رواية بيت عمتنا الفصل الخامس عشر 15 بقلم منى مدحت
رواية بيت عمتنا الجزء الخامس عشر
رواية بيت عمتنا البارت الخامس عشر
رواية بيت عمتنا الحلقة الخامسة عشر
لم تستطع حلا ان تنام فى تلك الليله ، كانت تنتابها مشاعر مختلطه ..
فلقد كانت قلقه على سلمى عندما ستواجه الرجل الذى كانت تثق به يوما ” سيف ” ..
فلقد كانت حلا متأكده بأن هذا الأمر سيكون صعبا عليها للغايه ، فسلمى حساسة للغايه وإن كانت تبدو متماسكه فى بعض الأحيان من أجلها هى وفرحه ، لكنها من الداخل رقيقه للغايه..
كما كان ينتابها الحزن لأنها ستغادر القطاع الحيوانى ، بل هذا العالم بأسره ، الذى أحبته وتمنت لو مكثت به للأبد ..
هنا اخذت حلا قرارها لتتمشى قليلا لتودع اكثر مكان أحبته فى حياتها ..
سارت بخُطى متباطئه حتى لا تشعر بها فرحه التى سمح لها سامر بأن تقضى تلك الليله مع اختيها ، عندما أخبرته بأنها ترغب فى ذلك ، لأنها ليلتهن لأخيره معا ، لذا استغلت الوقت جيدا للحديث حول كل شئ حتى غلبها النعاس هى وسلمى ..
===========
كانت نسمات الهواء باردة قليلا لكنها لا تزال منعشة ولطيفة ، فأخذت حلا شهيقا عميقا ، ثم بدأت تخطو بخطوات متباطئه مبتعدة عن الكوخ ..
لاحظت حلا بأن هناك شخصا يتجه صوبها بخطوات متزنه ، لكنها لم تستطع ان تميزه جيدا تحت الأناره الخافته للمصابيح المعلقه أمام الأكواخ ..
وعندما اقترب ،وصار على بعد خطوات قليله منها ، ابتسمت قائله ..
_ كنت حاسه انه انت يا استاذ مشمش ، بس ماكنتش شايفاك كويس ..
= نادينى مشمش ، فنحن الان لسنا فى ساعات العمل ، لكن أخبرينى هل هناك خطبا ما ؟؟!!
_ لا ، ولا خطب ولا حاجه ..
انا بس مش عارفه أنام فقولت أتمشى شويه ..
= هل تسمحين بأن أتمشى معكى قليلا ، فأنا معتاد على السير قليلا كل يوم قبل النوم..
_ أكيد ..قالتها حلا وهى تبتسم ..
سارت حلا ومشمش قليلا ، فلاحظت شرود مشمش الغريب ، الأمر الذى جعل حلا تسأله قائله ..
= اول مره أشوفك سرحان بالشكل ده ؟؟ أيه اللى شاغلك كده؟؟!!
_ هل إذا أخبرتك ، ستخبرينى أنتى أيضا ما الذى يضايقك الى الحد الذى تتركين به الكوخ فى هذا الوقت المتأخر ، وتتمشين بمفردك هكذا ؟؟!!
= وأنت عرفت منين إنى مضايقه ؟؟!!
_ لاتنسى بأنى ضابط فى المقام الأول ، وهناك بعض التحقيقات لا تقوم بها الأشجار الحارسه بدلا منى ..
= انت ما نسيتش ..
وبعدين انت اللى كنت بستفزنى ساعتها ، عشان كده كنت بقولك الكلام ده ..
و بينى وبينك ، الشجر فعلا بيقوم بمعظم شغلك ..
دول عليهم تعليقه الواحد مستحيل ينساها ..
_ حسنا ، لا تستفزينى اكثر الآن ، ولكن دعينى أخبركى بأن هناك نواحى كثيره فى عملى لا تعلمين بها ..
= خلاص خلاص ما تزعلش اوى كده ..قالتها بضحك ثم أردفت قائله ..
المهم انا موافقه تقولى الاول على اللى مخليك شارد كده ، وانا كمان هقولك على اللى مضايقنى ..
_ حسنا ..
كل مافى الأمر أنى تذكرت والدتى ، فلم أغب عنها تلك الفتره من قبل ..
= امممممم ، معلشى ما تزعلش ، وبعدين هانت خلاص و بكره هتشوفها ان شاء الله ..
بس انا بس فيه حاجه نفسى اعرفها ..
اصل متشوقه اعرف اسمها ايه ؟؟ بما أنها اختارت اسم حلو كده زى اسمك..
لم يكن يعرف مشمش أن حلا تهزأ من الأمر ، لذا أجابها بتلقائيه قائلا ..
_ والدتى تدعى ” عنبه ” ..
= هاااهاهاااااا ، عمرى ما شفت ناس عندهم انتماء لعالمهم بالطريقه والشكل ده ..
بس قولى هى مامتك عنبه واحده ولا عنقود عنب ..
ثم أطلقت حلا صريخا من الضحك المتواصل، الذى كان يتردد صداه فى أنحاء القطاع الذى يعمه الصمت ..
ولم تتمالك نفسها الا بعد ان لاحظت غضب مشمش الشديد ، فأخذت شهيقا عميقا ، ثم أردفت قائله ..
_ أنا اسفه بجد ، انا بس عندى مشكله لم بضحك ما بتقدرش اتحكم اوى فى نفسى ..
= امممم ، أرى أنكى لا تستطيعين العيش بدون أن تضحكى او تستهزئى بشئ ما ..
_ لا ، مااقصدش استهزأ بحد ، بس بجد الموضوع غريب اوى ..
= حسنا ،لأوصلك الى الكوخ ، وتخبرينى مالذى يقلقكى ،
وان كنت أرى أن ذلك القلق قد زال بعد هذا الضحك ..
_ يعنى ،بس هقولك بما إنى وعدتك ..
فأخبرته حلا عن مخاوفها على سلمى مما ستواجهه ، وعن حزنها لمغادرة هذا العالم ، فطمأنها قائلا ..
_ لاتخافى على أختك ، ستتخطى الأمر ..
ولا تقلقى بشأن أى شئ أخر ، لأن حارس البوابه السيد “بنجر ” سيكون برفقتكن حتى ينتهى كل شئ ..
= تانيه أصل حاسه فيه حاجه غريبه كده عدت على ودانى ..
هو الحارس اسمه ايه ؟؟؟
= السيد” بنجر ”
_ هااااهاااااا ، لا بجد انتوا عالم مسخره بقى …
هااااااهااااااا ..
كويس ان عمتى اختارت اسم سامر قبل ما تيجى هنا ، والا كان زمان اسمه السيد خسه ..
= حسنا ،لقد وصلتى للكوخ ، واظن انكى احسن حالا الان ،بعد هذا الكم من الضحك ..قالها مشمش بغضب ثم انصرف سريعا
استمرت حلا فى الضحك قليلا بعد ، وعندما تمالكت نفسها ،تسللت للداخل ، وسرعان ما خلدت للنوم ، فلقد زال قلقها أخيرا..
==============
كانت أول من استيقظ فى الفتيات هى سلمى كالعاده ، وتبعتها حلا ، التى تولت مسؤلية ايقاظ فرحه ، و لم تدع حلا طريقه لإيقاظ فرحه الا وفعلتها ..
ونجحت اخيرا بعد ان صرخت بأذنها قائله ..
_ الحقى ياحلا ،سامر اختفى تانى ..
فقفزت من مكانها ، وصار شجارا خفيفا ، لكن لا يهم مادامت الدميه النائمه قد استيقظت ..
اتجهن الى سامر وتناولن الفطور معا فى وجود السيده تيلا ومشمش ، ثم بدأوا فى التحرك على الفور ..
رافقهن سامر حتى نهاية القطاع الحيوانى ، وأخذ يودعهن واحدة تلو الأخرى ، وعندما وصل لفرحه أمسك بيديها ،وأخبرها بألا تنسى الصيغه التى ستقولها عندما تكون برفقة سيف ، وأكد عليها بألا تتوتر أو تخاف ..
ثم التفت وغادر بعد أن طلبت منه فرحه الذهاب وعدم القلق عليهن ، فذهب بعد أن ترك قبلة على جبينها ..
سلكوا نفس طريق الذهاب ، فعبروا البحر الهادئ ، ومشوا فى طريقهم حتى وصلوا الى بوابة العالم النباتى ، وهناك كان دور السيده تيلا ومشمش قد انتهى ..
احتضنتهن السيده تيلا واحده تلو الأخرى ، ثم وقفت أمامهن وأردفت قائله ..
_ سيكون الحارس فى انتظاركن على الجانب الأخر من البوابه، فلقد أحطناه علما بكل شئ ،وسيظل معكن حتى ينتهى الأمر ، لذا لاداعى للخوف من أى شئ ..
بعد أن انتهت السيده تيلا من كلامها ، أخبرتهن بأنها سبتعد قليلا للتواصل مع النباتات الوسيطه من على الجانب الأخر من البوابه ، لتمد بجذورها لتأخذهن لبيت العمه ..
وفى تلك اللحظات القليله ، اقتربت حلا من مشمش ، ثم أخبرته قائله ..
_ ما تزعلش منى على اى موقف ضايقتك فيه ..
بس فعلا امبارح ماكنش قصدى اضايقك ..
= حسنا ، لست متضايقا منكى ..
فتلك المواقف بالرغم من أنها كانت تضايقني، الا أنى الان كلما تذكرتها أضحك كثيرا ..
كما أنى ممتن لكى أيضا لأنكى جعلتينى أكسر ذلك روتينى الجاد ، بمواقفكى السخيفه والمضحكه تلك ..
_ هعتبر نفسى ما سمعتش كلمة سخيفه دى خالص ..
= هاااهاا ، لا اقصد ذلك ..
على كل حال اعتنى بنفسك جيدا فى ذلك العام الذى ستبقين به بعيدة عنا ، ولا تتأخرى فى تلبية دعوتنا بعد مضى هذا العام ..
_ أكيد مش هتتأخر ، لأن اكلكم هيوحشنى اوى ..
فعلا الشيكولاته بتاعتكم ماحصلتش و ..
قاطع كلام حلا ، صوت السيده تيلا قائله ..
حان الوقت ، وبعدها شعرت الثلاثة فتيات بتلك الجذور وهى تلتف حول اقدامهن ، ثم أطلقت المخدر فى عروقهن فخلدن الى النوم ..
لكن هذه المره، شكلت أوراق لنباتات سميكه شكلا يشبه سجادة حريريه تحتهن ، ليشعرن براحة اكبر …
سحبتهن الجذور صعودا عبر ذلك المنحدر واحده تلو الأخرى ،وتحت كل واحده منهن تلك السجاده الطائره من الأوراق السميكه و الحريريه ، وعندما عبرن الممر لأعلى ، وصرن فوق البوابه مباشره ، فتحت البوابه ، وابتعدت النباتات من السقف ، ثم نزلت بهن برفق ، ليصبحن فى قبو العمه ، ثم أغلقت البوابه وعاد كل شئ الى طبيعته ..
وبعد دقائق قليله ، استيقظن الثلاثه وكانت الساعه حوالى الثانيه ظهرا ..
لاحظت فرحه صوت أحد بالمنزل ، فصعدن الدرج وفتحن باب القبو ،واتجهن الى المطبخ ،ليجدن شخصا يتنقل بين الاوانى ،ويعد لهن أشهى الأطباق ، وعندما لاحظ وجودهن ، التفت إليهن واردف قائلا ..
_ لقد وصلتن اخيرا ..
مرحبا ..أنا ” بنجر “حارس البوابه ..
دقائق ويكون الاكل جاهز …
اتفضلوا ارتاحوا وانا هجهز كل حاجه ..
وبعد دقائق أعد مائده عليها أشهى الاطباق وتناولوا الغداء معا ، ثم خلدت كلا من فرحه و حلا الى النوم من شدة الارهاق ، فطلبت سلمى من بنجر قائله ..
_ ممكن تيجى معايا لأقرب مكان الاقى فيه شبكه علشان اكلم سيف ؟؟
= أكيد ..
ثم ذهب بنجر مع سلمى على طول طريق الأشجار حتى وصلوا الى موقف السيارات وهناك هاتفت سلمى سيف ..
وضعت سلمى الهاتف على أذنها، وانتظرت سيف ليرد …
_ الو ، يا سلمى ..انا رنيت عليكى كذا مره ، تليفونك كان مغلق ..
صاحب العماره اتصل عليه وقالى انه خبط على الباب كذا مره ماحدش فيكم رد ،ولما كسر الباب وملقيش حد ..
انتى فين ؟؟؟ الو !! الو !!!
لم تستطع سلمى ان تتفوه بكلمه واحده ،كانت الدموع تتساقط من عينيها بغزاره ، بينما تضغط على شفتيها لتحاول السيطره على نفسها لكن دون جدوى .
فالتقط منها بنجر الهاتف وأنهى المكالمه ، و اقترح عليها العوده اليوم ، والاتصال به غدا ، لكنها رفضت وأصرت بأن تنهى الأمر اليوم ..
ولم تكمل كلامها الا ووردتها مكالمه من سيف ..
_ ايوه يا سلمى، الخط باين قطع ، انتى كويسه ؟؟
= لا ..قالتها سلمى بصوت باكى ، وهى تزرف الدموع بغزاره ..
_ طيب انتى بتعيط ليه ؟؟ حد فيكم حصله حاجه ؟؟
= لا ، بس احنا فى ورطه ..
احنا روحنا بيت عمتنا علشان نقعد فيه ، بعد لما صاحب العماره قعد يهددنا بالطرد ..
دورنا على شغل بس مالقيناش ، واخر فلوس معانا خلصت ، و الاكل كمان قرب يخلص خلاص ،و مش عارفين نرجع ازاى ؟؟
ممكن تيجى تأخدنا من هنا يا سيف ؟!!
_ اكيد ، ابعتيلى بس العنوان ، اصل مش فاكر انى رحت بيت عمتك قبل كده..
= طيب هبعتلك الموقع فى رساله ، انت هتيجى امته ؟؟
_ هتحرك بكره الصبح ، اصل انا مسافر بره القاهره
النهارده ، فيه صفقه بخلصها ، وهرجع بالليل ..
= خلاص هستناك ،وماتقلقش لو رنين عليه قبلها وماعرفتش توصلى ،لأن البيت مافيهوش شبكه ..
تعالى بكره وهتلاقيني مستنياك عند الكشك اللى فى الموقف ..
_ هوصل اسرع ما يمكن ، ما تقلقيش ..
= وانا هستناك ..
ثم انتهت المكالمه ، وعادت سلمى برفقة مشمش الى بيت العمه ، بينما كانت لا تزال كلا من حلا وفرحه تغطان فى النوم العميق ، فأستأذن منها بنجر ليجلب بعض الأغراض ، وبعدها سيجلس أمام البيت ،وأن تناديه ان احتاجت شئ ..
ذهب بنجر الى أحد زوايا البيت ، ثم سحب القماش من على تلك الاشياء المغطاه ، وأخذ لوحته الغير مكتمله ،وادوات الرسم خاصته ، فلاحظت سلمى ذلك ، وبينما كان فى طريقه للخروج أوقفته سلمى قائله بصوت أبح ،أجهده البكاء ..
_ إنت خارج بره علشان ترسم ؟؟
= أيوه ، وكمان علشان تبقوا على راحتكم اكتر ..
_ طيب ممكن تعطينى لوحه فاضيه وشوية ألوان، محتاجه ارسم فى الوقت ده اوى ، علشان اشتت ذهني شويه ، لأنى مش عارفه ابطل تفكير وقلق ..
= أكيد ، ولو حابه تجيبى كرسى وتيجى تقعدى معايا قدام البيت وترسمى فى الهواء الطلق هيكون افضل …
وما تخافيش مش هقطع تفكيرك ، لأنى انا كمان بحب ارسم فى هدوء ..
_ موافقه ..
وذهبت كلا من سلمى وبنجر وجلسا أمام البيت يرسمان فى هدوء تام، وكلا منهما يهيم فى عالمه الخاص ..
وتشتت انتباه سلمى ،التى حولت كل انتباهها وتفكيرها فى لوحتها الجميله ، وتركت ما يحمله لها الغد لحسن تدبير الله ، كما نصحها بنجر ، الذى وعدها بأنه سيفعل كل ما يستطيع حتى لا تتأذى اى واحدة منهن ..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت عمتنا)