روايات

رواية بيت السلايف الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل الثاني عشر 12 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء الثاني عشر

رواية بيت السلايف البارت الثاني عشر

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة الثانية عشر

هدر دياب بعصبية مفرطة وغضب شديد منها وهو يقترب منها ليمسك ذراعيها بقوه لدرجه نهضت من علي الفراش :
– بس بجى كفايه كدب انتي ايه يا شيخه ما عندكيش دم ولا كرامه كيف تسمحي لواحده كيف دي تجل منك و تهينك بالشكل ديه لا وكومان تحرج يدك وكل ديه و ساكته واعرف بالصدفه من الخدم اللي في الدار طب ليه، اني نفسي اعرف حاچه واحده بس بتسكتي ليه؟ ماسك عليكي زله ولا في ايه بالضبط حكيتك ؟
تقلص وجهها بالم رهيب ليس بسبب حديث دياب الذي يقف امامها و يثور بها لا لم يكن ذلك سبب الالم المرير الذي سافر الى قلبها ليغلفه ويكتمه بل بسبب ضعفها وكيف يراها الان في نظره؟ لكن ها هي منذ الصغر وقد اصبحت ضعيفه ولا تستطيع الدفاع عن نفسها.
رفع حدقتيه بجمود الى جميله الذي يكاد يحرقها بنظراته يحاول ان يقرأ ما تفكر به يحاول تفسير الالم الذي نطق به في مقلتيها ينتظرها ان تنكر ان تصرخ ان تدافع عن نفسها او حتي على الأقل تبرر، سال بنفس النبرة الباردة المخيفة باستئناف:
– بتسكتي ليه على اي حاچه تعملها احلام فيكي؟ انطجي ماسك عليكي ايه عشان تسكتلها اكده وتكدبي عليا كيف كل مره
رمشت وهي تتطلع اليه بخوف وتوتر اكبر من لمسته الخشنة على ذراعيها واسئلته المخيفة:
-مش ماسكه عليا حاجه انا ما حبتش اقول عشان ماعملش مشاكل بينك وبينها تاني؟ دي برده مرات اخوك
لياتها صوته الخشن بطريقة ساخره: – لا و انتي ما شاء الله تعرفي في الاصول جوي؟ بت انتي انطجي في ايه اني مش هتخيل عليا الهبل ديه
تطلعت اليه جميله بعينيها الواسعتين متعجبة بدهشة كبير من اسلوبه الغاضب والساخر منها؟ فهذه اول مره تراه غاضب, انتبهت علي صوته الغاضب والصارم: انـــطــجــي؟
هزت راسها بالايجاب و ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة متحدثه بخوف:
– حاضر هقول؟
لتقص عليه كل ما حدث منذ كانت تقف في المطبخ تصنع ايس كريم للبنات ودخلت عليها احلام وحدث ما حدث لتسقط عليها الماء المغلي؟ حتي هددتها انها سوف تتهمها في سرقه مال زوجها ضاحي لانها سمعتها تتحدث مع خالتها وكانت تحرضها علي سرقته هو.
***
دخلت اسيف الجناح لتتفاجا بجلال يسحب ذراعيها بقوه لتلف قائله بحده:
– اه في ايه بتشدني كده ليه
جز علي اسنانه بغضب وقال بحذر:
– هي كلمه واحده يا اسيف ومش هكررها ثاني إلا امي يا اسيف ما تحاوليش تغلطي فيها ولا تختبري صبري بيها ؟ وبعدين حطي نفسك مكاني وشوفي وانا اراهنك انك مش هتستحملي كلمه واحده عليها
ابعدت يده عنها بغضب وقالت بنبرة ساخره :
– وانا كنت عملت ليها ايه اصلا ولا حتي دوست على طرف لست الوالده؟ هي اللي حاطني في دماغها من غير ما اعمل لها حاجه
رفع اصابع امامه عينيها قائلا بتهديد:
– كل ده مش يهمني انا حذرتك وانتي حره
***
كان بالصالون يجلسون ضاحي وبجانبه احلام يشاهدون التلفاز وكانت احلام تضحك بشده علي اي شيء تراه لكنها كانت سعيده بالفعل بسبب ما فعلته في جميله وانها ايضا صمتت ولم تخبر دياب بانها هي من حرقت يدها وهذا ما اسعدها اكثر فقد عرفت نقطة ضعفها لتبدا الاستفادة منها في الايام المقبلة
– احــــــــــــــــلام؟
انتفضت احلام بذعر وهي ترى دياب يمسك جميله من ذراعيها بعنف وغير عائب بها وهي تبكي بشدة نهض ضاحي ليقول باستغراب:
– في ايه يا دياب بتصرخ اكده ليه؟
ليقف دياب امامها باحتدام وهو يحدجها بنظرات حارقة قبل ان يصرخ بجنون:
– اسال الهانم مراتك مالها ومال چميله حطاها في دماغها ليه؟ هي السبب في حرج يد چميله
عقد ضاحي حاجبيه مستنكرا:
– ايه اللي انت بتجوله ديه يا دياب وهي احلام عتعمل اكده ليه؟
ترك يده جميله بغضب ليقول بانفعال:
– اسال الهانم مراتك اهي عندك, بس على الله تكدب الخدامه اللي في الدار شافوا كل حاچه؟عملتها مراتك في مراتي
نظر ضاحي الي زوجته منتظرة اجابتها, لتصمت وتركز علي دياب الذي هتف بحده قائلا:
– انطجي ساكته ليه؟ ولا بتفكري في كدبه؟
كانت تقف جميله تبكي وهي تدلك يدها من الالم, ثم تنهدت احلام تنظر اليه باستخفاف لتقول ببرود:
-و اني عاكدب ليه؟ مراتك معاها حج اني فعلا اللي دلجت عليها المياه السخنه؟
تطلع دياب بغضب بها ليقول ضاحي بدهشة: -بتجولي ايه يا احلام وانتي عملتي اكده ليه؟
هزت راسها بلا مبالاة لتقول بندم مصطنع : -غصبا عني يا ضاحي, عصبتني ونرفزتني جوي ما تريدش بنفسي غير واني بزجها في المطبخ غصب عني وما كانش جصدي؟بس حجك عليا اني غلطانه
عقدت جميله حاجبيها مستنكرة تصرفاتها كانت تتحدث بالين ولطف لتكسب عطف زوجها وزمجر دياب بحده:
– تحرجي ايدها وتجولي حجك عليا
احلام بزعل زائف:
– طبعا اعمل ايه احب على ايدها عشان تسامحني
تدخل ضاحي ونظر اليه بضيق وقال بحده:
– جري ايه يا دياب في ايه؟ من ميتي واحنا عندخل بينا عراك حريم مالك متعصب وعمال تزعج فينا اكده ليه؟ هي مراتك جوتك علينا, ديه احنا اخوات في الآخر مش ديه كان كلامك لما كانت سلمى الله يرحمها تتخانج مع احلام؟ فاكر كنت بتجول لي ايه لو ادينا وداني للحريم يبجى هتخرب الدار صوح ولا اني غلطان ؟
ليكمل ضاحي بعتاب: -وبعدين ما جالت لك غلطانه نعمل ايه يعني ناجص تمدي يدك عليها بالمره يا اخويا جدامي؟
زفر دياب بضيق شديد فاخيه معه حق فهي بالنهاية احلام زوجه اخيه ولا يقدر يفعل شئ معها من اجل هو فقط؟ تمتم بغضب مكتوم :
– عداك العيب يا ضاحي؟ وانتي ورايــا
ظهرت ابتسامه الخبث والمكر اعلي ثغر احلام بشماته وسعاده كبيرة, و تنهدت جميله بتعب أرهق اعصابها حرفيًا استهلت بالانفلات من عقالها وهي متابعه السير الى غرفتهم لحقت به بخطوات بطيئة.
كان يسير الغرفه بعصبية شديدة, هاتفا:
– اديكي اكده ضيعتي حجك بسكوتك من الاول, فرحانه دلوج صووووح
حاولت جميله التحدث بخوف:
– خلاص انا مسامحها
لتتسع عيناه بصدمة واستنكار ليقترب منها متشدقًا قبل ان يهتف بنبرة خطيرة:
– عارفه لولا ان ما لكيش اهل يعتمد عليهم بجد كنت دلوج خليتك تجهزي شنطتك و على دار ابوكي وامك, عشان المراه الضعيفه ما تلزمنيش, ولا تستحج تشيل اسم دياب حماد الجبالي
ازداد سقوط دموعها بشدة وبحسره وقهر ليكمل بجمود:
– من اهنه ورايح ملكيش صالح بيا ولا تتحددي امعايا في حاچه؟ والاحسن ليكي كومان تنسى ان احنا متجوزين من الاساس
***
بعد عده اسابيع تم اعلان فوز عيسي بالانتخابات, وتم اطلاق اعيرة نارية اعلانا عن انتهاء الفوز به واصبح العمده رسمي لاهل البلد .
***
كان صلاح الجبالي يجلس بالمنزل الخاص به بغرفته واغلق الباب عليه حتي لا تراه زوجته وهو يحمل حقيبه بداخلها أموال كثيراً جدا يكسبها من الاعمال المشبوهه, انتهي من عد المال أخير ليضع المال في عمود السرير حتي لا يراه احد، فمن الصعب ان يضع المال في البنك، ويتسال البعض من اين له هذا ابتسم صلاح ابتسامه عريضه وطمع:
-امتى يچى ياجي اليوم ويحصل اللي في دماغي والزفت دياب يتحرك عشان اخذ الارض من عيسي و ابيعها للراچل الكبير اكيد ارض كيف دي عكسب فيها كثير ؟
ابتسم برغبه وجشع بالمال وهو يتخيل هذا اليوم، ليغلق الباب بالمفتاح ليخرج للخارج يبحث عن زوجته قائلا:
-يا نعمه.. انتي يا وليه انتي فين؟ كل ده بتعملي كوبايه الشاي اللي طلبتها منك من بدري؟ يووووه الوليه دي بجت على طول تعبانه وصحتها على جدها انا زهجت منها؟
هبط صلاح يبحث عنها في غرفتها و الصالون لكن لم يراها ليدلف صلاح الي المطبخ وتفاجأ بـ؟
_________________
في سرايا عيسي الجبالي ,كان الصوت عالي من الداخل الكثير من الرجال يجلسون ويتحدثون عن بعض مشاكل البلد, بينما عيسي كان يجلس ينظر اليهم باهتمام كبير ولا يتحدث وتركهم يتحدثون براحه, وهو ينظر اليهم بتركيز بينما استمع الي صوت الغفير قائلا بصوت عالي
– يــا جــنــاب الــعــمــده؟ يــا جــنــاب الــعــمــده
ضغط على يده بغضب شديد وقال :
– في ايه يا ياض عامل غاغي ليه مش شايفنا جاعدين بنحل مشاكل البلد,ابجي عدي بعدين مش فاضي
ابتلع ريقه بتوتر وقال :
-يا عيسى بيه الموضوع ما ينفعش يتاجل ؟ البجيه في حياتك يا جناب العمده
انتفض عيسي من فوق مجلسه بسرعه ونظر اليه بصدمه وهتف بقلق: في مين ؟
الغفيرة قائلا بتردد:
– في مرات عمك صلاح بيه؟
***
عندما تحدث دياب بانفعال و تهديد بان تبعد عنه ولا تتحدث معه مطلقاً فقد طفح الكيل منها ومن تصرفاتها دون مبرر, اتضحت جميله بالصمت حتى ذهب الى الفراش وتركها ضيفة على الغرفة فانهمرت دموعها ليلتها فوق وسادتها الم و حزنا على صمتها عن حقها وانها دون مشاعر لكن هي غاية في الاخلاص في زمن غابت به الانسانية؟
تركها تلك الليلة دياب تبكي كيفما شاءت رغم انه تفاجأ من نفسه ان دموعها تمزق وتصيب وتينه بغصة لم يشعر بها مع زوجته الراحلة؟ جذب نفسه من افكاره عنوة فرغبته في ضمها تقتله شوقا ؟
يود سجنها بين ضلوعه يريد تلقينها الحب درسا درساً يمحو كل اثار الضعف من عليها ويلقنها درس لتعرف جيدا بأنها تخطئ عندما تلعب دور الطيبه والتنازل عن حقها, لكن حقه فقد تعب منها، لكن بداخله رفض مطلقا ان يبعد ويتركها او يسمح بانها تهان رغم ان احب طيبه قلبها ويريدها جوهرة تزين قلبه ببريق طيبتها و حنانها الطاغي وهدوئها المغري ولكن يثير حنقه من افكارها وانكسارها امام الجميع وعدم اظهار رغبته فيها ويعلم تماما ان هذا ايضا شعور الشوق تصب فوق راسه صدمة وراء صدمة بان لو ما يشعر به حقيقة؟
***
عاد جلال من الخارج كان يتحدث في الهاتف مع شخص عن العمل حيث كان في الارض الخاصة بالمشروع الخاص به تفاجأ باسيف تجلس في الجنينه من الخلف مع عديله وبعض الناس فمن الواضح اتت للمباركه والتعارف عليها تقدم منهم فسرعان ما تحول نظراته لغضب بسبب ما ترتدي من ثيابها الضيقه, تفاجات اسيف بوجود جلال الا انه اقترب منحها تحية بسيطة بهزة خفيفة من راسه وابتسامة رسمها على شفتيه وللجميع ايضا فردت اسيف التحية بالمثل وهي تشعر بعينيه تغزوها.
تصنعت اللامبالاة بسبب نظراته فقد فهمت المغزي منها بسبب ملابسها التي لم تحيد عنه على الرغم من كونها تجلس برفقة نساء فقط
ابتسم عديله وقالت:
– حمد لله على سلامتك يا ولدي واجف ليه اجعد ما حدش غريب دول خالاتك وچيرانها في البلد؟
ابتسمت صفيه بسعاده وهي تنظر اليه بحب ولكن ما سرعان خيب ظنها وهي تري جلال يصب نظره الي اسيف فقط بالأحرى لم يرى غيرها، جلس امامها واخذ يراقب كل تفاصيل جسدها بغضب مكتوم بسبب ملابسها الضيقه الذي تحدث بتحذير اكثر من مره ان لا ترتدي ثياب مثل هذا خارج الغرفه, لكن عنادها لا يتوقف..استفزتها نظراته التي على ما يبدو انها لا تود ان تعتقها فلتغيظه فتحت هاتفها وبدات تعبث به عبر الفيسبوك وهي تضحك بصوت عال متجاهلة نظرات الفضول التي يرمقها بها .
وبالفعل نجحت اسيف باغاظته فكاد ان يموت ليعرف مع من تتحدث وتضحك هكذا و تتجاهله وكانه ليس موجودًا من الاساس وهو يعرف جيدًا كيف يروض تجاهلها هذا لذلك هتف وهو ينظر اليها بابتسامة سخيفة:
– اسيف تعالي معايا فوج اشويه
لم ينتظر اجابتها ونهض يسمك يدها بابتسامة تصنع:
-بعد اذنكم يا جماعه؟
راقبت رحيلهم صفيه ونار الغيره تقتلها بشده وهي تتوعد لها باقرب فرصة طرد اسيف من السرايا الي الابد؟
اغلق الباب بقوه والتفت اليها صاح بغضب:
-انا كام مره حذرتك من اللبس ديه ما تلبسوش بره الاوضه و برده مصممه تنفذي اللي في دماغك وتعصبني معاكي
تطلعت اليه اسيف بحاجبين معقودين وقالت بضيق:
-انت بصراحه اللي معصب نفسك من ولا حاجه ايه في ايه؟ وبعدين انا قاعده مع ستات بس وانت شفت ده بنفسك
صاح جلال بصوت غاضب وهو يرشقها بجمر نظراته السوداء:
– انا معصب نفسي من ولا حاجه معلش تعالي على نفسك واستحملي مجنون بقى تعملي ايه
قالت اسيف بنبرة ساخره:
– والله ما مستبعدش
اجج نيران الغضب اكتر في ثنايا قلبه قائلا:
– يا بنتي انتي لازم تحرقي دمي وخلاص ما فيش حاجه بتقولي عليها حاضر لازم تردي, لسانك ده ما بيسكتش ابدا وبعدين يا هانم يا محترمه انتي قاعده في الجنينه يعني كان ممكن حد من الغفر او من اخواتي دخل وشافك
– بس ما كانش في رجاله ساعه لما نزلت في الجنينه و بعدين انا لبسي عادي جدًا مش فاهمه ليه دائما بتحب تبالغ بالموضوع ده بالذات؟
هتفت اسيف بحدة ليرد بهدوء ينافي تمامًا استنفار اعصابه غيرةً وغضبًا:
– لا مش عادي وعشان بغير عليكي لازم امنعك من اي جنس رجل يشوفك او يلمحك بالمنظر ده غيري
ها هي تدخل في دوامة الضياع كلما تجذبها اكثر الى اعماقها كلما يمدح فيها او يعبر عن مده حبه لها، لا تزال تحاول ان تفهم باي متاهة تم القاها وما هو هذا الشعور؟ كل ما حدث يمتص من قدرتها على التفكير بعقلانية ويبث الخمول في روحها هي ضائعة خائفة تائهة، تود ان تشارك احد همومها ان تتكئ على ظهره فيرسي بها على بر لايجاد حل لمصائبها وهمومها، لتطمس اسيف تنهيدة حارة في جوف صدرها وهي تسمعه يردف:
– اسيف للمره الاخيره اشوفك لابسه لبس زي ده بره الاوضه لو مش قادره تقعدي خمس دقائق على بعض من غير ما تلبسي لبس ضيق او قصير, اقعدي اهنه والبسي اللي انتي عاوزاه ان شاء الله تقلعي ملط يا شيخه
شهقت بقوه وخجل من حديثه الوقح ليكمل متجاهلا هاتف بعناد و بنفاذ صبر:
– انا مش بحب مراتي تلبس كده؟ حتى لو كنت عشت بره مصر برده مش بحب حد يشوف مراتي بالمنظر ده
حينما وجد الصمت هو ردها الوحيد استطرد:
-اسيف انا عاوزكٍ ان تتحجبي هو ده الحل الوحيد ليكي, أولا حاجه بالحجاب هتبقى اجمل اكيد وتاني حاجه الحجاب فرض وانتي ما شاء الله اخذتي بالي انك بتصلي وبعدين حرام لا صلاتك ما تتقبلش عشان الحجاب؟
احتجت بنظراتها بحدة وهتفت مستنكرة:
-اولا انا ضد كلامك ده تمامًا عشان غلط, لان الحجاب حاجه والدين حاجه ثانيه ما فيش حاجه اسمها عشان مش محجبه صلاتك مش هتقبل ده كلام فارغ
واكملت اسيف بنبرة هادئة ولكن قوية رغم غضبها بعض الشئ لكن اعجبته:
– وثانيا واهم حاجه انا عمري ما اتحجب عشان لمجرد حد امرني بكده؟ ويوم ما اتحجب هتحجب وانا مقتنعه بيه انا شخصيه, وعشان ربنا مش عشان حد ثاني
لا ينكر بأن حديثها بعضه صحيح لكن حاول ان يضغط عليها حتي توافق على فكره الحجاب فقد فاض منها ومن التحدث معها, فاردف بهدوء حتي تعاند اكثر :
– ماشي على اي حال, هنتكلم في الموضوع ده بعدين؟
***
صوت ايات الذكر الحكيم بصوت الشيخ النقشبندي يصدح من المذياع, بينما يجلس صلاح و عيسي و بجانبه اخيه جلال وعلى الجانب الآخر دياب وضاحي, مع باقي رجال عائلة الجبالي وبعض اهل البلد فوقت الشده يظهر الاصيل من قليل الاصل كما يقال, فقد وصل الجميع على الفور بعد سماع خبر موت نعمه زوجة صلاح عندما دخلت المطبخ يبحث عنها وتفاجأ بها علي الارض ساقطه دون حركه اتصل بالطبيب علي الفور يأتي وأخبره بان فات الاوان وقد توفت نتيجة ازمة قلبية مفاجئة.
وقفت السيارة أمام المنزل بالخارج ليهبط منها ماهر سريعا يقفز بخطوات سريعة وحزينه يريد ان يراها امامه قبل المدفن حيث تقدم والده الذي يقف في انتظار اولاد عمه,واسرع الى والده يحتضنه بشوق ولهفة وهي يقول بدموع: ياااه, وحشتني جوي جوي اوي يا ابوي
ابعده عن ذراعيه قليلا وهو يقول بهدوء :
– وانت كمان يا ولدي حمد لله على سلامتك
قال ماهر والدموع تنهمر في عينيه بحزن عميق علي والدته:
-امي فين يا ابويا؟ اوعي تجولي دفتنها؟
هز راسه برفض قائلا:
-لاه يا ولادي فوج لسه بيغسلوها
لم ينتظر اكثر ليركض ماهر الاعلي حتي يري امه حتي لو اخر مره .
***
في سرايا عيسي الجبالي استيقظت اسيف من نومها براحه دون احكام من خصرها من قبل جلال فكل يوم كانت تستيقظ فيها منذ زواجهم تفاجئ بجلال ياخذها بين ذراعيه كل ليلة بعد ان تنام, مدت يدها وهي تتحسس الفراش بجانبها ولكن لم يكن موجود كعادته فالتخت فارغ جانبها حتي حين لمست مكانه كان بارد لم يكن دافئ أثر جسده ،حينها علمت انه استيقظ منذ وقت طويل.
قامت اسيف واتجهت الي هاتفها لترى كم الساعه وجدتها الـ 9 صباحا مازال الوقت مبكرا الي اين ذهب لا تعلم نفضت هذا التفكير من عقلها ولا تريد ان تعرف اين ذهب, دخلت الى الحمام وحين خرجت غيرت ملابسها وارتدت قميص ابيض بازرار وبنطلون جينز اسود اللون وخرجت من المرحاض لتجفف شعرها امام التسريحه حتي طرق احد الباب لتقول بصوت عالي بامر بالدخول, لتدخل فرحه مبتسمه لتقول:
– صباح الخير
ألتفتت إليها اسيف واجابت بهدوء:
-الحمد لله ازيك يا فرحه عامله ايه
فرحه بابتسامة عريضة:
– اني زينه كيفك انتي يا ست العرايس صباحك عسل وجشطه زيك
ابتسمت علي طريقة حديثها ثم قالت متسائلة :
– ايه كل ده يا فرحه هو انتي على طول كده طريقتك مبالغه في الكلام
هزت فرحه كتفها قائله بعدم فهم:
– كيف يعني مافهمتش جصدك
هزت اسيف راسها قائله بلا مبالاة :
– لا ولا حاجه متاخديش في بالك كنتي عاوزه حاجه
– اه فكرتيني صوح خدي دي هديه الجواز معلش هي متاخره شويه بس كيف ما انتي شايفه كنت مشغوله
مدت يدها فرحه اليها بكيس ابيض اخذته اسيف تفتحه لتتفاجا بعباءة منزليه باللون الموف وحجاب مناسب للون مع العباءة؟ عقدت حاجبيها متسائلة بدهشة:
– ده عشاني ؟ هي حلوه بس انا مش بلبس عبايه
هتفت فرحه بحماس:
– طب وماله خليها عندك والبسيها في الدار اهي حاچه جديده جربيها, عتعجبك جوي و هترتاحي فيها
نظرت اليها اسيف باستغراب من معاملتها معاها الطيبه منذ ان دخلت السرايا, وتفكر بان لا تحرجها وتقبل الهديه منها لتقول:
– طب تمام شكرا يا فرحه مش هكسفك عشان دي اول حاجه تديها لي
ابتسمت لها بفرحه قائله باقتراح :
– لو مش عجباكي ممكن نغيرها الست اللي انا اشتريتها منها مش بعيده
هزت راسها برفض قائله بهدوء :
– لا لا ما فيش مشكله ما تتعبيش نفسك هي لونها عجبني وشكلها كمان شكرا
اجابت فرحه قائله :
– العفو على ايه كنت رايده كومان اطلب منك طلب
عقدت حاجبيها متسائلة باستغراب:
– اتفضلي
تحدثت فرحه قائله بابتسامة طيبه:
-ما تزعليش من مرات عمي وما تخديش على حديدها والله هي طيبه و ما فيش في الدنيا احن منها , بس هي اللي للاسف مش بتحب تبين ديه خالص
انصدمت اسيف منها حقا فبعد ما حدث ليله امس واحرجتها واهانتها تاتي اليها هي حتي تجبر خاطرها وتتحدث عن عديله بطيبه لتقول باستغراب:
-غريبه يعني اخر واحده كنت اتوقع تشكري فيها انتي بذات بعد اللي عملته معاكي امبارح
فرحه بحنان:
– عشان انا اكثر واحده خابره مرات عمي زين, هي ما تجصدش تزعلني بالمعنى اللي انتي فهمتي
نظرت إليها باستخفاف لتقول مستنكرًه
-اسفه يعني بس غلط على غلط بيفرق وبعدين ده مش اي غلط, دي بتعايرك عشان مش بتخلفي انا لحد دلوقتي مش فاهمه انتي ازاي بتتكلمي عادي معاها ومش بتاخذي موقف منها ومن اللي بتعمله
لتشرد في احداث امس عندما تشاجرت عديله مع اسيف كعادتها وتدخلت فرحه حتي تهدا الوضع لكن صاحت فيها عديله بحده وقالت:
– ملكيش صالح انتي بذات يا فرحه، مش كفايه راضيه بيكي أنك مش بتخلفي ومش عارفه تجيبي اخ لي صالح ولا حتي موافجه يتجوز
قالت اسيف بسخرية:
– دي كمان عاوزه جوزك يتجوز عليكي عشان يخلف
قالت فرحه بصفي :
– عشان انتي مش فاهمه الموضوع كله من البداية, اصل صالح دا يبجى ابن ورد بنت خيتها مرات عيسى الاولانيه بس ماتت وهي بتولد صالح الله يرحمها وغير كومان في مشاكل بين اخويا دياب و عيسي , واللي بتعمله مرات عمي ديه رد فعل طبيعي, واي واحده مكانها عتعمل اكده
تطلعت اليها بضيق وقالت بعدم تصديق:
– برضه مش مقتنعه على العموم انتي حره
هتفت فرحه بابتسامة تاكيد:
– بكره الايام تثبتلك ان ما فيش اطيب من جلب عديله؟ واللي بتعمله ديه معاكي محبه
قالت اسيف بسخرية هاتفه:
– بصراحه اشك
فرحه بحب:
– طب ممكن طلب اخير
اسيف بضيق مصطنع وقالت بمزح:
– طلباتك كترت بس تمام عاوزه ايه؟
– معلش خليها عليكي, ممكن بجى نبجى كيف الاصحاب ونتكلم مع بعض كيف الاخوات واكتر؟ تعرفي اني ماليش اخوات بنته بس كان نفسي في اخت بنت، ممكن اعتبرك كيف خيتي ونجعد سوا وتبطلي جاعده في الاوضه لحالك اكده
نظرت اليها مطولا لتقول بتردد:
-ماشي, ما فيش مشكله
خرجت فرحه من غرفه اسيف ليظهر جلال متسائلا بلهفه:
– هاه عملتي ايه يا فرحه وافقت تبقوا اصحاب ولا ما رضيتش
ابتسمت فرحه عليه لتقول بغرور مصطنع:
– وما توافجش ليه؟ عيب عليكي ده اني فرحه
اتسعت عيني جلال توقع عكس ذلك فهو من طلب من فرحه تذهب وتحاول معها لانها دائما تجلس بالغرفة ولا تريد التحدث مع احد, ليقول بدهشة: -بجد يعني وافقت
اومات براسها بالايجاب قائله بابتسامة عريضة: -ايوه ما تخافش وافجت ما يجيبها الا ستاتها
تنهد جلال مبتسم براحه :
– الحمد لله متشكر جوي يا فرح
فرحه بعتاب:
– عيب اكده يا چلال في اخوات بيشكروا بعض برده.
***
اغلقت نادين باب المكتب الخاص بها بالشركه جيد حتي لا يدخل احد عليها, لتجلس علي المقعد امام المكتب وتكتب رساله الي زين عن طريق اسيل عمران كالعاده ؟
– صباح الخير معطلاك عن حاجه
اجاب زين علي الفور دون وقت :
– لا ابدا انا في الشركه، بس في وقت الاستراحة يعني مش معطلاني ولا حاجه
– لو بتاكل ممكن اقفل لحد ما تخلص اكل
– لا لا انا مش باكل انا قاعد برسم صوره جديده اول ما تخلص هابعتهالك عشان تشوفيها اول واحده و تقولي رايك فيها
نفخت بضيق شديد نادين قائله بغيظ:
– هوووف حتى وقت الاستراحه مش راحم نفسك من الرسم يا شيخ وكمان هيبعتهالي اقول رايي فيها كنت ناقصه ،لتكتب :
-تمام ما فيش مشكله
– هو انتي صحيح مش قولتي قبل كده كان نفسك تتعلمي الرسم بس ما لقيتيش حد يشجعك وتتعلمي منه كويس
استغربت سأله لتجيب:
– ايوه بتسال ليه؟
ابتسم زين بحماس يكتب لها:
– اصل انا جاءتلي فكره حلوه هتعجبك قوي؟ ايه رايك اصور نفسي فيديو علي الموبايل و انا برسم خطوه خطوه وتعرفي خطوات الرسم كلها بالتفصيل وبكده تتعلمي بسهوله ايه رايك مش فاكره حلوه
اتسعت عيني نادين وصمتت لتستوعب لتكتب بغيظ :
-اه جدا بصراحه
ابتسم زين لانها اعجبت بالفكرة فهو يريد أي شخص يشاركه اهتماماته ليكتب بسعاده:
-انا اول ما جت في دماغي الفكره قلت برده انها هتعجبك جدا بعد ما تشوف الفيديو و تحولي تقليدي الرسمه اللي برسمها تبعتهالي على طول واقول لك رايي وبكده هتتعلمي بسرعه بذمتك مش فكره تجنن
هزت راسها نادين وأردفت قائله بصوت كادت ان تبكي من الصدمه
– تجنن، اه ده انا شكلي اللي هتجنن منك مش بقول شكلي دبست نفسي.. كمان ها يعلمني الرسم
***
اغلقت اسيف الهاتف بغضب شديد فمنذ قليل كانت تتحدث مع والدها الذي عتابها بشده لانها منذ بداية زواجها لم تجيب علي اتصالاته لانها مازالت لا تنسي أنه هو من أجبرها علي الزواج .
من شخص لا تحبه ولا تعرف عنه شئ
لذلك قررت العناد معه ولا ترد على اتصالاته, لكن اليوم اتصل بها من رقم مجهول لذلك أجابت انتبهت بان هاتفها فصل شحن والشاحن قد خرب منها في الصبح, نفخت بضيق لتنهض تسأل فرحه علي شاحن، انطلقت اسيف من غضبها وهي تنفخ بضيق فمن ناحية هي تشعر بالتعب الجسماني من نومها بالارض, فقد عادت اليوم بالنوم الي الارض لكن تفاجات بان جلال لم ينقلها مثل كل يوم .
لا تنكر بانها استغربت وغضبت منه بشده ولا تعرف لماذا, لكن أقنعت نفسها بان تعود لا اكثر
اسرعت بالذهاب وهي تفكر جيدا في الجزئية وكانت غارقة في افكارها بشدة وذلك حين اصطدمت بقوة في حائط ضخم كاد ان يحطمها
شهقت ملتاعة, فلم يكن الحائط سوى حائط بشري بصدر عضلي عريض كاد يحطم اضلعها التي ارتطمت به, وكرد فعل لمفاجئتها رجعت الى الوراء بسرعة كادت ان تتسبب في سقوطها لولا ان امتدت يدين قويتين امسكتا بمرفقيها وتعالى صوت خشن غاضب يهتف بغلظة:
– ايه دا؟ مش تشوفي قدامك؟ واخده في وشّك وماشية كدا زي القطر؟
انتبهت اسيف من جمودها الذي سببه مفاجئتها في الارتطام بمحدثها, وشعرت بالانزعاج منه فلن يكون غير جلال, هي لم تقصد اطلاقا الاصطدام به, رفعت عيناها اليه لترد على عباراته النابية باخرى اغلظ منها, لكن عندما اصطدمت عيناها, بعينه عن قريب سكتت قليلا واصطدمت نظراتها الخضراء باخرى
مشتعلة كالفحم الملتهب ليسود الصمت التام, وقد تلاقت الاعين مع رجفت القلوب قبل ان تكون هي اول من يخرق هذا الصمت وهي تحاول الفكاك من قبضته لمرفقيها هاتفة بارتباك: انت فاكر نفسك مين بالظبط؟ عشان تزعق لي بالطريقه دي؟ ايه مكنش قصدي ما شفتكش اجرمت؟ وبعدين ابعد عني ايدك و ما تلمسنيش
أنتبه جلال على شروده في نظراتها التي اغرقته فيها كعادته, وحاول استعادة تركيزه فهتف بحدة: الحق عليا بسندك يا هانم بدل ما كنتي وقعتي على وشّك, هي دي شكرا اللي بتقوليها؟ احمدي ربنا انك مش ماشيه في شارع, كنتي زمانك خبطتي في حيطه ولا عربيه.
نظرت اليه بنصف عين وقد شعرت بالحنق من كلماته ولكنها لن تدعه يفرح باغاظتها وبدلا من ذلك تخصرت امامه قائلة ببرود:
-لا ما تخافش, بيتهيالي ان اي حيطة او عربيه هتبقى اهون من الحديد مسلح اللي انا اتخبط فيه دلوقتي
قطب جلال بحدة وهتف:
-انتي كنتي رايحه فين؟
لوت تعابير وجهها استهجان منه واجابت ببرود حاولت التمسك به:
– بتمشي في البيت عندك اعتراض
قال بابتسامة ساخرة:
– لا ما عنديش بس ابقي خلي بالك وانتي بتمشي مش كل مره هبقى موجود واسندك
نظرت اليه بحنق مكتوم وفتحت فمها وهي تهم بالرد ببرود:
– لو وقعت مره ثانيه قدامك ابقي اعمل نفسك مش واخذ بالك وما تسندنيش
لم تمهله الرد عليها ورحلت من امامه بينما لمحت نظره تشعر بشعاع ناري يلهب, تكاد تقسم انه صادر من ذلك الفحم المشتعل الذي سبق وان راته في عينيه؟
***
في سرايا عيسي الجبالي كان الجميع يجلسون بالصالون من عديله وصفيه و فرحه واسيف لتقول عديله بعمق :
-ربنا يرحمها ويغفر لها صحيح الانسان بيموت ومش بيفضل غير سيرته
تنهدت فـرحـه قائله مؤكده حديثها :
– صحيح يا مرات عمي ربنا يرحمها ويغفر لها
اومات براسها صفيه وهي تصطنع الحزن وتنظر الى اسيف متحدثه بقصد :
– يا رب يا فرحه, مش عارفه كلنا مالنا من الشهر اللي فات عمال يحصلنا مصايب كتير مش عارفين مين بس وشه حلو علينا
كانت اسيف تجلس معهم ممسكه بالهاتف تعبث به وسمعت حديثها وتجاهلت إياه, لتقول فرحه بضيق:
-ايه يا صفيه الحديد ديه ده جدر ومكتوب ما حدش يعرف الغيب غير ربنا سبحان وتعالى
قالت صفيه بخبث هاتفه:
– ما حدش جال حاچه يا فرحه بس في ناس اكده وش فجر ونحس على اللي حواليها
انزلت الهاتف اسيف ونظرت اليها لتقول بهدوء: -على كده يا صفيه انتي من الناس اللي وشها نحس على البيت بقي؟ لانك اول ما دخلتي البيت جي وراكي خبر موت المرحومه نعمه اللي بتقولوا عليها
جزت علي اسنانها بعنف شديد وقالت بمسكنه مصطنع:
– سامعه يا خالتي جله ادابها
صاحت عديله بغضب قائله بحده:
– جصدك ايه اتلمي يا اسفه جطع لسانك ما تغلطيش في بنت اختي
اجابت اسيف بكل برود :
– اولا انا قلت لك بدل المره عشره اسمي اسيف ايه صعبه؟ وثانيا بنت اختك هي اللي بدات بالغلط فيا مش انا ثالثا وده الاهم انا مش قليله الادب و متربيه غصب عنك يا صفيه اوعى تفتكري عشان بتجاهل قله ذوقك معايا كل ما بتيجي هنا خوف منك ولا مش عارفه ارد عليكي لا يا ماما تبقي غلطانه عشان اللسان الطويل ما فيش اسهل منه
هتفت عديله بعصبية:
-مش باجول شكلك ناجصه ربايه فعلا لما يجيلك جوزك يشوف صرفه معاكي وفي لسانك الطويل اللي عاوز جطعه رايده تتربى من الاول وچديد؟
هتفت متحدثه و الجد في عينيها، تهتف بقوه:
– ابنك لو ايد كلامك، انا لا يمكن استنى على ذمته دقيقة واحده كمان بعد كدا، الرجل اللي ما يصدقش مراته من غير ما يحاول يتاكد الاول للاسف ما يلزمنيش؟
نهضت اسيف لتكمل قائله وهي تهتم بالرحيل:
– هاه عن اذنكم
تنهدت فـرحـه بضيق لتنهض بيأس منهم, هي الاخري لتقول عديله بغل هامسه:
– البنت دي فرده نفسها من ساعه ما جت اهنه علينا بس والله لاجيب مناخيرك الارض اللي رافعها فوج ديه
نزل عيسي سلالم السرايا وهو يلف الوشاح حول رقبته وبيده يمسك عصا النبوت تسال عيسي بشك:
-في حاچه ولا ايه
اومات براسها فرحه برفض قائلة بتسال:
– لاه يا اخويا ما فيش حاچه , انت رايح العزاء
هز راسه بالايجاب وقال بجدية:
– ايوه النهارده ثاني يوم , لازم اكون موچود جنب عمي صلاح حتى لو بيننا مشاكل بس برضه دي الاصول
ابتسمت علي حديثه بفخر من زوجها لتقول بتردد: طب اني كنت رايده اروح اعزي اني عارفه انه ممكن ما ينفعش عشان اللي حصل زمان بس ديه واچب صوح
صمت لحظه وهو يفكر ليقول بهدوء:
– ماشي روحي بس متعوجيش
***
كانت نادين تجلس بداخل الشركه تعمل حتي وقت الاستراحه فهي هكذا دائما تحب العمل, كانت منهكه بالعمل حتي استمعت الى صوت رساله من هاتفها من زين؟
– صباح الخير ازيك عامله ايه ؟ هاه خلصتي الرسمة اللي بعتهالك في الفيديو ولا لسه
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة نفسها : رسمه ايه؟
لتتذكر قائلة: اه صحيح ده قال انه هيعلمني الرسم, تؤ هو انا فاضيه لده كمان
لترد اجابه :
– لا بصراحه لسه كنت مشغولة شويه
-انتي بتستعبطي يا اسيل انا بقى لي اسبوعين بعتلك الفيديو اللي فيه الرسمه, وكل مره تقولي لي لسه مشغوله وكل شويه تطلع لي بحجة شكل, بطلي كسل بقي, وروحي ارسمي الرسمه دلوقت حالا وانا مستنيك
قالت نادين بضيق:
– هوووف شكلي مش هخلص منه
لتفكر بان تنظر خمس دقائق وارسلت له بكذب : -خلاص رسمتها وطلعت حلوه ابقي ابعتلي الرسمة التانية, وهبقى ارسمها بعدين؟
-مممم والمفروض انا اصدقك كده صح طب ابعتي الصوره عشان اتاكد و خذيها بكاميرا الموبايل؟
جزت علي اسنانها بغيظ مكتوم من كشف كذبتها, عندما تاخرت في الرد ابتسم زين وكتب
– اسيل ارسمي الرسمه وبطلي كذب, وانا مستني وبراحتك خالص
اضطرت ان تفتح الهاتف وترى ماذا رسم لها من رسمة وكانت ورده بشكل جميل وبسيط, تنهدت لتحاول ان تقليدها بعدم اهتمام وترسل له رغم بشاعه الرسمه لكن حتي تنتهي من اصراره؟
– اتفضل اهي الصورة
ابتسم زين وكتب:
– جميله قوي هبعتلك الفيديو اللي بعده بقى
– نعم هي عجبتك اذا كان مش عاجباني انا, انت بتجاملني يا زين
-هه لا والله مش بعرف اجامل, بس اكيد مش من اول مره يعني هتطلع معاكي مظبوطه اكيد مع التدريب هتعملي احسن مني كمان
ابتسمت نادين بلا شعور علي حديثه وايضا وهي تري الفيديو الاخر الذي يحمل رسمه قلب مقسوم نصفين اعجبت نادين بشده لتكتب :
– جميله قوي صوره القلب دي رسمك جميل قوي فعلا يا زين
-شكرا انا متاكد انك مع الوقت هترسمي احسن مني انتي كمان؟ يلا ابدئي وانا معاكي ومش هقفل؟
دخلت السكرتيره قائله بهدوء:
– مدام نادين خلصتي مراجعه الملف الشحنه عشان خلاص العملاء جم تحت و عاوزين يستلموا البضاعه
انتبهت نادين اليها وهي تعبث بالهاتف باهتمام و تمده يدها الاخري بالملف بلا مبالاة:
-لا فاضل في شويه ملاحظات خلصيها انتي يا مني وبعد كده ابعتي .
اخذت منها مني بدهشة فهي لاول مرة تعطيها مراجعه الملفات ليس عدم ثقه لكن تحب نادين تفعل كل شئ بيدها لتقول بعدم تصديق:
– حاضر يا مدام نادين ؟
***
في منزل دياب حماد الجبالي, كانت تجلس جميله تطعم البنات وتبتسم لهم رغم حزنها الشديد الذي بداخلها فالايام الماضية خاصمها دياب ولم يتحدث معها مطلقا بالفعل كما قال لها, حتي الطعام اصبح ياكل لوحده من يد الخدم ليس من يدها كما كان يفعل, لقد كان عتاب وقسوه دياب بالفعل قاسيه عليها ؟
نزلت احلام بابتسامة عريضة لتقول:
– اصبح الخير يا سلفتي عامله ايه
صمتت جميله ولم تجيب فهي كم اصبحت تكره هذه المراه اللئيمه لتكمل قائله احلام باستفزاز:
– طب ما تردي الصباح حتى الصباح لله بس اجول لك معاكي حج ما ترديش و تزعلي و تضايجي وتتجي من جنابك كومان اصل اللي حصل لك مش جليل يعني
لتكمل قائله احلام بغل:
– بس تستاهلي مش عامله فيها السبع رچاله في بعض و ريحه تجفي جصادي و تحطي راسك براسي نصيحه مني ابعدي عني يا چميله ومتحاوليش تضايجيني عشان في الاخر عتطلعي خسرانة
ضغطت جميله علي شفتيها بعنف من حديثها تحاول منع دموعها تنزل حتي لا تشمت فيها اكثر.
اكملت احلام بابتسامة ساخره:
-و اديكي شوفتي بنفسك اللي حصل, دياب جطعك وما عادش بيكلمك ولو عليه كان رماكي من اهنه رميت الكلاب
***
– البرنسيسه اسيف بنفسها بتتصل بيا طب كويس والله انك لسه فاكره ليكي صاحب اسمه مصطفى؟
جلست اسيف بالجناح الخاص بها هي وجلال لتقول بغيظ شديد:
– مصطفى انا مش ناقصه غلاستك اسكت بقى كفايه اللي انا فيه
قال مصطفى باستفزاز :
– ايه وصلتي لمرحله خبز العيش ولا لسه
تنهدت اسيف بضيق منه لتقول:
– انت ليك نفسي تهزر ماشي ما ليك حق
ابتسم مصطفى وقال:
– طب خلاص ما تزعليش مالك متنرفزة ليه؟ اخبار الجواز ايه معاكي حلوه
ابتسمت لتقول بكل ببرود:
– لا زفـت؟
ليدلف جلال الجناج الخاص به بعد رجوعه من الاسطبل كان يرتدي بنطال اسود من الكتان يعلوه حذاء الركوب اسود اللون ذو عنق طويل يصل اسفل الركبة, وقميص اسود محكم على جذعه العلوي يفصل عضلات صدره القوية, في حين اطلقت اسيف ضحكه عاليه وهي مازالت تتحدث في الهاتف, حتى التفت في دهشة يطالع ضحكتها و هيئتها كانت تجلس اعلي الاريكة ترتدي ثياب خفيفة عبارة عن بنطالا قطني يصل الى منتصف الساق وبلوزة بيتية بنصف كم, ورقبة مربعة عريضة, وقد رفعت شعرها بمشبك فوق راسها وتطاير بعض خصلاته حول وجهها ليكسبها رقة وجاذبية مهلكة
بينما هناك فتيل بدا بالاشتعال منذ ان ابصر تلك الشعلة المتوهجة امام عينيه منذ برهة ليست بالقصيرة ، بل منذ ان وقع عينه عليها, لن يستطع ان ينكر استحسانه لما يراها عليه الان ولكنه برع كالعادة في كتم مشاعره وانفعالاته والتعامل وكان شيئا لم يكن ، ولكن ما جعله يعود ليقطب جبينه غير راضي ملاحظته لاحكام هذا القميص تماما على نصفها العلوي مما اوضح دقة خصرها تمتم في نفسه مستنكرا:
– متعرفش تلبس كويس مره واحده في حياتها ابدا؟
ثم انتبه من شروده على صوتها ليوضح بانها تتحدث مع شاب ، نظرة عيناه ما ان وقع سمعه عليه و هتف بذهول غير مصدق, بصراخ:
– اســــيــــف؟
انتفضت اسيف من مكانها بذعر من صوته و نظرت الى مصدر الصوت لتشاهد جلال وكان لا يزال بثيابه امامها قطبت حاجبيها ونظرت الى جلال وهي تصدعت واجهها البرودة التي يعتمدها بينما تنهض قائلة:
– في ايه بتزعق كده ليه؟
القى حزام الفرس بعنف من يده وهو يقترب منها ليقف امامها ناظرا في عينيها هاتفا بقوة:
– بزعق ليه؟, يا بجحتك يا شيخه ما كفايه بقي ايــه انتي ما بتكسفيش ابدا, مين مصطفى ده اللي بتتكلمي معاه بالطريقه دي؟
استمع مصطفى الي صوت جلال الغاضب وهو يثور عليه ابتلع ريقه بتوتر ولا يعرف ماذا يفعل ليغلق الهاتف سريعا؟ شهقت باستنكار وقالت:
-ايه؟ انت بتقول ايه؟ انت؟
ليقاطعها مزمجرا:
– انا بتكلم معاكي ليه اصلا؟ هاتي التليفون وريني يبقالك ايه مصطفى ده
اسيف بعناد: لا مش هاديك حاجه, وبطل طريقتك دي معايا و كلمني باسلوب كويس, عشان شكل سكوتي معاك, خلاك تاخد عليا قوي
– اخد علي مين انتي هبله, انا جوزك ايه مش واعيه لروحك؟ ده انا اللي سكوتي معاكي هو اللي خلاكي تزيدي فيها,مين مصطفى اللي كنت بتكلميه ده؟
نظرت اليه بذهول بينما تابع بغضب شديد قائلا:
-اما نشوف اخره دلعك الماسخ دِه ايه
حاولت تمالك نفسها ووقفت امامه وهي تهتف بقوة:
– هقول ايه, واضح كدا انك مش ممكن تفهم يعني ايه صداقة بين اتنين ومصطفى اللي مش عجبك دا وعمال تسال عليه يبقي مين؟ يبقى زميلي في الجامعه و ذي اخويا واكتر كمان وعلي فكرة بقي بابا عارف و لو كان شايف اي غلط في الموضوع كان اول واحد وقف لنا و منعني اكلمه, ده غير ان شغال عند بابا في الشركه, بعد كده تيجي تقولي انتي مش واعية, لا اسفة انت اللي مش واعي بالظبط انت ايه بالنسبة لي؟ عارف انت بالنسبة لي ايه يا جلال بيه؟
لم تنتظر اجابته واجابت هي بدلا عنه هاتفة بقوة: ولا حاجه, مجرد واحد اتجوزته بالغصب وبس؟
نظر لها جلال وسط ذهول الصاعق, فلاول مرة يرى جانبا لم يختبره او يراه رغم انه سمع من والدها عليه كثير لكن الان يراه من صغيرته بنفسها, تلك الجنية الصغيرة لها مخالب تخدش بها, بل انها تزمجر كالهرة الشرسة, حسنا يا صغيرة ان لك ان تعلمي انك تنتمين اليه شيء شاتي اما ابيتي, وهي له هو فقط امسك ذراعيه وبداخله بركان من الغضب:
– انا مش ولا حاجه في حياتك يا اسيف, انا جوزك سامعه يعني ايه جوزك, والزفت دي اخر مره تكلميه, وتمسحي نمرته من عندك كمان, و وإذا ما تعلمتيش الاصول والادب في بيت اهلك تتعلميهم هنا فـــاهـــــمـــــه؟
احتـدت عيناها بتلقائية مردفًا ببرود :
– لا مش فاهمه؟
رمقهـا بنظرة قاسيـة نظرة لـوم كان بطريقه لقلبٍ مُتجمد ولكن تدخـلات من حروف تلقائية جعلته مجرد شعور ذابل بين جدران النفس هاتفا بصراخ:
– انتِ فاكرة نفسك اية، لسانك ده عايز يتقطع، اسكتي خالص متعصبنيش يا اسيف, ما تخلينيش اوريكي وش ما كنتش عاوز اوريهلك من اول يوم, صدقيني هتندمي ساعتها انك فكرتى تتحديني؟
اندفعت تستفزه بتهور :
– برضه انتي ولا حاجه ليا يا جلال سامع ولا حاجه
كـز على اسنانه كاملة بعنف، ومن دون شعور وجد نفسه نهض يغلق باب الغرفة بالمفتاح و يجذبها بعنف يطرحها على الفراش وهو فوقها يقبل رقبتها بعنف ملحوظ ؟ حاولت التملص من اسفله بخوف وهي تردد مسرعة :
-انت بتعمل اية يا مجنون ابعد عني
سحبها من يدها بقوة يزمجر فيها بحدة, سمعت صوته يردد بجمود قاسي سقط على قلبهـا :
– انا بقا هوريكِ انا قريب ليكي ولا لا، انتِ اساسا مراتي والمفروض ده يحصل من اول يوم جواز لينا
امسك يدها بشده وتحدث بنبرة تحمل لونًا واضحًا من السخرية :
– بس انا حاولت اعملك بني ادم واتكلم معاكي بالحسني واستني عليكي لحد ما نتعود علي بعض فمش هتفرق دلوقتي من كام يوم
ظلت تان بصوت مكتـوم على وشك البكـاء، بينما هو عقله بين قبضـة غيظ يعتصـره ببرود على ضعفه الطفيف الذي كاد يصدر لها ؟
كانت يده تستكشف معالم جسدهـا وشفتاه تاكل كل جزء يظهـر بعنف حتى ترك علامات مؤكدة على رقبتها وباقي جسدها ، حاولت دفعه مرة واثنان ولكنه كبل يداها الاثنان بيد واحدة واليد الاخرى تُثبت وجهها لينهال عليها بالقبلات القوية المتتالية ملكومـة لا تقدر على الصراخ لتشعر بيده تحاول ازاحة تلك الملابس القليلة عنها بعنف كاد يمزقها
و لكن طرقات قوية في عقله تنبهه بعض الشئ على ما يفعله جعلته يتركها اخيرًا لاهثًا لينهض يهندم ملابسه سريعًا دون كلمة واحدة وينظر لها بحدة ليراها متجمدة والدموع رافضه نزولها امامه ولكن سقطت دمعة وحيدة على وجنتيها مسحتها بسرعة قبل ان يراها فهي من الصعب تظهر ضعفها امام احد ،تنهد بضيق شديد وفتح الباب وغادر .
__________________________________

لتشعر بيده تحاول ازاحة تلك الملابس القليلة عنها بعنف كاد يمزقها

و لكن طرقات قوية في عقله تنبهه بعض الشئ على ما يفعله جعلته يتركها اخيرًا لاهثًا لينهض يهندم ملابسه سريعًا دون كلمة واحدة وينظر لها بحدة ليراها متجمدة والدموع رافضه نزولها امامه ولكن سقطت دمعة وحيدة على وجنتيها مسحتها بسرعة قبل ان يراها فهي من الصعب تظهر ضعفها امام احد ،تنهد بضيق شديد وفتح الباب وغادر .

***

دخل عيسي وبجانبه فرحه تلف العباءة السوداء عليها ليقول عيسي بصوت اجش:
– سلام عليكم
نظر صلاح وتقدم منهم قائلا بترحيب:
– وعليكم السلام ؟ ازيك يا فرحه
هزت راسها قائله بهدوء:
– بخير يا عمي ازيك انت عامل ايه شد حيلك البقاء لله

تنهد مجيب بزعل مصطنع:
– مش زين يا بنتي موت نعمه مراتي لسه ماثر فيا بس عنعمل ايه حكمه ربنا
فرحه بعدم تصديق:
– ونعمه بالله ؟ هي غاده فين عشان ادخل اواسيها واساعدها

هتف صلاح قائلا بلا مبالاة:
– چو مع البنته في المطبخ بتجهز الجهوه والشاي ادخليلها يا فرحه اكيد ما لحجتش تنسى الدار ما انتي ياما عشتي فيها لما كنتي متجوزه عامـ؟

صمت عندما رشقه عيسي بجمر نظراته السوداء, ليقول بتوجس:
-احم چوه من اهنه يا فرحه
احكمت الطرحه السودا عليها لتهتم بالرحيل, قائله بارتباك:
– عن اذنكم
صلاح بتوتر:
– اتفضل يا عيسى اجعد واجف ليه
نظر له وجاهد على تهدئة عصبيته كي لا يتهور بتصرفاته فهمس وهو يشد على حروفه بعصبية: -ابجى خلي بالك من حديدك بعد اكده الظاهر موت مرتك خلاك تخرف في الحديد شويه

اوما صلاح براسه بخوف, ليجلس عيسي بجانبه أخواته جلال و زين وامامه دياب أردف عيسي بعتاب:
-اخيرا جيت يا زين لسه فاكر؟ انا مش جلت لك تيجي على طول
حمحم زين قائلا بضيق:
– معلش يا عيسى كان عندي شويه شغل اول ما خلصت جيت على طول اهو
تنهد عيسي بيأس من تصرفات اخيه, لينظر الي جلال الذي يجلس صامت متسائلا:
– مالك يا چلال في حاچه حصلت؟

جلال بجمود:
– لا ما فيش
كان دياب يراقب عيسي ليهتف قائلا بصوت ساخر:
– ما انت طلعت بتفهم في الاصول اهو يا عيسي بس للاسف مش دائما حجاني مع كل الناس

نهض جلال بغضب يقترب منه قائلا بحده :
-اخويا عيسى طول عمره حقاني يا دياب .. حاسب على كلامك عشان ما تزعلش
نهض زين وعيسي سريعا يقتربون، بينما هتف دياب بنبرة حادة مقصودة:
– وانت اللي هتزعلني يا ولد حسنين لما الكوبار يتكلموا الصغيرين يسمعهم وهما ساكتين

صاح بجدية وصرامة:
– ازعلك وازعل عشره زيك احترم نفسك يا دياب مش اخويا اللي تتمسخر عليه قدامي واسكت
صاح عيسي بصوت تحذير قائلا:
– جــلال خلص الحديد احنا چايين نعزي مش نتخانج
ثم تنهد عيسي عميقا واجاب:
– وانت يا دياب اني بفهم في الاصول من زمان وانت خابر اكتر واحد ديه زين غصب عن اي حد والكبير جبل الصغير

ابتسم صلاح داخله قائلا بخبث:
– چري ايه يا چماعه الناس بتتفرچ عليكم ده انتم اهل مهما كنتم

***
– فــرحــه

لمعت عيناه ماهر بحب عميق ما ان همس باسمها وسرعان ما انتبهت فرحه له قائلة بارتباك واضح متفاجئ من وجوده امامها:
– ماهر البجيه في حياتك يا ولد عمي
ابتسم اليها ماهر قائلا بصوت هادي :
-سبحان من له الدوام

اوما براسه واغمض عينه لبرهه بحزن:
– شوفتي يا فرحه امي ماتت وسابتني لوحدي, مش مصدق انها سبتني لحد دلوقت
فرحه باستعجال:
– معلش شد حيلك, امر ربنا ما نجدرش نعترض عند اذنك هروح اساعد سلمي خيتك

وقف امامها بسرعه قائلا بلهفه:
– استني مستعجله ليه؟ قولي لي اخبارك ايه, انا بقى لي كثير ما شفتكيش, ما تعرفيش وحــشــتــني؟ اد ايه؟
لتبلع ريقها بصعوبة شديدة وهي تنظر حولها وقالت بتوتر:
– يا سيدي زينه عن اذنك بجي

ماهر باستغراب قائلا:
– انتي بتبصي وراكي ليه خايفه من مين يشوفنا؟
فرحه بعدم تركيز:
– من چوزي و اوعي بجي من طريجي
اتسعت عيناه بصدمه وهتف بغضب عالي:
– انتي تجوزتي؟ مين؟ وامتى؟

لفت الطرحه باحكام اكثر تهتم بالرحيل قائله بحده: -مالكش صالح بيا بچى هملني؟

***

بينما دياب كان يتجاهل جميله تمامًا منذ ما حدث بينهمـا؟ وهي لم تكن تحتاج لمفسر يخبرها انه تغير بسبب ضعفها امامه ورده الفعل الوحيده امام الجميع حتي الطعام اصبح يتناول وحيده

كانت دائما صامتة صارخة بداخلها بكتمـان عازفة عن كونها انسانة بروح تنوح داخلهـا، كانت جميله كالعادة في المطبخ تعد الطعام فاصبح هو شغلها الشاغل لكن باردتها حتي لا تفكر في خصام دياب وتجاهله، فلم يقربهـا او يتحدث معها ابدًا تلك الفترة القصيرة ، كانت عيناها ذابـلة من عدم النوم جيد تُهيمن عليها سيطرة خاصة من شياطين ذلك المنزل الذي بدا وكانه امتص نعومتها وانوثتها؟

سمعت خطى تقترب منها فلم تتعب نفسها حتى بان تلف فقد عرفت من القادم تلك الخبيثة التي قد خربت حياتها,وبالفعل صدق حدسها عندما وجدت احلام امامها تهتف بنزق :
– لسه مخلصتيش الواكل ؟ ديه الرچالي زمانهم جايين؟ عتفضلي لحد ميتى فاشلة في كل حاچه اكده
حاولت عقد لسانها الذي كان يتصارع داخل جوفها ليصدر سبابًا لاذعًا لتلك اللئيمه لتصمت, جذبتها فجاة من ذراعها وهي تردف بخشونة :
– جلتلك قبل سابج لما بكون بتحدد امعاكي تردي عليا ولا شكلك رايده تتادبي ثاني

دلف دياب وانظاره تنتقل بينهما ويرى احلام تمسك يده جميله ليعرف بان احلام تتشاجر معها من جديد.

تنهدت جميله براحه كبيرة وهي ترى دياب يدلف, اليهم معتقده مثل كل مره يثور علي احلام من اجلها لكن تفاجأت بشئ اخر؟
ذهب دياب وهو يمد يده ياخذ بكوب ماء يرتشف منه قليل ثم رحل بهدوء ،اتسعت عيني جميله مستنكرًا فعله, لتبتسم احلام بابتسامة انتصار:
-شكله اكده خلاص رمي توبتك وزهج منك وجريب عياطردك من الدار

ابتلعت ريقها بتوتر وشيء ما داخلها يُنذرها بسواد ما هو قادم على حياتها البائسة؟
بدات جميله تذرف دموعها بكثـرة لم تعد تحتمل التماسك ستنهار حتمًا

***
بعد ان رحل الجميع من منزل صلاح وانتهاء العزاء, جلس صلاح جانب ابنه قائلا بجدية:
– زين انك جيت عشان كنت رايدك في موضوع مهم؟ من اهنه ورايح ما فيش راچعه لمصر تستجر جنبي وتساعدني في الشغل وكومان عحتاجك الايام اللي چايه كثير جوي في موضوع ارض عيسى

انتبه اليه ماهر وقال باستغراب:
-هاه تحتاجني في ايه يا بابا من امتى وانا لي في شغلك؟ ما كله بيدور بينك وبين عيسى
زمجر فيه بعصبية واضحة :
– من اهنه ورايح هتبجلك علاجه خلاص انا جلت كلمه وتسمع الحديد وبعدين فين مراتك ما جتش ليه تعزي عشان اشوف احفادي بالمره
تحدث ماهر بعمق باللغه المصريه الذي اكتسبها من عمله في القاهره منذ زمن وكان مقيم فتره كبير هناك ايضا قائلا:
-طلقتها بقت زنانه وشكاكه علي طول زهقت منها و من العيشه معاها

تقوس صلاح فمه بتهكم قوي :
-طلجتها عشان شاكه فيك برضه ولا عشان لسه بتفكر في الجديم ؟ فاكرني مش خابر ان امك جبل ما تموت كانت اول باول بتجول لك اخبارها

نظر الي والده بدهشة أنه كأن يعرف فهو بالفعل مازال يحب فرحه وقد ندم بان تركها وتزوج عليها من اجل الخلفه, اخذ نفسًا عميقًا وقال بنبرة حزينه:
– يعني هي كانت بتقول لي كل حاجه ما اديها اتجوزت اهي وما قالتليش

ابتسم صلاح و رفع حاجباه بسخرية قائلا :
-معاها حج عتجول لك ايه؟ ان الهانم اللي مهتم بيها جوي اتجوزت بعد يوم واحد بس من العده
شحب وجهه بقوة؟ ليردف بغضب واضح:
-يوم واحد هي اما صدقت ولا ايه؟ ولا البيه كان مستنيها عشان اول ما تتطلق مني يتجوزها

رماه بنظرة مستفهمة، ليسال بحده :
– هو انت تعرفه يا ابوي هي اتجوزت مين
هـز راسه الإيجاب ببساطة وقال:
– اللي عارفه طبعا، فرحه اتجوزت عيسى ابن عمك حسنين

نظر له ماهر وهو يهمس بتردد وثقل فقد تفاجأ حقا:
– نعم عيسى وهو عيسي ساب حريم البلد كلهم ما لقاش غير فرحه وهو عارف كويس ان ان بحبها وكانت مراتي؟

ثم ضغط علي يده بعنف يحاول كتم الذي يُزيد من طرب الشياطين داخله بغباء من عيسي ودون ان يشعر وبداخله يؤلمه هتف بتوعد:
– كده طب انا موافق هقعد اهنه لحد ما اخذ طاري منه ويطلق فرحه وترجع لي كيف زمان

***
– جـــــــلال

دخل جلال السرايا وعندما استمع الي صوت امه تنده عليه وهي تجلس بالصالون, عقد حاجبيه متسائلا:
– خير ياما ايه اللي مصحيك لحد دلوج
أشارت اليه بعينها قائله بنبرة غير مبشُـره:
– تعالي اجاعد جنبي رايده اتحدد امعاك فى حاچه مهمه
اقترب منها وجلس بهدوء قائلا:
– خير ياما
عديله بنزق:
– انا ما كنتش رايده اجول لك من الاول عشان ما تجولش عليا بوجع بينك وبين مراتك بس مراتك زودتها جوي
اطلق جلال لعنة مكتومة من بين شفتيه قائلا:
-عملت ايه ثاني الهانم

هتفت بحده و باندفاع:
– يرضيك الهانم مراتك تجل ادبها عليا وعلى صفيه بنت خالتك, ولما هددتها بيك, تجول بعلو صوتها جدامنا كلنا انك ما تلزمهاش

فتح جلال عيناه على وسعهما وقد هرب الدم منه بينما تعالت دقات الغضب داخله تصرخ, فهو علي اخره من اسيف وما زال لم يصفي نحوها منذ الصباح؟

***

دلفت جميله الى الغرفة فلم يعطيها دياب اي اهتمام اقتربت منه هامسه : دياب
صمت ولم يجب عليها تقدمت منه قائله بحزن:
-يا دياب انا تعبت

سمع صوتها الحزين الذي كان كسهم قاسي انطلق ليصيب قلبه الذي يتلاطم بين امواج قسوته الغير معهودة اطلاقًا, لكن حاول التحدث ببرود :
– طب وانا مالي هو انا كنت دكتور؟
اقتربت منه ثم قالت بخفوت تتوسل وهي بحاجه اليه :
– انا تعبت منك ومن طريقتك دي, هو انا كنت عملت ايه لكل ده, كل ده عشان بسكت عن حقي و ضعيفه زي ما انت بتقول,طب ما هي دي حقيقه فعلا , بس انت للاسف مش عارف الحقيقه كلها و ما تحكمش عليا من غير ما تعرف

نظر لها بحدة لينطق من بين اسنانه :
-انا مش بجول عليكي ضعيف انتي فعلا ضعيفه و جبانه كومان, و ما فيش حاچه في الدنيا مهما تحصل امعاكي هتخليكي ضعيفه العيب فيكي انتي من البداية اللي على طول مستسلمه

فصرخت فيه بانفعال دون شعور منها لكن حقا اكتفت :
– لا فيه في الف حاجه ممكن تخليني ضعيفه ومكسورة وبسكت عن حقي , في وجع والم مدفونين هنا جوه قلبي من سنين كل اللي حوليا مش حاسين بيا, بيحكموا عليا بس من غير ما يسمعوني

هتف متنهدًا بعمق وهو يسالها مستنكرًا :
– يعني عتقولي ايه يا چميله مهما كان برده مش عيغفر لك عندي حاچه واصل

انطلقت من بين شفتيها بتلقائية متالمة فنطقت بصوت مبحوح بدا يرجوه النفي :
– لا في الف حاجه ممكن تخليك كاتم في قلبك وساكت عشان ما عنديش حاجه اعملها غير ان اسكت و لو اتكلمت مش هيفيد بحاجه؟ في واحده اتيتمت من الاب والام من وهي عندها 16 سنه, في واحده فجاه لقيت نفسها هتترمي في الشارع لو ما وافقتش تتجوز واحد اكبر منها بـ 20 سنه, في واحده اتجوزت وهي عندها 16 سنه واحد اكبر منها بـ 20 سنه وهي ما تعرفش عن الجواز اي حاجه, ولا تعاشر الانسان ده ازاي؟ ولا طبعه عامل ازاي؟ ولا بيعملها ازاي؟ في واحده الدنيا قاسيه عليها من اقرب الناس ليها اللي المفروض يكونوا اهلها ذي خالتها و جوز خالتها اللي كانت عايشه زي الخدامين في بيتهم ويا ريته كان على كده وبس؟

يا الهي شعور مُحطم؟ شعور كاسر خاصةً ومرارة الخسارة تستقر ببواطن روحها، عادت للخلف خطوتان تحدق عيناها اللامعة بوميض عيناه جامدة متخبطة ما بين الذهول والحزن لتصرخ بهياج هيستيري :
– لا وكمان فوق ده حظها تتجوز واحد مريض كل حاجه عنده بالضرب و بالعقاب ما فيش تفاهم خالص ما فيش اهتمام ما فيش حنيه ما فيش حب لمجرد بس انها تغلط غلط صغير او كبير غصب عنها، بقصدها بقي مش مهم المهم ان هي غلطت ولازم تتعاقب ، ويوم ما فكرت في عيل عشان انسى وجع قلبي وقهرتي اطلع ما بخلفش

حينها لم تتحمل الصمت اكثر من ذلك وهي تنفجر في بكاء عنيف نشيج كان اقوى من قدرتها على التحمل ربما كانت اسبابها جدار يسندها وهي تتذكر معامله محمد معها من الاهانه والسب وضربها ايضا, رفعت راسها وهي تصرخ وكانها تناجي ربها باحتراق روحها :
– و بلاش اقول لك نوع العقاب كان ايه؟ لانك مش هتقدر تستحمل تسمع؟ كفايه انا عشته بس؟

بينما ديـاب كان متجمد؟ مصدوم؟ مذهول يشعر ان دلو من الثلج سكب عليه، كانت شهقاتها تزداد بينما هو يتابعها بصمت لم يكذب ان قال ان روحه تحترق لاحتراقها ان كل صرخة تخرج منها تنغرز كالاشواك بروحه التي ارتبطت بها دون شعور منه .

تذكرت كل شيء اهانتها؟ قسوتها؟ وصفعها ليل ونهار؟ كل شيء جعلها تتالم اضعاف في هذه الحياه وهتفت باصرار كانها كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن:
– و كل ده مش مهم ولا كان فارق عند اي حد؟ انا كنت كل يوم احط راسي على المخده وانا بعيط وكتمه بقي عشان ما حدش يسمعني ويعاقبني حتى على وجعي ومشاعري اللي تخصني انا لوحدي ممنوع اطلعهم برايه او اظهرهم حتى الحاجه الوحيده اللي من حقي انا؟ مش مسموح لي اعملها وكل ده و بتسالني بسكت ليه؟

دقائق اخرى مرت ودياب كالتمثال المنحوت كسجد سلبته منه الصدمة روحه لتبقيه كاشلاء في عرض بحر احزانها؟ لكن كان يتمزق حقا وهو يراها امامه بتلك الحاله.

لكن تركها تفرغ كل ما بها حتي ان تمزق لاجلها
– لا يا دياب لو مفكرني مش بحس ومقهوره و مبسوطه باللي انا فيه تبقى غلطان بس انا بس كنت عشان اتعودت على كده بسكت عشان ما لقيتش حد في يوم طبطب عليا ويقول لي مالك! بسكت عشان ما لقيتش حد فيهم ياخذ لي حقي

رغم ان أعصابه كادت تنفجر من بروزها وانصهارها وهي مازالت تتحدث بهستريه مؤلمة: -الا انت يا ديــاب ما تتخيلش انا قد ايه فرحت وحسيت براحه لما حسيت اني في حد جنبي وسند ليا و يبقى جنبي بس فرحتي مكملتش عشان اديك اهو بتبعد عني

تحركت عندما طال صمته تخطي خارج الغرفه دون كلمة اخرى وهي تراه صامت مما ألمها اكثر مما تشعر به.

ولكن دياب كان الاسرع فجذبها له فجاة بعنف
يحتضنها يتنهد هو بصوت مسموع مُعذب :
– بس خلاص اهدي اني چنبك اهو وعمري ما عبعد عنك واصل يا چميله؟

***

بداخل جناح عيسي يسال بتراقب وحذر:
– في حاچه حصلت هناك ولا ايه؟ طلعتي على طول مسافه ما دخلتي و وشك كان باين عليه متوتره حاچه؟
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بتوتر:
– حاچه كيف ايه, ما فيش اني بس طلعت على طول لما سمعت صوتك مع دياب بتتخانجوا, خفت تمسكوا في بعض

هتف عيسي بصوت صارم:
– طب اعملي حسابك اخر مره عتروحي تعزي فيها, عامر كان هناك و مش رايد رچلك تاخذ علي هناك على طول, انتي عملتي الواجب وخلاص

قالت فرحه بضيق :
– هو اني مالي وماله هو چاي عشان يحضر دفنه امه وانا چاي اعمل الواجب
عقد حاجبيه متسائلا بشك:
-انتي شفتيه هناك ولا ايه؟
هزت راسها برفض بارتباك واضح : لااا
اشار اليها بحذر شديد وقال بلهجة حادة:
-اياكي تكوني جبلتي و وجفتي تتحدد امعاه

حمحمت وهي تهز راسها برفض قائلة بتهرب:
-هو انت و دياب اخوي كنتم بتتخانجوا علي ايه عاد؟

تنهد عيسي مجيب بعمق:
-جفلي على السيره دي

***

بداخل سرايا عيسي جلست نادين وهي تحمل ابنتها الصغيرة وتين هاتفه:
– البجيه في حياتك يا فرحه يجعلها اخر الاحزان
ابتسمت فرحه لتقول بهدوء:
– الدوام لله وحده؟ الحمد لله، شرفتي يا نادين لازم يعني حد يموت عشان تيجي؟ بتوحشينا والله يا نادين انتي و زين وبنتك
هتفت نادين وهي انظارها باهتمام علي التي نزلت من الاعلي وكانت اسيف:
-معلش يا فرحه مشغوله اوي

اقتربت منهم اسيف باستغراب من وجود نادين وقالت فرحه بتفهم لتلمح انظارها علي اسيف:
– انا عارفه ربنا يعينك, دي مرات چلال انتم ما شفتوش بعض جبل سابج صوح
هزت نادين راسها قائله بنظرات غامضه لا تعرفها غيرها:
– اه بس وماله نتعرف؟ انا نادين عز الدين خريجة بيزنس وبشتغل مع زين جوزي في شركته؟
جلست بجانب فرحه هاتفة بابتسامة:
– اه اهلا انا اسيف احمد السيوفي؟ بدرس في الجامعه الامريكيه ولسه ما تخرجتش

ابتسمت فرحه بسعاده لتقول بحب:
– انا فرحانه جوي ان احنا الثلاثه تعرفنا على بعض ان شاء الله نبقى اصحاب انا حاسه بكده تعلقت انظارها وبداخلها غيره انثي مجروحه كلما تذكرت الرسمه التي رسمها زوجها لها قائلة بصوت لا تسمعه غيرها:
– عشان تبقى كملت

تساءلت فرحه يتذكر:
– هو فين زين صحيح يا نادين هو مش كان في العزاء معانا ما رجعش ليه علي اهنه

قالت نادين بسخرية:
– بيقول هيروح يزور واحد صاحبه هنا في الصعيد وحشه, هو زين كده اصلا بتاع واجب قوي

***

كانت جميله مازالت تبكي في حضن دياب, وبمجرد ان اقتربت يد دياب منها يمسح على شعرها وذراعها و دموعها وقبل راسها, وهو يتحدث ببعض الكلمات تهديها حتي استعادة انفاسها اللاهثه تهدأ وبالفعل بدات رويدًا رويدًا وهي تتنفس بصوت مسموع؟ بعد قليل حمل راسها ليضعها بين احضانه و سألها بصوت حنون:
– بجيتي احسن دلوج
لفت ذراعيها بقوه حول خصره تستمد منه القوه والامان لا تعرف متي اوصلها هذا الشعور؟ وهي تردد بصوت مبحوح :
– الحمد لله شكرا بس خليك جنبي
ابتسم دياب علي حركه ذراعيها ثم أبعدها وهو يمسك وجهها بين يداه ويردد بصوت هادئ :
طب الحمد لله ولو مفكره باللي حكيتيه كله ديه؟ ان سامحتك ونسيت اللي عملتي تبجي غلطانه
انصدمت من حديثه لتفتح فمها تتحدث لكن قاطعها قائلا بجدية:
– اسمعيني للاخر يا چميله؟ ربنا وحده اللي عالم كل كلمه حكيتيها وجعتني جد ايه؟ ونفسي اطول زماره رجبه خالتك و جوز خالتك وجوزك اللي مات ده كومان عشان دول يستاهلوا الحرج بس برده انا لسه عند حديدي مش مراتي الي تبجى ضعيفه ومكسوره؟ اني دلوج لو اخذتك بالحضن وجلت لك معلش انتي معاكي حج و خليكي ساكته عن حجك اكده الوضع عيفضل هو هو ز ما فيش حاچه عتتصلح ومش ديه اللي انا رايده يا چميله

كادت عيناها ان تدمع انهار حرفيًا وهي تهمس بصوتها مذبذب متوجع :
– طب اعمل ايه؟ انت برده مصر تشيلني ذنب كل حاجه حصلت ان انا السبب فيها؟
اوما براسه برفض ثم اخبرها باختصار :
ما تجوليش حديد انا ما جلتوش؟ و مش ديه اللي اني اجصده و ماخبرش عتعملي ايه او ايه الحل؟ عشان ما حدش في الدنيا دي كلتها يجدر يساعدك غير نفسك

هتفت جميله بغضب منفعل :
– يعني اروح انزل ضرب في الزفتة احلام لحد ما تطلع في الروح عشان ترتاح
صمت لحظه وهو يفكر ليقول بنبرة جاده :
– طب والله فكره ليه لا؟
عقدت جميله ما بين حاجبيها بعدم استيعاب ثم أردفت بتلقائية مستنكرة :
– انت بتقولي انك عايزني اضرب مرات اخوك

مط شفتيه بعدم مبالاة قائلا بابتسامه خبث:
-مش اللي جبلنا جالوا العين بالعين والسن بالسن؟

***

صعد جلال غرفته و يشعـر بغليان في اوردته؟ جنون من حديث والدته عن اسيف وعن انه لا يلزمها وقسوتها معه دائما فقد مازال لا يطغي عن انها كانت تتحدث مع رجل غريب، فتح الباب بقوه والتفتت اليه متنهُدة بيأس:
– هو انت مش هتبطل تفتح الباب بالطريقة الهمجيه بتاعتك دي ابدا؟

اقترب منها والشياطين تتراقص امامه جذبهـا من راسها بعنف يقربها وهو يزمجر بجنون افقده ثباته تمامًا :
– يا شيخه انا زهقت منك ومن تصرفاتك الـزبـالـه كل شويه تطلع لي بحاجه شكل ناقصه تربيه وابوكي مش قادر عليكي وقلنا ماشي لسانك طويل وعاوز قصه وبسكت ومش برد؟ بتكلمي راجل من ورايا و عديتها لك بمزاجي وانا اصلا شاكك في الموضوع ده ان في حاجه غربيه ويا عالم مين ثاني و لما بتتكلموا بتتكلموا في ايه والنهارده توصل بيكي الجراه وتقولي قدام ماما وبنت خالتي وفرحه بعلو الصوت ان انا ملزمكيش

حاولت اسيف التملص من قبضته التي تؤلمها وبدات الدموع تتجمع بعينـاها وهي تستمع الى اهانتها الشديدة بهذه الطريقه وشيء داخلها يؤلمها لتبعد عنه بقوه ليتركها وهمست بحروف متقطعة من الصدمه من هجوما:
– اوعي سيب شعري
قبض على ذراعيها بعنف وهو يسألها مستنكرًا :
-انا مش عارف بعد كل ده ماسك نفسي عليكي ازاي؟ انا تعبت وقرفت من تصرفاتك
– خلاص طالما مش طايقني اوي كده طلقني وريح نفسك؟

قال بعنف صارخًا بصوت قوي مُخيف افزعها بشده :
-ده بعينك هسيبك كده زي البيت الوقف والله العظيم يا اسيف ورحمه ابويا اللي ما بحلفش بيها كدب لاهعيد تربيتك من اول وجديد على ايدي

لتقول بصوت حازم باصرار قوه داخلها غير مسموع:
-ده لو قعدتلك فيها ثانيه من دلوقت

انتظرت حتى غفوه جلال وحملت حقيبتها وخرجت بهدوء حتي لا يستيقظ؟

اقترب الخادمة بتسأل بادب:
– خير يا هانم رايده حاچه
صاحت اسيف بغضب شديد وقالت:
– غوري من وشي انتي واللي مشغلك
ابتلعت ريقها بتوتر وقالت بخوف:
– طب على فين سي چلال محرج علينا ما حدش يسيبك تخرچي لوحدك؟ من ساعه ما خرجتي اول يوم جواز

جزت علي اسنانها بعنف هاتفه بجدية وهي تهتم بالرحيل الي القاهرة :
– قولتلك اوعى من وشي السعادي انا مش طايقه نفسي وعلي اخري وابقي قولي للبيه اللي مشغلك اديني سيبها مخدره عشان يعرف يمد أيده عليا بعد كده؟

***

في صباح يوم جديد تشرق الشمس بنورها الساطع علي منزل دياب حماد الجبالي, كانت تجلس احلام كعادتها اعلي الاريكة بالصالون وتسمك مـبـرد بيدها تبرد اظـافـرهـا بهدوء وراحه, حتي سمعت صوت اقدام علي السلالم وكانت جميله تنزل لتقول متسائلة ببرود:
-ناموسيتك كحلي كل ده نوم يا اختي, يلا المطبخ مليان مواعين من امبارح غير الفطار
اكملت بلهجة أمر:
– اغسلي المواعين الاول وبعد اكده حضري الفطار بسرعه؟
لترد بهدوء مماثل :
– ليه هو انتي اتشليتي؟
وقفت احلام أمامها قالت ببلاهة :
– انتي بتكلميني انا كده يا بت؟
جميله ببرود:
– لا وكمان شكلك اتطرشتي وعميتي .. هو في حد حوالينا غيرنا

اتسعت عيني احلام بدهشة وهي تردف بسخرية: ديه القطه طلعلها لسان وبجت بترد وبتبجح اهو
لتضيف مردده بجبروت مُخيف :
-على العموم تعالى بجى اوريكث اتشلت ولا لا؟ شكلك اكده وحشتك ايدي و رايده تاخدي علجه على الصبح تصبحك؟

حينها ومن دون تردد احلام كانت تمسكها من ذراعيها لتضربها ولكن اطلقت جميله صرخه قويه وهي فجاه تجذب أحلام من ذراعها و تشد خصلاتها بعنف و تهزها بشده ، انصدمت احلام بذهول شديد لم تتوقع إطلاقاً ما تفعله بها جميله؟

صرخت احلام وهي تمسك شعرها بالم تحاول فك قبضتها عن خصلاتها وهي تصرخ :
– يا بنت المچنونه؟ سيبيني؟ شعري ااه

ولكن جميله لم تتركها أبدا بلا استمرت في جذب شعرها بقوه وبحركة مبتاغه كانت تدفعها بعيدًا علئ الارض وهي فوقها تضربها ولم تعطيها فرصه للهروب بــعيــده عُنــهــا؟
واخيرا ابتعدت وتركتها جميله وهي تتنفس الصعداء بصوت عالي من المجهود وفي تلك اللحظة دخل دياب وضاحي وفرحه علي صرخه جميله اقترب ضاحي بقلق: في ايه؟

سقطت احلام طرحتها ارض وشعرها مبعثر بشده وبعض كدمات زرق علي وجهها,نهضت احلام بصعوبه بالغه وهي تمسك ظهرها بالم شديد في انحاء جسدها تبكي وهي تسرع قائله :
– ااه ضهري تعالوا شوفوا المچنونه دي عملت فيا ايه؟

عقدت فرحه حاجبيها بدهشة متسائلة:
– يالهوووي مين اللي مشلفتك خالص اكده يا احلام؟ ده انتي وشك رايح خالص وما فهوش حته سليمه

صاحت احلام بعصبية مفرطة:
-بنـ* عدمتني العافيه ونزلت فيا ضرب اخذتني على خونا عشان تعرفوا لما اجولكم انها مش سهله
فرحه بصدمه وهتفت بفضول:
– ايه چميله ضربتك؟ صوح عملتي اكده يا چميله ضربتك كيف ديه يا احلام

زمجرت احلام بجنون :
– فرحه انا اللي فيا مكفيني مش ناجصه حرجه دم ده بدل يا اختي ما تزعجلها؟ بس كيف ماهي حبيبتك انتي مش شايفه وشي عامل كيف منها

هتفت فرحه ببساطه قائله:
– ما تكبريش الموضوع جوي عاد يا احلام؟ ده هو يدوبك كام شعره مش موجودين جدم خالص في راسك؟ و وشك ما فيهوش حته سليمه زي اللي ملعوب فيه كوره في الشارع
و مدمر يا عيني خالص، و اشي خد احمر واشي خده اخضر والظاهر اكده كومان في سنتين من سنانك هيروحوا .

صرخت احلام باعلى صوتها بغل:
– بس يا فرحه متحرجيش دمــي.. انا على اخرى؟

تنهدت فـرحـه بضيق شديد وقالت:
– يوووه يا ريتني كنت جدمت شويه كنت اتفرجت
نظر اليها دياب بحذر, لتقول بسرعه:
-احم لا بس عيب هما مش صغيرين علي اكده
نظر ضاحي لجميله بحده وقبل ان يتحدث هتف دياب بنبرة حادة:
– ايه يا ضاحي مش هنشوف شغلنا ونكبر دماغنا من دلع الحريم ديه عاد ولا ايه يا اخويا

توقف ضاحي مكانه، ليقول بتوتر:
– هاه اه صوح يلا نشوف اشغلنا
اتسعت عينـا احلام بداخلها بركتا من حمم شيطانية مستعدة لاحراق كل مَن امامها؟ وهي تراقب رحيل زوجها وكان لم يحدث شئ لها ولم يرد على اهانتها .

رحل دياب بهدوء ثم نظر الى جميله بابتسامة غامزًا بطرف عينه لها لتبادله جميله الابتسامه بابتسامه واسعه وراحه كبيرة داخلها لانها أخذت حقها اخيرا، لاول مرة في حياتها، لتعرف وتفهم لماذا كان يفعل ذلك معها باصرار.

اقتربت وقالت فرحه بعصبية مصطنع:
– بت يا چميله عيب تعملي اكده في ابلتك احلام؟
سحبتها فرحه بعيده لتقول بصوت منخفض مبتسمه:
– تعالي چوه ده احنا عنحكي للصبح؟ واحكيلي ضربتي البنت دي كيف؟

ابتسمت جميله بشده علي حديثها مما اشعل النيران في احلام اكثر, لتنظر اليها فرحه بحذر وهي تكتم ضحكتها بصعوبة قائله بصوت عالي:
– تعالي معايا چوه عشان اعرفك غلطتك زين جال تضربي احلام جال.. هي الدنيا حصل فيها ايه يا أولاد.. اديك دي ولا من سنك؟ عشان تهزچيها وتمسحي بكرامتها الارض اكده .

** ** **

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى