رواية بيت القاسم الفصل الثامن عشر 18 بقلم ريهام محمود
رواية بيت القاسم البارت الثامن عشر
رواية بيت القاسم الجزء الثامن عشر
رواية بيت القاسم الحلقة الثامنة عشر
.. تململ بفراشه وهو ينقلب على جنبيه كمن يتقلّب على الجمر، دون أن يستطع أن يغفو ولو قليلاً..
هذا حاله منذ أن شاركته غرفته وجاورته بفراشه، سحب نفساً عميقاً وهو يتذكر وقفتها أمامه قبل شهرين، كانت غاضبة بقدره بعد أن حملها رسوب حاتم الصغير وتجاوزاته العنيفة بالمدرسة، كانت تجابهه تضع رأسها برأسه، أين دوره هو من تربية ابنه ولما يرمي كل الحمل عليها؟!
وقتها ضاق ذرعاً منها وقد وصلت الأمور لذروتها، بيته وابناؤه أهم من أي شئ ولأجلهم تزوجها..!
حينها فقط هددها وكان تهديده شديد الوضوح إن لم تلتزم سيخبر والدتها بما تفعله.. اهمالها بتربية الصغار ورفضها له ونفورها منه، وعند نقطة النفور نغز قلبه وجرحت كرامته..
سيترك غرفة مراد له ويعود لغرفته التي احتلتها بوقاحة منقطعة النظير وكان ذلك اول شرط له وحين رأي الرفض يتراقص بمقلتيها، تراقصت شياطينه غضباً وهدر بها بأنه هو من لايريدها، سيكونا زوجين أمام الأولاد والأهل وفقط..!
وكان قرار مشاركتها لغرفته ونفس الفراش أغبى قرار اتخذه بحياته..
ومن يومها وزاد مراره أضعاف مضاعفة..
بالبداية كانت شديدة التحفظ.. لا تغفو قبل أن تتأكد أنه غفا.. تنام بجواره بقمصان طويلة تصل لكاحلها وتغطي نفسها من رأسها حتى قدميها وللحق كان سعيد بذلك رغم نقطة بعيدة بداخله تطالب بمزيد من الرؤية..
ومع الوقت أصبحت أقل تحفظاً، ملابسها صارت خفيفة أكثر فأكثر، قميص صيفي يظهر جزء كبير من يديها .. وآخر يحدد اقصر ، وغيره يظهر قدميها وهي تتقلب وقد ألقت بالغطاء جانباً..
والمصيبة انها فعلاً تعامله كأخ..!
ومع الوقت لانت الأمور بينهما وهدأت، وصارا متفاهمين أكثر، عدا فوضويتها
كانت فوضية بشكل يثير حنقه وغيظه، فشخصه شديد الرتابة، منظم حد الوسوسة.. وكانت هي النقيض!
“.. صدق من قال الوسادة لا تجمع متشابهان.. ”
..ارتسمت ابتسامة عميقة على وجهه وهو يميل بجزعه يتأمل ملامحها الرقيقة النائمة بعمق يحسدها عليه، من أين تأتي بهذا الثبات والجمود!
يتلكأ بالنظر لتفاصيل وجهها أهدابها الطويلة وثغرها المكتنز، بياض بشرتها ونعومتها المستفزة لمشاعره ،
ازدرد لعابه ببطء وهو يرى احتضانها لوسادة صغيرة كان هو أحق منها.. وقد أثارت جنون خيالاته بهيئتها تلك ككل يوم،
هب واقفاً مستغفراً ليتجه إلى الحمام الموجود بالغرفة متمتماً..
-الصبر من عندك يااارب…
.. دقائق وكان يخرج من الحمام مرتدياً مئزراً من القطن وقد هدأ كثيرا بفضل زخات المياه الباردة،
انتبه لتململها وتمطيها بالفراش، تفرد ذراعيها وقد ارتفعت قليلا بجزعها
بابتسامة رائعة ونبرة متحشرجة إثر النوم..
-صباح الخير…
وسيرد كعادة لازمته من شهرين
-صباح الفل والياسمين
اتسعت ابتسامتها فكشفت عن أسنانها .. تميل برأسها بدلال وتتمايل خصلاتها معها..
-شكلي صحيت متأخر كالعادة..
لم يجب واكتفى بالتأمل.. نظراته تخبرها بأنها تفعل مايحلو لها..
أكملت بخفوت..
-وشكلك منمتش كالعادة..!
حمحم وقد انتابه حرج طفيف، واستدار يقف أمام المرآه يمشط شعره
– شكل الولاد صحيو..
فردت وهي تتحرك من الفراش تنزل ساقيها فيزيح عيناه ..
– هروح أشوفهم..
-البسي روب..
نظرته لكتفها ألجمتها، فغطته على الفور بخجل وقد توردت وجنتاها كعادة لازمتها منذ أن تشاركا الغرفة والفراش..
فشدت القميص أكثر تغطي به كتفيها ومالت تمسك بالمئزر الملقي أرضا ترتديه أمام ناظريه، فرمقته بابتسامة تراه يحرك شفتيه بكلام لاتسمعه فتغادر الغرفة وتتركه….
……….
.. فيلا كبيرة تقع على أطراف العاصمة، يسكنها رجل الأعمال زكريا مجاهد وزوجته ناهد ومنذ شهران انضمت للسكن معهما ابنة ناهد حنين..
كما كانت تتمنى، تمنت أن تكون بجوار أمها وحدث.. تمننت أن تقطن بفيلا كتلك ونالت..
وزوج الأم كان خارج إطار امنياتها ولكنها ستتجاهله أن ضايقها لأجل أعين والدتها..
مرت أول خمسة أيام بشكل طبيعي.. البهجة تملأ قلبها
وأمها كانت دائمة الجلوس معها، وزكريا بك زوج والدتها يأتي متأخراً فزاد ذلك من شعورها بالراحة والاطمئنان..
اطمئنان لم يدُم أكثر من ذلك.. فـ ليلاً، متأخراً، كل ليلة تفتح باب غرفتها بعد الثانية صباحاً ببطء، بصوت لا يكاد يسمع،
تغمض عيناها بشدة وترتجف تحت غطائها رعباً لا تقوى حتى علي الاستدارة.! دقائق تمر عليها أعوام ثم يغلق الباب بنفس البطء والهدوء الذي فتح به..
لا تنكر أنها كانت تكذب احساسها وتقل بأنها من الممكن أن تكون والدتها..
ولكن بعد ذلك بأيامٍ يفتح الباب ويغلق ببطء بعد أن دلف من فتحه..
تسمع صوت أنفاس تشاركها الغرفة.. أنفاس سريعة.. لاهثة
تقبض قلبها، ترعبها.. تشد من الغطاء تحكمه حولها وتغمض عيناها بشدة
فتأتي نظرة جدها الحنون تهون من روعها، وصوت قاسم الخشن ينتشلها بقوة من خوفها….
وللأسف غرفتها لايوجد بها قفل داخلي أو حتى مفتاح..!
بملابس واسعة قليلاً باتت ترتاح بها تنزل على درجات السلم الداخلي للفيلا.. تراه يجلس مع والدتها على المائدة الطويلة يتناولا افطارهما،
واستدار برأسه يرمقها بنظرات كانت بالبدء لا تفهمها.. نظرات غير مريحة كهيئته،
تجاهلت وقررت المضي ف طريقها والخروج من هذا المنزل الكريه..
ولكنه أوقفها بصوت مرتفع قليلا يضحك بسماجة..
-ايه ياحنون مش هتيجي تفطري معانا..
وتتدخل الأم..
– تعالى افطري قبل ماتخرجي..
– مليش نفس
ووجهت كلامها لزوج أمها بثغر مقلوب لتتبدل ملامحه فيقف ويقترب منها بخطى واسعة فتبتعد هي..
– أنا ملاحظ انك مبتلبسيش الهدوم اللي بجيبهالك..
ملابس.. ان حق القول لم تكن ملابس.. بل أشياء صغيرة عارية تظهر أكثر ماتخفي.. يأتي بها الكثير والكثير، يطالبها وأمها بارتدائها وترفض هي..
هزت رأسها باستنكار وملامح ممتعضة ..
-مش بلبس ع ذوق حد.. انا اللي بختار هدومي بنفسي..
نهرتها الأم..
-حنييين عييب.. احترمي بابا ذكريا ده بدل ماتقولي شكراً..
وحركته التي تشعرها بالاشمئزاز بأن يدنو منها يتلمس بشرة وجنتها وكأنه يراضيها.. الأمر أبعد مايكون عن المراضاة..
– سيبيها براحتها ياناهد.. هي هتروح مني فييين..
والمغزى مفهوم وان ادعت عدم الفهم. دون رد تستدير وتغادر.. وكم تتمنى لو تغادر ذلك المنزل للأبد….
…………
“.. ينهزم في الحب الأكثر عشقًا..”
ممسكاً بهاتفه الحديث، وهو من كان لا يستسيغ الهواتف الذكية ولا المواقع الاجتماعية..
يتصفح حسابها الشخصي وكم نهرها من أن تضع صوراً لها، يقف عند صورتها الشخصية يتأمل بصمت وألم وقد اشتاق لملامحها الحبيبة.. اشتاق ورجلاً كمثله حُرم عليه الاشتياق..
أغلق صفحتها بحدة وعنف وكأنه بذلك ينفي أنه حنّ..
وهو عزيز النفس لن يحنّ حتى وإن عادت زاحفة..
لن يسامح حتى وإن ركعت أمامه..
فقط تعود ووقتها سيذيقها مافعلته به وأكثر..!!
.. لم يعُد لطبيعته من وقت ان غادرت.. وقت أن أخذت قلبه ورحلت
قل كلامه.. وتواجده بالبيت أصبح شبه معدوم، يأتي للنوم فقط.. ينهمك بالعمل والورش..
والجميع قد أحترمو رغبته بأنه لايريد سماع اسمها أو أي خبر عنها.. وقد ظنو أنه بتلك الطريقة سينساها
زفر بيأس وقد قطع خلوته وليد أحد الصبيان اللذان يعملان لديه..
-يا ريس..
ولقب ريس ذاك يسعده، يشعره وكأنه ذا شأن وان كان بسيط
هو رجلاً يحب البساطة، هو غير هم، بعيد عن كمال برزانته.. وأكرم بوجاهته..
هو قاسم، قاسم وفقط..
كان قاسم جالساً على كرسي جانبي، فرفع رأسه بإشارة للآخر أن يكمل كلامه.. فاكمل وليد قائلا بحرج..
-انت عارف ياريس أن أبويا متوفي.. أنا بإذن الله هروح أنا وأمي بكرة نخطب بسمة وكنت عايزك معايا بصفتك زي اخويا الكبير..
نهض قاسم من مكانه يرفع حاجبا ويحني الآخر بتعجب حقيقي.. سأل..
-طب وجيشك؟!
ضحك وليد بخفة..
– انا وحيد أمي ياريس.. مليييش جيش
خبط قاسم على جبهته يمازح وقد لانت قسماته المتجهمة ..
– آه صح.. ازاي نسيت..
..سحب نفساً طويلا داخله وسأله باهتمام..
-بتحبها..؟
ابتسم وليد بحرج.. زاغ ببصره عنه وقد أحمرت اذناه بشكل ملحوظ من خجله.. قال بصوت منخفض رغم ثباته..
– وأنا لو مكنتش، بحبها كنت هشتغل ليل ويا نهار عشان اجمع حق الدبلتين والخاتم..
تابع حديثه بنبرة غائمة..
-هي غلبانه زيي.. هتعيش وترضى بظروفي وأنا عايزها تكون معايا ف كل خطوة ف حياتي.
ربت قاسم على كتفه يدعمه.. دوماً يشعر بأن وليد أخٍ له..
ثم مد كفه بجيب بنطاله الجينز واستخرج بضعة ورقات مالية.. دون عدهم أو النظر بهم مد بكفه يناوله اياهم..
– خد دول هاتلك قميص وبنطلون حلوين.. ميصحش تروح بحاجة أي كلام..
وبامتنان حقيقي شكره وليد داعياً له.. ثم تركه لحاله وعاد يستكمل عمله..
ويبدو أنه لم ينتبه أنه تركه.. فلازال يقف مكانه وكأن بحديثه مع وليد عاد لذكرى حاول نسيانها وفشل..
كم لبث على وقفته، دقيقة. دقيقتان…
وانتفض..
خرج من الدكان متجهاً صوب موتوره.. يركبه وبأقصى سرعه كان يقود
دون هدف أو وجهه محددة، يزيد من سرعته..
حتى خلا الطريق من حوله فباتت سرعته جنونية..
ومثلما قاد فجأة.. وقف فجأة..
مال به واستند عليه شاردا.. ثم اخرج من جيب بنطاله الخلفي خاتم!
حلقة ذهبية رفيعة وخفيفة يتوسطه حجر ماسي رقيق..
يرمقه بحزن.. ألم.. وخيبة أمل.. سرعان ماتبدلت لقهر وحقد..
ليستقيم بطوله.. وعلى بعد ذراعه قذفه…
قذف به بعيداً، وهكذا تخلص من ذكرى بائسة دوماً كان يحلم بها…..
…………..
.. مطعم بمنتصف البلدة.. شهير بأكلاته السريعة، تجلس حنين وأمامها هنا بالكرسي المقابل وعلى المائدة بينهما طبقان من شرائح اللحم المطبوخ والعديد من السلطات، وفي الخلفية غنوة لعمرو دياب تصدح بحنين..
“وبينا ميعاد لو احنا بعااد اكيد راجع ولو بيني وبينه بلاد”..
كان انتباه حنين كله مع الأغنية تردد كلماتها بخفوت مع اللحن المرتفع نسبيًا،
“قصاد عيني في كل مكاااان”..
تقلب بالشوكة شريحة اللحم أمامها دون اكتراث حقيقي بتناولها..
– انتي جيباني عشان تفضلي ساكته..!
قالتها هنا باستنكار.. لتجيبها حنين بهدوء مبالغ
-مليش مزاج أتكلم.. عايزة أفضل ساكتة..
فاستاءت الأخرى، تعرف جيدآ سبب تغيرها وصمتها الدائم ونحول جسدها،
تمتمت بصوت منخفض حانق..
– أنا نفسي أعرف انتي ساكتة ليه ع الوضع ده.. ما تتكلمي مع مامتك..
ابتسمت حنين بسخرية وأردفت..
-الموضوع مش سهل زي ماانتِ فاكرة..
ثم تابعت بتعحب شابه ضيق..
– كل حاجة بتحصل اودامها.. تلميحاته بصاته، الهدوم الغريبة اللي بيجيبها
مشفتش منها إعتراض.. وكأنه طبيعي مع إن ده مش طبيعي..
كلامها قليل جداً معايا.. علطول بتلمح أن انا عندها ضيفة
.. أنا بتاخر مخصوص بالليل عشان اشوف هتقلق عليا ولا لأ أو حتى تتصل تسأل انا فين.. مفيييش الكلام ده عندها خالص.. وأما أروّح بلاقيها نايمة،
وختمت كلامها بنبرة متألمة وأكتاف متهدلة بخيبة
– يعني انا لو مُت أو حصللي حاجة ماما هتبقى آخر واحدة تعرف..!
سألت هنا دون مراوغة..
-مبتكلميش جدك..
– رافض.. لما بتصل بيقفل ف وشي..
– وقاسم!
تنهيدة طويلة.. وصمت، صمت تجاوز الحد المسموح.. التفت بنظراتها تبحث عن شئ غير موجود وقد غيرت إجابتها للسؤال..
– خلال الشهرين دول انا حاسة اني كبرت عشرين سنة، ومع تجاهل ناهد هانم ليا.. وحشتني خنقة قاسم وتحكمه..
انا ساعات لما بكون لوحدي بتخيل أنه بيزعقلي عشان اتأخرت.. عشان لبست بنطلون ضيق..
كانت تعيسة.. نبرتها تعيسة وملامحها،
.. فالتعاسه الحقيقيه ليست في عدم حصولنا على أشياء بعينها.. وإنما في فقدانها بعد الحصول عليها..
– ارجعي بيت جدك ياحنين..
– مبقاش، ينفع خلاص.. جدي مش هيسامحني ولا قاسم كماان..
وكانت محقة.. وظاهر على ملامحها مدى صدقها وحنينها..
يقال أن كل شخص له من اسمه نصيب.. ويبدو أن لها نصيب الأسد من اسمها..
حنين لأمٍ ظلمها من أعطاها لقب أم..
حنين لأب وجوده كـ عدمه..
وحنيين لدفا بيت تركته لاهثه خلف سراب..
.. وبعد صمت قصير قطعته هنا، تسأل مغيرة الموضوع..
– مممم طب ايه اخر كلام بينك وبين رامي..؟
ردت بضيق..
– بيضغط عليا عايزني أروح أتعرف ع مامته ف البيت عندهم!!
وأنا بصراحة بماطل معاه.. مش مرتاحة..
ويبدو أن هنا أشفقت على حالها.. اعتدلت بكرسيها وبصدق حقيقي قالت دون مواربة..
– حنين هقولك حاجة وتنفيذها من غير ماتسأليني.. أوعى تروحي مع رامي بيته أو تشربي أي حاجة يديهالك..!
…………..
. “ليلًا”..
.. يركن سيارته جانباً، بعدما وصل للحارة التي تعيش بها..
مازالت نظراته لتلك الحارة كماهي، تعالى… وقرف..
مضطرًا أن يأتي لحارتها.. يريد الاطمئنان.. اطمئنان فقط وليس أكثر!!
فـ نورهان مؤخرًا أصبحت لاتأتي لرؤية ملك يومياً كما اعتاد.. أو كما تخبره نيرة بـ آخر الليل، لأنه قرر تأديبها ومنع نفسه من رؤيتها علها تتراجع عن قرارها الخاطئ..
مضى أسبوع ولم تأتي لرؤية الصغيرة.. فانتابه القلق واستبد به..
وها هو بشارعها..!
خطوات وكان أمام المنزل ، لاحظ بأن الدكان أسفل المنزل مضاء
اتسعت عيناه تدريجياً بصدمة وهو يشاهد نورهان زوجته تقف به.. وأمامها فاصل خشبي عريض موضوع عليه بعض الأقلام وتقريبا أدوات مدرسية.. لم يركز جيداً..
اقترب.. حتى وصل الدكان واعتلى درجاته وبات أمامها، أجفلت هي من رؤيته..
بدايةً ابتسمت ولكنها سرعان ماتبدلت الابتسامة لعبوس ونظرات زائغة
تزم شفتيها بتوتر.. توزع نظراتها هنا وهناك وبالمارة أجمعين عداه!
وأخيرًا ورغمًا عنها استقرت بنظراتها الحائرة على يده، والتي انتقل الخاتم من بنصره اليمين إلى اليسار بـ رسالة واضحة أنه عُقد القران..
قبضة عنيفة أصابت منتصف قلبها.. وشعور الأمل بأن يعود قُتل بمهده..
جذبها بسؤاله يشير لما حولها..
– إيه ده!؟
يوزع نظراته داخل المكتبة، أرفف خشبية ملونه بالازرق الفاتح يعتليها أوراق وكراسات وبعضًا من الكتب والعديد من الملازم..
إجابته ببساطة..
-أنا ومجد قررنا نفتح الدكان مكتبه..
هكذا ببساطة، صدره يعلى وينخفض وقد أصبح تنفسه سريعاً وعاليا يوشي بعاصفة على وشك البدء..
– وجبتي فلوس منين..؟
تضايقت من أسئلته.. عدلت من حجابها الأسود بحرج..
– خدت قرض بضمان البيت..
ومضت عيناه ببريق غاضب. تمتم من بين شفتيه.
-ومقولتليش يعني..؟
“بتردد وخفوت قالت
– هو انا المفروض أخد إذنك ؟
زفر بقوة.. حاول أن يقترب منها ولكن الفاصل الخشبي هو من منعه..
-مش إذن بس انتي ع ذمتي لو كنتي ناسية يعني!
عقدت ساعديها أسفل صدرها. سألت دون مراوغة..
– انت مضايق اني بشتغل ومقولتلكش ولا خايف ع منظرك..؟
جمدت ملامحه وهو يشعر بالغضب يتملكه..
– تفرق؟
عددت الأسباب..
– كتير.. لو بتسأل من باب الراحة فأنا اودامك اهو مرتاحة وكويسة وده شغل مكتبة يعني شئ مريح
ولو من باب المنظر فاحنا كدة كدة هنطلق..
رفع حاجبيه مستنكرا
– نطلق!
أومأت..
– أيوة..
. هدر سريعاً بحدقتي معتمان من الغيظ..
– ده بمزاجي أنا . والوقت اللي احدده أنا ..
رده قهرها.. سحبت نفساً عميقاً لصدرها واخرجته ببطء سألته بقهر وهي تثبت عيناها بعينيه..
-أكرم هو انت ليه بتفرج بعذابي معاك.. ليه مصمم انك تأذيني وبس؟
عقد حاجبيه متسائلاً بذهول حقيقي.
-أأذيكي؟ بتتكلمي كأنك مشفتيش مني أي خير!!
لتهتف بعتاب..
-هو لما تعايرني بقلة حيلتي يبقى مش بتأذيني؟
رد عتابها بعتاب آخر..
-وأنا لما أكون متمسك بيكي ومش عايز أطلق يبقى بأذيكي؟..
وتابع وقد احتدت نبرته..
-لما أكون مستحمل معاملتك ليا ومقابلتك الجافة دي يبقى بأذيكي..!
هزت رأسها بضيق وقالت يائسة
-أكرم انت فاهم الأذية غلط!!
طحن ضروسه غاضباً قبل أن ينفجر بها..
-عرفيني الصح.. منتي كنتي عايشة معايا وراضية وانتي عارفة اني مبحبكيش.. ايه الجديد بقى؟
عقد الحزن لسانها.. ومحق فالتنازل يبدأ بخطوة..
وكم تنازلت..
-كنت عارفة وراضية بس ف كل وقت بدعي أن قلبك يميل ليا.. وانك تكون خير ليا..
شكل دعايا متقبلش.. أو يمكن اتقبل وانت مش خير..
ثم أكملت بقهر مختلط بألم..
-والجديد إني مقدرش انك تتجوزها وانا عارفة إن قلبك معاها وانا هترمي..
كده كده كنت هترميني.. انت بس اللي مضايقك أن انا اللي مشيت وطلبت الطلاق ..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت القاسم)