعمق أخذًا نفس عميق وحاول أبعاد الفصل عنه، أقترب منها ووضع يده خلف رأسها جاذبًا إياها إليه يقبل جبينها بحنان وهدوء ثم قال وهو يبعدها عنه ناظرًا إليها:

-مش ببقى عايز ازعلك بس أنتي عنيدة ومستفزة

تحدثت بجدية مقدرة أنه يحاول لأجلها أن يكون أفضل من هذا ويتخلى عن تهوره وحديثه البغيض وكل ما به من عيوب:

-خلاص يا عامر وأنا أوعدك إني لو شوفت منها أي تصرف وحش هبعد عنها

جذبها من خلف رأسها مرة أخرى يقربها من صدره محتضن إياها بهدوء ووضعت هي الأخرى كف يدها على عضلات معدته الظاهرة بوضوح تنعم بذلك الدفء المنبعث منه بعيدًا عن أي شيء آخر، أردف قائلّا:

-ماشي يا سلمى

❈-❈-❈

“في المساء”

وقفت “هدى” أمام المرآة تعدل من هيئتها، كانت ترتدي فستان أسود بحملات رفيعة للغاية ذو فتحة صدر واسعة يصل إلى أسفل قدميها ولكنه ملتصق عليها وبشدة، وكم كان مظهره فاتن للغاية عليها، أطلقت خصلات شعرها السوداء للخف وبعضًا منها على جانب عنقها..

دلف زوجها “ياسين” إلى الغرفة، حيث أنه كان في غرفة الملابس الصغيرة الخاصة بهم يرتدي هو الأخرى حلة رسمية سوداء رائعة، مصفف خصلات شعره الأسود للخلف بعناية، ملامحه حادة واضحة شامخة ونظرته ثابته أمامه، يبدو وسيم للغاية..

وقف خلفها وأردف قائلًا بصوت حاني وهو يبصرها من خلال المرآة:

-ايه الحلاوة دي يا موزة

نظرت إليه عبر المرآة، ورآته كم بدى وسيمًا رائعًا فتحدثت قائلة بابتسامة عريضة وفرحة:

-أنت اللي ايه الحلاوة دي.. هتتخطف مني كده

استنكر حديثها متسائلًا بمزاح ومرح:

-يا شيخه؟

استدارت تنظر إليه مُتحدثة وعينيها السوداء تلمع قائلة:

-آه والله.. أنت مش حاسس بنفسك ولا ايه؟

أقترب يطبع قبلة سريعة على شفتيها يخطفها من رحيق الأزهار ليستمتع بها ثم عاد قائلًا:

-الصراحة لأ مش حاسس

ابتسمت إليه بسعادة كبيرة لم تشعر بها يوما إلا عندما أصبحت زوجته ونصفه الآخر:

-لأ حس بقى

نظر إليها مطولًا وقد كانت نظرة ذات مغزى تعلمه جيدّا، تنهد مرة واحدة وسريعًا بصوت عالي ثم أردف بجدية مقترحًا:

-طب يلا بينا علشان منتأخرش على الحفلة

-يلا

قدم إليها يده فأمسكت به بقوة وحب كبير بينهم، حب خالص لا مثيل له، تعتبره من حب الأساطير على الرغم من بساطته ولكنه يشعرها بأن لا هناك مثلهم في الوجود على الإطلاق ولن يكون هناك فـ القدر يخفي الكثير والكثير وما هي إلا أيام ويحكى كل ما خفى…

❈-❈-❈

قبل منتصف الليل بساعة واحدة كانت “سلمى” تجلس أمام الحاسوب الخاص بها تحاول أن تنتقي كل ما يلزم منزل الزوجية الخاص بها و بـ “عامر” الذي تخلى عنها في هذا الأمر مدعي أنه لا يعرف.. لا لم يكن إدعاء هو حقًا لا يعرف..

ولكن في لحظة صمت وهي مندمجة في النظر إلى الحاسوب أطلق الهاتف أصوات خلف بعضها تعبر عن وصول رسائل عبر تطبيق تواصل “الواتساب” أمسكت به وكانت الراسلة هي “إيناس” صديقتها المقربة الذي يريدها “عامر” أن تبتعد عنها..

فتحت الرسائل التي أرسلتها إليها وكانت عبارة عن مجموعة صور، صور غريبة عليها للغاية!.. ليست غريبة بل مذهلة! عقلها لم يستوعب ما الذي تراه أهو حقًا أم لا.. هل هي تمزح معها؟ ولكنها مزحة بشعة للغاية..

لا هذه ليست مزحة إنها تعلم لقد مرت بهذا الشعور سابقًا ولكنها الآن أشد قسوة وضراوة..

أرسلت إليها كلمة واحدة فقط إلا وهي “موجود” يتبعها علامة استفهام لتتلقى منها الإجابة بسرعة مؤكدة ما تسائلت عنه فطلبت منها شيء أخرى وقامت الأخرى بالإجابة عليها وفي لحظة كانت تقف على قدميها.. أبعدت عنها ذلك التيشرت البيتي سريعًا وخلفه البنطال هو الآخر ودلفت سريعًا تركض إلى غرفة ملابسها ثم لحظات فقط وخرجت مرتدية بنطال أسود يعلوه قميص أسود به رسمه بسيطة من الأمام على صدره وحذاء رياضي أبيض اللون..

أخذت الهاتف الخاص بها ومفاتيح سيارتها ثم ذهبت إلى الخارج لتتأكد مما رأته.. والذي وقع أمامها سابقًا مرتين ولكنها تمثل الشخص الأبلة الذي لا يفقه شيء..

وقفت بسيارتها أمام ملهى ليلي موجودة به صديقتها، دلفت إلى الداخل وعينيها تدور في المكان بحثًا عن أي شيء يدلها عنه… يدلها على “عامر”

وقد كان، نظرت إلى تلك الطاولة الكبيرة وجدته يجلس عليها وبجانبه فتاة!.. فتاة لم تستطع الجلوس على مقعدها فوقفت بين قدميه!..

يضع يده اليمنى أسفل ظهرها والأخرى خلف خصلات شعرها وأيدي الفتاة الاثنين فوق يديه وكأنها تثبتهم، تقف بين قدميه وتبتسم إليه بطريقة لعوب مقززة كان هو معتاد عليها..

انشق قلبها نصفين!.. استمعت إلى صوت انشقاقه، أو كان هذا كسر به!.. للمرة الثالثة بطرق مختلفة تراه يفعل أشياء دنيئة كهذه!.. ولكن لتعترف هذه المرة الأصعب على الإطلاق..

وقفت الدموع في عينيها حائرة، تود الهبوط وهي لا تساعدها.. تود الصراخ ولا تسمح بذلك، مشاعر كثيرة ثائرة بداخلها تود الخروج في وسط هذه الضجة والصخب المحيط بالمكان ولكنها لا تستطيع إلا النظر إليه ورؤيته وهو في هذا الوضع المقزز الوقح..

أقتربت بجمود واضح وكل خطوة تخطوها إليه ثابته قوية، نظرتها عليه حادة واضحة، وقفت أمامه مباشرة، تنظر إليه بعمق ولم تتحدث ولم تبعد هذه الوقحة عنه ولم تثور بل فقط نظرت إليه تنتظر أن يشعر بوجودها..

وقد كان بعد لحظات يشعر أن هناك من يقف جواره فاستدار برأسه ينظر ليراها أمامه!.. أبعد الفتاة عنه بسرعة وبحركة لا إرادية منه، بشكل عفوي للغاية فقط عندما أدرك وجودها.. وقف أمامها وحاول التحدث ولكن لم يستطع قول كلمات مترابطة مفهومة.. لقد كان ثمل!..

ضحكت بطريقة ساخرة للغاية ثم في لحظة خاطفة تخطت كل الحدود الذي عرفتها معه القاسي العنيد ورفعت كف يدها تهبط على وجنته بكل ما بها من قوة، صفعة مدوية هبطت على وجنته جعلته يستدير للناحية الأخرى وقد رآه البعض في هذه الحالة المزرية، تصفعة امرأة!.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين دروب قسوته)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى