روايات

رواية بيت السلايف الفصل الخامس عشر 15 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل الخامس عشر 15 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء الخامس عشر

رواية بيت السلايف البارت الخامس عشر

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة الخامسة عشر

 مرت دقيقة تقريبًا وهو متجمد مكانه؟ وجبل من جليد يعيق سير دقاتها الممسوسة باهتزاز روحها من امامه بالاساس, تطلع فيها بصدمه وذهول لم يتوقع في يوم تطلب منه هذا الطلب، كيف وهي من ثارت عليه عندما كانت تتحدث والدته بان يصبح له زوجه اخري غيرها؟ لكن الان هي امامه وتطلب بنفسها هتف عيسي محاولة استيعاب :
-اني لو الدنيا كلاتها جالتلي انك موافجه على حاچه كيف ديه مش عتصدج؟ انتي بتطلبي مني ايه يا فرحه انتي جري لمخك حاچه؟
نهضت من علي ركبتها وبدات قدماها تعود للخلف بتلقائية، الدموع متحجرة في عيناها ولكنها ترفض الخضوع لسطوة الانهيـار قالت بهدوء لكن عكس ما يثور بداخلها، يهيج ويضرب جدار روحها بعنف ان ينفجر:
-وايه اللي في حديدي مش مصدجه يا عيسى؟ مش حجك يا ولد عمي يعني عتفضل طول عمرك رابط نفسك بواحده مش بتخلف ليه؟ اتجوز و جيب اخ لصالح
نهض هو الآخر بحده قائلا بغضب: -وبتعديها ثاني يا فرحه؟ هي امي جالتلك ايه واني في المستشفى لما كنت في الغيبوبه خليتك تطلبي طلب كيف ديه؟
رفعت عيناها الدامعة له وهي تستطرد بنبرة متحشرجة
-امك ما لهاش صالح بحديدي، ديه اللي لازمنا يحصل يا عيسى, اني مش عافضل طول عمري شايل ذنبك وذنب صالح ان يكون لي في يوم اخ اوعي تفتكر لما كانت مرات عمي بتفتح الموضوع معاك ولا معايا؟ واچي اجول لك بيني وبينك اوعي تعملها يا عيسى احسن اسيبلك الدار واطفش, ببجى راضيه وعادي اكده مش جلبي وجعني عليك ولا حاسه بالذنب؟ لا يا عيسى بتعب و بفضل طول الليل افكر اني لازم اشوف حل, بس غصب عني بضعف واسكت، لكن اني مش عافضل اضحك على نفسي كثير لازمنا اواجه نفسي بالحقيقه
صاح عيسي بانفعال قوي منها:
– حجيجه ايه يا هبله انتي؟
صاحت فرحه مثله بانفعال متعمق و عيناها المتحجرة بالدموع و صراخها الذي يحمل لونًا واضحًا من الألم والسخط خلفه :
-حجيجه انى مش بخلف يا عيسي, حجيجه اني تعبت من حديد الناس الجريب جبل الغريب, حجيجه ان امك معها حج, وحجيجه ان انت من حجك تتجوز وتجيب اخ لصالح
نظر لها بغضب وهو يهز راسه بقلة حيلة مرددا بحنانه الفطري متمتمًا :
– هو واني لسه خابر دلوج يا فرحه انك مش بتخلفي ما اني متنيل من اول يوم جواز عارف و موافج كومان ايه اللي جد عشان تطلبي طلب كيف ديه؟
أخفضت راسها وهي تخبره بنبرة مؤلمة مُذبذبة :
-عيسى ورحمه ابوك متصعبهاش عليا اكثر من اكده, انت مش عالم بالي چوايا
تنهد عيسي بعمق، تنهيدة تصدر عن اعماق اعماق تلك الضجة التي تهتاج اكثر داخله شيءً فشيء ، ليسالها فجاةً بصوت هادئ خشن :
– وانتي كومان مش خابره چوايا ايه ولا بفكر كيف دلوج فيكي عارفه بطلبك ديه خليتي 100 فكره في راسي , هو انتي مش جلتي جبل سابج انك بتحبيني يبجى كيف بتحبيني وتطلبي مني طلب كيف ديه؟ اني مش فاهمك و نفسي اعرف اللي بيدور فى راسك دلوج يا فرحه ومين اللي خلاكي تجولي لي حاچه كيف ديه امي صوح
عضت على شفتاها باسى وهي تخبره:
-جلتلك لاه يا عيسى ما حدش جالي حاچه اني اللي بكلمك من نفسي دلوج, عشان ديه الصوح
ضرب كفه علي كفه بانفعال كبير:
-صوح ايه؟ انتي ما لك النهارده عجلك ديه في ايه يا فرحه تكونيش بتردي لي اللي عملته في اخوك عشان ما رضيتش ابلغ عنه النيابه فجلتي اردله الچميل في ساعتها؟
حاولت اخفاء توترها الواضح فبالفعل حديثه صحيح بجزء كبير منه يخص دياب، التقت عيناه بعينها الحمراء، حينها فقط علم ان جرحها غائر، غائر اكثر مما توقع شعر انه يرى قناع جديد، قناع من القسوة يخفي كل بواطن الروح حينما رفع عيناه لملامحها المتالمة هاتفا بصوت جامد :
– طب زمان لما كنتي على ذمه ماهر وعرفتي أنه متجوز عليكي طلبتي الطلاج في ساعتها كنتي برده مش بتخلفي, طب و دلوج لو وافجتك واتجوزت عتعملي ايه؟
صمتت فرحه تطلع فيه بصمت تعلم ان اجابتها بالتاكيد ربما تصبح كالسكين ينغرز بقلبها وروحها المسكينة فقالت له بهمس:
– ياريتني اجدر اعملها؟
همس بتلقائية مغموسة بالالم :
– يا ريتك رايده تسبيني يا فرحه
حينها أغمضت عيناها بهدوء غريبة وكانها تسبح وسط احزانها وهي تجيب:
– باجولك يا ريت يعني مش جادره؟ مش عاجدر افتح عيني في يوم ما لجكش جاري يا عيسي, مش عاجدر ما شبعش منك ومن حنيتك معايا مش عاجدر يوم يعدي عليا من غير ما افتح الاوضه علي صالح و افطره بيدي كيف كل يوم واشم ريحته لما احضنه,حضنه اللي غنيني وعوضنى عن حرماني من ابجي أم
وفجأة سمعت صوت عيسي وهو يهتف بصوت خالي من التعابير :
-يعني ايه؟ افهم من الحديد ديه ايه؟
أغمضت عينيها بقوه والدموع تنهمر امامها بغزارة فيبدو ان الحظ اختار ان يصبح السكين البارد من نصيب فرحه لينغرز بمنتصف قلبها بقسوة منها قائله:
– يعني دي حاچه ودي حاچه يا ولد عمي واني موافجه انك تتجوز واني على ذمتك .
***
زفر زين بعمق وهو يمسح على شعره البني الناعم، وكأن يدلف الجناح الخاص به ولكن فجاة وجد نادين أمامه تجهمت ملامحها بغضب وهي تقترب منه متسائلة بعصبية :
-انت كنت فين؟
عقد حاجبيه متسائلا:
– يعني ايه كنت فين كنت بره وانتي من امتي بتسالي؟
هتفت بصوت عالي منفعل دون مبرر :
– عشان انت كنت طالع ورايا وقلتلي هروح اعمل مكالمه واجي وبقيلك اكثر من ساعه بره ايه كل ده بتكلم مين وبتعمل ايه؟
زين بحده:
– في ايه؟ وطي صوتك و ايه لهجه التحقيق دي؟ كنت بعمل اي حاجه يا ستي وانتي اللي مضايقك؟ ما انا قاعد في بيتي مع اخواتي طبيعي هروح عند ده ولا اسلم على ده
عقدت نادين يدها أمام صدرها لتقول باستهزاء: اه تكلم وتسلم وحشتك صح ؟
زين بتوتر خفيف:
– هي مين دي اللي وحشتني؟
هتفت نادين باختصار ساخره :
– عيلتك اللي يا حرام بقالك كثير مش بتشوفهم, مش هما دول برضه اللي كانوا السبب في تاخيرك ولا رحت تعمل حاجه ثانيه؟
تنهد زين بضيق مكتوم منها ومن اسلوبها الغير مبرر قائلا بصوت حاد:
– جرى ايه يا نادين ما تتكلمي معايا باسلوب كويس, وبعدين إيه الغموض اللي فيكي ده لو بتلمحي على حاجه قوليها واخلصي
نظرت اليه في عينه مطولاً متسائلة ببرود:
– واثق من نفسك قوي انك مش مخبي حاجه عليا يا زين؟
عقد زين ما بين حاجبيه مستنكرًا ثم أردف بحنق واضح :
-انتي باين عليكي فاضيه ورايقه انا رايح انام كنت طول اليوم في المستشفى وتعبت عند اذنك
***
جلس جلال بجانب اسيف التي كانت ترقد جانبه اعلي الفراش وممسكه بالهاتف تعبث به بملل شديد وتنفخ بضيق وزهق كل حين, انتبه جلال اليها متسائلا باستغراب:
-مالك عماله تنفخي ليه؟
نظرت له بضيق شديد وقالت:
– ابدا ولا حاجه هطق من القعده هو انتم المفروض بتعملوا هنا ايه لما بتزهقوا انا تقريبا من ساعه ما جيت السرايا ما خرجتش خالص, ده القاهره احسن على الاقل في اماكن كثير وممكن اخرج في اي وقت بجد الجو هنا ممل جدا
عقد حاجبيه قائلا:
– مين قال كده بالعكس الصعيد فيها اماكن برده كتيره و احسن
اسيف بعدم تصديق:
– مش باين يعني؟ هو انت بتعمل حاجه غير تشتغلوا وتاكلوا وبس ايه ما بتتفسحوش؟
تنهد جلال مجيب بجدية:
– لا طبعا بنعمل حاجات تانيه وبعدين هو انتي كنتي طلبتي وانا قلت لك لا؟
قالت اسيف بنبرة ساخره:
– يا سلام يعني دي حجتك عشان ما طلبتش طب يا سيدي اديني بطلب اهو عاوزه اخرج, هاه هتوديني فين؟
***
صاحت صفيه بغضب شديد وقالت بدموع:
– بتقولي ايه يا مرات عمي چلال رحلها لحد دارها يستسمحها و رچعت معاه ثاني هو انتي مش جلتلي المره دي في مشكله كبيره ما بينهم وممكن يطلجها؟ انتي كنتي بتضحكي عليا صوح
نظرت لها عديله باشفاق تجيب بتردد:
– لا يا بنتي ولله هي اللي رجعت معاه؟ فكرتها الاول چاي تعمل الواجب وعتمشي بس لما سالت چلال جالي انهم اتصالحوا
صفيه بدموع منهمره بمرارة:
– اتصالحوا طب واني ايه, اني فين يا مرات عمي انتي كنتي بتضحكي عليا ولا ايه؟ انتي مش جلتلي اول ما يطلجها عتجوزهولي
قالت عديله باطمئنان:
– يا بنتي ما تخافيش اني لسه عند كلمتي و عتتجوزيي؟ بس اعملك ايه الهانم متبيتي فيه ومش رايده تسيبه؟ مع انها كانت علي اخرها منه وسابت الدار وجالت انها مش راچعة ثاني, وكان خلاص چلال كومان زهج منها… اني جلت عتخلي عندها كرامه ومش راچعه تاني, بس يا اختي هو اللي راح صالحها وچابها بنفسه كومان
حدثت نفسها وسط بكائها بحقد:
– سحراله ومخالياه مش شايف غيرها بس لاه لازمن ازيحها من طريجي واخاليه يحبني اني ؟
***
سارت اسيف مع جلال الي الإسطبل الخيل ودلفوا الي الداخل وسحب الفرس الخاص به ما يدعي عـشـق ابتعدت عنه بعض امتار بقلق من الخيول:
-هو انت جايبنا هنا ليه؟ انا بخاف قوي منهم
سألته لتتسع ابتسامه جلال قائلا يجيبها:
– ما تخافيش طول ما انا معاكي, وبعدين الخيل دي اخر حاجه ممكن تخافي منها مش بتاذي حد ماذهاش؟ تعالى قربي واقفه بعيد ليه
هزت راسها برفض هاتفه بخفوت:
– لا مش مقربه انا عاوزه امشي؟ قلتلك بخاف منهم
ليردف وهو يمرر يده بحنان علي شعر الفرس فتلين عيناها هي بتروي وتلقائيه, هاتفا:
-طب تعالي وانا اخليكي ما تخافيش منها وتتجرائي عليهم
وقبل ان ترفض مره اخري اقترب هو منها جاذب يدها بخفه يقربها ويضع يدها على راس الخيل بهدوء ويجعلها تمرر يدها بحنان فوقهو تطعمه حتي تشعر هي والفرسه بالامان تجاه بعض، قالت اسيف بابتسامة خفيفه:
– هو انت قلتلي اسمها ايه قبل كده
اجاب جلال وهي ينظر اليها بحب: عشق
اغلقت جفنها الايسر مع انكماش نصف وجهها مستشعره لمست يده فوق يدها و لهجته الحنونه, قائلة: اسمها جميل
ابتسم جلال وقال بصوت هادئه:
– تحبي تركبيها هتستمتعي اكتر
صمتت لحظه تنظر اليه بتردد حتي قالت بحذر:
– ط طب ماشي بس مش هتمشي هاركب وهي واقفه بس
هز راسه ليقول بحنان:
-تحبي اركب وراكي عشان ما تقعيش وتطمني اكثر
– لا طبعا ومين قال لك ان انا هامشي بيه انا هركب بس شويه وهو واقف, وبعدين انت اما بتصدق ملكش امان
قالتها بوجه ظريف ليضحك جلال بخفه ويومئ براسه لها يساعدها بقلب جارف للصعود الي الفرس كانت كالريشه خفيفه ليمسك وسطها و يساعدها في الركوب لكن عندما جلست على ظهر الفرس تحركت الفرسه بقوه لابد انها غارت بالفعل لتطلق صرخه اسيف بخوف حقيقي ان تقع ليصعد جلال خلفها واستطاع بحركه سريعه من ذراعيه الصلب يحيط خصرها وممسك بالجام الفرس توقف الفرس علي الفور وجلال مستمتع بقربها الشديد منه يشتمٌ عبير شعرها ويتنهد شوقا لاحضانها .
كانت تغمض عينيها بقوه وخوف ولا تعلم ماذا حدث خلال ثواني توقف الخيل عن الحركه واحست بانفاس لاهثه خلف عنقها يهمس بنبرة جميله:
– هششش متخافيش مش هتتحرك ثاني طول ما انا راكب معاكي امسكي اللجام جامد و اوعي تسيبيه
رجف قلبها علي ذبذات صوته القريبه فتحت عينها لتمسك بالجام وتلمس يده رغم عنها, حركه بسيطه لكنها تمنحه القليل من البهجة بتلك اللمسات العفوية ليتحرك الفرس مع نكزه صغيره من قدم جلال في جانب الفرسه مشت بتاني وهدي, وسرعان ما خافت اسيف وبدات تشد اللجام بقوه وتنكمش اكثر في حضنه
بدات رويدا رويدا تستمتع اسيف مع تشجيع جلال وتجوبه بحماس وتلاش خوفها
كان جلال سعيداً جدآ في تلك اللحظة التي جمعته بحبيته توام روحه, وضحكتها الرقيقه تطرب اذنيه وهي بين أحضانه بينما هي اشد سعاده منه وهي متشبسة بلجام الفرس و
مع الوقت انتبهت انها منكمشه في نفسها بخجل وهي بحضن جلال خلفها ، فلا تعرف أنه كأن في حال ليس جيد بسبب مرض اخيه وارغمته علي الركوب معها ليقوم بجوله علي ظهر الحصان الخاص به معها.
شعر جلال بصمت اسيف ليسالها باهتمام:
– في حاجه في القعده مش مريحه ومضايقك؟
هزت راسها بمعني لا دون النظر او الحديث اليه
ابتسم الا انه كان هناك خصلات من شعرها تتطاير وتزعجها لا تستطيع ان تزيحها من التوتر بالقرب منه لانها كانت تمسك بكلتا يدها بالخيل بقوه خوفا ان تقع، لذلك كانت تتمرد علي كتفها وجهها من الهواء وهي تهز راسها حتي تزيحها.
انتبه لها جلال و ابتسم هو يرفع يده ليمسك شعرها المتطاير يجعله خلف ظهرها وخلف اذنها حتي لا يزعجها، لفت اسيف راسها له اول ما لمس شعرها بتلقائية لتراه ما كان يفعل ليتجمد مكانه عندما راى خدودها حمراء مثل التفاح الطازج وعينها الخضراء ذابله من الخجل وشفتيها حمراء ووجهها الساطع مع نور القمر لم يكن ينقصه غير ذلك فهي لا تحتاج ان تزيد جمال عن سابق لتجعلها كحورية ،لينظر الي خصله علي شفتيها, مما جعل قلبها يخفق بقوه عندما لاحظت نظراته الي فمها ورفع يده بالقرب من شفتيها حتي زاح الخصله ببطء
لكن يده سرحت الي شفتيها يلمسها بنعومة يتقدم نحوها بعيون مشتعلة ، لم تنجح في اتخاذ رد فعل حتي شعرت به يضمها و يقبلها بشغف مقرراً صك ملكيته ليطمئن قلبه وكل ذره في جسده الي وجودها بجانبه ، شعرت بقلبها يقوم بحركاته البهلوانية في الصعود و الهبوط و ضمته اليها بقوة ليذوب كلاهما في احضان الآخر.
اخير انتبهت اسيف علي نفسها لتبعد سريعا ونظرت امامها, اطرقت راسها خجلا فهذا الشقي يعبث بمشاعر وجدانها بنظراته الحارقة وهو يقتحم اولي تجاربها بهذه المشاعر مع رجل حاولت اخراج صوتها عندما وقف الخيل في مكان ما متسائلة:
– وقفت هنا ليه؟
ابتسم ينزل من اعلي الخيل يعود يساعدها في النزول بحملها من خصرها و اوقفها امامه يرفع وجهها اليه قائلا بعيون تلمع بالغرام و المحبة:
-هاوريكي جنتي
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم فهم:
– يعني ايه مش فاهمه هو احنا رايحين فين بجد؟
تجاهل حديثها وهو يمسك يدها الي داخل الاشجار بعد ان ربط الخيل في شجره بعيده واكمل سار معها حتي وصل الي مكانه المفضل كما يلقبه “جنتي”
اسيف بضيق واصرار:
– هو انت مش عايز ترد عليا ليه؟ انت واخدني على فين و..
صمتت عندما ترك يدها ودلف الي الداخل تتطلع الي المكان بذهول فهو بالفعل جنه لم تتخيل ان يوجد اماكن مثل هذا في الحقيقة الاشجار المزروعة بكل انواع و الوان الفاكهه الطازجة, بحور مثل شلالات المياه في كل مكان والخضر يعكس اضاءة المكان , تقدمت منه متسائله بانبهار:
– المكان جميل قوي اول مره اشوف مكان زي ده في حياتي
ابتسم مجيب:
– لما ببقى متضايق او مبسوط باجي هنا واستريح وانسي الدنيا؟
نظرت اسيف الي النجوم قائله بنبرة حالمة:
-هو فعلا المكان ينسى الدنيا
تعمد ملاقات عيونها بعيونه ليخرج صوت خفيف من حلقه وهو يرفع راسها قليلا وعلي وجهه ابتسامه كبيره مرتسمه علي وجهه قائلا بحب:
-ما حدش يعرف اني باجي المكان ده عشان بحب ابقى لوحدي اكثر الوقت بس انتي اول واحده اقول لها على المكان ده
اردف ببحته المميزة لتهز هي راسها وانفاسها تختطف مع ضربات قلبها تزيد كانه ينهي مخاوفها و يطمئن قلبها بوجوده بجانبها الي اخر العمر.
***
في الصباح بداخل منزل دياب حماد الجبالي خرجت جميله من الغرفه حتي تحضر الفطار الي زوجها دياب قبل ان تذهب الى القاهره , كانت تتابعها احلام بعيونها بخبث حتي دلفت المطبخ وصعدت هي الي الغرفة وطرقه علي الباب حتي اتاها صوته قائلا بخشونة:
– ادخلي يا چميله ؟
عدلت من هيئتها احلام بابتسامة عريضة ودلفت ببطء كان يقف مولي ظهره ويبحث عن شئ في الدولاب باهتمام وقال:
– ما تعرفيش يا چميله فين العبايه البني بتاعتي رايد اخرج بيها النهارده
اقتربت منه واحضتنه من الخلف بحب قائله:
-وحشتني يا سيد الناس بجيلي كثير جوي مش بشوفك وكنت عتتجنن عشان اطمئن عليك وانت في المستشفى
انتفض بفزغ وابعد يدها بعنف والتفت بغضب:
-بعدي يدك الـنجـ* ديه عني انتي اتچنيتي اني مش محرج عليكي جبل سابج ما تخشيش الاوضه ديه خالص ولا تعتبي جنب مكان اني فيه؟
احلام ببرود:
– كنت واحشني ومش عارفه اشوفك رايداني اعمل ايه يعني؟
تابعت بحقد وغيره شديدة:
– وبعدين انت من ساعه ما اتجوزت الهانم وانت على طول في الاوضه معاها و مش بتخرچ حتى الفطار والغداء ساعات بتاكله في الاوضه؟ ايه لحجت تاكل عجلك
احمرت عينه من الغضب وامسك يدها بعنف ليبعدها للخارج الغرفه وقال بانفعال:
– اطلعي بره ومشوفش وشك ثاني في اي مكان اني في وچميله اللي مش عاجباكي دي اشرف منك بـ 100 مره علي الاجل مش بجحه وبنت الـ* كيفك
قالت احلام بغيظ مكتوم:
– اوعي ايدك اني طالعه من نفسي بس والله يا دياب لاحرج جلبك عليها جريب انت بتاعي انا وليا اني فاهم يا دياب
ضرب كفه علي كفه بانفعال كبير من أفعالها الوقاحه صاح بحده:
-غوري من وشي يحرج ابوكي علي الساعه اللي دخلتي الدار فيها
اغلقت احلام الباب بقوه خلفها من الغيظ اصطدمت بجميله امامها ورفعت حاجبيها بدهشة متسائلة: -انتي بتعملي ايه في الاوضه هنا؟
قالت باستفزاز وهي تهتم بالرحيل:
– ابدا كنت بشوف لو في غسيل مش نظيف عشان اغسله بس طلع ما فيش
تطلعت فيها بضيق وقالت بحده:
-احلام
لفت راسها احلام لها قائلة ببرود:
– نعم
اقتربت جميله منها وقالت بجدية:
– بعد كده لما تعوزي حاجه من جوه اوضه جوزي تيجي تقولي لي مش تدخلي مكان ما يخصكيش وما يصحش كمان تدخلي اوضه راجل غريب عنك فاهمه
جزت علي اسنانها بعنف هاتفه بحقد:
– بس دياب مش غريب عني ده أخو جوزي
نظرت في عينيها بقوه قائله باصرار مشتت على حروف كلماتها:
– انا كلامي واضح فاهمه, ماشفكيش في الاوضه ثاني.
ابتسمت احلام بابتسامة صفراء وقالت بسخرية: -وماله انتي تؤمري يا ست چميله
لم ترد جميله على حديثها ولا تعطيها اهتمام و دلفت الي الغرفه.
***
في السرايا كانت عديله تجلس اعلي الاريكة بالصالون وبجانبها صفيه بوجه غاضب منذ ان علمت بعوده اسيف مره اخري الي المنزل، وعلي الجانب الآخر نادين تجلس بصمت لتقول عديله متسائله بفضول:
– الا جوليلي يا نادين صحيح, هي لسه امك غضبانة عليكم انتي وابوكي و مش بتسال فيكي؟
نظرت لها نادين بضيق:
– ماما واللي فكرك بيها يعني دلوقت يا طنط
عديله باستنكار:
-بسال هو السؤال حرم, مش المفروض تبجي حماة ابني
تنهدت نادين بغيظ مكتوم قائله بحده:
– ما اعرفش حاجه عنها خالص يا طنط وبعدين هي مين دي اللي حماه ابنك, مش لما تعرف شكل بنتها اصلا ايه الاول
عقدت عديله حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم تصديق:
– ودي تيچي كيف؟ في ام ترمي بنتها السنين دي كلها وما تسالش عليها ولا تعرف عنها حاچه ان شاء الله حتى بتليفون صغير
نظرت لها نادين بغضب شديد من فتحها لجرح لها قديم تحاول النسيان ولا تعرف, لتنهض بحده قائله:
– النصيب يا طنط عن اذنك
صعدت الى اعلي وغير عابئة بنظرات عديله الغاضبه لها, ومرت بجانب اسيف علي السلالم السرايا التي ابتسمت لها قائلة:
– صباح الخير يا نادين
تطلعت فيها بغضب مكتوم ولم تجيب عليها ومرت بجانبها بجمود, عقدت اسيف حاجبيها بدهشة من تصرفها هذا فهي لم تفعل لها شئ وغير ذلك الايام السابقه كانت علاقتهم ببعض اصبحت جيده نوعا ما, لكن ماذا حدث لتنظر لها بهذا الطريقه و تتجاهل إياها.
قاطعه تفكيرها عديله قائله بسخرية:
-ايه يا ست اسفين مش عتيجي تسلمي ولا خلاص عتمشي وترچعي من غير اذن حد, ما خلاص بقت وكاله من غير بواب
التفتت اليها اسيف بحنق من مناديتها كل مره باسم شكل واسلوبها الساخر تقدمت وحاولت التحكم في اعصابها قائله بابتسامة مصطنع:
-صباح الخير يا طنط عديله؟
عديله بعدم رضي:
– اهلا چلال علمك الادب وعرفك الاصول كيف وانتي اهناك و انك تسيبي السرايا من غير اذن جوزك غلطه كبيره جوي ولا لساتك متعلمتيش
اسيف باستفزاز:
– لا بصراحه يا طنط هو كل اللي قاله ليا، ما تسبيش البيت تاني عشان مش بقدر استغنى عنك ولا اقدر اعيش من غيرك وهو بصراحه صعب عليا جدا وفضل يتحايل عليا كثير عشان كده رجعت معاه
نظرت لها عديله بحده وغيره وقبل ان تتحدث جزت صفيه علي اسنانها بعنف هاتفه بانفعال وغيره :
-معلش يا مرات عمي لساتها صغيره ومش خابره الاصول والادب كيف ناجصه ربايه
اسيف بهدوء غريب:
– عارفه يا صفيه انتي كثير قوي بتصعبي عليا يعني ولا في كرامه ولا في ادب ولا في احترام للكبير وانتي اللي ناقصه تربيه مش انا
نهضت صفيه تصيح بعنف:
– اني ما عنديش كرامه ومش محترمه امال انتي تبجى ايه هو مش چلال مد ايده عليكي؟ وانتي سبتي الدار وعملتي فيها زعلانه و رجعتي تاني يبجى مين فينا اللي ما عندوش كرامه رجعتي ليه الدار ثاني
اسيف بجدية:
– مشيت عشان عندي كرامه وحدود في حياتي وطبيعي لما حد يتعدى حدوده معايا لازم اخذ موقف عشان غصبا عنه يحترمني بعد كده وانا كمان احترم نفسي في نظري حاجه بعيد عنك ما تعرفهاش ومش في قاموسك اصلا و رجعت بعد ما كرامتي رجعتلي تالت ومتلت وجالي لحد عندي مش زي ناس ثانيه
نظرت صفيه بحده قائله بغيظ:
-جصدك ايه؟
اسيف ببرود:
– والله بقى اللي على راسه بطحه يحسس عليها, ونصيحه مني يا صفيه ما تخلينيش احطك في دماغي عشان ما خلكيش تندمي على اليوم اللي اتولدتي فيه انتي لسه ما تعرفنيش كويس
هتفت عديله بجدية وصرامة:
– ما تمسكوا في بعض احسن جدامي ما بس انتم الاثنين اعملو احترام ليا واسكتوا ، اجعدي يا صفيه واعملي احترام ليا وانتي الثانية شوفي كنتي رايحه فين
ثم تابعت حديثها متسائلة باهتمام:
– وبعدين فين فرحه الساعه داخل على ١١ .. معجول كل ديه لسه ما صحيتش
***
التفت دياب سريعا عندما فتح الباب مره ثانيه تفاجأ بزوجته تنهد مجيب بابتسامة مشرقة:
چميله
اقتربت منه و زمجرت كليث بربري يقاتل باسنانه للحفاظ على ما هو ملكها ويخصها: من امتى يا دياب واحلام بتخش اوضتك مهما كان السبب مفروض ماتخشش الاوضه دي وانا مش موجوده فيها وبعدين ما انا بطلع الغسيل اللي مش نظيف على طول تدخل ليه؟
ابتسم بهدوء وهي يري الغيره داخل عينها هاتفا بجدية:
– معاكي حج يا چميله واني زعجت فيها والله جامد جوي اول ما دخلت و اوعدك مش عتخش تاني
ثم قال لتغير الموضوع:
– هاه يلا اچهزي عشان نروح لخالتك كيف ما اتفجنا امبارح
همست بنبرة جاده الا انها عازمة علي الموجهة لوحدها لتنهي من اي كتله ضعف مازالت داخلها: -لا يا دياب انا اللي هروح لوحدي المواجهه دي بالذات لازم انا اللي اكون فيها لوحدي؟
***
– يوووه ما تردي بقى يا اسيل انتي كل يومين تختفي كده؟
قالها زين بغضب شديد وهو يحاول الاتصال عبرا الفيسبوك باسيل ولم تجيب مما اثار غضبه بشده من اختفائها كل مده دون مبرر؟ لتدلف نادين فجاه دون ان تطرق الباب اعتدل زين بخضه و وقع الهاتف علئ الارض نظر لها بحدة قائلا:
– في ايه يا نادين مش تخبطي قبل ما تخشي
نادين باستفزاز:
– واخبط ليه؟ مش دي اوضتي برضه, والمفروض اخش وقت ما احب وبراحتي وبعدين مالك اتخضيت كده ليه كنت بتكلم مين و مش عاوزني اعرف
قال زين بضيق:
– نعم ومش عاوزك تعرفي ليه
نادين بحده قائله بشك:
– والله بقي السؤال ده تسأله لنفسك مش ليا, من ساعه ما صحيت وانت ماسك التليفون مش فاهمه بتعمل ايه واول ما دخلت عليك دلوقتي اتخضيت و وقعت التليفون على الارض
عقد حاجبيه بدهشة قائلا بصرامة:
– انا مش بكلم حد مش عاوزك تعرفي مين كمان والتليفون وقع مني عشان الطريقه الهمجية اللي دخلتي بيها عليا, ولاخر مره بحذرك يا نادين بطلي طريقتك اللي ذي المحققين دي ولو في حاجه عاوزه تسالي عليها قوليها على طول وبلاش لف ودوران
نظرت له نادين وهي تضغط على اسنانها بعنف واخذ زين هاتفه من علي الارض ورحل من جانبها بضيق لتمسك هاتفها نادين لتتصل بعزه السكرتيره حتي تطمئن علي العمل لتلاحظ عده اتصالات من زين علي فيسبوك اسيل عمران، لتعرف بانه كان كل هذه المده يحاول الاتصال بها هي.
***
نهضت فرحه من الفراش وهي تشعر ان كل عظمه في جسدها محطمه من الالم النفسيه ثم دخلت الى دوره المياه وتوضات وارتدت اسدال الصلاه و قامت باداء فرضها ثم جلست بعد ذلك على سجاده الصلاه وسجدت على الارض وبدات فى البكاء والانتحاب ، فهي تشعر بالم كبير في قلبها لا تعرف كيف سمحت لنفسها بان تطلب من عيسي الزواج باخرى ، بالطبع ذلك ليس سهلا ابدا لكن الشعور بالذنب قاتل داخلها, دائما الجميع يتحدث عن قوتها وتجاهلها للافكار السيئة ولا تسمح لاحد التدخل في حياتهم الزوجية
ولا تسمح لاحد ان ياثر عليها في عدم انجابها طفل لكن ليس بهذه الشجاعة التي يتحدث عليها الجميع لا يعلم احد الحرب الذي بداخلها من الالام ، صعب ان تنسى كل ما حدث في ليله وضحاها؟ طوال سنوات حياتها كلها من الزواج الاول بشخص لا تحبه والزواج الثاني بشخص لا يبادلها هذا الشعور العشق وفوق ذلك عدم الانجاب منذ اكثر من 13 سنه وهي في هذه الدوامه.
الحقيقة هي كل يوم بعد خلود الجميع للنوم تترك العنان لدموعها بمرارة وبالم شديد بينما الكل يلومها كانها هي من ترفض الانجاب والاسوء من ذلك ولا تعلم كيف تركت جزء منها يُهان ويعذب كل يوم وهي تطلب بنفسها امراة غيرها تشاركها في زوجها
اغلقت عيناها لتخرج تنهيده من طيات روحها وبقلب ممزوج بحبر لونه الدعاء و الفرج
رفعت فرحه يدها تدعو الله براحه والسكينه
– اللهم اني اعوذ بك من كسره القلب ومن زل النفس ومن يوما بلا حياه فيه ومن نوما لا راحه فيه و اعوذ بك من يوما صباحه كمساءه و ليله كنهاااره
قامت بازاله دموعها وهي تدعه خالقها بان يطيب قلبها وان تشعر بالراحه وحسن الاختيار في القادم ثم نهضت وقامت بارتداء عباءه لكن جميلة وبها عدد من الازرار في الامام وتركت شعرها منسدل وفوق منه منديل حريري تلفه حول شعرها ليعطي منظر رائع من فوق جمالها وخرجت للخارج وكان الجميع يجلسون تجاهلت الكل ثم قامت بمناداه احدي الخادمات واخبرتها :
– جولي لام العربي تجهزي الوكل بزيادة عشان الناس اللي چايه من اهل البلد يطمئنوا على عيسى.
هزت راسها لها الخادمه بطاعه وانصرفت لوت شفتها عديله بسخرية هاتفه بعدم رضي قائله:
– يا اختي بايتين في حضنك من امبارح, ولا معديه على كفار ما ترمي السلام حتى لله
نظرت فرحه الي عديله التي لم تلاحظ ملامح وجهها الذابله واعينها المنتفخه اثر البكاء ولكنها بالرغم من كل ذلك صنعت عدم اهتمام واجابت: -معلش يا مرات عمي ما خذتش بالي مشغوله اصلي, عند اذنكم
رحلت دون انتظار تعليق من احد, رسمت عديله ابتسامه بتهكم على وجهها وقالت بسخرية :
– يعني وراكي الديوان شوفي البنت مش طايجه تبص في وشي حتي
نظرت صفيه لاسيف بقصد قائله بمكر:
-معلش يا خالتي من عاشر الجوم بجى ، اصلها جعدت كثير الايام اللي فاتت مع ناس غرب وطبعت عليها
لم ترد اسيف ونظرت الي فرحه وهي ترحل بتعجب واحست من نبرتها بها شئ.
***
خرج جلال من غرفته تصادم بفرحه امامه و ابتسم وقال:
– صباح الخير يا فرحه عامله ايه
نظرت له بزعل وهي تهتم بالرحيل قائله بصوت منخفض:
-بخير
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره:
– فرحه استني في ايه يا فرحه مالك من ساعه ما عيسي رجع من المستشفى وانتي تقريبا مش بتتكلمي معايا ؟انتي زعلانه مني انا عملت حاجه ضايقتك
قالت فرحه بحزن:
– وانت عتعمل ايه اكثر من اللي عملته يا ولد عمي عاطردني من الدار كومان عشان ما ابجاش جنب جوزي
تنهد جلال مبتسماً بجدية قائلا:
-اه هي الحكايه كده بقي طب اسمعيني كويس وافهميني يا فرحه انا مطردتكيش ولا اقدر اطردك من هنا ولا من اي حته كل الحكايه انك لو كنتي فضلتي هناك في المستشفى جنب ماما كنتي هتفضلي انتي وهي ماسكين في خناق مع بعض وما حدش كان مستحمل كلمه من حد وقتها عشان كده حبيت ابعدك من قدام ماما يا فرحه انتي زي اختي بالضبط عشان كده ما استحملتش كلام ماما ليكي
صمتت فرحه ونظرت اليه بضيق مصطنع ليقترب منها قائلا وهو يقبل راسها بحنان:
– لسه زعلانه مني انا اسف يا ستي وادي راسك ابوسها اهي
قالت فرحه بابتسامة بطيبه:
– خلاص مش زعلانه
ابتسم براحه قائلا:
– طب الحمد لله
***
لم يتغير الروتين بين الجميع على الرغم من مرور عدة ايام الي ان عاد زين وزوجته نادين الي مصر وهي مازالت مستمرة في الغضب والتوبيخ دون مبرر، و زين صدقًا تمالكه عصبيتها بدات تنفلت من عقله الى متى ستستمر نادين تعامله هكذا طول حياتهم، ولكن اليوم لا بد انه سيجد حلًا لن يصمت طويلًا
اما في السرايا تعاف عيسي قليلا وما زال يتجاهل فرحه واصرارها علي الزواج حتي ينجب اخ لصالح وبعد قليل سياتون اهل البلد لزيارتهما واثنين من اصدقائه برفقة زوجاتهما
جلس جلال وسطهم بجانب اخيه والغيظ يتقد في عروقه بعد ان جلست اسيف بعد ربع ساعة مع الراجل معهم وتتحدث في بعض امور كثيرة علي الرغم من وجود بعض نساء بالخروج لكنها تركتهم واتت اليهم، لا يعرف ماذا تريد او تفعل بهذا التصرف لو ان الامر فقط ينتهي بضربها له كان سيرتاح ولكن لا هو منذ بداية الطريق لا يكاد يستسلم
من تصرفاتها هو من اختار الطريق المؤلم والغضب يفتت الصخر المًا، حاول اتخاذ ما يحدث بروح رياضية وطمر كل انفعالاته الى ان يغادروا ,حتي علّق احد اصدقائه :
– يا ريت يا استاذ جلال بعد كده تخلي مراتك بعد ما تتخرج تشتغل معاك في الزراعه هتفيدك وتفيدنا كثير
فابتسمت دون ان تنتبه الى الغضب الذي يستعر في اعماق زوجها حتي بدا يرحل الجميع وهو يقف بابتسامة مرحة مزيفة حالما، رافقهم جلال حتى الباب ثم عاد الى الصالة ليجدها تلملم الفوضى التي احدثوها وقال بحدة:
– ايه اللي انتي عملتي ده؟
تساءلت اسيف بحيرة وتعجب:
– عملت ايه؟
ليهدر جلال باكفهرار:
– انتي كمان بتسالي و مش عارفه ؟ ازاي تتجرائي يا هانم وتقعدي مع الرجاله وتتكلمي معاهم براحتك اوي كمان انا سمحتلك تقعدي معاهم اصلا ولا أخذتي اذني وبعدين ما عندك فرحه قاعده مع الستات مراتتهم بره يبقي الاصول بتقول تقعدي معاهم انتي كمان شوفتي واحده منهم فتحت بقها بحرف واحد غيرك انتي؟ شوفتي واحده منهم سابت الستات بره وجت تقعد مع الرجاله غيرك؟
اسيف بعدم اعجاب :
– كلامهم ومواضيعهم مملة مش بيتكلموا في حاجه غير الطبخ والتنظيف ايه زهقت
قال ليتذكر سريعًا عندما تحدث احد عن الاطفال وعدم انجابها حتي الان اجابت انها لا تود الحمل الا بعد اربعة سنوات حينما تطرقت الى هذا الموضوع بحديثها مع راجل كبير السن واثارة غضبه فهتف بغيظ:
– وايه كمان موضوع هنخلف بعد خمس سنين ده؟ انتي باي حق تقولي كده وبتقرري من دماغك من غير ما ترجعي لي؟
انكمشت حدقتاها باستخفاف من يعتقد نفسه، و من اي اتت هذه الثقه انها ستستمر بعلاقتها معه بعد طال الخمس سنوات :
– في ايه مالك انت مكبر المواضيع ليه؟ مجرد سؤال ورديت عليا
قال بجدية تامة :
– اسيف اسكتي خالص انا طول القعده وانا ماسك نفسي بالعافيه ولكن للصبر حدود, بسبب تصرفاتك دي انا ما بقتش فاهم اللي بيدور في دماغك بالضبط, انتي قصدي تحرقي دمي وخلاص على راي ماما بنت البندر ومش فاهمه الاصول في الصعيد شكلها ايه
عقدت حاجبيها باستنكار بحده :
– هو انت كل شويه انت وامك تقول لي مش عاجبك اخلاق بنت مصر، ولما هي كده كنت اتجوزتني ليه؟ ما كنت اتجوزت من الصعيد وريحتني وريحت نفسك
قال جلال بصرامة:
-انا ما قلتش اني بنات مصر مش محترمين بالعكس انا لفيت كثير و كل بلد فيها المحترم والوحش، والأصول مش بترجع للبلد لا للبيت اللي اتربى فيه
لتتسع عيناها باجفال :
– انت قصدك ايه بكلامك ده؟ قصدك ان انا مش محترمه؟
قال ببرود يغلبه بعصبية:
– والله بقى كل واحد ادري بنفسه؟ تصرفاتك كلها غلط في غلط والتصرف اللي انتي عملتيه من شويه انك تقعدي مع الرجاله وتسيبي الحريم بصراحه يدل على كده
هدرت اسيف بحده طمسته بنبرة مرتفعة:
– انا محترمه غصبا عنك سامع؟ وانا لو مش محترمه زي ما انت بتقول كنت قعدت مع الرجاله وانت مش موجود لكن انا قاعده معاك انت هاه مش مع رجاله زي ما انت عمال تقول وطالما انت شايف ان انا مش محترمه كده يا ريت دلوقت حالا ترمي عليا اليمين, وما تجبرش نفسك تعيش مع واحده مش محترم، بدل ما اسيب البيت تاني بس المره دي مش هرجع تاني
قال جلال باصرار:
– اسيف لو فاكره نفسك هتعرفي تمشي زي المره اللي فاتت من ورايا تبقي غلطانه, عشان المره دي عامل حسابي ومأمن نفسي, وثاني حاجه انا ما قولتش انك مش محترمه وما تترجميش كلامي غلط، انا انتقدت تصرفاتك وقلت انها غلط، وانا لو شاكك ثانيه واحده انك مش محترمه مش هاستناكي تطلبيها مني
وكما يبدو انه نجح في اثارة حنقها بكل سهولة لترضخ بروح عنيدة ومقاومة لكلامه ثم قالت بنبرة حادة:
– والاثنين بالنسبه لي معناهم واحد وماشي يا جلال اذا كنت مش هعرف اسيب البيت يبقى اشرب اللي هعمله فيك عشان اعرف احاسبك على كلمتك دي كويس
جلال بسخرية:
– هو انتي اللي غلطانه وكمان هتحاسبني اطلعي علي اوضتك يا اسيف ربنا يهديك
***
كانت في الخارج فرحه التي في عالم اخر حتي تساءلت احد من النساء بفضول:
-الا جوليلي يا فرحه هو ما فيش حاچه جايه اكده في السكه, عيل يعني ما تاخذنيش في السؤال اصل بجيلك فوج السبع سنين متجوزين وعمري ما سمعت انك حامل؟ اوعي تكوني يا حبيبتي انتي اللي مش رايده ديه راچل برده وبجي عمده البلد واكيد محتاچ مساعده و عزوه وعيال كثير وراه, يساعدوا بدل الغريب
كزتها سيده اخري في جانبها بضيق هامسه في اذنها بانها لا تنجب فشهقت السيده وصمتت باحراج.
اما فرحه استمعت الي الحديث ولم تعلق على كلامها وصبّت تركيزها في ذراعيها التي تضمها الي صدرها محاوله تدفئة نفسها من البرودة التي اصبحت حولها يوترها الاجواء يثير تخفرها ببطء غير ملحوظ جف حلقها و قلبها يؤلمها بشده ارتسم ظل ابتسامه علي ثغرها في ماسيها امام عيني الجميع الثاقبة كعيون الصقر عليها، متناسيه اصطناعها للالم وهي تشعر به خيط سميك يلتف حول رقبتها بشده ويكتب نهايتها فيقفز ذلك الشعور الطاغي الذي اولد داخلها و يلازمها ايضا الشعور بالذنب والذي اصبح يتاكلها كثيرا هذه الايام بان توافق على زواج عيسي؟
***
الكذب هو تلك الصفة التي تجمع بين الالف الصفات الضغينه تجمع بين الكره والرياء والنفاق وقله الثقة نعم تجمع بيه كل هذه الصفات من يكذب عليك لا يحبك يتظاهر بالحب اليك وينافقك فلا يوجد علاقه اساسها الكذب واذا وجدت سوف تنهار لان الكذب يدمر كل من يحيطك وفي النهاية سوف تكتشف لان وصال الكذب قصيره وحينها ستفقد كل شيء ومن ضمنهم روح لذلك يظل من ابشع الصفات (خواطر ميرو)
***
– ايوه يللي بتخبط جايه
هتفت بها ام محمد خاله جميله لتتفاجا بجميله امامها ورفعت النقاب لتقول بدهشة وسخرية:
-جميله والله لسه فيكي الخير لسه فاكره تيجي تزوري خالتك؟ وعلى كده عرفتي البيت لوحدك ولا العز اللي شوفتي هناك نساكي
تنهدت جميله بهدوء وهي تدلف واغلقت الباب خلفها لتجلس خالتها اعلي الاريكة تقطع حلقات البطاطس وقالت جميله بخفوت:
– قاعده لوحدك ولا جوز خالتي نايم جوه ؟
اجابت دون النظر اليها:
-لا يا اختي راح يفتح الدكان ويشوف اكل عيشه امال هناكل ونعيش منين هنستنى جنابك تحني وتدينا حاجه ولا نشحت منك؟
رفعت عينيها لها ببجحه قائله بغل:
– مالكي حق بعد ما عشتي عيشة الملوك هناك هناجي في دماغك حتي ولا تفكري فينا اصلا
عايشين ازاي ولا محتاجين حاجه ما طمرش فيك تربيتي
ضغطت على اسنانها بعنف هاتفة بضيق ينذر بالشر:
-انتي ما قلتليش محتاجه فلوس انتي قلت لي روحي اسرقي جوزك على العموم مش ده موضوعنا, مش ده اللي جايه عشان اسالك عليه
لتردف بهدوء غائم:
– كمان جايه عشان عاوزه حاجه انا قلت برده كده خير
اغمضت عيونها بقسوة تبعد غشاوة دموع سيطرت علي عيونها الحانية التي ارهقت منذ ايامها الفتيه قائله:
– هي كلمه واحده وعاوزه اجابه بصراحه ، انتي كنتي عندك خبر ان انا كنت لسه انسه و ابنك طول فتره جوازنا ملمسنيش خالص و كان بيوهمني ويحطلي في العصير منوم وقبل ما تحاولي تكدبي او تلاقيلك مخرج انا جايه هنا وانا متاكده انك تعرفي الموضوع ده من زمان ،ابنك عمره ما كان بيخبى عنك حاجه و كل اسراره كانت معاكي انتي بالذات اول باول فهاتي من الاخر وما تحاولش تكذبي عليا
اتصدمت خالتها من حديثها رغم انها كانت تتوقع بان سوف ياتي هذا اليوم وتعرف الحقيقة ومن اول زوجها ايضا كانت تنتظر لكن لم تاتي وقتها جميله وتسال توقعت بانها لم تنكشف امرها, لتترك ما بيدها وتنظر لها قائلة باستفزاز حاده:
-احترمي نفسك وما تنسيش ان انا اللي ربيتك وانا مش كذابه ولو كنتي سالتيني ولا كنت هلف ولا هدور و ايوه يا جميله محمد عمره ما لمسك ولا لمس غيرك لانه كان عنده عجز
ليطغي عليها احساس كبير بالالم هي مرهقة مستنزفة تمامًا منذ ايام وهي لا تعلم ما هو مذاق النوم تود ان ترتاح جسديًا ونفسيًا ولكن اين هي الراحة في حياتها فهي مليئه بالصدمات شحوب وجهها تود ان تصرخ بالالم والحزن وذلك بدى واضحًا لعيونها تساءلت جـميـله بصعوبة:
– تعرفي الكلام ده من امتى؟ قبل ما يتجوزني ولا بعد؟
قالت بلا مبالاة:
– لا قبل ما يتجوزك كان متجوز واحده قبل منك في السر من ورانا
تحشرج صوتها وانهارت تمامًا ودموعها تنصب بحرارة على خدّيها:
– انتي بتقولي ايه محمد كان متجوز قبلي انا اول مره اعرف الكلام ده
لتقول باستفزاز:
– ولا احنا يا اختي كان متجوز واحده عرفي حبها في الجامعه بس كانت اعوز بالله واحده عينها بجحه ومتربتش لما محمد ما عرفش معاها فضحته في الجامعه كلها و جاي يقول لنا بعد ما الفضيحه حصلت ،عشان كده ساب الجامعه وطلقها
هدرت بوجع وهي تحرك يديها بانفعال انثى مجروحة:
– انا كان لازم اعرف الكلام ده كله من قبل ما يتجوزني مش اتختم على قفايا ويضحك عليا بدل المره عشره وافضل طول السنين دي كلها فاكره نفسي مدام واتفاجئ بس من يومين ان انا لسه انسه ده غير المنوم اللي كان بيوهمني بيه ان كانت في علاقه ما بيننا وانا متاكده انك كمان كنتي مشتركه في ده وعارفه كل حاجه عشان لما كنت بحاول اسالك كنتب بتزعق لي وتقعدي تغلوشي علي الكلام ..ده اسمه غش انتم خدعتوني
هتفت بضيق ونفاذ صبر:
– ما خلاص مالك مكبره الموضوع كده ليه؟ ما اللي حصل حصل وبعدين كنتي عاوزاني اعمل ايه؟ اروح اقول لك ان ابني عاجز جنسـ** عشان تفضحيه زي الهانم اللي اتجوزها قبل منك, انا ما عملتش حاجه غلط اي ام مكاني كانت هتعمل كده, حتى انتي لما ربنا يرزقك بعيال هتعرفي قيمه الضنا
ارتجف جسدها وتاوهت روحها وهي تسترجع الرعب والقلق والتوتر في حياتها السابقه التي تنفست في طياتها وقالت
– عيال اه مش انا برده المفروض مش بخلف حتى دي كمان لعبتوا باعصابي بيها انتي عارفه ان في اليوم الواحد بس كنت بحس بوجع اد ايه وعذاب, من كل حاجه.. كنت بحس باهانه من معاملتك معايا انتي وجوزك وكنت بحس بقرف و وجع من اللي كان بيعمله ابنك المريض فيا لما كان بيضربني ويطلع شكوكو المريض فيا.. انا بس عرفت دلوقتي كان بيعمل كده ليه؟ حتى حرماني من اني اخلف حته عيل وخليتيني عايشه في عذاب اني عمري ما هكون ام؟ وفوق كل ده بتقولي لي عادي اللي حصل حصل
اجابت ببرود قائله بقسوة:
– ايوه اللي حصل حصل وبلاش تركزي في التفاهات ما انتي بقي على قلبك فلوس قد كده من جوزك وربنا عوضك اهو
هتفت بصوت حزين جدا ملئ داخلها طوفان من القهر:
– لكن كنوز الدنيا كلها قصاد اني ابقي ام واسمع كلمه ماما اللي حرمتيني منها من سنين انتي وابنك، وانا بكلم مين اصلا انتي واحده مريضه والطمع والجشع مالي عينيك كل اللي همك الفلوس وبس مكفكيش اللي عملتيه فيا زمان واللي اخذتيه مني جايه كمان طمعانه لسه فيا
جزت علي اسنانها بضيق شديد وقالت:
– ما تحترمي نفسك يا بنت ايـــه؟ من ساعه ما دخلتي عماله تقلب ادبك وانا ساكتلك, ما خلاص موضوع وعدي عليه سنين عماله تفتحي في القديم ليه؟ واتفضلي بقى بره من غير مطرود عشان صدعتي دماغي بكلام اهبل زيك
تابعت بحده وحذر:
– بدل وعزه جلاله الله اروحك لجوزك من غير ملامح وامد ايدي عليكي زي زمان
هاجم الضعف كيانها لتنتفض روحها وتصرخ بلا هي ليست ضعيفة الان كما في السابق هي قوية ولكنها لا تستطيع ان تفعل اي شيء الان لان هي بالاحري فرد من العائلة لذلك هي مقيدة لكن هي خالتها لا تفعل حساب لذلك يكاد ان تفقدها صوابها
جالت عينيها حولها واعتلت الابتسامة المريرة ثغرها لتقول باصرار :
– ما تقدريش عارفه ليه؟ عشان اللي قدامك دلوقتي مش جميله بتاعه زمان اللي زرعتوا فيها خوف و جبن وضعف؟ والي عملتي فيا مش هعديهولك علي خير و هاردلك كل حاجه عملتيها فيا زمان ودلوقت
صاحت بغضب شديد وهي تقترب منها ترفع يدها لتضربها مثل سابق:
– لا ده انتي عايزه تتربى بجد
لتمسك يدها بقوه ابعدتها بعنف هاتفه بصوت صارم:
– قلت لك ما تقدريش واوعي تفكري ثاني مره تمدي ايدك عليا سامعه؟ وبعدين انتي من شويه كنتي بتقولي لي اطلعي بره بيتي هو في حد في الدنيا بيطرد حد من ماله و بيته
اتصدمت من حديثها فلم تتوقع أنها تعلم شئ هكذا لتقول بتوتر واضح:
– بيت مين يا هبله انتي ده بيتي انا وجوزي و الدكان كمان
طفح بها الالم وهي تبتسم و سخرية من المها:
-بطلي كذب عشان انا عارفه من زمان قوي ان ابويا ما اكتبلكيش حاجه ولا انتي ولا جوزك ولا حتى الدكان اللي جوزك عمال يبيع ويشتري فيه بتاعي انا ده ورثي انا من ابويا وامي الله يرحمهم وانتم اخذتوا بالنصب
نظرت لها بصدمه وهتفت بتلجم لا تعرف ماذا تقول:
-جبتي التخاريف ده منين ما فيش حاجه قلتيها صح طبعا ابوكي الله يرحمه كتب لجوزي كل حاجه بيع وشراء
جميله بحده وثقه:
-طب لو فرضنا كلامك صح فين الورقة اللي تثبت ان الحاجه دي ملككم انتم
ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة من الخوف والتوتر: -ورقه اه في ورقه اكيد بس عمك شايلها فين معرفش هو على طول كده بيضيع الحاجه بس اكيد هنلاقيها
رفعت عينيها الغاضبتين وثبتتهما عليها بغضب: -ما قلت لك بطلي كذب بقى, انا شوفت العقد بالصدفه مره مع محمد قبل ما يموت وقرات اللي فيه ساعتها وكان يثبت ان الشقه مكتوبه باسم ابويا يعني دلوقت مفروض تبقى بتاعتي انا مش انتم يعني انا دلوقتي ممكن اطردكم في اي وقت من البيت والدكان
اخشن صوتها وهي تستانف:
– وعلى فكره انا ما اتصدمتش وقتها ولا حاجه عشان كنت شاكه في كده من الاول اصل ابويا هيعمل كده ليه؟ وهو عارف اني ما ليش حته اقعد فيها من بعده ما هو بالعقل كده هيكتبها باسم جوزك عشان اترمي في الشارع يعني انتم كنتم طول السنين دي كلها عايشين عال عليا وعلى فكره انا مش كنت ساكته عشان ضعف لا انا كنت ساكته عشان انتم في الاخر اهلي وما ليش غيركم بس طلعتوا ما تستهلوش حتى يتقال عليكم اهل
ثارت خفقات قبلها بذعر وعقلها يصور لها مشهد رحيلها من هنا لتتراجع سريعا قائله بتلعثم وكدب :
– جميله حبيبتي ما تفهمنيش غلط ده عمك الله يسامحه هو اللي ضحك عليكي وقال كده وضحك عليا انا كمان, بس انا لما عرفت زعقت له وقلت له ايه اللي انت عملته ده, قال لي غصبا عني كنت خائف انك تطردينا واحنا ما كانش لينا مطرح والايجار زاد علينا و الراجل صاحب البيت طردنا انا وعمك و محمد ساعتها والمصنع اللي كان شغال في عمك فلوسه على القد ما كنتش مكفياني اضطر يعمل كده ويقول ان ابوكي بائع البيت والدكان بس انا قلت له غلط اللي عملته جميله بنتني انا اللي مربياها ومستحيل تطردينا صح يا حبيبتي
نظرت إليها باشمئزاز ولم تتردد ابدًا وهي تستهل بكلامها كانت مصرة على التخلص من وجودها في حياتها بالكامل و….
__________
نظرت اليها باشمئزاز ولم تتردد ابدًا وهي تستهل بكلامها كانت مصرة على التخلص من وجودها في حياتها بالكامل :
– لسه بتكدبي و بتحورى فى الكلام, طول عمره جوزك بيمشي وراه كلمتك انتي و رايك انتي زي ما كان بيعمل ابنه بالضبط و لمعلوماتككمان لو كنتي صريحه معايا من الاول وقلت لي ان ابنك عيان مكنتش هفضحه بالعكس كنت هاساعده وبرده لو كنتي محتاجه فلوس او مكان تعيشوا فيه برده كنت ها ساعدكم بس انتي للاسف ما عملتيش كده ومش كنت هرميكو ولا افضح ابنك زي ما انتي بتقولي وعلى فكره مش دي اسبابك اللي انتي عملتي فيا انتي عملتي كده عشان انا ولا بهمك ولا اعينيلك حاجه مجرد واحده حسها طول الوقت عبء عليكي وعاوزه تخلصي منها
هزت راسها سريعا برفض قائله بارتباك:
-اا لا لا طبعا مش صحـ..
همست بنبرة واهنة الا انها عازمة حازمة : -هشششش سمعتك و نفذت كلامك كثير طول حياتي كمان وكنت عايش في بيتي زي الخدامه ليكم كلكم وانا قلتها لك اول ما دخلت اللي قدامك دلوقت مش جميله بتاعه زمان انا اتغيرت كتير قوي كمان هو اسبوع واحد بس وتسيبي البيت والدكان انتي وعمي مش طايقه اشوف وشكم في حياتي كلها ولا في مكان بقى يخصني
اتسعت عيناها بذهول فتأكدت انها ليس جميله الذي امامها هي نفسها السابقه القطه المطيعه لتقول بصعبانه مصطنع:
– انتي بتقولي ايه يا جميله عاوزه تطردي خالتك في الشارع بعد كل اللي عملته معاكي ده انا ياما كنت بصرف عليكي وعمري ما حرمتك من حاجه و..
صاحت جميله بنبرة قوية:
– بلاش جو الصعبانيات ما بقاش ياكل معايا, وبعدين انا متاكده انك هتعرفي تتصرفي انتي وجوزك وتشوفلكم حته تقعدوا فيها بس بفلوسك انتم مش على حسابي انا
فكررتها بصيغة امرة صارمة قائله:
-اسبوع واحد بس يا خالتي ومش عاوزه اشوفك في بيتي ولا في الدكان زي ما قلت لك بدل ما تضطريني استعمل القوه واطلب البوليس
رشقتها خالتها بلهيب نظراتها الغاضبة وهدرت:
-هي وصلت للبوليس كمان ما انتي قليله اصل صحيح هتجيبي من بره ذي امك وابوكي بالظبط هقول ايه حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا جميله
= مالك يا اختي جايه وفرده ضلوعك علينا كده ليه؟ ما ليكي حق مش جوزك قواكي علينا وبقى ليكي بدل الجنيه الف و مايه ومليون كمان بصلنا في حته الشقه اللي لمانا انا وعمك حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل
لم ترد عليها وانزلت النقاب ورحلت للخارج و خالتها وراها تردد بغل وحقد حسبي الله ونعم الوكيل اكملت جميله سيرها ولم تلف او تجيب وهي خلفها علي السلالم تسب وتلعن بابشع الالفاظ فيها دون حياء او ادب حتي تساءلت احد الجيران قائله بفضول:
-مالك يا ام محمد في ايه
وقفت في الشارع تصيح بقصد لتسمع الناس وهي تقول بعصبية مفرطة:
– البنت يا اختي بعد ما مربيتها وصرفت عليها دم قلبي انا و عمها جايه تاخذ الشقه اللي حيلتنا و سترينه طمع وجشع بعيد عنك
صعدت جميله السياره التي اتت بها ليسأل السائق بعد ان لاحظ سب خالتها لها قائلا بحده:
-تؤمري بحاچه يا ست چميله تحب اروح اسكتهالك انا دياب بيه موصيني؟ اي حد يضايقك اوقفه عند حده
زفرت انفاسها الثائرة قبل ان تجيب بروح مكتومه:
– لا لا اطلع على الصعيد علي طول يلا وسيبك منها
***
وقف زين امام باب الفيلا وأخذ نفس عميق يتمني لو يملئ به ذاته و يفرغه بكل همومه و مخاوفه الي الخارج منذ عودته هو وزوجته نادين التي اصبحت في خناق وغضب دائما معه لسبب وبدون سبب لا يعرف لماذا اصبحت عصبيه جدا هذه الايام
حاول تجاهل الأمر وارتفعت شفتاه في ابتسامه يحرص الا تفارقه في وجودها ليدلف الي المنزل بهدوء وحرص, وجدها جالسه تشاهد التلفاز بنظرات يجزم انها تخترق ملامحها واضحة وانها لا تري حركه واحده مما يحدث من مشاهد احدي الافلام الاجنبية و عقلها منشغل بطرق جديده
هتف زين بهدوء مصطنع وهو يمر أمامها بهروب:
-مساء الخير يا حبيبتي
نظرت له بخضه ونهضت واضعه يدها علي صدرها و عيناها تلتمع بشوق تكتمه داخلها سريعا باحترافيه قاسيه فتدرسها عيونها المتربصة الملاحقة لكل رمشه تطرف منها لتردف بجمود:
-استنى هنا انت رايح فين؟ مش كفايه من الصبح وانا قاعده مستنيه جنابك ولا حتى الشركه جيت تمر وتشوفني عايشه ولا ميته ولا محتاجه حاجه انت كنت فين كل ده, لما انت ما جيتش الشركه كنت عند مين وبتعمل ايه؟
جز علي اسنانه بحده مكتوم فعلم بان شيجار اليوم قد بدأ الان, تجاهل نبرتها الجليدية وهو يقترب بهدوء مصطنع :
– في ايه يا نادين؟ هو انتي كل ما تشوفي وشي تقولي لي كنت فين وبتعمل ايه, هو انا عيل صغير قدامك هاتوه مثلا؟ كنت في مشوار يا ستي ارتحتي
كزت علي اسنانها بحنق بالغ بغيره عاميه لا تعرف متي زرعت داخلها:
– كنت في مشوار مع مين؟ واحده صح
عقد حاجبيه متسائلا بحده:
– افندم لا كده كثير نادين انا عمال افوت اسلوبك المستفز ده كتير ده انتي ولا اللي قصده تحرقي دمي كل يوم عايزه توصلي لايه من كل اللي بتعمليه ده انا مش فاهم؟
لتقول متسائلة باصرار قوي:
– ما تاخدنيش بالكلام و تحور عليا عشان تهرب من الاجابه ، وما تردش عليا سؤال بسؤال كنت فين ومع مين؟
نظر لها بحنق ليردف بحزم:
– طب بالعند بقى فيكي, ولهجه الامر اللي في كلامك دى مش هقول لك يا نادين
نظرت له بحزن هاتفة بقهر:
– يبقى كلامي صح وكنت مع واحده، قولها بصراحه يا زين تعرف واحده عليا مش كده
تطلع فيها زين بذهول قائلا دون تصديق :
– لا ده اتجننتي رسمي بتشكي فيا يا نادين واحده مين دي اللي اروح اقابلها وانا من امتي وانا ليا في السكه دي؟ ولا انتي اصلا من امتي بيهمك حاجه عني
هتفت بحسره حاده:
– ما تعملش فيها الملاك عشان ولا انت كمان تعرف حاجه عني, ولا مالي ولا محتاجه ايه فيا ايه ولا عايشه ازاي وانت طول الوقت هاملني
ليفقد زين ما تبقي لديه من صبر ليصيح بانفعال: -ولا انا كمان حد حاسس بيا ارحمني بقى انا تعبت منكم كلكم مش عاوزين الا حاجه واحده بس تمتلكوني وبس، ولو انا قصرت في حاجه فاانتي كمان قصرتي ، بلاش كل واحد يرمي الحمل عليا انا وبس وبتطلعوا نفسكم مش غلطانين، ما فيش حد فينا ملاك
ليزم شفتيه قائلا بجمود :
– قصر الكلام يا نادين عاوزه ايه عشان استريح و ترتاحي انتي كمان, ومهما يكلفني طلبك هعمل عشان اريحك
تشنج جسدها بتوجس و قد توترت كل عضله بها من صوته العالي المؤلم, لتتنفس ترغم انفاسها علي الانتظام وتتحدث مع نفسها :
-ساكته ليه قوليها مفهمتيش كل ده يقصد ايه من كلامه مش ده اللي كنتي عاوزه من الاول يلا اهي الفرصه جاءت لك لحد عندك ومن غير مجهود, اطلبي الطلاق يا نادين وريحي نفسك
نظرت له نادين وعقلها يعجز عن الاجابة, لتهرب من امامه بسرعه.
***
شعور قاسي بطعم مراره الذنب ملئ داخل روحها لتزفر محاربه دموعها وهي تحاول تمالك نفسها حتي انتهاء الجميع ورحل، مرت دقائق طويله علي قلبها لا احد يعلم ما في داخلها كما كان قاسي الانتظار اليوم و اسئلتهم من الجميع دون رحمه او شفقه حتي تنهدت بقوه قبل ان ترسم فرحه ابتسامه حزينة علي وجهها و رفعت عينيها عندما دلف عيسي ونظر لها بتراقب ، تطلعت فيه فقد هبطت دموعها مخلوطه بالم و غصه و غضب و حزن و الكثير من المشاعر التي يصعب وصفها و انزلت راسها ليقول بجدية:
– كنت فاكر حديد ليله ما طلعت من المشفي شغل عيال وراح لحاله لكن افهم من النظره دي ايه، ما عدتش فاهمك يا فرحه رايده ايه
قالت فرحه بخفوت وهي تمسح دموعها بمرارة: -رايده راحه البال يا ابن عمي للكل وانت اولهم؟
عيسي بسخرية:
– و راحت بالك في ايه يا فرحه؟
أغمضت عينيها لربط جاشها فتقول بقلب يعتصر من الألم:
-اتچوز يا عيسى اتچوز يا ابن عمي وهاتلك العيل الثاني اللي نفسك فيه؟ لازمنا تتچوز يا عيسى
شعر بعضلاته تتشنج و تقسي حوله ثم ترتخي بعد ثوان قليله قائلا بهدوء:
– انتي باين عليكي اعصابك تعبانه, معلش الايام اللي فاتت مرينا بحاچات صعبه، معلش كلها يومين وتنسى اللي حصل و تبجي زينه
نهضت بغضب فقد اخذت القرار وحسمته دون جدوي لاستفزازه قائله بصوت جليدي :
– انت فاهم جصدي زين يا عيسى كفايه هروب من الحجيجه اني مش بخلف وعمري ماعخلف في حياتي بجيلي فوج الـ 13 سنه متجوزه و مرتين كومان جبل سابج وعمري ما حصل حمل ولاحتي حمل كاذب ما انت مش عتفضل صابر طول العمر ومستحملني واني اكده اكيد عيجي يوم وتحن لعيل اني اهو دلوج بجدملك فرصه تريحك و تريحني و تشيل هم سنين و سنين لساتها چايه
صاح عيسي بعنف:
– هو اني كنت اشتكيتلك في يوم؟ فاكره لو نفسي في عيل ولا اتجوز عاستنى رايك حتي
اغمضت عينيها بقوه و كانه لم يستمع لحرف منها و لكنها استمرت غاضبه قائله:
– رايد تفهمني انك عمرك ما حنيت لعيل تاني لصالح ولا ليك, تعرف كلهم كانوا معاهم حج؟ اني كنت انانيه ومش بحس بيك, مش معنى انك ساكت مش بتتحدد اسوج اني فيها وخلينا في الواقع دلوج اني عفضل اكده و مش بخلف
نفخ بضيق شديد ليعرف بانها سوف تظل تتحدث وهو يرد دون جدوي ليهم بالرحيل بغضب للخارج مره ثانيه لتتقدم منه بسرعه تسحب يده وتصيح: -ما تحاولش تهرب يا عيسى من الحديد, طول عمرك بتحب توجه الناس مهما كانت اجوبتهم عتيجي عند مراتك وتهرب
ابعد يدها بقوه قائلا بحدة:
– انا مش بهرب و همليني
لتقول بحزن يغيم عيناها بشده قائله بحده:
– لا بتهرب يا عيسى ومش رايد تواجه الحجيجه ما انت في الاخر راچل و مينفعش تعيش مع واحده كيف الارض الـ..
هدر بحده قاطعاً حديثها وهو يدفعها قليلا وقلبه يحترق:
– ما هو عشان اني راچل مينفعش تجوليلي حديد كيف ديه وانا اوافج والاسطوانه الزفت معوس اسمعها ثاني ، اني خدت جراري وما ينفعش ترچعني فيه ولازمنا تحترمي سواء عاجبك او لاه اني مش عتجوز يا فرحه حطيها حلجه في ودانك عشان ترتاحي و تريحينا وماشي سايبها لك مخدره
اغلق الباب بقوه خلفه اما هي فقد استسلمت لدموعها الحارقه تنساب علي وجهها وتدعو في سرها انتهاء ذلك العذاب سريعا لتتمتم بحزن وقهر:
– ايه اتوجعتي كنتي فاكره نفسك جويه والموضوع سهل اكده بس واضح اني هتبدا لعذابي, اديني لا طايله راحه ولا طايله بعاد
***
اغلقت نادين الباب متنهدة بحسره قبل ان تلتقي عيناها بالاطار المعلق علي الحائط ، كانت هي بفستان الزفاف وزين ايضا مبتسمين بسعاده، لكن اين هي هذه السعاده الان؟ كان مجرد ابتسامه لاجل اطار لا اقل
رقت عيناها وحانت منها دمعه دافئة وهي تلامس بنظراتها من كان باب الحياة و السعادة التي لم يعرفوها طول حياتها الزوجية ، ليتم انتشالها من بين يديها دون حق لكن من السبب في كل هذا .. هي ام هو ام الاثنين معا؟
خرجت منها اااه تحمل بين طياتها الكثير و الكثير توجهت الي فراشها مقرره التخلي عن بؤسها واراحت ظهرها الذي يقتلها واصابع قدمها المستغيثة المطالبه بالراحة ، ما ان استقلت حتي دق هاتفها يعلن وصله رساله اتسعت عيناها وهي تري زين يرسل لاسيل
ابتسمت ساخره من الحال الذي وصلوا له هما الاثنين، فهي تركته في الخارج وهو لا يطيق النظر لها او الحديث معها، حقا فقد قرات ملامحه وجهه الواضحه تجاهها, والان يريد التحدث معها والاحتياج اليها لكن كفتاه اخري
لا تدري لما شعرت باختناق كاسح او الكره نعم الكره والغيره تجاه اسيل تلك الفتاه الوهميه التي أدخلتها في حياه زين وحياتها ، نزلت دمعه نافره قبل ان تمسحها بقسوة وترفع عيناها نحوه الهاتف ترسل بابتسامه خاليه من التعبير:
-ازيك يا زين عامل ايه
-مش كويس طبعا ومحتاج لك قوي وانتي مختفيه ومش عارف اوصل لك ، اسيل هي كلمه واحده نمرتك تبعتها لي دلوقتي حالا, انا مش بقدر استحمل لما تختفي مش بتردي عليا, وميت فكره بتيجي في دماغي ليكون حصل لك حاجه، اسيل المره دي انا مصمم ابعتيلي نمرتك
هرب الحزن من عينيها وتحاولت لغيره شديدة و راسها المطرقة وهي تتحرق شوقا ، يعترف باحتياجه اليها لكن المقصود اسيل وليس هي تجمدت ملامحها تفكر في حديثه و هي تردف بهدوء اصطناعيه :
– حاضر هبعتلك نمرة تليفوني دلوقت حاليا
***
طرقت اسيف الباب علي جناح عيسي حتي سمعت صوت فرحه تسمح لـها بالدخول:
-ايه يا فرحه حابسه نفسك في الاوضه من الصبح كده ليه؟ وكمان ما بقتش بشوفك غير فين وفين انتي كويسه في حاجه حصلت
نظرت لها فرحه وعقلها يعجز عن الاجابة لتردف قائله:
-لا ابدا ما فيش حاچه تسلمي على السؤال يا خيتي
قالت وهي تنظر الي عيون فرحه بنصف ابتسامه وتلمس كفها بحنان بالغ قائله:
– متاكده يا فرحه ان مافيش حاجه هو احنا برده مش اكتر من اخوات طب بتخبي عني ليه؟
ابتسمت لها فرحه بعيون حزينة وهي تحاول تغير الموضوع حتي لا تكشف امام اسيف الكثير والكثير مما يحدث في حياتها قائله :
– والله ما بخبي ولا حاچه؟ بس حديدي مش عيفيد بحاچه
تنهدت اسيف لتقول بحنان:
– طب انا مش هضغط عليكي اكثر من كده بس وقت ما تحبي تتكلمي انا موجوده
***
اسند زين راسه علي الأريكة بالجنينه قائلا بابتسامة حلوه:
– بس تعرفي صوتك حلو في التليفون زي ما توقعت
كانت نادين تجلس بداخل غرفتها بالمنزل وبالطبع غيرت صوتها عن طريق تطبيق هاتفة بخفوت: -وانت توقعت ايه بقى
هتف زين بشوق لا يعرف لماذا يشعر براحه كبيرة وأمان عندما يتحدث معها واصبح معتاد على هذا: -توقعت انك جميله قوي يا اسيل من جوه ومن بره
قالت نادين بحزن عميق وهي تتذكر حديثه معها منذ قليل:
– مش قوي كده على راي حد لسه سامعه من شويه ما فيش حد ملاك فينا
-صح بس في ناس كده ربنا بعتها في طريق ناس تانيه تساعدها وبنقي محتاجينهم بجد بس تعرفي حاسس صوتك حزين، ممكن اعرف السبب؟
حمحمت نادين قائله محاولة تبدو طبيعية:
– لا ما فيش عندي دور برد بس وبعدين مفروض انا اللي اسالك مال صوتك وطريقه كلامك معايا في حاجه
تنهد زين بعمق شديد وقال بيأس:
– اهو تعبان شويه بس بحاول اتجاهل واعيش موال كل مره اتخانقت مع مراتي وبرده من غير سبب، انا بقيت احس انها بتكرهنى ومش عاوزه تشوفني في حياتها, مع اني مش فاكر عملت لها اي حاجه خالص الايام اللي فاتت
قالت بلهجة عتاب كم تتنمي قولها وهو امامها: -ما فيش حد بيكره حد ولا بيشيل منه من غير سبب يا زين دور انت كويس ممكن تكون مزعلها في حاجه
زين بحزن:
– هو ليه دايما الكل شايف ان انا غلطان على طول, انا ما عملتلهاش حاجه بجد يا اسيل
قالت وسط دموعها بالم:
– مش ممكن يكون سو تفاهم او عملت حاجه وناسيها
زين يتذكر:
– احنا كنا اصلا في البلد عند اخويا في الصعيد, عشان تعب وبالعكس هي كانت كويسه معايا جدا وانا كنت مستغرب ده قوي
تساءلت نادين بصدمه وارتباك:
– ليه هي عمرها ما كانت كويسه معاك قوي كده؟
زين بحسره:
– هتستغربي لو قلت لك ايوه, انا كل ما احاول افتكر اي لحظه حلوه حصلت ما بينا كانت حلوه مش بلاقي
أغمضت عينيها بقوه والدموع تنهمر من عينيها لا تعلم من الصح بينهما هاتفة بمرارة:
– احساس انك تكون مظلوم من حد عزيز عليك وحش قوي يا زين, رغم انك ما ظلمتوش زي ما هو فاكر، انت بس كنت عاوز احسن واحد في الدنيا
ابتسم زين بحزن وقال بقهر:
– طب جربيتي بقي احساس اوحش انك بيتفرض عليكي كل حاجه بالغصب ومن غير راي اصلا, الظاهر ان ما حدش فينا مرتاح فعلا يا اسيل
***
كان يقف عيسي وهو يعقد عمامته جيدا حول راسه ليخرج اصبح لا يطيق الجلوس مع فرحه وهي بهذه الحالة وحديثها حول الزواج والانجاب كانت تجلس هي بالخلف علي المقعد وتنظر له باهتمام
حتي نهضت من مكانها عندما قام هو بفتح الباب ليخرج لتقف أمام الباب تمنعه من الخروج, نظرت الى عيسي الذي كان ينظر لها ببرود مصطنع وهو يلاحظ احمرار عينيها من كثرة البكاء ولكن رغم ذلك مازالت فى عينيه اجمل فتاة قد رأتها عيناه: -بعدي يا فرحه عن طريجي؟
نظرت فرحه له وقالت بهدوء مزدوج بالضعف : -مش جبل ما تجول لي هو انت هتتجوز ميتى؟
جز علي اسنانه بحده وقال بصرامه:
– ومين جال ان اني عتجوز اصلا؟
هتفت فرحه بهدوء وهي تنظر الى الارض وهي علي وشك البكاء :
– اني اللي بجول اكده عشان ديه اللي لازمنا يحصل العمر عمال يجري و انت مصيرك تكبر وتحتاج بدل العيل اثنين وثلاثه, محتاج عزوه واهل من صلبك
نظر لها دون حديث و وقفت فرحه امامه وقالت وهي تنظر الى عينيه بضعف و بروح متقطعه:
– واني مستعده ادور لك بنفسي علي عروسه كومان على فكره ديه مش حديدي اني بس ديه حديد كل الناس بشوفه كل يوم في عيونهم ديه غير مرات عمي عتفرح جوي لما تعرف انك هتتجوز
اقترب منها ناظر اليها بحنان يمسح دموعها وقال بعتاب:
-نفسي اعرف بتعملي في نفسك اكده ليه يا فرحه؟ لما انتي مش جادرة على العذاب ديه بتعذبي نفسك و روحك اكثر من اكده ليه؟ بتزودي فوج عذابك اطنان ليه يا بنت الناس؟
فرحه بمرارة:
– عيسى ارچوك وافج وارحمني مش عجدر اعيش اكثر من اكده وانا كل يوم بيعدي عليا بحس اني بضعف وروحي بتطلع من مكانها بالبطئ مش عاجدر على تانيب الضمير ديه كثير, انت مش حاسس باللي چوايا؟
– لا عارف وحاسس بيكي عشان اكده؟ مش موافق علي اللي انتي رايده يا فرحه
كان ينطق تلك الكلمات وهو يعبث بازرار عبايتها التي علي شكل فستان ورديه وهو يكشف عن جسدها خرجت منها شهقة لم تكتمل وهو يرفعها بين ذراعيه و يبتلع تلك الشهقة بين شفتيه.
كان يدور بها او انها فقط من تشعر بالدوار بسبب تلك القبلة، امسكت كتفيه بقوة وهي تشعر بالسقوط و كانها سفينه تهوي في الفضاء بلا ربان..خرج عن طور الهدوء و التروي معها ولم يستطع مقاومتها وهو يشعر بها مستسلمة بين ذراعيه لتهون عليه جنونه بانه ليس الوحيد العاشق الهاوي بينهم ، لا يدري كيف و متي انتهي بهم الامر يتسابقون مع الرياح في سباق الحب و لمسات الشوق و همسات الغرام، دارت بهم الدقائق او الساعات وانتهي سباقهم الخاص بتضخم قلوبهم برضا و انهاك ، استقرت بين ذراعيه تمسكه بقوة وكانه سيختفي
ابتسم وهو يضمها له و ماهي الا دقائق حتي ابتعدت وهبطت قدمها العاري علي الارض الباردة وهي تلف المفرش حول جسدها ودلفت الي المرحاض ، لا تعلم كيف وصلت فرحه معه الي فراشهم وانتهى بها المطاف وهي بين ذراعيه اغلقت خلفها الباب محاوله التقاط انفاسها من هول مشاعر يفرضها عليها و تغيب عقلها للاستسلام اليه ، لكن بالطبع الاستسلام، اليس هو الحبيب الذي دام حبها له سنوات عديدة قبل حتي ان تتزوجه ؟
أغمضت عيناها بقهر وهي تعيد السنوات السابقه التي قضيتها زوجه له ، كم عاشت بها اسعد اوقاتها معه و كم سعي لاسعادها و حمايتها خاصة من تحكمات والدته المؤلمة عند ذكر الانجاب او نعتها بالارض البور فيزبد قلبها رويدا رويدا بالحب و الوجع.
شعرت بحزنها يعود بحده و يتجمع خلف جفونها بالم ، لتتخذ القرار بان لابد تصر عليه حتي يتزوج بأخرى ويحصل علي الابن الثاني الذي تتمناه امه و يتمناه هو في السر كاي رجل من صلبه هو فقط حتي ولو علي حسابها حتي لو سوف يصبح الحزن و الالم والقهر يلازمها طول العمر .
اما عيسي فاطبق علي اسنانه بشده علي شفتيه يتنفس بعنف وهو يتذكر وهي تفيق من دوامه عشقهم لترمي بالرفض و الاشمئزاز في وجهه، يعلم انها لم تتعمد ذلك ولكنه لا يستطيع ان يبعد ذلك الشعور بالاهانة لرجولته و الحرقة بداخله .
زفر بغضب وهو يضغط بكفيه علي عينيه وبداخل عيسي الكثير من الاسئله فهو كان يشعر بالصدمه قليلا فكيف تحولت من قطه مرحه الى قطه وديعه وهادئه وايضا تتعامل مع موضوع زواجه من اخري بهدوء والان عندما اقترب منها ابتعدت عنه باشمئزاز, كم اوجعت فرحه بهذا الفعل وله الحق كامل فاي رجل مكانه سوف يثور من فعله هكذا، لكن هو ليس اي رجل بالنسبة لها بلا هو عيسي الروح والقلب, وهي اصبحت الان معذبة قلبه.
***
وصلت جميله الي المنزل وما ان فتحت الباب وتقابلت عينيها بعين دياب مطولاً حتي اقتربت منه واترمت بحضنه و اجهشت جميله في البكاء بحرقه, استقبلها وضمها بترحيب شديد ليهديها قائلا بتفهم:
– بس كفاياكي بوكي عاااد دول مايستهلوش ولا دمعه واحده من عينيك عشانهم
شعرت حزنها يعود بالم ، لتقول بمرارة:
-مش قادره يا دياب دول مستحيل يكونوا بني ادمين هم بيعملوا فيا كده ليه انا عمري ما عملت لهم حاجه وحشه اذوني كثير قوي
ليميل عليها يخطف قبله من وجنتيها الحمراء محبطا محاولتها بالبكاء منها ليقول بحنان:
– حجك عليا اني معلش ما اني جلتلك اروح معاكي و انتي اللي ما ردتيش طب اهدي اكده وصل على النبي واحكيلي اللي حصل
أغمضت عينيها الذابلة بقوه والدموع تنهمر من عينيها راغبه في نسيان كل ما حدث او تفقد الذاكره حتي لكن هذا هو الواقع وقدرها الان
***
في القاهره بداخل مكتب نادين كانت تجلس اعلي المقعد تعمل باهتمام فاصبح العمل كله علي راسها هي سافرت مع زين الي الصعيد لتصبح جانبه وهو كالعاده مشغول في الرسم ولا يهتم بالعمل.
تنهدت نادين بقوه وارهاق فهي اصبحت اكثر من ساعات تعمل حتي تفصل عن التفكير قليلا عن حياتها مع زين، ثم استمعت الى صوت هاتفها لتجيب بعد ان غيرت الصوت:
– ازيك يا زين عامل ايه؟
اجاب وهو يجلس بالمنزل بداخل ورشه الرسم بابتسامة:
– وحشتيني اوي تعرفي احلى حاجه انك بقيتي الايام دي وقت ما بعوزك الاقيك على طول عرفت ان كان احسن نتكلم في التليفون احسن من الرسائل والشات
اغمضت عينيها بالم شديد فاصبحت تكره هذا اللعبة وتريد ان تنهيها في اقرب وقت لتقول:
– اه طبعا
-طب مش ناويه تسمعي كلامي بقى ونتقابل احسن انا نفسي اشوفك قوي يا اسيل
اسيل تلك الفتاه الوهميه التي اخترعتها هي بنفسها، و ادخلتها حياتها لتنهي علاقتها مع زين! لكن اصبحت الان تريد التخلص منها باي شكل، و الساخر في الموضوع غيرتها منها ايضا اجابت بتوتر:
– يعني لما تشوفني هتستفيدي ايه ادينا بنتكلم علي التليفون ونطمئن على بعض
هز راسه برفض قائلا:
– لا طبعا هيفرق معايا كثير وبعدين انا نفسي اشوفك عشان ارسملك صوره
ضغطت على يدها بعنف هذا الذي كان ينقص ايضا هتفت بغيره:
– ما انت اصلك بعيد عني انت في محافظه وانا في محافظه تاني
قال زين بتذكر:
– ايوه صح انت قلت لي انك في اسكندريه، بس برده لازم اقابلك وخصوصا الايام دي
نادين باستغراب:
– ليه ؟ اشمعنا الايام دي ؟
تنهد زين مجيب بتوتر وقال بصوت جاده:
– بصي يا اسيل انا كنت بفكر في حاجه، بقالي كام يوم لازم تعرفيها طبعا عشان هي تخصك زي ما تخصني بس قبل ما اسمع رد او اقولها لازم تبقى متاكده اني مش بطلب منك الطلب ده غير وانا متاكد من مشاعري و ان عاوزك و محتاجلك في حياتي بجد
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بحيره:
– انا مش فاهمه حاجه عاوز تقول ايه؟
حمحم زين قائلا بهدوء:
– تتجوزيني يا اسيل؟
صعقت نادين بصدمه كبيرة وصمتت لتستوعب ما قاله لتهتف بصعوبة شديدة:
– ومراتك
قال زين بجدية:
– هطلقها هي كده او كده حياتنا كانت شبه مستحيله مع بعض و الايام اللي فاتت نادين ما كانتش طايقاني وعلى طول في خناق وشكلها كانت بتعمل كده قاصده عشان اطلقها وانا متاكد هتفرح بالخبر ده وده اللي كانت عاوزه من الاول اننا ننفصل .
** ** **

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى