رواية بيت السلايف الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم خديجة السيد
رواية بيت السلايف الجزء الرابع والعشرون
رواية بيت السلايف البارت الرابع والعشرون
رواية بيت السلايف الحلقة الرابعة والعشرون
كانت جميله جالسة فوق الفراش أطلقت تاوه عالي و تشهق شهقات للبكاء حادة من الم جسدها و الم خسارة ابنها فقد خسرت دماء كثيره من اثار السقوط و امامها الطبيبه جاءت مسرعة عندما اتصل بها دياب لتحاول بكافه الطرق ايقاف النزيف
وكان دياب معها بداخل الغرفه و رفض دخول غيره كان يمسك يدها المرتجفة بوجه شاحب كشحوب الاموات يراقبها باعين متسعه بالخوف و قد المه صراخها المتالم انتهت الطبيبه اخيرا وتنهدت بارهاق واضحة عليها قائله:
– الحمد لله النزيف وقف
تنهد دياب بارتياح نوعا ما قائلا بتوتر:
– طب هي لسه بتعيط ليه وعماله تتوجع
وضعت الطبيبه ادواتها الخاصة بها بالحقيبة وقالت بهدوء:
– ده وضع طبيعي دلوقتي الحقنه تعمل مفعولها و الوجع يخف حمد لله على سلامتها
انفجرت فى البكاء تشهق شهقات حادة واضعة يدها فوق فمها تحاول كتمها واقترب منها دياب بحزن:
– مالك بس يا چميله مالك يا حبيبتي حاسه بايه
اغمضت عينيها بقوه ولم تجيب بينما ازداد بكائها بشدة قال دياب بتعب:
– يا چميله كفاياك بجي عاااد بكي وجولي لي مالك اني اعصابي تعبانه لوحدها مش ناجص
همست بصوت مرتجف من بين شهقات بكائها الحادة:
– ابني راح يا دياب ابني اللي كنت بتمناه من الدنيا بعد ما كنت فاكره نفسي مش بخلف مات يا دياب
شحب وجهه بشده و ابتلع ريقه بالم عندما جذبها بين ذراعيه برفق و هو يزفر بغضب مكتوم عكس ما بداخله:
– معلش يا چميله امر ربنا، ربنا يرحمه ويعوض علينا المهم انك بخير
تنفس بعمق محاولا تهدئة الغضب المشتعل بداخله ففقدان ابنه الذي كان يتمناه من الله و رتب كل شئ له لم يكن سهل عليه, لكن حاول التحكم باعصابه امامها وهو يحبس دموعه في عينه اقترب منها بحنان وهو يحيط وجهها بيديه مزيل بيده دموعها العالقة فوق وجنتيها:
– اهدى يا جلبي بكره ربنا يعوضنا بغيره صحتك اهم عندي
– دياب انا في حد عاوز يسقطني ويموت ابني اللي كان في بطني
قالتها جميله بجدية وبكاء عقد حاجبيه بدهشة متسائلا بحده:
-ايه اللي خلاكي تجولي اكده
ازداد نحابها بشدة وهي تهز راسها و تقول باصرار:
-ايوه اللي حصل ده كان مقصود, انا دوست على زيت في الارض وده اكيد حد كان حطته بقصد وهو اللي خلاني اقع و ابني يموت
ضغط علي يده بعنف يكتم غضبه ليقول بهدوء مصطنع:
-طب ممكن وجع الزيت من حد غصبا عنه مش بجصد كيف ما انتي فاكرة
نظرت اليه بحزن لتقول من بين شهقات بكائها القويه: -انا لما صحيت ما كانش في حد صاحي غيري ولا كان في حد في المطبخ وحتى لما عديت علي الارض كانت ناشفه وما فيهاش حاجه معنى كده ايه ان مسافه ما ارجع خمس دقائق الاقي زيت في الارض , انا متاكده ان ابني مات بفعل فاعل , لو مش مصدقني شوف الهدوم اللي انا غيرتها هتلاقي فيها زيت لسه
ليقول بقسوة و هو يبعدها عنه و قد اشتعلت نيران الغضب فى صدره من جديد:
– لو فعلا الحديد ديه صوح و دينى لاندمه على اليوم اللى اتولد فيه
– معلش بس انتم مين قاللكم البيبي نزل
قالتها الطبيبه بابتسامة خفيفه لينظروا اليها الاتنين باهتمام بالغ وهتف دياب بتوتر:
-جصدك ايه
قالت الطبيبه بابتسامة هادئه:
– قصدي ان رغم كل اللي حصل بس البيبي لسه لي عمر جديد وهو لسه في بطنك وما نزلش
ظلت جميله متجمدة عدة لحظات وهي لا تستوعب الامر فقد اعتقدت بعد سقوطها و النزيف بان بالفعل مات الطفل لكن ما حدث الان خارج توقعاتها, همست جميله وهي ترفع وجهها تنظر الي الطبيبه بعينين باكيه مرتبكه :
– انتي مش بتكذبي عليا صح انا لسه حامل وابني مامتش
هزت الطبيبه راسها بالايجاب لينظر دياب وهو يشعر براحه غريبه تستولي عليه كما لو انه قد تخلص من ثقل كبير كان يقبع فوق صدره ابتسمت جميله له ببطئ قائلة بصوت مرتجف بعض الشيء:
-دياب انا ابني لسه عايش
ابتسم بسعاده على الفور مما جعله يخفض مقبلا جبينها بحنان ثم اخذ يلثم كل انش بوجهها برقه هامسا بحب:
– الحمد لله .. الحمد لله يا جلب دياب
هتفت الطبيبه بنبرة محذرا:
– بس مش محتاجه اقول لك الراحه ثم الراحه وبالذات الايام اللي جايه ما ينفعش تتحركي من على السرير الا لما تكملي خمس شهور و لازم تفردي ظهرك وتنامي علي طول انتي ممكن من اقل حركه تتعرضي لاجهاض تاني
سحبها دياب الي ذراعيه فور ان لاحظ شحوب وجهها هذا محيطا اياها بذراعيه قائلا بقلق:
– اهدى يا چميله ان شاء الله مش عيحصل اكده بس انتي ما تتحركش وخليكي جاعده في السرير كيف ما جالتلك الدكتورة ويا ريت تسمعي الحديد المره دي بچد
هزت راسها بالايجاب عده مرات بقلق وهي تضع يدها اعلى بطنها بحنان قائله بخوف:
– حاضر
اقترب دياب من الطبيبة قائلا بحده و هو لا يزال يشعر بالنيران تاكله من الداخل كلما تذكر حديث من يريد قتل جميله وابنه ولكن ليس مره واحده بلا ثاني مره قائلا:
– دكتوره ممكن لو سمحت ما حدش يعرف من اللي بره ان چميله لسه حامل لو اي حد سالك جولي ليهم سجطت و الطفل مات
– والحديت ليكي انتي كومان يا چميله
ليكمل بوجهه محتقن من شدة الغضب فقد كان كالبركان الذى على وشك الانفجار باى لحظة تمتم بصوت حاد كالسكين و هو يضغط على يده بحزم: لحد ما اعرف مين الكلب اللي كان رايد يجتل ابني ويؤذيكي ولو طلع اللي في بالي وربنا ما هرحمه
***
في الصعيد كان مصطفى يجلس امام عماره للبناء يعمل بها، و وقت الاستراحة كان يجلس اعلي الكرسي ينظر من الشباك علي تلك الفاتنه التي اخذت عقله منذ اول يوم راها هنا وهو يعمل كان دائما ينتظر وقت الاستراحة بفارغ الصبر حتي يتاملها وهي تخرج في نفس ذلك الوقت تجلس في الشرفه تحمل كوب الشاي وتشرد دون النظر الى حولها وكان اليوم الذي لا يراها فيه يشعر بيوم كئيب و سئ ولا له طعم للعمل ابتسم بخفه علي حاله هل وقع في عشق تلك الفتاه الغامضه
علي الجهه الاخري تجلس صفيه تحمل كوب الشاي وتشرد في الفراغ في حالها تريد الهروب من الواقع المرير احبت شخص لا يحبها و الاصعب يعشق غيرها تعلم ان جلال قد وصل الى الصعيد مع زوجته كم سعدت بذلك الخبر لكن حاولت مقاومه ذلك شعور بالحنين
والاشتياق حتي لا تذهب اليه و تراه يتجاهلها ويهتم بزوجته امامها دون الاهتمام بمشاعرها
تنهدت بضيق شديد وحزن لتقع عينيها علي تلك العيون السوداء التي تراقبها باهتمام كبير و ابتسم بسعاده عندما نظرت اليه نفخت بحنق وهي تنظر اليه باستنكار من ذلك المتطفل الغريب لماذا ينظر اليها هكذا حاولت التشتت والنظر الى شي اخر لكن ظلت عيونه عليها كلما راحت حتي ضغطت على اسنانها بغيظ لتنهص للداخل , ليسرع مصطفى وقال:
– صباح الخير
تطلعت فيه باستهزاء دون الاجابه عليه و دلفت للداخل لتتسع ابتسامه قائلا بهيام:
– وما له اتقل براحتك يا جميل
***
جلست اسيف بجوار قبر والدتها حياه, تتحسس التراب بالمٍ لا يشعر به غير الله كم اشتاقت اليها, كم كانت تريدها في حياتها خصوصاً هذه الايام اصبحت في حيره وضياع شديد, وكعادتها تكتم المها بداخلها ولا يعلم احد ما بها ظهور البرود و عدم مبالاة من الخارج لكن من الداخل هموم كثيره والم اكثر
جلست بركبتها امام القبر تضع الورده الحمراء التي بيدها لتضغط اسيف على الوردة بقوة كما لو انها تستمد منها القوة و تمتمت بصوت مرتجف متالمة:
-ماما وحشتيني قوي, عمرك ما غبتي عن بالي لحظه ولا نسيتك انا محبتش حد قدك في الدنيا ولا شفت حد حنين وطيب عليا غيرك انا عمري ما كنت محتاجة ليكي قد دلوقت كان نفسي تكوني جنبي كل لحظه الم و فرح , نفسي تكوني جنبي بتقولي لي الصح فين, والغلط فين, انا على طول تايهه ومحتاره محتاجه حد يقول لي اعمل ايه
كان قلبها ينقبض داخل صدرها بالم كلما تذكرت معاناتها المتالمه صاحت وهى تبكى بوجع
– كلهم شايفين اسيف اللي بتتعامل ببرود وعدم مبالاة طول الوقت ما يعرفوش ايه اللي جوايا ولا بحس بايه انا كنت طول الوقت وحيده ومش لاقيه حد جنبي , ولا ام ولا اب ولا اخت ولا اصحاب , او كانوا موجودين في حياتي زي عدمهم انتي مشيتي وسبتيني سبتي جوايا الم وعذاب وبابا راح اتجوز وشاف حياته وخلف اتجوز الانسانه اللي كان بيحبها اللي كان بيخونك معاها طول الوقت وانتي عارفه وساكته عشان كنتي بتحبيه يا ريتك كنتي اخذتيني معاكي وقتها بدل التعب و الحيره اللي انا فيها دي , كنتي دائما بتحذريني من الرجاله من إللي شوفتيه مع بابا و انهم ملهمش امان وبلاش احب عشان ما توجعش ذيك
تابعت اسيف من بين صراخها المتالم:
– بس للاسف اتوجعت, اتوجعت عشان حبيت , اتوجعت عشان شفت اللي انا بحبه بعذبه عشان خايفه اكمل معاه نفسي يسامحني و نفسي اقول له على اللي جوايا بس مش هاقدر عشان كده نفسي امشي بلاش يضيع حياته كلها مع واحده مريضه نفسيه
أضافت من بين شفتيها المزموتين بالم: ايوه انا مريضه نفسيه قضيت خمس سنين من حياتي وانا طفله في مستشفى الامراض النفسيه عشان ما قدرتش اشوفك وانتي بتموتي قدامي وبين ايدي وانا بحاول ساعه افوق فيكي و بصرخ بوجع وخوف عشان تردي عليا ما كنتش اعرف ساعتها انك خلاص مشيتي وسبتيني كنت بصحى علي كوابيس و مش بعرف انام وكنت اصحى اجري على اوضتك ادور عليكي , على امل ان الاقيكٍ هناك و اول ما افتكر انك خلاص مشيتي وسبتيني اصرخ بخوف وفزع وانهار واقول انا عاوزه ماما
لتكمل من بين شهقات بكائها الحاده:
– وجوزك عشان يريح نفسه منى وداني مستشفى نفسيه فضلوا يحاولوا يعالجوني كانت اصعب مرحله عدت عليا انا كان ممكن كنت اتعالج ساعتها بس هو مساعدنيش بابا رماني و راح يشوف مراته و بنته ويقضي حياته معاهم وكان بيريح ضميره بزياره كل اسبوع بس، حتى سمعت الدكتوره في مره بتقول له انت السبب في حالة بنتك انت مش بتساعدها تطلع من الحالة اللي فيها انت كده بتتعبها اكثر و لما وصلت 13 سنه من سني تعبت من المستشفى وطلبت منه اطلع منها وانا هابقى كويسه وهو اما صدق
قالت اسيف و هى تغمض عينيها بالم فقد اصبح الالم لا يحتمل داخلها وهي تسند راسها اعلي القبر قائله بمرارة:
– بس يا ريتني ما طلعت اتعذبت وتعبت اكثر شفت مراته ثريا هانم وهي بتاخد مكانك في الفيلا وفي كل حاجه في حياته حتى حياتي كانت عايزه تاخدها منى كنت كل يوم اجري واعيط وانا لوحدي ومش لاقيه حد جنبي عشان كده قررت مبقاش ضعيفه ثاني وابطل اعيط وانهار ذي الطفله لازم ابقى قاسيه و ما عنديش قلب زيهم بقي بابا و اللي حواليا يستغربوا حالتي بس ما حدش منهم سالني ايه اللي وصلنا لكده عشان كده انا بكره ايوه بابا بكره اوي
صاحت اسيف صارخه عندما شعرت موجه الم اخرى تتكتل داخلها لا تعلم ما يجب عليها فعله شاعره بالضياع :
– لاء انا كذابه حتى دي مش عارفه اعملها وانتي السبب يا ماما عشان لما كنت بقول لك كده هو وحش مش بيحبنا كنتي تزعقي لي وتقولي لي لا عيب تقولي كده هو بيحبنا، بس لا هو ما كانش بيحبنا و نفسه الزمن يرجع عشان يمحيني انا وانتي من ذاكرته خالص, ويفضل في ذكرياته ذكريات حبيبته مراته وبنته الثانيين
رفعت عينيها الحمرا اثار للبكاء و هي تبتلع الغصة التى تشكلت بحلقها قائله:
-انما انا وانتي لاه , عشان كده على طول باقول له ان هو اللي موتك مش المرض هو اللي موتك، عشان هو كان بيموتك بالبطيء زي ما بيعمل معايا دلوقتي
***
نهض ضاحي سريعا بلهفة قائلا عندما خرج دياب مع الطبيبه:
– طمني يا اخوي ايه الاخبار مراتك زينه
نظرت احلام بلهفة تنتظر الاخبار التي تنتظرها بشده وزادت سعادتها عندما قال دياب بحزن مصطنع:
– قدر الله وما شاء فعل چميله سجطت
قالت الطبيبه أيضا سريعاً عندما نظر لها دياب مشير اليها براسه بخفه دون ان يلاحظ احد :
– ايوه للاسف الجنين نزل الوقعه كانت جامده عليها وعلى الجنين وما استحملتش ونزل ربنا يعوض عليهم
هتف ضاحي بحزن:
-لا حول ولا قوه الا بالله ربنا يعوض عليك يا دياب
اتسعت احلام عيناها بسعادة غامرة لتظهر ابتسامتها اللعينة بوضوح ولم تستطع إخفائها مما اغضب دياب بشده وازداد الشك تجاهها..
اوصل دياب الطبيبه الي باب المنزل ونظر بطرف عينه لاحظ زينب تقف جانب ترتجف وبقلق بالغ واضح رمقها بنظرة قاسيه قائلا بلهجة امر:
-زينب تعالي ورايا رايدك
***
اتجهت اسيف نحو الدرج تصعد برشاقة و سرعة لكنها فزعت بخضه عندما شعرت بيد قاسية تقبض فوق ذراعها تجذبها بقوه اليه, بغضب وهو جلال وكان يزيد من احكام قبضته حول ذراعها بقوة مما جعلها تطلق تاوه الم منخفض:
– كنتي فين, فاكره هتهربي مني بالساهل كده
شعرت اسيف بالصدمة تتخللها فور ان وصل اليها معنى كلماته فتحت فمها حتي تشرح له الامر لكنها شهقت عندما جذبها من ذراعها جارا اياها بحده خلفه وهو يصعد الدرج مزمجرا بغضب:
– ما عاش ولا كان لسه اللي يضحك عليا او يغفلني يا اسيف بس انا اللي استاهل ضرب الجزمه عشان عمال اعاملك بهدوء و بحنيه قلت لك بلاش تخليني اوريكي الوش الثاني عشان ساعتها هندمك على اليوم اللي اتولدتي فيه .
صعدت الدرج خلفه بخطوات متعثره تحاول اللحاق بخطواته السريعه الغاضبه وهي تشعر بقبضته حول ذراعها كقبضه من الفولاذ الحاد حاولت جذب يدها من قبضته تلك لكنه شدها من حولها جاذبا اياها خلفه بعنف, انتفضت في مكانها بحده عندما صاح بغضب وهو يدفعها نحو الغرفه:
– ادخلي
ضربات قلبها اخذت تزداد بشدة تحاول التحدث قائلة:
-انا ما كنتش بهرب انا كنت بزور قبر ماما
نظر لها جلال بحدة و هو يهتف من بين اسنانه بشراسه:
– ولما هو الموضوع كده مش تستاذني من الخيال اللي متجوزاه ولا تستاذني مني ليه, هو انتي معترفه ان انتي مراتي اصلا ولا عامله لي اعتبار
ثم زفر بحده يلعن بغضب وقال بقسوة:
– انا مش هفضل مزلول معاكي وعمال انزل من قمتي وكرامتي كتير عشان واحده زيك ما تستاهلش مش عارف شايفه نفسها على ايه انا مش هقضي طول حياتي كده في العذاب معاكي بتعملي كل ده عشان اسيبك تمشي طب اتفضلي غوري يا اسيف مش همنعك المره دي
تسمرت قدميها بالارض ولم تتحرك قيد انمله وهي تهز راسها بعدم استوعب ناظره اليه باعين متسعه من الصدمة حاولت الرفض قائله لكن قاطعها بانفعال قوي:
– ايه ما سمعتيش ولا اطرشتي, بقولك اتفضلي غوري من هنا مش عاوزك واقول لك على حاجه كمان لو بنفسك قاعده تترجى فيا مع انه شئ مستحيل يحصل بس حتى لو حصل انا اللي هرفض يا اسيف وبقولها لك اهو مش عاوزك
نظرت اليه علي الفور لينقبض صدرها بالم فور رؤيته بتلك الحاله لكن سرعان ما تغلب الغضب المتاجج بداخلها على اى مشاعر اخرى فقام بجذبها من يدها بحده جاعلا اياها دون ان يولي اهتماما:
– هتفضلي واقفه مكانك كثير يلا اتفضلي هاتي هدومك وامشي وانا هنزل اقول للسواق عشان يوصلك لي بيت ابوكي ايه عاوز اساعدك طيب
ليصيح بحده حتي برزت عروق عنقه بشده وهو يفتح باب الدولاب غرفتهم بغضب و بدأ يجذب ثيابها بعنف في الغرفه والغضب الاعمي يمتلكه: ادي هدومك اهي.. كلها اهي اظن انا كده عملت اللي عليا 10 دقائق والاقيك جهزتي
فتح الباب وقبل ان يخرج نظر لها بحدة قائلا بغضب: اه لو عايزه تتطلقي ما فيش مشكله اتفقي مع ابوكي يوم يتصل بيا وانا اجي اخلص كل حاجه
اغلق الباب بقوه خلفه، أخفضت اسيف راسها منكسرة وهي علي وشك البكاء شعرت برجفة من الذعر تمر بسائر جسدها غير راغبه بالرحيل من هنا, لتسقط ارض لتنهار ببكاء حارق لتعلن انها النهايه
***
ابتسمت احلام بابتسامة سعيده وهي تجلس بداخل غرفتها فاخيرا حققت الإنجاز الذي تريده و أجهضت جميله لتكمل بغل وحقد وهي تخطط للمره الثانيه للتخلص من جميله بشكل نهائي من حياتها ويظل دياب لها لوحدها
خرجت احلام من افكارها تلك تنتفض واقفه بذعر عندما انفتح باب غرفتها بقوة شعرت بالدماء تنسحب من عروقها فور رؤيتها لدياب يدخل الي الغرفة بخطوات سريعة وقد ارتسم الغضب فوق ملامح وجهه فقد كان كالبركان المشتعل مما بث الرعب بداخلها لكنها صرخت بالم عندما اندفع نحوها وقبضت يده علي شعرها يجذب خصلاته بقوة حتي ارجع راسها الي الخلف صائحا بغضب: بجي حته واحده وسخ* زيك تعمل فيا اني اكده
اخذت احلام تحاول مقاومته والافلات من بين قبضته لكن ما اصابها من ذلك الا انه قد شدد من قبضته حول شعرها يجذبه بعنف اكثر مما جعلها تصرخ بألم، صاح دياب وهو بعينين تلتمع بوحشية:
-رحتي تاجري واحد من عند غفر ابوكي عشان يجتل چميله ولما ما حصلش نصيب و ربنا اراد تعيش رحتي تسقطيها وتحطلها زيت في الارض عشان تقع والعيل ينزل، غير موضوع زينب اللي خليتيها تحط سم في العصير وتدي لچميله لولا انها كشفت لعبتك ورجعت في حديدها في اخر لحظه
همست احلام بصوت منخفض مرتجف وقد اخذت ضربات قلبها تزداد من شده الخوف:
– دي كذااااابه اني ما عملتش حاچه من دي خالص والله العظيم يا دياب ال..
لكنه لم يتركها تكمل باقي جملتها قابضا علي وجنتيها بكف يده يعصره بشدة وهو يهمس في اذنها بفحيح غاضب متاملا ملامح وجهها المتالمة بعينين ثاقبه حادة:
-ما تحاوليش تكدبي يا زباله ما حدش لي مصلحه يعمل اكده غيرك اني ساكت سنين على جرفك عشان اخوي يا وسخـ** ويا رخيصة بس انما توصل تاذى مراتي وابني تموتيه اهي دي اللي مش عاسكتلك عليها يا احلام
اخذت كلماته ترن باذنها مما جعل الدماء تفور بعروقها كل ما يفعله وخوفه علي جميله صاحت احلام تقاطعه بغل وهي تنظر اليه بسخرية لاذعة:
– ايوه اني اللي موت ابنك يا دياب وهموتها المره الچايه لو حملت ثاني وانت ولا عتجدر تعمل حاچه, وبكره اندمك علي اللي بتعمله معايا ديه يا دياب
فقد دياب السيطرة علي اعصابه فور سماعه كلماتها تلك احكم قبضته فوق عنقها يعتصرها بشده وهو يصيح بغضب مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه:
– هموتك يا احلام هموتك وادفنك مكانك علشان اخلص من وساختك ديه
شعرت احلام بالهواء ينعدم من حولها فلم تعد تستطيع التنفس فاخذت تضربه بقبضتها فوق يده المحيطه بعنقها وهمست له بحقد وهي تنظر في عينيه بتحدي و غضب:
-اضربني و موتني بس برضه انت بتاعي اني يا دياب بتاعي اني
تركها وانهال عليها يصفعها بقوة علي وجهها وهو يصيح ويسبها بافظع الالفاظ والشتائم لم يتوقف عن صفعها حتي شعر هو بالتعب من ضربها ليتركها أخيراً.
***
رحلت السياره الي طريقها الى القاهرة و اسيف كانت بداخلها تحت انظار جلال اغمض عينيه علي الفور غير راغب بالنظر حتي لا يضعف بمجرد النظر الي وجهها الذي كان يعصف بالبكاء ونظرات الترجي داخلها لا يعرف لماذا رآي ذلك وهي ترحل من هنا فهذا ما كانت تريده من البداية وهو الان قد فعل لها ما تريده فكر ربما احست بالتسرع ولا تريد الرحيل لكن لأ، نفض الفكرة من راسه حتي لا يعلق نفسه بشئ اخر يكفي ما به
تقدم عيسي وعقد حاجبيه بدهشة متسائلا:
-هي اسيف راحت فين يا چلال وانت سايبها لوحدها اكده
فتح عينيه تنحنح قائلا بحدة و عينيه مسلطة للفراغ بنظرات ثاقبه:
– خلاص هنطلق
نظر عيسي له بحده واستنكار و شهقت فرحه بصدمه وحزن واتسعت ابتسامه عديله قائله بسعاده:
-والله يا ابني خير ما عملت هي اصلا ما كانتش لايقه عليك بكره ربنا يوعدك باللي احسن منها
***
كانت تجلس صفيه في الشرفه تتحدث في الهاتف مع صديقتها وكانت تضحك بصوت عالي مما اثار غضب وغيره مصطفى الذي كان يقف في العماره التي امامها يضيق عينيه ببريق غاضب كأنه يحذرها ان تخفض صوتها
نظرت صفيه بصدمه اليه ثم تجاهلت نظراته واكملت بصوت ضحكتها الرقيق دون اهتمام به وظل يقف بوجه محتقن بغضب شديد لا يعرف ماذا يفعله مع تلك العنيده وصوت ضحكتها الذي اثار انتبه الجميع من العمال حوله لذلك يريد تنبيها تخفض صوتها او تدلف الي الداخل تتحدث براحه اكثر ..
نفخت بضيق شديد من نظراته الشرسة والحذر اليه, فهمت قصده لكن من هو حتي يامرها تفعل ما يامرها به هي في النهايه لا علاقة بينهما حتي تسمع حديثه وهي حرة تفعل ما تريده لكن صمتت لحظه تفكر هل ذلك الشخص الغريب يغير عليها ابتسمت بخفه لا إراديا فهي بالنهاية انثي ولم تجرب ذلك الشعور من قبل فهي صبت تركيزها مع جلال فقط, الذي لم تحظى منه علي اي اهتمام او حب حتي لو دون قصد ولا تعلقت بغيره لانها كانت علي يقين قوي ان في يوم سوف يقع في حبها و تتزوج به ، لكن شعور غريب سيطر عليها وهي تتذكر كل اهتمام ذلك الشاب الغريب طول الشهر الماضي كل يوم ينتظرها امام شرفتها مع ابتسامه سعيده تزين وجهه حتي اصبحت تعتاد علي وجهه في الصباح وأحيانا تتحجج ان تخرج من الشرفه وتراه رغم لم يحدث اي حديث بينهما مجرد نظرات فقط , لكن اه من لغه العيون .
عقدت حاجبيها بدهشة وتعجب وهتفت بغيظ:
– لا ده اتجنن رسمي وكومان بيبرجلي بعينه
علقت ورده صديقتها فقد عادت صداقتهم مره اخري :
-ايه يا بنت بتحددي مع نفسك هو مين ديه
ابتسمت بغرور لتقول بصوت منخفض:
– واحد اكده معرفوش على طول اكده لازجلي في العماره اللي جدامنا الظاهر بيشتغل فيها بس ايه كل يوم افتح البلكونه الاجي مبتسم جوي مش خابره على ايه ودلوج عشان بضحك بصوت عالي معاكي بيبرجلي بعينه عشان اوطي صوتي
ضغطت على شفتيها ورده بغيره منها وقالت بحقد:
– اه معجول كل ديه ، ديه شكله معجب بيكي
امسكت اطراف ضفائرها الظاهره من تحت الحجاب الذي يغطي شعرها من الامام فقط لتقول صفيه بابتسامة ثقه:
– طبعا ما اني لازمنا اي حد يشوفني يعجب بيا
ورد بغضب مكتوم من ثقتها الزائده :
-وعلى اكده شكله حلو
نظرت اليه بطرف عينها متحدثه بضحك:
– يعني مش بطال ااااه
أطلقت صفيه صرخه الم عندما ألقي مصطفى حجره صغيره علي كتفها بحده عندما لاحظ صوت ضحكتها العالي مستمر ولم تفيد نظرات التحذير معها نهضت بعصبية وبجنون قالت:
– انت اتهبلت في عجلك ياض انت إيه اللي نيلته ديه بتحدف عليا طوبه
مصطفى ببرود:
-معلش ما كانش قصدي بس كان دبانه عماله تزن وتضحك بصوت عالي رغم اني عمال احذرها بس شكلها كده مش بتيجي غير بالضرب
اغضبها حديثه لتصيح بغضب شديد:
– هي مين دي يا حيوان اللي مش بتيجي غير بالضرب
مصطفى مازال محتفظ ببروده قائلا باستفزاز : -انتي اخذتي الكلام على نفسك ليه انا قلت دبانه هو انتي دبانه
قالت صفيه بغيظ:
-يا مستفز يا بارد جاتك ضربه في لسانك اهو انت اللي 60 دبانه وحشره في عينك
ابتسم مصطفى علي طفولتها وقال بجدية:
– طب خلينا نتكلم على المكشوف صوتك يا هانم اللي عماله تضحكي بصوت عالي توطيه بعد كده او تدخلي تتكلمي في البيت احسن براحتك, في ناس حواليكي وثاني حاجه غطي شعرك كله مش مغطيه فوق وسايبه تحت خلاص يا اختي عرفنا ان شعرك طويل وجميل بس داريه يا ماما
نظرت اليه بذهول من اوامره كام كانت تنتظر هذه الغيره من شخص اخر بشده لكن الان شخص ثاني يفرد السيطرة, هزت راسها بنفي لتقول بانفعال مصطنع :
– لا انت مجنون ومش طبيعي انت مين انت عشان اسمع كلامك ولا تديني اوامر كنت جوزي ولا خطيبي ولا اخويا حتي
ابتسم لها مصطفى بمكر وقال:
– يعني هم الثلاثه دول اللي ليهم حق يامروكي ماشي يا ستي خليها خطيبك مؤقتا ارتحتي كده يلا قولي لي رقم تليفون باباكي كام
فتحت فمها بصدمه هل يطلب يدها بهذه السرعة دون ان يعرفها لتنظر بغيظ متحدثه بحده:
-لاه ده انت ضاربه منك خالص والله ما هرد عليك
قال مصطفى بلهفة:
-يا بت خذي طب استني طب انتي اسمك ايه طب اطلب ايدك من مين طب
***
– اسيف انتي ايه اللي جابك هنا و ايه الشنطه اللي معاكي دي
قالها احمد بجدية وحذر عندما دلفت ابنته اسيف وبيدها حقيبه سفر و وجهها لا يبشر بالخير ونهضت ثريا و ابنتها بشك ينظروا اليها
تنفست اسيف ببطئ وهي ترتجف بشدة لتشعر علي الفور بدمعتها التي كانت تحبسها لفترة طويله تنسكب فوق وجنتيها بغزاره و همست بصوت مرتجف:
– سبت البيت جلال هيطلقني او ده اللي انا كنت عاوزاه
اقترب احمد منها سريعا بغضب:
-افندم , عملتي اللي في دماغك وفضلتي تحربي لحد ما خربتي بيتك و هتطلقي طب ليه عملتي ايه, ما انا عارفك على طول تصرفاتك غبيه وطايشه
تناست المها منه فور سماعها كلماته تلك تهتف بحده:
– انا مش قادره اتكلم مع حد دلوقت و سيبوني في حالي بقى
حاول احمد التحدث معها بغضب لكن انتفضت مبتعدة عنه لتصعد غرفتها، واترمت تاركة نفسها تدفن وجهها بالفراش وهي تنتحب بشدة تشعر بالعجز يتملكها فلم تعد تعلم ماذا تريد الرحيل ام البقاء ما الذي يجب عليها فعله, رفعت عينيها تنظر الى صوره والدتها بالغلاف اعلي الطاولة جانبها واخذته تحضنه بقوه وتشهق ببكاء حارق.
***
تمر الايام سريعا دون ان نشعر بها، و تتحول لاسابيع و اشهر، و تاخذ سنين العمر مجراها دون اي تحذير مسبق، حتي نجد انفسنا قد اصابنا العجز و الشيخوخه, ليس العجز ان يتحول لون الشعر للابيض و انما تصبح روحنا مثقلة باحمال فوق طاقتها، و يشيخ القلب، و تجف مشاعره و تتهدم معتقداته، ليصبح خاويا، كبيت لم يسكنه احد منذ قرون وتصبح كبيوت العنكبوت، و ان اوهن البيوت لبيت العنكبوت
بعد مرور اسبوع كانت اسيف كعادتها حبيسة بغرفتها ترفض الطعام ولا رأيت أحد، كانت مستلقية فوق الفراش تدفن وجهها بين يديها تنتحب بشدة لا تدرى لما يحدث معها ذلك. فعندما تركت جلال لم تعد تراه، بدأ صدرها يعلو وينخفض بقوة تكافح لالتقاط انفاسها بصعوبة بالغه ضغطت بيدها فوق قلبها للتخفيف من الالم الذي يعصف به وهي تقاوم نوبة البكاء التي علي وشك الانفجار مرة اخري
تساءلت نفسها بتردد هل احبته للدرجه هذه بالفعل ولا تستطيع البعد عنه, هل ندمت اشد الندم لخساره شخص مثل جلال هل الرحيل والتجاهل للحب لم يكن الحل, لكن هي خائفة ما مرت به في حياتها لم يكن سهل عليها حتى تحب وتعشق هكذا بكل سهولة
ارتجفت شفتيها بشده وهي تتذكر بان خلال ايام من الممكن ان يرسل جلال ورق طلاقها و يتركها الي الابد, مرات عديدة تلحق نفسها علي اخر لحظة تريد الاتصال به, تريد سماع صوته اشتاقت له بقوه نعم لقد احبته لكن أضاعت هذا العشق متاكده بانه لا يريدها الان واصبح يكرهها بقوه ومعه كل الحق لقد تحمل الكثير و الكثير منها
لكن ما بيدها شئ سوا الحزن و الانهيار و البكاء من جديد حتى وجهها الذي اصبح منتفخا من كثرة الانتحاب لتشعر بقبضة حادة تعتصر قلبها، الجميع سوف يرحل وهي سوف تظل وحيده
قاومت هذا الشعور محاولا السيطرة على نفسها ربما اخطات اشد الخطا انها خسرت عشق مثله ولا تستطيع ارجاعه مره ثانية اليها فالخساره لا تعوض
دلف احمد ينظر الى ابنته اسيف بضيق وقال بشك: انتي كنتي بتعيطي
لم تجيب عليه اقترب احمد منها بحده قائلا بغضب: لما اكلمك تردي عليا كنتي بتعيطي ليه وبعدين هتفضلي كده، من ساعه ما جيتي حابسه نفسك في الاوضه كده من غير اكل ولا شرب ايه زعلانه عشان هتطلقي عقلتي اخيرا خلاص
نهضت تناظره باعين لامعة بدموع الخذلان، و وجه شاحب، خرج صوتها الذي يمزق نياط القلب المخذول:
– بابا هو انت لسه فاكر ماما
نظر لها بصدمه وهتف بتوتر:
– اكيد طبعا ربنا يرحمها .. مش موضوعنا دلوقتي
صاحت ببحة باكية قائله بحزن يقتلها من الدخل: لا بالعكس هو ده موضوعنا يا ترى لما تفتكرها بتفتكر كمان اللي كنت بتعمله معاها بتفتكر هي كانت بتحبك قد ايه, وتفتكر كمان حنيتها معاك لما كنت بتتعب او يحصل لك حاجه رغم اللي انت بتعمله معاها بس كانت اول ما تشوف فيك حاجه بتنسي كل حاجه و بتجري عليك.. للاسف كانت بتحبك قوي
جز علي اسنانه بحده وقال:
-الله يرحمها خلاص خلصنا مش كل شويه تفتحي الموضوع ده و تحمليني ذنبها
ليشحب وجهها و تلعن كموت احدهم، ارتفع صوت خفقان القلب بدقاته حتي صم اذانها قائله:
– ما هي دي المشكله مش قادر تعترف انك انت السبب فعلا ماما ماتت من القهر مش من المرض انت كل يوم كنت بتموتها في الثانيه الواحده الف مره هي كانت عارفه علاقتك بثريا هانم حبيبتك اللي ما قدرتش تنساها وعشان ابوك جوزك ماما غصبا عنك و حرمك من حبيبتك ما لقيتش غير ماما يا عيني تشيلها الذنب كله و توجعها
صاح احمد بغضب ونفاذ صبر:
-قلت لك الف مره انا ما ليش دعوه بموت امك هي كانت عيانه بمرض وحش وما كانش لي علاج
غلفها بشعور من القهر و الخذلان، عن عمر ضاع هباءًا منثورا، بجوار اب اناني، غير مبالي بمشاعرها: – او انت ما كنتش تعرف انها عيانه اصلا من الاول
احمد بجمود:
– صح فعلا عشان هي ما قالتليش حاجه ولو كنت اعرف اكيد كنت هعالجها
سمع صوتها الضعيف وهي تغمغم بعينين دامعتين و تقول بصوتٍ مُتالم:
عاوزها تيجي ازاي تقول لك انها عيانه و بتموت, و انت كنت عاوز تخلص منها بي اي شكل عشان تشمت فيها اكثر تقول لك ازاي وانت طول الوقت مع حبيبتك ورمينا انا و هي. هي لو بتهمك فعلا كنت اخذت بالك من غير ما هي تقولك انها تعبانه ده كل الناس كانت بتلاحظ تعبها من وشها الا انت
هز راسه بياس هاتفا بحنق:
– لو نفترض ان كلامك صح خلاص هتعلقلي المشانق موضوع عدى عليه سنين بتفتحيه ليه
ضربت علي قلبها بعنف لتضع يدها الأخري حول راسها بالم شديد والدموع تنهمر من عينيها بقوه:
– انا عمري ما هنسى امي في اي لحظه تفاصيل موتها بتمر قدام عيني في دماغي محفوظه لحظه بلحظه ومش بتروح عن خيالي لحظه واحده تعرف اللي انا كنت باقول لها ساعات ان انا بكرهك عشان انت مش مهتم بينا ومش بتحبنا عارف هي كانت بترد تقول لي ايه ساعتها
لم يمتلك شجاعة الرد، فاثر الصمت، تابعت باعين لامعة بدموع القهر:
-كانت بتزعقي لي جامد وهي متضايقه و كانت هتضربني كمان لاول مره في حياتها و قالت لي لا هو بيحبنا بس هو مش بيعرف يعبر عن مشاعره ولا حبه لينا بس انت حبيت واتجوزت وطلعت بتعرف تعبر عن مشاعرك اهو
نظر لها بعطف عليها فهو بالفعل يكره تلك اللحظات الذي عاشها مع حياه يعلم انها احبته لكن احمد رغم عنه احب غيرها لكن لا ذنب له هو بالفعل يحب ابنته ويريد تعويضها لكن هي لا تعطيه الفرصه:
– انا مش عارف ليه يا اسيف مصممه تشيليني ذنب ما عملتوش وما ليش يده فيه رغم انا بحبك زي اختك بالضبط واكتر كمان بس مش عارف ليه دائما بتعامليني بقسوة كده عكس اختك خالص
بللت اسيف شفتيها الصغيرتين المطليتان بلون احمر قاتم بطرف لسانها ثم غمغمت بقهر : مش ممكن هي لقيت حاجه انا ما لقيتهاش
قال احمد بحزن:
– ايه هي
ضغطت على يدها بعنف لتنهمر دموعها كشلالات ناعمة انهكتها الصخور التي تحجب سيلانها بصداتها المؤلمة وتتعالى شهقاتها قائله بحسره: عارف انا ايه اخرتي في الدنيا دي انا هموت زيها من القهر بسببك انت برده. بس يا ريت ساعتها ما ترجعش تقول انا ما ليش دعوه بموتك
***
كان مصطفى يجلس على كرسي امام العماره بالخارج وكل حين وآخر ينظر الى العماره التي تسكن بها صفيه بحزن فات اكثر من اسبوعين ولم يعد يراها يريد رؤية وجهها و ملامحها الرقيقة التي خطفت قلبه منذ ان راها فاق علي صوت غفير يعمل هنا معه كان يجلس جانبه يسخن براد الشاي علي الخشب وقال:
– اعمل لك شاي معايا يا ولدي
انتبه مصطفى وقال:
– هاه ماشي يا عم عثمان تسلم ايدك
هز راسه بهدوء مبتسم وقال:
– وعلى اكده مصر چميله
مصطفى بشرود:
-كل بلاد ربنا جميله بس انا حبيت الصعيد اكثر
ابتسم عثمان ببشاشه :
– للدرچه دي عجبتك بلدنا يا باشمهندس طب يلا شد حيلك واتجوز منها
اعجب مصطفى بالحديث ليقول بابتسامة عريضة: يسمع من بقك ربنا يا عم عثمان باقول لك ايه يا عم عثمان هي ممكن بنت من الصعيد توافق تتجوز واحد مصري و ترضي تعيش معاه في مصر كمان
قال عثمان ببساطة:
– والله يا ولدي لو الشاب زين واخلاجه عال ليه ما توافجش هي واهلها
ابتسم مصطفى بسعاده متشجع فقد اخذ القرار يفاتح والدته في تلك الزيجة لياخذ رايها:
– ربنا يبشرك يا عم عثمان
قاطع حديثهم مجئ صفيه تركض بخوف شديد واضح علي ملامحها متسائلة بقلق:
– عم عثمان فين عزيزه بنتك
نهض مصطفى مبتسم عندما راها لكن تحولت ابتسامته لفزع من حالتها ليقول عثمان بقلق: -عزيزه بنتي مش اهنه عندها شغل في المستشفى خير يا صفيه في حاچه يا بنتي
صاحت صفيه بذعر:
– ايه في المشفى السكر عالي على امي و محتاچين حد يديها الحجنه المستشفى بتاعتها بعيده وما فيش صيدليه اهنه جريبه
ابتسم مصطفى عندما علم اسمها و جاءت فكرة في باله ليقول سريعا بلهفة:
– احم لو سمحت يا انسه صفيه انا بعرف ادي حقنه لو توافقي يعني هاجي معاكي البيت وادي الحقنه لوالدتك ما عنديش مانع
انتبهت صفيه اليه و تراجعت خطوتين للخلف لتقول بغضب:
– هو انت لاه انت بالذات بجي لاه متشكره عاروح اشوف اي صيدليه جريبه
نظر لها بغيظ ليقول عثمان:
– يا بنتي ليه ما تخليه يروح يدي لامك الحجنه ما تخافيش منه ديه مصطفى بيشتغل معانا اهنه و ولد حلال
– تشكر يا عم عثمان
قالتها ونظرت اليه بحنق وتردد ليقول عثمان:
– يلا يا صفيه معاه الحجي امك
***
تنهدت السيده براحه وهي تسند ظهرها علي الفراش بالم هاتفة بصعوبة:
– تسلم ايدك يا ولدي تعبناك معانا يا دكتور
ابتسم مصطفى لها وهو يكسر الحقنه الفارغة بعد ان اعطها لها وقال بحنان :
– لا انا مش دكتور ولا حاجه بس اتعلمت من والدتي ادي حقن
نظرت له بدهشة وقالت :
– واه امال انت بتشتغل ايه
ثم هتفت بصوت عالي:
– الشاي يا صفيه
جاءت صفيه تحمل كوب الشاي علي مضض وقالت بضيق:
– اتفضل
عقد حاجبيه بتسليه وقال مبتسم:
-ما براحه
ثم وجه حديثه قائلا الي والده صفيه :
-انا لسه مش متخرج انا بدرس في جامعه امريكيه في مصر بس بشتغل هنا في الاجازه
تطلعت امها له باعجاب :
– ما شاء الله يا ولدي وعلي اكده متجوز
جزت صفيه علي اسنانها بغيظ متحدثه بهمس:
– ده لسه عيحكوا
استمع الي حديث صفيه وابتسم قائلا باستمتاع وهو يشرب كوب الشاي وينظر اليها بغموض : لسه والله يا حجه بس شكلها كده عن قريب ان شاء الله بس ادعيلي انتي انول المراد
اهتزت صفيه بتوتر من نظراته الوقحة واخفضت راسها بتوتر لا تعلم لماذا اربكتها نظراته عندما تعلقت بعينيها
***
سلام لمن يدعي البعد والهجران
سلام على قلب طالب بالغفران
سلام لكِ وعليكِ يا من ايقنتِ الحياه
دخل جلال بتعب وارهاق شديد الي الغرفه الخاصه به بعد ان ظل بالاسفل بعضا من الوقت في العمل حتي يلهي نفسه عن التفكير فقد اشتاق اليها بقوه يريد رؤية ملامحها الجميلة لكن ما باليد حيله ليس الحل بيده فقد فعل كل ما بوسعه دون اهتمام منها جلس اعلى المقعد ينظر الى الفراش الخاليه محاولا السيطرة على نفسه اشتاق الي حضنها الدفئ رغم كل ما فعلته به من الالم والحزن والعذاب
احاط يده براسه يجذب خصلات شعره بغضب واحباط و عينيه بها حنين كبير اليها يشعر بالعجز يتملكه فلم يعد يعلم ما الذي يجب عليه فعله محاولا تمالك نفسه والوصول الي حل لما هو به فقد كان يوجد حرب بداخله جانب منه يرغب بالرحيل اليها محاولات ان تلين وترحل معه مهما كلفه الامر وجانب اخر يعنفه بقوه فقد اهدر من وقته وكرامته معها كثيرا
الا يكفي ذلك التعب الشديد الذي يتملكه معها, ويواجه نفسه بالحقيقة هي لم تحبه ولا تريده ايعني ذلك سوف يكمل حياته معها هكذا طول الوقت
ظل يفكر في كل ما حدث محاولا الوصول الي ما يمكنه فعله معها بعد رحيلها، فهو لا يمكنه ان يامن ان تظل برغبتها معه ابتسم بسخرية مريره علي حاله يفكر في ارجعها بعد كل ما فعلته معه حتي هي لم تكلف نفسها بالاتصال به حتي تطمن عليه ولا هو في عقلها
اغمض عينيه بالم محاولا النوم الذي اصبح لا يتذوقه براحه خلال ايام رحيلها, ليس النوم فقط بل الطعام والحياة فحقا البعد كان اصعب اختيار بالنسبة له هو حتي يعلم انها قاسيه عليه، ولكنه قسى الكثير هو الاخر من الحرمان العاطفي فهو لم يبخل عليها بشئ, ليس بخل مال بل البخل من المشاعر، سال نفسه هل بالفعل سيطلقها ..!!
انتفض جلال من مكانه سريعا عندما لاحظ دخول امه اليه قائله بهدوء:
– تعال اسندني يا ابني رايداك في كلمتين
اجلسها اعلي الاريكة براحه وقال بجدية: -كنتي ناديتي عليا يا امي تعبتي نفسك وطلعتي ليه
تنهدت بضيق مكتوم وقالت بحده:
– عشان كنت متاكده انك عتتحجج باي حاچه ومش عتيجي عشان خابر اني عاكلمك في ايه, في حالك اللي مش عاجبني ديه
اغمض عيني بتعب وجلس جانبها قائلا:
– ابوس ايدك ياما اني فيا اللي مكفيني ومش طايج حد اجلي اي كلام لي بعدين
تجاهلت حديثه قائله بحده اكبر:
– واللي فيك كل ديه عشان البنت الصفراء مراتك ما في ستين داهيه بكره يچي غيرها و تحب اللي احسن منها كومان شاور انت بصباعك واني انزل اخطب لك من بكره احسن منها مليون مره تابعت حديثها بغضب شديد وقالت:
– چري ايه يا چلال عتخلي حته حرمه تجلب حالك اكده ومش عامله لك جيمه وسط الخلج هي اللي خسرانه ده انت ما شفتش منها حاچه عدله تخليك متمسك بيها اكده
وكان حديث والدته جاء علي جرح غائر ليصيح منفعل:
-خلاص يا أمي هي اصلا ما عدتش تلزمني وبعدين انا اصلا اللي مشيتها من هنا وقلتلها حتى لو جت تترجاني ارجعلها مش هرجعلها على رايك افضل معلق نفسي علي ايه وهي اللي مش عاوزاني وما شفتش منها حاجه عدله
ابتسمت له بسعاده لتقول:
– اهو اكده ابني حبيبي جدع اجول لك على حاچه رايد تحرج جلبها اكتر وتجهرها اكثر اتجوز
صمت لحظه وهو يفكر في حديثها ليقول بتوتر: هاه اا اتجوز بس ايه ياما مش لما اطلقها الاول
هزت راسها قائله بلهفة:
– ايوه ما انت طلجها واذا كان على العروسه موچوده من دلوج صفيه بنت خالتك
ابتسم جلال ساخراً ليقول بعد ان فهم:
-اه يعني انتي عامله كل الحوار ده عشان صفيه ثاني ياما قلت لك ما تفتحيش الموضوع ده مش عاوز اظلمها معايا ولا هي ولا غيرها
نظرت اليه بضيق شديد وقالت بحده:
– صفيه بنت اصول صوح وعتستناك و عتفضل مستحمله عشان بتحبك لحد ما تحبها كيف ما هي بتحبك بالضبط ولا انت مش واخذ بالك انها بتحبك
نظر لها بصمت يفكر بالفعل صفيه ستفعل المستحيل لاجله علي عكس اسيف لم تتنازل حتي باتصال به ثم اغمض عيني بضيق نفي هذا الحديث قائلا:
-عارف بس برده ما ينفعش صفيه عشان غاليه عليا وبنت خالتي وكيف اختي بالضبط مش عاوز اظلمها معايا قلتلك
عديله بصرامة:
– عشان مش رايد تظلمها معاك ولا لساتك بتفكر في الهانم بعد كل اللي عملته فيك ولسه عندك امل تحن ليك
جز علي اسنانه بحده وقال بانفعال:
– مش صح وبعدين انتي مالك هتموتي وتجوزيني صفيه كده ليه
تنهدت بغيظ متحدثه بحده اكبر:
– عشان بنت خيتي و خايفه عليها وصفيه كيف بنتي بالضبط هم لوحدهم معهمش راچل من بعد جوز خالتك الله يرحمه عشان اكده رايداك تتجوزها وتبجى معاهم وتحميهم
جلال بحده:
– وانتي فاكره ياما اني حتى لو اتجوزت صفيه هروح اقعد عندهم ولا حاجه وبعدين عيسى قايم بالواجب بيبعتلهم شهريه كل شهر تكفيهم و زياده
هزت راسها بالايجاب قائله:
– خابره الموضوع ديه بس مش كفايه وبعدين اني مش جصدي عتروح تجعد معاهم اني جصدي صفيه وامها يجوا اهنه وما ينفعش يعيشوا معانا اكده الناس تاكل وشنا انما لو اتجوزتها ينفع وما حدش عيتكلم
تنهد جلال بتعب وارهاق من الحوار لتقول عديله بياس:
– طب بلاش جواز على طول خليها كتب كتاب بس في الاول وهي بتحبك وهتستنى عليك يا ابني صدجني الجواز هو الحل عشان تنسى الزفته دي مراتك وتطلعها من عجلك خالص وصفيه اللي تنفعك
جلال بشرود:
– هاه طب سيبيني افكر
***
في المساء، صف زين سيارته امام باب مدخل الفيلا، ترجل من سيارته وهو يفتح زر سترته مُتنهدًا بحرارة، وبرق عينيه فمنذ اسبوع لم يرى نادين فقد كان في رحله سفر الي محافظة اخري لعمل,لحظات وكان يدخل منزله, تحرك بخُطى سريعة يبحث عنها حتى وصل الى غُرفتهما، وجدها نائمة على الفراش ويوجد كتاب بجانبها، فتوقف وابتسم فقط
اقترب منها ببطء الى ان وصل اليها اخيرًا، رمقها بنظرات طويلة قبل ان يجلس بجوارها وينحني ليُقبّل نحرها من ياقة القميص المفتوح قليلا، قُبلاته كانت دافئة رقيقة، حركت راسها تتاوه قبل ان تفتح عينيها فجاة، فاصطدمت بعينيه العاسلتين العميقتين، وقبل ان تشهق كان اسكتها بقُبلة مُتملكة، حاولت التقاط انفاسها الا انه كان مُغيبًا وكانه يبحث عن نفسه بها، تحرك جسدها الضعيف بين ذراعيه، وارتفعت ذراعيها بوهن الى عنقه، يده على خصرها ثابتة وكانه يامرها بعدم التحرك، لم ترحمها شفتاه حتى ابتعد اخيرًا عنها بصعوبة, وهو يهمس بصوتٍ اجش:
– وحشتيني
اعتدلت في جلستها فهو جذبها اليه يحتضنها بقوة كانت مُغمضة العينين وهي تسأله برقة:
– وانت كمان وحشتني جيت امتى مش قلت هتيجي بكره ولا زهقت من رحله الصيد مع اصحابك
استنشق عبيرها بقوة وهو يُجيبها بهمسٍ: -مقدرتش، مش قادر اتعود انك تبقي بعيدة عني كده اخذت العربيه وجيت جري لعندك
كان جسدها القوي يرتجف وهو يضمها اكثر اليه، اتسعت عينيها بقوة لبرهه تجمدت نادين مكانها بصدمه وسعاده لا تدرى كيفة الرد عليه فشعورها مثله بل واكثر لكنها لاتستطيع التعبير بحرية عن مدى سعادتها هل حقا الذي بين ذراعيها زين ذبذباته تنتقل اليها فتزيد من رجفتها، تراجع بجسده يحدق في ملامحها قبل ان تقول بابتسامة: عندي ليك مفاجاه هتعجبك رحت النهارده وجبتلك كتب عن الرسم والفن و اسماء معارض هتعجبك قوي
ابتسم لها ببهجة هامسا:
-ربنا يخليكي ليا هبقى اشوفهم بعدين
هزت راسها بعبوس لتقول متسائله:
– طب ليه مش دلوقتي هيعجبك قوي
احتضن وجهها بكفيه قبل ان يقول بهدير لاهب وعيناه تلتمعان بالعشق:
– نادين انتي وحشاني قوي
خفق قلبها بجنون وابتسمت رغمًا عنها، انهارت كل قواها وهي تمد يدها تلمس صدره برقة اشعلت النيران في حلقاتٍ مجنونة دارت بداخله ثم همست بعاطفة قوية:
– وانت كمان وحشتني اكثر انا بحبك اوي يا زين
ابتسم بسعاده واغمضت عينيها حينما وجدته ينحني اليها بعد ان اغمض عينيه ايضًا، شعرت بعدها بشفتيه وهي تسحقان شفتيها، يكتسحها بلا هوادة، قُبلتها التي يرتوي منها اكسير الحياة، غابت في عالمه القاتم وضاعت مع همس مشاعره العنيفة
ولم تستطيع سوى ان تترك لسعادتها وفرحتها العنان فتظهر مرتسمة فوق كل حنايا وجهها كاجابة منها تشعر بنفسها داخل حلم رائع تخشى الاستيقاظ منه تدعو الله ان يكمل تلك الفرحة على خير لها
***
استمرت زيارت مصطفى الي منزل صفيه كل يوم حتي يعطي لوالدتها حقنه السكر وكانت تلك اسعد الاوقات واللحظات الي مصطفى حتي يرى صفيه رغم ان ما زال ينظر لها فقط ولم يعبر عن مشاعره تجاهها لكن كان اوقات يمازحها ويغزلها بطريقه غير مباشره بالحديث مما كان يثير غضبها منه لكن اوقات كانت تتحدث بينها وبين نفسها انها تفرح بالمغازله واهتمامه بها
ابتسم مصطفى بسعاده وهو يرى صفيه مقبله عليه وقال:
– اهلا يا صفيه عامله ايه جايه من بدري ليه عن ميعاد الحقنه بتاعه مامتك لسه الساعه خمسه انا فاكرها مش ناسي
تنهدت بضيق مكتوم وقالت:
-حكم الجوي اتفضل معايا امي عازمك على الغداء رد چميل عشان اللي بتعمله معاها كل يوم وبتيچي تديها حجنه السكر اني لو منك ما جيش احسن
مصطفى بضيق:
– ايه يا بت الغلاسه دي طب ايه رايك بالعند فيكي هاجي عاملين مكرونه بشاميل ولا لاء
صفيه بغيظ شديد:
-طفس ايوه امي عامله لك مكرونه بشاميل تطفحها بالسم الهاري يا رب
مصطفى ببرود:
-بعد الشر عليا وبعدين لما اموت هتعنسي بعد كده ومش هتتجوزي يعني مين غيري يحتمل طوله لسانك دي
نظرت له بحنق قائله بحده: – ده انا اعنس بچد ولا اتجوزك انت ده انت لو اخر رجل في العالم كله جال اتجوزك انت جال اصوم اصوم وافطر على بصله
نظر لها بدهشة وقال :
– بصله انا بصله يا حله مش لاقين ليها غطاء ماشي كلها ايام واعرفك هتتجوزي البصله دي ولا لاء
نظرت اليه باستنكار وقالت بنفاذ صبر:
– اموت واعرف جايب الثجه دي منين اتفضل جدامي خلينا نخلص
ابتسم مصطفى بهيام:
– قريب هنخلص فعلا يا جميل
***
ترددت فرحه لعدة لحظات قبل تاخذ فنجان القهوه الي عيسي زفرت فرحه ببطء في محاولة منها لتهدئة نبضات قلبها المتسارعة لاتدري ردة فعله علي رؤيتها، هل سيقبل الاستماع لها ام سوف يفعل مثل كل مره و يطردها
_____________________
تقدمت بخطوات متعثرة تقف امام باب غرفة المكتب تطرق فوقه برقة لتسمع بعدها صوته القوي الامر بالدخول لتفتح الباب تتقدم الي الداخل بقدر ما استطاعت من هدوء تراه يقف امام مكتبه مستندا عليه بيده عدة اوراق ينظر اليها باهتمام ليقول بصوت خافت :
– شكرا يا ام العربي حطيها عندك واتفضلي
ترددت فرحه لثواني ثم تقدمت تضع ما بيدها فوق الطاولة بهدوء لتقف امامه بصمت تتردد بكيفية بدئها الحديث لتتنحنح بقوة هاتفة باسمه بصوت عالي لتراه يرفع راسه سريعا ينظر اليها بدهشة هامسا باسمها متجهم الملامح فورا عاقدا حاجبيه لينظر مرة اخري الي الاوراق بين يديه قائلا بجمود:
– خير رايده ايه, اني مش جلت لك جبل سابج ما تجيش في مكان اني فيه
ابتلعت فرحه ريقها بصعوبة في محاولة منها لتهدئة ذلك الخوف الشديد بداخلها قائلة بتردد وصوت خافت:
– وبعدين يا عيسي عتفضل مخاصمني اكده لحد ميتى اعتذرت بدل المره الف وانت مش راضي تسامحني وبعدين اني لو ما كنتش معترفه بغلطتي ما كنتش جيت و جلتلك اللي حصل بنفسي
رفع عيسي راسه بحدة تطل من عينيه نظرة صارمة ارسلت الرعب في اوصالها لتتملل في وقفتها وهي تراه يتقدم منها بخطوات هادئة وهو مازال علي نظراته تلك حتي وقف امامها ينحني الي الطاولة يتناول فنجان القهوة يرتشف منه ببطء ينظر اليها من فوق حافته بحدة جعلت الدماء تهرب من وجهها لتتركه شاحب، ساد الصمت عدة دقائق وهي تقف تحت وطاة نظراته تلك تراه يرتشف تلك القهوة دون اهتمام لها حتي اخيرا وهو يضع الفنجان مكانه مرة اخري قائلا بقسوة:
-ديه على اساس اللي انتي عملتيه عادي اكده عشان اسامحك فيه. عشان جيتي وجلتلي من نفسك لاه يا فرحه اني لحد دلوج لسه ما عملتش حاچه ولسه حساب اخوكي وابوكي اللي هتشيليه كومان
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم تصديق: -حساب اخويا و ابوي اني ما فهمناش تجصد ايه
قال عيسي بخشونة وقسوة:
– ايه لحجتي تنسى اللي عمله فيا اخوكي وابوكي, ابوكي اللي نصب على ابوي ولا اخوكي اللي حرج الارض اي حد غلط معايا يا فرحه من اهنه ورايح عيدفع تمن أخطاءه و كيف ما دورك چاي دور اخواتك كومان چاي
اسرعت فرحه قائلة بذعر :
– عيسي انت بتجول ايه, ما لك ومال دياب
عيسي بجمود:
– هو اللي بدا يا فرحه ولا نسيتي اللي عمله فيا اني عديت كثير ليهم وجاء وجت الحساب
شحبت فرحه من قسوة كلماته والتي وصل لها معناها لتمتلئ عينيها بالدموع تخفض راسها هامسة :
-وديت عيسى فين
عقد حاجبيه باستنكار من حديثها لتكمل تهز راسها بضعف تنفي قائله بحسره:
– ايوه وديت عيسي فين اللي جدامي ديه مش عيسي واحد شبهه نفس الصوت ونفس الملاح لكن مش نفس جسوه الجلب عيسي اللي اعرفه وحبيته كان بيسامح مش بيدور كيف ينتجم
جز علي اسنانه بحده ليقترب منها يتحدث لكن صمت عندما راها مازالت تخفض راسها ليمد انامله ممسكا بذقنها برقة يرفع وجهها اليه ببطء لتتسع عينيه بذهول من رؤية تلك الدموع تزين عينيها تجعلها كما الياقوت في لمعته ليهتز بداخله شيئ جعل من ضربات قلبه عالية متسارعة بقوة مؤلمة ليحاول التنفس ببطء وهدوء في محاولة منه لتهدئة تلك المشاعر الهائجة بداخله لرؤية كل هذا الجمال والبراءة الذي عشقها لكن حاول نفي ذلك امامه قائلا بهمس اجش :
– ما حدش بيفضل على حاله يا فرحه
لتمتد يده الي عينيها يمرر انامله فوقها بخفة جعلتها تغمضها دون ارادة منها تتساقط دموعها الحبيسة فوق وجنتيها ليتابع هو بانامله مسار تلك الدموع برقة حتي وصلت الي حافة عنقها لتتوقف هناك فوق، ذلك النبض الخافق سريعا وبقوة لتشعر انامله بتلك الخفقان السريعة بجنون لتقول بضعف:
– لاه انت اللي مصمم تبجي جاسي و تتغير
ابتعدت ليبتسم بشراسة قائلا حديثه :
– واخوكي وابوكي ما كانوش جاسين في اللي عملوه فيا اني وابوي
هزت راسها بضعف واختناق رافضا قائله بياس: -ليه مصر تفتح في الجديم ديه ماضي وراح ومع ذلك اني ما كنتش موافجه ولا راضيه على اللي بيعمله دياب ولما عمل اخذت موجف وبعدت عنه وانت كومان يا عيسى لو فضلت ماشي بالطريجه ديه و اذيت اخوي عابعد عنك انت كومان
عيسي بصرامة:
– انتي بتهددينى يا فرحه
نظرت اليه تهمس بضعف:
– لا اني بحذرك يا عيسى
***
نزلت اسيف بخطوات سريعة اعلي سلالم الفيلا لتتفاجا بولدها امامها يقول بحده:
-مصطفى بيعمل ايه بره ثاني يا اسيف مش بتحرمي افرضي جوزك جي دلوقتي و شايفه هيكون موقفك ايه
تنهدت اسيف بعمق لتقول بهدوء:
-انا اللي اتصلت بي وجبته يا بابا بعد اذن حضرتك يعني بس انا مش بقابله بره انا جايباه في البيت عشان مش بعمل حاجه غلط وبعدين ما تقلقش جلال مستحيل يجي لي وبعدين انا محتاج اتكلم مع حد ممكن
هز راسه احمد بهدوء ورحل لتتقدم اسيف للخارج الي مصطفى الذي نهض مبتسماً قائلا:
– ازيك يا اسيف عامله ايه وحشتيني اوي اول ما اتصلتي بيا وقلتلي تعبانه جيتلك على طول مالك
نظرت اليه بابتسامة باهته ونظرت امتنان ثم لم تتملك نفسها وهي تمتم بصوت ضعيف من بين شهقات بكائها:
– انا تعبانه قوي يا مصطفى
تجمد مصطفى مكانه عند رؤيته اسيف بتلك الحالي لاول مرة يراها كذلك بهذا الضعف تكاد روحها ان تزهق اقترب ممسك يدها برفق يجلسها:
– في ايه بس مالك طيب تعالي اقعدي واستريحي واحكيلي
هزت راسها بالموافقه لتبدا تحكي كل ما حدث لها وهي تبكي بينما يمرر يده بحنان فوق راسها ويمسح دموعها في محاولة منه لتهدئتها وهو يقول لها:
– انتي ليه تاعبه نفسك كده على طول يا اسيف. مش عاوزه تريحي نفسك ليه من الوجع ده كله . الحل بايديكي وانتي اللي مش عاوزه
اخذ انتحابها يزداد بشدة قائلة بصوت ضعيف وهي تبكي :
– انا برده اللي تاعبه نفسي انا اللي قلت لبابا يروح يتجوز ويحب غير ماما انا اللي قلت لماما ترفض العلاج وتموت نفسها بسببه انا اللي قلت لقلبي يحب و يتعلق بحد مش لي
اجاب مصطفى وهو يتامل بألم عينها المتورمة من شدة البكاء و وجهها الشاحب :
-لا بس عماله تشيلي هم مش همك وحملهم وهما مش في دماغهم وعايشين عادي وانتي اللي عماله تعذبي نفسك انا معاكي ان صعب ننسى حد كنا بنحبه خصوصا لما يكون والدتك بس خلاص يا حبيبتي هي ماتت واللي بتعمليه ده مش هيرجعها بالعكس انتي بتعذبي فيها اكثر متخيلة يعني انها فرحانه وهي شايفكي كده
قالت اسيف من بين شهقات بكائها الحاده:
– انا تعبت ما بقتش عارفه اعمل ايه, حاسه اني بقيتي ضعيفه قوي
اجابها مصطفى علي الفور بصوت قاطع:
– الضعف عمره ما كان حاجه عيب يا اسيف عشان احنا بني ادمين في النهايه وبتعدي علينا لحظات تخلينا نحس ان احنا ضعفه و تايهين خليكي عارفه ومتاكده ما حدش هينفعك غير نفسك ويطلعك من اللي انتي فيه غير انتي برضه
همست اسيف بصوت ضعيف:
-مش فاهمه اعمل ايه
اخذ مصطفى يربت علي يدها بحنان في محاولة منه لتهدئتها ليقول:
– سيبي نفسك وحبي يا اسيف لاهي حاجه عيب ولا حرام ده جوزك وبعدين هنا الحل في حالتك حبك لجلال هو اللي هيطلعك من الحاله اللي انتي فيها
قالت اسيف بحزن:
-خايفه يخوني في يوم ذي بابا ما عمل في ماما هتوجع قوي لو ده حصل يا مصطفى
مصطفى بجدية:
– ما فيش حاجه هتحصل من دي يا حبيبتي خالص حاولي تقربي منه واعرفيه اكثر هتعرفي ان طابع الغدر والخيانه ده مش فيه
هتفت اسيف وقد التمعت عينيها بالدموع:
– انا خسرت جلال يا مصطفى خلاص هو اللي قالي امشي مش عاوزك
اجابت مصطفى بلطف:
– رد فعل طبيعي نتيجه اللي انتي عملتيه فيه انما كل ده من وراء قلبه و متاكد ان هو بيتعذب و هو بعيد عنك برده ولازم الخطوه دي انتي اللي تبدئي بيها وتروحيله من نفسك عشان يصدق انك بتحبيه. يا شيخه ده انتي طلعتي عين الراجل مش عاوزه يزعل منك
لتقول بصوت ضعيف منخفض:
-تفتكر هيسامحني
ابتسم لها مصطفى وقال:
-اكيد اللي بيحب بيسامح ,ده هو اما يصدق كمان بس ما ترجعيش وانتي كده جواكي اسرار احكيله كل حاجه وهو هيساعدك حافظي على بيتك وابعدي عن هنا احسن ليكي يا اسيف
مسحت دموعها بهدوء لتنظر اليه بابتسامة امتنان:
– متشكره قوي يا مصطفى
مصطفى بجدية مصطنعة:
– بطلي هبل ما فيش بينا شكرا انا اهم حاجه عندي تكوني مبسوطه ده هيفرحني جدا يلا اجدعني كده وروحي لجوزك وبشريني عن قريب كده بفرحه كبيره اني هبقى خال ولا حاجه
تساءلت اسيف علي الفور بصدمه:
– هو انت عرفت منين
عقد حاجبيه بدهشة متسائلا:
-عرفت ايه مش فاهم قصدك .. اسيف اوعي تكوني آآ
هزت راسها بتردد وقالت بخفوت:
– ايوه انا حامل
ابتسم بسعاده وهو يقول:
– بجد يا حبيبتي الف مبروك
ثم تراجع قائلا سريعا بتراقب:
– بس جلال طبعا ما يعرفش بدايه مش مبشره يا اسيف لازم يعرف ده ابنه زي ما هو ابنك
هزت راسها برفض سريعا وقالت بتبرير:
-لا والله انا لسه عارفه امبارح بس اني حامل , عملت اختبار في البيت وكنت شاكه وطلعت فعلا حامل وقررت حتي لو مش هرجعله لازم يعرف اني حامل ما عشان كده اتصلت بيك فكرت فيه ذنبه ايه يعيش بين اب وام مطلقين وهو لسه حته لحمه حمراء
هز راسه بتفهم وقال باهتمام:
– طب يا حبيبتى ربنا معاكي بلاش تطولي في الموضوع ده عشان ما يعرفش من بره ويزعل اكتر
اخذت نفس عميق لتقول بابتسامة عريضة وهو تتخيل الرحيل الي جلال في اقرب وقت:
– حاضر ارتب اموري هنا وهرجع الصعيد تعرف واحشني قوي وانت كمان هتوحشني يا مصطفى
مصطفى بخبث:
-يا اختي ولا هوحشك ولا حاجه ده انت هتلاقيني في وشك ال 24 ساعه
عقدت حاجبيها متسائلة بشك:
-مش فاهمه تقصد ايه
ابتسم بسعاده وهو يقول بحب:
-اصل انا قررت اتجوز بنت من الصعيد انا اصلا بقالي شهرين بشتغل هناك
بادلته الابتسامه بفرحه كبيره لتمسك يده بحنان تبارك له.
وفي ذلك الأثناء علي جانب من بعيد كان جلال يقف من بعيد يقترب بخطوات متاثقله مما يشاهده اسيف تمسك يده مصطفى في منزلها, كان هو يحارب نفسه قبل المجيء هنا لكن تجاهل عقله وجاء حتي لو يراها هنا لكن ماذا تفعل هي؟ فمن الواضح تعيش حياتها ولا تبالي بالشخص الذي جرحت قلبه بكل قسوه ناظر الي سعادتها تلمع في عين اسيف واقف بوجه شاحب كشحوب الاموات شعر بغصه حاده تتشكل بقلبه فور رؤيته لها في هذا الوضع فهو لا يمكنه تحمل رؤيتها بتلك الحاله يا ليت لم ياتي، وشعر بشعور غضب الكون كله بداخله
ليلاحظ خروج مصطفى من المنزل بوجه مبتسماً براحه فقد اقنع اسيف بالرحيل الي زوجها أخيراً فهي بمثابة اخته ويريد لها السعاده
التفت جلال نحوه فور تجاه مغادرة ليصيح باسمه يلتفت الى خلفه مصطفى باستغراب لكن بسرعه نظر برعب وهو يري جلال قادم يسحبه من ياقه قميصه بين قبضته يعتصر بلكه بقوة متجاهلا صرخة الالم التي صدرها قائلا بفحيح غاضب جعل رعشة من الخوف تتسرب بداخله:
– كان لازم افهم ان انتم الاثنين اوسخ من بعض بتعمل ايه يا زباله عندها ايه بتتفقوا علي الجواز امتي مش قادر تصبر حتى لما اطلقها الاول
نهض مصطفى بصعوبة وانتفض مبتعدا عنه يزيح يده قائلا بضيق:
– يا اخي هو انت على طول كل ما تشوف وشي تضربني ما تبقاش متسرع انا جي اطمئن عليها ما فيش حاجه من اللي في دماغك دي قلت لك قبل كده انا وهي اخوات بس ما فيش حاجه بينا
احتقن وجهه بالغضب مزمجرا:
– انت هتستعبط يالا ده انا شايفكم انتم الاتنين ماسكين ايد بعض و فرحانين ومبسوطين جوه وتقول لي اخوات
نظر مصطفى له بيأس وغيظ فكان بالداخل يصلح ما بينهما وهو الان يضربه ليحاول شرح ما رآه لكن قاطعه ليكمل بازدراء وهو يرمقه بنظرات نافرة وقال بحزن:
– بس اكتم مش عاوز اسمع صوتك انت اللي زيك و زيها خساره فيهم العتاب حتى
***
استيقظت نادين من نومها تتقلب فوق الفراش حين شعرت بزين يتملل فوق صدرها يصدر اصوات تنهدات وهو نائم بينما يده الاخري موضوعة فوق خصرها برقة لتستيقظ كل حواسها احساسا به تشعر بنبضات قلبها تتعالى بقوة ودفء جسدها، ابتلعت ريقها بصعوبة وخوفاً بعد ان يستيقظ يندم مره اخرى على ما حدث بينهما ليله امس
احست بشعور الالم الشديد لو ندم مره اخري علي تقربه اليها فلم تستطيع الصمود امامه مره ثانيه هكذا
أغمضت عينيها بقوه عندما شعرت يتسلل اليها ليشدد من احتضانه لها يدفن وجهه بين حنايا عنقها ليقبلها بشغف ورقة دون ارادة منه فهو لم يعد يستطيع اخماد تلك الرغبة المتصاعدة بداخله تجاهها.. لم يعد يستطيع تجاهل اهتمامها بكل تفاصيله الصغيرة وعشقها اليه لكل تعبير منها بداية من غضبها واشتعال عينيها بتلك النيران التى تذيبه لحظة اغضابه إلي نظرات الحب.. اخذ نفسا عميقا يستنشق رائحتها بعمق ليشعر بها تتحرك بين ذراعيه دليلا على استقاظها ابتسم بخفه زين وبكلمات منخفض ينده باسمها لكن همهمت بتصنع دليل على انها تريد النوم حتي لا تعلم الوجه سوف يكون ندم ام فرح
ولم يري زين حل سوى ان ينخفض بجسده اليها يحتضنها برقة الى صدره يضع يدها فوق صدره يهمس اليها بكلمات رقيقة حتى هدئت حركاتها تماماً تستغرق مرة اخرى فى النوم وهى تضع راسها فوق صدره باستسلام.. لينحنى يقبل جبينها برقة ويغلق عينيه هو الآخر بارهاق ليقع فى النوم سريعا بينما يلف ذراعه حولها بحماية .. لتجذب هي نفسها بسرعة لتستقر بكامل جسدها باحضانه وعلي وجهها أبتسامه عاشقه
***
جلست فرحه بداخل المطبخ شاردة الذهن يسود الشحوب ملامحها لتسالها ام العربي بقلق :
– مالك يا بنيتي فيكي حاچه تعبانه
هزت راسها برفض وقالت بضعف:
– لاه يا ام العربي اني كويس ما تجلجيش
ثم نهضت تقف امام الموقد تهتم بالطعام لتسير قائله ببطء :
– ابجى جهزي الغدا لعيسى انتي يا ام العربي اوعي تنسي وتحطيله ملح زياده هو مش بيحب الملح الزياده وحطي شطه بس جليل عشان ميتعبش منها وما تنسيش الرز ابو شعريه اللي بيحبه
التفتت و رسمت ابتسامة باهتة فوق شفتيها قائلة بضعف:
– بس اعملي انتي بيدك عشان يرضي ياكل منه
أخفضت فرحه راسها تكمل تقطيع الخضار المتراص في احدي الاطباق امامها بانشغال مصطنع , قالت ام العربي بحزن:
– ربنا يهدي الحال ما بينكم يا بنتي
تنهدت فرحه بالم تعصف الافكار براسها تشعر بصداع يكاد يفتك بها لاتدري كيفية الخروج من مازقها هذا لتقول بحسره:
– ياااارب
***
كان عيسي يجلس في المنزل بداخل مكتبه يعمل حتي سمع صوت هاتفه ليجيب :
-الو مين معايا
– العمده عيسى بيه
استمع الي صوت انثي ليقول عيسي بصوت اجش:
– ايوه اني خير رايده ايه
ابتسمت ورده بمكر لتقول :
– اني ورده صاحبه صفيه الصراحه فكرت كثير جبل ما اتصل بيك هي في النهايه صاحبتي اه بس اللي بتعمله غلط وحرام واني خفت احسن تعمل حاچه تاني تضركم
عقد حاجبيه باستغراب متسائلا بحده:
– ما تخلصي رايده ايه اني مش فاهم حاچه منك
ابتلعت ريقها بتوتر وقالت بخبث:
– حاضر صفيه بتعمل اعمال وسحر لچلال اخوك عشان يحبها هي ويطلج مراته
اتسعت عيني عيسي بصدمه لتكمل ورده قائله بلوم:
-ولو مش متاكد في مره وهي بتعمل العمل لچلال بدل ما هو اللي يشربه مراته هي اللي شربته عشان اكده اتغيرت معاملتها معاه ولو لسه عاوز تتأكد من حديدي عجول لك عنوان الدجاله اللي بتعمل عندها
املته ورده العنوان واغلق عيسي دون سماع المزيد منها او حديث آخر فليس يحتاج دليل وبالفعل راى تغير اسيف والان قد فهم ما كان بها, همس بغضب شديد وتوعيد:
– حسابك تقيل جوي يا صفيه هي وصلت لاعمال وسحر كومان ماشي يا بنت خالتي
دخل جلال الغرفه مسرع دون استاذ ليقول بشراسة:
– عيسى انا عاوز اتجوز صفيه بنت خالتك
نظر له عيسي وصمت, جلس جلال بغضب قائلا: -عيسي انا بكلمك انت مش سامعاني باقول لك عاوز اتجوزت صفيه وعاوز تيجي معايا دلوقتي حالا عشان اتقدم ليها واتجوزها ما ترد عليا ساكت ليه
تجاهل حديثه قائلا بصرامة: – عشان الحديد اللي بيتجال وجت الغضب ما باخدش بي يا چلال انت مش شايف منظرك عامل كيف وانت داخل اهدا اكده وصل على النبي (عليه افضل الصلاه والسلام) واعرف انت بتجول ايه عشان ما ترجعش تعمل حاچه تندم عليها
هز راسه برفض قائلاً بعناد:
-لا مش هندم خلاص ما بقتش طايق اسيف ولا عاوزها هي اصلا ما تستهلش حبي ليها من الاول
عيسي ببرود:
– طب مش لما تعرف الاول الهانم اللي انت رايد تتجوزها عملت ايه في مراتك
عقد حاجبيه باستغراب متسائلا بعدم فهم وبحده: -وهي صفيه مالها ومال مراتي
قال عيسي بحده:
– مش كنت رايد تعرف اسيف كانت متغيره معاك ليه عشان صفيه طلعت هي السبب كانت بتعمل اعمال وسحر ليك عشان تحبها هي وتطلج اسيف بس انجلب السحر على الساحر واسيف هي اللي اتعلجت بيك هاه لساتك رايد ترتبط بواحده كيف دي
تناسي غضبه وغيرته تماما وانتفض جلال من مكانه بصدمه و بغضب شديد وقال بقلق:
– يا بنت الجزمه يا صفيه يخرب بيتها افرض كان اسيف جري ليها حاجه و اتاذت بسببها دي اتجننت دي ولا ايه
ابتسم عيسي بخفه داخله فمنذ قليل كان كاره اسيف والان تناسي الغضب وفكر بخوفه عليها ,تنهد بياس من اعمال ابنته خالته ليقول بتوعيد:
-سيبك منها اني هربيها لك طالما وصلت لاعمال و سحر تشرب بجي من اللي هعمله فيها
وقبل ان يجيب جلال سمع صوت طرقات علي الباب ودلفت ام العربي قائله بهدوء:
– معلش يا عيسى بيه اسفه على المجاطعه بس في ناس بره رايده تجابلك يا سي عيسى وبيجولوا عايزينك في حاجه مهمه
عقد عيسي حاجبيه باستغراب وقال:
– ماشي يا ام العربي دخليهم
هزت راسها بطاعه ورحلت وجلس جلال اعلي المقعد بغضب مكتوم وهو يفكر فما فعلته صفيه باسيف لينظر أمامه بصدمه عندما راى مصطفى يدلف ومعه سيده كبيرة في السن يبدو انها والدته تقدم منه بعصبية وبجنون:
– انت بتعمل ايه ياض انت هنا هي حصلت جاي ورايا هنا كمان انا مش لسه سايبك في القاهره وضربك جاي ورايا تعمل ايه
امه باستنكار:
– هو انت اللي ضربت ابني ليه كان عمل لك ايه وانت يا مصطفي مش قلت لي انك خبط في حيطه
ابتلع مصطفى ريقه من صدمة وقال بتوتر:
-انا كنت جاي اقابل استاذ عيسى هو فين
تقدم منه بحده قائلا بغضب:
– مالك ومال اخويا عاوزه في ايه
وقفت امه امامه بخوف تحمي ابنها قائله:
– ايه يا استاذ هو كلمك انت عاوز تضربه وخلاص
نهض عيسي سريعا بحده متقدم يجذب اخيه قائلا بحذر:
– بس يا چلال مالك وماله صحيح اصبر نفهم الاول في ايه معلش يا ست حجك عليا تعالوا اجعدوا وارتاحوا الاول واني عيسي رايد مني ايه
قال مصطفى بتردد كبير:
– كنا جايين عشان نطلب ايد الانسه صفيه
نظر له جلال بغل وقال بحده:
– وانتم مالك ومال بنت خالتي تعرفها منين
نظر عيسي الي جلال بحذر شديد وقال مصطفى سريعا بارتباك:
– انا بشتغل في العماره اللي قصادهم وكنت بشوفها وهي خارجه ولما سالت عليها لقيت كل خير عن اخلاقها ولما سالت اطلبها من مين قالوا لي باباها متوفي واطلبها من اولاد خالتها وادوني عنوان حضرتك يا استاذ عيسى
صاح جلال بجنون: – نعم يا روح امك هو انت بتشتغل هنا في الصعيد و كمان عاوز تناسبني هو انت يالا بتلعب على الاثنين ولا ايه شويه اسيف مراتي وشويه ثانيه بنت خالتي
تنهد مصطفى بضيق وحزن وهو يراه مانع قوه للزواج من صفيه:
– والله ما اعرف انها بنت خالتك وبعدين قلت لك والله العظيم ما في بيني وبين اسيف حاجه انا كنت بطمن عليها حالتها كانت وحشه وتعبانه اوي
احس جلال بغضه الم من حديثه الاخير لكن تجاهل وصاح بحده واصرار:
– برده على جثتي تتجوز بنت خالتي هو انا طايق اشوفك فين وفين لما اشوفك 24 ساعه قدامي
قاطعه عيسي قائلا بلهجة حادة وامر:
– وبعدين يا چلال بس خلاص اسكتوا انتم الاثنين واسمعونى زين
قالت امه بحزن علي ابنها:
– يلا يا ابني الظاهر كده ملكش نصيب فيها
***
بعد أسبوعين مرت بالاحداث الشيقه .. ما اجملها لغة القلوب فهى لا تعرف الكذب لغة لا تحتاج الى حروف وكلمات لغة لا تعترف بما تراه الاعين او تستجمع العقول سلاما على من اكتسبها فاجاب.
جهزت اسيف الحقيبه لتذهب الي الصعيد فقد قررت الذهاب الي جلال و العيش معه وتجاهل اي أشياء اخري وراء ظهرها تنهدت اسيف بابتسامة عريضة وهي تضع يدها فوق بطنها تحاول التشجيع و الامان منه لتقول بحب:
– خلاص يا حبيبي رايحين لبابا اكيد وحشك صح ما تزعلش مني عشان ما قلتلوش لحد دلوقتي بس انا عاوزه اقول له وهو قدامي ممكن دي الحاجه اللي تخليه يسامحني ويديني فرصه ثانيه
لتكمل قائله بحزن وتردد:
– تفتكر هقدر اسمع بنصيحة مصطفى واقوله كل حاجه حصلت معايا خايفه ما اقدرش
لتنظر الي الهاتف وتفكر في شئ بابتسامة سعيده لتقول :
-عرفت هعمل ايه هسجل ريكورد بصوتي وابعته لي بالموبايل يسمعه عقبال ما نجيله انا وانت
فتح هاتفها لتسجل صوتها اخذت نفس عميق لتقول بحزن:
– جلال ازيك انا اسيف يا رب تكون بخير وحشتني قوي ايوه ما تستغربش، انت كنت طول المده اللي كنت بعيد عني فيها كنت واحشني اصلا جلال ما تزعلش مني عشان سبتك ومشيت, و ما تزعلش مني عشان ما حاولتش اتغير عشانك وابقى كويسه, وما تزعلش مني عشان كنت بشوفك بتتعذب قدامي من حبك ليا وكنت بسكت, بس انا ما كنتش مبسوطة وانا بعمل كل ده معاك بالعكس كنت تعبانه أوي.. كنت تعبانه عشان باحبك ايوه انا باحبك يا جلال مش هخبيها ثاني عشان دي الحقيقه انت كنت معاك حق انا حبيتك في المده اللي ما كنتش عارفه مالي فيها عارفه انها ممكن تكون جت متاخره بس انت مش عارف انا مريت بايه ولا ايه اللي حصل ليا انا هحكيلك ومتاكده انك هتقبلنى و مش هتزعل مني
لتبدأ تقص عليه كل ما حدث لوالدتها حياة وما فعله والدها بها و تزوجه من امرأة ثانيه دون الشعور بمشاعرها وكيف عاشت معاناتها بمفردها دون اي احد معها
مسحت دموعها بمرارة لتقول و تحاول الهدوء:
– بس ده اللي انا عاوز اقوله ليك دلوقت بس في حاجات ثانيه اكثر هاقولها لك وانت قصاد عيني ايوه انا جايه لك دلوقت ومش لوحدي لا معايا ابني كمان، انا حامل يا جلال ..
ابتسمت براحه نوع ما و ارسلت الريكورد بصوتها الي جلال وذهبت تاخذ الحقيبه و خرجت الي الخارج لتبدا رحلتها .
***
صوت الطبل و الزمر يصدح في الاجواء معلنًا عن أحد الاعراس بداخل سرايا الجبالي من اكبر عائلات القرية لكن رغم ذلك كان حفل صغير تحضره الاقارب فقط
تجلس العروس في غرفة خصصت لها حتي تتجهز لمادبتها وكانت صفيه تنظر الى نفسها بابتسامة عريضة وهي مرتدية فستان الزفاف ، لم تتوقع ابدًا ان تكون تلك نهايتها بعد كل ما خططت اليه نجح وسوف تتزوج جلال اخيرا كانت لا تصدق اذنها عندما جاء عيسي اليها واخبارها بزوجها من جلال رغم انها لم ترى جلال ولا مره لكن لم تتحدث يكفي بان سوف تحصل عليه اخيرا فهي متاكده بان ما زال يفكر في اسيف لكن سوف تتخلص من تلك الأفكار تماماً هكذا تحدثت نفسها بثقه وسعاده
وفي نفس الغرفة كانت تنظر فرحه بحزن عميق علي ما يحدث وبعدم رضا فكانت لا تريد هذه الزيجة فهي احبت اسيف وكانت تتمناها لجلال و كان جانبها عديله و اختها يجلسون بابتسامة عريضة.
علي جانب اخر يجلس جلال شارد في همومه ورغم عنه سرح في زفافه هو و اسيف اغمض عيني بغضب مكتوم يكفي التفكير بها, حتي جاء احد الاشخاص ليقول له بابتسامة:
– چلال بيه المأذون عاوزك جوه
هز راسه بالإيجاب بهدوء ونهض الي الداخل ليجلس بجانبه المأذون الذي فتح الدفتر و بدا في الاجراءت وامامه عيسي رسم على ملامحه الجديه والصمت
بعد مرور وقت في الخارج تعالى صوت الزغاريد وضرب النار اعلان عن إتمام عقد القران .
انتفضت اسيف بخضه من اصوات ضرب النار وهي تنزل من سيارتها ونظرت حولها بدهشة من الأنوار وصوت الزغاريد وتقدمت تسحب الحقيبه الي الداخل السرايا تنظر الي حشد الناس باستغراب وحيره حتي انتفضت علي صوت صفيه قائله بابتسامة خبيثة:
– على فين يا ضرتي
التفتت اليها اسيف بعدم فهم وقالت:
– نعم بتقولي ايه, هو انتي بتكلميني انا
اطلقت ضحكت استهزاء وشماته:
– ايه مش لما واحده تتجوز واحد متجوز المفروض تجول لامراته الاولانيه ضرتي برضه
رمشت عدة مرات بعدم تصديق لتهز راسها برفض وقالت بعنف:
– كذاااابه طبعا
ازاحتها اسيف من امامها بغضب لتصعد السلالم سريعا وفي نفس اللحظة كان يفتح الباب ليخرج جلال بهدوء ويخرج الشيخ معه حامل الدفتر قائلا بابتسامة:
– مبروك
هز راسه اليه بهدوء لتتسع اعينه عندما راى اسيف امامه و بيدها حقيبه سفر عقد حاجبيه بدهشة وهو يرمقها بنظرات باردة كالصعيق، وقفت اسيف تنظر اليه بعينين متسعه بصدمة عده لحظات محاولة استيعاب كلمات صفيه ترن في اذنها . سقطت الحقيبه منها لكنها همهمت بصوت منخفض غير مصدقة:
-اتجوزت
انتبه هنا ونظر الي الحقيبه التي سقطت ناظر اليها بشك، هل عادت اليه بالفعل هل جاءت تطلب الغفران أخيرا إذن هي جاءت بنفسها تحمل الحقيبه ليس لها معناه اخر, هتف بترقب وحذر:
-اسيف انتي جايه وجايبه شنطتك ليه
شعرت اسيف بالدماء تنسحب من جسدها فور سماعها كلماته تلك هل لا يريدها نهائيا, قد قرر يعيش حياته و نسيانها، قد مل منها.. لكنها قد اساءت فهم معنا حديثه بأنه لا يريدها وماذا جاء بها الي هنا بعد زواجه من غيرها
أخفضت راسها بانكسار لابد انها جاءت متأخره وقد هدد الضغط الذي قبض علي صدرها بسحق قلبها اخذت ترفرف عينيها بقوه في محاولة منها لابعاد تلك الدموع التي تحرق عينيها قبل ان تنسكب علي وجهها وتفضح امرها اخذت تتنفس ببطئ محاولة السيطرة علي ذاتها لتنجح في نهايه الامر برفع راسها والنظر في عينيه بوجه متجمد خالي من المشاعر وهي تجيبه ببرود:
– عندك حق, انا ما ليش مكان هنا خلاص, مبروك على الجواز
التفتت بخطوات تخرج سريعا من ذلك المكان تريد الهروب حتي الي مكان خالي تخرج كل الالام التي تعرضت اليها
كان جلال واقفا متجمدا بمكانه يراقب فعلتها تلك باعين ذاهله قبل ان يندفع نحوها جاذبا يديها وهو يقول:
– استني بس انا ما اقصدش كده و كمان الفرح دي مش..
ابعدت يده بقوه وانفجرت اسيف في البكاء فور مغادرتها تشعر بتثاقل وهي تشعر بالم حاد يمزق قلبها تصيح:
-ابعد عني
صدم جلال من حالتها فماذا فعل لتبكي بذلك الشكل، ليخرج خلفها يصيح بخوف :
-اسيف استني
اخذت السلالم بخطوات سريعة وثقيلة وهي تمسح وجهها بكف يدها بالم شديد والدموع لا تتوقف حتى سمعت صوتها الماكر مره ثانيه تقول :
– طلع حديدي صوح مش اكده ما تبجيش تيجي اهنه تاني مره احسنلك وخلي عندك كرامه شويه وامشي هو اللي مش عاوزك اهو طب اجول لك على حاچه كومان تحرج جلبك عشان تعرفي ان هو عمره ما حبك جبل سابج چلال اتجوزك بس عشان الارض بتاعه امك ياخدها عشان يعمل المشروع بتاعه
شحب وجه اسيف بشده عند سماعها كلماتها والتفتت تصيح بعنف:
– جبتي الكلام ده منين
نظرت صفيه اليها قائله ببرود:
– سمعته وهو بيتكلم مع عيسى ان ابوكي خلاص باعله الأرض مجابل ان اتنازل وجاي على نفسه عشان يتجوز واحده زيك ولو مش مصدجاني اسالي ابوكي
شعرت اسيف بالضياع والذهول والدموع الحارقة تتصاعد بعينيها حاولت الضغط علي شفتيها بقوة ترفرف برموشها المبتلة، وهي لا تصدق ما يحدث حولها لتقول بضعف:
– بابا
– صـفـيـه
انتفضت صفيه بذعر عندما رات جلال يتقدم نحوها فورا ويصفع وجهها بين قبضته يعتصر بالم وجنتيها بقوة متجاهلا صرخة الالم التي صدرت عنها قائلا بفحيح غاضب جعل رعشة من الخوف تتسرب بداخلها:
-ايه الهبل اللي انتي بتقوليه ده حسابك معايا بعدين
خرجت اسيف للخارج وهي تشعر بالضياع والصدمة، بينما بالداخل رمقها بنظر وعيد قاسيه ثم نظر حوله بترقب وخوف يبحث عنها ثم خرج الي الخارج يراها تصعد سيارتها بسرعه البرق ليصيح منفعل: -اسـيـف.. اسـيـف
يتبع……
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)