روايات

رواية بيت السلايف الفصل السادس 6 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل السادس 6 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء السادس

رواية بيت السلايف البارت السادس

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة السادسة

نظر اليه متحدث بجدية : استني يا عيسي هي دي صاحبة الارض اللي عاوزينها انا بفكر اروح اكلمها في موضوع الارض وهحاول معاها ممكن توافق تبيعها.
قبل ان يخطئ خطوه جلال امسك عيسي كتفه بقوه قائلا بصوت صارم :
– استني اهنيه عتروح تتحايل عليها اياك يلا يا چلال مش عتتذلل لحد على اخر الزمن.
توقف المصعد وصعدت اسيف بداخله تحت انظار جلال وعيسى الذي سحب اخيه ورحل الي الصعيد.

***
في فيلا زين حسنين الجبالي بعد عودته من الصعيد كان يتحدث مع زوجته قائلا :
– خلاص يا نـاديـن انسى موضوع الطلاق ده اديكي شايفه ولا باباكي ولا اهلي موافقين عليه
اتسعت عينى نـاديـن فنظرت له باستغراب قائلة :
-نعم هو شغل عيال ده ولا ايه مش انت اللي طلبت الطلاق من الاول وكنت مصمم
– اه صح بس دلوقتي خلاص شلت الموضوع من دماغي معلش يا نادين كانت لحظه غضب وراحت لحالها

هتف بها زين بتوتر وعند عبارته الاخيرة مال بجسده وقبل جبينها بأسف فهتفت نـاديـن قائلة باعين دامعة:
– هو انا لعبه في ايديك يا زين ما ترسالك على حل بقي انا تعبت!
اقترب منها زين يضمها الى صدره وهو يجدها على تلك الحالة من الصدمة,اغمض هو عينيه بضيق واخذت هي تبكى وهو يردد:
– نـاديـن حبيبتي الطلاق مش سهل زي ما احنا كنا فاكرين احنا ما بينا بنت لازم نفكر فيها قبل ما نفكر فينا؟

– طب ما انت كنت موافق والبنت كده هتبقى معايا وماكنتش همنعك تشوفها في اي وقت!
هتفت بها نـاديـن وقد بدات الدموع تنهمر من عينها فانقبض قلب زين لرؤيتها هكذا واشفق عليها، يعرف جيدا أن ليس ذنبها لكنه لا يحمل مشاعر تجاهها ويشعر باحساس الذنب دائما، لذلك كان ينوي على الانفصال لكن رفض والدته وعيسى وما حدث بينهما رجع لعقله ليفكر في الامر مره ثانيه، وتراجع عن فكره الطلاق ففي النهاية نـاديـن ليست سيئه و بينهم ايضا طفله وليس الطلاق هو الحل مثل ما كان يفكر سابقا .

اتسعت عينى نـاديـن وهي تراه يميل اليها ومن دون تردد كان يمسك راسهـا بيده واليد الاخرى تجذبهـا له ليلتهم شفتاها بنهم دون ان يعطيهـا فرصة لي الاعتراض، يشعـر بعاطفة عنيفـة تتفجر داخله اليها معتقد هذا هو الحل ليبطل بابسط حركـة منها هذا شعور الشفقه، ليقترب عليها فيتذوق طعم شفتاها ياكل في شفتاه واخيرًا ابتعد يلتقط انفاسه اللاهثة ليقترب اكثر وسط دموعها الشديدة واستسلامها.
***

في مخزن عمل دياب كان يجلس يعمل بالمكتب باهتمام حتي يشغل نفسه من التفكير حتي اقترب ضاحي قائلا:
– يلا يا دياب عشان نروح عنعوج اكده
اجاب دياب دون النظر اليه بنبرة ساخره:
– عنعوج على مين يعني روح انت وما لكش صالح بيا، انا مش عروح دلوج روح انت بالسلامه

ضاحي باستغراب:
– حديد ايه ديه امال مرتك اللي هناك ديه ايه مش كفايه سبتها اول يوم جوازها؟
ترك ما بيده فنظر اليه بضيق شديد:
– ضاحي هملني الله يرضى عنك انا اللي فيا مكفيني
هز راسه بيأس هاتفا بخفوت :
– طب براحتك بس حاول ما تعوجش

***
تخطت الساعة التاسعة مساءًا ، باحدي المنازل الزراعية الكبيرة بقرى سوهاج بداخل قـصـر عيسي الجبالي، وبغرفة الطعام، كانت هناك طاولة كبيرة مقاعدها فارغة للان ، ولكن الخادمات يقفن حواليها يضعن عليها طعام العشاء وتقف وسطهم فـرحـه تساعدهم وتشرف عليهم .

وعلي الجانب الاخر بالصالون تجلس عـديلـه وابنائها عيسي وجـلال، تحدثت عـديلـه بحماس:
-ايه رايك يا چـلال الخميس اللي چاي نروح نزور خالتك ونطلب ايد صفيه بنت خالتك ليك؟.
رمقها جـلال بتعجب مما تتفوه به ، فهتف بها بعدم تصديق :
– ايه الحديد ديه ياما مين جالك انى رايد اتجوز دلوج؟

قالت بعدم رضي ثم نظرت له بضيق :
– وايه اللي يمنع مش راچل ومالو هدومك! انت عندك كام سنه دلوك! عتفضل لحد امتي من غير جواز! صفيه زينه ونعرفها يبقى ليه ، ما تتچوزهاش؟

ابتسم جلال من ذلك فمال عليها يقبل صدغها هامسًا وهو ينهض للرحيل الي الاسطبل:
-انا ما جلتش انها وحشه ياما بس صفيه انا بعتبرها زي اختي بالظبط ومش بفكر فيها غير اكده! غير اني مش عتجوز بالطريقه ديه انا كل اللي في دماغي دلوج شغل وبس!

عديله بجدية واصرار: بس هي مش زي خيتك دي بنت خالتك وبعدين انا عاوزه اشوف عيالك قبل ما اموت! ما تتجوز وتشتغل في نفس الوجت حد منعك! ما تجول حاچه يا عيسى لاخوك

هتف عيسي بخشنـة ولهفه:
– بعد الشر عليكي ياما ما تجوليش اكده! چـلال مش عيل صغير ياما و عارف مصلحته فين! سيبيه على راحته وهو عيعملها من نفسه ان شاء الله لما يلاجي بنت الحلال اللي تصونه!!

اومات عديله راسها بملامح عابسة ، غير قابلة لحديث عيسي ثم هتفت بنبرة حادة:
– طب وانت يا عيسي مش ناويه تفرحني واشوف عيالك انت كمان! وتتجوز؟
عقد عيسي حاجبيه بدهشة متسائلا بضحك :
– امال ابني اللي فوج ديه ياما ايه! وفرحه ديه ايه كمان!

زفرت عـديلـه بضيق ظاهري تجيبه بنبرة مؤنبة يشوبها الالم :
– بس ما بتخلفش يا ابن بطني! وانا رايده اخ لصالح؟ يسنده في حياته قدام ويكون معاه خطوه بخطوه زيك انت وچلال وزين، الاخ لوحده عامل زي التور اللي من غير ساجيه يا عيسي؟ وما بيعرفش يعمل حاچه لوحده
– وبعدهالك ياما انتي عارفه ان ديه مش هيحصل فضينا سيره! فرحه طيبه وبنت ناس وشايله صالح في عينها! رغم أنه مش ابنها ومش من مسؤوليتها

أصرت عديله علي حديثها بلهجة حادة :
– انا ما جلتش حاچه انا كمان مش بكرها بالعكس بحبها زي بنتي واكثر وشايله ليها جميل تربيه صالح فوج راسي ومش هنسى اللي عملته! بس الاصول انها تيجي منها وتسيبك تتجوز وتخاوي صالح؟.

كانت فـرحـه قادمة اليهم حتي تخبرهم بان الطعام اصبح جاهز لكن تسمرت مكانها وهي تستمع حديث عديله عن عدم إنجابها، أغمضت عيونها بشدة ورفعت كفيها تضعه على صدرها تمنع دموعها من الإقتراب الي خدها وهى تقول بصوت مرتجف :
– الغداء جاهز يا مرات عـمـي!

***
الحب هو تلك الدائره التى تَظل تُقاوم السقوط بداخلنا ولكنها تَسحبك رويدا فتظل واهما بانك لازالت خارجها، تقاوم وتصرخ بانفعال كاذب كى توهم نفسك بانك تمتلك زمام امور قلبك ولن تُخضِع لاحد الا بملىء ارادتك ولكن كل ذلك يكون هباءا فانت حينها تكون قد وقعت بالفعل وانتهى الامر فهل ستبوح بحبك ام ستصمت مُعللا بالاف الاعذار !

بداخل اسطبل الخيل يوجد به اجود انواع الخيل العربيه الاصيل كان يقف بينهما جلال يطعمهم ويرعاهم فهو يحب تربيه الخيل بشده .

استند براسه الى الخلف وهو يطلع الي القمر الساطع في السماء يتذكر تلك العيون كالبحر الهادىء بنظراتها المتسعة بانبهار وبراءة كما تمني ان يراها مره اخري ليطيل النظر بها اكثر واكثر دون ملل بالعكس بشغف وحنان، آفاق عندما سمع صوت سهيل قوي من فارسه الخاص بيه .

ابتسم جلال له يمده يده يمسح على شعره الاسود احس بغيرته فكان الخيل يشعر يه وبقلبه الذي اصبح ملك احد غيره. امسك اللجام واستطاع بحركه سريعا الركوب ليتحرك الفرس الي المكان المخصص الذي اطلق عليه جنته هو الوحيد الذي يعرفه حتى الان.

***
على صوت ام كُلثوم المنبعث من الراديو جلست اسيف تحتسي قهوتها المفضله بتلذذ وهى تدندن بصوتها العذب وتتحرك بخفه بداخل غرفتها غير منتبه لمن حولها. دلفت ثريا الى الغرفه وما ان همت بالتحدث :
-انا كنت بفطر تحت سمعت صوت الراديو قلت اطلع اناديكي. يلا تعالى عشان نفطر سوا
التفتت اسيف ونظرت لها بضيق ثم هتفت قائله بحده :
– كام مره هقولهالك ملكيش دعوه بيا مش معنى ان احنا موجودين في بيت واحد يديكٍ الحق انك تكلميني ولا ليكي دعوه بيا من الاساس

تنهدت ثريا بضيق من اسلوبها لتقول متسائلة :
-انتي ليه بتتكلمي معايا كده على طول يا اسيف والاسلوب ده من ساعه لما دخلت البيت ده و انتي مش طايقاني زي ما اكون قتلتلك قتيل، ده انا في مقام والدتك حتى
– انا مش بنتك ولا عمري هكون بنتك ولا عمرك هتكوني زي ماما وبعدين ما انتي فعلا زي اللي قتلتي لي قتيل

نظرت اليها مطولا حتى هتفت قائله بعدم فهم :
-تقصدي ايه؟
صاحت اسيف بنبرة حادة:
– قصدي إني عمري في حياتي ما هتقبلك في البيت ده ولا هحبك ولا عمري في حياتي هنسى قهرت ماما
تنهدت بضيق وقالت:
– طب وانا مالي

– بطلي استعباط بقى ما انتي السبب في كل حاجه لولا فضلتي وراء بابا لحد ما خليتيه يهمل بيته ويفضل معاكي ويتجوزك و…
قطع حديثها فجاه ونظرت هى الى والدها الذى هتف قائلا بانفعال:
– اسيف.!!! بس ومش عايز حرف زياده
توجهت ثريا الى الخارج بينما دلف احمد الى الغرفه وهو يهتف قائلا:
– انتى مش هتبطلى عمايلك المقرفه دى ايه الطريقه اللي كنتي بتتكلمي بيها دي مع ثريا

نهضت اسيف من جلستها وهتفت قائله بحده:
– هى عينتك المحامى بتاعها وبعدين ايه اللى انا قولته فى حق معاليها غلط هى كانت امى وانا معرفش، قولها تبعد عني و ملهاش دعوه بيا، بدل ما السنيوره اللي انت فرحان بيها دي هتشوف عمايل اوحش من اللي بعملها دلوقت.
نظر لها احمد بغضب ثم هتف قائلا:
– انتى مفيش فايده فيكى حرام عليكى اللى بتعمليه ده هى عملتلك ايه عشان كل ده انا ولا هي لينا ذنب . انتي ليه مصممه تحملينا ذنب ما لناش فيه

نظرت له اسيف بحده وهتفت قائله بحقد:
– خدتك مننا بعد ما قهرت امى وموتها من القهر والانكسار وبعد كل ده تقول لي ما لناش ذنب لا انت السبب في موتها انت وهي
– افهمي بقى امك ماتت عشان كان عندها كانسر و في حاله متاخره وكانت خلاص بتموت والعلاج ما كانش جايب نتيجه وقتها

تساءلت بتراقب :
– وانت كنت فين لما كانت بتموت
نظر لها باستغراب ممزوج بعدم الفهم فهتف قائلا: يعني ايه كنت فين ما انا كنت موجود هي كان نصيبها انها تموت اراده ربنا هنعترض بقى
نكست اسيف راسها بحزن فنظرت له قائله بابتسامة ساخره :
– متاكد انك كنت موجود جنبها ولا كنت زي عوايدك بتتجاهلها ومش بترد عليها عشان كنت مع..

صرخ احمد بغضب قائلا:
– اســــيـــف.!!! الكلام خلص وانا كنت موجود معاكم علي طول اياكي اسمعك بتفتحي الموضوع ده تاني.

***
كانت ترتعـش جـميلـه بتوتر وهي جالسة بين احلام وبنات دياب. ترتدي عباءه سوداء والنقاب مرفوع! كانت الغيره تاكل احلام بشده من الداخل وهي ترى ملامح وجهها الجميل لم تتوقع ان تكن بهذا الجمال والسن الصغير فهي تبدوا كشابه صغيره جدا، ثم تساءلت الطفله
فرحه الذي سمها والدها على اسم شقيقته فـرحـه من حبه لها بشده:
-هو انتي ماما الچديدة وعتعيشي معانا بدل ماما اللي ماتت؟
تلعثمت جميله وجسدها يرتجف وهي تشعر بالصمت القاتل الذي يحيط بها لترد بتوتر:
-هاه ا.ا.ا.ا لا اه هو.

قاطعتها احلام ثم ضحكت بسخرية وهي تُملي عيناها منها شاملا من اعلي الي اسفل :
– مالك يا اختي بتهتهي اكده ليه ما تجوليلها اه و خلاص امال دياب اتجوزك ليه؟ ما عشان تربي البنته (البنات)
نظرت الى اسفل وخرج صوتها مبحوحًا تتحدث:
-مش قصدي انا اسفه بس كل حاجه جديده عليا ومتوتره شويه!

تلوى ثغرها بابتسامة ساخرة ثم سرعان ما اختفت لتعود تخبرها بقسوة :
– انتي اصلا ما لكش دعوه بجاچه غيره البنته وبس! حتى دياب ذات نفسه ما لكيش صالح بيه هو ما بيحبش حد يقرب لي فهمتي ولا شكلك ما بتجيش بالحديد اصل دياب عصبي جوي، و مش بيحب اللي جدامه يعترض على حاچه معاه

عضت شفتاها بخوف لتنطق بسرعه :
– لأ لأ فهمت ما تقلقيش علي البنات ان شاء الله هخلي بالي منهم كويس
اشاحت احلام وجهها بضيق ليدلف زوجها ضاحي لتنظر جميله الي اسفل دون وضع النقاب وتفعل ما امرها به دياب! حمحم ضاحي دون النظر اليها :
-السلام عليكم

اجاب الجميع عليه بينما جميله بصوت خافت لتقول احلام بفضول:
– هو دياب فين ما جاش ليه ؟
ضاحي بجدية :
-مفيش مشغول شويه في الشغل وممكن يبات بره احم ما تزعليش يا عروسه بس هو لسه مراته متوفيه و بيمر بظروف صعبه! ولازم تعذري

ابتلعت غصة مؤلم كانت كالاشواك تمزق حلقها وهي تبتلعها لا تعرف مصيرها حتي الان في هذا المنزل قائله:
– فاهمه ربنا معاه.!!

***
كان احمد السويفي يجلس متراسا الطاوله وبجانبه على جهه اليمين تجلس زوجته ثريا وعلى جهه اليسار تجلس هايدي وبجانب احمد تجلس اسيف يتناولون طعامهم

في حين نظر احمد الى اسيف وهتف قائلا:
– مين الولد اللي جيتي الشركه عشانه و عايزني اشغله معايا
اومات اسيف براسها وهى تهتف قائله: قصدك مصطفى ده زميلي في الجامعه وكان محتاج شغل
عقد حاجبيه متسائلا :
– زميلك في الجامعة يعني مش معاه شهاده هشغله ايه في الشركه؟
رفعت عينيها تنظر اليه فوقعت عينيها على ثريا والتى كانت تنظر لها بضيق فتجاهلت اسيف نظراتها لتهتف:
-شغله اي حاجه يا بابا مصطفى مجتهد جدا

ثم اكملت طعامها قائله ببرود:
– وبعدين الشركة مش شركتك لوحدك على فكره انا ليا نصيب فيها نصيب ماما الله يرحمها
احمد بحده قائلا :
– ما بتعرفيش تطلبث الحاجه بأدب شويه خليه يجي بكره وانا اشوفله شغلانه حتى لو في الاستعلامات
هزت راسها قائله بعدم مبالاة :
– تمام

قبل ان يكمل طعامه ضيق عينه اليها متسائلا :
-وبعدين مش ده الولد اللي برضة اتخانقتي وضربتي حمزه الانصاري عشانه. هو ايه الحكايه بالضبط انتي في حاجه بينك وبين الولد ده
تحدثت ثريا بسرعه:
– لو في حاجه يا اسيف قولي لباباكي ما تتكسفيش

-خليكي في حالك ما حدش طلب منك تدخلي وبعدين مصطفى زميلي في الجامعه وبس!
لتقول ثريا بتهكم :
– اتخانقتي عشانه وعاوزه تشغليه في شركه باباكي وكل ده زمايل بس؟
صاحت اسيف بغضب ونفاذ صبر :
– هو انتي مش ناويه تطلعيني من دماغك ما تخليكي في حالك قلتلك بدل المره الف ما تدخليش في حياتي

احمد بصوت عالي:
– خلاص هي ما غلطتش في حاجه وبعدين انا برده مش مصدق انكم زمايل بس لو في حاجه ثانيه قولي لي وانا ممكن اساعده و اخلي يشتغل معايا بس يتقدم خطوه ويجي يتقدملك
تنهدت بضيق شديد لتقول ببرود:
– هو انت هتعوم على كلام الحيوانه اللي جنبك بطل تسمع كلامها على طول من غير ما تفكر ، انا ما فيش حاجه بيني وبينه

اتسعت عينى ثريا بصدمه وهتفت بحده :
– انا حيوانه سامع بنتك يا احمد بتقول عليا ايه
قالت اسيف ببرود :
– تستاهلي عشان بعد كده تبطلي تدخلي نفسك فـ. اااه
قطعت اسيف حديثها واتسعت عينيها بصدمه ما ان اسكتها والدها بكف على وجهها لاول مرة في حياته بينما شهق الجميع بصدمه وخوف فنظرت اسيف لوالدها بغضب ليكمل احمد قائلا بعصبية:
-اطلعي اوضتك مش عاوزه اشوف وشك، لما تتعودي تكلم الاكبر منك باحترام ابقي اقعدي وسطينا. الظاهر انا سكتلك كثير

القت اسيف نظر اليه بكره ثم تركته واسرعت الي غرفتها فهتفت ثريا قائلة:
– ليه كده يا احمد كده هتكرهني اكثر
التفت احمد ونظر لها بقسوه قائلا ً:
– مش عاوز اسمع صوت حد!

***
في فيلا عز الدين كان يجلس امامه زين الجبالي حيث تحدث عز قائلا :
– ازيك يا زين عامل ايه واخبارك ايه واخبار اهلك في الصعيدي
ابتسم زين له وقال بهدوء:
– تمام الحمد لله كلهم كويسين بيسلموا علي حضرتك
عز بجدية:
– طب الحمد لله ايه بقى موضوع الطلاق اللي فكرت فيه انت ونادين ده ،طبعا دي حاجه تخصكم بس في النهايه انا اب وحابب اطمن على بنتي

حمحم زين قائلا بتوتر :
– احم اه طبعا كان سوء تفاهم وراح لحاله خلاص احنا كويسين دلوقتي
– طب تمام مش عاوز اسمع حاجه عن موضوع الطلاق ده ثاني انتم ما بينكم بنت لازم تفكروا فيها وانت كمان يا زين شاب كويس
– شكرا!

ابتسم وقال باهتمام:
-اخبار جلال ايه هو مش كان مسافر بره ورجع بالسلامه ناوي على ايه هنا
تنهد زين مجيب بزعل علي شقيقه :
– والله الدنيا ملخبطه معاه شويه نفسه يعمل مشروع في الصعيد وجهز تصميمات المشروع والسيوله موجوده و الارض كمان بس طلعتله حاجه كده معطلاه شويه.

عقد حاجبيه باستغراب وقال متسائلا باهتمام:
– حاجه إيه اللي معطلاه طالما الارض موجودة جلال شاب مجتهد وناجح في شغله
نظر اليه زين متحدث ليقص عليه الموضوع بالكامل ليقول عز قائلا بأسف :
– ما لوش حظ صحيح انت قلتلي ان الراجل ده شركه هنا في القاهره

تقدمت من الخارج نادين تحمل صينيه القهوة متقدمه اليهم لتتوقف أثر كلمات زين قائلا بعد ان تفهم لماذا سأل عز حتي يساعد جلال بالتأكيد :
– ايوه هنا اسمه احمد السيوفي يا ريت يا عمي لو تعرفه اكون شاكر ليك جدا لو رحت واتكلمت معاه وحاولت تقنعه بالبيع ما تعرفش جلال زعلان قد ايه من الموضوع دي و ماثر عليه ازاي

عز بجدية :
– لا ما تقلقش ان شاء الله احاول اكلمه واللي فيه الخير يقدمه ربنا
اتسعت عيني نادين بصدمه وهتف بخزع:
– هو ده السبب اللي خلاك ترجعلي يا زين؟ عشان مشروع اخوك.كان لازم اعرف من الاول انك انسان اناني وما بتفكرش غير في نفسك

***
– نعم ارض ايه اللي عاوز تبيعها ومين الاستاذ اللي عاوز يشتريها ده كمان؟ ده هم حيلا خمس فدادين، الأرض دي بتاعتي انا ورثتها عن ماما ومش هفرط فيها مهما كان.

صاحت اسيف بنبرة حادة وغاضبه، بتلك الكلمات في حين وجدت والدها يصيح فيها بحدة :
-اولا اياكي صوتك يعلي عليا تاني بدل ما اضربك و امد ايدي عليكي تاني وثالث، انا سالتك بس ما بتفكريش تبيعيها عشان ما حدش فينا بيروح الصعيد ولا محتاجاها في حاجه ولا قلتلك انا عاوز ابيعها ولا محتاج فلوسها في حاجه، كل الحكايه في ناس عرضت عليا انهم عاوزينها

عقدت اسيف ذراعيها امام صدرها لتقول ببرود:
-قولهم لا ايه صعبه .!
نظر اليها وسألها مستنكرًا :
– هو انتي ليه يا بنتي بتتعاملي معايا كاني عدوك انا ابوكي واذا كان عشان ضربتك فانتي اللي عصبتني بسبب اسلوبك اللي المستفز
لم تستطع سوى ان تهمس بصوت ظهرت بحته بصعوبة شديدة وهي تتذكر شئ حدث في الماضي:
-تصدق صعبت عليا لا فعلا ابويا صح. انا مش زعلانه منك لان اللي بيزعل من حد بيبقى باقي عليه وانا مش باقيه علي حد

– انتي بتعملي كده ليه يا اسيف؟ بتعامليني كده ليه؟
حينها لم تتردد وهي تنظر بشراسة لنظراته عينيه قائله بصوت متبلد :
– تصدق ضحكتني لسه فاكر تسأل ان في سبب وراء كل اللي بعمله على العموم الاجابه حاجه واحده وبسيطه عشان بكرهك .!!!
شحب احمد وجهه بذهول والجمت الصدمه لتهز راسها نافية بسخرية :
– تؤتؤ ايه الرياكشن ده اوعي تكوني اتصدمت ولا زعلت معقوله يعني مش واخد بالك اني بكرهك ومش بعتبرك اصل ابويا

انكمشت ملامحها والغضب ترسمها كاحدى طرق الجحيم وهي تقول بحقد:
– من بعد ما ماما ماتت واتجوزت بعديها بسنتين بس ودخلت عليا ومعاك واحده وقلت لي اعتبرها زي والدتك. انا ما نسيتش اللي كنت بتعمله في ماما زمان من ظلم وقهر فيها وهي يا عيني كانت بتسكت ومش بتشتكي وانت استغلت ده يا ..يا احمد بيه .!!!!

بالرغم من ان كلماتها استولى على حيز من الاقناع في عقله، الا انه ردد مستنكرًا بعقله بصوت حزين:
– يااااه كل ده شايله في قلبك طول السنين اللي فاتت انا مش وحش كده يا اسيف انتي اللي مش فاهمه الموضوع صح
أغمضت اسيف عيناها بعنف وهي تراه وتسمع صوته الحزين لكن لا يجب ان يؤثر على عقلها باي طريقـة لا يجب ان تِفسح له طريق اقناعها بانه ليس مذنب بموت والدتها ومنع السبيل بعقلها الحجري ؟!.

فتحت عينـاها مـرة اخرى لتعود نظراتها مثل سابق:
– لا فاهمه.. فاهمه حاجات كتيره قوي بس لازم تفهم حاجه واحده ان انا مش بعمل حاجه في حياتي غير اني اكسرك زي ما كسرتها زمان.
تجمد مكانه لحظة قبل ان يخرج للخارج بهدوء زائف فكم صعب ان تقول ابنته بانها تكرهه في وجهه بلا مبالاة وبكل قسوه و أيضا تتحدث بجدية بانها سوف تكسره بيوم!

***
بعد مرور أسبوع.

في شركه احمد السيوفي كان جلال يجلس امامه وهتف احمد بتفهم :
– جاي عشان موضوع الارض برضه صح
هز جلال براسه إيجاباً ليهتف احمد بهدوء:
-اتفضل طب اشرب قهوتك الاول يا ابني صدقني انا معجب بافكارك و نفسي اساعدك بجد بس للاسف زي ما قلتلك الارض مش بتاعتي بتاعه بنتي الكبيره ومع ذلك رغم ان انا عارف تمسكها بها سالتهالك اذا كانت بتفكر تبيعها ولا لأ

هتف جلال وهو يرتشف القهوة من الكوب بيده فنظر له سريعا :
– وقالت لحضرتك ايه ؟
تنهد مجيب بعدم رضي :
– رفضت جدا وزعلت مني عشان فكرت بس اعرض عليها الفكره تبيع الارض.. زي ما قلتلك الارض دي بالنسبه لها حاجه مهمه جدآ و دي الحاجه اللي فضله ليها من مامتها الله يرحمها
وضع كوب القهوه اعلي الطاولة امامه وقال بيأس:
– الله يرحمها انا اسف عشان بنت حضرتك زعلت منك بسببي على العموم خلاص انا صرفت نظر عن الموضوع فرصه سعيده

هز راسه هاتفا بجدية :
– وانا اسعد. ما كانش نفسي اول مقابله بينا تكون كده بس النصيب
– ولا يهم حضرتك عند اذنك

***
في كافيه كانت تجلس نادين مع ابنه عمها مريم لتتحدث نادين بحزن شديد :
– عمري ما كنت اتوقع ان زين يرجعني عشان موضوع مشروع اخوه يعني مش كفايه مستحمله بروده لا كمان يستغفلني ويضحك عليا انا من الاول كان لازم اتوقع حاجه زي كده ايه هيخليه فجاه بعد ما اتفقنا على الطلاق يرجع يقول لي كانت لحظه تسرع ومعلش يا حبيبتي . حبيبته ايه بقى هو عمره كان حبيني في يوم

مريم باشفاق :
– اهدى يا نادين ماتعمليش في نفسك كده يا حبيبتي ما تطلبي انتي المره دي الطلاق وريحي نفسك
هزت رأسها هاتفه بيأس:
– ومين قالك ان انا ما كنتش هعمل كده من الاول وهطلب الطلاق قبل ما هو يطلب، بس سبقني واتفقنا على كل حاجه. بس للاسف لو قلت دلوقتي تاني لبابي هيرفض ومش هيرضى يخليني اتطلق منه هو كان رافض من الاول عشان ما فيش سبب معين

مريم باستغراب قائلة:
– طب ما دلوقتي في سبب قولي انه هو صالحك عشان مشروع اخو بس .
ادمعت عينيها ونظرت اليها لتقول :
– فكرك ما فكرتش في كده برضه مش هيوافق ومش هيصدقني هيفكرني بتلكك او بقول اي كلام عشان اطلق منه. انا تعبت
نظرت اليها مطولا ثم قالت متسائلة بقصد :
– يعني هو لو في سبب معين تاني اونكل عز ممكن يخليكي تتطلقي منه؟.
هزت راسها بالايجاب بصمت لتقول مريم بتفكير ماكره:
– طب ما تشوفي اي غلطة بيعملها جوزك وامسكهالي و قولي لباباكي. يعني مثلا يكون بيعرف ستات!

اجابت نادين بضيق:
– زين مش من النوع ده. زين من عيله صعيديه ومتربي كويس وعمره ما يعمل حاجه حرام! مريم باستغراب قائلة بعدم تصديق:
– معقول في راجل ما لوش ماضي ولا عرف ست قبل كده! ممكن انتي اللي مش واخده بالك!

هتفت نادين بضيق وعدم فهم :
– قلت لك لا يا مريم هو انتي بتكلميني على واحد لسه عارفه النهارده ده جوزي. وبعدين اشمعنا الستات يعني اللي ماسكه فيها
لتقول بتوضيح:
-عشان هو ده السبب الوحيد اللي هيخلي باباكي يطلقك من زين عشان الخيانه وانكل عز اكتر حاجه بيكرها الخيانه انتي نسيتي والدتك واللي عملته زمان

صمتت بالم تتذكر والدتها الاجنبيه التي تزوجها عز والدها، كانت غير مسئوليه او تهتم به وعندما كانت حامل بها، كانت تريد اجهاض الجنين من وراء زوجها عز ولكن علم في اخر لحظة وثار عليها بغضب وحبسها حتي تولد نادين واخذ الطفله ونزل مصر وطلقها بعد امضاء منها علي تنازل عن حضانة ابنته اليه و امها رحبت بذلك ولم تعترض وعز هو من رعاها ولم يتزوج من اجل نادين ابنته لتقول نادين بشرود :
-تصدقي صح، بس للاسف زي ما قلتلك زين ما اعرفش ستات في حياته خالص غيري! شكلي كده خلاص اتدبست وهكمل حياتي معاه على كده؟

-طب ايه رايك انها مش مشكله ولا حاجه وانا عندي الحل؟ هاتي واحده تخليها تكلمه و تحاول تجاريه في الكلام وتسجله؟
اتسعت عينى نـاديـن فنظرت اليها بصدمة :
-انتي اتجننتي، ايه اللي بتقولي ده يا مريم انا مستحيل اعمل حاجه زي كده. وبعدين افرضي البنت قلبت عليا وبابي عرف ولا زين هتبقى مصيبه ساعتها وهتقع فوق دماغي انا!

لتقول مريم بعد تفكير :
-خلاص تتكلمي انتي؟
جزت نادين عـلـي اسنانها بغيظ متحدثه بغضب :
-ده على اساس انه مش عارف صوتي يعني
بس ونبي يا مريم شكلك عاوزه توديني في داهيه وخلاص

تنهدت مريم لتتحدث بغيظ :
– يا بنتي ما تبقيش متسرعه اسمعيني للاخر انا قصدي تتكلمي انتي من على طريق برنامج تغيير الصوت وبكده مش هيعرفك .!.

***
بداخل المكتب اغلق احمد السويفي الهاتف مع عز الدين الوزير كان يتحدث معه على موضوع بيع الارض لجلال،بانه يفكر ويعيد نفسه في شان هذا الموضوع مره ثانيه ليقول بدهشة قائلا في نفسه:
– ياااه الوزير مره واحده هم الناس دول مين بالضبط شكلهم ناس كبيره دول يعرفوا وزير مره واحده شكلهم ليهم سكه معاه ، ايه اللي خليه يكلمني بنفسه في موضوع بيع الارض. بس هعمل ايه اسيف مش راضيه تبيع ولو انا بعتها من وراها مش هخلص منها! بس في نفس الوقت مش عاوز اخسر الناس دي

تنهد تنهيد طويلة ليضغط على زر جرس جانبه لتدخل السكرتيره متسائلة:
– تحت امرك يا احمد بيه
قائلا بصوت صارم :
– عـزه الغي لي كل المواعيد بتاعه النهارده انا تعبان وعاوز اروح
هزت راسها السكرتيره بطاعه لينهض احمد للخارج وينزل تحت للمصعد ويقترب منه السواق ليمنعه قائلا:
– خليك انت يا ابراهيم انا اللي هسوق لوحدي

انسحب السواق الي داخل الشركه مره ثانيه وقبل ان يقترب احمد من السياره اقترب منه موتوسيكل بسرعه رهيبه ليتجمد احمد امامه من الصدمه والخوف وقبل ان يلمسه الموتوسيكل ليجذبه احد إليه وينقذه قبل أن يهبطون على الارض هم الاثنين.

***
-يعني چلال بجالوا فوج الخمس شهور في الصعيد وانت ما عملتش حاچه شكلك اصلا نسيت قهرت امك الله يرحمها على الارض
هتف بها صلاح وهو يدلف مخزن دياب بضيق شديد ثم أجاب دياب بهدوء:
– اهلا يا عمي
صاح معاتبا اياه بغضب:
– بلا اهلا بلا زفت في ايه يا دياب عتتحرك ميتا عشان تاخذ حجك من عيله حسنين عيفضلوا طول عمرهم ركبنا لحد ميتا!
هز راسه هاتفا بتعب ونفاذ صبر:
– بعدين يا عمي انا عندي مشاكل كثير ومشغول كتير الايام دي

صلاح بنبرة ساخره:
– اه مشاكل! سمعت انك اتجوزت مبروك! جول انك نسيت وخلاص ومابجتش عاوز تاخذ تارك منهم؟
دياب بصرامة:
– انا ولا نسيت ولا حاچه وكل يوم بفتكر الموضوع ديه ومش بيروح عن بالي لحظه وجريب جوي عتشوف بنفسك ديه.

***
بعد مده فـي المستشفى هتف جلال بقلق:
– خير يا دكتور استاذ احمد عامل ايه طمني الدكتور بهدوء:
-الحمد لله ما تقلقش هو بس كدمات بسيطة، الخبطه ماكنتش جامده وان شاء الله هيبقي كويس
جلال بتسأل باهتمام :
-طيب هو فاق ولا لسة

الدكتور بعملية:
-لا لسة اصله كمان كان عنده هبوط في الدورة الدمويه واضح انه مكلش حاجة بقاله يومين وانا علقت لي محاليل وان شاء الله الضغط يتظبط ويفوق ويبقي تمام عن اذنك.
هز راسه جلال بهدوء ورحل الطبيب ليدلف جلال له واقتربت الممرضة منه وقبل ان تنطق لمحت ملامحه لتقف مشدودة له، نظر اليها دون حديث ليهز راسه بمعني مـاذا حمحمت قائله باعجاب:
-لو سمحت يا ريت حد يفوت علي الحسابات

جلال بتفهم:
-انا هفوت عليهم دلوقتي اتفضلي ما تقلقيش
ظلت مكانها جز جلال علي اسنانه وقال:
– ما خلاص قلت لحضرتك اتفضلي هروح ادفع دلوقت

رحلت الممرضة وهي تتنهد في سرها:
-اه يخربيت حلاوتك انت ايه معمول من ايه
كان جلال يجلس علي كرسي أمام احمد السويفي وكان ما زال في غيبوبه حتي بدأ يفوق وقال احمد بصوت مرهق بخفوت:
– انا ايه اللي جابني هنا
ابتسم جلال:
– حمدالله علي سلامتك يا استاذ احمد كدة تخضني عليك ما تقلقش حاجه بسيطه

نظر اليه متحدث باستغراب:
– هو انا جيت هنا ازاي انا مش فاكر حاجة وانت كمان مش روحت
جلال بتوضيح:
– لا انا كنت بزور واحد صاحبي في الكافتيريا اللي ورا الشركه بتاعتك وكنت خلاص مروح بس لمحت موتوسيكل جاي بسرعه فجريت شديت حضرتك وكنت مغمي عليك من الخضه وجبتك المستشفى، بس ما تقلقش الدكتور قال حاجه بسيطه وممكن تروح النهارده كمان.

احمد بامنتان:
-متشكر قوي يا ابني مع اني واحد غيرك كان المفروض سابني عشان موضوع الارض وحلمك اللي ضاع بسببي
جلال بجدية :
-ليه يعني مش للدرجه دي انا خلاص صرفت نظر عن الموضوع كله جايز ربنا عمل كده عشان ما ليش خير فيه من الاول

احمد بزعل:
– بس المشروع كان كويس جدا خساره
هز راسه هاتفا بخفوت لتغير الموضوع :
-معلش النصيب بالمناسبه حضرتك لازم تاكل وتتغذى كويس وتهتم بصحتك الضغط كان نازل عندك

ليتذكر حديثه مع ابنته ومدي كرهها له قائلا بحزن:
– ومين ليه نفس للاكل بس
– معلش مهما كانت الظروف اللي عندك لازم صحتك الاول!
هتف جلال بحده، ثم سمع صوت طرقات علي الباب ودخلت الممرضة وهي تنظر الى جلال وبدأت تقيس الضغط لاحمد :
-حمد الله على السلامة طمني حضرتك عامل ايه دلوقتي

اجاب احمد بهدوء:
– الحمد لله متشكر يا بنتي
انتهت قياس الضغط له لتلمح دم علي زراع جلال، وقالت بذعر :
– ايه ده حضرتك بتنزف هات ايدك بسرعه اعالجها
جلال بحده وبوجه خشب :
-لا متشكر انا كويس
الممرضة باصرار وهي تقترب :
– لا لازم طبعا ده واجبي، هي في حاجة مضايقاك قولي وانا اعملك اللي انت عايز
احمد بطيبه:
– ما تخليها تشوف ذراعك يا ابني اكيد اتعور لما شدتني و وقعت علي الارض بسببي
تحدث جلال بلهجة حادة:
– ما تقلقش يا استاذ احمد انا كويس جدا وياريت تتفضلي حضرتك شكرا مش عايز حاجة ممكن بقي لو خلصتي تتفضلي عشان المريض يستريح وانا هعرف اعالج نفسي

الممرضه باحراج:
– اه خلصت اهو. يعني متاكد مش عايز حاجة
جلال بغضب :
-ما قلت لا
الممرضه باحباط :
– طيب عن اذنكم ولو احتجت حاجة ابقي رن الجرس ده وانت هتلاقيني عندك في ثانيه
لم يجيب عليها جلال لترحل للخارج لتمتم جلال بضيق شديد:
– دلع ماسخ. انا همشي انا بقى يا استاذ احمد محتاج حاجه

كان احمد السويفي في وادي اخر وهو يفكر في شئ عندما لاحظ شده جلال ولهجته الحازمة وينظر اليه نظره لا احد يعرفها إلا غيره.؟
– انا قصدي تجوزها واحد شديد وصارم عشان يعرف يتعامل معاها ويبطل لها عنادها ده.. هو مش قرايب حياه مامتها من الصعيد ما تكلم حد و تشوف واحد منهم يتجوزها ويشوفلك صرفه معاها بدل يا عالم المره الجايه هتعمل لك مصيبه ايه.
عقد جلال حاجبيه باستغراب وقال متسائلا:
– استاذ احمد انت كويس

احمد بتوهان :
– هاه انت مش عاوز تشتري الارض انا موافق بس بشرط واحد؟
رد الامل بداخل جلال متحدث بسرعه:
– من غير ما اعرفه موافق عليه عاوز كام فيها
احمد بجدية:
– قلت لك قبل كده مش عاوز فلوس انا عاوز حاجه ثانيه خالص.. انا عاوزك تتجوز بنتي اسيف.

***
دخلت جـميـله الى غرفه دياب حيث دلتها اليها مساعده بالمنزل واضائت النور ثم اقفلت خلفها الباب لتقف بجسدها ملصقا بالباب ، فرات فراش متوسط الحجم كبير بالكاد يتسع لهما، وبمنتصفها مكتب صغير اسود ، موضوع عليه زجاجة ماء فارغة وكوب مملوء بالماء ، والشرفة فوق المكتب مباشرةً كانت الغرفة كبيرة نسبيا واستغربت عدد كبير من الكتب فوق المكتب لكن تجاهلتها و تسريحة صغيرة وخزانة ملابس كبير ، ثم اتجهت الى الفراش ترتمي عليه نفسها، جلست جـميـله على الفراش مربعة الارجل وقذفت حقيبتها بجانبها بحنق ثم رفعت كفها تمسح عينيها من الدموع بمنديل ورقي ابيض

فكانت تنظر وهى شاردة بحياتها ، حياتها المليئة بالاهانة والالم من حيث اب وام متوفيين نتيجه حادث سير و خالتها و زوج خالتها على هيئه بشر شخصين يملاهم الحقد والقسوة في منتهى الانانيه تم بيعها الي شخص لا تعرف عنه شئ مقابل موت زوجها الي زوجته واصبحت هي اله صالحة بينهما! و زوجها اه من هذا الشخص الذي لا يعرف ذره من الرحمه والمغفره لها كم عانت معه! كانت تفكر بان بعد موته حصلت عـلي حريتها لكن كان العكس، اصبحت الان اسيره الي رجل صعيدي والي بناته وماذا ينتظرها بعده ؟
ثم همت بفك ازرار المعطف بغضب وعيون لامعه متالمة ، و قذفته بغضب على الارض

وضعت كفيها على وجهها باكية على ما هي فيه الان، كان صوت بكائها مسموع ومؤلم ، فهي تكره ذاتها لانها تضعف امام الجميع من خالتها و زوجها وزوج خالتها وضربها واهانتها لها ،استفاقت من شرودها عندما سمعت صوت اذان الفجر .

وجدت داخل الغرفة يوجد باب اخر فاتجهت له وقامت بفتحه، لتراه المرحاض، أغلقت الباب مرة اخرى، ثم اتجهت للخزانة وفتحتها تبحث عن منامة لها من حقيبتها ، فوجدت منامة سوداء من قطعتين محتشمة مناسبة لها الى حدٍ ما ، فاخذتها ودخلت المرحاض .

بعد عدة دقائق ليست قليلة خرجت جـميـله من المرحاض مرتدية المنامة وبكفها عباءتها التي اتجهت بها للخزانة وعلقتها بها وظلت تبحث بعينيها داخل حقيبتها علي مصليه الخاصة بها حتى تؤدي فرض الله لكن لم تجد واعتقدت بانها افتقدتها في منزل خالتها.

***

دخل ديـاب المنزل تنهد بضيق شديد لم كان يريد ان ياتي ويري زوجته المصونه ويقابلها لكن في النهاية حسم الامر ، واتجه للدرج كي يصعد لغرفته لكن لمح ظل احدٍ يتحرك امامه تحت الدرج، توجس من هذا الظل معتقدًا انه لص، فاخذ يهبط منه متجهًا لهذا الظل ، فراى امامه فتاة تواليه ظهرها وراسها يلتفت يمينًا ويسارًا كانها تبحث عن شيء ، وبردائها الاسود اعتقد انها لص ، فسار لها ببطء كي لا تشعر به مخرجًا سلاحه من داخل صدريه جلبابه الصعيدي

وما ان وصل لها حتى وضع فوهة السلاح على جانب راسها وقبل ان تصدر اي صوت كتمه بكفه الغليظ الموضوع على فمها فما كان منها اتسعت عيناها بصدمة و ذعر مما حدث متحطمة الى اشلاء صغيرة ، حاولت نزع كفه بكفيها ولكنها لم تستطع .

حينما اطبق على فمها بكفه ادى ذلك لالتصاق جسدها بجسده فتوتر قليلا، اقترب راسه من راسها جعلت نظراته على جيدها الظاهر من خلف الوشاح الشفاف الخاص بها ، ملامسة كفيها التي تريد تخليص فمها من كفه جعله متصلب، نظراته ظهرت بها لمعة طفيفة ، تحرك جسدها المذعور محتكًا بجسده جعله متصلبًا اكثر وممسكًا بها بشدة اكبر .

لم يبتعد عنها الا رغم صوتها المذعور ليصرخ بها بصوت غاضب:
– انتي مين يا بنت المركوب انتي؟ جايه تسرقي البيت صوح؟
اسرعت جـميـله تهز راسها بالنفي بعدم فهم ما يحدث ومن هو؟ وهي مازالت تلوي ظهرها له.
تافف دياب منها و يزجرها مرة اخرى باصرار بانها لصه بهتاف غاضب:
– مفكره نفسك هتخرچي من اهنيه سليمه اياكي چايه تسرجي بيت دياب حماد الجبالي بحاله ديه انتي جلبك چايبك! و انا مش عاسيبك النهارده غير بموتك؟

صمتت بقلة حيلة والقلق ينهش قلبها ومن الطريقة المهينه الذي يمسكها بها وهي تتحرك بين ذراعيه العريضة الصلب ارتجف جسد جـميـله واقفة مكانها بخوف شديد من نبرته رغم انها لم تفعل شئ ولا تفهم شيء فاقترب منها ديـاب وامسك ذراعيها وسحبها ليرى ملامحها تلاش غضب دياب للحظه وعيناه تلمع مما يراه.

وقع الوشاح الخاص بها من اعلي راسها علي الارض نتيجة لفها بقوه لها لينسل شعرها ذا الخصلات البنية الفاتحة الطويلة فجـميـله تتميز بالجسد الرشيق الممتلئ فى بعض المناطق ، بيضاء ، ذات الشعر الناعم البنى الفاتح يصل لما بعد خصرها ، عيونها زرقاء وثغرها المتوسط الممتلئ وانفها الصغيرة .

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من مظهره الغاضب وعيناه اللتان يحدقون بها بلا توقف بطريقه مخيفه! كادت تصرخ به هي لكن سبقها دياب بالهرولة عليها ووضع كفه على فمها يمنع صراخها ، وهي بدورها حاولت الافلات منه لكنها لم تستطع وهو ينظر اليها عن قرب اكثر!

أغمضت عيونها بشدة ورفعت كفيها تضعه على صدره تمنعه من الاقتراب اكثر وهى تقول بصوت مرتجف بصعوبة :
– سيبني!
حمحم بضيق هاتفا بصوت هامس:
– انتي مين!

سمع ضاحي وزوجته صوت من الاسفل ليهرول الاثنين على الدرچ سريعا، وما ان وقفوا بصدمه مما يروه ،دياب يمسك سلاحه بيده ويمسك بذراع جميله بقوه وعينه مثبته عليها ، جزت احلام على اسنانها بغيره قائله :
– هو في ايه اهنيه؟

رمى دياب نظره واحدة عليها و ينظروا اليهم بترقب وقبل ان يتحدث اسرعت جـميـله كانها حصلت على نجاه و غرست أسنانها بغل بكفه
حتى سحبت يدها من قبضته ووقفت بعيدة عنه قليلا تتحدث بخوف منه :
-الحقوني مين الراجل المجنون ده! عمال يقول عليا حرامي وهو اللي شكله حرامي

كان الجميع ينظر لهم ببلاهة، وعلق دياب قائلا بسخط و بذهول بها :
-هو مين ده اللي حرامي يا مخبلة انتي ديه بيتي!
هتفت جـميـله بجرأة لا تعرف من اين اتت بها قائله بحده:
– ايوه انت اللي مجنون ومستحيل تكون عاقل في حد يخش على حد كده ويمسكه بالطريقه اللي مسكتني بيها ويخضه بالمسدس ايه فاكر نفسك فتوه

اشتعل دياب بغضب جاحد وقال بملامح صارمة بصوت حاد :
– لا ديه انتي شكلك عاوزه ربايه من اول وچديد ومش عارفه انا مين؟
وسعت عيونها وهى ترمقه بنظرات اشمئزاز منه قائله بحقد :
– طـز! يعني هتطلع مين غير بني ادم همجي ومش محترم! انتم ساكتين ليه؟ ما تطلعوه بره هو مين ده اصلا ؟
نظر لها دياب بصدمه مستنكرا حديثها من هي لتتجراء وتتحدث معه هكذا، قائلا بجنون :
– هو مين ده اللي مش محترم وهمجي انتي بتهزقيني في بيتي؟ ديه انتي يومك اخبر، مين البهيمه ديه وبتعملي ايه اهنه ومين الحمار اللي دخلها بيتي من غير اذني؟

– انت يا ديـاب .!.

***
– اخوك چلال عوج جوي يا عيسى! هو نازل مصر يعمل ايه ثاني أصلا، مش خلاص جلت صرف نظر عن موضوع الارض؟
تساءلت عديله بقلق بينما اوما لها عيسي راسه واجاب موضحًا بهدوء :
– اهو چاي ياما هناك

كانوا يجلسون في الخارج في الهواء الطلق واقترب جلال وجلس بجانبهم قائلا:
– اعمل حسابك يا عيسى هننزل اخر الاسبوع اللي جاي مصر؟

زفر عيسي بضيق ظاهر قائلا بنبرة مؤنبة: -چري ايه يا چلال ما احنا رحنا مره واثنين والراجل رافض بيع الارض هنجعد نتحايل عليه و نبوس يده عشان يوافج اياك!
اجاب جلال بهدوء:
– انا ما قلتش نازل مصر عشان الارض انا نازل عشان موضوع ثاني؟

عقد حاجبيه متسائلا:
– امال هنندلي (هننزل) مصر نعمل ايه؟

– عشان عاوز اخطب بنت احمد السويفي.

…………………………………………………….

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى