رواية بيت السلايف الفصل الثامن 8 بقلم خديجة السيد
رواية بيت السلايف الجزء الثامن
رواية بيت السلايف البارت الثامن
رواية بيت السلايف الحلقة الثامنة
نظرت اسيف لهم جميعا (والدها – ثريا – هايدي اختها) ومن ثم وقفت امام والدها ليغمغم:
-اسمعي يا اسيف، انا عارف عدم رغبتك من الجوز لكن الموضوع تم وهيكمل بارادتك او دونها ده كان اتفاق بيني وبين جلال شاب مجتهد وشريك معايا في الشركه وشافك بالصدفه وانتي جايه هناك الشركه و اعجب بيكي وطلبك للجواز وانا وافقت وهتروحي تسكني معاه بعد الفرح لما يحصل باذن الله في الصعيد بلده .
انتفضت من مكانها صارخة بغضب عارم:
– ايــه!! انت عارف انت بتقول ايه؟ عارف عملت فيا ايه.. رايح تجوزني لواحد ما اعرفوش و بالطريقه دي فاكر كده انت بتلوي دراعى عشان خاطر السنيوره اللي واقفه وراك
اجفلت فجاه بخضه من صوت احمد الصارخ بغضب مخيف:
– اسكتي يا اسيف واياكي ترفع عليا صوتك بعد كده بالطريقه دي انا ابوكي اوعي تنسي كده وكلمتي هتمشي عليكي غصبا عنك وما تنسيش ان خلاص كتب الكتاب تم واتجوزتي
– اه قصدك اللعبه اللي لعبتها عليا انت ومراتك عمالين تستغفلوني وتتفقوا علي موضوع الحفله من ورايا وانا زي الغبيه كل ده ومش فاهمه اللعبه اللي بتتلعب من ورايا. على فكره ممكن كنت بكل بساطه ارفض واحرجك قدام الناس دي كلها بس فكرت في منظرك وعملت باصلي وقلت بعد الحفله هروح ارفع قضيه خلع على البيه اللي جوزته لي
نظر لها والدها بهدوء وقال:
– لو كنتي رفضتي الجواز قدام الناس كنت برده هجوزك عن طريق التوكيل اللي انتي عاملاه ليا. وفكري كده بس يا اسيف ترفعي قضيه خلع وشوفي انا هعمل ايه. او انا ليه؟ ما جوزك موجود وهو يشوف له صرفه.
نظرت لوالدها بغيظ وهمست بصوت خافت:
– تمام و انا ما بخافش وريني بقى هيعمل ايه
التفتت لترحل من الفيلا بالكامل لم تلحق ان تطلق انفاسها إلا ووجدت شخص يقتحم عليها الطريق بجسده لتقول بغضب:
– ما توعى من وشي يا بني ادم انت كمان.
بقي فوق راسها لتلقي نظره له لتعرف هويه يقف مبتسم باستمتاع لتقول بابتسامة ساخره:
– هو انت اهلا بعريس الغافله.
لم تختفي الابتسامة اللعينة عن ملامح وجهه الجذابة ودنى منها بهدوء نمر متربص لتتراجع تلقائيا للوراء الى ان توقف قبلتها تماماً ليحني راسه رويداً رويداً وتتقابل ذهبية مع فضيتها ثم همس بصوت اثار القشعريرة في اوصالها:
-مالك يا ست البنته ايه اللي مضايجك
قالها جـلال باللغه الصعيدي عن قصد لتجيب باستهزاء -وكمان صعيدي. اسمعني كويس يا بني ادم انت عشان هوفر الكلام عليك وعليا ،انا وانت مستحيل يجمعنا بيت او افضل على ذمتك دقيقه واحده كمان فمن الاخر كده تتفضل معايا عشان نطلق وننهي المهزله دي.
مط جـلال شفته بعدم مبالاة:
– بس اني مش رايد اطلجك
ابتسمت اسيف ابتسامة باردة خالية من المشاعر وقالت وهي تهتم بالرحيل:
– ومين قال لك انا باخذ رايك اصلا. لو ما عملتش كده برضاك هطلع على اي محكمه وهرفع عليك قضيه خلع
هتف جـلال بصوته الصارم الجاد: -استني اهنيه لسه ما خلصتش حديد ولا
سمحتلك تمشي عشان تهمليني اكده
انكمشت حدقتيها بغضب مخيف وطفح الكيل به من استهزاء وسخريته من الامر :
– انت دماغك دي متركبه على الفاضي انت مين عشان تسمح ولا ما تسمحش، انا وقت ما احب اعمل حاجه اعملها من غير اذنك متسوقش فيها وتفكر نفسك جوزي بجد
تنهد بصوت مسموع بقوه يحاول ضبط اعصابه حتى لا تؤثر عليه من البدايه ليعلم في هذه اللحظة كم كان والدها محق جدا الا انه لم يمنحها المجال للحديث مره ثانيه حيث قام بجرّها ورائه دون ان يابه بنظرات الجميع وهي مندهشة من جراته المبالغة، ودت الاعتراض على طريقته فهذه اول مرة تراه وتتصرف هكذا اذا كيف لاحقا؟ يجب ان يضع النقط على الحروف
همس هكذا داخله، و نزعت يدها بعنف من قبضته وصاحت بغضب :
– انت ازاي تتجرأ و تلمسني كده وتجرني وراك بالشكل ده
رمقها بنظراته مستمتعة وهتف ببرود اغاظها: -هه دلوج طلعلك صوت وظهرت مخالب القطة الصغيرة. اسمعيني كويس يا بنت انتي عشان شكلك اكده مش بتيچي بالادب ولا الزوج نافع امعاكي اتجي شري احسن لك انتي لسه ما تعرفنيش زينه. وجو الطلاج والجضيه اللي عاوزه ترفعيها والهبل ديه تنسى من قاموسك خالص من اهنه ورايح حديدي اني اللي هيمشي وبس.
لم ترد عليه الا بنظراتها الحانقة ليتابع بجدية: -خابره الاحسن ليكي تتعلمي كيف تتصرفي مع جوزك
– خلصت كلامك.
عقد حاجبيه وقال بتراقب:
– ايوه خلصت وياريت تسمعي الحديد وتوفري على نفسك المناهده ديه
ألقت نظرة بسيطة وقالت ببرود:
– طز.
اتسعت عيني جلال بدهشة لتكمل باستفزاز :
– كل اللي انت قلته ده ولا عجبني ولا دخل دماغي. زي الهواء اللي عدي قدامي ولا ركزت فيه من الاساس
– استغفر الله العظيم يا رب.
هتف جـلال داخله بصوت يغلي لا يعرف حقا التصرف كيف معها.
نظرت اسيف اليه باستهزاء لترحل لكن جمدت مكانها و ارتعشت فور ان شعرت بيديه تحيط ظهرها وتقربها اليه فتلقائيًا ارتدت خطوة الى الخلف هي ليست معتادة ان يلمسها اي رجل غير والدها.
حدجته بنظرات متعجبة، متسائلًه باستغراب:
– ايه ماسكني كده ليه ابعد عني؟
بابتسامة هادئه دنى جلال منها وقبّل راسها ويقول بجدية مثيرة للاستهجان:
– ابقي خفي المكياچ بعد اكده الي انتي حطاه شويه عشان لما اچي احضنك قميصي ما يتسخش من احمر الشفايف والفرح اللي انتي عاملاه في وشك، ما شافوش على وشك ثاني
اتسعت عيني اسيف جرأته ومن صدمتها بكلامه التي نطق بها،بقيت تحدق بوجهه بذهول اي حضن يتحدث عنه ومن سوف يسمح له بهذا لا بد انه معتوه حتى يقول لها هذا الكلام في حين هو من عانقها وليس هي، لا يعقل غير منطقي اطلاقًا هذا الرجل.
جحظت عينيها الخضراء بصدمه. ضمها الى صدره قبل ان يبتعد عنها قليلًا بسبب يديها الذي تحاول ابعده عنها، ليجذبها الى حضنه مرة اخرى ويديه تطوقان ظهرها باصرار غريب.
ارتعشت بين يديه لا يفهم انها غير معتادة بعد على قربه منها؟ وضعت يدها خلف ظهره ليجذب جلال يدها الثانية ويغلغلها داخل يده قبل ان يهمس لها بالقرب من اذنها:
– والفستان ده كومان ما يتلبس ثاني
همست بتوتر :
– انت مجنون مستحيل تكون طبيعي؟
-ايه اللي مش طبيعي بعمله ؟وبعدين في واحده تقول لجوزها اكده عشان بيحضنها ، امال عتجولي ايه في الباجي
ختمها بغمزه لتتسع عيناها بصدمه وهتفت بغضب شديد:
– ابعد عني.
ابتعد عنها اخيرا وتابع وهو يرفع وجهها بطرف اصابعه: الف مبروك يا حبيبتي. عجبال ما تبجى في حضني وانتي في بيتي.
***
كانت احلام تنظر الى جـميـله بحقد وغيره شديد منها حتي امرتها بلهجه لا تقبل النقاش بتنظيفها الي المنزل بالكامل جلبت ادوات التنظيف المكونه من قطعة قماش قديمه وفرشاة ارضيات و صابون سائل للتنظيف وسطل به ماء، وضعت القليل من السائل فى الماء المتواجد فى السطل وقالت :
– يلا عتفضلي تتفرچي عليا كثير البيت بعد اكده عتقسم ما بيننا احنا الاثنين والنهارده دورك . هتنضفي البيت كله سامعه
نظرت جـميـله اليها بصدمه وبادلتها احلام النظرات بلا مبالاة وقسوه بينما الخادمات يقفون ينظرون اليها باشفاق ولا يقدرون على الحديث تنهدت جـميـله بطاعه ليس اول مره تعمل في البيوت في منزل خالتها كانت تفعل كل شيء بنفسها ويجب ان لا تفتعل مشاكل هنا ، احضرت الماء عدة مرات سكبته فى تلك الطرقات ثم بدات فى حك الارضيات بتلك الفرشاه.
احضرت مياه نظيفه عدة مرات،افرغتها على الارضيات، وبعدها شدتها الى الحمامات مره اخرى بواسطه و احنت جزعها العلوى حتى تصل الى الارض لتمسح الارضيات بواسطة تلك الخرقه الباليه. ثم توجهت اخيرا الى الغرف فعلت بها مثل ما فعلت أسفل و غسلت الاحواض والمكان المخصص لقضاء الحاجه جيدا.
بعد انتهائها بما كلفت به ،ذهبت الى تلك احلام تبلغها بانها قد ادت التنظيف بالكامل لم تصدق انها قامت بذلك فى وقت قصير فهذا العمل يكلف به اكثر فهى امرتها بذلك كنوع من انواع العقاب لها من غيرتها تجاهها وترويضها حتى لاتفتعل المشاكل، وعندما أخبرتها جـميـله بذلك اغتاظت منها،ثم اشارت لها بتهكم ان تتبعها قائله :
-تلاجيك كروتي التنظيف اني ما ينفعنيش الحديد ديه. انا رايده البيت بيلمع اتفضلي جدامي وريني عملتي ايه؟
كانت تسير معها فى المنزل وهي تتنقل احلام من غرفه الي غرفه،على وجهها الانبهار من النظافة وبعد ان انتهت من تفتيشها حدقت بها طويلاً ثم قالت بقسوه:
– طب چدامي يلا على المطبخ الرچاله زمانهم جايين من الشغل دلوج واكيد جعانين
تنهدت جـميـله بتعب وارهاق شديد واضح عليها فقد نظفت واستهلك كثير من صحتها تحدثت برجاء :
– طب انظف البيت واطبخ في نفس اليوم خليكي انتي النهارده عليكي الطبخ وانا بكره هعمل مكانك
شهقت احلام بحده لتتحدث بقوه قائله :
– هنبدا الدلع من اولها خلاص براحتك بس لما يجي دياب ويسال ما عملتيش ليه ما تبجيش تزعلي من اللي عيعمله
– والله مش بتدلع بس تعبت بجد.
احلام بخبث هاتفة:
– اصل هو اللي طلب مني الصبح اخليكي تشتغلي شغل البيت والطبيخ كومان خابره سلمى الله يرحمها لما كانت ما بتعملش حاچه طلبها منها كان بيعمل فيها ايه. كان بيموتها من الضرب
ارتعش جسدها بخوف شديد منه لتقول:
– لا خلاص هعمل بس اوعي تقوليله حاجه بالله عليكي
اتسعت احلام بابتسامة انتصار، ترجلت جـميـله الى المطبخ دون اى حديث ، بمجرد دلوفها الى الداخل تفاجات بالاوانى والاطباق والاكواب المتسخه الكثيرة، وامرتها احلام قبل الطهي ان تجلى، شرعت فى عملها على الفور ولم تتذمر لرؤيتها الكم الهائل من الاوانى والاطباق والاكواب بل احضرت اناء به سائل تنظيف لغسل الكم الهائل، وجدت احدى الخدم قد رافت بحالها وكانت تاخد ماتغسله الى حوض المطبخ، لتفتح صنبور المياه تضعه اسفل المياه دون الوصول الى قاع الحوض حتى تزيل اثر سائل التنظيف من عليه وكل هذا تحت انظار احلام تنظر بابتسامة انتصار التي تتوعد لها باكثر حتى ترحل من هنا بلا عوده
بعد فتره طويله، تنهدت جـميـله بتعب و أبتسمت لفرحه الطفله الصغيره التي جاءت لها وطلبت منها قالب كيك بالشوكولاته اومات براسها بالايجاب لها رغم تعبها لكن هذا اول طلب تطلبه منها وامسكت يدها الصغيرة تقبلها بحب وقالت:
– انتي جعانه يا حبيبتي ؟
هزت الصغيرة راسها بنعم وقالت:
– رايده كيكه بالشيكولاته تكون كبيره وشكلها حلو .
تحركت جـميـله وهى تمسك بكف الصغيرة ودلفت للمطبخ مجدداً اجلستها امامها لتبدا بالتحضير حتي انتهت ثم قطعت لها من الكعكة اللذيذة. سمعت فرحه صوت الباب في الخارج فعلمت انه والدها لتتحرك اليه سريعا
دلف دياب للمنزل يلقي السلام ينحني لطفلته الصغيرة يقبلها بحب ابوي ويدفعها برفق بينما جاءت له سريعا احلام بابتسامة عريضة تستقبل إياه:
– حمد لله على سلامتك يا دياب
تنهد بضيق ولم يجيب حتي كانت عيناه تبحث عن احد متسائلا:
– امال چـميـله فين
لوت شفتيها باستنكار:
– نعم چـميـله بتسال عليها ليه؟
– وانتي مالك واحد بيسال على مراته دخلك انتي ايه
جزت علي اسنانها بعنف لترحل من امامه بغضب من البدايه يسال عليها فماذا بعد ، لم ييأس دياب وهو يبحث عنها،و بعد قليل كان واقفا خلفها وهي احست باحد خلفها اعتقدت فرحه لتمد يدها بطبق الكعكة قائله دون الالتفات إليه:
– خذي يا فرحه الكيكه خلاص بردت بس
ما تاكليش منها كثير عشان الشيكولاته ما تتعبش بطنك وما تعرفيش تتغدى
اجابها دياب وهو يتناول قطعة من الكعكة باصابعه بتلذذ واستمتاع:
– هي الكيكه لفرحه بس ما ينفعش دياب
شهقت جـميـله بقوه وألتفتت ليقع الطبق في الأرض ونزل دياب واحضره بهدوء، هتفت بخوف شديد:
– اسفه ما حسيتش لما دخلت ما اعرفش وقع منى ازاي
وضع الطبق جانبها وقال ببساطة:
– ولا يهمك بس ابجى خذي بالك بعد اكده
انتفضت من غرقها في الماضي ودوامة افكارها المتضاربة في عقلها لتقول بصوت مهزوز :
– اسفه هاخذ بالي المره الجايه مش هعمل كده ثاني. بس ما تضربنيش
بهت وجه دياب مما سمع وهز راسه ربما أخطأت اذنيه فيما سمعت يسألها بشك :
– جلتي ايه
– ايوه تضربني و تعاقبني عشاني وقعت الطبق
امتعض وجهها وانكسرت ملامحها بينما تعجب من جملتها والاكثر تعجبا رد فعلها والخوف في عينها، فاي ضرب واي عقاب لمجرد طبق ؟ قال: جلتلك الموضوع مش مستاهل ديه مجرد طبج
حاولت تغير الموضوع وسألته بخجل :
– انت هنا من امتى
تنهد دياب واجاب:
– لسه من شويه بعد اكده اعرفي معادي رچوعي من الشغل وتجفي علي الباب تستجبليني (تستقبليني)
كانت لهجه الأمر مخفية رغم تحدث بهدوء لكن فكرتها خطأ عنه هتفت بتلعثم وهي خجولة :
-اسفه ما كنتش اعرف ميعادك و كنت مشغوله في البيـ.
– واخذ بالي انك بتعملي ايه اني بس بلفت نظرك وبعد اكده حاولي تفضي نفسك في ميعاد رچوعي
هتفت جـميـله بطاعه :
– حاضر
تتطلع لها بحنان وهى تتحرك بمهارة داخل المطبخ و المرتب باهتمام وعناية وطلب منها بادب إعداد فنجان من القهوة له واحضاره في غرفته لتقول بتلقائيه .
– طب مش هتتغدى الاول
نظر اليها بصمت لتقول بخوف دون مبرر:
– خلاص براحتك هعمل لك القهوه
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره من امرها بهدوء:
– لا خلاص هاكل لما تحطي الوكل على السفره ناديني.
***
كان يجلس عيسي بداخل عرفته حتي فتح الباب لتدخل فرحه حامله صينية رصت فوقها اطباق عديدة مما لذ وطعام من طعام يفوح رائحته في الجو ليسيل اللعاب، وضعت الصينية فوق الطاولة الصغيرة الموضوعه اسفل النافذة الزجاجية العريضة التي تتوسط الحائط المجاور للفراش, امام عيسي الذي نظر الي الطعام الطازج بشهيه وشمر كمام الجلباب الصعيدي لياكل براحه هاتفا:
-اه الواحد تعب النهارده في الفرح جوي
اتجهت فرحه الى مقعد جانبه تجلس و هتف عيسي دون النظر اليها وهو يقول:
– ما تيچي تاكلي جاعده بعيد ليه ؟ الاكل طعمه حلو جوي
اجابت فرحه متنهدا :
– مش رايده شبعانه
قال عيسي بانشغاله في الطعام:
– براحتك
تطلعت فيه بضيق شديد وقالت:
– هو ايه اصل ديه انت اما صدجت تاكل لوحدك الله يرحم ايام زمان ما كنتش بتحط لجمه في خشمك من غيري. ولا كان حديد وخلاص
نظر اليها باستغراب قائلا:
– في ايه مالك مش جلتي مش جعانه عغصب عليكي تاكلي بالعافيه يعني .
فرحه بغيظ وبهمس:
– لاه يا عيسى كل انت وشبع بطنك كل يا اخويا انت شجيان طول اليوم و هفتان
عقد حاجبيه متسائلا بحده:
– في ايه مالك يا وليه انتي اتجنيتي اياكي
صاحت بنبرة غيظ شديد:
– ما فيش
نظر اليها بضيق وقال :
– براحتك
نظرت فرحه بحنق قائله بحده:
– شوف الراچل حرج دمي هي تجضيه واجب وخلاص
تنهد مجيب بغضب:
– وبعدهالك عاد انتي رايده ايه في يومك ديه
زفرت بضيق وقالت بغيظ :
– المفروض اما اجول لك ما فيش وانت حاسس في حاچه تفضل تسال اكثر من مره لحد ما اجول لك فيا ايه ؟
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره:
-طب ليه يعني ما تجولي على طول فيكي ايه ديه الفراغ اللي انتي فيه ديه
جزت علي اسنانها بغيظ متحدثه بغضب:
-تصدج انك راچل مستفز. صحيح الاهتمام ما بيطلبش
عيسى بنفاذ صبر:
– هو ايه اللي رايده تطلبي نجيبهلك منين عشان نخلص من زنك
فرحه بغيظ:
– انت بتتمقلد عليا يا عيسى واني متضايجه
عيسى متسائلا بخشونة وحذر:
– ايوه متضايجه مالك بجي اخلصي وجولي فيكي ايه اني مش فايجلك بدل ما اجوملك و اوريك الاهتمام بتاعي شكله ايه
ابتلعت ريقها بتوتر وقالت:
– هاه لاه على ايه ما فيش حاچه خلاص
ضرب كف يده على يده وصاح بصرامة:
-اللهم طولك يا روحي ما تنطجي مالك عاد
رددت فرحـه بوهن:
– طب ،انت صحيح رايد تتجوز عليا كيف ما امك رايده تچيب اخ لي صالح
ابتسم عيسي وقال :
– والله انتي وليه مخبله كل ديه عشان اكده.لاه يا اختي اطمني عمري ما عتجوز
ابتسمت له قائله بسعادة:
– صوح يا عيسى
هز راسه هاتفا ويقول وهو يكشف الاطباق ليستنشق رائحة الطعام الذكية :
– ايوه صوح لما اجدر عليكي انتي الاول وعلى چنانك ابجى افكر اتجوز بعدين
ضغط علي شفتها بغيظ ونهضت بغضب :
-اكده يا عيسى تسلم يا ابن عمي متشكره جوي ما هو ديه العشم. اني طالع عيني مع امك وابنك وفي الاخر تجول لي اكده اني مجنونه
ذهبت تجاه الفراش تنام اعلي الفراش قائله بحده:
-طب علي فكره بجي اني لو اتچنيت صوح يا اخويا يبجي من معاشرتي معاكم. تشكر ابجى بعد ما تخلص اكل شيلي الصينيه ونزلها بجي
ألقت الغطاء علي جسدها بالكامل بينما. اتسعت عيني عيسي بصدمه مرادفا:
– يا بنت المچنونه مالها ديه ؟
ثم تنهد عيسي بيأس لينهض اليها :
– فرحه جومي
هزت جسدها بمعني لا من تحت المفرش حتي سمعت صوته الغاضب والصارم :
– عتجومي ولا اجومك بطريجتي عاد
سحبت الغطاء بعنف من عليها وقالت:
– في ايه عاد انت كل شويه تهددني رايد ايه مني تاني
جلس جانبها واحتواها بقوة بين ذراعيه و مال عيسي على يدها القابعة في يده مقبلا لها ويقول بحنو:
– ولما انتي سمعتي حديد امي معايا ما سمعتيش ردي عليها كان ايه، عمري في حياتي ما اعملها و افكر اتجوز عليكي يا فرحه انا مش جليل الاصل انتي اكتر واحده تعبانه في الدار مع امي واخواتي وابني وفوج كل ديه عمرك ما اشتكيتي في مره .. جلتها لك قبل اكده انتي غاليه جوي عليا يا فرحه
– انا بحبك جوي يا عيسى ومش عاوزه حد يشاركني فيك في يوم جول عليا واحده انانيه ما بتحسش اي حاچه بس برده مش رايده حد يشاركني فيك. انا عمري ما كنت ضعيفه في يوم يا عيسى الا معاك حتى زمان لما كنت متجوزه ماهر وعرفت انه اتجوز عليا هي ثانيه بعت كل حاچه مجابل كرامتي بس معاك مش عقدر اسيبك
زفر بضيق وقال بحدة مكتوم:
– وبعدهالك عاد بتچيبي سيره الزفت ديه ليه
تحدثت بفرحه قائله بلهفة:
– يجطعني يا اخوي مش جصدي ما تزعلش مني.
ثم شهرت سبابتها في وجهه وتابعت بحدة تصل اليه: -وبعدين هو اني كل ما اتحدد تجول لي انتي غاليه عليا بس
عقد حاجبيه متسائلا:
– امال رايده ايه ثاني
نظرت اليه بعينين شفافتين مجيبة:
– جولي بحبك كيف ما اني بحبك مش انت بتحبني
-احم هاه اه
قالها عيسي باحراج
انفجرت بضحك عليه قائله:
– ايه يا عيسى انت مكسوف
زفر عيسي بضيق و قال بحده:
– وبعدهالك عاد اتلمي بجى في يومك ديه عتكسف من ايه
منع نفسه من ذلك بصعوبة وليس المانع وحده هو عدم عشقه لها ولكنه لم يعتاد على اظهار مشاعره امام الاخرين ثم نهض واحضر صينية الطعام ليضعها بجوارها فوق الفراش تحت انظارها السعيده ثم رفعت يدها بمعلقة الطعام ومدت يدها لتتناولها فابعدها عن متناولها وهو يردف بابتسامة:
– لاه اني اللي هوكلك بيدًّي.
ابتسمت فرحه ابتسامة صغيرة ولم تستطع الا ان تداعبه بمرحها المعهود بينما خرج صوتها يشي بتعبها:
– عتوكلني بيدك وانت تاكل بايه؟
مال عليها ناظرا في عينيها وقال وهو يضع الملعقة امام ثغرها الوردي ففتحته تلقائيا ليدفع بها الى داخل فمها وهو يهمس بينما تتقد عيناه بشرارات من نار جعلت الدم يجري ساخنا في اوردتها كالعسل الدافيء:
– عاكل بيدك انتي
اطبقت شفتاها على الملعقة تلقائيا وما ان تناولت ما تحمله اليها من طعام حتى سحبها ولم يتمالك نفسه ليهوى على شفتيها بقبلة خفيفة كرفرفة جناح فراشة ولكنها دغدغت اوصالها لتغمض عينيها سابحة في عالم جديد عليها لم تختبره الا على يده وحده, ابتعد عنها بعد برهة لينظر الى عينيها وهي تهمس بعشق ملتهب يظهر من بين فحم عينيها المشتعلة لتقول:
– بحبك.
ابتسم بخفر واسدلت عينيها حياءا ليمد يده ويمسك بذقنها بسبابته وابهامه رافعا وجهها اليه وهو يهمس امام شفتيها المكتنزتين اللتان تحملان اثار قبلته الملتهبة:
– اوعى في مره تزعلي ولا تفكري اني ممكن اسيبك ولا الحديد العبيط اللي سمعتيه اتجوز عليكي ديه
– طب مش ناوية تفرح جلبي وتجولها لي انتي كومان بحبك يا بنت عمي؟
اجاب بابتسامة مداعبة بينما تتراقص شقاوتها في ليل عينيها وهو يمط شفتيه باستفزاز الهب احشائه:
– تؤ تؤ تؤ, لسه يا بنت عمي, لما يچي وجتها ساعتها افكّر.
سكتت فرحه قليلا وبكل هدوء حملت صينية الطعام ووضعتها جانبا, ثم التفتت تضع يدها علي خصرها بطريقه مضحكه تنظر اليه بسخط:
– يچي ايه؟ ما اني مراتك يا راچل انت عتجول لي امتي عتحبني لما اعجز وشعري يبيض واسناني تجع، اني خلاص جبت اخري منك ماذا والا ما عتلومش الا نفسك يا أبن عمي, اني خلاص صبري خولُصْ
نظر اليها بدهشة وعقد حاجبيه متسائلا بحده مصطنع :
– انتي بتهدديني يا بنت عمي؟ اد اللي بتعمليه ديه؟
ابتسمت له باغواء :
– ايوه جده ونصف وثلاثه ارباع كومان.
اقترب منها فجاه وبحركه سريعا مال عليها فجاة لتميل الى الخلف وهي تشهق بدهشة خفيفة فيميل بدوره مشرفا عليها ويقول بينما عيناه تراقبان ثغرها المكتنز برغبة مشتعلة بين عينيه:
-من الصبح عمال تكلميني بلهجه مش زينه وعينك جويه ودلوج بتتحديني كومان. تعالى بجى نشوف اخره الجطه الشجيه دي ايه شكلها رايده تتروض من اول وچديد.
– اكده اهون عليك يا عوسي
قالتها بدلع عقد حاجبيه بغضب:
– كبير البلد كلاتها تجوليله عوسي. ما تجوليش الاسم المايع ديه تاني لحد يسمعك
رفعت ذراعيها لتطوق عنقه بحب والصقت نفسها به بقوة وكانها تود الدخول بين ضلوعه بين اعماقه. وكان هذا اكثر من كاف لفرحه حاليا, فها هي حبيبته وامراته ترمي بنفسها بين ذراعيه برغبتها مصرحة له بايمانها به بل انها تدعو الله الّا يفرق بينهما, اليس هذا يعد إنجازاً كبيرا بالنسبة لها؟
***
انهت جـمـيله تجهيز مائدة الطعام واحلام ما ان جلست هي و زوجها ضاحي لتناول الطعام بينما تقدم دياب ليجلس ثم نظر الى جـمـيله لتفهم وتجلس هي الاخري, تذوق دياب الطعام الطازج بشهيه وتلذذ علي غير العادي بينما تسال ضاحي:
-الاكل النهارده حلو جوي عن جبل سابج مين اللي عمله
ابتسمت جـمـيله لتقول هي لتتفاجا باحلام تسبقها قائله بابتسامة عريضة وهي تنظر الى دياب:
– انا اللي عاملاه بس جلت اغير التوابل عن جبل سابج
تطلعت اليها جـمـيله بصدمه لها فهي من فعلت الطعام ليس هي فلما تكذب لم تبالي احلام لها. اكمل دياب الطعام بصمت ليقول ضاحي:
– ابجى ما اتغيريش التوابل بعد اكده رايدين ناكل الاكل الحلو ديه كل يوم.
ابتسمت احلام باستمتاع وهي تنظر الى جـمـيله باستفزاز:
– بس اكده عيني
طرقت جـمـيله معلقه الطعام بالطبق بضيق شديد كم خبيثة هذه المراه لتنهض بغضب للغرفه لكن تفاجأت بدياب يقول بهدوء:
– تسلم ايدك يا چـمـيله علي الوكل الحلو ديه بس ما تتعبيش نفسك بعد اكده عندك الخدم يعملوا اللي انتي رايده
رحل دياب دون اضافه كلمه اخري تطلعت جـمـيله بذهول كيف عرف هي من فعلت الطعام ثم ابتسمت وعقد ضاحي حاجبيه بدهشة متسائلا :
-هو انتي مش لسه جايله انتي اللي عملتي الاكل؟ لما چميله اللي عملته بتكذبي ليه؟
جزت احلام علي اسنانها بعنف شديد وهي تراقب وجه جـمـيله السعيد بغيره عمياء. .
***
في قصر عيسي الجبالي كانت تقف نـاديـن في الشرفه عينيها تلمعان ببريق حقد اسود مكيلة لها الاتهامات لتحتل البرودة والصقيع سائر اطرافها ولم يجابها انفجارها الصارخ الا بكل برودة ثلجية وهي تري مشهد العشق بين زوجها. وزوجه اخيه جلال. والصور اياها
تذكرت الايام والسنوات التي تنعم بفراشها وحدها وهو في داخل مخبأ العشق السري غرفه الرسم الخاص بيه وتذكرت ايضا الايام والسنوات تهمل نفسها في العمل نهارا وما ان ياتي المساء حتى يذهب للسهر خارجا لا تعلم اين يذهب، ولمن.لقد كانت غبيه بالفعل وهي تفكر بان زوجها مخلص لها رغم جميع الخلفات بينهما. لكن لقد علمت العكس عن طريق الصدفه .
اسندت ظهرها الى الخلف مغمضة عينيها لترتسم ابتسامة ساخرة على فمها , ولولا احترامها لعائلته ولا تريد اثارة الاقاويل عن علاقتها وافتراق الإخوة عن بعض لم تكن تظل صامته لترجع الى هذا المكان العابق بانفاسه والذي يحرمها من لذة الراحة.
تنفست عميقا فرغم عن حبها الي زين لكن غرورها الانثي والغيره تحرقها داخلها استمعت الى صوته خلفها قائلا :
– مالك يا نادين قاعده هنا لوحدك ليه ما تيجي تقعدي معايا جوه انا وبنتك
نظرت اليه بينما انسابت دمعة كحبة اللؤلؤ انسابت تخدش نعومة بشرتها الحريرية فيما ترد بحزن عميق ومسحتها بسرعه:
-عادي بشم هواه. قولي يا زين ايه رايك في الفرح بتاع جلال
تنهد زين بهدوء وقال:
– كويس ربنا يتمم له على خير
نـاديـن بجمود :
– والعروسه
قطب حاجبيه زين وعلق: نعم
رفعت نـاديـن راسها ناظرة في عينيه بين دخان مقلتيه فيما اردفت بقصد:
-باقول لك ايه رايك في العروسه ..عروسه جلال او دلوقت بقت مراته
اختفى استغرابه ليزداد ريقه بصعوبة ويجيب بصوت اجش:
-احم انا ما اعرفهاش قبل كده بس طالما جلال اختارها يبقى اكيد كويسه و مناسبه لي، تعالى بقى نخش جوه وتين قاعده لوحدها زمانها زهقت
نـاديـن بابتسامة شاحبة و بخيبه امل كبيرة:
– لا كملوا سهرتكم انتم انا داخله انام تصبح على خير
***
– انا طالع عيني في البيت من الصبح لوحدي وكله باوامرك ومش بس كده كمان شغل المطبخ عملته وبعد كل ده تقولي انتي اللي طبخه طب ليه استفدتي ايه من كده لما تاخذي مجهود غيرك وكمان بتكذبي
تطلعت احلام فيها ببرود قائله لاستفزازها :
– ما تبطلي صداع، يعني عملتي اللي ما يعملش ما كانوش شويه طبيخ ما انا ياما عملت هو انتي فاكره الجواز بالساهل في الصعيد. وبعدين ما اني باخد الاوامر من حد
تساءلت جـميـله باستغراب:
– تقصدي ايه
تحدثت احلام بابتسامة شر :
– جصدي ان دياب مش شايفك هنا غير خدامه وبس للبيت والعيال. انما ست اشك في اكده
هزت راسها لها بنفي تقول ببراءة:
– لا وهو يشوفني كده ليه هو بس
قاطعتها احلام بخبث هاتفة:
– هو بس مش طايج يبصلك عشان مش شايف جدامه ست ما شفتيش منظرك عامل ازاي بعد ترويج البيت ولا اهتم يبصلك حتي, ديه كان بيحب مراته سلمي الله يرحمها اللي جوزك كان السبب في موتها
لتكمل بابتسامة ماكره وهي ترى وجه جـمـيله تحول للشك تجاه دياب وهذا ما تسعي إليه:
– طب انا لو غلط لي طلب مني اشيلك شغل البيت كله عشان رايد يشغلك عنده.. و عشان يخلص منك ومتفضيش ليه.
ثم قالت احلام بقسوه:
– افهمي زين يا چميله انتي بالنسبه لي زي البيعه الرخيصه.
ابتلعت حلقها بصعوبة شديدة من الالم كم اوجعتها هذه الكلمات اهو بالفعل يعتبرها هكذا ولكن لما لا فقط بعتها خالتها هي وزوجها اليه دون مقابل لكن إلا كرامتها .
دلفت جـميـله الى مكتب دياب حيث يعمل به وتحمل بين يديها صينيه القهوه التي طلبها منها وهتفت معتذرة:
– اسفه على التاخير بس وش القهوه ادلق مني فاضطريت اعمل غيرها
اعتدل دياب في جلسته وتقدمت منه جـميـله صبت له القهوة وقدمتها له, وتحدث:
– ولا يهمك, اجعدي يا چـميـله رايد اتحدد امعاكي
نظرت جـميـله اليه ثم جلست بهدوء امامه تنهد دياب وقال :
-البنته عاملين معاكي ايه تعبينك في حاچه
جـميـله بهدوء:
-لا كويسين وهاديين مش تعبانه في حاجه
– زين حد اهنيه كومان مضايجك في حاچه
كان بالطبع يقصد احلام فهو يعرفها جيدا ويعرف تصرفاتها اللئيمه والخبيثة ابتسمت جـميـله بسخرية قائله:
– مين يعني هيتعبني لو خلصت كلامك ممكن امشي. ولا لسه عاوز تطمن على بناتك وان كل طلباتكم مجابه
عقد حاجبيه متسائلا:
– في ايه مالك انا جلت ايه في حديدي ضايجك بالشكل ديه. المفروض ما تضايجيش احنا لسه ما نعرفش بعض زين فطبيعي اسال
– عارفه وانا جاوبتك بصراحه وعلى العموم طالما مش واثق فيا اوي كده كنت اتجوزت ليه من الاول ولا اهي واحده مش هتكلفك حاجه وتاخد بالها من بيتك وبناتك.
دياب بحده قائلا بغضب مكتوم:
– اتحددي زين تجصدي ايه؟ و ليه محسساني متجوزك غصب ما كله تم برضاكي
ابتسمت له باستهزاء و وجع :
– كنت قعدت معايا ووشك في وشي وقعدنا قصاد بعض وسمعتها مني بقول انا موافقه على الجواز منك.
تطلع اليها باستغراب شديد وصاح بصرامة: -يعني ايه.
نهضت جـميـله بتعب وقالت كرد اعتبار لـكرامتها:
-انا ولا كنت بفكر في الجواز ثاني ولا كنت عاوز اتجوزك من بعد ما جوزي مات كل الحكايه ان ربنا وقعني مع خالتي اللي ما عندهاش قلب وغصبتني على الجواز منك. لكن انا مكنتش موافقة على الجواز.
رحلت من امامه بينما رماها بنظرة غضب حارقة امتزجت فيها خيبة امله جعلته يقف لا يعلم كيف يجيب, هي لا تنكر انها قد احتدت عليه بعبارات حادة ولكنه هو من دفعها الى ذلك, ضغط علي يده بعنف كل ما اوقفه في حديثها بانها لا تريد الارتباط مجددا بعد وفاه زوجها؟؟ ما معني ذلك الى هذه الدرجة تحب زوجها الاول ولا تريده ولا تريد قربه وهو تركها لاجل إعطاء لها مساحه تأخذ عليه بينما هي تفكر بزوجها المتوفي لكن لا هو الان زوجها و احق بها.
***
فتح عيسي عيناه ليستغرب باديء الامر المكان الذي ينام فيه فمن المفترض يذهب الى العمل الان, ثم لينظر بجواره يطالع الي وجه فرحه النائمه, كانت لا تزال ترقد فوق ذراعه التي شعر بخدرها, حاول سحبها من اسفل راسها, لتتمطى كالهرة بجانبه وتدفن راسها اكثر بين ضلوعه مد يده متردد ليحاول ايقاظها فهو يعلم انها دائما تفوق قبل الجميع.
وما ان لمست يده كتفها حتى شعر بلسعة شديدة الحرارة تسري في سائر جسده, ناداها بخفوت عدة مرات قبل ان تفتح جفنيها لترمش عدة مرات قبل ان تجيب بصوت قد خدره النعاس:
– همممم.
مال فوقها وهي لا تزال نائمة على ذراعه لم تستفق كلية بعد ليقول بابتسامة صغيرة:
– صباح الخير, انتي زينه يا فرحه كويسه؟
قطبت في تساؤل فلم تكن بعد قد استيقظت جيد هامسه:
– زينه بتسال ليه عاكون مالي يعني
-اصل الساعه ١١ وانتي لسه ما صحيتيش اول مره تعوجي اكده في النوم
احمرت وجنتيها خجلا ووضعت راحتيها على صدره فهو قد غفا ليلة أمس بعد ان فاجاته بتعبها, وما ان لمست كفّيها عضلات صدره القوية حتى انتفض جسده وكانها لمست سلكا كهربائيا عار, فقد انتشرت الحرارة في سائر جسده لحظة لمسته يداها
لتقول بابتسامة عريضة سعيده:
-اصلي مش رايده اطلع من حضنك النهارده ما تخليك معايا يا عيسى. مش هياچره حاچه لو ما رحتش الشغل النهارده
افلت يد من يديها ليرفع راحته ويضعها فوق راسه بصوت اجش بينما عيناه تغازلانها بدون هوادة:
-ونسيب مصالحنا عاد جومي يافرحه ربنا يهديك. اللي في البيت هيصحوا يسالوا علينا اول مره عنعوج اكده في الصحيان
– ما يجولوا اللي يجولوا هو انا نائمه مع حد غريب. ديه انا نايمه في حضن حبيبي
اضطرب ليميل هو الى الخلف يراقب بنظراته قلقة مترقبة محاولة دفع نفسه الى بعيد ولكن وكانه يحاول زحزحة جبل شامخ من مكانه. ليقول بغضب مصطنع:
– فــــرحــه وبعدهالك عاد جومي يلا ما بحبش لعب العيال ديه ورايا شغل
لترفع عينيها اليه وهي تطالعه بحيرة, من غضبه ثم اعتدلت فرحه باحباط و تحدثت بخبث:
– حاضر جايمه اهو يا عوسي
ولكنه ابى ان تبتعد ليسرع بالقبض على يديها لتظلا ملامستين لصدره مسببة تقافز سريع لضربات قلبه,و مال عليها هامسا:
-شكلها اكده ما فيش نزول من اهنه النهارده يا بنت عمي
***
بعد فتره ليس قليلة.. سحب جـلال مقعدا وجلس بجوار زين وجانبه زوجته وابنته ثم في المقعد الرئيسي عديله كالعادة وبجانبها عيسي وزوجته فرحه التي صبت له الطعام في صحن وقدمته له, مرت فترة الطعام بين احاديث خفيفة لم تشارك فيها نادين الا بالقدر اليسير, بينما فرحه تضع يدها على خدها وتسرح في ملامح وجه عيسي بهيام كانها اول مره تراه عقدت عديله حاجبيها متسائلة:
– مالك يا اختي سرحانه في ايه مش كفايه كومان نموسيتك كحلي النهارده وما جهزتيش الفطار
تنهدت فـرحـه بابتسامة مشرقة وهي مازالت تنتظر اليه :
– معلش يا مرات عمي تعبت ليله امبارح في الفرح وراحت عليا نومه
لوت عديله شفتها بسخرية وغيظ منها بينما جلال وزين يبتسمون عليها.حمحم عيسي بضيق وبخشنه وقال:
باجول لك ايه يا نادين احنا عندنا سيولة اد ايه في الشركه اللي في مصر
كانت نادين صامته كانها بعالم اخر تلاعب الطعام بشرود عقد زين حاجبيه وقال بصوت عالي:
– نادين
انتبهت نادين ونظرت اليه :
– هاه نعم
نظر اليها باستغراب قائلا :
– عيسى بيسالك على حاجه في الشغل عندنا في الشركه سيوله قد ايه
نظرت نادين الي عيسي معتذره :
-اسفه يا استاذ عيسي ماسمعتكش
عيسي بهدوء:
– ولا يهمك
ثم اجابته علي سؤاله وكم عدد السيوله في الشركه لوت عديله فمها وقالت بجدية:
– يعني ليله امبارح مشينا على طول وما شفناش العروسه حتي ولا سلمنا عليها هي معيوبه ولا وحشه ولا ايه
ابتسم جلال وقال:
– معلش يا امي مشينا على طول عشان الوجت وخفنا نتاخر. بكره تشوفيها لحد ما تزهجي منها
عديله بعدم رضي:
-لما نشوف
بعد الانتهاء من تناول الطعام نهض جلال ليتحدث في الهاتف.
***
في منزل دياب كانت الخادمه تقف على اعتاب السلالم تنده قائله:
– يا ست چميله في تليفون عشانك من مصر
تقدمت منها واجابت جـميـله باستغراب:
– عشاني انا من مين؟
اجابت الخادمه:
– بتجول انها خالتك
لتشعر جـميـله باختفاء الهواء من حولها وترد وقد وجدت صوتها بصعوبة بينما شحب وجهها بشدة:
– خالتي؟.
هزت راسها لها لتتقدم ببطء شديد تاخذ الهاتف وتجيب حتي سمعت صوتها الغاضب:
– اول ما افتكرتي انك ليكي اهل تسألي عليهم طبعا ما العز اللي انتي فيه ينسيكي اي حد. عامله ايه يا اختي .
كتمت جـميـله زفرة الم عميقة وهي تقول:
– كويسه خير يا خالتي عاوزه ايه؟
– شوفي البنت مش مستحمله اكلمها ازاي ده انتي قليله الاصل صحيح؟ ده انا خالتك اللي اخذتك وربيتك بعد موت ابوكي وامك. قصر الكلام عاوزاكٍ تتكلمي مع جوزك يشوف قرشين لي جوز خالتك الحال واقف معاه
– وانا اجيبلك فلوس منين؟
همست جـميـله بدهشة وهتفت ام محمد بغيظ شديد وحقد:
– ما تشوفي حاجه من جوزك ما هو ما شاء الله على قلبه قد كده لو اخذنا منه حاجه مش هينقص.. ولو مرضاش خذي من وراء من غير ما يحس .. ده انا خالتك وجمايلي مغرقاكي
اتسعت عيناها جـميـله بصدمة من طلبها لتغلق الهاتف في وجهها فماذا تطلب منها تسرق زوجها.
– مالك يا ابنيتي؟ في حاچه ؟.
انتبهت جـميـله من شرودها على سؤالها بنظرة مشككة من الخادمه, فحاولت رسم ابتسامة صغيرة واجابت:
– ها. لا ما فيش
هزت راسها الخادمه لها واستاذنت منصرفة فهي بالفعل تشعر انها في حاجة للراحة والنوم العميق .
دلفت جـميـله الى غرفتها مغلقة الباب خلفها وسارت حتى مراة الزينة لتجلس على مقعدها المكسو بقماش صوفي فاخر ثم طالعت صورتها المنعكسة في المراة امامها, جذبت وشاح راسها وحلت ربطة شعرها لينفلت من عقدته وينهمر كالشلال لتلامس اطرافه ظهرها, عقدت يديها واستندت بجبينها وهي ترحل بذاكرتها الى الجميع وما مرت به من حياتها
البداية فقدان اهلها. والثانيه زوجها من شخص اكبر منها يعاملها مثل قطعه جماد شكلها علي مزاجه هو. والان زوجها من دياب تلك الراجل الغامض فهي دائما تخاف يصب جام غضبه فوق راسها, من اي خطأ تفعله بغير قصد او عدم طاعته لامره لن تمر مرور الكرام.
رغم لم تجد منه اي شيء يسير الي الخوف ولكن يكفي أن وضعها هنا بالنسبة له كالخادمه للمنزل و الاولاد.
فدائما تكثر عليها احلام اعمال المنزل وتقول لها بان هذا امر من دياب؟ لكن الي متي ستظل هكذا الضعف سيدها في الحياه؟ لتقف بجسدها سارت الى الدولاب بداخل الغرفة و اخرجت ثوبا للنوم, لتغير ملابسها قبل رجوع دياب, فهي لن تجازف بابدال ثيابها وهو هنا في اي لحظة وهي لا تريد المغامرة باي شكل, فيكفيها القلق الذي يعتريها منه ومن طلب خالتها ، وبدلت عبائتها اللعينة تلك.
لتقف بقميص النوم القصير تنظر الى جسدها بغرور الانثى التي ثارت داخلها ولاول مرة تشعر بما جعلها وهي تتذكر حديث احلام ليس من توبه دياب لتنظر الي نفسها وتستمر في التحديق وما جعلها تندهش من ذاتها فهي لم تكن كذلك اثناء زيجتها الاولى, التي لم يشعرها في يوم انثي و لم يسبق لها وان شعرت بهذا الاحساس قبل ذلك.
خرج دياب فجاه فهي لم تعلم انه بداخل المرحاض وكان يرتدي سروال قطني فقط بينما تلمع قطرات المياه على عضلات ظهره المشدودة, كان يخفي وجهه في منشفة قطنية يقوم بتجفيف شعره بها, التفت دياب بانتباه علي الفاتنة سوداء الشعر تتباهى بجمالها الفتان بثوب ناري اللون امامه المراه لا يضاهي جراة لونه سوى تصميمه, الذي ظهر بالتصاقه منحنيات جسدها المثيرة كما خطفت ساقيها المرمرتين عيونه المصوبه علي مفاتنها ،هذا القميص القصيرة جدا اظهر بشرتها الوردية الناعمة, وتكاد تغطي بلمعتها على تلالا حبات الالماس المنتشرة على صدر القميص
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي جميلة المطليتين بالحمرة القانية وهي ترى نفسها في المراه .
حتي لمحت دياب خلفها، قفزت جـميـله واقفة لانها ابصرته بهذا الشكل وقد احمرت خجلا حتى كاد الدم يطفر من وجنتيها, لم تكن قد سارت خطوتين عندما صدح صوت دياب امرا:
— على فين استني عندك؟.
تسمرت جـميـله في مكانها بخجل شديد مما ترتدي, هي تعلم جيدا هي من اوقعت نفسها لتسمع هذه اللهجة الامرة وتخشاها, كثيرا ما نشفت الدم في عروقها , ليعود اليها خوفها الأولي منه حاولت لملمة شتات نفسها واستدارت توجهه, تقدم منها وقد لف المنشفة حول عنقه القوي, بينما لا يزال جذعه العلوي عار، اشاحت بنظراتها بعيدا بينما نظر اليها دياب و قال بابتسامة شر:
– ما عتبوصيش ليه يا مرتي المصون؟ فالحة بس تزعقي فيا وتعلى صوتك عليا وتمشي؟ لسانك بلعتيه ولا ايه؟.
ازدرت ريقها بصعوبة واجابت وهي مشيحة بوجهها الى البعيد من الخجل منه:
– انا مش فاهمه انت عاوز توصل لايه بكلامك ده انا قلت الحقيقه انا فعلا متجوزه غصب عني وبعدين زعلان ليه المفروض. ازعل انا هو انت خسران حاجه
– تاني حديدك الماسخ ديه عاااد رايده تفهميني انك مغصوبه على الجواز مني طب لسانك كان فين ما طلعتيش ورفضته ليه؟ ولا بس مش فالحه غير تتشطري عليا
اجابت جـميـله محاولة اخفاء حنقها من سخريته منها:
– مين قال لك ان انا ما قلتش لا ورفضت بس هم اللي غصبوني برده حتي محمد جوزي الاولاني كانـ.
دياب وهو يقبض بقوة على مرفقها باغتها ومن بين اسنانه المطبقة تحدث بغضب دفين:
-اياكي تكمليها اتفينك مكانك انتي هتستعبطي يا چـميـله رايده تجيبي سيره راچل غيري جدامي عادي اكده
تلعثمت چـميـله في الرد وهي تجيب بينما تحاول الفكاك من قبضته دون طائل:
– في ايه ما تحترم نفسك ما الراجل ده كان جوزي قبل منك على سنه الله ورسوله وانت عارف كويس جوازنا كان مجرد اتفاق عشانـ
ليسارع دياب بكتم صوتها براحة يده الحرة بينما تضغط الاخرى على مرفقها بقوة والمتها وهمس بصوت كالفحيح يحمل بين طياته غضبا وحشي:
– انى دلوك زوجك مالكيش زوج تاني غيري ومش هيكون يا چـميـله , اوعاكي اسمعك تجوليها تاني اني زوجك حطيها في دماغك زين الكلمة ديْ ولو ما كونتيش واعيالها زين.
هزت راسها له برفض باصرار وسكت قليلا ليتابع ببطء وجدية شديدة بينما تقبض ذراعيه على خصرها كالكماشة بقوة باغتها حتى كادت تعتصرها مما جعلها تتلوى بين يديه محاولة الافلات بينما يكمل بعزم شديد:
– شكلك مش بتيچي بالحديد اني عخليكي توعيلها يا چـميـله اذا كنت جوزك فعلا ولا لأ وتحفظيها كومان. وصدجيني بعد الليلة دي ما هتنساهاش واصل
حدقت چـميـله في وجهه برعب وهمست بصوت مرعوب:-
قصدك ايه ابعد عني لا ال..
ليبتلع باقي عبارتها بين شفتيه التي اعتصرت شفتيها, كانت القبلة اشبه باعصار ضربه فهو لم يكن يتخيل ولو في اعظم احلامه جموحا ان تكون لقبلته لها مثل هذا الاثر, وكانه قد لمس سلكا كهربائيا عار وذو تردد مرتفع يصيبه بشرار ناري يسري بطول عموده الفقري حتى سائر اطرافه .
كانت ترفرف كالعصفور بين ذراعيه محاولة الافلات منه ولكن هل لعصفورة صغيرة ان تفلت من بين براثن نسر جامح كاتم جوعه اليها ان يفتك بها؟ وكانه تعب من ميله لها لترفعها ذراعاه لتصبح راسها بموازاته بينما ارتفعت يده تتغلغل بخصلات شعرها الاسود المخملي, وهو يعمق قبلته بقوة وقد غاب عن دنياه تائها في عالم اخر لا يوجد فيه سواه هو وهي فقط .. احتواها بين ذراعيه وهو ينهل من شهد شفتيها ليروي عطشا دائم.
وذاقت شفتيه تلك الثمرة المحرمة والتي لم يذقها مرة واحدة وهي الان منذ زواجهما و يزال يقبل شفتيها الذي طعمها في شفتيه, حتى نسي كل شيء اخر سوى انها امراته هو.
لتنظر اليه بعينيها السابحتين في البركة الزرقاء الذائبة, بينما شفتيها منتفختين تحملان علامة ملكيته لهما.
وهو يلهث بينما راحته الصغيرة ترتاح على كتفها الايسر لتستشعر دقات قلبه الواضحة السريعة تقول بخوف: ارجوك ابعد عني مش عاوزه كده.؟
وكان افعى قد لدغته وطعنته في جسده ما ان سمع بانها ترفض قربه نظر إليها بحدة بالغة وبغير تصديق لينهض بغضب سريعا للخارج
***
في منزل احمد السيوفي بداخل غرفه اسيف تجلس على كرسي بجانب النافذة لتسمع صوت دقات هاتفها لتنهض تجيب :
– الو مين معايا؟
ابتسم جلال وقال بصوت هادئه:
– انا چلال يا اسيف چوزك
اسيف ببرود :
– النمره غلط عشان انا مش متجوزه. ابقى اتاكد بعد كده يا شاطر قبل ما تتصل وتزعج الناس علي فاضي.
أغلقت الهاتف بكل هدوء وشجاعة لتدخل هايدي اختها من باب غرفتها وتقول بتردد:
– اسيف ممكن اتكلم معاكي فى حاجه مهمه
***
وضعت القليل من السائل فى الماء المتواجد فى السطل وبدات فى حك الارضيات بتلك الفرشاه، كعادتها منذ وصولها هنا، ثم تنهدت بارهارق شديد منذ الصباح الباكر وقد اتات احلام فوق راسها لتنهض وتنظف وكالعادة تخبرها أن دياب هو من امرها بهذا فقد تاكدت بانه يفعل هذا فيها عن قصد لانها منعته من الاقتراب منها ومن حقوقه الزوجية .
ابتسمت بسخرية مريرة علي حظها العين يوقعها دائما في رجال مجرد إسم فقط ولا تستطيع رفض الاعمال المنزليه، تخاف ان يطردها من هنا فلمن تذهب؟ فمن المستحيل تستقبلها خالتها بعد رفضها ان تعطيها المال .
-ايه اللي بتعمليه ديه بتنظفي البيت ليه وفي خدامين اهنيه.
قالها ديـاب بذهول الذي جاء وتفاجأ بـها بهذا الوضع فقد نسي محفظته و عاد ياخذها من المنزل .. لكن لعله جاء في الوقت المناسب نظرت اليه باشمئزاز لتقول بسخرية:
– اللي يسمعك كده يفكرك متفاجئ بيا بجد!. مش انت اللي امرت احلام مرات اخوك تشغلني خدامة هنا؟
يتبع……
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)