روايات

رواية بيت السلايف الفصل السابع عشر 17 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل السابع عشر 17 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء السابع عشر

رواية بيت السلايف البارت السابع عشر

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة السابعة عشر

اغلق عيسي باب الجناح وتطلع فيها بحده قائلا: -اني جلتلك ايه يا فرحه من اول ما فتحت الموضوع ديه اني مش عتجوز يا بنت الناس وانتي برده مصممه تمشي حديدك عليا
قالت فرحه بلهفه:
-معاش ولا كان اللي يمشي حديده عليك يا عيسي بس اني ما كنتش رايدة اظلمك
قال عيسي بصوت عال:
– تااااااني هو اني كنت اشتكيتلك اعمل فيكي ايه مش فاهم ليه مصممه تحرجي دمي وتعصبيني اني يا ستي راضي وحامد ربنا بعيشتي اكده معاكي وراضي باللي اني فيه رايده تعصيني علي عشتي ليه

صمتت وهو يركز بانظارها داخل كرتها المتوهجة و تلامس بعينيها اكوام تراب متسلسله يتساقط من عينيها بالم شديد، قطع رخام متوهجة بشعاع من للام متالقة داخلها
هز راسه بخيبة امل قائلا:
– لا وكومان رحتي تجولي لامي عشان خابره زين انها عتفرح واما تصدج تعرف موافجتك علي الجواز بس يا خساره نائبك طلع على شونه وجيت وبوظت خطتك ، وما لجتيش غير واحده صاحبتك تجوزهالي هو انتي للدرجه دي مابجتش همك وبتتنزلي عني بسهولة اكده

اهتزت عينيها بالم و غامت أعينها فكل حرف عالي ينطقه ، تتصوره و يعتصر قلبها ويمزقها, اهتزت شفتيها قبل ان تنفلت دمعتها عاجزة عن الاجابة او التنفس حتي قالت:
– مش عتفرج(هتفرق) عتتجوز مين المبدا واحد

عيسي بسخرية:
-وايه هو المبدا ديه بالنسبة لك يا فرحه
اطرقت رأسها صراعات مسترسله خاويه لم
تنتهي لتصيح بغضب:
– انك عتتجوز غيري وتخلف منها واني موافجه ان تتجوز حد غيري، و انك هتنام في حضن واحده غيري وتكون اب لابن مش ابني واني اتفلج في داهيه ومش مهم حاسه بايه ولا حد مهتم بيا اصلا وبعدين ديه كان اختيار امك مش اني اللي اخترت العروسه

اقترب منها ينظر لها بغضب وهو يردف باشمئزاز:
– وانتي ما لكيش مخ ترفضي وتجولي لااااه اي حاچه تجول لك عليها تجولي حاضر وامين اني نفسي اعرف بتعملي ليه كل ديه, وما تجيبيش الموضوع في امي ، امي طول عمرها بتتحدد وبتجول وانتي كنت بتطنشي حددها ولا اكنك سامعه حاچه، ولا ما عدتش اني إللي فارجه معاكي فعلا يا فرحه
وقبل ان تتحدث فرحه استمعوا الي اصوات الشيجار في الخارج وصوت جلال وهو يصيح في اسيف وركضوا وحدث ما حدث .

***

تعالت شهقات الجميع بهلع شديد وهما يشاهدون اسيف اترمت علي اخر درج من السلالم بقوه ولم تتحرك بعدها يبدوا انها فاقده الوعي, لتصيح عديله بذعر:
– يا نهارك اسود، اني جلتلك ربيها مش تجتلها اكده وديت نفسك في داهيه يا چلال

تطلع عيسي بصدمه و زين الي جلال حيث كان يقف برقت عيناه بعدم تصديق ونكّس راسه بعجز بينما قبض يده بقوة لا يستوعب ما حدث لتهرول اليها فرحه ونادين متجهين إليها، قالت فرحه بذعر وبكاء:
-اسيف ردي عليا يا خيتي حد يطلب الاسعاف او دكتور بسرعه

شعر جلال بدقات قلبه تضرب في اذنه بشده ولكنه انتبه لاغماء اسيف بعد صراخها العالي و عيونها الحمراء التي شاهد بها خوفها الشديد لاول مرة انتفض يركض بخضه، بينما أمسك يدها القابضة علي الدرج بقسوة وهو يضرب خدها بخفه قائلا:
– اسيف حبيبتي ردي عليا سمعيني اســيــف
لكن لم تجيب عليه, هتفت نادين بصدمه:
– شكلها اغمي عليها

نظرت فرحه اليه الدموع تملا عينيها لتردف بغضب :
– ليه اكده يا چلال حرام عليك
– ااا انا ما كنتش اجصد هي اللي وجعت لوحدها
قالها برعب عليها ثم ليفاجئ الجميع بجلال ينحني الي مكان ما ترقد اسيف ليحملها لتمسك نادين يده قائلا بخوف:
– لا يا جلال بلاش دي خدت السلم كله على ظهرها و وقعت جامد كده خطر عليها هاتوا الاول لوحه خشب كبير وانقلها عليه اضمن لا يكون في كسر في ظهرها لقدر الله
هز راسه بالايجاب عده مرات بارتباك وفعل ما امرته به نادين حيث نادي علي احد مساعدين المنزل وطلب العثور على لوح خشب ثم نظر الى فرحه وطلب منها قائلا:
-فرحه ابعتي حد ينده للدكتور يحيي اللي ساكن جبنا ياجي يشوفها عقبال ما تيجي
الإسعاف

***
بعد خمس دقائق جاء الطبيب وكانوا في الداخل الغرفه يقفون فرحه ونادين بحزن شديد وقلق على حال اسيف وفرحه التي كانت تبكي بشدة باحساسها بالذنب انها السبب فما حدث لها، وكانوا يساعدوا الطبيب بداخل
وفي الخارج يقف جلال يطالع باب غرفتهم الخاصة هو واسيف بعينين متحجرتين ووجه اسود عظيم، اقترب منه اخيه زين وربت على كتفه وقال:
-ما تخافش يا خويْ هتقوم بالسلامة ان شاء الله

هز رأسه جلال بصوت خفيض يخفي غضبا على وشك الاندلاع ليحرق الاخضر واليابس من اولنا وندم علي خناقه من البداية معها, تمني لو يرجع الزمن دقائق الي وراء تركها تذهب ولا يكون السبب في اذيتها مطلقا، هتف بامل:
– يارب

علي الجانب الاخر يجلس عيسي وهو يستغفر الله كثيرا في نفسه وبغير رضي علي افعال اخيه لكل ما حدث اليوم، اخذ جلال ياتي و يذهب امام الجناح و قلبه يعتصر بخوف رهيب وعقله يعود به الي صراخها الاخير بهلع ما زال يرن باذنه ومنظرها وهي تسقط امامه ونظرات الخوف باعينها و هو يقف عاجزا ولا يستطيع فعل شئ

هتفت عديله بغيره:
– ما تمسك نفسك شويه مالك مش على بعضك اكده ليه وعتموت عليها دلوج عتجوملك كيف الجرده ولا فيها حاچه هي اللي كيف دي بيجري ليها حاچه

استمع ولم يرد علي حديثها وقال عيسي بهدوء:
-خلاص ياما مش وجته

تجاهلت حديثه واكملت متسائلة باهتمام:
-لا تكون حبله يا چلال وتبجى مصيبه وتودي نفسك في داهيه اكثر ديه شرانيه و مش هتسيب حجها منك غير لما توديك في داهيه

تطلع جلال فيها بنفاذ صبر وقال في حاده:
– لاه يا ماما ما تخافيش مش حامل ومن فضلك اسكتي بقى وسيبني في حالي ابوس ايدك
عقدت عديله حاجبيها بدهشة متسائلة بحده:
– وانت متاكد اكده ليه، لا تكون مجرطساج و بتاخذ حبوب منع الحمل من وراك
صاح جلال بقلق وحزن شديد:
– يووووه ياما ارحمني بقى مش وقته انا اللي في مكفيني

نهض عيسي وقال بهدوء:
– تعالي ياما معايا استريحي دلوج وريحي نفسك شويه
جزت علي اسنانها بغيظ متحدثه بحزن مثل الاطفال فهي بالاخير طفلتهما وهو اباها وهم مشغولين مع غيرها الان, امسكت عجلات الكرسي المتحرك قائله:
– متشكره عنك يا عيسي خلاص ما عتوش طايجني ولاطايج كلمه مني كله من المزغوده اللي چوه هي اللي كرهتكم فيا وعصيتكم عليا حسبي الله ونعم الوكيل فيها الهي ما تجوم

تنهد عيسي بياس حتي خرج الدكتور من الغرفه حتي هرول الجميع اليه وبالطبع كان في مقدمتهم جلال الذي سال الطبيب بلهفة وقلق واضحين:
-خير يا دَكتووور طمِّنيْ
قال الطبيب كان بعمر الخمسين بهدوء:
– خير ان شاء الله ما تقلقش هي مجرد جروح في بعض المناطق بسيطه وشرخ في ايدها , انا اديتها دلوقت حقنة مخدرة و مسكن للالام، بس لازم تتنقل المستشفى عشان اقدر اجبسها
وقبل ان يجيب جلال صمت لحظه وهو يفكر بان اذا ذهبت الي المشفى من الممكن ان ترحل في اي وقت وسيكون فقد السيطرة عليها من الرحيل وارجعها الي هنا وسيصبح الأمر صعب، ولكن هنا بيده التحكم اكثر بها, فهو بالنهاية ورغم كل ما فعلته مازال يعشقها حد النخاع امسك بيده الطبيب برفق واخذ جانب هامسا له:
– هي لازم تتنقل المستشفى مش ممكن حضرتك تعمل لها كل اللازم هنا في البيت واي حاجه تطلبها هنجيبها لك على طول

الطبيب باستغراب:
– بس ده هيكون تعب عليها وعليكم لانها مش هقدر تتحرك خالص وهتحتاج خدمه منكم علي طول لانها الفتره دي مش هتقدر تقوم وتتحرك طبيعي زي الاول

جلال بذعر:
– بمعنى ايه مش هتقدر تقوم زي الاول هي فيها ايه بالضبط انت مش قولت مجرد كسور بسيطه
الطبيب باطمئنان:
-لا ما تقلقش مش اقصد حاجه خطر بس اكيد وقعه ذي اللي وقعتها على السلم ده كله زي ما حضرتك حكيتلي هتسيب اثار في الاول ده ظهرها كله مليان كدمات زرقه, ومحتاج دهان ومسكن للالام ومع الوقت ان شاء الله هتتحرك زي الاول واحسن

عيسي بجدية:
– في ايه يا چلال بتتحدد مع الدكتور في ايه كل ديه ما يلا عشان ننجلها علي المشفى
تجاهل جلال وهو يزفر بنبرة عميقة:
– طب يا دكتور اكتب كل اللي انت عاوزه ومحتاجه في علاجها وانا هاجيبهلك علي طول، و قولي لي اسماء الادويه و اكتبها في ورقه وكل اللي انت عاوزه وانا احاول اجيبها لك كده اطمن اكتر كمان عشان ضهرها اللي مش هتعرف تتحرك بسببه

عقد الطبيب حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره: بس دول هيكلفوك جامد وبعدين ليه اللفه دي كلها منوديها المستشفى احسن وبعدين نرجعها البيت ثاني بالاسعاف
جلال بجدية:
– يا دكتور بعد اذنك لو سمحت اسمع كلامى ونفذ اللي انا عاوزه

كان باب الغرفه مفتوح قليل لتنظر نادين الي زين حتي تشاهد بفضول رده فعله تجاه اسيف هل يخاف عليها، هل ما زال يحبها.

كان يقف زين بهدوء يواسي اخيه احيانا و يغمض عينيه وهو يسند براسه للخلف بتعب مما يحدث حوله وما به اخيه، لا تعرف وقتها تحدد مشاعره تجاه اسيف ماذا عنها، لكن حاولت مقارنه بسيطه بين جلال وبين زوجها فكان الاخر لا يقف علي اعصابه مثله علي العكس تماما يقف بهدوء تاما

***

استيقظ دياب اولا ليجدها منكمشه بجانبه تطلب دفئه ابتسم وهو يحيطها بذراعه يقربها اليه يستنشق عطرها ويمرر اصابعه بحنان علي وجهها ، شعرت به فرمشت بوخم ترمقه نظره قبل ان تغلق عينيها منزعجه من ضوء النهار، ظل كلاهما مستلقيان في احضان بعضهم البعض بصمت مريح و ابتسامه صغيرة علي شفاه كلاهما, حتي قالت جميله متسائلة بنوم:
– هو انت صحيح جبت الكتب على اي اساس وانا لسه ما اخترتش الجامعه اللي هدريس فيها

ابتسم دياب وهو مغمض العينين واجاب :
– اني خابر اني طلبت من حد من الغفر يبعت يجيب اي كتب ديوان الشعر ولا ثجافه ولا تاريخ وكراريس فاضيه وكل اللوازم كيف ديه، لحد ما تشوفي عتختاري جامعه ايه

فتحت عينيها بحماس ونظرت اليه:
– طب انت ايه رايك اخش اي جامعه
ابتسم دياب علي حماسها ونظر اليها بحب:
-انتي اللي عتدرسي يا چميله مش اني, يعني لازمنا يكون اختيارك انتي عشان بعد اكده متندميش وتحسي مش عاجبك الجامعه اللي دخلتها ولا عتحبي اللي بتدرسي شوفي انتي كان نفسك تدخلي ايه من صغرك وبتحبيه

مطت شفتيها بعدم اعجاب:
– ما انا ما فيش كليه دلوقتي في دماغي ولا حتى زمان ،خالتي كانت دائما من وانا في الاعداديه بتقول لي مش هتكملي تعليمك عشان كده حاولت ما حطتش في دماغي كليه محددة عشان لو ده حصل مزعلش، واهو فعلا حصل وما دخلتش الجامعه

تطلع فيها بحزن وبداخله غضب من خالتها لتحطم احلامها, ليقترب منها يقبل راسها بحنان قائلا بحب:
– انسى اي حاچه زمان وخليكي في دلوج يا چميله, و كل احلامك مجابه احلمي بس انتي واني انفذلك من غير تفكير

تطلعت فيه بابتسامة مشرقة وهي تسند ذقنها علي صدره:
– ربنا يخليك لي وما يحرمنيش منك ابدا تعرف انا بفكر ادخل تربيه عشان افيد فرحه وملك في دراستهم

نظر الي وجهها القريب والبراءة في عينيها المكحلتين باللون الازرق بفرحه طاغيه كم هو محظوظ جدا ليرزقه الله بزوج صالحة وبريئه الي هذه الحد بينما تحركت شفتيه لتسلب انفاسها وهو يهمس لها:
– چميله اختاري اللي انتي رايده ملكيش دعوه بالبنته اختاري عشان نفسك مش عشان حد ثاني

جميله بجدية:
– انا بتكلم جد انا عاوزه ادخل كده اداب علم نفس بتبقى حلو قوي في دراستها سهله للبنات وستات البيوت اكثر وبعدين انا عاوزه حاجه تفيد عيالي قبل ما تفدني ولا انت مش شايف فرحه ومالك انهم ولادي من الاساس

نظر لها بعتاب وقال :
– اخص عليكى يا چميله اوعي تجولي اكده ولا تفكري اكده تاني مره، اللي بتعملي مع ملك وفرحه لو امهم عايشه ما كانتش عتعمل ربع اللي انتي بتعملي انتي اكثر من امهم يا چميله
ختم حديثه وهو يقربها منه شيئا فشيئا فيشعر بطراوة جسدها بين يديه ليبتر عبارته ملتهما شفتيها في قبلة عميقة حملت كل شوقه ولهفته وعشقه قبل ان ياخذها الي بحور عشقهم، وبعد فترة لينتفض دياب بخضه والباب يدق و كذلك جميله التي كادت تعود الي النوم بين ذراعيه لتردف وقد هرب النوم من عينيها :
-ايه ده مين إللي هيخبط علينا في الوقت ده
– مخبرش

زمجر علي اسنانه بغضب وقال بحده:
– مين اللي بيخبط و رايد ايه
– اني يا ابوي فرحه وكنت رايده انام جنبك النهارده انتي وابله چميله خايفه انام لوحدي عشان خاطري النهارده بس يا ابوي وعارچع بكره انام في الاوضه بتاعي

انتفض كلاهما يلملمان ملابسهم المبعثرة بكل نواحي الغرفه و توجه عيسي وهو يرتدي سرواله و ينظر الى جميله بغيظ شديد:مش رايده تبجى امهم اشربي بجي اهم جوم علي السيره

كتمت جميله ابتسامتها بعد ان اكملت ارتداء ملابسها تحت جز دياب علي اسنانه بضيق مكتوم ثم اتجاه نحو باب الغرفه يفتح لبنته

***
بعد ساعتين انتهى الطبيب اخيرا من علاج اسيف تحت تحذيرات من عدم الحركه الكثيرة بهذه الفترة والايام المقبلة في البداية مع اعطاء الادوية اللازمه ورحل
عيسي بعدم رضي:
-مش كنت وديتها مستشفى احسن عشان تتطمن اكثر عليها اني مش فاهم تصرفاتك ديه رايد توصل لايه بيها

اجاب جلال بصوت مخنوق:
– مش عاوز اوصل لحاجه يا عيسى انا مش عاوز غير راحتها وبس
نظر له باهتمام فقد احس من لهجة ان علي غير العادي قائلا بحنان:
– طبعا عنتكلم بعدين وحمد لله على سلامه مراتك تصبح على خير

هز راسه بهدوء ورحل عيسي ثم دلف جلال الي غرفتهما تطلع حوله وعيناه تبحث عنها وكانت ما زالت تجلس فرحه امامها اعلي مقعد تضع يدها على وجنتيها بحزن عليها بينما ترقد اسيف بوجه شاحب وبعض الكدمات البسيطة حول وجهها بالاضافة الي ذراعها الملفوف بالجبس الأبيض ولا تشعر بما حولها اخفض راسه بالم وهو يراها بهذه الحاله ويكون السبب في المها هتف جلال بجدية :
– قومي انتي يا فرحه ارتاحي وانا هقعد جنبها لحد ما تفوق

نظرت فرحه له بتردد:
– هاه طب ما تروح انت ترتاح في اوضه الضيوف وتسيبني اني معاها ريح نفسك انت يا چلال واني عفضل جنبها عشان لو احتاجت حاچه اعملها

هز راسه بضعف شديد ثم نظر الى ما ترقد اسيف: روحي يا فرحه نامي دي مراتي وانا اكثر واحد اولى بمساعدتها ، روحي وما تخافيش يا فرحه لو صحيت مش هتخانق معاها ولا هاجي جنبها وبعدين هيحصل ايه اكثر من اللي حصل

تطلعت اليه فرحه بقلق ثم هتفت باستسلام:
-طب كيف ما تحب يا ولد عمي بس امانه عليك حاول تمسك اعصابك و نفسك لما تفوج مش كل حاچه بالخناج والضرب يا چلال الامور مش بتتحل اكده بالعكس انت بتصعب الامور وبتشيل النفوس من بعض اكتر

ثم نهضت فرحه عن مقعدها واقتربت منه تربت على كتفه بحنو بينما تقول بخفوت :
– اني خابره ومتاكده ان ما كنتش تجصد توجعها من فوج السلالم، بس اهو نصيبها
نظر الي فرحه وهو يهمس باسمها من بين شفتيها الشاحبتين:
– خلينا نتكلم بعدين انا مش قادر لاي حاجه دلوقتي تصبحي على خير يا فرحه

نظرت فرحه بالم له هامسة باسى:
– هو عيجي منين الخير اني مش عيجيلي نوم واني حاسه بالذنب وخابره اني السبب في اللي هي فيه، اسمعني يا ولد عمي وخلينا اريح ضميري، اناعحكيلك كل حاچه من اول ما حصلت من البدايه لحد ما جيت وشفتها بتتخانج مع مراه عمي ، اني صحيح فاتني حاجات ومحضرتش باجي الخناقه كلاتها بس سألت نادين وجالتلي كل حاچه حصلت، و لازمنا تسمع انت كومان ممكن تهدي شويه من ناحيتها

***

تجاوزت الساعة الخامسة صباحا ودلف زين الي غرفته تفاجا بزوجته مازالت مستيقظة بعد ان نامت وتين ابنتها، تجاهلها ودلف المرحاض يبدل ملابسه حتي خرج ونام جانبها دون حديث، احست ان اعصابها تنفلت من عقلها والافكار القاسية على قلبها تنهش بمخالب شيطانية و اخيرًا سالته لعله تريح بالها وقلبها قليلا:
– احم الواحد تعب اوي النهارده ، المشاكل كلها جت ورا بعض، بس الحمد لله انها عدت على خير

اجاب زين دون النظر اليها وهو مغمض العينين: صح الحمد لله ، ان شاء الله اسيف تبقي بخير

نظرت اليه غير قادرة على واد انفعالها بسبب غيرتها وهو يدعو لزوجه اخيه, هتفت متسائلة بشك:
– هو انت زعلان عليها اوي

استغرب السؤال وتطلع اليها ببرود ليردف بحيرة: اكيد زعلان عليها عشان جلال انت ما شفتيش حالته كانت عامل ازاي، جلال واضح جدا انه بيحبها اوي, ولو جري ليها حاجه بعد الشر جلال مش هيسامح نفسه، ربنا يخليهم لبعض ويهديهم هما الاثنين

قالها ثم الوي ظهره الي الاتجاه الاخري دون حديث آخر, اما نادين ابتسمت بشده فقد ارتاحت من هذا الاجابه قليلاً.

***

كانت عديله تجلس اعلي المقعد بغرفتها تتقطع انفاسها ولم تتوقف عن البكاء, لا تعرف لمن تلجأ حتي تطالب الراحة لقلبها, فاولادها الثلاث تخلو عنها من اجل ازوجهم فقد جاءت اللحظة التي كانت تخاف منها ان تصبح في القائمه الاحتياطية ولم يلجأ لها احد, الا للضروره القصوى وتصبح منسيه.

هكذا كانت تفكر وما يدور بعقلها، رفعت راحتيها تمحي دموع قهر والم علي ابناءها الذي اغلي من الياقوت, ملجاها الوحيد ، رافضة اظهار ملامح نقشتها الالم وضعفها, فهي ام وحيد وقد انجبت اغلي ما في حياتها ثلاث جواهر ثمينه ولا تريد ان يمس احد ممتلكاتها .

عاجزة ذليلة في ان تصف مقدار هذه المخلوقة التي اودع الله سره فيها، فهي الام يا سادة هي المدرسة التي ان اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق، وذلك راجع لما تقدمه من دور كبير جدا في حياة ابنائها لانها من ترسخ فيهم القيم والمبادئ التي تحفزهم لتتذكر دوما كلما واجهوا من مواقف تطلبت منهم شجاعة واصرار

انحنت بحسرة وتذكرت كلمات اسيف القاسيه لها هل بالفعل هي انانيه فهي كانت تري حزن والم فرحه امامها بالفعل ولم تتراجع ابدا عن فكره الزواج ودائما تصر على اختيارات اولادها من زواج وطعام زملابس والخ وجميع ما يلزمهم في الحياه لكن لا هزت راسها باصرار وعناد بانها تريد الصالح لاولادها الجميع حتي قطع تفكيرها عندما دلف عيسي اليها واشاحت بتلقائية وجهها بعيد عنه بضيق مكتوم, قال عيسي بزعل:
– اول مره تشوفيني وتتدوري وشك عني ياما

رفعت عينيها تنظر اليه ثم رسخه داخل قلوبها صبيه بعيونها، من الحسره والقهر:
– وانت اول مره تليغني من حياتك انت واخواتك يا عيسى، اكده هانت عليك امك يا عيسى تزعج فيا بعلو صوتك وتجول لي اعتبريني موت بالنسبه لك ، ما كانش العشم يا ابني بطنه ، اعتبرني اني اللي اموت بالنسبه لكم كلكم ولا اشوف حد منكم موجوع جصاد عيني

اقترب عيسي بلهفة ينزل على ركبتيه امامها ويقبل يدها عده مرات بندم شديد وقال بحزن:
– بعد الشر عليكي ياما، حجك عليا اني ، اني محجوجلك وغلطان كومان سامحيني وما تزعليش مني جطع لساني لو جلتلك حاچه كيف ديه و زعلتك

انفجرت باكيه بحزن صادق من نقاء كلماته الصادقة اتسعت عيني عيسي بصدمه والم وغضب شديد من نفسه علي ما قاله لها ليقول:
– عتبكي ياما كومان خلاص بجى عاااد كل ديه عشان ايه ياما انتي بتجوليها دائما من زمان اني الوحيد اللي في اخواتي اللي عمري ما بجول لك لاه على حاچه و بريحك دائما عتشيلي مني من اول زعله اكده ماليش خاطر عندك يعني يشفيلي اللي عملته

لتنزل منه دمعه بوجع علي امه لتمسحها سريعا عديله بلهفه تقول:
– لا عندك ليا كثير اوي يا عيسي ومش زعلانه منك عشان اسامحك يا ولدي
ابتسم لها عيسي واقترب يقبل راسها بحنان قائلا بحب:
-طب كفايه بكي, و يلا عشان ترتاحي في السرير وتنامي

هزت راسها بنعم مبتسمه له وانحني عيسي يحمل امه براحه وانزلها علي الفراش برفق وجلس امامها منتظر حتي تخلد في النوم ، أغمضت عيونها بتعب تبعد غشاوة دموع سيطرت علي عيونها الحانية التي ارهقت منذ ساعات وعيسي ظل جانبها حتي خلدت الي النوم ورحل الي غرفته تفاجأ بزوجته نائمه او تتصنع النوم ربما فهي قالت له بانها سوف تجلس مع اسيف وهو سمح لها بذلك تنهد بارهاق ونام هو الآخر فليس لديه طاقه للحديث اليوم .

***

في الصباح بداخل غرفه جناح جلال و كان ما زال يجلس بجانبها علي كرسي فقد نام مكانه من التعب، حتي بتدات تفوق وتطلعت حولها وهي تهمس بصوت ضعيف واهن من بين شفتيها و وجهها الشاحب:
-اه.. لـ.. انا فين

حدق فيها جلال غير مصدقا لما يراه امام عينيه قد استفاقت، نهض سريعًا عن مقعده واقترب منها ليربت على راسها بحنو بينما يسالها:
– حبيبتي انتي كويسه حاسه بحاجه بتوجعك حمد لله على سلامتك، ده انا كنت هموت من القلق عليكي

اغمضت عينيها تقاوم احساسها بالالم اسفل ظهرها وتساءلت باعياء وعدم تركيز:
– انا هنا لسه بعمل ايه وابعد إيدك عني
ابتلع ريقه و رد جلال عليها:
– يعني ايه بتعملي إيه هنا ايه ده بيتك انتي نسيتي ولا ايه انتي مكانك من الاول هنا وهيفضل مكانك جنب جوزك

شدده علي اخر كلماته كانه يريد ارسال رسالة اليها بأنه لن يتركها مهما حدث, بدات تتذكر ما حولها وتتذكر كل ما حدث رغم انها تشعر بالتشويش وكل شيء يبدو ضبابي لكن تذكرت كيف صفعها امام الجميع تطلعت إليه بالم وقهر اللحظات تلك كانت امر واقسى ما مرّ عليها واهانتها امام الجميع لتقول بغضب:
– انا هنا بعمل ايه انا كنت ماسكه شنطتي وماشيه من المخروبه دي ، قبل ما اقع من على السلم بسببك كنت عاوزه تموتني عشان امك صح

عقد جلال حاجبيه بعدم استيعاب ليقول زافر بعمق:
– انا ما وقعتكيش من على السلم يا اسيف وبعدين حرام عليكي اموتك ايه ده انا اللي موت ودمي نشف وانا شايفك قدامي بالمنظر ده وانتي بتقعي مش عارف اعمل لك حاجه

صاحت بحده وتغمض عينيها للحظات بالم وهي تمسك ذراعيها:
– لا انت السبب لو كنت سبتني مشيت وما قعدتش تعند معايا كان زماني مشيت بهدوء وخلصت اااه انا مالي ومال ذراعيه مش قادره اتحرك ليه
امسكها بقلق حتي لا تتحرك هاتفا:
– طب اهدي وبطلي تتحركي كتير ذراعك اتجبس والحركه غلط على جسمك دلوقتي من اثار الوقعة بس يومين كده وتقدري تتحركي ثاني مع العلاج

هزت راسها بضعف ثم نظرت الى جلال بغيظ شديد وقالت:
– انا عاوزه امشي من هنا حالا سامعني مش هقعد هنا ولا دقيقة بعد كده ، حتى لو جسمي كله اتكسر برده هامشي يا جلال عشان مش هنسى القلم اللي ضربته ولا اهنتك ليا

هز راسه هامسًا باسى:
– هو انتي مش ناويه مره واحده في حياتك تغلطي نفسك على حاجه عملتيها يا اسيف هو انا كنت ضربتك كده من نفسي ولا عشان كنتي عملتي حاجه، مستنيه يكون رد فعل ايه لما ادخل البيت والاقيك بتغلطي في امي, اي واحد مكاني هيعمل نفس اللي عملته واكثر كمان

لتقول بعناد شديد:
– لا انا ما غلطتش في حاجه والموقف دي بالذات ما غلطتش فيه، انت مش عارف من البداية الست والدتك قالتلي ايه ولا كنا بنتكلم علي ايه من الاول..وزي ما انت صعبان عليك محموق قوي عشان امك ، انا كمان الست والدتك قامت بالواجب وغلطت في امي يبقى لو هتدي لنفسك عذرا بالي انتي عملته فيا يبقى انا كمان معايا حق في الي انا عملته وزياده

ضغط علي يده بعنف مكتوم وقال بحده:
– فرحه حكيتلي كل حاجه يا اسيف، وبرده شايفك انتي اللي غلطانه مهما كانت قيمه اللي قدامك لازم تعملي حساب لسنه وبلاش يا ستي حتى حساب ليا انا ، لاني متاكد لو كنت في دماغك كنتي عملتي ليا حساب هناك في شركه ابوكي لما رحتي من ورايا تشوفي استاذ مصطفى

جزت علي اسنانها بعنف هاتفه بعصبية:
-طب بلاش تفكرني بالموضوع ده و اللي حصل هناك عشان انت في دي غلطان قوي ، نفس الطريقه الهمجيه والتسرع ما بتستناش اللي قدامك يشرحلك الموقف ، لا ازاي لازم تبني في خيالك تخيلات قذره وتصدقها
ليتاوه جلال من اعمق اعماقه قائلا بحرقة لم يظهرها:
– هو انتي كمان عاوزاني في دي غلطان ،ايه متجوز ملاك مش شايفه لنفسك اي غلطه واحده حتي

قالت بنبرة حادة قويه مقصودة:
– لا انا مش ملاك يا جلال خالص، انا واحده ما بتسكتش عن حقي مهما كان الطرف اللي قدامي يبقى مين وعمري في حياتي ما سامحت لحد يهين كرامتي ولا يجي عليها ولا يهمني حد، فما متوقع مني اني هسكتلك على اي حاجه تعملها في حقي سواء انت او غيرك

ليقول بغضب وعينه ترد بضياع:
-وانتي كمان يا اسيف ما تتوقعيش مني هفضل مستحمل اسلوبك ده كثير وعنادك ومشتكيش حتي لو مره منك، ولا اني ادخل اشوفك مع واحد غريب لوحدكم واتعامل مع الامور عادي, وانتي في منتهى البساطه بتقولي لي ده زميلي عاوزاني اسكت لا معلش انا راجل صعيدي وانتي في مصر فسوري يعني مجتمع شرقي ومتخلف ومش بيقبل بكل تصرفاتك دي

اجابت ببرود قاتل:
– انا ولا عاوزك انت ولا المجتمع يقبلوا تصرفاتي عشان ما بيفرقش معايا حد طالما انا صح ومش بعمل حاجه غلط ، وقصر الكلام عشان انا دلوقتي عاوزه امشي من هنا

تضايق من اسلوبها البارد وهو كاد ان يموت من الخوف عليها وهي تصر على الرحيل وقال بحده: -قلت لك مش هتمشي يا اسيف
ثم تابع حديثه قائلا بحده اكبر:
– واعملي حسابك انك اول ما تقدري تتحركي هتعتذري لامي علي اسلوبك والطريقة اللي اتكلمتي معاها بيها
تجاهلت حديثه ونظرت حولها بتفحص:
– انا تليفوني فين

اجاب بغيظ شديد:
– معايا ومش هتاخدي وبعدين انا بكلمك دلوقتي وبقول لك لازم تعتذر لماما على اللي عملتيه
ابتسمت له بسخرية وعلقت:
– مش عارفه جايب الثقه دي منين بعد اللي عملته فيا و بتطلب مني اعتذر ، انا هامشي من هنا ومش هاعتذر لاحد, عشان انا مش غلطانه

ليقول بصوت قاسي :
– هو انتي من ساعه ما صحيتي وعليكي عفريت اسمه امشي امشي قلت لك مش هتمشي يا اسيف ولو مصممه بقى تمشي وريني بقي ازاي هتمشي وانتي كده
غمغمت اسيف بوهن خافيًا الم جسدها من صياحها وغضبها:
– انت هتحبسني يعني هنا ولا ايه ابعتلي حد من بره يساعدني اقوم ، باقول لك مش طايقاك ولا طايقه البيت باللي فيه

شعر بالضيق وهو يفكر بانه سيفقدها فلم تصدقه بكونه يحبها هذا العشق كله لم تفكر فيه او تقبله ودائما تفكر في عيوبه وتظهرها، هل هكذا يستحق منها وهو يجاهدًا الحفاظ على اخر فرصة يقدمها اليها رغم كل ما فعلته، فكرة خسارتها كانت تدق اجراس الخطر في عقله لتنسحب الروح منه وهو يرى قسوتها واصرارها الدائم، نهض يصيح بخوف من خسرتها بانفعال: -مش هبعتلك حد, واحسبيها زي ما تحسبيها بقي ،انا قرفت من دي عيشه

جزت علي اسنانها بعنف هاتفة بعصبية مفرطة:
-انت بتستقوى عليا عشان عارف ان مش قادره اتحرك ، طب ماشي يا جلال ما انا اكيد مش هفضل كده طول عمري, و اوعدك اول ما اقدر اقوم هامشي ومش هتعرف ليا طريق

سمع ولم يجيب ثم خرج وصفع الباب وراه بقوه, اسندت راسها بحنق شديد منه ومن عدم قدرتها علي الرحيل

***

جلست فرحه اعلي الفراش مربعه القدمين وقالت: وادي جاعده يا ست نادين يلا احكي فيكي ايه
اخذت نفس عميق لتقول بهدوء وهي تبدا متحدثه من البداية قائله بتوتر:
-احم حاضر الحكايه ابتدت من ساعه لما كنا انا وزين متفقين علي الطلاق وبعد كده زين رجع في كلامه, ساعتها لما سالته علي السبب قالي حسيت ان احنا استعجلنا في القرار ده احنا عندنا بنت وبلاش ننفصل عشانها وانا صدقت وسكت ساعتها

أخفضت رأسها بمرارة لتكمل:
– وفي مره كنت راجعه بالصدفه من بره سمعت زين بيتكلم مع بابي عن مشروع اخوه جلال والارض اللي عاوز يشتريها وصاحبها رافض يبيعها وساعتها طلب زين من بابي ان يدخل ويحاول يحل الموضوع عشان جلال مضايقه اوي وحلمه يعمل المشروع ده انا فكرت ساعتها ان هو ده السبب اللي خلى زين يرجع في كلامه في موضوع الطلاق وصالحني عشان كده

اجابت فرحه باستغراب:
– بس مش ديه اللي حصل وزين رچع في حديده عشان عيسى وامه و عيسى بنفسه اللي جالي اكده

تجاهلت نادين حديثها وتابعت قائلة بحزن: اتضايقت وقتها جدا و اتعصبت وما قدرتش اواجهه, صعبت عليا نفسي انا شايله شغل الشركه تقريبا كله فوق دماغي لوحدي, و بصلح كل مشاكله في الشغل اللي بيعملها مع العملاء من كبيره وصغيره ، وكل يوم بحاول معاه انه يشتغل ويسيبه من موضوع الرسم ده اللي مش جايب غير الهم، قلت لنفسي ازاي بعد كل ده مش مقدر اي حاجه من اللي بعملها ورحت لبابي وطلبت منه اطلق من زين ثاني وما رضيتش اقول له عن السبب موضوع ارض جلال لاني متاكده كان هيقول لي انتي فهمتي غلط و الكلام ده مش حقيقي بس للاسف بابي ما رضيش يطلقني منه, وقال لي انا مش شايف اسباب بجد تخليني أوفق على الانفصال
ليهب الالم في قلبها لاسعًا اياها بسوط قاسي وهي تتذكر جميع الاحداث وما مرت به، هي تمر بازمة و ثقتها بنفسها مهزوزة واهية و خوفها من كل شئ صار هاجسًا يؤرق قلبها تخلي زين عنها أو فكره زواجه بغيرها بسبب عدم حبه لها ولن تتحمله، نفسها حتي مبعثرة ومشتتة روحها ترتجف وتلك الثقة بالنفس التي كانت تملكها احتفت وبقي الخوف من تأثير ما يحدث لتقول:
– اضايقت واتعصبت اكثر وبقيت لوحدي ومش عارفه اتصرف ولا اعمل ايه وفي مره وانا بحكي لبنت عمي مريم عن الموضوع قالتلي على فكره دوري في ماضي جوزك ممكن تلاقيه كان بيحب واحده قبلك ولا بيخونك وده سبب يخلي باباكي يوافق على الطلاق ، انا طبعا قلتلها بكل ثقه مستحيل.. زين في كل العبر الا ان يخوني ضحكت عليا وما صدقتنيش قالتلي مفيش راجل ما لوش ماضي ومش بيعرف بنات، دخلت الشك في دماغي بصراحه ورحت دورت في الفيلا كلها عن اي حاجه تثبت انه بيخونى لحد ما لقيت صوره بنت هو اللي رسمها وكاتب عليها الى اجمل وارق ما رات عيني حبيبتي واسمها

شهقت فرحه ووضعت يدها على فمها بصدمه مما تسمعه لكن لم تتحدث وتركتها تقول كل ما بداخلها.

الم اجل تالمت، فالموت ارحم لها من رؤية زين يتزوج ويحب اخرى لانها لا تستطيع فعل اي شيء لانها هي من فعلت به هذا وسبب التعلق بغيرها لتكمل على صوت معزوفها المتالم
وهدرت قائله:
– وبعد كده مريم اقترحت عليا فكره ثانيه هي اقترحتها في الاول وانا رفضت بس للاسف وافقت عليها لما شفت صوره البنت محتفظ بيها لحد بعد الجواز
قالت فرحه بقلق :
– فكره ايه ديه

لتهتف نادين بقهر و بصعوبة:
– احمل برنامج على تليفوني بيغير صوتي واكلم زين واخليه يتجاوب معايا علي اساس بنت ما يعرفهاش معجبه بيه، ويحبها ويخوني معاها وبعد كده اسجل كل ده و اوريه لبابي عشان يوافق علي الطلاق بدات فعلا اعمل كده, وزين كانه اما صدق لقى واحده تهتم بيه ويكلمها, وبدات العلاقه تطور ما بينا اكتر وكل ده من عن طريق التليفون ، وزين قرب من البنت دي جدا و بدا يحكيلها كل حاجه حتى اسراره اللي ما كانش بيحكهالي انا قالها ليها وقال لها كمان كلام ما كنتش بيقوله ليا ولا كزوجه ولا كحبيبه ايوه انا بقيت بغير منها وكثير اوي, عشان اكتشفت ان انا بحب زين

قالت فرحه بغضب:
– يخربيت عقلك اللي انتي عملتي ديه يا نادين معجوله تعملي اكده

لتقول بدموع وفقد تحملت قهره عليها كثيرا:
-غصب عني كنت مجروحه منه اوي ومش طايقه

قالت فرحه بنبرة ساخره :
– يا اختي طالما انتي و بنت عمك بتعرفوا تخططوا وتخليه يكره ويحب اكده، ما جالتلكيش ليه على خطه احسن ترجعي بيها جوزك ليكي

خرجت شهقات بكائها وهي تبعد عيناها عن نظراتها المتهمة فاردفت بقله حيله و حزن:
– فرحه ابوس ايدك انا مش ناقصه تانيب ضمير كفايه اللي انا فيه انا تعبانه اوي مش عارفه اعمل ايه عشان انا في بلوه ثانيه غير كده زين طلبها للجواز

تساءلت فرحه ببلاهه:
– طلب مين
كبت وجعها وتحطيم ثقتها بنفسها وقوتها كامراة وهو من جعلها تشعر انها ضعيفة ضعيفة جدًا ولا قوة ولا طاقة لها قائلة:
– طلب مني، لا قصدي البنت اللي انا كنت بكلمة بيها على اساس هي انا .. لا وكمان قال لها هيطلقني ، قوليلي يا فرحه اعمل ايه دليني على الصح انا بقيت اخاف اعمل اي حاجه اغلط اكتر

تنهدت بضيق فرحه متسائلة:
– طب والبنت الثانيه اللي لجيتي صورتها في بيتك لسه لي علاجه بيها لسه بيتحدد امعاها او بيجابلها

هزت راسها برفض هاتفه بخفوت:
– لا خالص ما ده اللي مجنني مش بيجيب سيرتها خالص ولا قرب منها اصلها قدامه تقريبا طول الوقت
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم فهم:
– بمعنى ايه جدامه طول الوجت هو انتي تعرفيها

نظرت نادين اليها بالم قائله بكذب :
– ايوه هي صاحبتي بس مش قريبين من بعض اوي، انا ما اعرفش علاقتهم مع بعض كانت ايه زمان ، حتى هي حاولت اسالها بطريقه غير مباشره اذا كانت بتحب قبل جوزها عشان اعرف علاقتهم كانت ايه بس برده قالتلي انا ما كنتش بحب ولا كان لى علاقه باي شاب قبل ما اتجوز

هتفت فرحه بجدية تامة:
– يعني هي كومان متجوزه زيك و رايحه تساليها عادي اكده, افرضي جوزها كان سمعها كنتي خربتي بيتها اسمعيني زين يا نادين طالما كانت ماضي ودلوج ما لوش علاجه بيها ولاهي كومان بيجي ما لكيش حج انك تساليه وطالما كومان ما تعرفيش كان بينهم ايه زمان بلاش تخربي عليها وعليكي, وحسبي من اول يوم جواز علي اللي فات

ادمعت عينيها ونظرت اليها بخزع:
– طب اعمل ايه
فرحه بعتاب:
– چايه دلوج يا نادين بعد اللي حصل تاخدي ماشورتي اللي انتي فيه ديه ما فيهوش غير حل واحد بس، لازم تجولي لزين كل حاچه احسن ما يعرفها من حد ثاني او لوحده ممكن زين لما يعرف منك الحجيجه يسامحك

هزت راسها برفض سريعاً قائله بخوف:
– لالالا مش هقدر اعمل كده, مستحيل انتي فاكره ان انا لو قلت له هياخذ الامور بهدوء، طبعا لا اقل حاجه هيطلقني اصلك ما تعرفيش زين اتغير ازاي شوفي اي حاجه ثانيه غير دي مش هقدر يا فرحه اقوله, انا خايفه زين يضيع مني للابد

لتقول بلطف وهدوء حتي تهدا قليلا:
– طب اهدي وان شاء الله خير, مش عيضيع ولا حاچه وما فيش حد غيرك يجدر يرجعه ليكي غير انتي كيف ما سبج عملتي وخليتي يحبك وانتي واحده ثانيه
غمغمت نادين وهي في اشد مواقفها ضعفًا واهتزازًا من حيث كل شيء:
– ازاي بس يا فرحه

لتقول بتفكير متسائلة:
– هو انتي لما جربتي من جوزك على اساس انك بنت تانيه وهو وما معرفكيش عملتي ايه عشان يتعلق بيكي اكده
اجابت بنبرة عاديه:
– عادي يعني بقيت بكلمه على طول واعرف اللي مضايقه واهتم اعرف كل تفاصيل حياته حتى الرسم خليته يعلمهولي اهتميت بهواياته كلها، و وقت ما كان يحتاجني كان بيلاقيني ولما كان بيبقى متضايق كنت انا اول واحده بيكلمني ويحكيلي وياخذ رايي كنت زي ضله كده

لتقول فرحه بذكاء:
– خلاص ارچعي واعملي كل ديه بس وانتي نادين مراته وحبيبته
هتفت نادين بعدم ثقه:
– تفتكري هقدر طب ازاي هو مش طايقني دلوقتي خالص، بقول لك عاوز يطلقني يعني ممكن في اي وقت يفاتحنى في الطلاق واللي عاوز يتجوزها دي

اجابت فرحه قائله بجدية:
– وهي في الاصل مين يا نادين مش انتي برده انتم الاثنين واحد انتم الاثنين نفس الشخص وكيف ما خليتيه يتعلج بيكي جوي اكده, اتشطرى بجى ويخليه يحبك وانتي نادين عتقدري يا نادين عشان انتم واحد ونفس الشخص

صمتت لحظه تفكر في حديثها لتقول بتردد:
-طب واسيل البنت اللي كان بيكلمها هعمل فيها ايه
لتقول بعدم تفكير وبلهفه:
-خلي يكرهها زي ما حبها

لتسارع نادين بالقول محاولة عدم اصطناع المشاكل مره اخري:
– لالا انا مش عاوزه اتقمص الشخصيه دي ثاني بقيت بكرهها ومش عاوزه يكلمها ثاني، اخاف يتعلق بيها اكثر او اتكشف

لتقول نادين بجدية:
– اقول لك انا هخفيها خالص من حياتي وحياته، من النهارده ما فيش اسيل في نادين وبس .
***

انطلق دياب وجميله في رحلتهما الى القاهرة في ساعات الصباح الباكر, الي الجامعه لتقدم جميله اوراق تعينها وتبدا في الدراسة, قالت جميله بابتسامة مشرقة:
-انا مش مصدقه يا دياب اني هكمل تعليمي فعلا ده كان حلم زمان و بطلت احلمه من كثر ما ياست انه يتحقق متشكره قوي يا دياب بجد انك بتحاول تسعدني

قال دياب بعتاب وجديه:
– طب ما تزعلنيش منك عاااد تشكريني على ايه.. اني جوزك و ديه واجبي عليكي
هزت راسها بحب له ثم ساد الصمت بالرحلة اول الوقت, حتى وقف دياب على محطة وقود لملا خزان السيارة, اوقف المحرك ونظر اليها يسال بهدوء:
– رايده حاچة من السوبر ماركت, انا نازل اجيب مايه

هزت راسها نافيه ونظرت اليه مجيبة بهدوء:
– لا شكراً تسلم

لم يغب سوى عدة دقائق ليعود بكيس كبير, دلف الى السيارة ووضعه علي الكرسي في الفراغ بينهما صعد السياره ثم شغل المحرك استعدادا لمواصلة الرحلة, مره اخري اعطي الكيس بعد ذلك لجميله وطلب منها وهو يدعوها لتناول العصير وبعض الشطائر الذي أخذهم من السوبر ماركت لتاخذ ما به من ساندوتش وعصير, اعترضت في البداية بانها ليس لديها شهيه الان لكن تحت اصرار دياب الشديد اخذت بعض قطع لقمات حيث انهم لم يفطروا في المنزل, قال دياب مداعبة اليها:
– اللي ياكل لوحده يزور، مش هاين عليكي تاكليني حتى لقمه واحده

توقفت عن الطعام بخجل بتقول باسف:
-والله نسيت مش قصدي، طب اتفضل السندوتش بتاعك

ابتسم دياب بخبث ليفتح فمه اليها لتعقد حاجبيها باستغراب له حيث رفع كتفه بدليل بانه مشغول في السواقه كيف ياكل, لتتنهد من دلاله وتفتح السندوتش وتقربه من فمه لياكل منها قطعه ثم امسك يدها ليقبلها بحنان قائلا:
– تسلم يدك

احمرت وجنتي جميله قليلا مبتسم هو عليها, حتي وصلا الى الجامعة, وبداوا في الاجراءات جميعها وخرجوا من الجامعة وصاعدوا الي السياره

نظر اليها بتركيز واجاب بتان وهو يضغط على حروفه:
– چميله اسمعي الكلمتين دول مني وما تزعليش, اديكي شوفتي العالم اللي چوه شكله ايه اكيد طبعا فيها ناس محترمين ودول اللي مش جصدي احذرك منها اني جصدي على الناس الثانيه في فرج كبير چوي بين عشتهم وتفكيرهم عننا وعشان خاطري بلاش تختلطي بيهم لاي سبب

لترسم ابتسامه مطمئنة واجابت بتلقائية:
– من غير ما تقول يا دياب عمري ما هعمل كده و هعمل حدود ما بيني وما بينهم علي طول

ابتسم دياب بثقه داخله كبيرة:
– اتفجنا ، ايه رايك ننتهز الفرصه ونخرج ونتفسح ونشوف مصر شكلها ايه ، جبل ما نعود الصعيد

وقبل ان تجيب بالموافقه شعرت جميله فجاه بتقلصات بطنها التي تشعر بها منذ ان استيقظت صباحا وقد زادت لدرجة جعلتها تطلق تاوه مباغتا حاولت كتمه كي لا يصل لمسامع دياب لا تريد تخريب رحلته ولكنه كان قد سمع المها وانتهى الامر لتقول بصعوبة:
– أنا تمام، ما فيش مشكله

امسك يدها سريعا ليرفع النقاب لتتنفس براحه وهتف بخوف يقبض قلبه لاول مرة:
– باه چميله، فيكي ايه مالك عتتوجعي ليه
حاولت الابتسامة من وسط المها واجابت بصوت ضعيف واهن:
– ما تقلقش كده يا دياب، تلاقيه شوية برد، اني هشرب كوباية لايسون دافية من اي كافتيريا لما نروح نتفسح وان شاء الله هبقى كويسه

لم يقتنع دياب بكلامها وقال:
– لاه اني لازمن اخدك المركز عشان الدَّكتور يشوفك الاول
جميله برفض ناعم:
– لا يا دياب انا كويسه بجد الموضوع مش مستهل مامنوش لازمه، ولا انت عاوز تضحك عليا ومفيش فسحه

قبل دياب جوابها على مضض وقال بحنان:
– لاه طبعا بس خايف عليكي جوي يا چميله
ثم هتف بلهجه امر:
– طب اسمعي لو حسيتي بتعب واحنا خارجين تجولي لي على طول ماشي

هزت راسها بابتسامة شاحبه حتي صعد بالسياره مع توجهات دائما طول الطريق من قلق وخوف عليها

***
دلفت فرحه الي اسيف بعد خروج جلال من عندها واخذت معها الطعام وساعدتها في الجلوس لتسند ظهرها علي الوساده براحه اكثر ، اخذت فرحه كوب الماء من اسيف بعد ان اعطتها العلاج لتقول بابتسامه:
– بالشفا ان شاء الله ربنا يكمل علاجك على خير

لتقول اسيف بحنق قائله:
– وعلاجي هيتم على خير بالحبسه اللي انا فيها ازاي يا فرحه، عجبك اللي ابن عمك بيعمله فيا ده, حبسني عشان عارف ومتاكد ان مش عارفه اتحرك وامشي، و اخذ منى التليفون كمان

تنهدت فرحه قائله بطيب خاطر:
– معلش يا يا اسيف ما تزعليش منه هو برده معذور انتي ما تعرفيش هم بالنسبه لهم كلاتهم امهم ايه وهو جي في نصف الخناجه ومش خابر كل التفاصيل وبداية الخناجه كانت عن ايه والله چلال طيب اوي و بيحبك و اي حد مكانه بعد اللي عملتيه ما كانش عيفضل جنبك وخايف عليكي حتي بعد اللي حصل

نظرت اسيف لها قائلة بسخرية:
– من يشهد للعروسه ما انتي لازم تشكري فيه فرحه لو سمحت مش عاوزه اتكلم في اللي حصل ولا افتكر ومتحاوليش تلاقي عذر للي عمله عشان دي مش اول عمله يعملها معايا ولا يحترمني ويهني قدام الناس في حاجات ثانيه انتم ما تعرفهاش مش عايزه اتكلم فيها لان مهما هتكلم هفضل مصره على قراري ان هامشي من هنا يعني هامشي

هزت راسها بمعني بتفهم لتقول بحزن:
– ماشي كيف ما تحبي بس مفروض زي ما تحسبي چلال حسبيني اني كومان، عشان اني السبب في الاول في كل اللي حصل
لتقول اسيف بضيق:
– فرحه انتي مالكيش دعوه باللي حصل خالص وما تحمليش نفسك الذنب ، هو اصلا طريقته معايا كده من اول يوم جواز مش جديده عليه

ابتسمت فرحه لها وسط حزنها متسائله:
– استغربت جوي لما لجيتك جريتي ودفعتي عني بالشكل ديه احنا كيف الاخوات بس مش للدرچه دي عملتي اكده ليه يا اسيف
أغمضت عينيها بقوه قائله بعمق وحسرة:
-حسيتك كانك هي قصادي عينك كان فيها منها كثير نفس نظره الضعف وقله حيلتها نفس استسلامها لحزنها وضعفها وهما دول اللي خلوها تروح مني ضيعت من عمرها كثير وهي مستنيه لحظه امل واحده منه، مستنيه في يوم يحن عليها ويرجعلها ويقول لها انا اسف كنت غلطان و بحبك زي ما بتحبيني ، بس ما حصلش وهي اللي خسرت وراحت

لتقول متاثر بحديثها متسائلة باهتمام:
– هي مين دي
فتحت عينيها بالم شديد والدموع تنهمر من عينيها بمرارة:
– ماما

رفعت راحتيها تمحي دموع قهر والم من علي وجهها رافضة اظهار ملامح نقشتها الام ضعفها: -اوعى في يوم يا فرحه تستسلمي و توافقي ان حد يجي عليكي عشان سعادته محدش بيحس بوجع حد غير نفسه، انا كنت بشوف دائما ماما قدامي وهي مقهوره من العياط والحسره ما كنتش قادرة اعملها حاجه, كانت عايشه شبه موقفك كده، كان نفس الطيبه والسكوت اللي كرهتهم فيها, لما شفتك قدامي مستسلمه كده, حسيتك انها هي ونفسي ارجع الزمن لورا عشان ادافع عنها، بس للاسف هي ماتت مش هقدر اجيبلها حقها ولا ادافع عنها من كل واحد ظلمها وكسرها ما تستسلميش يا فرحه الاستسلام وحش, وفي النهايه انتي اللي بتخسري

هزت فرحه راسها بحزن واشفاق لها, لتقول بخفه اسيف :
– فرحه ممكن اطلب منك طلب عايزه تليفونك اطمئن على اختي هايدي جلال خد تليفوني ومش راضي يديهولي, عشان ما اتصلش باحد

***

اجاب مصطفى علي الهاتف لرقم غير معروف وقال:
– الو مين معايا
لتقول اسيف بابتسامة خفيفه:
– ازيك يا مصطفى انا اسيف طمني عامل ايه
ابتسم مصطفى بسعاده وقال بقلق:
– اسيف انا كويس ما تقلقيش عليا طمنيني انتي بخير جوزك عمل لك حاجه قلت لك بلاش احسن تجيلي وانتي اللي صممتي اهو وشافك عندي وفهم غلط

– انا كويسه ما تقلقش، رحت للدكتور اخبار جرحك ايه وطمني بابا كلمك ثاني بعد ما مشينا
تنهد مصطفى بعمق قائلا:
– لا ما لحقش يكلمني انا سبقته وقدمت استقالتي ريحته و ريحت نفسي من اي حرج
اتسعت عيني اسيف بصدمه وهتفت بحده:

– ليه كده يا مصطفى كنت استحملت الكلمتين او اعمل اي حاجه ثانيه غير انك تقدم استقالتك ماتبرر لبابا اللي حصل انت ملكش ذنب في اي حاجه, جلال هو اللي ضربك من غير ما تعمل له حاجه والموظفين يشهدوا بكده كمان

ابتسم مصطفى ساخراً:
– يعني تفتكري حتي لو قلتله كده كان هيصدقني اسيف انا بالنسبه له ولا حاجه مجرد عبء كبير عليه او مشكله او حاجز بيني وبينك عمال يعمل لكم كل شويه مشاكل من غير ما يقصد ،وبعدين هو المره اللي فاتت حذرني ان لو عملت حاجه هيطردني يبقى ليه استنى قله القيمه لنفسي صدقيني كده احسن

اسيف بزعل:
– بس انت ما لكش ذنب في حاجه انا اسفه بجد يا مصطفى انا السبب سامحني
مصطفى بجدية:
– لا انتي ما لكيش ذنب في حاجه هو نصيبي كده ما حدش عارف الخير فين
_____________
اسيف بزعل:
– بس انت ما لكش ذنب في حاجه انا اسفه بجد يا مصطفى انا السبب سامحني
مصطفى بجدية:
– لا انتي ما لكيش ذنب في حاجه هو نصيبي كده ما حدش عارف الخير فين
لتقول اسيف باشفاق وحزن متسائلة:
– طب انت هتعمل ايه دلوقتي هتشتغل ازاي وفين انا عارفه ان انت كنت محتاج الشغل دي قوي عشان تصرف على مامتك ، وانت قلت لي بنفسك في مره المرتب لما زاد مامتك قعدت وبطلت شغل في البيوت وانت بقيت تصرف عليها بنفسك واترحمت من اي حد غلس يحرجك في الجامعه ويقول لك مامتك خدامه في البيوت
امسك دموعه وقال مصطفى بهدوء مصطنع:
– مش هغلب يعني يا اسيف, ربنا اللي بيرزق واكيد هلاقي شغل ثاني ، خلي بالك من نفسك
لتقول اسيف بضيق مكتوم من جلال فهو السبب و أوصله الي هذه الحاله واشفقت عليه :
– وانت كمان خلي بالك من نفسك ربنا يوفقك وتلاقي شغل احسن
اغلقت الهاتف ودلفت فرحه فقد تركتها تتحدث مع اختها كما تعتقد لتقول بقلق:
– كلمتي اختك واطمنتي، مالك في حاچه حصلت عندكم اختك بخير
تنهدت اسيف بعمق لتقول بهدوء:
– كويسه ما فيش حاجه، اتفضلي تليفونك يا فرحه
***
قال عيسي متسائلا:
– ما رضيتش توديها المشفى والدكتور يكشف عليها احسن ليه
جلال بتوتر:
– هاه كده احسن وبعدين ما انا عملت لها كل اللازم هنا قصاد عينك لو حست بتعب هاوديها المستشفى على طول
عيسي بحده قائلا وقد فهم ما يدور في راسه: وانت فاكره كده يعني مش هتعوز تمشي ثاني, هي مش قطه عشان تحبسها في الدار يا چلال
جلال بضيق شديد:
– يعني كنت عاوزني اعمل ايه ما انتم شفتوا كلكم دماغها الناشفه، انا تعبت وزهقت منها غلطانه و بتقاوح لسه, كنت عاوزاني اعمل ايه وانا اول ما ادخل من بره اشوفها بتكلم ماما بالطريقه دي
هتف عيسي بنبرة قويه لا تقبل النقاش فهو لا يقبل الخطأ أبدا او الظلم :
– تعرف اللي حصل الاول وتتكلم بالعقل, وبعدين انت كمان غلطان يا چلال كنت على الاجل أخذتها على جنب وكلمتها او ضربتها يا سيدي حتي بس مش جدامنا كلنا اكده وتحرجها
جلال باحراج:
– مكنش قصدي هي اللي نرفزتني، وبعدين انا عرفت كل حاجه من فرحه وبرضه هي غلطانه و لازم تعتذر لماما على اللي عملته والطريقة اللي كلمتها بيها, وبعدين عاوز تفهمني انك مش مضايق منها ومن اللي عملته دي امي يا عيسى
ليقول عيسي بنبرة عتاب:
– عاجولها لك ثاني كل حاچه تتحل بالهداوه وبالتفاهم مش بالتسرع ونشوفيه الدماغ اللي فيك ديه عمرها ما هتحل حاچه، وبعدين من امتى وانت بتمد يدك على حريم اني ربيتك ولا علمتك اكده خابر اللي بيعمل اكده يبجى ايه للاسف مش جادر اجولها عشان عيله الجبالي كلها رچاله واني ربيت رچاله
تنهد جلال مجيب:
– اهو اللي حصل يا عيسى والله العظيم ما كانش قصدي اعمل كده وندمان اني ضربتها رغم كل اللي عملته، بس برده هي غلطانه و لازم تعتذر لماما
***
دخل عيسي بتعب الي غرفته وفتح الاضاءة وهو يظن انها نائمة او تتصنع النوم مثل ليله امس لتظل بعيدا عنه ، ليتفاجا وهو يجدها مكومه علي جانبها الايسر و وجهها اليه مغطي بالدموع واعينها منتفخة تنظر الي الفراغ بجمود,اقترب منها ببطء و خضة حاول لمسها وهو يردف:
-فرحه
وكانها كانت تنتظر كلمته لينفك جمودها و تنكمش ملامحها وتجهش بالبكاء ووضعت كلا كفيها علي وجهها تبكي و تبكي بنياط يمزق القلب، شعر بقلبه يكوي علي حالها و لكن بداخله هناك بصيص الامل بانها تعقلت و عادت الي رشدها، نظر لحالتها و لعن نفسه سره وهو يراها تنهار امام عينيه، مال خلفها يحاول جذبها الي احضانه بقوة استسلمت ولم تقاوم و هي تبكي بشدة وكان لا يفهم ما اوصلها الي ذلك الحال او ماذا فعل هو
بعد دقائق طويله بالنسبة لهم استسلمت بين ذراعيه بانهاك و تحطمت جدرانها اخيرا ، مال براسه يخبا وجهه خلف رقبتها بين خصلاتها وهو يضمها بشده و يحاول تهدئتها بكلماته الحانية
أردف بخفوت وانهاك :
– فيكي ايه المره دي اوعي تكوني يا فرحه لسه موضوع الجواز في دماغك تاني انا خلاص جبت اخري يا بنت الناس
هربت دموعها اكثر و هي تستمع الى روحه المنهكه في صوته لتردف بندم و صوتها مختنق ببكائها قائله:
– اني اسفه يا عيسى, سامحني على كل حاچه عملتها معاك الايام اللي فاتت مش خابره اللي كنت عاعمل فيك وفي نفسي ، كيف كنت عاجدر اشوفك مع غيري جصاد عيني
تشنج جسدها بين يديه قبل ان تلتفت اليه وتردف بصوت مبحوح :
– اني بحبك اوي يا عيسي و مهما جولتلك سيبني او اتجوز اوعي تزهج مني و تتخلي عني وتسمع ليا
رمش بعدم تصديق و ذهول من اخيرا انها رجعت الي رشدها, هز راسه بهدوء وهو يمسح دموعها بيده قائلا بحنان:
– لو فاكرة اني ممكن المس حد غيرك تبجي اكيد مجنونه يا فرحه مستحيل كنت اعمل اكده ولا اجدر اتجوز ولا اجدر المسها حتي ولازمنا.. ترجعي لعجلك وتفهمي ان انتي عمرك ما هتكوني لغيري ولا انا هكون لغيرك .
امسكت بنظراته تحلل صدقه وهي تري رموشها تبللت بدموعها فاردفت بخفوت وصوت ارهقه البكاء:
– سامحني فهمت ده بس متاخر، انت ما تعرفش الايام اللي فاتت حالتي كانت عامله كيف ولا كنت بحس بي ايه كل ما اتخيلك مع واحده غيري
مال يقبلها بحب و شوق ليردف :
– وايه اللي خلاكي تغيري رايك دلوجت ديه انتي جننتيني معاكي و مرمطيني وراكي يا شيخه وانا بحاول افهمك اكده وانتي مش راضيه
ظهرت الابتسامة اخيرا في عينيها المنتفخة من حديثه لترن صوت ضحكتها الجدران و دموعها لا تزال تنساب لتقول:
– من حديد اسيف معايا واللي عملته معايا وامبارح جعدت مع نفسي افكر في كل كلمه جلتهالي ، حسيت جد ايه كنت عاخسر حاچه چميله و كبيره في حياتي, فوجتنى بحديدها وشالت الغمامه اللي كانت على عيني, وعرفت كيف كنت عظلمك و هظلم نفسي
نظر لها بغيظ وهو يردف من بين اسنانه:
– يعني انا طالع عيني ليل ونهار امعاكي ترجعي في حديدك وتيجي ست اسيف تغير حديدك في ثانيه ماشي مش مهم المهم انك رجعتي لعجلك و مش عاسمع حكايه تتجوز عليا دي ثاني
تعلقت عيناهم ببعضهم البعض للحظات مرت دقائق طويله بينهم لتردف فرحه بخفوت:
– اني بحبك و بموت فيكي يا عيسي متوجعيش جلبي في يوم اكتر من اكده اني رايده ارتاح مش جادره اتخانج حتي ، ولو نفسك في يوم في عيل تعالي وجولي احسن ما اعرفها لوحدي واني بنفسي عاشوف لك عـروسـ
امسك فمها وقال بغضب:
– جسما بالله يا فرحه لو الكلمه دي خرجت من خشمك تاني لاكون جاطع لسانك ديه اني ولا بفكر في جواز ولا في عيال ارحمني وارحم نفسك شويه
نظر لعيونها التي تنذر ببكائها فاردف بحزم و تعب: فرحه وبعدين جلت لك شيلي الموضوع ديه من دماغك مش عنرجع ثاني لوجع الدماغ ديه يا ستي اني راضي و موافج بيكي وانتي اكده
لتقول هي بخفوت:
– مش رايده اظلمك في يوم يا عيسى
اقترب منها وهو يغمض عينيه لتضمه هي بدورها اليها وتمرر يدها علي راسه وضع عيسي راسه علي صدرها يستشعر ذبذبات قائلا بحب:
– اني رايدك اكده ومرتاح معاكي اكده وما ليش دعوه بغيري فاهمه
رفعت يدها تجذب راسه نحوها لتطبع قبله طويله علي مقدم راسه وابتعدت بعدها لتردف بحب:
– ربنا يخليك لي وما يحرمنيش منيك ابدا
ابتسم عيسي ابتسامه حقيقيه اختفت عنه منذ فترة لتردف بابتسامه مشاكسه:
– بحبك يا عوصه وبموت فيك
نظر عيسي بغيظ ليرد بحنق:
– شكلي اني اللي هموتك دلوج اني مش جلت لك جبل سابج ما تجوليش الاسم المايع ديه ثاني بجي عمده البلد يتجاله عوصه تاجي كيف ديه
لمعت عينيها المنتفخة من بكائها السابق بمشاغبة لتردف:
– امال ادلعك كيف طب
اردف ببحته المميزة قبل ان يختطف انفاسها في قبله طويلة يوسم بها كل شوقه وينهي مخاوفه و يطمئن قلبه بوجودها بجانبه الي اخر العمر قائلا بخبث:
-تعالي واني اجولك الدلع كيف
***
في المساء دلف جلال بتعب وارهاق فقد شغل حاله في العمل حتي يلهي نفسه, تفاجا باسيف مستيقظه وكانت تجلس اعلي الفراش ليقول بامل:مساء الخير
بالطبع لم تجيب تنهد بغيظ مكتوم ودلف يبدل ملابسه حتي خرج من المرحاض و اقترب يقف على بعد خطوات منها يعدل من الوسادة لينام وتظاهر بالانشغال بينما كان قلبه يختض بقوة ما ان وقعت عيناه عليها فقد اشتاق لها بقوه لتهتف اسيف ببرود:
– انت بتعمل ايه
عقد حاجبيه واجاب:
– بعدل المخده عشان انام عاوزه حاجه تركت طرف ورقة المجله الذي تعبث بها بيدها السليمه و تحدثت ببرود اكثر لبرودها سابقه:
– للاسف مش هتنام هنا النهارده على السرير ولا الايام اللي جايه لحد ما أخف خالص ، بصراحه خايفه تخبط فيا وانا جسمي مش مستحمل
ترك المخده لتسقط منه واتجه اليها بحده وقد حصلت على رد الفعل الذي تريده،رد منفعلا ثائرا وقال:
-ده على اساس انه اول مره انام جنبك ما انا على طول متزفت بنام جنبك كنت خبطت فيكي قبل كده
ابتسمت له باستهزاء وقالت:
– نعم امال مين اللي كل يوم اصحي بلاقي نفسي في حضنه ده ايه ، ولما اجي احذرك تقول لي معلش اصلي مش بحس على نفسي وانا نائم باعمل ايه ، ده اسمه ايه حضرتك
جز علي اسنانه بحده وقال مبتسم باستظراف :اسمه بستعبط وببقى قاصد اعمل كده، واخدك في حضني
رفعت عينيها اليه بذهول قائلة بغضب:
– طب تمام برده مش هتنام جنبي كفايه مستحمله اوضه واحده تجمعنا احنا الاثنين مع بعض
نظر لها بخزع ثم تحول الي لوح رخام بارد كما كانت تفعل هي منذ شجارهما لياخذ الوساده وينام علي الارض، لترتسم ابتسامة صغيرة سرعان ما إخفاتها متصنعا التجهم، وهتف بها بحدة وهو يفرد جسده:
-ارتحتي كده يعني ماشي يا اسيف اعملي ما بدالك لحد ما نشوف اخره اللي انتي بتعمليه ده ايه
ابتسمت باستفزاز:
– اه مرتاحه وجدا كمان، مش نائمه على سرير ناعم مش علي الارض زي ناس
قال جلال بضيق شديد:
– طب اتخمدي بقى و اطفي النور
هتفت بنبرة غيظ اليه اكثر:
-تؤ لسه عاوزه اسهر شويه واقرا في المجله حاول انت تنام في النور عشان احتمال اسيبه لحد الصبح كمان
نظر لها وهو علي الارض بغيظ:
-عارفه انتي تحمدي ربنا دلوقتي انك تعبانه لانك كنتي هتشوفي الوش الثاني حاجه مش هتعجبك خالص، على اللي انتي بتعملي فيا دلوقت
اجابت اسيف بمرارة ساخرة:
– اه فعلا ما انا شوفت من الوش الثاني باماره القلم اللي اديتهولي وانت اكتر واحد بتاخد حقك اول باول، بس يا ترى بتعرف حق الناس بقى زي ما انت عارف حقك
زفر بضيق واقترب ليقف على بعد خطوات قليلة منها ووقف يطالعها وهو يقول بجدية:
– تعرفي يا اسيف انا عمري في حياتي ما كنت افكر ان امد ايدي علي واحده وخصوصا الواحده دي تكون حبيبتي ومراتي وعمري ما كنت بحترم اللي بيعمل كده انه يمد ايده على واحده ست لاي سبب واللي عملته فيكي كوم وان اضربك ده كوم تاني خالص اكثر حاجه متضايق اني بجد كل ما افكر فيها, بس اهي خلاص حصلت ومش هقدر ارجع الزمن وانتي شكلك مش عاوزة تسامحيني ومش مدياني فرصة اني اشرحلك حتى
هتفت اسيف بغضب شديد مزدوج بالم:
– تشرح لي ايه بالظبط تشرح ازاي شكيت فيا ولا ازاي حكمت واصدرت حكمك من غير حتى ما تدي لنفسك فرصة انك تسالني الاول ولّا ازاي طبعا ضربتني ومش انا لوحدي لا كمان اذيت واحد ما لوش ذنب وما فيش اي حاجه في الدنيا تخليني التمسلك العذر كفايه بسبب اللي عملته اتسببت في قطع عيش واحد ملوش ذنب في حاجه خالص و كان بيصرف على امه الوحيده
قاطعها جلال بشراسة :
-ثانيه واحده ايه اللي انتي قولتي ده انتي تقصدي بكلامك ده مصطفى زميلك صح طب عرفتي منين انه انفصل عن شغله انا مش اخذت منك الموبايل وحذرتك ما تكلميش الواد ده ثاني
هزت اسيف كتفيها ببرود واجابت وهو يقلب شفتيه بعنف منها:
-طلبت التليفون بتاع فرحه و قولتلها عاوزه اكلم اختي عشان اطمئن عليه واعرف اللي حصل له
اقترب منها وقبض على كتفيها بقوه واردف وهو ينظر الى عينيها اللامعتين :
– برده بتكسري كلمتي و مش بتسمعي كلامي طب لــيـــه نــفــســي افهم ليه دائما بتحبي تحرقي دمي وتعصبيني وتعندي معايا علي اقل حاجه مش مستاهله بتوصلي لايه من اللي انتي بتعملي ده كله مش فااااااهم يا بنتي ارحــــميــني انا تعبت من تصرفاتك ومن المناهده معاكي كل يوم من الكلام الكثير وانتي اللي في دماغك في دماغك ،انا ومن الاخر كده بــغــــيـــر افهميها بقى بــغــــيـــر عليكي جداااا، اذا كنت احيانا بغير عليكي من باباكي وعيسي ساعه الفرح لما قاعده يشكر فيكي ولا يقول لي مراتك شكلها طيبه وما فيش زيّها، اخويا ها فاهمه مش هغير عليكي من الاغراب والزفت التاني اللي اسمه مـصـطـفـى
انتفضت بخضه وهي تضع يدها علي راسها تستمع الي صراخه المدوي ومن اسلوبه الذي تحول فجاه لتقول بتوتر:
– اا انا ما فيش حاجه بيني وبين مصطفى، احنا مجرد زمايل لا اخوات و اكثر من الاخوات كمان وبعدين بالعقل كده انا اعرف مصطفى اكثر من اربع سنين لو كانت في حاجه في دماغه ولا وفي دماغي كان زماني اتجوزته هو مش انت
ليعتلي وجهه تعبيرا حانقا ويهتف باستنكار تام: اسمعيني كويس يا اسيف وحطي الكلام ده في دماغك كويس اوي، انا عمري ما شكيت للحظة واحده فيكي، لاني من الاخر لو شكيت فيكي يبقى بشك في نفسي، عارفة ليه لو فيه ذرة شك جات في قلبي من ناحيتك عمري ما كنت هكتفي بزعيق ولا خناق ولا حتى قـلــم ولا قــلمــيـن ، اللي عماله تحاسبيني عليه نتيجه رد فعل اي حد مكاني كان هيعمل كده وزياده، الشك يا اسيف لو دخل عقلي وقلبي كان هيحول حياتي لجحيم معاكي وما مفيش اي حاجة في الدنيا ممكن تخرج الشك وانا كل اللي عملته ده من ضربك وزعيق وضرب في زميلك كان غيره يا اسيف مش شك ذي ما عماله تقولي
ليمسك وجهها ويحتويها بين يده في حين كالت له القبضات وهو يهتف فيما يشعر بالطعنات تصيب قلبه لدى من نار الغيره: يا بنتي افهمني انا بحبك وبعشقك، تقدري تقولي عليّا مجنون بيكي كمان، وبحبك جدا جدا وما اقدرش استغنى عنك، وصدقيني واتحداكي تلاقي حد بيحب مراته زيي كده، وانا انفعلت و رد فعلي تلقائي زي اي حد بتعصب وبغلط وممكن بعمل العملة الاول وبعدين بفكر فيها ودلوقتي بتااسف
قالت ببرود وهي تحاول الابتعاد عنه: هو فين الحب ده انا من ساعه ما عرفتك وانت عمال تقول لي باحبك باحبك كلام وبس انما فعل ما فيش،ويوم ما بتعمل بتغلط وترجع تقول انا اسف وسامحيني انا دلوقت اللي بقول لك، اسفه يا جلال مش كل مره هقدر اسامحك
نظر اليها بنصف عين غير قادر على واد انفعالها ورد من بين اسنانه:
– هو انتي اصلا بتسامحيني ولا بتفغري حتي
لتغمغم باختناق من بين طيات الحزن الذي اصبح داخلها تجاه:
– امال لما جاءتلي البيت عند بابا رجعت معاك ليه انت عمال تقولي طول الوقت حطي نفسك مكاني ، طب ما تجرب تحط نفسك مكاني انا مره واحده لقيت نفسي فجاه متجوزه واحد ما اعرفوش والمطلوب منها انفذ كل طلباته ، واسيب حياتي في مصر و اجي اعيش في الصعيد في بيت لي عادات وتقاليد و ماعرفش عنهم حاجه والمفروض اقول حاضر ونعم علي كل حاجه حتي لو بالغصب
احاط وجهها براحتيه الخشنتين واجابها وهو يميل عليها لينظر بعمق في غابات الخضراء خاصتها: -والشخص اللي اتجوزتي ده من اول يوم وهو قال لك بحبك ومستعد يعمل المستحيل علشانك، بس انتي مش راضيه تدي له الامان ولا تسلمى
اشاحت اسيف بعينيها بعيداً وهمست بجمود :
– وانا كمان كنت صريح معاك و عمري ما قلت لك انا بحبك ولا عمري هبدله نفس الشعور ، بس انت اللي مصمم تعيش في وهم
نظرت اليه واضافت بهدوء تمسك براحتيه لتبعدهما عن وجهها:
– اسفه يا جلال بس انا مش الزوجه المطيعه اللي هتقول لك حاضر ونعم على كل حاجه، و لما تغلط المفروض تقول لك مش مهم دوس عليا اكتر ، انا مش دي وما تحاولش تخليني كده بس ممكن تلاقي غيري كده
***
ضم عيسي فرحه اليه باستمتاع بقت واضعة راسها على صدره تستمع الى دقات قلبه الصاخبة التي تشبه بجنونها دقات قلبها ابتعدت لتحيط عنقه بذراعيها ورفعت جسدها لتقبله بعاطفة تعلمتها على يده هو فقط ثم همست بنعومة:
– بحبك جوي يا عيسي
تسال عيسي بنبرة خبيثه:
– بس تعرفي مش وحشه برده
عقدت حاجبيها متسائلة:
– هي مين دي
ليقول عيسي بمكر وهو يحاول اثاره غيرتها:غوايش صاحبتك مش دي اللي كنتي عتجوزهالي انتي وامي .. زينه والله
نهضت نصف قومه تجذبه من صدره لتصيح بعصبية:
– هي مين دي اللي زينه يا عيسي ماتضبط حديدك معايا بدل ما اجلبلك على الوش الثاني
اتسعت ابتسامة عيسي ليقبل راسها بحنو ويهمس:
– ما تهدى يا بت انا كنت بهزر امعاكي, بنغشك مش اكتر, اني اصلا مش فاكر شكلها ولا اعرفها مين دي بس اللي عبصلها بس وانتي جنبي
لتقول فرحه بابتسامة غيظ:
– ايوه كده اظبط و بلاش الهزار الماسخ ديه
ضمها الي حضنه مره اخرى بحنان قائلا: يعني خلاص مهما حصل مش عسمعك تجوليها ثاني يا فرحه اتجوز عشان تخلف
ابتسمت فرحه بحب:
– انت مش جلتلي لو جلتها ثاني عتجطع لساني وانا بنفسي باجول لك اعمل ما بدالك فيا لو سمعتني بجولها لك ثاني
***
في الصباح
نزل جلال سريعا علي السلالم وخرج من باب السرايا بغضب حتي استمع الي صوت اخيه خلفه كان يجلس اعلي مقعد بجانب الباب يحتسب الشاي وعندما رآه هتف عال:
-چلال
التفت اليه باستغراب وقال:
– عيسى صباح الخير اللي مجعدك اهنه على الصبح
قال عيسي متسائلا بهدوء:
– مراتك عامله ايه دلوج
هز راسه هاتفا بخفوت:
– بخير
عيسي بجدية:
– طب اطلع اديها خبر ان عاوزها في كلمتين اطلع اديها خبر الاول عشان اطلع وراك بعد اكده
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره:
– نعم عاوزها في ايه من امتي وفي كلام بينكم عيسى نصيحه مني بلاش كلامها دبش ودماغها ناشفه و هتزعل منها ومش هتقدر تطلع منها بحاجة
عيسي بحده قائلا:
– ما لكش صالح انت عاااد واطلع اديها خبر انت بدل ما اشيع حد غيرك يطلع ليها
***
في منزل دياب حماد الجبالي كانت تجلس احلام بصالون جانبها كوم من الملابس تطبقها، وامامها جميله تجلس اعلي الأريكة وبيدها عدد كتب, لتقول احلام بضيق:
– ايه كل الكتب اللي في يدك دي زهجانه اكده ومش لاجيه حاچه تعمليها جومي طبقيلك هدمتين معايا
اجابت جميله ببرود قائله دون النظر اليها:
– لا مش فاضيه واعملي حسابك الايام دي مش فاضيه ليكي خالص ورايا مذاكره كتير
عقدت حاجبيها متسائلة بشك: وراكي ايه يا اختي مذاكره هو بعد ماشاب ودوه الكتاب ولا ايه هي الحاچات اللي في يدك بتاعه ايه
نظرت لها بحنق قائله باستفزاز:
– مع اني مش ملزمه اقول لك, بس عشان اخلص من فضولك و زنك، انا هرجع ثاني اكمل تعليمي وهدخل الجامعه
اتسعت عيني احلام بدهشة وغيره:
– جامعه بتهزري ولا بتتحددي جد ودياب وافج اكده عادي تروحي مصر لوحدك
ابتسمت جميله وقالت:
– ايوه وافق عادي هذاكر هنا واروح على الامتحانات
جزت علي اسنانها بعنف من قربهم الذي اصبح واضح بينهم وكل يوم يزيد هاتفه بحقد:
– بجى اكده مش باجول لك طلعتي مش سهله ، ويا ترى المره الچايه ناوي تطلبي منه ايه تاني يكتبلك البيت اللي احنا فيه باسمك ما هو ديه اللي ناجص, ولا بترمي على حاچه ثانيه
جميله بحده:
– ايه الكلام اللي انتي بتقوليه ده، وانتي مالك دخلك ايه بيني وبين جوزي، خليكي في حالك يا احلام والزامي حدودك معايا
ابتسمت بسخرية هاتفه بغيظ شديد:
-استجوتي جوي يا چميله، بس وماله ما هو حجك مش جواكي علينا ، بس عيجيلك يوم واجصجصلك ريشك اللي فرداه علينا في الراحه والچايه ديه
تنهدت جميله يضيق ونهضت قائله:
– اقول لك على حاجه يا احلام انتي بق ولا بتعملي حاجه مجرد كلام بس بتقوليه عشان تخوفي اللي قصادك وخلاص، انا هقوم اذاكر فوق شكلي مش هعرف اذاكر هنا بسببك
رحلت جميله لتقول احلام هامسه بتوعيد:
– بكره تعرفي بجول حديده على الفاضي ولا لا يا چميله
***
استغربت اسيف كثير من طلب عيسي مقابلتها حيث كانت تجلس اعلي الفراش وتسند ظهرها علي الوساده ويدها ملفوفة بالجبس, دلف عيسي بعد ان ترك باب الغرفه مفتوح حمحم قائلا:
– سلام عليكم، عامله ايه دلوج يا مرات اخوي
اجابت بهدوء عليه, ليقترب يسحب كرسي جانبها ويجلس عليه بالقرب منها قائلا :
– اسمعيني زين انتي ممكن ما تعرفنيش زين بحكم ما بجلكيش مده طويله معانا بس اني بعتبركم كلكم كيف اخواتي كيف چلال وزين بالضبط اكده احنا بناكل وبنشرب مع بعض طول اليوم، و ما بينا عشره ولازم نحترم عوايد واسرار الدار ونحافظ عليها
اسيف بضيق شديد:
– وانا عملت ايه يا استاذ عيسى خارج عداتكم, لو قصدك على اللي حصل من يومين انا مش مجنونه يعني عشان هاجي اتخانق مع حد من الباب لطاقه كده من غير سبب او تعملي حاجه او يغلط في حد يخصني
ليقول عيسي بهدوء وصبر:
– يا ستي لا سامح الله ما حدش جال عليكي اكده, بس ساعات الغضب بيعمينا علي الصوح ومش بنبجى عارفين بنعمل ايه
اسيف بسخرية هاتفه بحده:
=اه زي ما والدتك هي كمان غلطت فيا وفي ماما الله يرحمها كده، يعني زي ما عمال تغلطني بطريقه غير مباشره تقدر تعترف انت كمان اني والدتك غلطانه
هز راسه برفض قائلا بجدية:
-انا عمري ما بكذب ولا بسمح بالظلم، وايوه معترف ان أمي كومان غلطت من غير جصد كيف ما انتي كومان غلطتي فيها من غير جصد ولا انتي كنتي تجصدي اللي حصل
هتفت اسيف بغضب وقالت:
– هو ايه اللي حصل انا كمان ما قبلش بالظلم, وصعبت عليا فرحه ان الكل عمال يجي عليها وهي ساكته ومستسلمه لمصيرها.. و والدتك بصراحه زودتها قوي كل اللي همامها انها تشوفك متجوز ومخلف ومش مهم بقى هي جايه على حد بالي بتعمله ده ولا لا هي مش واخذه بالها من الانسانه اللي عماله تجرح فيها ليل ونهار بكلامها وأفعالها ، لا وكمان اختارت العروسه واحده صاحبتها هو ده بقى العدل اللي يرضيك و يرضي ربنا
تنهد عيسي بيأس وقال:
– استغفر الله العظيم يا رب لا طبعا ما يرضنيش ولا يرضي ربنا، بصي يا اسيف اعتبريني اخوكي الكبير واسمعيها منى مش دائما كلنا صوح اهالينا على طول عاوزين الخير لينا وانهم يشوفونا احسن ناس في الدنيا وكثير جوي بيبجى اهلنا شايفين ان احنا غلط واختياراتنا كلها غلط فطبيعي بيغصبون على حاچه هما شايفينها صوح لما نبقى احنا رفضنها, ومهما نحاول بجى نجنع فيهم ان ديه الصوح مش بيجتنعوا بالساهل
اسيف بحزن:
– عشان كده بقى وافقت تسيب فرحه والدتك تظلم فيها ، عشان مش عاوز تزعل امك
هز راسه برفض قائلا سريعا:
– انا ما وافجتش ولا سكت، اني اتحددت كثير مع فرحه في الموضوع ديه بس هي اللي كانت مصممه في الاول وهي اللي رجعت فتحت موضوع الجواز والخلفه ديه ثاني بعد ما كنت جفلته مع امي بالعافيه
اجابت باصرار قوي:
– هي ما عملتش كده برضاها, هي عملت كده من الضغط عليها
قال عيسي بهدوء :
– خابره وحتى كمان كنت بحاول امنع اي حد يضغط عليها، على العموم ده مش موضوعنا الموضوع ديه اتجفل خلاص وفرحه وعدتني مش عتتحدد فيه ثاني وتفتحه, واجتنعت اللي انا راضي بيها وهي اكده ومش رايد عيال ثاني، ممكن بجى نرجع لموضوع امي ثاني
نفخت بضيق شديد وقالت بنفاذ صبر:
– انا مش فاهم انت عاوز ايه من اللف والدوران اللي عمله ده من ساعه لما دخلت ما تيجي دوغري وتقول عاوز ايه
قال عيسي بجدية:
-ماشي رايدك تعتذري لامي، جولتي ايه
ابتسمت له باستهزاء وقالت بسخرية :
-تمام وانا موافقه بس بشرط واحد، هي كمان تعتذر زي ما غلطت فيا وفي امي، اظن ده حقي كده يا استاذ عيسي انت دلوقتي يهمك ترد اعتبار امك وانا كمان عاوزه كده, ايه صعب صح، لان والدتك مستحيل تعتذر ليا
صمت لحظه ثم تحدث بذكاء:
– تفتكري يا اسيف لو والدتك الله يرحمها كانت عايشه و حد غلط فيها جصاد منك ايه اول رد فعل هيكون منك
اسيف باندفاع:
– اكيد طبعا مش هسكت ولا اسمح لي حد يغلط فيها و..
ابتسم بخفه فقد وصل الي ما يريده قائلا:
– وايه كملي عتزعجي و تتخانجي وممكن تضربي كومان مش اكده وديه حجك ما حدش يجدر يلومك عليه
اسيف بضيق:
– انت عايز توصل لايه هي غلطت فيا وانا غلط فيها خلصنا يا سيدي ارتحت كده
عيسي باصرار وصبر:
-لا ما خلصناش يا بنت الناس، وبعدين اعتذار الصغير من الكبير هو اللي واجب و دي الاصول اللي تعودنا عليها من صغرنا وكومان متعودناش نستنى الكبير يعتذر مهما غلط فينا، بس اتعودنا نعتذر عشان نكبر في نظر نفسنا واللي جدامنا كومان
اسيف ببرود:
– طب واللي عمله اخوك فيا والطريقه اللي ضربني بيها قدامكم كلكم ده غير الاهانه ايه هتقول لي ده كمان لازم اعتذر لي
عيسي بلين:
– لاه دي حاچه بينك وبين جوزك اني ما ليش دخل فيها غير لما انتم تطلبوا مني ديه، اذا كان على رايي في الموضوع ديه, چلال غلطان من ساسه لراسه، مش من عاداتنا ان احنا نستجوى ونضرب حريم مهما حصل، واني والله العظيم زعجتله وغلطته على اللي عمله ديه
صمتت هي بهدوء فقد هدي شعور الغضب بداخلها بحديثه و اعترافه بغلط اخيه ، ليتابع حديثه قائلا باستدراج بذكاء:
– برده ما كانش ينفع يعمل اكده هو الموجف صحيح يخلي اي واحد يتعصب و يعمل اكثر من اكده، بس لاه لاه الا چلال ديه اني مربيه زين ما ينفعش يصغرني اكده, احنا اخدناكي من دار ابوكي معززه مكرمه و لازمنا تفضلي في دار جوزك برده اكده معززه ومكرمه واكتر كومان
هتفت اسيف بنبرة ساخره:
– لا ما هو واضح اخوك دائما متسرع ومش بيسمع لي اللي قدامه خالص، وده مش اول موقف يحصل ما بينا انا سبت البيت المره اللي فاتت عشان كده، وبعدين ما انت اهو دخلت ساعه الخناقه لكن سالت الاول مش دخلت تضرب وتتخانق
هتف عيسي باسف:
– معلش هو چلال اكده وجت الخناج ساعات عجله مش بيبجى فيه
جزت علي اسنانها بغيظ متحدثه:
– لا معلش اسفه في الكلمه ده ما عندوش عقل خالص
كتم ابتسامته ليقول متسائلا بلين:
– ماشي هاه هتكبرني وتسمعي كلمتي وتنزلي معايا وتعتذري لامي عاااد ولا ايه ولا مجيتي عندك ملهاش عازه
نظرت له بحيره قائله بضياع:
– هاه مش عارفه، بس هي غلطت فيا جامد برضه و لازم تعتذر
قال عيسي بهدوء رزان وعقل :
-دي اول مره اطلب منك حاچه ما تكسفنيش عاااد ويا ستي اني اللي اسف بالنيابه عنها خليها عليكي المره دي واعتبري نفسك ليكي عندي واحده, واطلبي منى ساعتها اي حاچه واني اعملهالك علي طول
***
في الاسفل كانت عديله تجلس اعلي المقعد وجانبها زين يشاهد مباره كوره القدم بحماس ويجلس جانبه علي كرسي آخر جلال وصفيه جانبه وكانت تحاول عده مرات فتح اي حديث معه لكنه كان يرد باختصار واحيانا التجاهل مما اغضبها بشده, فهو كان عقله شارد في اخيه عيسي الذي بالاعلي مع اسيف أكثر من حوالي ساعه واكثر.. يريد أن يعرف بفضول شديد فما يتحدث معها.
وعلي الجانب الاخر اعلي طاولة الطعام تجلس نادين و فرحه و امامها كرتون بها طقم اطباق طعام من التراث القديم ورث من والدتها كانت تحتفظ به منذ سنوات خوفاً من أن تكسر قطعه واحده منهم، فهو عزيز عليها بشده لكن قررت اليوم تستعمله في الغداء وكانت تمسك قطعة قماشه وتسمح وتلمع فيه باعجاب شديد من رسوماته الرائع لتقول نادين باعجاب:
– واو شكلهم يجنن اوي يا فرحه انا مش مصدقه انهم بقيلهم اكثر من 30 سنين ولسه بالمنظر ده
فرحه بفخر:
– امال ايه, ديه من ايام امي الله يرحمها وكانت محافظة على طبج ..طبج وشالتهم في جهازي شوفي بنفسك تجل الطبج كيف
امسكت نادين منها تنظر له باعجاب لتقول عديله ببرود:
– هي دي مناظر طباج تفتح النفس والواحد بياكل فيها ما فيش احسن من الالومنيوم بتاع زمان
فرحه بغيظ:
– موضه وعدت بجي يا مرات عمي خلاص ما بجاش في الالمونيوم ديه
لتقول عديله بهمس :
-عجبال يا اختي ما تبجى موضه وتروحي
سمعها زين وكتم ابتسامته ليقول لجلال الذي يجلس يهز في رجاله بحركه عصيبه واضع يده عليها ليقف حركه :
– يا أبني اهمد بقى وترتني، مش عارف اركز في الماتش
اجاب جلال بغيظ:
– وانت من امتى اصلا بتابع كوره اوعى بقى وسيبني في حالي
لوت عديله شفتها بسخرية هاتفه بحده:
– وماله حالك بجي اهدي على نفسك مش عياكلها فوج ولا عتنجص حته
نظر لها بضيق مكتوم وصمت لتقول صفيه بغيره: -انا مش خابره كيف يا چلال بعد كل اللي حصل سيبها لساتك على ذمتك بعد ما غلطت في امك جدامكم كلكم دي واحده مش محترمه ونجصه تربيه
نظر لها جلال بغضب قائلا بحذر:
– صــفـيـه وبعدين ما تدخليش نفسك في اللي ما لكيش فيه وبعدين عيب كده هي ما غلطتش فيكي عشان تغلطي فيها
جزت صفيه علي اسنانها بعنف وصمتت تاكل في نفسها من الحقد والغيره, لتقول عديله بزعل وضيق :
– معلش يا صفيه, اصلي خلاص يا بنتي ما بجتش في دماغ ولادي ولا حد منهم فكره يخليها تعتذر لي بعد ما اتهنت جدامهم كلاتهم
نظر جلال و زين اليها بعتاب وقبل ان يتحدث احد منهم، هبط عيسي من اعلي الدرج موجه حديثه الي زوجته قائلا بجدية:
– فرحه روحي اسندي مرات اخوكي نازلة على السلم
عقدت فرحه حاجبيها بدهشة قبل ان تراها بالفعل اعلي السلالم لتسرع اليها تساعدها في النزول, هتف جلال بتعجب:
– في ايه يا اسيف، إيه اللي نزلك وانتي تعبانه كده في حاجه حصلت .. عاوزه حاجه
وقف الجميع باستغراب وتعجب يتطلع اليها واقتربت نادين منهم ولا يعرفوا ماذا سوف يحدث تجاهلت اسيف حديثه ونظرات الجميع وابعدت يد فرحه عنها لتتقدم ببطء وتحملت الالم لتقترب من عديله التي كانت تنظر امامها بغيظ شديد ولا تريد النظر اليها، وقفت امامها وصمتت بتردد لتنظر الي عيسي الذي هز راسه بهدوء مبتسماً كتشجيع لها، حتي تنهدت بعمق لتقول بتردد:
– انا اسفه
نظرت لها عديله بتلقائية بعدم تصديق:
– جولتي ايه
بللت اسيف شفتها بهدوء وقالت :
– بقول لك انا اسفه وحقك عليا ،اسفه على الطريقه اللي كلمتك بيها، واسفه اني عليت صوتي عليكي،واسفه على كل حاجه عملتها وحشه ضايقتك مني.. ما كانش ينفع اعمل كده واكلمك بالطريقه دي ، انتي برده في مقام والدتي ما كنش يصح اللي انا عملته
اتسعت عيون الجميع بذهول وصدمه كبير فلم يتوقع احد ان تعتذر اسيف اليها بعد كل ما حدث منها، لكن تنهد الجميع براحه وسعاده بان انتهي الخصام، وبالتأكيد لم يكن الجميع سعيد فمنهم صفيه التي ضغطت علي اسنانها بعنف ليقول عيسي متسائلا: ايه ياما مالك مش مكفيك الاعتذار ولا ايه
انتبهت له عديله وقد فهمت بانه هو الذي أمرها بهذا وعملت فما كان يتحدث معها ابتسمت بفخر وسعاده قائلة بتكبر مصطنع :
– لاه مكفيني يا ولدي, هي برده كيف بنتي
لتكمل قائله بحده:
– بس علي اكده عرفت غلطها ومش عتتكرر ثاني ولا عتعملي حاچه كيف ديه تاني ولا عرجع ثاني يوم الاقيك مدخله نفسها في اللي ما لكيش فيه وعـ
نفخت اسيف بضيق مكتوم و قاطعها عيسي بصوت جاد:
– ما خلاص ياما احنا دلوج بنحل وبلاش نفتح في الجديم ، خلاص استبينا و راضيه صوح
لتقول عديله برضا : ماشي طالما اعتذرت ربنا يهديها
ابتسمت فرحه وهي تقترب من اسيف قائله بسعاده:
– ربنا يكملك بعجلك ، الحمد لله ان احنا اتصافينا والموضوع عدي على خير احنا في النهاية برده اهل
ابتسمت اسيف لها ابتسامه متغاظة من عديله, في حين اقترب جلال من عيسى بعدم استيعاب وصدمه وقال بهمس:
– عيسي انت عملت فيها ايه خليتها توافق كده بسهولة ده انا ريقي نشف معاها انها تنزل تعتذر لماما وهي مش راضيه
عدل عيسي من ياقه الجلباب بفخر مصطنع قائلا:لسه بدري عليك عشان تتعلم وتحل وتبجي كبير عيله بجد ، شوف واتعلم وانت ساكت كيف تكسب عجل اللي جدامك في ثانيه
جز علي اسنانه بحده وقال باصرار:
– عيسي انا بتكلم بجد، وافقت ازاي
تنهد عيسي بياس وقال:
– ولا حاجه اتحددت معاها بالهدوء وبالعجل ، تلاجيك شخط فيها ولا اتحددت امعاها بلهجة امر، وانت بتجول لها اعتذري لامي, عشان اكده عندت معاك اكتر
ابتسمت نادين وزين بفرحه, لتكمل عديله قائله بتردد:
– واني كومان ما تزعليش مني.. ما كنش جصدي اجيب سيره والدتك، اني مش بحب اجيب سيره حد ميت ولا عايش، ربنا يرحمها ويغفر لها
تطلعت اسيف فيها بعدم تصديق انه هذه المراه شبه تعتذر عن شئ فعلته لتهز براسها بالايجاب بصمت لترحل الي غرفتها, لكن اقترب جلال منها سريعا بلهفة قائلا:
– استني يا اسيف ، انا كمان قدام الموجودين كلهم بتاسف ليكي علي اللي عملته و …
– لاااااا كده كتير بجي
قالتها صفيه بصوت عالٍ، لينظر اليها الجميع بدهشة ليقول عيسي بجدية:
– صفيه عيب اكده، بتعلي صوتك ليه في ايه
صفيه بغضب شديد:
– رايد تعرف في ايه حاضر عمال تصافي الكل على بعضه وتصالحهم على بعض والكل اترضى وسامح بعد ما كنتم خلص جبتم اخركم منها
ثم وجهت حديثها الي اسيف بغل وغيره:
– وانتي يا هانم الملاك البريء اللي فجاه ظهر في الدار، ايه ما عندكيش دم ولا احساس كل مره يزعلك تجولي عمشي وتطلبي الطلاج ، وفي نفس الثانيه ترجعي في حديدك ولا اكن في حاچه حصلت يا شيخه ما تغوري من اهنه وتريحينا بجي
قالت فرحه بحده:
– في ايه يا بت ماتتحشمي شويه ولمي نفسك انتي رايده النفوس تشيل من بعض وماحدش يتصالح، ولا ايه مالك اصلا ومالهم ،ما كل المتجوزين بيتصلحوا ويتخانقوا عادي
كانت قريبة من السفره التي اعلي منها كرتون اطباق فرحه لتطيح فيها وترمي الاطباق كلها علي الارض بعنف مثل المجنونة وتردد مع كل طبق قائله بعصبية مفرطة:
– بس مش على حظي اني يا اختي ويتصالحوا واطلع اني الوحشه اللي فيكم، اني تعبت بجى ارحموني ، بدل ما اصورلكم جتيل النهارده واني طجت مني واتجننت بجى خلاص
اتصدمت فرحه وهي تصيح بحسره:
– ديه انتي مش مجنونه؟ ديه انتي رايده ضرب الچزمه الصيني بتاع امي يخربيتك
** ** **

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى