روايات

رواية بيت السلايف الفصل السادس والعشرون 26 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل السادس والعشرون 26 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء السادس والعشرون

رواية بيت السلايف البارت السادس والعشرون

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة السادسة والعشرون

قــبــل عــدد ســاعــات …

نظر عيسي الي زين وقال بهدوء:
– لا يا سيدي ما فيش حاچه احنا كويسين تعبت نفسك وجيت انت ومراتك عشان اتاخرت عليك في الرد في التلفون شويه لاه ما تجلجش كان عندنا مشغوليات مش اكثر والدليل اهو احنا كويسين جدامكم

قال زين بشك:
– بجد يا عيسى ما فيش حاجه اوعى تكون في حاجه حصلت ومخبيين عليا

تنهدت عديله بضيق وقالت:
– ما خلاص جالك احنا كويسين عمال تسال كل شويه ليه انت و مراتك من ساعه ما جيتوا وبعدين هو ديه السبب بس اللي خليك تفتكرونا و تيجوا تزورنا

اجابت نادين بابتسامة خفيفه وهي تحمل ابنتها وتين اعلي ركبتها :
-غصب عننا يا طنط عديله عندنا مشغوليات في مصر بس الحمد لله انكم كويسين

لوت عديله شفتها بعدم رضي:
– طب يا اختي ربنا يعينكم
قالت نادين بابتسامة:
-امال فرحه فين هي اخبارها ايه ؟
اجاب عيسي بعمق:
– زينه .

عقد زين حاجبيه متسائلا:
– امال فين جلال صحيح؟
قبل أن يجيب عيسي عليه دلف جلال من باب السرايا قائلاً:
– السلام عليكم

أجاب الجميع عليه, وابتسمت عديله بفرحه: -چلال اخيرا يا ابني جيت .
اقترب جلال وأخذ يد والدته يقبلها واعلي رأسها أيضا بهدوء وقال باستعجال:
– معلش يا جماعه ورايا مشوار مهم يا دوبك اطلع اغير هدومي وامشي وهبجى اشوفكم بعدين

قاطعته عديله بغضب قائله:
-استني اهنه هو انت لحجت تيچي عشان تمشي اكيد طبعا رايح لمراتك الاولانيه وعتسيب بنت خالتك تاني اللي كتبت عليها عتفضل ظالمها معاك لحد ميتى ما كنتش اعرف انك اكده يا چلال للدرچه دي الحب عميك يا ولدي اني ربيتك على اكده تظلم غيرك

عقدت حاجبيها بدهشة نادين ونظر زين ونهض بحده:
-ايه ده انت اتجوزت يا جلال من غير ما تقول لي هو انا مش اخوك و واحد من العيله ولا ايه نادين بحزن وقالت:
– طب واسيف ذنبها ايه ليه كده يا جلال انت كنت بتحبها تتجوز عليها ازاي ؟

عديله بصرامة:
– اتجوز عليها يا اختي كيف الناس ,وما عملش حاچه غلط ولا حرام ديه شرع ربنا كفايه كانت مطلعه عينه، حجه ديه تعبته وريته الويل ومشفش منها حاچه عدله واهو برضه رمى صفيه بعد الفرح .

خرجت فرحه من المطبخ علي الصوت لتتفاجأ بحديث عديله لتفهم عن ماذا تتحدث واخفضت رأسها بحزن علي جلال واسيف
قال زين بزعل:
– كمان عملت فرح طب ما حدش قال لي الخبر ليه هو ده اللي خليكم كنتم مشغولين ومش بتردوا عليا

تنهد جلال بتعب وإرهاق ونظر إلى عيسي الذي كان جالس بهدوء وقال بحده :
-انا ولا ظلمت حد ولا اتنيلت جرى إيه يا عيسى هو انت لسه ما قلتلهمش لحد دلوقت

نهض عيسي وقال بصوت أجش:
– مستني يخلصوا حديتهم و كومان حصل حاچات ثانيه وانت مش موجود
هز رأسه بنفاذ صبر وهو يهتم بالرحيل:
– طب تمام انا ماشي ابقى احكيلهم انت بقى على مهلك كل حاجه وفهمهم سلام

عقدت عديله حاجبيها متسائلة بشك:
– يفهمني ايه اني كنت شاكك من الاول انكم مخبيين حاچه عليا في ايه يا عيسى
***
الآن .

– ازيك يا اسيف وحشتيني أوي .

التفتت اسيف سريعاً ناظره اليه بدهشة فكيف علم طريقها ابتسم جلال بحنان شاعراً بقلبه يتضخم بداخل صدره و هو يراقب يدها التى فوق بطنها بحمايه وخوف .

قالت وهي تنظر اليه بعدم تصديق ودموعها تغرق وجهها بخوف:
– انت عرفت مكاني منين .
نظر جلال بعتاب وقال بحده:
– ايه ما كنتيش عايزاني اعرف مكانك انا جلال يا اسيف جوزك وحبيبك لازم اول واحد في الدنيا يكون عارف عنك كل حاجه

انهارت في موجه من البكاء الشديد تقول:
– ايوه ما كنتش عاوزاك ولا عاوزه اي حد يعرف عني حاجه ولا مكاني وعاوزاكم تسيبوني في حالي وبس إيه صعب

تنفس جلال بعمق محاولاً تهدئت نفسه متمتماً بهدوء:
-ايوه صعب عشان انتي مش عايشه في الدنيا لوحدك ليكي اهلك وناس بيحبوكي وعاوزينك جنبهم ما ينفعش فجاه تختفي وتهربي كده انتي كده مش بتحلي لاء بتعقدي الامور أكتر ,جربي توجهي مره واحده في حياتك يا اسيف هروبك مش هيفيدك بحاجه بالعكس انتي بتعقدي الامور اكثر

لتقول وهى تنظر اليه بعينين متحجرة بالدموع: وهي لسه الامور متعقددش في اكثر من اللي حصل كنت عايشه في اكبر كذبه في حياتي مع زوج استلم المقابل عشان يقبل على نفسه يستحمل مراته ويمثل أنه بيحبها وبيعشقها وما يقدرش يعيش من غيرها ومع اب اناني وام ضعيفه عشان كده ماتت من حسرتها .

قاطعها جلال بحده منفعل:
– ما تتكلميش على لسان غيرك انا حبيتك فعلا يا اسيف وانتي عارفه و متاكده من كده مش هكذب عليكي واقول لك اللي سمعتي من صفيه كذب لا حقيقه انا فعلا بدايه تعرفي بيكي و جوازي منك كان عشان أرض والدتك , كنت محتاج اعمل مشروع وكانت واقفلي أرض والدتك زي العاق في وشي ,حاولت بكذا طريقه اعمل المشروع اللي كنت بحلم بيه رحت لوالدك اكثر من مره احاول معاه يبيعلي الارض بس هو قاللي انك مش راضيه وما لقيتش قدامي غير الحل ده لما والدك عرض عليا اتجوزك ويبيعلي الارض انا وافقت بس كان غلط ساعتها واديني أهو بدفع ثمن غلطتي بس ما تقوليش محبتكيش عشان انا حبيتك وانتي اكيد حسيتي بكده

همست بينما بدأت دموعها تغرق وجهها اكثر:
-ما بقتش عارفه حاجه من اللي حواليا مين صح ومين غلط بس اللي متاكده منه انك خدعتني وكذبت عليا

تنهد جلال مجيب بجدية :
-فاكره لما قلت لك ان انا كنت اعرفك من قبل ما اتجوزك قلتلك ساعتها شفتك في المقابر بتزوري قبر والدتك انا كنت بزور قبر والدي , قلتلك ساعتها اول ما شفتك حسيت ان وقعت في غرامك وحبيتك وكمان كنت غيران لما شفتك عماله تعيط على القبر قلت بتعيط على حبيبها ولا خطيبها ولا جوزها دي كانت اول مره اشوفك في حياتي من ساعتها ماغبتيش عن بالي ولا لحظه ولما والدك عرض عليا عرض الجواز منك اول حد جي في بالي انتي قلت طب و البنت اللي خطفت قلبي مش ممكن اشوفها ثاني وربنا يجمعني بيها واطلبها للجواز بس بعد كده ضحكت على نفسي وقلت هو انا اعرفها ولا هي فين ما ممكن تكون متجوزه اصلا بس اتفاجئت بعد كده في الحفله بتاعت كتب الكتاب بانك نفس البنت اللي شفتها مش قادر اقول لك وصف سعادتي ايه وقتها

أمسك رأسه بألم يفك رأسه من الصداع قائلاً بروح منهاك:
– اسيف انا تعبت من اللي احنا فيه نفسى تكون نهايه سعيده لعلاقتنا مع بعض ليه دائما الامور متعقده ما بينا كل ما احل مشكله بلاقي مشكله ثانيه كل ما افتكر كل حاجه ما بينا اتصلحت خلاص وهنبقى مع بعض بالاقيه سراب , ليه حياتنا مع بعض كده هو انتي مش بتحبيني برده

شعرت أسيف بالم يكاد يحطم روحها الي شظايا لتقول بقوه زائف :
– اه بحبك المفروض كنت أنكرها مش كده بس قلبي ده هدوس عليه وما حدش في العالم كله يكسر الانسانه اللي جوايا ويخليني ضعيفه ابويا خان ماما وماتت بحسرتها وانت جيت بكل برود تكمل على اللي جوايا عاوز تخليني ابقى زيها وانت تمثل نفس دور بابا انتم ليه كلكم خاينين ليه ما فيش حد في حياتي عدل هو مش المفروض نتجوز عشان نلاقي الامان بس ولا بلاقي أمان ولا بلاقي حب بالعكس بلاقي خيانه وكذب و اهانه نفسي حد فيكم يجرب ويعيش نفس احساسي ,عاوزة اعرف هتقدر تستحمل اللي انا فيه ولا لاء؟ عشان نعرف مين فينا اللي تعب بجد انا كمان تعبت على فكره

ظل جلال صامتاً لا يدرى ما يجيب عليها قول شاعراً بقلبه يقصف كالاعصار بداخله لكنه افاق من جموده قائلاً بضعف:
– انتي اللي تاعبه نفسك جربي مره في حياتك تسامحي ما انتي كمان غلطانه على فكره , انتي اللي مصممه تعيشي في الماضي وتخليه ياثر عليكي رفضتي تحبي وتسيبي نفسك وعلى طول متصوره ومتخيله كل اللي حواليكي خاينين زي والدك وانك هتعيشي نفس دور والدتك الضعيفه المكسوره المتخانه

قالت من بين شهقات بكائها الحاده التى اخذت تتعالى ضاربه بيدها فوق صدرها لعل الالم الذى يعصف بقلبها يخف قليلاً:
– أيوه أنا غلطه بس انا خفت للحظة خفت . الخوف اللي يخلينا خايفين نظلم حد معانا وبدل ما كنا بنعاني لوحدنا هنظلم ناس معانا الجرح تجربة سيئة والاسوء منها هو أنه جرح ميروحش او انه يفضل ماثر فيا .

تابعت حديثها بمرارة وحسره :
انا حقيقي خفت بسبب وجود حد تاني في حياتي بيدفع اخطاء اللي اتسبب فيها غيره في حياتي وانا مش هقدر اصحي في يوم بسبب انك جبت اخرك مني أو عرفت واحده عليا عارفة اني ياما باجي عليك واحملك فوق طاقتك بس انا محدش اتحملني قدك حقيقي خفت، بس انا لسه جوايا جروح مش عارفه المها .

شحب وجه جلال فور تلك الكلمات شاعراً بالندم يأكله من الداخل بينما ضعف غريب يستولي عليه عندما وقفت تنظر اليه وعينيها تنبثق منها خيبة الامل اقترب منها ببطئ محيطاً وجهها بيديه برقة قائلاً بصوت يتخلله اليأس والندم:
– و اخرت اللي انتي فيه ايه هتفضلي خايفه يبقى هتموتي من الخوف برده انتي كده بتعملي نفس غلطه والدتك الاستسلام .

أجابت هامسة بصوت مرتجف بينما شعر بقبضه حادة تعتصر قلبه:
– حاول كده تركز في اللي قدامك دلوقتي يا جلال هاه شايف ايه بذمتك اللي قدامك هي نفسها أسيف اللي شفتها اول يوم بعد كتب الكتاب المتمرده العنيده العصبيه زي ما انت بتقول ولا واحده مكسوره زي ما انتم كنتم عاوزينها ؟

جلال بألم وهو يتأمل أسيف بحزن:
– شايف المكسوره قدامي ومش عاجبني حالك كده, وعمري ما كنت عاوزك مكسوره عارفه رغم اللي انتي بتعمليه فيا وانتي بشخصيتك القديمه العنيده العصبيه القويه بس انا عاوزك كده وحبيتك كده نفسي ترجعي قوية زي الاول مش عاوز اشوف دموعك دي في عينيك ولا حزنك ولا وجعك اللي ظاهر على طول

أخفضت اسيف رأسها بانكسار هامسه بتعب : -امال عاوزاني اعمل ايه ابقى الزوجه الثانيه المطيعه ابقى الست المستسلمه ليك عشان خايفه على اولادها و بيتها تفضل ساكته ومتحمله .

ابتسم جلال بشغف وقال: انتي هتبقى تاج راسي وزوجه واحده و فوق منهم حبيبتي وروحي .

نظرت إليه بحنق قائله بغضب:
– ابتدينا الكذب بقى انا جيت بنفسي وشفت فرحك علي صفيه

تنهد جلال بغضب مكبوت:
– شوفتي ايه بالضبط يا اسيف شفتيني وأنا قاعد جنبها في الكوشه ولا شفتيني وانا قاعد جنب المأذون وبكتب كتابي عليها
همست بعدم فهم:
– مش فاهمه قصدك إيه

تطلع فيها بضيق ثم رد بصرامة:
-الفرح اللي شوفتيه فرح صفيه فعلا بس مش انا العريس مصطفى زميلك هو اللي كان العريس.

***

• قبل عدة أيام.

بعد انتهاء فرح صفيه أخذها عيسي هي و والدتها و دلف المكتب وبعد قليل دلف مصطفى إليها مبتسماً ليسمع صوت صراخ صفيه قائله ببكاء وصدمة:
– يا لهوووي يا لهوووي يعني اني كل ديه مفكره نفسي اتجوزت چلال اتاريني على ذمه واحد ثاني؟ يا مصيبتك السوداء يا صفيه اااه بجى اكده بتضحكوا عليا و تفهموني ان الفرح واللمه دي كلاتها فرحي علي چلال ,وفي الاخر اتچوزت واحد غير چلال .

عيسي بصرامة:
– اجفلي خشمك خالص بدل ما حد يسمعك انتي اللي عملتي اكده في نفسك لما مشيتي في طريج كله حرام و رايحه تعملي عمل وسحر لچلال عشان يحبك بالغصب .

توقفت صفيه عن البكاء ونظرت إلي امها وعيسي بخوف وارتباك وقالت بكذب :
– آآ انت بتجولي ايه اني مش فاهمه حاچه عمل وسحر ايه ؟

ابتسمت أمها بسخرية هاتفه بحده:
– مالوش لازمه الكذب يا صفيه اني كومان عرفت كل حاچه ,صاحبتك ورده اعترفت لنا على كل حاچه حتى كومان جالت ان العمل شربته مرات چلال بدل منه عشان اكده جربت منه هي بجي ديه اخرتها يا بنت بطني تغضبي ربنا وتمشي وراء اعمال وسحر

اتسعت عيني صفيه بعدم تصديق و ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة لتقول أمها :
– عيسى جالي وجالي على اللي عملتيه من كسوفي من عملتك حطيت راسي في الارض وما عرفتش ارد عليه و هو كثر خيره جالي اني عندي الحل نخليها تتلم في بيتها وتتجوز وفي واحد متجدم ليها وشاريها وجالي خليكي متاكده يا خالتي إني رغم اللي عملته صفيه بس مش هارميها إلا إذا كنت متاكد ان الشخص ديه زين ليها وهيصونها

قالت صفيه وسط شهقاتها ببكاء حاره:
– حرام عليكم كنتم عاقبتوني ولا حبستوني في الدار ولا عملتوا اي حاچه فيا غير أنكم تجوزوني واحد مش بحبه بتعملوا فيا ليه اكده اذا كان على العمل اللي عملته لچلال والله اني ندمت جوي و بعدت عن الطريج ديه خالص من زمان .
عيسى بجمود :
– احنا مارمانكيش إني سالت علي العريس زين الاول ديه واحد زين ومتعلم وعيصونك خليكي انتي بس جدعه وحافظي عليه ,لو ندمت فعلا يا صفيه إبدأ من چديد معاه واياكي يا صفيه يچي يشتكي منك ولا تعملي حاچه ثاني

هزت رأسها برفض بشدة و بهستريه باكيه لا تعد تعرف ماذا تفعل من الصدمة .

– مش لما الاول تاخدوا راي اللي انتم لبستوه ليها و يوافق اصلا على المهزله دي..!!!

قالها مصطفى بحده حتي أنتبه إليه الجميع تفاجأ ودهشة وصدمة غير متوقعة لم يشعر به أحد أنه يقف ويسمع كل الحوار ليكمل بجدية:
-انا لما جيت وسالتك يا استاذ عيسى هل صفيه موافقه على الجواز مني بالسرعه دي قلتلي اه موافقه وانا عدت سؤالي ثاني قلتلك اوعي تكون غصبتها انا باحبها آه وعايزها بس برضاها مش بالغصب انما تطلع متجوزاني بالغصب وكمان بتحب واحد ثاني ده تسميه ايه, انت كده بتخدعني أنا.

صمت عيسي بضيق ولم يجيب عليه لتقول والدتها بعد مده ليس طويله بتوتر :
– يا ابني ما حدش خدعك ولا حاچه اني لما عيسي جالي انك العريس فرحت جوي لاني كنت بتمناك لبنتي لما كنت بتيچي الدار عندي عشان تديني حجنه السكر لجيتك شهم وطيب وابن حلال

– اه طيب عشان كده ضحكتوا عليا واستغفلتوني

هتف بها ساخراً مصطفى بحزن داخله يحاول إخفاءه مؤقتا حتي يرحل من هنا ، اخفضت صفيه رأسها بضعف وهي تبكي علي حالها نظر لها مصطفى بألم وقال باشفاق:
-ما تخافيش قوي كده يا آنسه صفيه ما فيش حاجه هتم بالغصب زي ما انتي فاكره وعماله تعيطي عشان مش عاوزاني

رفعت عينيها تنظر إليه بذهول وحسره من بين شهقات بكائها لا تصدق ما قاله أيعقل ما قاله اكمل حديثه وهو يتأمل بألم وجهها الشاحب من شدة البكاء حتي يحفظ تفاصيل وجهها يعلم جيد يمكن أن لا يراها مره أخري قائلاً بجدية:
-انا مفروض دلوقتي اطلقك بس انا برده مش عاوز اظلمك معايا عشان سمعتك الناس هتقول ايه لما تتطلقي يوم فرحك مش هينفع طبعا بس ما تقلقيش شهرين بالكثير وهبعتلك ورقه طلاقك اكننا النهارده كنا بنكتب الكتاب وانتي هتفضلي في بيت والدتك معززه مكرمه لحد بعد شهرين اكون طلقتك ونبقي نقول وما حصلش نصيب أو أي حاجه عن اذنكم

ثم غادر الغرفة بخطوات غاضبه وحزينه وهو يلعن الحظ الذى أوقعه في ذلك الموقف الصعب .

•نهاية الفلاش باك

تنهد عيسي قائلاً بغضب من صفيه وهو يقص علي الجميع ما حدث يوم الفرح :
– بس هو ديه اللي حصل وبعد اكده مصطفى مشي ما هو ما فيش راچل عيجبل علي نفسه بعد اللي سمعه من الزفته صفيه ويخليها على ذمته كفايه اصلا أنه طلع معانا شهم وما رضيش يطلجها يوم الفرح وكانت عتبجى فضيحه بصحيح

نظروا الجميع إلي بعض بدهشة واستنكار كانوا متوقعين كل ذلك الوقت ان جلال تزوج من صفيه قالت فرحه متسائلة باهتمام:
-يعني طلع كل ديه مش چلال إللي اتجوز صفيه بس هو جالي أن عيتجوزها وجالي الحديد ديه لمرات عمي كومان

هز عيسي رأسه بهدوء وقال:
– هو فعلا چلال جالي برده الحديد ديه بس كانت لحظه تسرع وغضب من مراته بس بعد اكده لما عرف اللي فيها وانها كانت بتعمل سحر واعمال وكانت هتاذي مراته رچع في الحديد وصرف نظر عن الموضوع خالص ولما اخذت رايه في الموضوع جالي جوزها إللي انت رايده إني ما بجتش طايجها خالص

جزت علي أسنانها عديله بحده قائله بتوعيد: -بجا بنت الـ** كانت بتعمل اسحار واعمال لأبني چلال افرض كان چرى لي حاچه تيجي منك إنتي يا صفيه ديه إني كنت بعتبرك كيف بنتي واكثر . نهايتك على يدي يا صفيه .
***

كأن صلاح يجلس بداخل غرفه كئيبه وصغيره أعلي فراش غير قادر على الحركه حبيس بها بأمر من أبنه ماهر حتي أصبح وجهه شاحب اللون من قلة الطعام و كثرة الادويه التي يعطيها إليه ماهر ولا يعرف مصدرها لكنها ادويه زهايمر حتي يرفع إبنه ضده قضيه ويكسبها لصالحه ويكون المتحكم لكل أموال أبيه لم يتخيل أو يصدق صلاح ما يفعله به إبنه الآن أصبح يعامله بجفاء وقسوه شديدة .

فاق من أفكاره علي صوت فتح باب الغرفه و دلف ماهر ناظر إليه بسخرية هاتفاً:
– انت لسه صاحي ما نمتش
اجاب صلاح بتعب شديد :
– سماح فين وديت سماح مراتي فين
ماهر بقسوة شديدة:
– وديتها عند اهلها مش ناجص جرف وبلاوي واعمل حسابك كمان يومين هجيب المأذون هنا عشان تطلقها انا مش ناقص تيجي تطالبني بفلوس بعد ما تموت ولا تطلع حامل وتجيبلي عيل يشاركني في فلوسك ساعتها هقتله واقتلها

نظر له بحزن شديدة وقال بصعوبة:
-يا ابني حرام عليك اللي بتعمله فيا ديه اني كنت عملت لك ايه بس
انفجر ضاحك بسخرية هاتفاً ببرود:
– حرام يااه الكلمه دي عمرها ما اتقالت جبل سابج في الدار ولا ربتنا عليها اصلا ما عملتش حاجه بس اكيد هتعمل جدام وانا مش ناجص حد يجي يدمر لي كل اللي انا خطتله واعمل حسابك هتفضل هنا و مش هتخرج من الاوضه مش عاوز وجع دماغ زي كل يوم وتقعد تنادي عشان اطلعك انا بيجيلي ضيوف ومش ناقص فضائح

– ضيوف مين ؟
هتف بها صلاح بإستغراب وقال ماهر بجمود: -الرجل اللي كنت بتشتري منه المخدرات رحت واتفقت معاه وبقيت باخذ و اشتري وابيع زيك واحسن منك كمان

اتسعت عيني بذهول قائلاً:
– من ميتى وانت بتشتغل في الشغل ديه ما إني ياما كنت بتحايل عليك زمان وانت كنت بترفض

لمعت عينيه بشر خطيرة متمتما:
– الوضع اتغير عشان عاوز دلوقت ابقى اقوي واكبر بسرعه عاوز انتقم من كل واحد خذ حاجه بتاعتي مني ولا داسلي على طرف واولهم عيسى ودياب عشان اعرف ارجع فرحه ليا زي زمان

ثم ضحك بشراسة وهو يتذكر اتهام دياب لعيسي معتقد أنه هو من وضع له المخدرات:
– وخلاص قربت من كده أوي خليتهم يقعوا في بعض اكثر لحد ما يخلصوا على بعض

أخفض رأسه صلاح بندم شديد وانكسار هو من زرع بداخل أبنه ذلك الشر والآن هو من يحصده.. فأنها البداية .

***
ابتسمت نادين بسعاده حين سألت فرحه عن اخبارها هي و زين وأجابت بحب:
– لو قلت لك سعيده كلمه قليله علي إللي انا حاسه بايه دلوقت انا مش مصدقه لحد دلوقتي اللي احنا وصلنا له، زين بقى شخص ثاني بقي على طول جنبي ومعايا ومش بيسيبني ولا لحظه واحده طب مش هتصدقي لو قولتلك ان ساعات بيروح الشركه معايا كمان

بادلتها الابتسامه فرحه قائله بسعاده:
– طب الحمد لله ربنا يخليكم لبعض ويهنيكم
قالت نادين بدعاء:
– يا رب يا فرحه انا مش متخيلة حياتي من غير زين نفسي يفضل معايا طول العمر
فرحه بتردد:
– طب على اكده لسه بيفكر في اللي اسمها اسيل دي ؟

هزت رأسها برفض وقالت بفرحه :
-بالعكس ده نسيها خالص ودي اكثر حاجه مفرحاني طالما نسيها بالسرعه دي يبقى محبهاش اصلا و كان متعلقه بيها وبس
فرحه بجدية:
-طب مش ناويه تجوليله اني خايفه بصراحه في يوم يعرف لوحده عيبجى شكلها وحش و عيزعل منك جوي

صمتت برهة قصيرة ونظرت إلى فرحه بقلق: -وهو هيعرف منين بس يا فرحه بالله عليكي ما تقلقنيش انا اما صدقت افرح واعيش مرتاحه شويه لو قولتله هبقي كده برجع افتح في القديم من تاني وهو نسيها لوحده افكره بيها ثاني ليه ؟

تنهدت فرحه قائله بعدم رضي:
-خلاص براحتك بس اوعى يمسك تليفونك في مره وياخذ باله من حاچه اكده ولاه اكده ويعرف انك نفس البنت اللي كان بيتحدد معاها ؟

شهقت نادين بخضه وقالت وهي تنهض واقفه بخوف:
– ايوه صح انا ازاي نسيت انا لسه عامله الايميل ومعايا الرقم اللي كنت بكلمه منه علي اني اسيل؟

نظرت لها فرحه بضيق وهمست:
-طب حاولي تخلصي منهم على طول دي اخر امل ممكن يخليه يعرف

هزت رأسها بالإيجاب بقلق، وفتحت حقيبتها و اخذت هاتفها وأخرجت الخط و ألقته في سله القمامه سريعا بلهفة وخوف وهي تستمع الي صوت طرقات خفيفة على الباب واتنفضت فرحه بخضه أيضا ودلفت الخادمه “دلال” فتاه صغيره في سن التاسعة عشر تحمل اكواب القهوه جلست نادين جانب فرحه تتنهد براحه

***
سحب جلال أسيف خلفه إلي المستشفي بالقاهرة رغم عنها حتي وقفت وصاحت بغضب شديد:
-ممكن تسيب ايدي انت اصلا سابحني موديني على فين انا قلتلك مش عاوزه اروح معاك
تنهد جلال مجيب بتردد وحذر:
– أسيف باباكي تعبان قوي ورافض ياخد العلاج غير لما يشوفك اعتبريه اخر طلب ما حدش عارف الاعمار بلاش تاخذي ذنبه

نظرت إليه متحدثه بسخرية مؤثره:
– يا سلام اعرف واحده زيه فضلت ساعه تصارع الموت و معاها بنتها لوحدهم وجوزها اللي حاولت تستنجد بيه كان قاعد في نفس الوقت بيتجوز وبيرقص وفرحان وهو ولا على باله هي وبنته

هز رأسه بألم وقال بصوت هادئه:
– انا عارف انه صعب عليكي تنسى الماضي واللي حصل لوالدتك بس خليكي احسن منه حاولي تسمعي منه ممكن تكون اخر مره زي ما قلتلك وساعتها هتندمي انك ما سمعتهوش

صمت لحظه وهو يلمح من بعيد ثريا وهايدي يقفون أمام الغرفه في حالة بكاء شديد , نظرت أسيف مكان ما ينظر بصدمه أن يكن حدث شئ لوالدها أو رحل مثل والدتها

تجمدت مكانها برعب ولم تتحرك ليذهب جلال متسائلا بقلق:
-في حاجه حصلت ولا ايه ؟
هايدي ببكاء حاره:
– الدكتور بيقول بابي داخل في غيبوبه ومش عارفين هيفوق منها أمتي

ابتلعت أسيف ريقها بصعوبة شديدة تحاول التماسك من تلك الغصه التي شعرت بها.
***

في مكان مهجور بعيد عن العيون حيث يتم في بعض تهريب وتسليم المخدرات محيط برجال ضخمين كحمايه

– الولد اللي اسمه ماهر ده شايف نفسه قوي علينا بيهددني ابن صلاح نسي نفسه ده أبوه كان حته شحات وانا اللي عملته حاجه

– فعلا يا بوص ده مش عارف بيتعامل مع مين كويس ده بيقول لي لو ما ادتنيش كميات المخدرات اللي انا عاوزها هبلغ عنك البوليس
– ما يعرفش انه كده بيلعب بالنار معانا واخرته هتكون وحشه

– اللي تؤمر بي يا بوص ؟

– مش عاوزه كلام طبعا ..صفي .
***

في المستشفى جلست أسيف بينهما بصمت لتقول ثريا ببكاء حاره:
– أحمد بيروح يا هايدي بالله عليكم طمنوني عليه أنه بقي كويس طب حد يقولي أنه قاعد بره مستنيني وانكم بتكذبوا عليا و أن كل ده حلم وان احمد مفهوش حاجه طيب ردى عليا انتى يا أسيف . بس هو زعلان منى شويه و مخاصمنى روحى كلميه يا أسيف عشان خاطري خليه يسامحنى طب سامحيني انتي يا اسيف ممكن ربنا بيعاقبنى ويرجعلي

هايدي اخذتها داخل احضانها وربتت عليها وقالت بحزن عميق
– اهدى يا مامي مش عايزين تخدى مهدأ تانى تلات ايام وانتى ماشيه بالمهدأ ده مش عاوزه اخسركم الاثنين و تروحوا مني

قال جلال باشفاق:
– لا حولا ولا قوة الا بالله ممكن تهدوا و ان شاء الله هيبقى كويس اللي انتم بتعملوا ده مش هيفيد بحاجه

ثم نظر إلى أسيف التي تجلس جامدة صامته بإستغراب وقال بهمس:
– اسيف بلاش تكتمي وجعاك وزعلك جوه قلبك، اكيد صعبان عليكي و زعلانه عليه زيهم؟

أسيف بجمود:
– ما تتكلمش بالنيابه عني انا ولا زعلانه ولا فارق معايا اصلا

قال جلال محاولا استفزازها:
– مش مصدقك بصراحه ده والدك برضه .
وبالفعل نجح في آثاره غضبها قائله بحده:
– ان شاء الله عنك ما صدقت اعمل لك ايه يعني عشان تصدق اني مش فارق معايا وبعدين أزعل عليه باماره ايه كان بيسال عليا لما كنت بتعب ولا كان بيحس بيا ولا عمره عرف عني حاجه

نظر لها بحزن علي حالها ومن قسوة قلبها لتنهض بحده قائله بضيق:
– انا هخرج بره اشم شويه هواء و لما يبقى يفوق يبقى حد يبعتلي
***

كأن يجلس مصطفى بوجه حزين يفكر في صفيه وحاله معها كان يتمني أن تكون زوجته وبالفعل نجح في ذلك لكن اكتشف أنها تعشق غيره كم آلمه ذلك أفاق علي صوت والدته وقالت :
-مش ناوي يا ابني تروح تشوف مراتك و تطل عليها

مصطفى بصدمه:
– انتي بتقولي ايه يا ماما انتي عايزاني اروح ليها ثاني بعد اللي حصل منها
هزت رأسها برفض وقالت بتوضيح:
-مش قصدي كده بس هي لسه على ذمتك لحد دلوقت , ودي عيبه في حقنا حتي تروح تشوفها محتاجه حاجه ولا عاوزه حاجه كده

مصطفى بجمود:
– ولا رايح ولا جاي انا مستني بفارغ الصبر الشهرين يعدوا عشان اطلقها واخلص اصلك ما شفتيش ولا سمعتي اللي انا سمعته منها دي طلعت انسانه وحشه قوي مش كفايه بتحب واحد متجوز لاء كمان بتعمل اعمال وسحر .

تابع حديثه قائلاً بسخرية مريره:
– شوفتي حظ ابنك يوم ما يحب يحب مين .
تنهدت بيأس هاتفه بقله حيله:
– طب براحتك هو انت ليه ما رضيتش تعرف اسيف ان انت اتجوزت صفيه .

مصطفى بعمق قائلاً:
– كفايه اللي هي فيه يا ماما انا مش عارف بالضبط اللي حصل ما بينهم ولا زعلانه قوي المره دي ليه من جلال بس ما رضيتش ازودها عليها عشان متاكد هتزعل على زعلي حتي كمان ما رضيتش أقولها أن جلال اتصل بيا يسأل عليها
قالت أمه باشفاق:
– البنت دي صعبانه عليا قوي يا مصطفى هي على طول كده في عذاب ما شافتش يوم عدل يا حبيبتي

مصطفى بحزن:
– ايوه يا ماما ادعيلها هي محتاجه الدعوة أوي حالتها صعبه وشافت كثير .
***

دلفت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها نظرت إلى هيئته وهو نائم تحت الاجهزه وتخرج منه بعض الاشياء الغريبه انهمرت دموعها عندما رأت جسد والدها وهو هزيل جدآ وهو نائم على الفراش دون حركه مغلق العينين جثه هامدة لا ترد ولا تستجيب اتجهت له ووضعت أمامه مقعد خشبى

وجلست عليه نظرت له كثيراً صامته لا تعلم ماذا تقول له تنهدت بحزن وقالت : -لسه كلكم شايفني الجامدة إللي معندهاش قلب ولا بتحس بس لا طلعت تهمني وطلعت لسه جوايا حاجه ليك وصعبت عليا واتوجعت عليك , انا كذبت عليك لما قلت لك بكرهك لاني حاسه بنار جوايا و كأن حاجه بتسحب روحي وانا شايفك كده , نفس الاحساس اللي حسيته وماما بتروح مني مش عاوزاك تسيبني انت كمان انا بقيت اكره الموت عشان بياخذ منى كل اللي بحبهم بياخذ كل اللي عزاز علي قلبي انا تعبت من اللي بيروحوا وسابوني لوحدي نفسي الموت مره يختارني انا مش انتم .. قوم يا بابا قوم ما تسبنيش عشان خاطري بلاش اخسرك انت كمان

أخفضت أسيف رأسها ببطئ علي الفراش تبكي بشدة و أخذ انتحابها يزداد لا تريد أن ترحل ويتركها هو الآخر حتي شعرت بيده تمرر بحنان فوق رأسها في محاولة منه لتهدئتها وهو يهمس لها مهدئة:
– معلش يا حبيبتي ان شاء الله هيفوق
رفعت عينيها تنظر إليه بغضب شديد :
-انت ايه اللي جابك ورايا جاي عشان تشوفني وأنا بعيط ومقهورة ارتحت كده هتتشفي مني انتو عاوزين مني ايه مش عاوزين تسيبوني في حالي ليه
استغرب هجومها بتلك الطريقه دون مبرر لكن
فهم بأنها كأنت لا تريد أن تظهر ضعفها أمامه وقفت تمسح دموعها بعنف ثم رحلت للخارج
تنهد جلال بضيق شديد وانب نفسه بأنه داخل خلفها كان يجب أن يترك لها المساحه ، حتي لاحظ يد أحمد تتحرك بصعوبة ابتسم بلهفة وذهب يخبر الجميع .
***

دلف عيسي السرايا بتعب شعرت فرحه بقلبها يخفق بقوه فور رؤيتها إرهاقه الذى التمع بعينيه ليتخللها الذنب عندما رأت الارهاق علي وجهه وتعبه لكنها نهرت نفسها بشده على شعورها هذا مذكرة ذاتها بحدة ما فعله، رمقها عيسي بحزن وذهب غرفته للاعلي
قالت عديله بتوبيخ :
– خليكي أكده قاعدة يا هبله لحد ما واحده غيرك تليف على جوزك و تاخذه منك

فرحه بسخرية:
– ايوه وانتي ساعتها عتفرحي عشان هيجيلك حفيد ثاني

ضربتها بقوه علي كتفها بغضب وقالت :
– ما انتي طول ما منشفه دماغك اكده عيحصل ان شاء الله ما تجلجيش
فرحه بألم:
– الله يا مرات عمي بتضربيني ليه ما بالراحه

هتفت عديله بها بغيظ شديد:
– خليكي اكده انتي ..و شغالين كيف الجط والفار وراء بعض شويه هو يزعل وشويه انتي تزعلي لما مش عارفين اخرت اللي انتم فيه ديه ايه ؟

فرحه بحزن عميق:
-العمل عمل ربنا
***

لمعت عينيه احمد بفرحه كبيره وهو راقد علي الفراش وابنته أسيف تدلف ومعها جلال ليقول بسعاده:
-أسيف حبيبتي كنتي فين وحشتيني تعالي في حضني يا قلبي

اشاحت وجهها بعيد عنه بصمت, اخفض احمد رأسه بحزن عميق حمحم جلال قائلاً بهدوء:
– طب انا بره متهيالي انتم الاثنين محتاجين تتكلموا مع بعض في كلام كثير لازم تقولوه لبعض عن اذنكم .

خرج جلال ونظر احمد لها بحزن قائلاً بترجي: -مش عاوزه تيجي تحضني أبوكي يا اسيف ما وحشتكيش انا كنت هتجنن لما اختفيتي ومش لاقيينك خفت يجرا لكٍ حاجه بسببي
همست أسيف بصوت بارد :
-مش ملاحظ الخوف والحضن ده جي متاخر أوي أنا كبرت علي الحاجات دي خلاص

احمد بإستغراب:
-في طفل بيكبر علي حضن ابوه و أمه .

ابتسمت بسخرية هاتفه بجمود:
-لا أنا قصدي يعني اتعودت و كبرت بعيد عن حضنك يعني دلوقت مبقتش محتاجه لك

زفر احمد باحباط قائلاً يتعب:
– بتوجعني بكلامك ليه يا اسيف كفايه اللي انا فيه يا بنتي انا عارف ان انا غلطت في حقك كثير ومعترف بكده بس عشان خاطري متزودهاش عليا لسه مش عاوزه تقربي و تحضنيني
أقتربت اسيف بخطوات بطيئة وجلست أعلي كرسي جانب الفراش بينما كانت ترمقه بنظرات باردة كالصعيق :
– ممكن تقول عاوز ايه عشان أنا جايه مش براضية وغصبا عني

نظر لها بألم وقال أحمد بنبرة رجاء شديد:
-عاوزك تسامحيني انا معترف بغلطي اهو قدامك

ابتسم باستهزاء وقالت بمرارة:
– ياااه ياريت المشكله فعلا انك معترف بغلطك لاء المشكله اكبر من كده بكثير المشكله انك كنت بعيد و وجودك زي عدمه في حياتي مش كده وبس غير كنت بتجرحني طول الوقت و شايف ان اللي بتعمله ده صح غير اللي عملته في ماما

تمتم بصوت مرتجف ضعيف:
-عارفه يا أسيف زمان وأنا شاب صغير , كان عندي 21 سنه اتعرفت على ثريا بالصدفه في الجامعه وحبيتها و اتعلقت بيها جدآ، كنت شاب عادي حب ونفسه يتجوز اللي بيحبها من حقي مش كده؟؟ ولما عرضت على والدي الموضوع رفض جدا وقالي لا انا عاوزك تتجوز بنت واحد صاحبي وصاني عليها قبل ما يموت ولازم تتجوزها، رفضت طبعا وحاولت اعمل المستحيل عشان يرضى يخلينا اتجوز ثريا بس للاسف غصبني على حياه والدتك واتجوزتها

تذكر أحمد افعاله مع حياه بحزن وقال بندم قاتل: -بقيت بعاملها وحش أوي وجاي عليها طول الوقت عشان كنت شايف ان هي السبب في فراقي بيني وبين حبيبتي الغضب عماني ما كنتش شايف بعمل ايه ولا انها ما لهاش ذنب في اي حاجه وكنت لسه مستمر بقابل ثريا وهي كانت بتضغط عليا وتانبني ان انا السبب عشان سبتها وما تمسكتش بيها اكثر غير العرسان اللي كانوا بيتقدموا ليها وكل مره بتحاول تطفشهم بحجه شكل وكانت جابت اخرها وقالتلي ان انا هوافق على أي عريس منهم لو مش عاوز تتصرف فما لقيتش حل قدامي غير اتجوزها وأحط اهلي قدام الامر الواقع

تأملها عدة لحظات والحزن يغرق وجهه قائلاً: -بس اتفاجئت بموت والدتك والمرض اللي كان عندها وكانت مخبيه عليا , انا عمري ما كرهتها زي ما انتي فاكره وهي فاكره والله العظيم لو كانت قالتلي انها عيانه كنت هقف جنبها لحد ما تخف

هتفت أسيف بحدة:
– انت بتحكيلي كل ده دلوقتي ليه؟عاوز تلاقي لنفسك مبرر للي انت كنت بتعمله في ماما وفيا.

هز رأسه برفض قائلاً بندم شديد:
– لا خالص انا قلت لك أنا غلطان ومش بلاقي لنفسي اعذار ولا مبرر بس باحكيلك ظروفي ساعتها كانت ايه؟ أسيف انتي كمان كنتي بعيد عني لما كنت بحاول اقرب كنتي بتبعديني وتفضلي تجيبي لي سيره موت والدتك ان انا السبب وبتحسسيني بالذنب من كلامك و ده كان بيموتني ويتعبني يا اسيف وممكن ده كان سبب من الاسباب اللى كان مخليني بعيد عنك

وقد اسود وجهها من شدة الغضب قائله بحده:
-انا برده اللي كنت بمنعك تقرب منى هو انت هتجيبها فيا انا دلوقتي ؟

تنهد أحمد بتعب ويأس:
– مش ممكن إنتي اللي متخيله وفاكرة أن أنا بعيد عنك؟
– يا سلام طب تمام

أجابت اسيف ببرود وهي ترمقه بنظرات جامده متسائلة:
– هو انا ليه لما نجحت في المدرسة وانا في ٣ ثانوي ماجيتش حضنتني ليه؟

عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره:
– انا يمكن محضنتكش صحيح بس كنت فرحان ليكي و إنتي عارفه ده كويس.

صاحت أسيف بغضب مكتوم:
– لا انت كنت فرحان بنجاح هايدي بنتك أكتر مني حتي عملتها حفله مهتميتش حتي تعرف مجموعي كان كام ؟ ولا في اي سنة ؟

احمد بتبربر:
– حفله نجاح هايدي كانت أمها إللي عملتها مش أنا واتفاجئت ذيك أمها وكانت عاوزه تفرح بابنتها ومش هقدر أمانعها ساعتها وبعدين مين قالك اني مهتمش مين قالك اني معرفتش مجموعك كان كام عشان أنا سألت وعرفت من المدرسة قبل منك كمان .

شعرت بالدموع الحارقة تتصاعد بعينيها حاولت الضغط علي شفتيها بقوة ، ترفرف برموشها المبتلة في محاولة منها لكبت دموعها قائله:
-طب فاكر عيد ميلادي ؟
احمد بتأكد:
– اكيد طبعًا
– كام ؟

صمت لحظه وهو يفكر ليقول بارتباك:
– في شهر ٩،أسيف انتي بنتي الكبيره أول فرحه ليا إنتي متعرفش انا قد ايه بخاف عليكي و بقلق عليكي كل اللي بعمله ده عشان بحبك

أخفضت رأسها بألم وقد هدد الضغط الذي قبض علي صدرها بسحق قلبها اخذت ترفرف عينيها بقوه في محاولة منها لابعاد تلك الدموع التي تحرق عينيها قبل ان تنسكب علي وجهها وتفضح امرها اخذت تتنفس ببطئ محاولة السيطرة علي ذاتها لتنجح في نهايه الامر برفع رأسها والنظر في عينيه بوجه متجمد خالي من المشاعر وهي تجيب ببرود:
– انا عيد ميلاد مش في شهر ٩ يا بابا طب ليه محضنتنيش لما نجحت ؟ طب ليه معنديش ولا ذكرى ليك و انت بتحضني؟ ليه معنديش ولا ذكرى فرح وسعاده و أوقات جميله لينا مع بعض

هز رأسه برفض قائلاً سريعا:
– أنا مفيش حد بحبه قدك انا أي حاجه بعملها عشانك انتي نجاحي و تعبي و شغلي ، اوعى تفتكري ان انا بنساكي او مبعرفش ايه الي بيفرحك

انفجرت أسيف في البكاء وهي تشعر بألم حاد يمزق قلبها قائله باستهزاء :
– انت بتتكلم كلام دبلوماسي زي ما بتتكلم في برنامج تحكي في عن انجازاتك ونجاحك ازاي، انا مش مذيعة في برنامج بتسالك ،انا ولا مره صدقتك و انت بتتكلم عن حبك ليا .
-يا بنتي اللي انا بعملهولك ده مش شوية كل نجاح كل تعب كل ده ليك انتي واختك في الآخر جايز معرفتش أعبر عن حبي ليكي غير بالكلام بس حقيقي بحبك ومش بكرهك ممكن تكون مشغوليات الشغل خلتني بعيد عنك .

صاحت بهستريه تخرج بها كل الألام التي تعرضت اليها منذ سنوات طويلة قائله بدموع:
-مكنتش عايزه فلوس ولا كلمه بحبك ماكنتش محتاجة منك غير انك تسمعني لما اقولك عاوزة اتكلم معاك ، احيانا كل اللي ببقى محتاجاه اني اتكلم و تسمعني بإهتمام زي ما الغريب بيعمل معايا انما هي دي المشكلة اننا دايما بنتوقع اننا هنتعامل زي ما بنعامل و ما بيحصلش فبنتخذل .

شعر أحمد بالدماء تنسحب من جسده فور سماعه كلماتها تلك كم مؤلمة تلك اللحظة والمواجهة لكن قد تكون لابد منها حتي يرتاح قلبه وقبلها

قالت بصوت اجش من كثر البكاء و قوة المشاعر التي عصفت بها بألم :
– انت بتديني اللي انت فاكر ان انا محتاجاه بس مش هو ده اللي انا عايزه ،انت عمرك ما هتفهمني

تطلع فيها وهو يشعر بان الضغط الذي قبض علي صدره يهدد بسحق قلبه قائلاً:
– طب حاولي تفهميني الصح وأنتي عاوزه إيه جربي وأنا والله العظيم هحاول

هزت أسيف رأسها بهدوء وهي لاتزال تتصنع البرود وتجفف دموعها:
– مش لازم أقول المفروض تكون عارف بنتك محتاجة ايه وبتحس بايه؟

تمتم احمد وهو يشعر بالذنب يتغلغه من الداخل:
-معاكي حق بس اظن الوضع اللي إحنا في ده ممكن يستحق تحاولي تديني فرصه وتخليني اقرب منك

صمتت أسيف ناظرة إليه بتردد وهي تشعر بكامل جسدها الغض يشتعل وكأن هناك حمم من النيران تسري داخل عروقها من دموع والدها و نبره الألم الذي تراها لأول مرة،اخذت أنفاسها تتعالي بقوة محاولة التحكم في مشاعرها التي تعصف بها .

***
تركت نادين فرحه وذهبت إلى زين حتي تراه فمنذ أن جاءت إلي هنأ ذهبت تجلس تتحدث معها دلفت الجناح الخاص بيهما قائله:
– زين .

لتري الغرفه خاليه من وجوده لتعقد حاجبيها بحيرة لكنها لم تستمر طويلا حين امسكت يد بذراعها من الخلف تلفها حول نفسها بسرعة لتصطدم بذلك الواقف خلفها تسمع تساؤله الرقيق الهامس:
– زين!. فى واحدة تنادي علي جوزها باسمه .

عقدت حاجبيها متسائلة بإستغراب مبتسمه:
– امال بعد كده اناديك بي ايه هو انت مش اسمك زين برده

ليحتضنها زين بحنان جذبها اكثر اليه حتى كادت ان تلتصق بصدره العريض ليقول بنفس همسه مبتسما برقة:
– قولي لي حبيبي روحي قلبي عقلي كده
نظرت إليه مبتسمه تتنهد من تلك السعاده التي أصبحت فيها ثم تنحنحت تحاول اجلاء صوتها وهى فى نفس الوقت تحاول تحرير ذراعها من يده حتى تبتعد عنه قائلة بارتباك:
– مممم ده انت شكلك فايق ورايق اوعى كده

ليقول قائلا مبتسما بحنان:
– وما بقاش فايق ورايق ليه مش انتي معايا
اتسعت عيني نادين قائله بصعوبة تهز بالنفى بصوت مهزوز:
– زين واحده واحده عليا حرام عليك انا حاسه هيجرى لي حاجه من كلامك ده قلبي هيقف في مره

قاطعها زين هاتفا باسمها بنبرة تحذرية لكنها تحمل من الرقة ما جعل قلبها يرفرف بين اضلاعها حين سمعتها منه بتلك الطريقة:
– بعد الشر عليكي ما تقوليش كده ثاني

ليكمل بمرح و اقترب بوجهه منها مشيرا إليها ويسألها بخبث :
– وبعدين و انا اللي كنت بفكر في ولاد تاني وانتي مش قادره من كلمتين آمال هتحملي وتولدي تاني ازاي

ظلت صامتة عدة لحظات بعدم استوعب قالت بصوت متوتر ومتقطع:
-آآ انـ آآ أنت بتقول ايه ؟
– في ايه بس مالك اهدي وجمعي الكلام
ضحك زين عليها ثم امسك بيدها يتجه بها ناحية الأريكة يجلس ويجلسها بجواره وعينيه تمر فوق ملامحها الخجولة المتوردة بشدة قائلا:
– انا بتكلم جد
نادين حاجبيها بتفكير وقد ازدادت فضول:
– بتتكلم جد ازاي انت مدرك كلامك بجد يا زين عاوز طفل ثاني مني

تعلقت عينيها به ليأسر ليل عينيه امواج عينيها بشدة جعلتها تشعر كما لو كانت تطفو بروحها بسعادة وخفة زفر زين يحررها من اسر عينيه حين اخفض وجهه يهمس بتعجب :
-ايوه فين المشكله مش انتي مراتي
ابتسمت نادين بسعادة لم تستطع اخفائها ليبادلها هو الاخر الابتسامة بحنان ليظل على هذا الحال

لحظات حتى تنحنح زين محاولا الحديث بجدية قائلاً:
-افهم من ابتسامتك دي موافقه يكون عندنا طفل ثاني

– طبعا وانا هرفض ليه
لتشتعل عينيها وهي تكمل بهمس بنعومة:
-وخصوصا لو طفل قمر نفس شكلك
جذبها اكثر اليه حتى كادت ان تلتصق بصدره العريض يقول بنفس همسها مبتسما برقة:
– لا انا عاوزه شبهك انتي عشان يبقى معايا قمرين انتي وهو .

اخفضت رأسها في خجل منه ومن طريقة حديثه المغازل رغم أنه زوجها لكن لم تعتاد أو تسمع منه غزل بشكل هذا أو صريح لكنه اسرع يرفع وجهها اليه قائلا:
– طب مش يلا بقى

عقدت حاجبيها بعدم فهم:
– يلا ايه

غمز بطرف عينه بخبث هاتفاً:
– يلا نجيب اخ لوتين ولا غيرتي رايك
– زين اتلم اخواتك تحت و مامتك وكمـ.
وقبل ان تغلق جفنيها بخجل كان هو يقاطعها بشفتيه بقبلة طويله حانيه متعمدا فقط اسكاتها ولكنها خطفتها من افكارها وخطفها بها لتعجز عن وصف هذا.

ابتعد عنها ليكافئها بابتسامه جانبيه تعشقها وهو يمرر ابهاميه علي وجنتيها فيردف قائلا بمكر:
– يا حبيبتي ما ده احسن وقت و وهم مشغولين كده ومش دارين بينا تعالي بس
***

خرجت أسيف من غرفه والدها لتقابل في وجهها جلال كان ينتظرها أمام الغرفه قائلاً مبتسم:
-باباكي بقى عامل ايه بقي احسن دلوقت
هزت رأسها بالايجاب بصمت لترحل ليقف أمامها قائلاً:
– على فين ؟

– مكان ما جيت عندك مانع .
أجابت اسيف بهدوء ليقول جلال متسائلا بفضول:
– هو إنتي كنتي فين اصلا كل المده دي كلها ؟ انا دورت عليكي كثير ما لقتكيش .

قالت اسيف بلا مبالاة:
– كنت قاعده عند مصطفى .
أحمر وجه من الغضب الشديد قائلاً بغيره:
– نعم مصطفى ثاني يعني انتي كنتي طول المده دي كلها قاعده معاه في بيته لوحدكم .

اجابته أسيف بصوت منخفض متعب:
– لا كانت والدته قاعده معانا وبعدين في ايه ؟
جز علي أسنانه بحده وقال بانفعال:
– لا كمان بتسالي في ايه طب هنتكلم بعدين في الموضوع ده و دلوقتي اتفضلي معايا مش هتروحي في اي حته و رجلي على رجلك انا ما عنديش استعداد تختفي ثاني وما اعرفش ليكي طريق

أينتظر منها حقًا ان تعود الى ذلك العذاب؟ هو لا يعرف ما تشعر به لا يفقه شيئًا مما يدور في عقلها وكم تخشى ان ينقلب السحر على الساحر وتقع هي بفخ العشق المرهق ذلك ولا تعرف تعيش بدونه:
– هو انت عندك أمل ان انا بعد كل اللي حصل هامن ليك ثاني و اثق فيك وارجع معاك بأي وش تطلب مني الطلب ده .

قال جلال بصرامة:
– بوش أن انا أبو ابنك او بنتك اللي جايين .
همست أسيف بصدمه و هى فاغرة الفم:
– عرفت منين ان انا حامل .

تنهد جلال مجيب بجدية:
– من الرساله اللي سبتهالي علي تلفوني يا اسيف انتي نسيتي.

هزت رأسها بالايجاب بتذكر قائله بحسره: -ايوه صح نسيت بعتهالك قبل ما اعرف حقيقتك انا كنت مخدوعه فيك قد ايه؟ وكنت عايشه مع مين كان عندي امل فيك .

هتف جلال بصخب:
– هنرجع لنفس الكلام ثاني. يا اسيف بطلي كل غلطه تمسكهالي ومش بتسامحي ولا تعدي حاجه لو هتعيشي في الحياه كده يبقى مش هتعرفي تعيشي ولا ترتاحي .

هزت أسيف رأسها بالنفى قائله بنبرة ميؤوس منها وضعف :
– هو أنتم ليه كلكم واخذين فكره ان انا فرحانه قوي بـ اللي انا فيه ونفسي أفضل كده تعبانه ومش مرتاحه من الماضي انا مش هقدر اعدى كل حاجة على حساب نفسى طبعا ولا هقدر اسامح اما احس ان حد بيجى عليا لمجرد إني خايفه لأكون بأذى زى اى حد

قال جلال بحزم:
– نفسي تفهمي ان كل حاجة فاتت خلصت وانتهت بصي قدام ولازم تاخدي خطوة جديدة .

اغرقت عينيها بالدموع بائسه قائله بصوت ضعيف:
-تعرف دايماً لما اتنين يسيبوا بعض كل واحد فيهم بيبقي عايز التاني يحس انه تعبان من غيره، او فحال اوحش، عشان يعرف يعدي و يقوم، هكدب عليك لو قلتلك محستش بكده بس بما اني مركزه مع تجربتي المره دي أوي عشان فعلاً عايزه اتعلم و اقوي بجد ، قعدت احلل وافكر الاحساس ده بكل تفاصيله لحد ما وصلت ان لو فعلاً الواحد في يوم حب ازاي ممكن يتمني لحد حاجة زي دي، ايه الأنانية دي؟ حتي لو اتأذيت ليه اوصل اني اتمني ان الشخص التاني يتعب عشان يحس بقيمتي ده احساس مؤذي و ده مش طبعي، فانابت نفسي و لومتها و قلت لنفسي ان لو ده اختبار من ربنا يبقي لازم الواحد يكون قده مش كلام و خلاص و تكون النهايات اخلاق فعلا مش كلام .

بدأت شفتى اسيف بالارتجاف وهى تغمغم بصوت ضعيف:
-ايوه انا فكرت اؤذيك زي ما اذيتني يا جلال بس اكتشفت كده بضيع وقت ثاني في حاجه مش مستاهله واللي حصل حصل خلاص مش هيرجع حاجه عشان كده طالبه منك حاجه اخيره نسيب بعض بهدوء من غير مشاكل عشان انا مش ما فينيش نفس اكمل واعافر من ثاني .

شعر جلال بالبرودة تتسلل بجسده فور حديثها قائلاً بغضب مكتوم:
– انا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه من كلامك ده كله وانك لسه مصدومه فيا وده حقك انا هسيبك تفكري بس هرجعلك ثاني بس حاولي وانتي بتفكري كمان تفكري ان في طفل جاي ما لوش ذنب يعيش بين اب وام منفصلين عن بعض بسبب اسباب مش مستاهله وممكن تتحل بيادينا .

همست أسيف بمرارة:
– بالعكس عشان في طفل جاي لازم احسبها كده عشان و مايعيش نفس اللي انا عشته يا جلال .

هز رأسه بيأس وإحباط قائلاً بضيق:
-هو انتي ليه محسساني طول الوقت ان انا وحش وظالم قوي كده .

اجابته بصوت مرتجف ضعيف:
– يمكن عشان فقدت الثقه خلاص في كل اللي حواليا وجوايا شعور وحش اوي نفسي اتخلص منه بس مش عارفه ولا قادره

***
جلس جلال بارهاق بمنزله في الصعيد شاعراً بالم يكاد يحطم روحه الي شظايا عندما رأها تبكى وضعيفة بهذا الشكل فهو يكره رؤيتها تتألم خاصة اذا كان هو من تسبب فى المها هذا عالماً بانه قد كان قاسياً معها خلال الايام الماضية تمتم بصوت بضيق :
– ضعيفه ويائسه ومحبطه ومعندهاش صبر حتي تحاول تتغير للاحسن أو تدي لنفسها فرصه تجرب .

اجاب عيسي بجدية:
-ما تنساش الحاله اللي هي فيها واللي عرفته عنك وهي فاكرة دلوج انك كنت بتستغلها ومش بتحبها وبعدين بصراحه احسن انها ما رجعتش على طول كانت عتفضل محتاره و ممكن تسيبك بعد ما تتعلج بأمل ثاني لكن سيبها تاخد وجتها احسن عشان تفكر صوح وما ترجعش في جرارها مش روحتها بيت ابوها

هز رأسه بالايجاب بهدوء وقال:
– ايوه خرج من المستشفى ووصلتهم و ما مشيتش غير لما اتاكدت أنها هتبات في بيت أبوها شكلهم اتصالحوا او هتديله فرصه ثانيه مش عارف هي بس مطلعه عيني انا و مش عايزه تسامحني .

تسأل عيسي فجاه:
– هو انت عاوزها بجد يا جلال ولا زهقت منها خلاص لو شايف نفسك مش عتستحمل وهي اكده فأحسن تطلجها وتبعد عنها .

اتسعت عيني جلال بدهشة متسائلا بحده:
– ايه اللي انت بتقوليه ده يا عيسى انت بتحرضني اسيبها بدل ما تقول لي معلش وتديني امل, انت مش شايف منظري عامل ازاي من ساعه ما رجعت من المستشفى منها .

عيسي بجدية:
– ما اني عشان شايفك اكده بحاول اوعيك وافهمك بدل ما تكمل معاها وتسيبها في نصف الطريج ساعتها عتتعبها اكثر وتتعب نفسك كومان فحاول في المده دي تفكر انت كومان زيها بعد كل اللي عرفته عنها لان الموضوع شكله مطول وعتتعذب معاها فمن البدايه اكده عاوزها ولا لاء

اجاب دون تفكير وقال بحزن:
– مش محتاجه تفكير يا عيسى انا كنت معاها وعاوزها لما ما كنتش عارف فيها ايه هاسيبها دلوقت بعد اللي عرفته ولقيت عذر بس هي ترجعلي وتثق فيا.

قال عيسي مطمئنا:
-معلش بكره ترچع من نفسها كيف ما رجعتلك يوم فرح صفيه بس سيبلها وجت واديها فرصه تفكر المره دي

جز علي أسنانه بحده قائلاً بغضب شديد وهو يتذكر تلك الليلة يوم الفرح :
– نحس يعني حتى المره اللي ربنا يهديها وترجع لي بارادتها تمشي وتفكرني اتجوزت عليها منك لله يا صفيه انتي ومصطفى في ساعه واحده

ابتسم عليه وقال عيسي بحذر:
– والله انت ظالم مصطفى معاك شكله شاب زين ومحترم كفايه موجفه من صفيه واللي عمله اني احترمته بصراحه واحد مكانه كان طلجها في نفس الليله ولا همه حديد الناس بسبب اللي سامعه منها .

أحمر عينه بغضب مكتوم وقال بتوعيد: – أنا الواد ده مش بكرهه و بس لاه نفسي اموته بايدي كمان .. عشان حاولت اجيب نمرته واتصلت بيه وسالته عن اسيف تعرف عنها حاجه قال لي لاء ما اعرفش مكانها ولا اعرف عنها اي حاجه, وهي طول المده دي كلها كانت عنده في بيته.. لما اشوفه بس ومش هرحمه المره دي .

***
نزل دياب السلالم سريعاً وخلفه جميله تنده عليه قائله :
– يا دياب استني انا بكلمك في ايه مالك؟ كل ما اجي اتكلم معاك تسيبني وتمشي هو انا كنت عملت ايه لكل ده

وقف دياب قائلاً بجمود:
-خير رايده ايه ؟
نظرت إليه بحزن وقالت بضيق من نفسها:
-هو انت زعلان مني ليه كل ده عشان سالتك الساعه بتاعتك بتعمل ايه في اوضه احلام طب ما من حقي اسال اي حد مكاني كان هيسال برضه

نظر لها دياب بحده قائلاً بخيبة أمل:
– عشان انتي ما كنتيش بتسالي يا چميله انتي كنتي شاكه

تطلعت فيه عينيه قائله بندم:
– هو انا كل ما اسالك عن حاجه في الموضوع ده تاخذها بمحمل الشك ليه يا دياب، انا مش شاكه فيك انت اكثر واحد في حياتي كلها بثق فيه و بصدقه ومع ذلك انا اسفه .

هز رأسه بيأس هاتفاً بقله حيله:
– ولا حتى بتشكي فيا هي جت عليكي يعني إذا كان اخوي اللي دم و لحم واحد شك فيا اني ببص وعيني من مراته جت عليكي انتي كومان

أقتربت منه سريعا بلهفة قائله وهي تضع يدها بحنان فوق يده:
– لا يا حبيبي ما تقولش كده هو معذور برده اي حد مكانه كان ممكن يشك برده الادله كلها كانت ضدك الساعه اللي لقاها في اوضه احلام غير احلام عرفت تاكل عقله بكلمتين وخلته يصدقها هي وبيكذبك انت ان شاء الله قريب هيعرف الحقيقه و هيصلحك وترجعه زي الاول .

اخفض رأسه دياب بحزن وخزع:
– مش جادر اصدق لحد دلوج ضاحي اخوي يكذبني إني و يصدج احلام يصدج عليا حديد كيف ديه طب ليه؟ شاف عليا ايه عشان يصدج.. ضاحي كان اكثر من اخوي يا چميله , ديه اني كنت شايل هم الموضوع وبفكر ليل ونهار عشان منظره جدامي بس يجي هو يصدج في ثانيه اكده

تطلعت فيه باشفاق لتقول بحنان:
– معلش يا حبيبي بكره يندم ويعرف الحقيقه.

وقبل أن يجيب عليها وجد الغفير يدلف، أنزلت جميله النقابة سريعاً وركض نحوه وهو يقول بلهفة :
-الحج يا دياب بيه مصيبه ؟

تقدم دياب منه يقول بصوت أجش:
– في إيه اللي حٌصل

أرتجف الراجل وهو يتحدث بارتباك شديد وقال بتلعثم:
– البلد كلاتها بتتحدد علي مراتك أنهم شافوا مرات دياب الجبالي مع العمده عيسي وهما آآ استغفر الله العظيم في وضع مش زين .

كانت جميله تستمع الي حديث الغفير وهي تشعر بالصدمه تتخللها شهقت بذعر بينما شعر دياب بالدماء ينسحب من عروقه فور سماعه ذلك واندفع دياب إلي الغفير يسحبه من ملابسه بغضب عارمه :
– بتجول ايه يا زفت الطين انت وهم يعرفوا شكل مراتي منين

همس الراجل برعب:
-والله العظيم ما اني ديه النجع كله بيتحددوا أنهم شايفوا واحده منقبه وجصيره وبنفس مواصفات مراتك آآ وكانت لابسه نقاب لونه اسود في أبيض والخياطه نعمات هي اللي عاملاه ليها وشافتها بنفسها وهي واجفه مع عيسى
***

في آخر الليل كان عيسي يسير في شوارع الصعيد بخطوات بسيطة وهاديه غافل عن تلك العيون السوداء التي تلمع بشر خطيرة وتقترب منه بخطوات سريعة وهو ينظر حوله بتراقب وحذر يتأكد لا يوجد أحد

قفز ماهر بغضب فوق عيسي ليقع من التوازن احكم قبضته فوق عنقه يعتصره بشده وهو يصيح بغضب مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه:
– هموتك وادفنك مكانك يا عيسي. هاخلص منك عشان فرحه تبقى لي لوحدي

تفاجأ عيسي بـما يحدث وهو يحاول ابعاد ماهر من فوقه والذي بدأ يزيد من ضغط يديه حول رقبته حتي شعر عيسي بالهواء ينعدم من حوله فلم يعد يستطع التنفس فاخذ يضربه بقبضته فوق يده المحيطه بعنقه محاولا جعله ان يبتعد عنه وافلاته لكنه لم يتحرك من مكانه وظل يعتصر عنقه بقبضته القوية فلم يشعر بشئ الا وغمامه سوداء تبتلعه .

اندفع فجاه دياب نحوه علي الفور يجذبه بقوه من ذراعه في محاولة منه ان يبعد اياه عن عيسي والذي كان وجهه قد تحاول الي اللون الازرق من شدة الاختناق ابتعد ماهر عنه ليصيح دياب بغضب و صدره كان يعلو وينخفض بعنف مكافحاً لالتقاط أنفاسه :
– بتعمل ايه يا أبن الـ* عيموت في يدك

ماهر بغضب شديد وقال:
-وانت مالك محموق جوي اكده عليه مش ديه اللي اخذ ارض ابوك منك وحرج جلبك سيبني عليه خليني اموته

صاح دياب بانفعال قوي:
– تموت مين ديه اني اموتك فيها جبل ما تجرب على عيسي مره ثانيه ســـامـــع حـــــديــــــدي

عقد حاجبيه متسائلا بحده وسخرية:
– الله، ده احنا شكلنا هنبتدي نحن لايام زمان

نهض عيسي بوجه ازرق مختنق وهو يسعل بشدة محاولا التقاط انفاسه بصعوبه ليكمل بجدية دياب :
– لا بس عرفت الحجيجه يا ماهر عرفت انك انت وابوك إللي ورا كل اللي حصل وحاولت توقع ما بيني وما بين عيسي اني كشفتك من زمان يا ماهر انت وعيسى بس كنت سايباك عشان الاعبك براحتي انت وابوك الشيطان وعرفت ان الارض مش بتاعه ابوي ولا حاچه و ان ابوك هو اللي نصاب

ارتسم الذهول والغضب فوق ملامح وجه ماهر فور سماعه ذلك، تابع دياب حديثه تمتم قائلاً بهدوء مميت:
– حتى موضوع المخدرات يا ماهر اللي اديتهم لضاحي كشفته واتصلت بعيسي واتفجنا نبدلها بحنه واتهمت عيسي اللي حطها عشان تصدج أن احنا لسه في عداوه ما بينا

التمعت عينيه ماهر يشراسة ليتقدم منه عيسي بخطوات متواعدة بطيئة يضربه بعنف وغل عدة مرات حيث كانت الدماء تنزف من كامل انحاء وجهه و عينيه مغلقة تماما من اثر التورم الذى بها.

انتفض دياب مبعداً يد عيسي بحده التى كانت ما زالت تلكم ماهر بغل وصاح دياب بغضب شديد:
-بس يا عيسى عتضيعي نفسك عشان واحد ما يستاهلش
استغل ماهر حديثه مع عيسي ونهض يحمل سكينه حاده متقدم نحو عيسي صائحاً بشراسة يغرز سكينه :
– هموتك يا عيسى .

لم يدعه دياب يكمل جملته حيث اندفع نحو عيسي يعطي ظهره إلي ماهر وجاءت السكينه به بدلا منه وبدأت الدماء تنزف من كتفه الأيمن وهرب ماهر يركض سريعا هاربا, إتسعت عيني عيسي بصدمه قائلاً بخوف:
– ديـــــاب
***

في القاهره، فى المساء كانت نادين جالسة على الأريكة بجانب زين الذى يضمها لصدره بتملك رافضاً أن يبعدها ولو للحظة عن حضنه , أمسكت بيده التى تحاوطها قائله:
– ممكن أقوم أعمل حاجة أشربها

ضم شفته بعدم رضي قائلاً:
– وتبعدى عنى
ابتسمت له نادين بدلال:
– زين وبعدين انا من اول ما رجعت من بره وانا تقريبا في حضنك مش بقوم

هتف بها زين بتذمر قائلاً:
-و انتي عاوزه تبعدي عني ليه

هتفت نادين وهى متوردة الوجنتين مبتسمه : -اللي يسمعك كده يقول مسافره ولا حاجه انا هقوم اروح المطبخ بس اجيب حاجه نشربها وارجع ثاني

قالت بترجي فقال لها زين بتفكير:
– طب نقوم سوا
– موافقه .

هتفت بها نادين وهى تنهض برفقته , ولكنهم ما إن هموا بالدخول إلى المطبخ حتى حملها زين فجأة قائلاً وهو يخطو تجاه غرفتهم هاتفاً بمكر: -أنا بقول ننام أحسن

هتفت به نادين بإعتراض خجول:
– يا زين .

ولكنه لم يستمع لها بل دلف إلى الغرفة غالقاً الباب خلفه بقدمه وسط ضحكتها الرقيق .
بعد مده ليست طويله خرجت نادين من الغرفه تغلق رباط الروب حول خصرها وعلي وجهها ابتسامه سعيده، ثم دلفت إلي المطبخ تحضر شئ يشربوا .

كان بداخل الغرفه زين ممده جسده أعلي الفراش ورسم البسمة والفرحة علي وجهه فكان يعيش اجمل أيام حياته مع حبيبه و زوجته نادين نعم لقد أعترف وتأكد من عشقه لها وقرر سوف يصارحها بذلك أيضا وقد ندم علي الأوقات التي ضيعها بعيد عنها وهي كانت أمامه وبجانبه طول الوقت

أستمع فجاءه إلي صوت هاتفه معلن وصول رسائل نهض يرتدي السروال فقط و أخذ هاتفه من أعلي الطاولة وفتح الرسالة و ظهر على وجهه الذهول والصدمه وهو يقرأ محتوى الرسالة وكان

– ازيك يا زين انا اسيل وحشتيني أوي اخبارك ايه ؟

وفي نفس اللحظة جاءت نادين قائله بصوت عالي قليلا من الخارج:
– تحب يا حبيبي تشرب قهوه ولا عصير زين انت مش بترد عليا ليه ؟

ابتلع ريقه بصعوبة شديدة وقال بعدم تصديق:
-مش معقول أسيل رجعت تكلمني ثاني بعد المده الطويله دي ؟
***

في منزل صلاح الجبالي كان الهدوء من حوله حتي صفت سياره أمام المنزل ونزل منها شخص اشار بصمت الى شخص آخر الذى كان واقفاً بوجه جامد حاد ليفهم على الفور ما يريده منه انتشر داخل المكان بعد عدة لحظات رجلين ضخمين من رجال البوص .

بلحظة واحدة، استمع صلاح فجــأة إلى صوت تهشم النافذة الزجاجيـة مع وقوع شيئًا مُشتعلاً، ثانيه أخرى وكان هناك صوت تهشم آخر مع وقوع شيء تخرج منه النــار، ثوانٍ وكان المنزل يشتعل وصوته يصرخ برعب يملئ المكان، وألسنة النيران تتعالى منه مصحوبة بدخان أسود كثيف

ركض بصعوبة شديدة صلاح بسرعه البرق يحاول الوصول إلي الخارج و الحريق وصل السخونـة وحرارة الإنصهار العاليــة والنار تاكل في المكان كله اقترب لباب الخروج أخير وقبل أن يضع يده حول مقبض الباب تذكر امواله الذي ظل يجمع بها من أعمال الحرام و الطمع .

أنتفض قلب صلاح هادر برجاء بصوتــــه القوي : -فــــلـــــوســــــي لااااااا

ركض إلي داخل المخزن بخطوات سريعة وثقيلة بين الحريق بصعوبة فقد كان المنزل بالكامل أشتعل دلف الي المخزن الذي كان يضع و يخفي فيه المال وكان العرق يفيض من جســده المتوهج، وهو يسعل من الدخان بنبرة مُرتعدة وهو يري النار قد احترقت الغرفه كلها ولم يعد بها شئ سليم

صرخ صلاح وجلس علي ركبته و انسابت دموعه بحسره:
– فلوسي شجى عمرررري

صرخ صلاح برفض وهو يلطم وجنتيه بقسوه و يصرخ بجنون:
– فلوسي . لااااااا شـجـى عمرررري لااااااا

ليغيب صوت صراخه حتي وجد نفسه يتنفس بصعوبــة ولا يستطيع التقاط شهيقًا واحدًا كان أمامه فرصة للهروب والنجاة لكن الطمع من قتله في الحياه وفي النهاية .

بعد مده جاءت الشرطه حاوطت المكان و أخرجت جثه صلاح أما عن ماهر فقد اختفي تماماً .

***

قـــبـــل مـــرور يــومــــيـــن .. .

جلس ضاحي في المنزل الذي استاجره بعد ان ترك منزل دياب اخيه منذ ما حدث تنهد بحزن شديد لا يصدق ان اخيه دياب كان عينه من زوجته كل هذه الفترة وهو لا يعلم كانت صدمة كبيرة له لكن ما حدث قد حدث والان يفكر كيف ينتقم منه ويرد ما فعله في زوجته

تقدمت احلام منه بوجه حزين زائف وقالت بحده:
– هو انت عتفضل جاعد اكده وسايب حجي كنت فاكره اول ما تعرف عتروح تموت اخوك على الاجل بس شكلي طلعت غلطانه ومش عتعمل له حاچه ما هو في الاخر اخوك برضه واني الغلبانه اللي هيداس عليا في الرجلين ظلم

ضاحي بحده قائلا:
– اجفلي خشمك يا احلام اني مش بعمل حاچه من ساعه ما جيت اهنه غير اني بفكر كيف ارد اللي عمله فيا ديه شرفي اسكتله كيف يعني
جلست بجانبه بلهفة قائله بخبث:
– ولا تتعب نفسك وتفكر اني عندي الحل, اللي يخليك تعمل نفس اللي عمله في مراتك وترد له اللي عمله فيا و تاخذ حجك وزياده منه
عقد حاجبيه متسائلا بفضول:
– كيف

ابتسمت له بخبث ذئب وهي تقص عليه خطتها ان تزبف اشاعه وسط الناس بان جميله علي علاقه بعيسي انصدم ضاحي في البداية ورفض بغضب لكن احلام حاولت التاثير عليه بالبكاء والمسكنه وهذا حقها حتي في النهاية و وافق بتردد

كان عيسي يسير في الطريق بخطوات بسيطة وهاديه حتي فجاه ظهرت امراه منقبه تصنعت انها وقعت في حضنه رغما عنها غضب عيسي وحاول ابعدها لكنها تشبثت فيه بقوه حتي ابعدها بعنف شديد:
– ما تفتحي وتبصي جدامك يا ست انتي في ايه

ابتلعت ريقها بتوتر وقالت بصوت مرتجف : -معلش يا بيه اسفه ما خذتش بالي الظاهر خبطت في طوبه ولا حاجه

رحلت سريعا بلهفة تطلع فيها بغضب وعدل نفسه ونفض ملابسه بضيق مكتوم و رحل هو الاخر

كان كل ذلك تحت انظار احلام والخياطة نعمات الذي كانوا يجلسون مع بعض ويشاهدوا ما يحدث فاحلام جاءت بها الي هنا بحجه أنها تريد شراء قطعه قماش جيدة وانها لا تفهم في تلك الأشياء

لوت نعمات شفتيها باستنكار بصدمه وهتفت بفضول:
– شوفتي اللي اني شوفته و سمعتي اللي اني سمعته يا احلام مش دي برضه سلفتك چميله واللي كان معاها دا عيسى

نظرت لها احلام ببراءة مصطنعه :
– شكلها اكده لهجتها كومان مصريه مالناش دعوه يا نعمات كل واحد في حاله كفايه ان احنا سمعنا وعرفنا امال اني و جوزي ضاحي سبنا الدار ليه استغفر الله العظيم من عمايلها

شهقت نعمات بدهشة قائله بلهفه:
-اني متأكدة منها هي اني العبايه دي عملتها لها جبل سابج جت مره الدار وفصلتها لها وكومان على رايك نفس لهجتها المصريه اني مش فاكره صوتها صحيح بس شكلها هي عشان منتقبه الا جولي لي بالحج عمايل ايه اللي شفتيها عليها انتي وجوزك عشان تسيبوا الدار

ابتسمت احلام بخبث فقد تحقق مرادها ان تلوث سمعت جميله بالحديث الباطل عليها وعلى عيسى فهي تعرف نعمات سيده فضوليه وتحب تعرف الاشياء الخاصه علي الجميع حتي تتحدث عنها مع غيرها وذلك ما حدث بالفعل وبسرعه البرق انتشر الخبر في البلد

قبل مرور ساعه

كانت جميله تستمع الي حديث الغفير وهي تشعر بالصدمه تتخللها شهقت بذعر وشعر دياب بالدم ينسحب من عروقه فور سماعه ذلك واندفع دياب الي الغفير يسحبه من ملابسه بغضب عارم:
– بتجول ايه يا زفت الطين انت وهم يعرفوا شكل مراتي منين

همس الرجل برعب:
– والله العظيم ما اني ده النجع كله بيتحددوا انهم شايفوا واحده منقبه وجصيره وبنفس المواصفات مراتك اا و و كانت لابسه نقاب لونه اسود في ابيض والخياطه نعمات هي اللي عاملاه ليها وشفتهم بنفسها وهي واجفه مع عيسى

اشار دياب بيده الي الراجل ليرحل من امامه بسرعه قبل ان يفعل شئ يندم عليه رحل الغفير ونظر لها دياب بصمت ابتلعت ريقها بتوتر ورفعت النقاب متقدمه منه بخطوات مترددة قائله بتلعثم:
-دياب انت ساكت ليه اوعي تكون صدقت الكلام ده عليا انا والله العظيم ما بخرج ولا بروح ولا باجي من غير اذنك وانا من ساعه اللي حصل اخر مره لما خرجت مع فرحه للمستشفى وزعلت منى وانا حرمت وبعدين انا ما اعرفش عيسي ده ولا شكله ايه اصلا ولا عمري قابلته قبل كده

نظر لها بغضب دفين هادر بصرامة:
– اكتمي يا چميله اني رايد افهم دلوج معنى الحديد ديه اللي اني سمعته وداير وسط البلد كلاتها

تطلعت فيه بدهشة وحزن قائلة بحده:
– ايوه يعني انت شاكك فيه ولا مصدقني ولا ايه ما تسكتش و رد عليا مش عايزه اشوف النظرة دي في عنيك ومش لاقيه ليها مبرر
ابتسم دياب ساخراً وقال بمرارة:
– دلوج بس عرفتي معني حد يشك فيكي ويحملك حاچه ملكيش ذنب فيها

اخفضت راسها جميله بالم وسقطت دموعها بقهر تطلع فيها دياب بضياع هاتفا بحده:
– اني لازم اشوف عيسى لازم اعرف معنى الحديد اللي اني سمعته ديه ايه لازم الاجي حل جبل ما حد ينهش في شرفي وشرفك

**
بدأ دياب يفتح عينه ويغلقها عدة مرات حتى تعود على الضوء ونظر الي الغرفه كانت عياده مشفي شعر بيد تربط علي كتفه بحنان نظر بجواره وجد عيسي الذي شعر بسعاده كبيره وابتسم قائلا بمشاكسه:
-اخيرا صحيت اني برده جلت اكده عمر الشجي بجي اكيد مش عتيجي لحد اهنه وتسيبني يا ابن العم

ابتسم دياب بحنان من حديثه وأخيرا ظهر الحق وعلم الحقيقة وعاد ينده عليه بلقبه مثل زمن ابن العم منذ الصغر ,قال بصوت هزيل:
– هو ايه اللي حْصل

اجاب عيسي بابتسامة مطمئنه:
– ما تجلجش الاصابه جت في دراعك وبسيطه واني شيلتك لحد العياده و جابتك اهنه

اعتدل في جلسته بصعوبة من ذراعيه بمساعدة عيسي متسائلا بحده:
-وماهر

عيسي بجمود:
-اول ما لجى السكينه جت فيك بدل مني طلع يجري كيف النسوان و لسه دلوج جاي لي خبر ان ابوه مات و الدار ولعت بيه لاسباب مجهوله ما حدش خابر مين اللي عملها
دياب بصدمه:
– عمك صلاح مات لا حول ولا جوه الا بالله جعد يحارب و يسعى وراء الشر وادي نهايته مات محروج , الله يرحمه

عيسي بضيق شديد:
– صوح نفد مني كنت ناويله على عمله سوداء هو وابنه اللي هرب

اغمض عيني يتعب وقال بجدية:
– مش كفايه لحد اهنه يا عيسى انتجام و حرب كفايه اللي حصل ما بينا زمان واللي وصلنا لي، اني وانت زمان بسبب الانتجام
تنهد عيسي بغضب دفين وهو يتذكر قبل أسابيع ما حدث بينهما..

أطفئ عيسي النار وهو ينهض ليتفاجا بضل امامه رفع راسه ينظر الى الشخص ليحمر وجهه بغضب شديد:
– انت ايه اللي چابك اهنه
تنهد دياب مجيب قائلا:
– اهدا يا عيسى واسمعني اني رايدك في موضوع مهم يخصنا احنا الاثنين

قال عيسي بصرامة:
– اني ما فيش حاچه بيني وبينك غور يلا من اهنه, بدل ما اعمل حاچه مش عتعچبك تاني
تنهد بياس ينظر الى عيسي ورفض الرحيل وتجاهل غضبه الشديد فهو يعرف انه محق

التفت عيسي ليرحل بغضب ليقف مكانه وهو يسمع دياب قائلا:
– اني عرفت الحجيجه يا عيسى الحجيجه اللي كنت بحاول اكذبها من زمان ان الارض بتاعه ابوك وعمرها ما كانت لابوي وابوي نصب على ابوك زمان هو و عمك صلاح

نظر له عيسي بدهشة متسائلا باستهزاء:
– ياااه اخيرا يا دياب ديه اني كنت خلاص فقدت الامل انك تصدج ان الارض بتاعه ابوي ويا ترى ايه اللي خلاك تصدج

اخفض راسه بندم شديد وقال بحزن: – كنت رايح لدار عمك صلاح و جايه اتخانج مع ماهر عشان اللي عمله في فرحه وضحك عليها واتصل بيها وسمعت بالصدفه ماهر بيجول لابوه انهم رايدين يوجعوا ما بينا وعمالين يخططوا كيف يبعدونا عن بعض.. كانوا بيفكروا مع بعض بكل جسوه وشر كيف ما عمل عمك صلاح وابوي زمان مع ابوك ونصبوا عليه عشان ياخدوا الارض منه

نظر له عيسي بحزن علي حاله رغم انه غاضب منه تابع دياب حديثه تمتم قائلا:
– وعرفت كومان اللي اني سمعته كان غلط من الاول ابوي هو اللي سلف ابوك 5000 الف عشان ياخد منه الارض وكل ديه كان اتفاج مع عمك صلاح عرفت كومان ابوي وعمك جد ايه كانوا بيكرهوا ابوك سامحني يا عيسى خابر لو جعدت سنين اتاسفلك على الغلطه دي مش عتسامحني وحجك بصراحه

اكمل دياب بالم وندم ينهش قلبه قائلا:
– بس خلينا نحسبها من جهه ثانيه وخليك احسن مني اني غلطت ومعترف و مستعد اعمل اي حاچه اكفر بيها عن غلطتي بس خلينا جبل اي حاچه نحط ايدينا في ايدين بعض عشان نبعد اي شر ما بينا او يؤذي عيلتنا اللي في خطر كبير جوي جاي علينا يا عيسي لو ما كناش مع بعض هيدمر كل الناس اللي بنحبهم في حياتنا

صمت عيسي لحظه وهو يفكر يقبل ام يرفض في النهاية هو محق في تلك النقطه اذا تجاهل الامر سوف يؤذي عائلته

بعد مده اسبوعين اتصل دياب بعيسي بعد ان تم الاتفاق بينهما ليخبره بقلق:
– عيسي ركز معايا واسمعني بسرعه اني في مصيبه دلوج بالصدفه بحط الفاكهه في المخزن بتاعي لقيت مخدرات وما اعرفش مين اللي حاططهالي تفتكر ماهر

– مخدرات

قالها عيسي بصدمه قائلا له سريعا بلهفة: – اكيد هو طبعا يا دياب حاول تتخلص منها بسرعه ممكن يكون بلغ البوليس و عيجي ليك دلوج والتهم عتلبسك دي فيها نيابه و حبس
هز راسه بالايجاب سريعا بقلق شديد:
– ماشي اتخلص منها بسرعه واجول لك عحاول احط بدلها حنه او اي حاچه عشان ماهر ما يشكش ان اني كشفته

اوما براسه موافق الراي ثم ليكمل عيسي بجدية:
– بعد ما تخلص منها لو البوليس جالك وسالك مين اللي حطهالك او بتشك في مين جول بشك في عيسي عشان في مشاكل ما بيننا وعداوه و اكده مستحيل ماهر يشك ان احنا كشفناه

وجاءت الشرطه بالفعل واتهم دياب عيسي لكن تفاجا بضاحي متوتر وقد شك بانه هو من وضع المخدرات بامر من ماهر حزن بانه مازال يصدق ماهر ويمشي وراءه وفكر بانه يحكي اليه كل شئ حتي لا يورط نفسه في شئ لكن قد جاء موضوع احلام وترك المنزل و لم يصدق حديثه

فاق عيسي من شرود علي صوت دياب يقول بعمق:
– سمعت اللي بيجولوا اهل البلد عليك و علي مراتي

هز راسه برفض بعدم فهم حتي قص عليه دياب ما قاله له الغفير قبل ساعات احمرت عينه عيسي بغضب واستنكار قائلا بحده:
-بس الحديد ديه كذب ما حصلش اني اصلا معرفش شكل مراتك ايه ولا عمري شفتها انت مصدج الحديد ديه عليا يا دياب

دياب بعتاب وقال بحده:
– تفتكر اني لو كنت مصدج حاچه من الحديد ديه كنت جيت انقذتك من ماهر يا عيسى ,اكيد طبعا لاه بس مش خابر مين اللي عمل اكده و يا ترى غرضه ايه المره دي رايد يوجع ما بينا ثاني ولا يعمل ايه اني مش صعبان عليا غير چميله مراتي هي دخلت ما بينا ما لهاش ذنب في حاچه اهل البلد يجيبوا سيرتها بالبطال

نظر له بحنق وهز راسه بتفهم وقال بصرامة:
-معك حج تزعل استغفر الله العظيم يا رب هي وصلت لكده اعراض الناس بجت لعبه ما تجلجش عنحاول نشوف حل للموضوع ديه و عنخرس لسان اي حد يتحدد نصف كلمه بس على مراتك

ليتابع حديثه قائلا متسائلا بشك:
– تفتكر ماهر هو اللي عمل اكده
توقع دياب ان يشك في ماهر ليقول بجدية: -بصراحه جي في بالي اول واحد بس حسيت مش هو بالذات بعد ما روحت ولجيته بيضربك و رايد يجتلك، منين رايد يجتلك ومنين رايد يشوه سمعتك وصورتك جدام الناس لاه يا عيسى في حد ثاني

نظر له عيسي بضيق يفكر في حديثه باهتمام و من الممكن يفعل شئ كذلك وماذا يريد من عملته ذلك بالتاكيد غرضه هو او دياب

قطع تفكيره دخول فرحه تركض بلهفة وخوف علي اخيها قائله ببكاء:
-دياب اخوي عملوا فيك ايه يا حبيبي عمله فيك ايه يا جلب اختك رايدين يحرموني منك ليه
اترمت بحضنه تبكي بشدة تألم دياب بسبب جرحه لكنه تماسك وضمها بذراعه السليمه بحنان:
– بس يا فرحه ما اني جدام زين اهو بطلي بكي عااد

رفعت عينيها الدامعه تنظر الى عيسي بغضب شديد:
-عملت ايه في اخوي يا عيسي ضربته و كنت رايد تموته المره دي وتخلص منه كيف ما حطيت لي المخدرات عشان تخلص منه برده

اتسعت عيني عيسي بصدمه قائلا بعتاب:
– اني برده يا فرحه ععمل اكده في اخوكي تتوجعي اني وبتشكي فيا اكده

صاحت فرحه بعصبية مفرطة:
– اني ما بجتش خابره حاچه اني تعبت منكم انتم الاثنين شويه هو يحرجلك الارض وشويه انت تحطله مخدرات في المخزن ورايد تموته ممكن تكون مش انت يا عيسي بس انت اللي حاطط نفسك في دائرة الشك بسبب اللي بتعملوه في بعض والعداوه اللي ما بينكم ولما اجي اتحدد مع حد فيكم يجول لي مش هو اللي بيعمل اكده و اخره اللي انتم في ديه ايه هتموتوا بعض لحد ما حد يخلص على الثاني ولا لسه

حاول دياب التحدث لتقاطعه فرحه وسط بكائها : مش رايده اسمع مبرر حد فيكم يا دياب المره دي اعملوا اللي انتم رايدين في بعض بس واني بعيد عنكم لازما تبجوا خابرين انتم الاثنين تهموني ومش ععرف اجي في حج مين ولا في صف مين علي التاني عشان اكده ابعودوني وخرجوني من اللي انتم بتعملوه

تمتمت بصوت ضعيف من بين شهقات بكاءها: -طلجني يا عيسى

تجمد عيسي فور سماعه كلماتها تلك رابطا افعالها بكلماتها تلك ليدرك انها تتحجج حتى تبعد عنه ابتلع الغصه التى تشلكت بحلقه بصعوبه قبل ان يتمتم بغضب شديد:
– انتي جنتي يا فرحه بتجولي ايه وعيا للحديد ديه

همست فرحه بصوت ضعيف:
-ايوه ومصممه جوي اني خلاص جبت اخري منكم

جز علي اسنانه بعنف من تلك الحمقاء يريد تكسير راسها اقترب منها جاذبا اياها بقوه من ذراعيها بحده:
– تعالي معايا يا فرحه عنتحدد في الدار مش اهنه حسابنا بعدين

حاولت جذب يدها منه باصرار قائله:
– بلا بعدين ولا جبلين جلتلك مش عاروح معاك وعطلجني

هتف بها عيسي بغضب شديد:
-فرحه جلتلك جدامي لا الا
قاطعه دياب وهو ينهض سريعا قائلا بحذر شديد:
– عيسي لحد اهنه وحاسب ديه خيتي جبل ما تكون مراتك سيبها كام يوم عندي تهدا ونبجي نتحدد بعدين

شعر عيسي بقبضه حاده تعتصر قلبه فور تخيله رحيله الي السرايا دون فرحه اسندت فرحه دياب ورحلت من المستشفى تحت انظار عيسي المترقب بحزن لا يصدق انها تخلت عنه بتلك السهولة
***

دخل دياب الى غرفته الخاصة به ليجد جميله نائمه على الأريكة وهي تبكي و تحتضن الوساده ليقول بدهشه وقلق:
– چميله مالك يا حبيبتي بتبكي ليه

رفعت جميله راسها لتجده يقف بجانب الباب يتاملها بدهشه لتندفع اليه بلهفه وتتلقاها ذراعيه تحتضنها بعشق شديد وهو يمرر يده على جسدها ثم قبل اعلى راسها وهو يقول بقلق:
-مالك يا حبيبتي في ايه بس

احتضنته جميله بشده وهي تقول بتقطع وضعف: والله العظيم يا دياب ما اعرف حاجه عن الكلام اللي قاله الغفير من شويه ولا اي حاجه عن عيسي ده ولا قبلته قبل كده انا باحبك انت وبعشقك انت و عمري ما هفكر ابص لواحد غيرك

ثم تابعت ببكاء وهي تحاول الابتعاد عنه قائلة: ومش ببص لواحد غيرك اروح اخونك معاه كمان

منعها دياب من الابتعاد وهو يرفع وجهها اليه ويمسح دموعها بحنان ويقول بعتاب:
– حرام عليكي يا شيخه بتبكي عشان اكده اني جلبي كان عيجف واني لجيتك بالمنظر ديه انتي هبله يا چميله انتي متخيله ممكن اصدج الحديد الاهبل اللي سمعته تحت ديه من الغفير عليكي برضه

ثم رفعها بحنان بين ذراعيه وهو يتابع بضيق: وبعدين بطلي بكاء وزعل عشان ما يجصرش عليكي وعلى اللي في بطنك

مررت جميله يدها بحب بداخل خصلات شعره السوداء الغزيره وهي داخل حضنه يحملها لتقول بخوف:
– بجد يا دياب مصدقني ومش مصدق الكلام اللي سمعته عليا انا كنت خايفه عليك اوي كنت هموت من الرعب وانا قاعده هنا ومش عارفه ايه جرالك و بتعمل ايه وخفت تروح تتخانق مع عيسى ولا تعمل حاجه تضيع نفسك

وضعها على الفراش واستلقى بجانبها وهو يتامل وجهها الباكي و يرد بحنان وهو يجفف دموعها برفق:
-لاه خلاص من اهنه ورايح ما فيش خوف ولا جلج من الموضوع ديه اني وعيسي صفينا كل الحسابات اللي ما بينا واتصالحنا كومان وعرفت ان اني كنت ظالمه

تنهدت جميله وهي تقول براحه كبيرة:
– انا كنت مرعوبه تكون اتهورت وعملت فيه حاجه الحمد لله يا حبيبي ان كل حاجه اتصلحت وانت بخير ايه ده

اتسعت عينيها بذعر و وضعت يدها على كتفه بخوف وهي تقول بتوتر:
– انت لافف ذراعك كده ليه انت متعور انت مش لسه بتقول مش متخانق مع عيسى و اتصالحته

مرر دياب يده بحنان بداخل خصلات شعرها وهو يقول بجديه:
– ما تجلجيش اكده دي اصابه بسيطه الزفت ماهر كان رايد يضرب عيسي بالسكينة واني فديته بس ما تجلجيش اصابه بسيطه اني زين

اقتربت جميله باعتراض تحاول فك ازرار العبايه التي جج يرتديها:
– طب خلينا ابصلك عليه و…
قاطعها وهو يمرر يده على شفتيها وهو يقول بعشق:
– وبعدهالك يا چميله جلتلك اني زين رايداك الايام الچايه تاخذي بالك من صحتك وفكريني بكره نروح للدكتوره اطمئن عليكي بجيلنا كثير ما كناش بنروح عشان ما كناش رايدين حد يعرف انك حامل لساتك بس دلوج خلاص تجدري تروحي وتطلعي براحتك

نظرت اليه متحدثه بتردد وخجل:
– طب همشي ازاي وسط الناس بعد اللي اتقال عليا مع ابن عمك

نظر دياب بحده قائلا بغضب شديد: – طب خلي حد اكده يجرب منك وشوفي اني ععمل ايه ديه اني اهد الدنيا علشانك لو حد جيه جنبك ولا كلمك نصف كلمه واحده

نظرت اليه بحنان قائله بحب:
– تسلملي حاول انت كمان تاخذ بالك من نفسك,انا مليش غيرك يا دياب انا وابنك اللي جاي وبناتك ولو حصلك اي حاجه هيضيعوا من غيرك وانا هموت مش هقدر اكمل من غيرك

ثم تابعت بعشق جارف:
– الموت عندي اهون من انك تبعد عني من تاني

احتضنها دياب وضمها اليه بقوه وهو يقول بصرامه حانيه:
– مش رايد اسمع منك الحديد ديه تاني اني معاكي ومش عسيبك ومفيش حد عيجدر يبعدني عنكم

رفعت جميله وجهها اليه وهي تبتسم بسعاده:
-ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك ابدا ويخليك ليا ولاولادنا

مال دياب على شفتيها يقبلها بشغف و بنهم ولهفه شديده ليتوه بداخل جنة عشقها لكن تذكر فجاه فرحه بالاسفل ابتعد عنها سريعا بانفاس دافئة:
– نسيت فرحه تحت

نظرت اليه بحب وهو يرفع وجهها اليه قائله بابتسامة عريضة:
– ايه ده هي فرحه تحت

احتضنها دياب اقرب اليه قائلا:
– ايوه تحت متخانجه هي وجوزها انزلي اجعدي معاها تحت عشان ماتضايجش وتزعل لوحدها اني خابر فرحه زين هتبان انها جويه وبتضحك ومش فارج معاها بس من جواها متعذبه جوي

اخذ دياب جميله ونزل لاسفل حيث توجد فرحه التي نهضت بهدوء وقالت :
– تعبتوا نفسكم ليه و نزلته اني كنت لسه عطلع انام معلش لخبطتلكم الدنيا
اقتربت جميله إليها بعتاب:
– اخص عليكي يا فرحه اوعي تقولي كده ده بيتك يا حبيبتي

ابتسمت لها فرحه بحزن متسائلة باهتمام:
– امال فين صحيح ضاحي واحلام اني مش سامعه ليهم حس في الدار ليه

نظرت جميله الى دياب بارتباك شديد وصمتت ليقول دياب بصوت اجش:
– عزلوا وشافوا لهم دار ثاني يسكنوا فيهم هم عاوزين اكده براحتهم

عقدت حاجبيها بدهشة وتفاجات ثم هزت راسها بعدم اقتناع.

***
سمعت والده صفيه صوت طرقات علي منزلها تقدمت لتفتح الباب لتتفاجا بعديله امامها و تسندها فتاه تعمل في السرايا , عقدت حاجبيها بدهشة قائله :
-عديله خير في حاچه

عديله بغيظ متحدثه:
– چرى ايه يا خيتي بدل ما تجولي اتفضلي تجولي چايه ليه

هزت راسها برفض سريعا وقالت بترحيب:
– لاه مش جصدي والله اتفضلي طبعا يا مرحب

تقدمت عديله بخطوات بطيئة تدلف للمنزل واشارت الي الفتاة تنتظرها للخارج دون حديث جلست عديله اعلي المقعد وهزت الفتاه راسها بطاعه وخرجت و قالت بجدية:
-عاملين ايه كيفك وكيف بنتك صفيه مبقتش تاچي تزورني كيف الاول ليه ولا زعلانه مني

اجابت بتوتر وقالت:
– لاه مش زعلانه منك ولا حاچه هو انتي عملتها حاچه تزعلها هي بس بجيلها كام يوم مش بتخرج من ساعه الفرح عاروح اعمل لك حاچه تشربيها وابعتهالك تجعد معاكي
لوت عديله شفتها بعدم رضي لترحل الي الداخل وبعد قليل دخلت صفيه بوجه شاحب والحزن علي وجهها فهي لا تخرج ولم تعد تمارس حياتها مثل سابق منذ الفرح تقدمت منها قائله بخجل:
– كيفك يا خالتي عامله ايه

تطلعت فيها بجفاء وقالت بحده:
– بخير يا صفيه اكده ما تجيش تزوري خالتك ما وحشتكيش ولا انتي مش كيف بنتي
تنهدت صفيه بحزن عميق وقالت بندم:
– معلش يا خالتي ما تزعليش مني بس بجيلي كام يوم تعبانه شوي

نظرت اليها بقلق مصطنع وفتحت ذراعيها قائله بغموض:
-سلامتك يا حبيبتي تعالي في حضني.. تعالي في حضن خالتك وجولي لي مالك بس

أخفضت راسها صفيه بضعف وتقدمت منها تحضنها وبدأت تطبطت علي كتفها عديله بحنان مصطنع قائله بهدوء مميت:
– خابره يا صفيه مره زمان عمك حسنين شخط في زين ابني وهو صغير كان عنده خمس سنين مستحملش ساعتها وفضل يعيط اليوم بطوله من زعلي وغضبي على ابني لميت شنطتي في ساعتها و اخذت عيالي الثلاثه وكنت عاسيب الدار , ودي كانت اول مره في حياتي اعملها حسنين جوزي ساعتها زعجلي وجالي انتي اتجننتي يا وليه عتسيب الدار عشان شخط في ابنك بس امال لو كنت مديت يدي عليه كنتي عتعملي ايه

استغربت صفيه حديثها و حاولت تبعد عنها بقلق لكن عديله منعتها من الابتعاد وسحبت شعرها من تحت حجابها تلفه حول يدها بقوه وغل وقالت:
-ساعتها جلتله كنت هردلك الضربه في وقتها يا حسنين عشان اللي يدوس على طرف واحد لعيل من عيالي اموته واكله بسنانى

صرخت صفيه بالم:
– ااااه شعري يا خالتي عيطلع في يديك سيبيني ااااه

لكن عديله علي العكس تماما ضغطت على شعرها بعنف اكثر قائله بغضب دفين:
-ديه اني عموتك في يدي رايحه تعملي لابني عمل واني اللي كنت بعتبرك كيف بنتي وعماله احامي عليكي واجف في صفك تبجى دي اخرتها عايزه تضري عيل من عيالي ولا عاش ولا كان اللي يجرب من عيالي واني علي وش الدنيا لسه

صرخت صفيه بقوه والدموع تنهمر من عينيها من قبضه عديله القويه لها حتي جاءت امها مسرعة علي الصوت لتتفاجا بمنظر ابنتها انتفضت بذعر وخوف لتركض بلهفة تبعد عديله عن ابنتها بصعوبة شديدة .
***

جاءت نادين قائله بصوت عالي قليلا من الخارج:
– تحب يا حبيبي تشرب قهوه ولا عصير زين انت مش بترد عليا ليه

ابتلع ريقه بصعوبة شديدة وقال بعدم تصديق:
-مش معقول اسيل رجعت تكلمني ثاني بعد المده الطويله دي

اجاب بتوتر عليها:
-اي حاجه يا حبيبتي من ايدك كويسه مش مهم

أجابت عليه نادين بابتسامة سعيده من الخارج : حاضر يا حبيبي

استمع الي صوت هاتفه يدق برسالة ثانيه محتواها = زين انت مش بترد عليا ليه

تردد زين في الاجابه عليها فهو اصبح يعشق زوجته نادين ولا يريد ان يخونها ويريد ان يغلق ذلك الباب تماما تنهد مجيب عليها :
-ازيك انتي يا اسيل اخبارك ايه و كنتي مختفيه فين المده دي كلها

– انا بخير كيفك انت وكيف احوالك معلش كنت مشغوله شويه غصب عني

استغرب زين بشده كأن اللهجة صعيديه وهذه اول مرة تتحدث معه اسيل كذلك لتكمل برسالة ثانيه محتواها

– انا كنت عاوزه اقابلك يا زين ضروري
اتسعت عيني زين بصدمه هل تريد تقابله بالفعل ويراها اخيرا لكن هو الان لا يريد ذلك تنهد بضيق شديد وقال بجدية

=ممكن اعرف عاوزه تقابلني ليه هو انتي مش اختفيتي فجاه رجعه عاوزه ايه دلوقتي لو كنتي فاكره زي زمان هنقعد نتكلم وندردش مع بعض عن حياتنا فتبقى غلطانه عشان انا قفلت السكه دي من زمان و انتبهت لامراتي وبنتي ومش عاوز اي حاجه تدمر حياتي بعد كده فلو سمحتي يا ريت ترجعي زي ما كنتي وما تفكريش تتصلي بيا ولا تبعتيلي رسائل ثاني

استغرقت وقتا طويلا حتي ارسلت له:
– طب عشان خاطري نتقابل مره واحد بس و مش هنشوف بعض ثاني بس لازم اقابلك المره دي قوي ضروري زين انا محتاجه لك قوي
تنهد زين بياس وضيق واحس بقلق بان يوجد شئ قد حدث لها وهو سبب غيابها ,هو لا يريد تخريب حياته لكن لا ينسي بانها كانت في يوم جانبه في اكتر وقت كان وحيدا ويريد احد معه لذلك وافق يقابلها وهو حاسم الامر انها اخر مره

– ماشي يا اسيل هقابلك بس دي اخر مره زي ما قلتلك
***

دلفت عديله بخطوات مريحة السرايا وهي سعيدة بما فعلته بصفيه وقد انتقمت منها لتقابل عيسي يجلس وهو خافض راسه شارد الفكر فمازال عقله يرفض تصديق بان فرحه تركته ولم تاتي معه يبحث عن شئ يبرر لها ما فعلته به ، زفر عيسي فاركا وجهه بغضب وقد اخذ عقله يدور فى دوائر مفرغه محاولا الوصول الى مبتاغها من الرحيل فحتي هو و دياب قد تصالحوا ولم يعد يفهم ما سبب رحيلها لكن ربما قد فاض الكيل وتعبت فقد تحملت الكثير والكثير افاق علي صوت عديله تنده عليه بقلق ليرفع راسه اليها متمتم:
– انتي كنتي فين ياما وخرجتي فين لوحدك

ابتسمت عديله بتشفي:
– رحت ازور خالتك عشان اربي صفيه على اللي عملته في اخوك چلال وحكايه العمل ديه بس انت مالك جاعد اكده لوحدك ليه

قال وهو يشعر بالم يكاد يحطم روحه الي شظايا هاتفاً بصوت منخفض:
– فرحه مشيت ياما راحت دار دياب اخوها و ما رضيتش تروح معايا وطلبت الطلاج كومان

نظرت اليه بصدمه كبيرة وقالت بحده:
– وانت كيف تسمح ليها بكده كيف تسيبها اكده تمشي مع اخوها هي مش خابره ان دارها اهنه ومكانها اهنه وسطنا رجعت ليه من غيرها

هز راسه بياس هاتفا بقله حيله:
-حاولت معاها والله ياما بس هي صممت تمشي معاه

صاحت عديله بنبرة قويه جدا:
– برده ما كنتش سبتها ان شاء الله تاخذها حتي بالغصب وتجول لها انتي مراتي اني ومكانك وسطينا تجول لها انتي واحده من العيله وما فيش حد من عيلتنا يسيبنا ويرحل اكده

قال عيسي باحباط ومحاولا تبرير:
– ياما انتي مش فاهماني والله حاولت معاها هي اللي صممت تسيبنا وتطلب الطلاج

هزت راسها برفض تام وعقلها غير مستوعب رحيل فرحه لتقول بنبرة حادة:
-اني ماليش دعوه بالحديد ديه و مفهمهوش اني خابره حاچه واحده انها طالما خطت الدار ديه ما لهاش طالعه منها إلا بموتها علي قبرها وبس خابر يا عيسى لو وافجتها على طلبها وطلجتها عازعل منك جوي

استغرب عيسي بشده رد فعل والدته فكان يتخيل بانها سوف تفرح برحيل فرحه لكن علي العكس تماما

تابعت حديثها تدمع عينها بحزن وقالت بغضب:
-ما تفضلش جعدلي اكده جوم حاول معاها مره وثلاثه وعشره لحد ما ترچع معاك جوم رجعها دارها يا ابني الدار عتكون من غيرها ضلمه وما لهاش طعم

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى