روايات

رواية بيت السلايف الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء الثالث عشر

رواية بيت السلايف البارت الثالث عشر

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة الثالثة عشر

أسدل الليل ومن خلف النافذة الزجاجية حيث لم تكد تنام سوى بضعة سويعات قليلة وذلك لأنها تنتظر زوجها منذ ان فارقها في النهار لم يعد حتي الان؟ بينما تتراوح تعابيرها بين ابتسامة ترتعش حينا ورجفة خوف تلمع بين زرق عينيها احيانا.
انتبهت على صوت الباب وهو يفتح دخل دياب وهي تقترب تبتسم جميله قائلة في سعادة:
– حمد لله على السلامه اتاخرت اوي؟ انا حضرت الغداء و كنت مستنياك من بدري
رد دياب التحية بهدوء معتذر عن التاخير توردت وجنتيها بحمرة الخجل قائلة:
– الاكل اكيد برد هنزل اسخنه ثاني عقبال ما تاخذ الدوش بتاعك
هز دياب راسه بنفي قائلا :
– لاه مش مهم ما تتعبيش نفسك وتنزلي تسخنى ثاني انا عاكله اكده؟ عتسبح واچي الاول
ابتسمت جميله ابتسامة هادئه، وتركها ودخل الي المرحاض وبعد مده ليست قليل خرج دياب وقف يستند بكتفه الى جدار باب المرحاض في حين لم تنتبه اليه وهو يقترب منها ، ابتسم ابتسامة حانية وهو يراقبها وهي تقف مولية اياه ظهرها ترس الاطباق الطعام وتضعها علي الطاولة
لاحظت ان هناك ضل, قطبت ونظرت بعينيها تطالعه عينان همّت بالكلام عندما عاجلها بابتسامة زادته وسامة:
– خابره انك عجبتني چوي النهارده وانتي بتضربي احلام؟ على راي البنت فرحه يا ريتني كنت موجود اني كومان و شفتك وانتي بتضربي فيها
نظرت اليه عينيه في دهشة, لتبتسم بخجل:
– هو انت للدرجه دي بتكره احلام, انت وفرحه, انا مش بحبها ولا بكرها بس مش فاهمه هي ليه بتكرهني من اول يوم جيت فيه هنا او بتعمل معايا كده ليه؟
حمحم دياب قائلا فيما يضع يده على وجهها قبل ان يحيط وجهها بيديه مرادفا امام شفتيها العنبريتين:
-سيبك منها هي اكده بتكره كل الناس ومش بتحب حد حتى نفسها, المهم بعد ما مشيت عملت امعاكي حاچه ثاني
اسبلت عينيها خجلا من جراء لمسه يديه التي لم تعتاد بعد على الرغم من انها ليست عروس جديدة ولكن عيناه كفيلة بجعل من الحجر الخشن يذوب :
– لا بعد ما فرحه مشيت طلعت قعدت في الاوضه هنا وما شفتهاش من الصبح
كان اثناء حديثها يقربها منه شيئا فشيئا فيشعر بطراوة جسدها بين يديه ليبتر عبارتها ملتهما شفتيها في قبلة عميقة حملت كل شوقه ولهفته, ثم ابتعد قائلا بهمس: ماشي زين؟
اتسعت عيناها بذهول اذ بها تُبعد فمها عن اكتساحه القوي لها وتشهق هاتفة بصوت متقطع:
-لا بس هي اكيد مش هتسكت صح
تافف دياب بغيظ وقال بحده:
– چري ايه يا چميله واحنا اللي عنعيد وهنزيد شكلنا اكده معملناش حاچه؟ لسه كيف ما انتي ضعيفه وخايفه منها
هزت راسها برفض سريعا قائله:
– لا والله ما قصدي انا بس بتكلم معاك عادي
مال بوجهه حتى لفحتها انفاسه الساخنة وهو يجيب فيما تغيرت وتيرة انفاسه التي تسارعت فقطبت في ريبة خاصة وقد تسلطت عيناه على ثغرها الوردي:
-يعني هي لو فكرت تبجح امعاكي في الحديد عيكون رد فعلك ايه
شحبت جميله وهي تبتلع ريقها بصعوبة، تقول بضعف من قربه:
– هاه هضربها ثاني ومش هسكتلها ولو فكرت بسـ
لم يمهلها الفرصة للكلام ومال عليها مقتطفا ثغرها في قبلة عاصفة ولكن بحنان، قوية ولكن برقة، حتى ان الدموع كادت تطفر من عينيها لروعة الاحاسيس التي حملتها اليها لاول مرة في حياتها وحياته هو ايضا، فما كان منها الا ان طوقت عنقه بذراعيها ليعتصر جسدها الرقيق اليه فتلامس عضلات جذعه العلوي القوية لتندلع الشرارة، حملها دياب بلهفة من بين قبلاته النارية يضعها فوق طاولة الاريكة امامه الطعام حتى اذا ما لمست جسدها الفرش انتفضت هي وهمت بالكلام ولكنه قاطعها مبتلعا كلماتها مغيبا اياها في عناق طويل بينما امتدت يده لتطفا ضوء المصباح المجاور لهما
ليدخل في بحورها يجذبها معاه فيدفن اصابعها بين طياته متلمسا نعومته مستنشقا عبيره الذي طالما حلم به تلك اللحظة، تائه في عالمها وهو غير واع لتلك الغزالة التي ترفرف بين ذراعيه محاولة الفكاك منه، وقبل ان يهبط على ثغرها يلتقط شفتيها في قبلة ملتهبة فيما رفعت احد يديها اشعلت الضوء بسرعه ..
نظر لها نظره نارية اخافتها فقد منذ قليل كانت تشعر بانها طفله بين يديه وشعور الحنان قائلا بحده: في ايه عاد؟
ابتلعت ريقها بصعوبة بينما يجول بعينيه عليها من قمة راسها حيث تجمع شعرها في شنيون رقيق اعلاه بينما تهدلت بعض خصلاته وتعدل نفسها بخجل وتخضب وجهها حياء وهربت بنظراتها بعيدا وهي تقول بخفوت واضطراب محاولة دفعه بعيدا عنها:
– فرحه بنتك نائمه هناك علي السرير انت مش واخذ بالك منها ما ينفعش تشوفنا واحنا؟ ااا
ممكن تصحى
نظر بتلقائية الي الفراش ليلاحظ ابنته نائمه بالفعل؟ كيف نسي ذلك؟ ولكن الشوق كان قد استبد دياب فلم يعي سوى ان في المكان الصائب تماما في احضانه وبين ذراعيه، يلمسها بيديه ويستنشق عبير انفاسها.. ابتعد عنها مسرعا يرتدي ملابسه قبل ان تستيقظ ابنته لينظر وهي تنظر الى اسفل تفرك يدها بخجل,قائلا باحراج هو الاخر:
– احم چميله ابجي حاولي مع فرحه انها تنام جنب خيتها ملك خلاص كفايه اكده هي كبرت ما ينفعش تنام وسطينا
نظرت اليه متحدثه بتوتر:
-بس ممكن ما ترضاش وتزعل مني؟
هز راسه برفض هاتفا بجدية واصرار:
– لا مش هتزعل ولا حاچه هو كان من الاول مكانها جنب خيتها, بس كانت بتنام جنبي بعد موت امها بس كفايه اكده, ما عدتش صغيره عاد؟ ابجي حاولي معاها انتي بس وهي عتوافج هي بتحبك وهتسمع حديدك؟
***
في جناح عيسي يجلس يشاهد التلفزيون عـلي مسرحيه العيال كبرت وتجلس بجواره فرحه تقوم باطعام صالح بيدها كالطفل الصغير رغم تجاوز سن السبع سنوات لكنه سوف يفضل مدللها الوحيد ،حاول مرارا صالح يتناول هو بيده وهو يتابع تناول طعامه ولكنها رفضت وبشدة
لاحظ عيسي اهتمام زوجته بابنه نظر اليها بحب بدءاً من تفحص ملامحها من شعرها المتناثر حولها بلونه البني وخصلاته الندية، مرورا بثوب نومها الحريري بلونه الاحمر، عار الذراعين بفتحة عنق واسعة شبه دائرية مزمومة مزينة بربطة على هيئة فراشة في منتصف الصدر، كانت تضع قطعة من الخبز المغمس بالجبن الابيض الحادق بفمه صالح حينما اصدر ضحكه ساخره:
– ما تجعدي على حچرك بالمره وتهشجيه كيف العيال الصغيره لسه عيل صغير اياكي
قال صالح بابتسامة يغيظ أبيه بشده:
– وانت متضايج ليه يا بوي ما اللي متضايج يعمل زينا
نظر عيسي الي ابنه قائلا بغضب مصطنع:
– اه يا جليل الحيا بترد عليا كومان
اطلقت ضحكه عاليه فرحه لتقول:
– عيب يا صالح اكده كمل اكل انت وما لكش صالح
عيسي بضيق:
– هو ديه اللي ربنا جدرك عليه عيب يا صالح اجعدي انتي بس دلعي فيه ولا اكنه كيف البنته
ضحكت بخجل فيما همست وهو يطالعها غارقا في سحر عينيها:
– في ايه يا عيسى انت غيران بچد من ابنك
اشاح عيسي وجهه بعيد بعبوس شديد مثل الاطفال ابتسمت فرحه وعينيها ترسلان اليه نظرات حب صادقة ثم نظرت الى صالح الذي يتابع التلفزيون باهتمام لتضع قطعة الفطير الذي صناعته في الصباح بيديها وتغمسه في طبق العسل النحل الصافيه واقتربت اللقمه من فم عيسي وهي تنظر اليه بابتسامة حب و هم عيسي بقضم اللقمه المغمس بالعسل و اصابعها معها فشهقت وابعدت يدها بعد ان دفعت باللقمة الى فمه وهي تضحك:
– اخص عليك يا عيسى كنت عتاكل صوابعي بدال العسل
ما ان ابتلع لقمته حتى امسك بيدها مقبلا اناملها الطرية لتشعر بخشونة ذقنه النامية بينما يحكّها شاربه الكث الخشن على نعومة بشرتها، ضحكت بخجل فيما همس وهو يطالعها غارقا في سحر عينيها:
– واللي يفرج بين العسل و طعم يدك يا فرحه ما الاثنين واحد؟ مسكرين كيف بعض؟
افلتت يدها بصعوبة وتمتمت بخجل كانها عروس جديدة ولكن بعيناه فهي كفيلة بجعل العجوز تشعر وكانها صبية ابنة ستة عشر قالت بخفوت:
-ربنا ما يحرمني منك يا عيسي
-ولا ما يحرمني منيّكي يا فـــرحـــتــي
***
في صباح يوم جديد تشرق الشمس بنورها الساطع علي مدينه الصعيد كان دياب يجلس علي شط الترعة وهو شارد لفت انتباه تلك الصبيه الذين يلعبوا الكره ظل يتابعهم لفتره من الزمن حتي لفت نظره ذالك الصبي الشيطاني الذي تعمد ايقاع الاخر وتلك المشاجره التي قامت بينهم ودفاع احدي الصبيه عن صديقة احيت في ذاكرته تلك المشاهد القديمة التي من حين لاخر يحن اليها يحن الي ذلك الوقت الذي كان لا يوجد للحقد ولا الكره مكان بين القلوب
– فلااش بااااك
كان يلعب هو وعيسي وسط الصبيه وكان دياب اكثرهم حرفة فكان ياخذ الكره من عيسي وهو يقول :
– هات يا عيسي
وما ان اخذ الكره من بين ارجل عيسي حتي ظل يمررها بين اقدام الصبيه في الفريق المنافس ووصل الي المرمي وسجل الهدف وما ان الكره عدت تلك الخط التي حدده حتي صرخ بفرحة وهو يجري ويقول : چوووون
وكان كل فريقة يجري خلفة ليهنائوه علي مهارته الفائقة وكان يوجد ذلك الصبي الذي في الفريق المنافس ينظر اليهم بغل وبالاخص الي دياب تقدم منه وقال بغيظ:
– انت غشاش الكره مدخلتش
نظر اليه دياب بغضب :
-انت عتجول ايه اني معغشش
الصبي :
– لاا عتغش عشان تكسب وتتمنظر علي العيال ثم لكزه بيده في كتفة بقوه فارتد دياب علي اثرها الي الخلف ثم نظر اليه بغضب وتقدم من الصبي وامسك تلابيبه وقال :
-انت عتجول ايه يا مخبول انت
نفض الصبي يده بقوه وتقدم منه ليضربه وهو يقول :
– اني مش مخبول انت اللي متكبر وانا ععرفك مجامك
وما ان رفع يديه ليهوي بها علي صدغة وجد احدهم يمسك يديه وما كان سوه هو نصفة الاخر كما يسمه كل البلد وجه الصبي نظره اليه وقال :
-بعد يدك انت كُومان
عيسي بغضب :
– انت اتجنيت ايااك عايز تضُرب دياب وانا موچود
الصبي بغل : واضُربك انت كُومان
عيسي بحده: والله طب تعالي نشوف
وتشاجروا الاولاد مع بعضهم وما مر من مده حتي كان الفوز للصديقين او للوجهان لعمله واحده ثم نظروا الي الصبي باستحقار وذهبوا من حيث اتوا؟
فاق دياب من ذكرياته الحانيه عندما زادت تلك المشاجره بين الصبيه وتقدم منهم ليحل تلك المشاجره،التفت دياب الي مكانه حتي يجلس مره اخري امام ترعه مكتبه العمل ليتفاجا بعيسي امامه ينظر اليه بهدوء وقال بقصد:
– ايه يا دياب مش عتجول لي اتفضل ولا عتطلع مش صاحب واجب واصول ذيي
هبّ دياب متقدم منه وهو يهتف بحنق:
– انا طول عمري صاحب اصل يا عيسى مش كيف ناس جليله الاصل و بطل حديدك الماسخ ديه و ترمي عليا بالحديد العفش, اني كيف ما اني متغيرتش؟ الدور والباچي على ناس تانيه بوشين؟ ونسيوا العيش والملح اللي كلنا سوا؟
اوما براسه بياس قائلا بجدية:
-رايد كام يا دياب من نصيبه ابوك اللي دفعوا في الارض زمان؟ ونخلص من المشاكل ديه
جز علي اسنانه بغضب وقال بحده:
-هو اني بشحت منك ايااك ورايد ترميلي حسنه؟ ديه حج ابويا الله يرحمه يا عيسى
عيسي بصوت حازم:
– ومين جالك ان اني بارميلك حسنه كيف ما انت بتجول ؟ اني باجول لك حج ابوك اللي دفعه الـ 5000 اللي ساعد بيهم ابويا زمان؟ مش كيف ما مدحوك عليك, وفاكر ابوك اشتري الارض كلها من ابويا
هتف دياب بصوت اجش صارم:
– جلت لك مش بشحت منك ؟ لسه كيف ما انت طماع و اناني وتاكل حج غيرك؟ ارچع ما كنت وريح حالك يا عيسى وحجي وحج ابويا عاعرف ارچعه بنفسي زين
صاح عيسي بصوت غاضب و عالـي فقد طفح الكيل منه قائلا:
– ما كفاياك عاااد بجى شر وانتجام على الفاضي عمال افوتلك وعدتلك كثير وانت اللي فيك فيك نفسي افهم دماغك ديه فيها ايه مش رايد تفكر و تفتح عينك على الحجيجه ليه؟ جلتلك بدل المره الف الارض دي ارض ابويا اني واخواتي, و عمي حماد الله يرحمه ويسامحه ساعه ابويا اديله جزء بسيط مساعده مش اكتر
قال دياب مثله بصرخة غضب ناري:
– مهما تجول جول يا عيسى برده مش عتصدج غير اللي سمعته بودني؟ واني سمعت بنفسي ابوك بيجول لابويا ان الارض بجت بتاعته خلاص واشتريها منه ، رايد انسي بعد كل ديه؟ هو كان حد جاللي عشان انسى يا عيسى و اكذبه ، جلت لك ارچع مكان ما جيت وانا ععرف ارچع جچي زين حتى لو بالدم
اتسعت عيني عيسي بصدمه وهتف يتساءل بخزع:
– بالدم رايد تجتلني يا ولد عمي ولا ايه هي وصلت لكده الظاهر امي كان معاها حج لما جالت لي انك اتغيرت فعلا وما بجتش دياب صاحبي وابن عمي وعشره عمري كيف زمان
لمعت عينا دياب ببريق التحدي وسارع بالانصراف وهو يقول بغل فقد عز الامر علي بدا الانتقام :
-بالضبط اكده يا عيسى اللي واجف جدامك واحد شايل لك كره الدنيا دي كلها في جلبه؟ فخذ حذرك مني الايام اللي چايه زين يا عيسى
***
كانت كعادتها تجلس نادين بداخل المكتب تتحدث مع زوجها زين علي انها اسيا تلك الشخصية الوهميه اطلقت ضحكه عاليه من قلبها وهي تكتب له عبر مراسلة الفيسبوك؟
– ما كنتش اعرف ان انت دمك خفيف اوي كده؟ خلاص مش قادره تعبت من كثر الضحك
ابتسم زين باتساع وكتب لها هو الاخر جالس في مكتبه
-وانتي كنتي تعرفيني قبل كده ده انتي لسه عارفاني من كام شهر
ارتبكت نادين في حديثها لتكتب قائله لتغير الموضوع:
-اه ما انا قصدي كده؟ كنت في الاول حساك على طول زعلان من حاجه؟ لكن دلوقتي غيرت فكرتي عندك؟ بجد يا بخت مراتك بيك
ابتسم زين بحزن يكتب:
-مش اوي كده؟ انا بالنسبه لها زوج عادي وخلاص
جزت علي اسنانها بغيظ شديد تكتب:
– يااه شكلها مراتك بتكرهك اوي كده؟ ومش مبسوط معاها
هز راسه برفض يكتب بصدق:
-مش كده نادين ما فيش اطيب من قلبها و احن منها بس للاسف حياتها كلها شغل و رقم واحد في حياتها الشغل وبس
تنهدت نادين بضيق وياس تكتب :
– طب ما هو لازم الواحد يشتغل ويعمل الحاجه اللي بيحبها؟ مش كده ولا ايه
زين بجدية :
-طب طالما هو كده ليه اللي حواليا مش شايفين او هي بالذات اني الرسم رقم واحد في حياتي برده زيهم
صمتت نادين ولم تعرف بماذا تعلق ، ليرسل لها زين متسائلا
-ساكته ليه مش لاقيه رد؟
ابتلعت ريقها بتوتر وارسلت له :
– لا مش كده طب طالما انت مش مبسوط معاها ما طلقتهاش ليه وتنفصلوا بهدوء مش هيبقى كده احسن وكمان تعرف تشوف نفسك و تحقق احلامك
-انا فعلا فكرت في كده بس ما كانش عشاني واحقق احلامى, كان عشان صعبت عليا نادين بجد, وكنت حاسس ان انا طول الوقت ظلمها معايا ولما طلبت منها اننا نطلق هي كمان كانت موافقه على كده
قالت نادين بغضب و بسخرية هاتفه:
-اه وبعد كده رجعت في كلامك عشان مصلحه اخوك وموضوع الارض
إرسالاً رساله له قائلة بحنق :
– طب اللي حصل بعد كده ما طلقتهاش ليه؟
تنهد زين مجيب بحزن عميق ليكتب:
-اخويا الكبير و والدتي رفضوا جدا موضوع الطلاق وزعلوا مني جدا, قالوا ان ده مش حل, هتقدر ازاي تشوف مراتك مع واحد وبنتك بيربيها واحد ثاني لو بعد الطلاق فكرت تتجوز يعني
استغربت حديثه لتقول بحده, تكتب:
– طب ما حقها معلش يعني بس ده كده ظلم
هتف زين بصدق وجدية:
-انا عارف وقتلهم ساعتها هي حره بعد الطلاق تعمل اللي هي عاوزاه بس فجاه كبر الموضوع قوي, و والدتي قالتلي لو طلقتها ما تبقاش ابني ولا اعرفك ورفضت اني حفيدتها تتربى بعيد عنها وعني، انا كمان انفعلت جدا ساعتها وقلت لاخويا الكبير من غير ما اقصد انت ظالم واناني وده كان بالنسبه لي صعب جدا لاني اخويا الكبير عيسي هو اللي مربيني ، زعلت من نفسي جدا ساعتها ان عليت صوتي عليه وقلت له كلام يجرحه زي كده ، عشان كده ما لقيتش قدامي حل غير اني ارجع في كلامك وما طلقتهاش
صمتت نادين بصدمه تستوعب حديثه, هل بالفعل هذا هو سبب التراجع في الطلاق ام مثل ما كانت تفكر وسمعت حديثه مع والدها وهو بخصوص الارض لاخيه؟ وعلي اي شيجار يتحدث حدث مع اخيه عيسي و والدته عديله بسبب موضوع الطلاق؟ فهي لا تعرف او تعلم كل هذا الحديث ولم يتحدث معها مطلقاً، هل بالفعل هذا السبب ام لا ويخترع اي اسباب لها؟
لتكتب بسرعه:
– يعني هو ده بس سبب انك ما طلقتهاش ما اكيد في سبب تاني؟
عقد حاجبيه باستغراب متسائلا:
-وليه اكيد في سبب تاني يعني ؟ ايوه هو ده السبب هو ممكن بالنسبه لك يبان سبب عادي بس انتي عشان ما تعرفيش اخويا عيسى بالنسبه لي يبقي ايه, ده هو اللي مربيني من وانا صغير يعني بالنسبه لي اكثر من اخ؟ يعني ما كنتش اقدر على زعله؟
هي بالفعل تعرف طبيعيه العلاقه بين عيسي واخواته جيدا لا احد يستطيع ان يرفض له طلب من حبهم له، لكنها مازالت غير مقتنعه لتكتب بعدم تصديق؟
– بصراحه يعني مش مصدقه ان ده السبب بس يعني مافيش سبب ثاني او حاجه حصلت خليتك تغير رايك وما تطلقهاش؟
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف:
-سبب زي ايه؟ وايه اللي يخليني اكذب عليكي وما اقولكيش الحقيقه ، بس والله العظيم ما بكذب ودي الحقيقة فعلا
تساءلت نادين بقصد وذكاء بانه لو اكذب عليها في الرد احتمال كبير بان يكذب في موضوع شيجارو مع اخيه عيسي و والدته عديله
– طب ومراتك تعرف انك رجعت في كلامك ليه؟ وليه ما طلقتهاش
اجاب زين بهدوء :
-لا الحقيقه ما تعرفش, خفت يعني اقول لها تفهم غلط وان رجعتها عشان لمجرد بس كلام اخويا و والدتي فما كانش ينفع اكون بصالحها واحكيلها حاجه من الموضوع ده
– امال انت قلتلها ايه لما سالتك رجعت ليه في كلامك في موضوع الطلاق ولا مسالتش؟
-لا طبعا اكيد سالت بس انا قلت لها الطلاق مش حل وتعالي ندي لنفسنا فرصه ثانيه؟ طالما اهلك واهلي مش موافقين علي اننا ننفصل؟ اصل كمان باباها ما كانش موافق علي الطلاق؟
تنهدت نادين بضيق وحيره شديدة فقد احست بحيره وضياع شديد من حديثه وهو بالفعل قال لها هكذا، ثم تساءلت نادين بغضب شديد تكتب:
– طب وانت كده مش اسمك اناني وانك رجعتها عشان اخوك و والدتك بس مش عشان نفسك يعني عشان مصلحتك برده في النهايه
اجاب زين رد جعلها تدخل في دوامه ضياع وحيره اكثر قائلا بحزن :
-لا مش صح عشان انا فعلا كنت ناوي ابدا معاها من جديد بس هي كالعاده ما اديتنيش الفرصه
***
كانت عديله تجلس اعلي الأريكة بالصالون تشاهد التلفاز اقتربت منها الخدامه بتردد كبير:
– ست عديله كنت رايده اجول لك حاچه؟ بس تديني الامان الاول وما تزعليش مني
نظرت اليها عديله وهي تعقد حاجبيها متسائلة بحده قائله :
– في ايه يا بت مالك رايده تجولي لي ايه؟ ما تنطجي على طول
هتفت قائله باصرار:
-اديني الامان الاول واني اجول لك
تنهدت عديله بضيق شديد وقالت بقلق:
– اديتك اخلصي وجولي قلقتيني في ايه؟
نظرت حولها بخوف ثم ابتلعت ريقها واقتربت منها بتوتر وقالت بصوت منخفض:
– الست الهانم مرات چلال بيه؟ شفتها امبارح وهي ماسكه شنطه هدومها و خارچه من الدار؟ ولما ععيط (ندهت) عليها وحاولت امنعها تخرج, زعجت فيا وجالتلي ما لكيش صالح بيا وچولي لي اللي مشغلك عشان يعرف زين يمد ايده عليا
اتسعت عيني عديله بصدمه وشهقت وقالت بغضب:
-والهانم كيف تخرج من الدار من غير اذن جوزها مش عامله لجوزها جيمه حتى؟ لو حد من اهل البلد شافها في نصاص الليالي اكده يجول علينا ايه ماهي صحيح تربيه البندر
استمتعت الي خطوات قدم لتعرف بانها فرحه واشارت عديله الي الخدامه باعينها بان ترحل من امامها, هزت راسها بالطاعة و رحلت .
تقدمت فرحه بابتسامة عريضة:
– اصبح الخير يا مرات عمي؟ حالا هروح احضر الفطار واعملك كوبايه اللبن بالعسل بيدي
بدلتها الابتسامه عديله وقالت:
– لا سيبك من الفطار دلوج؟ و تعالي اجعدي جنبي يا فرحه رايده اتحدد امعاكي في كلمتين
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بعدم تصديق:
انتي بتبتسمي و بتتحددي امعايا اني يا مرات عمي؟
عديله بغيظ:
-هو في حد واجف جصادي غيرك ما تجعدي رايده اتحدد امعاكي
جلست فرحه بجانبها بعدم ارتياح متسائلة باهتمام:
– خير يا امرات عمي؟
أبتسمت عديله وقالت بحب :
– تعرفي يا بت يا فرحه انك زمان وانتي صغيره اتولدتي على ايده اني, اصل انا وامك كنا زمان اصحاب چوي, بس بجى اللي حصل زمان يلا الله يسامحها و يرحمها فرجنا عن بعض، بس اوعى تفكري ان اني في يوم كرهتك, حتى بعد اللي عملوا اخواتك؟ ما هو كومان دياب و ضاحي كانوا كيف ولادي بالضبط
هزت فرحه راسها قائله بابتسامة:
– خابره كل ديه زين يا مرات عمي, وفاكره كومان واني صغيره كنتي بتحبيني جد ايه ودائما لما كنتي تيجي تزورينا تسالي عليا وتجيبي لي حاچه حلوه و تاخذني في حضنك، وانا كومان بعد كل اللي حصل لسه وعفضل احبك يا مرات عمي انتي وچلال و زين هم بالنسبه لي كيف اخواتي بالضبط واكثر
قالت عديله بحنان :
– وهما كومان يا حبيبتي بيعتبروكٍ اكده اني خابره انك طيبه وحنينه طول عمرك يا فرحه كيف امك الله يرحمها ، عشان اكده رايده اطلب منك طلب واني خابره انك مش عتكسفيني صوح؟
فرحه بحب:
– اطلبي اللي انتي رايده يا مرات عمي ان شاء الله عيني ما تغلاش عليكي
ابتسمت بخفة لتقول بجدية:
– تسلمي يا حبيبتي يا بنت الاصول؟ هو اني لي غيرك يا فرحه ديه انتي حبيبتي؟ وبنتي اللي مخلفتهاش, وعشان اكده انا جلت لو اتكلمت امعاكي بهدوء انك توافجه عيسى يتجوز ويجيب اخ لي صالح, هتوافجي على طول،عشان انتي بنت اصول وطيبه وحنينه مع الكل، واكيد مش عتبخلي على سعادة جوزك عيسي وسعادتي اني كومان؟
تلاشت ابتسامه فرحه وتحولت الى صدمه, لتكمل عديله قائله بحذر:
– اوعى تفكري ولا يچي في عجلك بس لو وافجتي ان عيسي يتجوز وطلبتها انتي منه بنفسك؟ مش عيبجى ليكي بالعكس عتفضلي انتي ست الدار ديه كليتها برضه ديه حتي ممكن اجول لعيسى يسكنها بره الدار ويسكنها في دار ثانيه وما تشوفهاش خالص ولا تحسي انه متجوز من الاساس عليكي، ايه رايك يا فرحه؟
تنهدت فـرحـه بضيق مكتوم لتقول متسائله ببرود: -رايده اللبن بعسل النحل كيف كل مره على الفطار ولا رايده حاچه ثانيه معاه يا مرت عمي
عقدت حاجبيها بدهشة متسائلة بغيظ :
– فطار وعسل ايه دلوج انتي مركزه في اللي انا بجوله ولا شكلك انطرشتي
نظرت فرحه متحدثه اليها باستفزاز: هو انتي ما تعرفيش يا مرات عمي اصل الحديد اللي مش بيلد عليا بيدخل من ودني دي ويخرچ من الودن التانيه ولا اكن سمعت حاچه من الاساس؟ كيف الهوى اكده في الچو مش بيتشاف ولا بيتسمع؟
جزت علي اسنانها بعنف هاتفه بضيق شديد:
-خابره انتي امك الله يرحمها ما كانتش طيبه لا دي كانت حربايه وبتعرف تتحلب على الناس وانتي ما شاء الله طالعه كيفها بالضبط؟ بچي انا عماله اتحدد امعاكي واجول ممكن دماغها تلين وتطلع بتفهم
امسكت فرحه ضفيره من شعرها الذهبية للخلف ظهرها لتقول بعدم مبالاة مصطنعه :
– الله يسامحك يا مرات عمي الشتيمه مش بتلزج؟
صاحت عديله بحده قائله بعصبية :
– جومي فزي من جدامي يا بت, يلا بلا حرجت دم وابجي تعالي تفي على قبري يا فرحه لو عيسي ما عملهاش واتجوز عليكي, او مش بعيد يكون عملها اصلا ومتجوز عليكي ماشي يا بت فاطمه
تطلعت فرحه اليها بغضب وصمتت لتكمل عديله قائله بغيظ: ماشي يا فرحه
دخل عيسي من باب السرايا في حين كانت فرحه تهتم بالرحيل ليقول عيسي: سلام عليكم
أشارت فرحه باليد له بمعني أهلا بضيق ورحلت عقد حاجبيه متسائلا باستغراب: هو في ايه؟
عديله بحنق:
– سيبك منها وتعالي اجعد جنبي احوالك بجيلها كام يوم مش عجباني هو انت صحيح في العزاء انت واخواتك اتخانجتوا مع دياب
جلس عيسي بجانب والدته وقال متنهدا :
– مش عارف ميتي بس دياب عيفتح عينه على الحجيجه صعبان عليا جوي ياما, دياب مش وحش هو بس مضحوك عليه وفاهم غلط؟ بسبب سوء تفاهم وانا نفسي اوضح سوء التفاهم ديه
صاحت عديله بغضب وقالت:
– وانت مالك وماله جال على راي المثل اكل مسني واعيش مهني، ولا كبابك اللي قتلني
هز راسه هاتفا بياس:
– ياما دياب كان بالنسبه لي اكثر من اخ مش ابن عمي وبس يصعب عليا و وجعني اشوفه اكده معمي على الحجيجه
لوت عديله شفتها بسخرية هاتفه بحده:
– هو احنا اللي خلنا معمي على الحجيجه يا عيسى اللي بيشيل قربه مخرومه بتخر عليه وهو اللي اختار الطريق ديه ما حدش غصبه؟ وريح نفسك مهما تجعد تنصح فيه مش عيصدجك عشان هو خلاص مش نفس دياب ابن عمك وصاحبك كيف زمان وكيف ما جلتهالك جبل سابج ديه واحد ثاني رايد الشر ليك وبس
صمت عيسي بضيق وحزن علي صديقه, ليدلف جلال من باب السرايا فمن الواضح بأنه كان ينام خارج المنزل الليله ولا يعلم ماذا حدث, قائلا:
-سلام عليكم
لتقول عديله متسائله باستهزاء:
– يا اهلا بالموكوس الثاني يا فرحتك بعيالك يا عديله واحد عمال يچري ورا واحد مش يتمنى له غير الشر ويجول لى ابن عمي والثاني مختوم على قفاه ومش داري مراته فين
عقد جلال حاجبيه متسائلا بحده:
– في ياما بتجولي ايه, تجصدي مين بالحديد ديه
-جصدي انت يا ماله بختي؟ انت كنت فين من امبارح كنت بايت فين و مش دريان الهانم مراتك خدت شنطتها وسابت الدار في انصاص الليالي؟
اتسعت عيني جلال بصدمه وهتف بغضب ناري: -نـعـم, اسيف سابت البيت؟
***
في فيلا احمد السيوفي علي طاوله الطعام وقت الافطار اقتربت ثريا بتردد تجلس بجانب زوجها قائله:
-صباح الخير يا احمد
نظرت هايدي ابنتهم اليهم بحزن لاجل خصمهم منذ زفاف اسيف, وضع احمد معلقه الطعام بحده قائلا:
– هو انا مش قلتلك ما لكيش دعوه بيا وما تتكلميش معايا بعد كده
تنهدت ثريا بضيق شديد وقالت:
– في ايه يا احمد هتفضل تعاملني بالطريقه دي لحد امتى؟ هو انا عملت ايه لكل ده عشان مخاصمني بالشهور كده كل ده عشان الهانم بنتك طب هو انا كنت قلت حاجه غلط يعني؟ ما انتي ما كنتش شايف حالتك كانت عامله ايه بسببها وهي ولا بترد عليكي ولا تعبرك بالعكس بتتعبك اكثر
احمد بغضب :
– بنتي وانا حره معاها يا ثريا بس ده برده ميدكيش الحق انك تقولي عليها مش متربيه وانا ما عرفتش اربيها
ثريا قائلة بندم:
-انا اسفه ما كانتش اقصد انا قلتها ساعه غضب كنت متنرفزه منها اوي بسبب الحاله اللي انت كنت فيها لما كانت مش بترد عليكي من ساعه جوزها ومحملك ذنب اللي هي فيه
هايدي بترجي:
-خلاص بقى يا بابي سامحها عشان خاطري هي ما كانتش تقصد
صمت احمد لحظه وهو يفكر وكاد أن يتحدث استمع الي صوت ابنته اسيف كانت تنزل علي سلالم الفيلا قائلة بابتسامة عريضة:
– صباح الخير
التفت اليها الجميع بدهشة وتعجب كبير من اي اتت نهض احمد قائلا بصدمه:
-اسيف انتي هنا من امتى؟ وجيتي ازاي؟
جلست على طاولة الطعام تاكل بلا مبالاة:
– جيت امبارح بالليل بس لقيتكم كلكم نايمين ما رضيتش اصحيكم هو انت صحيح كنت بتزعق ليه يا بابا صوتك كان عالي
احمد بغضب:
– سيبك من صوتي وفهميني ايه اللي خلاكي تسيبي بيت جوزك في وقت زي ده هو انت لسه ذي ما انتي تصرفاتك متسرعه و مش بتفكري
اسيف بعناد:
– انا ما عملتش حاجه غلط وكان لازم اسيب البيت في اقرب وقت, انت ما تعرفش اللي حصل هناك بسببهم
احمد بحده:
– تتصلي بيا وتقولي لي وانا هتصرف ,وعلى كده جوزك يعرف انك هنا, ولا كالعاده مش بتاخذي اذن حد
اسيف بعدم اهتمام:
-لا ما يعرفش
جز علي اسنانه بحده وقال بصرامه:
-هتفضلي طول عمرك متهور يعني تخرجي من غير اذن جوزك وتقولي لي مش غلطانه واكيد سبتي البيت لسبب تافه واتلككتي طبعا
نهضت اسيف بانفعال:
– انا ولا متهوره ولا بتلكك بالعكس انا سكت كتير ومش بيرد على قله ادبهم معايا هناك, وعديت حاجات كثير شفتها هناك منهم بس لحد يمد يده عليا اهي دي اللي مش هسكت خالص
احمد بصدمه وهتف بحده:
– مين ده اللي مد ايده عليكي؟ جلال؟
ربعت يديها امام صدرها لتقول ببرود:
– ايوه هو الاستاذ اللي انت جوزتهلي جلال وقبل ما تقولي انتي اللي عصبتي ولا اتلككتي انا استحملت امه إللي كل شويه عمال تحدفنى بكلام زي الدبش وبسكت ومش برد حتى كمان وصلت للهانم بنت خالته صفيه برضه كانت بتقل ادبها عليا وكنت بسكت وبعدي كتير وكل ده من غير سبب ولا عملتهم حاجه، وحتى لما البيه جلال مده ايدي عليا على كنت قاعده في الاوضه لوحدي وما عملتش حاجه, بس الهانم أمه قومته عليا والفت كلام ما قلتهوش والبيه اللي المفروض جوزي صدق على طول بدل ما يسالني حتى الاول؟
تنهد احمد مجيب:
– برده غلطتي لما سبتي بيتك من غير اذن جوزك على العموم انا هتصل بي وافهم منه اللي حصل
جلست على الطاولة مره اخرى قائلة بجدية:
-اعمل اللي انت عاوزه مش فارقه معايا بس في النهايه تطلب منه حاجه واحده بس ان يطلقني
شهقت ثريا قائلة :
-طلاق ايه بس يا اسيف؟
صاحت اسيف بغضب مكتوم:
– خليكي في حالك وما تدخليش في اللي مايخصكيش ما انتي ليكي حق من انتي السبب في الجوازة دي من الاول
ثريا بضيق:
-انا ما ليش دعوه بجوازك واتكلمي معايا كويس انا قد امك مش عيله صغيره بتلعب معاكي
تجاهل احمد بضيق حديث ثريا وقال بنبرة حادة: -طلاق ايه انتي لسه متجوزه عشان تطلبي من اول مشكله الطلاق؟ قلتلك سبيلي الموضوع وانا هتصرف
رحل لداخل المكتب وبعده ثريا الي فوق, عقدت حاجبيها متسائلة بشك:
– هو مال امك وابوكي متخانقين ولا ايه؟
تنهدت هايدي مجيبه بحنق:
– اسيف مش وقت شماته دلوقتي عشان خاطرك كفايه اللي مامي في بسببك عشان ما كنتيش بتردي علي بابي من وقت جوازك وهي اتعصبت وهو زعل من كلامها بسببك
تطلعت اسيف فيها بحده قائله باستفزاز:
– مممم زعل من كلامها معني كده انها قالت حاجه مش لطيفه عليا؟ بس والله كويس طلعت بتحس زينا اهو
نهضت هايدي بعصبية:
-اسيف اتكلمي على مامي كويس مامي طيبه مش بتعمل حاجه لحد وحشه مش عارفه ليه دائما بتكرهيها من غير ما تعملك حاجه
ابتسمت اسيف بسخرية هاتفه:
– مامي خطافه الرجاله بقيت طيبه والله ضحكتيني هي في واحده تخطف راجل من مراته وبنته وتبقى طيبه وحنينه؟ تؤ تؤ ما ينفعش طبعا يا هايدي يا حبيبتي؟
ثم تلاشت ابتسامتها وتحولت لغل: -اتكلمي علي حاجه تكوني عارفاها كويس بعد كده يا شاطره هي اه معملتش حاجه بس عملت لاقرب حد لي حاجات كثير؟
جزت هايدي علي اسنانها بغيظ ورحلت من امامها بغضب شديد
***
اغلق جلال الهاتف بغضب وقال:
– الهانم سابت البيت وراحت عند ابوها و هو عاوزني اجي عشان نتكلم هو لي عين يتصل اصلا و بنته سابت البيت من غير اذني؟ مش كفايه قله ادبها معايا
هتفت صفيه بلهفة:
– اوعى تروح ليها يا چلال وسيبها هناك في دار ابوها لحد ما تتربى
عديله بجدية:
-يروح فين هو انت ممكن تروح تجيبها بعد اللي عملته يا چلال, اياااك تروح سيبها هو حد كان طردها من الدار ولا جالها امشي,هي اللي مشيت بمزاجها
جزت فرحه علي اسنانها بغيظ منهم ليقول عيسي بنبرة حادة قائلا:
– بــس خلاص ما حدش يدخل نفسه في اللي ما لوش فيه, وانتي يا صفيه روحي دلوج على دار ابوكي
نظرت الى الجميع باحراج و بغيظ مكتوم نهضت للخارج, لتقول عديله بحده:
– استني يا صفيه خديني امعاكي
نظر عيسي الي رحيل والدته للخارج وهتف عيسي بجدية:
– انت مديت ايدك علي مراتك فعلا يا چلال من ميتى واحنا بنمد ايدينا على حريم ولا بنضرب ستات
ابعد عينه جلال عن اخيه باحراج وقال:
– ما ضربتهاش يعني بالمعنى يا عيسى, ده انا يدوبك شدتها من شعرها بس, عشان تعمل كل الهوليله دي وتسيب البيت؟ وبعدين ما هي اللي ابتدت من امبارح عمال تنرفز فيا وتعصبني وانا عمال افوت لها كثير, وفي الاخر راحه تقول قدام امي وصفيه ان انا ملزمهاش ومش قادر عليها.
صاحت فرحه بحده قائله بغيظ:
– لا ما هو الظلم وحش بجى واني مش جادره اسكت لحد اكده؟ مراتك يا چلال ما جالتش كده بالحرف, هي جالت انك لو ما سمعتش حديد امك وما صدجتهاش تبجي ما تلزمهاش؟
جز جلال علي اسنانه بغضب وقال:
– فرحه ما تحاوليش تدفعي عنها, امي اكيد مش عتكدب وتالف حاچه هي قالتها
فرحه بحده: -لا غلط يا چلال مش ديه اللي حصل واسمعني زين بجى
نظر لها كل من عيسي وجلال باستغراب و باهتمام واكملت فرحه:
– هي ما جالتش اكده من جليل, وامك والست صفيه مستلمينها من اول يوم جواز معامله وحشه و حديد عفش وتجطيم في الرايحه والچايه والشهاده لله هي ما كانتش بترد في الاول و فوتت كثير جوي ليهم بس لكل صبر حدود بجي و هما جابوا اخرها خلاص؟ حتى كلمه ما يلزمنيش دي؟ ما قلتهاش كيف ما امك فهمتك، هي جالت لو صدج حديد امه يبجى ما يلزمنيش؟
صمت جلال بصدمه وهتف عيسي بجدية:
– و اللي دخل امك في الحديد ديه وصفيه كومان؟ ما تفهمني الموضوع كله يا چلال
اطلق زفرة عميقة وتمتم بحنق غاضبا:
– حصل اللي حصل خلاص, بس ده برضه ما يديهاش الحق تمشي وتسيب البيت في وقت زي ده من غير اذني؟ مش هي مشيت خليها تشوف مين بقى اللي هيرجعها, خلاص ما بقتش عاوزها وفاض بيا بمشاكلها .
***
في مكتب دياب حماد الجبالي جلس صلاح امامه ضاحي وقال بابتسامة عريضة:
-ما صدجتش نفسي لما اتصلت بيا بس يا رب يكون اللي في بالي صوح
هز دياب راسه هاتفا بخفوت وهو شارد الذهن:
-ايوه هو يا عمي, اللي نفسك يحصل من زمان
اتسعت أبتسامتة بمكر ليقول بسعاده:
– ايوه اكده اخيرا هننتجم لي ابوك الله يرحمه
هتف ضاحي بغضب :
– شوفت ولد المركوب عيسي قال ايه لدياب؟ جال له مستعد اديك جرشين وننهى الخلاف اللي ما بينا مستنيين حسنه منه ولاه بنشحت منه اياااك
قال صلاح يزعل مصطنع:
– تؤ تؤ ملوش حج صوح؟ ناوي على ايه يا دياب يا ولدي؟
تنهد دياب مجيب بتردد وحذر:
– نفذ اللي اتفجنا عليه زمان واني رفضت يا عمي صلاح، بس من غير نجطه دم واحده فهمني يا عمي
صلاح بخبث هاتفا:
-عيني يا ابن حماد يا ولد الغالي ,ما تجلجش عنفذ اللي اتفجنا عليه بالحرف الواحد و من غير نجطه دم واحده كومان
***
بـعــد اســـبــوع، بـداخل كـافـيه
قال مصطفى بصدمه:
– نعم انتي بتهزري يا اسيف سبتي البيت وطالبه الطلاق
تطلعت اليه بعينيها الذهبيتين الواسعتين متعجبة من صدمه هاتفه:
– ايوه امال عايزني بعد اللي عمله فيا افضل على ذمته
بينما تسأل وهو يتطلع اليها بامتعاض:
-هو كان حصل ايه لكل ده، كل ده عشان سمعني وانا بتكلم معاكي؟ تقومي سايبه البيت؟ بصراحه يا اسيف هو معاه حق وانتي مزوداها اوي
عقدت حاجبيها مستنكرة حديثه وزمجرت:
-افندم هو ومين اللي معاه حق هو انا كل ما احكي لي حد يقولي هو معاه حق وانا اللي غلطانه بقول لك مد ايده عليا ده غير الست والدته اللي مطهقاني في عيشتي هناك، وتقول لي معاه حق انت معايا ولا معاه
هتف مصطفى بهدوء وقال موضح:
– يا اسيف انا مع الحق هو عشان انتي صاحبتي بجد وخايف عليكي لازم انصحك،اي واحد مكانه هيسمع مراته بتكلم واحد حتى لو كلام عادي اكيد هيعمل اللي عمله، وكمان هو ما يعرفنيش ولا يعرف عني حاجه، ماشي معاكي حق انه غلط لما مد ايده عليكي بس اكيد ده كان رد فعل غصب عنه وقت تسرع وعصبيه
استفزها صدقًا فهدرت بحدة:
– برده ده ما يدلوش الحق ان يمد ايده عليا هو فاكر نفسه مين عشان اسكتله
قال مصطفى مرادفا:
– فاكر نفسه جوزك يا اسيف انتي مش عاوزه تقتنعي لحد دلوقتي انه جوزك ولي الحق في كل اللي بيعمله
لتردف اسيف بنبرة مغتاظه:
– اه جوزي بالغصب
قال وهو ياخذ نفسًا عميقًا بهدوء قاصد فهو يعرفها جيد:
– يبقى بتتلككي بقى عشان تسيبيه ومش مسألة مد ايده عليكي ولا حاجه
اضطربت و أبتعدت عن عينيه قليلًا متسائلة بغيظ وعناد:
– مين قال لك كده انا متعصبه لحد دلوقتي ومش عارفه ازاي سمحت لي يعمل كده معايا بس ماشي كله باوانه وانا مش هسكتله بعد كده على اي حاجه
***
ركض، و ركض، في اخر الليل وهو يركب ذلك الاصيل الضخم الاسود اللون وكان العقل والقلب والروح شاردة الي مكان بعيد وهو مكان الشــوق مر اسبوع واحد فقط وكانه زمن وعمر طويل ولم يرى غابات عينيها الخضراء الذي ضاع فيها وشعر انه فقد فيها شيئا لم ولن يستعيده ابدا منذ ان راها؟ لكن العناد امتلكه بشده هو لم يخطا في شئ معها حتي تذهب، بل هي من اخطات وكثير، يريدها وبشده يعترف ، بهذا لكن كبرياء يمنعه؟
وقد ترجل من فوق فرسه العربي الاصيل الضخم الاسود اللون, وقد وقف في فسحة خضراء على تل مرتفع يشرف على البلدة,
فقد صعد الى غرفته ليبدل ثيابه قبل ان يتجه من فوره الى الاصطبلات ليصعد فوق عشق فرسه الأصيلة ليقوم بنزهة طويلة معها, كي يخلو الى نفسه ويتخلص من تلك الانفعالات التي تمور في صدره, فكما هو اشتاق اليها والي ملامحها, فهو من النادر ان يغضب او ينفعل مهما حدث, وحدها تلك الشيطانة الصغيرة التي منذ ان وطئت بقدمها الي قلبه و اصبح عاشق متيم؟
– مالك يا چلال مش جايلك نوم ولا ايه؟
القى عيسي بسؤاله الى جلال الذي وجده يقف في الحديقة الواسعة المحيطة بالقصر تحت شجرة باسقة لمح اخيه من فوق النافذة ونزل له
انتبه جلال الى شقيقه فالقى اليه بنظرة عابرة قبل ان يعيد عيناه الى الاعلى حيث يشاهد النجوم التى تلمع في السماء وكانها الماسات تلمع فوق غطاء اسود , اجاب جلال بهدوء:
-ما جانيش نوم جولت اتمشى في الهوا شويّْ اقترب منه عيسي واسند ذراعه على جذع الشجرة بجواره وقال بابتسامة صغيرة:
– وشيخ الشباب ايه اللي طير النوم من عينه؟ ايه وحشتك مش اكده؟
التفت اليه جلال بصدمه وهرب من السؤال الذي لا يعلم هو نفسه اجابته وقال بحده:
– هي مين دي اللي وحشاني؟
اجاب عيسي بهدوء: مراتك؟
زفر جلال بعمق ونظر اليه وقال بهدوء غريب عليه:
-رايد مني ايه عيسي سبت فرشتك ونزل ليا ليه؟ اطلع انعس احسن و هملني في حالي يا ولد ابوي, انا ما فيش حد واحشني مش هي اللي اختارت الرحيل مع السلامه والقلب داعيلها
قال عيسي وهو يربت على كتفه بابتسامة حانية: خلاص, جلبك ابيض يا چلال, ما تزعلش اكده وتكبر الموضوع وهو ممكن يتحل بمجرد زياره لابوها, ولو رايدني اچي معاك اني مستعد؟
اكمل عيسي بضحك خبيث:
– بدل ما هي مطيره النوم من عينك اكده و مخليه حالتك واعرة جوي
تمتم جلال نفسه وهو يتذكر ملامحها التي ضاع فيها وشعر انه فقد فيها شيئا لم ولن يستعيده ابدا, او تذوق طعم الراحة من بعد رحيلها قال بهمس: -امطيّرة النوم من عينيه بس ديه روحي كومان كانها مش معايا, وخذتها معاها وهي ماشيه من اهنه
نظر اليه عيسي بعدم تصديق وهتف بضحك:
-يا ولد ابويْ رحت فين تاني؟ لاه لاه, اكده المسالة واعرة جوي, انت للدرجه دي وجعت
زفر بحنق وقال بصوت عالي:
– وبعدهالك يا عيسى مالك ومالي عاااد, هملني احسن و روح انعس و مالكش صالح بي انا ععرف احل مشاكلي زين لحالي
تنهد عيسي قائلا بهدوء:
-طب براحتك اعمل اللي لادد عليك, بس بعد اكده ما تتسرعش في حديد امك يا چلال امك بتغير من مراتتنا جوي, مش جادره تصدج لحد دلوج الرچاله اللي قعدت سنين تربى فيهم طول عمرها بيروحوا من حضنها لحضن واحده ثانيه في ثانيه اكده, حتى اني كل يوم والثاني واني راچع من الشغل تجعد تجول لي لسته مشاكل جد اكده عملتها فرحه.. فكره فرحه عملت حاچه صوح ولا حتي بصدج؟ لاه هي دي غيره منها بس
ابتسم عيسي بحب مكمل:
– ولله امك عامله كيف العيله الصغيره عشان اكده ما تهتمش بحديد امك وجلها حاضر ونعم و فهم مراتك اكده كومان عشان تعيش مرتاح كيف ما اني عملت مع فرحه, بس شد حيلك يلا ورجعها؟
لمعت عيناه ببريق عزم وتصميم:
– هرجعها والمره دي مش هخليها تمشي وتروح من بين ايدي ثاني؟
***
في نفس الوقت ونفس العيون الساهرة في النجوم والسماء الصافيه, تنظر منها من نافذة غرفتها وهي تلك المتمردة اسيف .
استقلت على سريرها وعقلها يلتطم بعدة امواج مهلكة ولكن جلّ ما يسيطر عليها لماذا لم يتصل بها جلال حتي الان او حتي اهتم بسؤال عنها واحد فقط عن طريق والدها؟
لا زال لم يتصل بها منذ ان رحلت من السرايا؟ هل من الواقع ان قد مل منها؟ هل ربما يريدها ان تتصل هي به بعد كل ما دار بينهما ليلة رحيلها؟ قضمت شفتها السفلى بتفكير ؟
طيلة الليله اخذت تفكر باختفاءه الغريب ،هناك شيء غريب لماذا لا يتصل بها؟ ما خطبه؟ او ما خطبها هي؟ لا تنكر بانها اشتاقت الي اسلوبه الحلو وحديثه المعسل معها طول الوقت حتي اذا كانت هي من اخطات؟ و نظراته اليها ايضا كانت تشعرها بانها اكثر انثي محظوظة في هذا العالم كله؟ كانت تتوقع انه سوف ياتي اليها مسرعا مهما حدث؟
لكن الان يتجاهلها بطريقة غريبة قاسية وهو الذي ينتظر منها كلمة واحدة جميلة ، متوجسة هناك شيء قد حدث لا بد؟
كانت تود تجاهله رغم غيظها من تصرفاته؟
اين العشق الذي كان يتحدث عنه اليها؟
اهو مخادع مثل ما قالت والدتها لها منذ زمن؟
تفاجأت حينما تسال عقلها اتتصل هي به؟
تطلعت الى الهاتف بعينيها الواسعتين متعجبة من اسلوبها المثير للشفق هذه ليس هي اسيف، العناد والكبرياء الذي يتعلم منها خضعت بهذه السهولة؟
ابعدت عينيها عن الهاتف سريعا وهي تعاتب نفسها بشده؟
تبًّا له حقير محال وقعت الي طريقه المثيره معها كان في الليلة الماضية يخبرها انه يعشقها ومستعد علي فعل اي شيء لاجلها؟
ابتسمت بسخرية علي تفكيرها التي وصلت ل معه .
***
في منزل دياب, كانت تجلس فرحه مع جميله التي كانت منذ نصف ساعة تتحايل علي فرحه الصغيره بالطعام لكنها رفضت وتركتها للخارج وكزت فرحه جميله في خصرها فمالت تلك الاخيرة عليها، همست تسالها:
– هي ما لها البت ديه يا چميله عماله تتدلع اكده ليه في الاكل؟ سيبك منها وبطلي منهدى, لما الچوع يجرصها عتيجي تاكل غصبا عنها
تنهدت جميله بزعل واجابت:
– اصلها زعلانه مني يا فرحه؟ عشان طلبت منها من اسبوع تنام جنب اختها
تساءلت فرحه باستغراب:
-وهي كانت بتنام فين جبل سابج
قالت جميله بتلقائية:
– كانت بتنام جنبي انا و دياب, من ساعه لما اتجوزنا, بس دياب قال لي اتكلمي معاها و خليها تنام جنب اختها ومن ساعتها زعلانه مني
عقدت فرحه حاجبيها بدهشة متسائلة :
– بتنام جنبكم من ساعه لما اتجوزته
جميله بعتاب:
– ايوه ده كله من دياب, مش عارفه ليه مش عاوز اسيبها تنام جنبنا ,دي انا اما صدقت البنات ياخذوا عليا هيرجعوا يشيلوا مني ثاني
فرحه بعدم تصديق وساخرا:
– لا بصراحه ما لوش حج, انتي هبله يا بت يا چميله؟ ولا بتستعبطي؟ انتي متاكده يا بت انتي كنتي متجوزه جبل دياب
جميله ببراءة:
– ايوه كنت متجوزه ومات الله يرحمه, بس ده ايه علاقته بكلامي؟ ما تتكلمي معاه انتي يا فرحه قولي لاخوكي يسب فرحه تنام جنبنا انا مش متضايقه منها, بس مش عايزها تزعل
نظرت فرحه حولها بتفحص عن شئ ما, تساءلت جـميـله باستغراب:
– بتدوري على ايه عاوزه حاجه؟
قالت فرحه بغضب:
– بدور على حاچه افتح بيها نفوخك واني كنت باجول ما فيش اغبى من البت صفيه اتاري فيه يا اختي وجاعده جدامي اهو
جميله بتعجب:
-و انا عملت لك حاجه عشان تشتميني يا فرحه دلوقت
فرحه بغيظ شديد:
– يا غبيه يا ام مخك تخين كل ديه ومش فاهمه؟ والله الراچل لازم يجولها لك اكده دبش في وشك؟ ولا انتي استحلتيها عشان ساكت؟ يعني مش فاهمه رايد ايه منك
احمر وجهها خجل وقالت بتردد:
– مش متاكده يعني
هتفت فرحه بحنق قائله:
– لاه ده اني لازم احدفك بحاچه بجد, صحيح العقل زينة حتى لو كان في بهيمة؟
أردفت جميله بضيق:
– الله يا فرحه بقى
تساءلت فرحه بحنق قائله:
– ولما يرچع من بره و يلاجي البت فرحه نائمه جاركم بيعمل ايه؟
قالت جميله بخفوت:
– بيقلب وشه ويبصلى اوي ويسكت
تنهدت فـرحـه بضيق وقالت بحده:
– طب فتحي مخك معايا واسمعيني بدل ما الراچل يطفش ويسيبك ويزهج منك؟ اني مش خابره نسوان ايه دي؟ اللي مش عارفه تثقف نفسها .. امال الست امينه شلبايه تعبه جلبها ليل ونهار برامچ ليه؟
بداخل منزل احمد السيوفي,نزلت اسيف سلالم الفيلا ودخلت المطبخ مبتسمه بسعادة وهي ترى خصام والدها مع زوجته الذي طال حتي الان كم اسعادها هذا الخبر؟
كم كانت سعيده ايضا وهي تنظر الى تعاست ثريا علي وجهها دائما ومحاولتها الفاشله لصلح زوجها كل مره حتي ثريا رأت الخبث والسعاده في اعين اسيف دائما بوضوح كانها تقصد اظهارها اسيف لها وكما اغظها هذا بشده
قالت اسيف بابتسامة عريضة:
– سميره اعملي لي العصير بتاعي
هزت سميره الخادمه راسها بطاعه وبدات في تحضير العصير لها وجلست اسيف تنتظر وهي تبعت رساله الي مصطفى حتي انتهت سميره من تحضير العصير و أعطي الكوب لها, اخذته لترحل الي غرفتها
لتتسمر مكانها وهي تسمع صوت ضحكات عاليه من شخص كم تكره ان ترى السعاده على وجهها وهي ثريا؟ ألتفتت اليها اسيف سريعا لتري ثريا متأبطه ذراع زوجها احمد ومبتسمين الاثنين بشده, كان لا وقت للتفكير لـها لتعرف بانهم تصالحوا
ابتسم وقال احمد متسائلا:
– انتي لسه صاحيه يا اسيف في حاجه ولا ايه؟
لم ترد عليه واكتفت بنظره حادة الي ثريا التي تحمل بوكيه ورد احمر رائع لتجيب:
– لا ما فيش حاجه كنت بطلب حاجه من سميره جابتها لي
هز راسه بهدوء وقالت ثريا بابتسامة عريضة كانها ابتسامه انتصار تغيظ بها اسيف وكم بالفعل المها:
– شوفتي يا اسيف باباكي جابلي ايه؟ بوكيه ورد بذمتك مش شكله يجنن؟
اغتصب ابتسامه صفراء دون الحديث لتكمل ثريا قائله بخبث وهي تتذكر كيف كانت تغظها وتشمت بها:
– اصل انا وباباكي خلاص اتصالحنا ايه ما فيش مبروك؟
ضغطت على يدها التي تحمل كوب العصير بعنف هاتفة بصعوبة شديدة وهي تتذكر معاناه والدتها حياه، ولم يفكر ان يهدي لها اي شىء مقابل عذابها معاه, لتتجمع الدموع داخل عينيها متحجرة:
– مـ مبروك
لتقول ثريا ببراءة مزيفة:
-عقبالك يا حبيبتي لما جلال يجي يصالحك انتي كمان
قال احمد بجدية وحذر:
– ثريا يلا نطلع ننام
هزت راسها ثريا بابتسامة مشرقة, اشعلت الحقد والغل داخل قلبها وهي ترحل الي فوق مع احمد ومسافه ما اختفوا من امامها ألقت الكوب بقوه وغضب هاتفه بصوت عالي: ســمــيره
تقدمت سميره بتوتر: نعم يا هانم؟
مسحت وجهها بقوة وقالت بصوت مهزوز:
– لمي الازاز ده الكوبايه وقعت غصبا عني
***
صاح ضاحي بنفاد صبر:
-يوووووه وبعدهالك بجى يا احلام كل يوم مصدعه دماغك على نفس الحديد؟
هتفت احلام بعصبية مفرطة وغل:
– ايوه و مش عسكت غير لما تجيبلي حجي كومان انا اتضربت من البت اللي ما تسواش حاچه في سوج الحريم ديه, واتهانت كرامتي وكل ديه و رايد نعدي عادي؟ لا يا ضاحي اني لما اخذ حجي من البت دي و اكسر عظمها اكده بيدي, انا مش خابره كيف سكتلها وخرجت وهملتني ولا اكنها عملتلي حاچه
قال ضاحي بجدية:
– رايداني اجول ايه؟ يا فالحه جدام اخويا دياب؟ ما انتي حرجتي يديها جبل سابج وما تكلمش ولما حاول يعملك حاچه اني وجفت؟ رايداني اجف جدام اخويا عشان حديد حريم و لعب عيال جفلي على السيره دي وانسى يا احلام اني مش رايد وجع دماغ كل يوم
جزت علي اسنانها بعنف هاتفه بحقد وغيره:
-اكده ماشي, بس يمين عظيم لا عتكون طلعنها من الدار و البلد كليتها على ايدي وبفضيحه كومان؟
***
منذ بدءاً شروق الشمس استعد جلال رحلته الي منزل احمد السيوفي, وقد وصل منذ الصباح وفتحت له الخدامه, ابتسم بخفه وقال :
-صباح الخير, ممكن اقابل استاذ احمد السيوفي انا جلال الجبالي جوز بنته اسيف
ابتسمت الخدمة بترحيب سريعا قائله:
– اه طبعا يا فندم انا عارفه حضرتك انا حضرت كتب الكتاب لما كان هنا في الفيلا؟ بس للاسف ما فيش حد هنا غير الهانم الكبيرة مرات حضرتك ونائمة فوق؟
***
رفرفة ناعمة فوق جفونها جعلتها تشيح بيدها امام وجهها دون ان تفتح عينيها، لتشعر بها فوق ارنبة انفها، فتحرك يدها لازاحة هذا الشيء السخيف المصر على ايقاظها وهي تتافف وتتقلب لترقد على بطنها نومتها المفضلة،وقد تملمت في الفراش ليظهر قميص نومها الابيض من القطن الابيض قصير للغاية فوق الركبة، بحمالة رفيعة وفوقه روبه من نفس القماش ومطرز بالدانتيل وحبات اللؤلؤ عند منطقة الصدر و على الاكمام بينما ياقته مزدانة بكشكشات من الشيفون
ومازالت مستمرة بالنوم وصل لها صوت خشن مسامعها جعلها تقطب بشدة في نومها ولكنها لا تزال متمسكة باهداب النعاس، لتشعر بشيء خشن يمر فوق جبهتها ويتلاعب في شعرها فنفخت في ضيق متمتمة بسخط طفولي وعيناها لا تزالان مغمضتان:
– اووف، وبعدين يا بقي، اطلعي بره يا سميره بدل ما هقوملك انتي حرّة قولي لهم مش عاوزه تفطر نايمه متاخرٓة لبعد الفجر؟
ليطرق سمعها الصوت الخشن بوضوح هذه المرة قائلا يتلاعب:
– ويا ترى بقى اللي كان مسهر جنابك لحد بعد الفجر
شهقت على وسعها وقد فر النوم فجاة ملتزمة السكون لثوان وكانها تتأكد مما سمعته، قبل ان تردد بذهول وتفتح عيناها ببطء تنظر ليظهر إليها عينان سوداوين تطالعها بشوق فيما ابتسامة ماكرة تتراقص على فمه المضلل بلحية خفيفة
اعتدلت حتى انقلبت على ظهرها احمر وجهها بشدة، وهي تهمس بتلعثم:
– جلال؟ انت جبت هنا ازاي؟
مال عليها جلال وهو يقول امام وجهها المتخضب:
– ايه ما كنتيش عاوزة اجي؟ واشوف مراتي سابت البيت ليه في وقت زي ده؟ من غير حتي ما تاخذ اذن؟
عقدت حاجبيها وهي مقطبة:
– هو انت كنت عاوزني اقعد لك عادي بعد اللي انت عملته فيا؟ ولا اكنك عملت حاجه ده انت مديت ايدك عليا ولا نسيت
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب من تكبير الامور قائلا:
– إيه اللي عملته فيكي؟ مالك بتتكلمي كاني ضربتك علقه موت ده انا بس مسكتك من شعرك وزعقتلك امال لو كنت ضربتك بحق وحقيقي كنتي عملتي ايه
فاجابته اسيف بكل ثقة:
-كنت ضربتك انا كمان انت فاكرني هاسكتلك ولا ايه؟
ابتسم جلال وقال بحب:
– بقى كده عاوزه تضربى جوزك, اللي بيحبك وما لوش غيرك
هربت بعينيها وهي تجيب بغضب دون مبرر: -انت جيت ليه يا جلال عاوز مني ايه مش بقى لي اسبوع سايبه البيت وانت ولا مهتم تعرف انا فين؟ يعني شكلك كده زهقت مني ومش عاوزني
ضيق عينيه هامسا بعتاب:
– هو انا لو مش مهتم كنتي فين كان زماني هنا دلوقت؟ امال عرفت مكانك ازاي؟ بس يا اسيف؟ انا كنت كل يوم بتصل بباباكي وبخليه يديني تفاصيل يومك كانت عامله ازاي؟ من اول ما صحيتي لحد ما نمتي؟
ففتحت بذهول في عيناه بقوة في رهبه كبير من لتفاجأ بعينين تشتعلان تطالعها بشوق شديد، حاولت التحدث اكثر من مرة وكان صوتها قد هرب منها، وما تحدثت نفسها:
– بعد كل اللي عملته وبرده لسه مهتم يعرف انا بخير ولا لا؟ ايه البني ادم ده للدرجه دي بيحبني؟
هتف جلال في ياس في حين قال بجدية:
– اسيف ممكن نتكلم انا وانتي بهدوء, ماهو مش معقوله هنعيش حياتنا كلها في خناق كده ولا في تفاهم بينا خالص؟
تنهدت اسيف بضيق مكتوم قائله:
– والله الكلام ده تقوله لنفسك مش ليا؟ انا كنت قاعده في حالي وانت اللي جاءتلي؟ و مديت ايدك عليا وصدقت حاجه ما قلتهاش من الاول بالمعنى اللي فهمته؟
هز راسه هاتفا بخفوت:
– عرفت كل الموضوع من فرحه
اسيف بسخرية هاتفه بغيظ:
-اه عشان كده بس فكرت دلوقت تجي؟ انما لو فرحه ما كانتش موجودة ساعه الخناقه كان زمانك دلوقت موجود هناك في السرايا ومش مصدقني ولا معبرني كمان؟
قال جلال بصرامة:
-لا مش صح انا عرفت الحقيقة من فرحه من اول يوم مشيتي فيه بس برده ما كنتش قادر اسامحك, انك فكرتي تيجي هنا وتسيبي البيت من غير اذني افرضي كان جري ليكي حاجه اسيف اعترفي مره في حياتك انك غلطتي؟
لم ترد عليه وحانت منها نظرة الى نفسها وما ترتدي لتتفاجا انها ترقد امامه لا يسترها الا غطاء خفيفا قد انحسر من عليها، لتشهق مجددا ولكن بذهول وهي تحاول جذب الغطاء الى اعلى بلهفة مخنوقة ليضحك جلال وهو مستمتع بخجلها الانثوي الرقيق ويقول:
– بتعملي ايه بس هو انتي الاسبوع اللي قعدتيها هنا نساكي ان انا جوزك ولا ايه؟
حدقت به بتوتر قبل ان تستوعب عبارته جيد، ليفقد وجهها لونه وهي تهتف بحنق محاولة الابتعاد عنه بلا طائل فهو يميل عليها مثبتا الغطاء بيده رافض ستر نفسها بيه:
– ايه؟ اوعي كده وازاي اساسا تسمح لنفسك تدخل الاوضه من غير ما تستاذن؟
ليحين دوره هو في النظر اليها بذهول قبل ان يطلق ضحكة رجولية عميقة منه دغدغت اوصالها رغما عنها فاشاحت بوجهها جانبا بينما اجاب:
اسمح لنفسي ايه؟ انتي ناسية اننا متزوجين ولا ايه؟
ثم تابع غامزا بخبث:
– ولا انا بس عشان سايبك بمزاجي محصلش اللي انا نفسي فيه و..؟
ليتخذ وجهها لوحة من اللون الاحمر تدريجيا المختلفة بدءا من الاحمر الشاحب وحتى الغامق شديد الوضوح, قاطعته بحنق وهي تحاول دفعه بيدها :
– بس ما تكملش؟ ايه قله الادب بتاعتك دي واوعي كده بدل ما حد يشوفك وانت هنا جنبي يقول ايه؟
ضيق عينيه بذهول من حديثها:
– لا لا لا دي شكلها ضربه منك خالص, الفتره اللي انتي قعدتيها بعيد عني خليتك تنسى انا مين بالنسبه لك؟
تابع حديثه قائلا بخبث:
– بس ملحوقه انا هفكرك دلوقت؟
اتسعت عيناها بقوة في رعب بعينين تشتعلان تطالعها بتوق شديد، ليقاطعها بانفاس ساخنة تلهب بشرة وجهها فيما يشرف عليها مائلا فوقها:
-ولا كلمة اتكلمتي كثير يا اسيف، دلوقت بقي وقت الجد؟
همت بالكلام حينما مال عليها ملتقطا كلماتها بقبلة نارية فصلتها عن العالم باكمله ولا تصدر فعل ان رافضه ولا مستجيب ولكن مستسلمه له؟ قد التقط شفتيها مره اخري في قبلة عميقة سحبت انفاسها وجعلت يدها التي تتشبث بحافة الغطاء تتهاوى قبضتها ليحكم ذراعيه حولها مغيبا لها في عناق قوي، وما ان افلتها ليستطيع التقاط انفاسهما الهاربة حتى نظر اليها يقول بانفاس ثائرة:
– كان هيحصل لي حاجه لو ما كنتش عملت اكده اول ما جيت وشفتك وانتي نائمه بالشكل ده؟
حاولت التحدث اكثر من مرة حتي تثور عليه وتعاتبه علي ما فعله ولكن صوتها قد هرب منها، وما ان استطاعت النطق حتى قال بصوت خرج بصعوبة منه:
– تعالي يلا نتكلم بره بس غيري هدومك الاول
***
في منزل زين بالقاهرة و اثناء جلوسه بقى يفكر مر اسبوع لم تعد تراسله اسيل تلك الفتاه التي اقتحمت حياته فجاه واهتمت به بشده عن باقي من حوله وتعلق بها لكنها الان اختفت فجاه ايضا؟
سال نفسه ماذا يجذبه بها؟ ليرتاح معها هكذا ويفتح قلبه لها ويحكي كل شئ عن حياته الخاصة, يمكن؟ اهتمامها استماعها اليه دون سخريه مثل اهله وزوجته، مشاركاتها معه احلام وهواياته بالفعل اشياء كثيرة و لكن يخشى من الجميع يعرف اذا علم احد مثل عيسي و والدته سوف يثوره عليه ويعاتبوه بشده وايضا نادين زوجته بالتاكيد سوف تطلب الطلاق دون تفكير لان تحدث مع فتاه غيرها؟
ابتسم بسخرية علي حاله كم تعلق بهذه الفتاه دون حتي ان يراها او يسمع صوتها لكن لا يستطيع ان يمر يوم واحد دون التحدث معها ربما ما اصابها شيئا.
انتبه الي نفسه في حين ارسلت اليه رساله منها هي صباح الخير
اجاب بابتسامة مشرقة يرسل :
– صباح النور وصباح الورد عامله ايه؟ بقالك كثير مش بتفتحي الفيسبوك انا قلقت عليكي قوي انتي كويسه
– اه كويسه كنت مشغوله بس في حاجه شويه كده اخبارك انت ايه
-انا بقيت تمام لما اطمنت عليكي, ما تعرفيش كنت قلقان قد ايه ليكتب بتردد و وحشتني على فكره
اتسعت عيني نادين بصدمه وصمتت لتستوعب, ليكتب
-ايه انا قلت حاجه ضايقتك
نادين بتوجس :
– وحشتك ازاي؟
زين بتلعثم :
– مش احنا اكتر من اصدقاء برده في حاجه
لتكتب قائله بتوتر؟ :
– لالا ما فيش حاجه ابدا
ابتسم زين وكتب:
– اسيا انا عاوز اطلب منك طلب بس عشان خاطري ما ترفضيش
نادين باستغراب: طلب ايه؟
-انا الايام اللي فاتت كنت هتجنن عليكي واعرف اخبارك ايه؟ وكان ممكن لقدر الله يحصل حاجه وانا ما اعرفش اوصل لك عشان كده ايه رايك تديني نمره تليفونك ونتكلم احسن
نادين بصدمه وارتباك:
– ليه ما نتكلم هنا عادي, انا بس كنت الايام اللي فاتت مشغوله جدا لكن دلوقتي مش مشغوله وهفتح على طول
زين باصرار:
-برضه عاوز نمرة تليفونك يا اسيا عشان خاطري, ماهو مش معقوله بقيلنا اكثر من خمس شهور بنتكلم وما نعرفش شكل بعض ولا صوت بعض؟
نادين بقلق بنفسها: دخلنا في اللي يقلك عاوز يعرف شكلي و صوتي كمان؟ عشان تبقى خربت
كتبت هي:
– طب هبقى اشوف الموضوع ده بعدين المهم اخبارك انت ايه
تنهد مجيب بابتسامة مشرقة من اهتمامها له:
– في حاجات كثير اوي عاوز احكيهلك حصلت في الايام اللي فاتت عندك وقت تسمعيني
ابتسمت نادين تكتب:
– طبعا اتفضل
***
طرق دياب باب المرحاض عدة مرات وهو ينادي جميله هاتفا:
– كل ديه يا جميله؟ بجالك جُرب الساعة دلوك ابتعملي ايه كل ديِه؟ انتيْ لو كونتي بتتسبحي كان زمانْكي خلصتي
بداخل المرحاض كادت جميله ان تبكي وهي تقف مرتدي هذا القميص الذي اهددته فرحه اليها عندما ذهبت واعطتها هدية حيث قالت لها بانها اشترته لها لكن لم ترتدي من قبل لان ليس مقاسها لذلك اعطته اليها؟
لا تعلم كيف ارتدي هذا الشيء الذي يطلق عليه اسم بيبي دول رباه هي لا تعلم ما الغرض منه فهو لا يكاد يخفي شيئا؟ اذن لتخرج عارية به كيف، وهو ينتظرها على احر من الجمر خارج هذا باب الحمام حيث ينتظرها ديـاب خلفه وكانت قد طلبت منه ان ينتظرها قليلا عندما علم ان فرحه ابنته الصغيرة نامت اخير بجانب اختها.
كم لمعت عيناه بلهفة وسعاده وهي فرت هي هاربه الي متحجج وطلبت منه ان ينتظرها قليلا والان لا تعرف ماذا تفعل وكيف تخرج شتمت فرحه في سرها عدة مرات فهي من اوقعتها في ذلك المازق, صوت طرقات نبهتها تبعها صوت دياب يقول مبتسم:
-ايه يا ست البنته انتي نمتي ولا ايه؟
ابتلعت ريقها بتوتر لتجيب:
-لا لا طالعه اهو؟ بس
دياب بنفاذ صبر:
– بس ايه, وبعدين في الليلة اللي مش عايزه تعدي ديه؟
تكاد تبكي وهي ترجوه قائله بخجل:
-طب ابعد عن الباب هتفضل واقفلي كده مش عارفه اخذ راحتي
اتسعت عيني دياب باستغراب وقال ببلاهه:
– تاخذي راحتك في ايه هو انتي بتعملي جوه ايه بالظبط
هتفت جميله وهي تكاد تبكي بينما اصطبغ وجهها بلون احمر زادها فتنة:
– وبعدين معاك بقي يا دياب ايه الاسئله دي ابعد وخلاص
ليبتعد ويجلس على الأريكة المواجهة للباب وهو يعض على انامله غيظا وقهرا من هذه المهره الصغيرة، لن ينسى ابدا ما اصابه حين اغلق باب المرحاض خلفها،لم يصدق عيناه، حين سمع منها اخيرا انهم بمفردهما ويجمعهما غرفه واحده دون احد يشاركم فيها أحد.. كاد ان يجن لاجلها لكن خيبه ظنه عندما فرت هاربه
اسدلت شعرها الطويل ورشت بضعة قطرات من الماء علي وجهها المحمره من الخجل، لتقف متوارية خلف الباب وهي تنادي دياب هاتفة:
-د ااا دياب انت لسه بره؟
لم يأتيها الرد؟ اطمأنت وخطت خارجة وهي تتنفس براحة واقتربت منه عدة خطوات لتفاجا به ظهر امامها فجاه لا تعلم من اين جاء؟
– ااا ايه ديه؟
كادت انفاسه ان تختنق وهو يراها على مثل هذه الصورة، حتى انه لفظ كلمته بصعوبة شديد بعيدا عنها بعدة امتار، ووقف يطالعها في حين انزوت هي بعيدا عنه تسترق اليه النظرات في ريبة ووجل بينما يبادلها النظرات باخرى غير مصدقة ان ذلك الملاك الذي قد أصبحت زوجته في ليله واحده, والذي ايضا احتضنها من الخلف معتقدها لصه, كم حينها اعجب بتمردها و صياحها اليه دون خوف
ولم يعرف ايضا عند قدومه للبلد اول مرة سوف يصبح اسيرها منذ اللحظة الاولى لها، هذا الملاك هو ملكا له الان، يقف امامه على بعد خطوات منه، يكفي ان يمد يده ليلمسها للتأكد التي خطفت انفاسه حقيقة تتجسد امامه، شهقت هي في خجل لتضم ذراعيها الى صدره وهي تنهره بينما, هتفت جميله وهي تكاد تبكي بينما اصطبغ وجهها بلون احمر :
– انت مش كنت خرجت من الاوضه وبعدت, كده بتضحك عليا يا دياب
تقدم منها كالمسحور خاف ان يكن حلم فيضيع الحلم الذي يتجسد امامه قال بذهول:
– ابعد ايه؟ انتي ناوية عليّ ايه الليلاديْ يا چميله؟ ناويه تعملي فيا ايه اكثر من اكده
هتفت جميله سريعا قائله:
– والله العظيم انا مش ناويه على حاجه, هي فرحه الله يسامحها جبت لي الهدوم دي هديه وقالتلي البسها لك شكلها وحش صح انا هروح اغير الهدوم دي حاليا
وما ان همت بالمرور سريعا الي المرحاض قام بالقبض على ذراعها يقربها اليه بينما ذراعيه تضمان جسدها بقوه من فولاذ:
-تغيري ايه دي اتچنيتي, يمين بالله ما عيحصل؟
فشحب وجهها بينما تبتلع ريقها بصعوبة، تهمس بوجل:
-اصل الدنيا برّدت كدا؟
نهرها دياب بهمس:
– هشششش ، مش وقت الحديد خالص الليلاديْ؟
ابتسم باتساع قائلا بخبث:
-بس تعرفي اني كده عحب البت فرحه اكثر من الاول عشان خليتك تعملي اكده؟
اقترب منها حتى اختلطت انفاسهما وقال ويداه تمتدان لتطوقان خصرها بينما يمس بشفتيه صدغها لتغمض عينيها حيث بدات تتوه في عالم، هامسا:
-الچمال ديه كلاته ملكي وبس لوحدي؟ لينحني فجاة يضع ذراعا اسفل ركبتيها والاخر خلف كتفها يرفعها عاليا وهو يردف بسعاده:
-يا فرج الله ديه امي باينها كانت بتدعلي بظمه؟
اتجه بها الى الفراش حيث وضعها بنعومة وسط اغطيته الناعمة ثم مال عليها وهو يضغطها اقرب اليه بينما افترشت راحتيها صدره العريض محاولة ابعاده:
– ديـ؟ دياب ارجوك
لترسم ملامح وجهها على الهواء خجل وهو يهمس امام شفتيها بذهول فيما اختلجت تفاحة ادم البارزة في عنقه مقاطعا لها بنبرة شبه توسل:
-ارجوكِ انتي
رفعت وجهها اليه لتطالعه بالشوكولاته الذائبة في عينيه بينما تحركت شفتيها المخضبتين باللون الاحمر القان لتسلب انفاسها وهو يهبط على ثغرها مقتنصا شفتيها في قبلة ملتهبة فيما رفع احدى يديه ليجذبها اليه اكثر ، فيدفن اصابعها بين طياته متلمسا نعومته مستنشقا عبيره الذي طالما حلم به، تائها في عالمها هي غير واعي لتلك الغزالة التي ترفرف بين ذراعيه محاولة الفكاك منه، ولكن الشوق كان قد استبد به فلم يعي سوى ان بين ذراعيه هنا اخيرا في المكان الصائب تماما في احضانه وبين ذراعيه، يلمسها بيديه ويستنشق عبير انفاسها
اسدلت جميله عينيها في حياء وهي تقضم شفتها السفلى، لينزل بابهامه فيبعد شفتها عن براثن اسنانها اللؤلؤية الصغيرة وهو يميل عليها كالمغيب مغيبا اياها في عناق طويل بينما امتدت يده لتطفا ضوء المصباح المجاور
ابتعد عنها بعد مدة طويلة ليطالع وجهها الذي غدا كثمرة الفراولة الناضجة بينما تحمل شفتيها المنتفختين علامة احتياجها له ورحلت شوقه بانفاس لاهثة وهو يسند جبهته الى جبينها الابيض فيما كانت هي تحاول التقاط انفاسها الهاربة لكن مهلا؟ يوجد شئ خطا
نظر اليه عده مرات للتأكد منه ثم نهض متنفض متسائلا بذهول :
– كيف ديه انتي مش كنتي متجوزه جبل سابج, كيف لسه بنت بنوت؟
***
لا تدري كيف مر الوقت على طاولة الطعام نظرات جلال لم ترحمها يراقب كل حركاتها، طريقة اكلها، حركاتها ،نظراتها التي لم ينالها هو الوحيد ثم كلامهما عن ما حدث وانه لم يقصد ما صار بينما هي تحتضر في كوكب اوجاعها واخيرًا توديع الاهل بان ترحل معه وتنفيذ اوامره لها ان تجهز نفسها فور لتعود معه دون ان يكلف حتى نفسه عناء الاعتذار
كم الالم الرهيب الذي اجتاح اوصالها ومزّق نياط قلبها بحديثه مع والدها عن الرحيل لتصيح اسيف بنبرة حادة قائله:
– بس انا بقى مش موافقه ومش هرجع معاه وعاوزه اطلق
ثريا قائلة بابتسامة ساخره:
– طلاق ايه بس يا حبيبتي وانتي لسه اتجوزتي عشان تتطلقي عاوزه الناس تقول ايه على باباكي لما ترجعي بعد 3 شهور جواز البيت وانتي مطلقه
نظرت اليها بغيظ شديد وقالت بحده:
– لو مش عاوزه تهزيقي نفسك معايا واخلي منظرك وحش قدام حد غريب حطي لسانك في بقك واسكتي
احست ثريا باحراج شديد وقالت بضيق:
– شايف بنتك يا احمد بتقول عليا ايه عشان تعرف بس طريقتها معايا على طول كده اديك شايفه بنفسك
سحبها احمد من ذراعيها بقوه وقال بصوت عالي: -احترمي نفسك واتكلمي مع الكبير عدل ولا شكلك عاوزاني امد ايدي عليكي ثاني قلت لك كام مره بطلي طريقتك المستفزه دي مع الاكبر منك؟
اكمل بغضب شديد قائلا:
– قالت ايه غلط ما انتي صحيح بيتلككي وعاوزه الطلاق وخلاص, عماله تقولي لي مد ايده عليا و هو بس يادوب جيبك من شعرك مش ضربك بالنار يعني, وقال لك ما كانش يقصد, وانتي اللي وصلتيه لكده بسبب كلامك المستفز وانا عارفك كويس انا خلاص فاض بيا وتعبت من اسلوبك ده
نظرت في اعين والدها وتذكرت هي نفس النظره المؤلمه الذي كان يتحدث معها مع حياه والدتها رغم المها تصنعت عدم المبالاة الا انها شعرت بجمر حار يكوي قلبها لماذا؟ لماذا فقط هي تتالم هكذا؟ الوجع كان رهيبّا بشكل لا يطاق بينما نهض جلال سريعا وسحب ذراعيها من والدها وقال:
-عمي خلاص سيبني و انا هتكلم معاها بهدوء دي مشكلتنا احنا لوحدنا؟
***
قال عيسي وهو يعقد عمامته جيد حول راسه:
-الساعه دلوك دخله على ثمانيه وچلال لسه ما رجعش ولا هو ولا مراته؟
اقترب فرحه منه بابتسامتها الطيبة:
-اطمن يا عيسى طالما اتاخر اكده يبجى خير باذن الله
هز راسه هاتفا بجدية:
-يا ريت بس في الآخر بعد كل ده توافج مراته ترچع معاه؟ بدل ما هو حالته كده تصعب على الكافر
اقتربت فرحه وهو تمسح وجنتيه قائله بحب:
– الله مش بيحب وجلبه متعلج هو العشج اكده بيجنن صحبه؟
ابتسم بينما اقترب عيسي يحيطها بذراعيه:
– ماشي يا رايجه خليكي جنب امي وانا مش هعوج
امسكت به وهى ترفع عينان تلمعان ببريق بقلق:
-ما تخليك النهارده وابعت اي حد غيرك يطل على الارض ويبيع المحصول بدل منك
ابعدها عيسي عنه وهتف بابتسامة دهشة:
– باه, چرالك ايه يا فرحه؟, اسيب اشغالي عااد واجعد جنبك
هتفت فرحه وهي في خوف جال:
– جلبي مجبوض يا عيسى, مش عارفة ليه,
عشان خاطري بلاها الطلعه دي؟
احتواها بين ذراعيه وقال بحنانه المعهودة: -وبعدهالك عاد يا فرحه, مش وجت دلعك ديه اللي ربنا رايده عيكون؟ هملني اشوف مصالحي عشانك اچي علي طول
لتقول فرحه وهي تزفر بعمق:
-برده مصمم طب وحياتي عندك تخلي بالك من نفسك
***
قالت اسيف بنبرة مجروحـة:
– طبعا مبسوط باللي وصلتني لي صح
حدجها بنظرات متعجبة، متسائلًا باستغراب:
– ايه اللي انتي بتقوليه ده بس يا اسيف وانا ايه اللي هيبسطني بحاجه كيف كده هو انتي للدرجه دي فاكراني وحش اوي
القت نظرة مولمه وهي تفكر بحسرة قائله:
– انا مش فاكره حد ومش عاوزه حد جنبي و ياريت تسيبني في حالي بقي انا مش فاهمه انتم عاوزين منى؟ جوزتوني غصب عني وحطيت جزمه في بقي وسكت اعمل لكم ايه اكثر من كده؟ هو انت اتجوزتني ليه يا جلال وليه بالطريقه دي بذات بالغصب؟
كان متوقعًا ان تساله هذا السؤال في يومٍ ما وجوابه كان جاهزًا:
– عشان دي الطريقة الوحيدة اللي كنتي هتوافقي بيها على الجواز مني يا اسيف؟ لو كنت اتقدمتلك عادي او حتى اتعرفت عليكي كنتي هترفضي على طول
ابتلعت غصتها وهي تفتح عينيها ثم غمغمت بمرارة:
– فتولع بقي البني ادم اللي انت عاوز تتجوزها مش مهم رايها ايه؟ المهم انت عاوز ايه؟
رد جلال بنبرة هادئة ولكن قوية اخرجتها من قوقعة تفكيرها برده على سؤالها فاردف:
– لا طبعا مهم و مهم قوي كمان يا اسيف على فكره انتي اللي مصعبه عليكي الامور مش انا؟ ليه دايما معصبه نفسك وكرهه كل اللي حواليك من غير سبب؟ او حتى لو في سبب زي ما انتي معتقده؟ الكره ده بيضرك انتي قبل ما يضر اللي حواليكي حاولي مره في حياتك تفكري وتحبي او تعاشري الشخص قبل ما تحكم عليه مش ممكن تكوني غلطانه؟
اشاحت وجهها الي بعيد عنه تخفي به توترها, اكمل بنبرة حانيه:
-وبعدين هو انا غلطان لوحدي برده يا اسيف؟ مش انتي اللي كل شويه ترمي لي كلام ينرفزني واسكت؟ ده غير تصرفاتك اسيف انا شخص صبور الى حد كبير, بس معاكي بالذات عاوز فوق صبري 10 اضعاف، وبعدين حطي نفسك مكاني اعمل ايه لما الاقي مراتي بتكلم واحد غريب وتقول له وحشتني وانتي تقفي بكل بجاحه قدامي تقولي لي صاحبي؟ على فكره اي احد مكاني كان هيتصرف تصرف ثاني غير اللي انا عملته؟ طب حطي نفسك مكاني كده لو لقيتني بكلم واحده غيرك هيكون رد فعلك ايه؟
تلقائيًا اتجهت حدقتاها اليه واضطرمت بنار الغضب، لتطلق سبابًا حانقًا بنبرة منخفضة، هاتفه:
-كلم اللي تكلمه وانت من امتي كنت مهم بالنسبه لي؟
اعترض جلال بحنق ليزجره بصوت مرتفع:
– شفتي ابتدينا ثاني طريقه كلامك المستفزه وترجعي تقول لي ان انا اللي غلطان؟ وبعدين بصراحه مرات ابوكي معاها حق انتي عامله كل اللي الهوليله ده و سبتي البيت عشان بس مسكت شعرك
ونظرت اليه اسيف بعتاب وغمغمت:
– لا مش عشان كده و بس يا جلال في حاجه ثاني؟ بس مكسوفه اقولها ليهم وافتكرها كويس و ما تعملش نفسك عبيط و ناسيها؟
غمغم جلال بارتباك سبب خجله من نفسه فهتف قائلا:
– احم قصدك لما حاولت اخذك بالغصب طب تمام انا معترف انا غلطان فعلا في الحته دي؟
ومش لاقي كمان لنفسي عذر، بس عايزك تعرفي ان انا مستحيل كنت هعمل كده والدليل على كده اللي انا من اول يوم جواز سبتك وقلتلك لحد ما ناخذ على بعض ، وغلطت كمان لما ما حذرتكيش من طريقه تعامل ماما , انتي جايه وما تعرفيش هي هتعمل معاكي ايه؟
صمتت وابتلعت ريقها، اقترب فلم تتوقع ان يعترف بخطأ بهذا السهولة، اقترب جلال قليلًا منها وهمس مبتسمًا:
– مش ناويه بقى تعترفي انك انتي كمان كنتي غلطانه لما سبتي البيت من غير ما تقولي لي؟ في وقت زي ده؟
قالت اسيف بتلعثم:
– وانا ايش ضمني كنت هتعملها ثاني ولا لا؟ اقترب جلال منها و كان يجذبها الى حضنه ويقبلها اعلي راسها ثم ابتعد عنها قليلًا بعد لحظات طويلة دون ان يحرر جسدها التي تشعر به كالهلام ثم همس بصوت اجش:
– على فكره انا كمان خفت ان احنا نتعصب واعمل حاجه اندم عليها بعد كده عشان كده سبتلك الاوضه ورحت ابات في الاسطبل بس انتي لو كنتي صبرتي كنتي تأكدتي ان انا مش راجع بس استعجلتي ومشيتي، هترجعي معايا صح؟
***
في منتصف الليل كان ماهر يقف بداخل الارض ومعه عدد رجال ملثمين الوجوه حتي لا يتعرف عليهم احد، قال مـاهـر بصيغـة امرة:
-نفذوا حاليا يلا اللي قولتلكم عليـه قبل ما احد يشوفنا.
في غصن ثواني فرغ الرجال علب البنزين علي الارض في كل مكان حتي داخل المحزن الذي يحمل محصول الطعام, مع وقوع شيئًا مُشتعلا، في ثانيــة اخرى لتخرج منه النــار، ثوانٍ وكان المكان يشتعل بدخان اسود كثيف؟
وفي لحظات قليلة، تضاعفت القش وتحولت الى السنـة لهب تغذت بشراهة, بدات النيران تزداد اشتعالا وتلتهم كل ما هو حول الارض، بينمــا وقف عيسي ينظر حولــه صارخًا باسم جابر حارس الارض محاولا الوصول الي احد يطفئ الحريق معه، حيثُ هدر بهلعٍ:
– چابــرررررااااااا، انت فين؟ الارض بتولع ااا؟
لكن لم يرد عليه احد و رحل الرجال الملثمين بسرعه البرق ماعدا واحد فقط كان يراقب عيسي .
نظر عيسي الي المخزن المشعل، فبدون ان يفكر مرتين ركض نحـــوه, وحاول ان يمسك قطعه قماش يطفي النار وكان يتنفس بصعوبــة، ولم يستطيع التقاط شهيقًا واحدًا، في حين تقدم ماهر بابتسامة خبيثة ليغلق المخزن عليه .
***
نظرت جميله الى قطرات الدماء اعلي الفراش قائله بذهول كبير:
– مش عارفه ازاي انا كمان بس انا متاكده ان في حاجه حصلت بيني وبين محمد جوزي الاولاني؟ انا برده شفت دم زي كده يوم دخلتنا
هتف دياب بنبرة حادة:
– امال ده يبقي ايه ها كيف فهميني؟
جميله بتوهان:
– مش لما افهم انا عشان افهمك؟ بس ده مش نفس اللي كان بيحصل معايا لما محمد كان بيقرب مني؟
دياب بنفاذ صبر وحده:
– كيف؟ وضحي حديدك؟
قالت بصوت مخنوق لا تدري كم من الم قلبها وهي تتحدث:
– انا ما كنتش بحس بحاجه محمد كان بيديني عصير اشربه قبل ما يلمسني كل مره بحجه شكل وكنت اصحى مش فاكره اي حاجه وبرده ده اللي حصل اول يوم جوازنا وشفت الدم علي السرير؟ كنت بتكسف اساله انا ليه مش بفتكر اللي بيحصل بينا ولما كنت بسال خالتي كانت بتزعق لي وتقول لي عيب بنت زيك تتكلم في حاجه زي كده؟ اكيد بيحصل بس انتي مش بتفتكري؟
رشقها بصوان قاسي من حدقتيه وهتف:
– يعني كان بيوهمك انه كان بيلمسك؟ طب هيعمل اكده ليه؟
وضعت يدها فوق راسها بضياع :
– برده مش عارفه؟ طب ده معناه ان انا كل ده ولسه انسه؟
تسال دياب بتراقب وحذر:
– طب كيف لما رحتي تكشفي عند الدكتوره ما خذتش بالها من حاچه كيف ديه؟ لما اديتك التحاليل جالتلك ايه بالضبط
نظرت اليه متحدثه بحزن عميق والدموع تنهمر من عينيها بالم:
– انا ما شفتش التحاليل بعيني بس محمد قال لي انتي مش بخلفي و لما طلبتها منه اشوفها رفض؟ قال لي هتشوفي ايه ما نفس الكلام اللي مكتوب هو نفسه اللي قلته ؟
قال دياب بتفكبر وشك:
– وليه مخلكيش تشوفي التحاليل بنفسك؟ في حاچه مش مظبوطه في الحديد ديه كله
تطلعت فيه خائفة متوترة ومصدومة، تقلص وجهها بالم رهيب ليس بسبب دياب الذي يقف امامها ويشك بها لا لم يكن ذلك سبب الالم المرير الذي سافر الى قلبها ليغلفه ويكتمه بل بسبب الوهم الذي كانت تعيش به سنوات وخداع.
وقبل ان تتحدث سمع دياب احد ينده عليه لينهض سريعا يرتدي ملابسه ونظر اليها متحدث بامر:
-خليكي اهنه لحد ارچع.
***
نزل دياب مسرعا الى صلاح وقال:
– ايوه يا عمي
صاح صلاح بابتسامة عريضة وخبيثة: – افرح يا دياب اللي عاوزينه حصل ماهر خذ الرجاله وولع في الارض كيف ما اتفجنا لا وكومان جال لي على مفاجاه شاف عيسي داخل يطفئ الحريج في المخزن راح جفل عليه .. يعني زمانه بيطلع في الروح
انتفض قلب دياب من مكانه بهلع, و تطلع بنظرات مصدومة وقاسيه قبل ان يمسك ياقه الجلباب بقسوه صاح:
– انت بتخرف بتجول ايه ؟ يا مچنون انت عملت ايه في عيسى ديه انا اللي عطلع روحك في يده دلوج
ابتلع صلاح ريقه برعب :
– في ايه يا دياب مش ديه اللي كنا ردينه حجنا ؟
لم ينتظر سماع المزيد بل ركض دياب بسرعه البرق الي مكان الحريق وصل ليجد السخونـة وحرارة الانصهار العاليــة والنار تاكل في المكان كله اقترب الي المخزن, انتفض قلب دياب وشعور بالعجز يعتريـــه لاول مرة، فهدر برجـاء بصوتــــه القوي:
– عــيـــسي سامعني اجمدي يا عــيـــسي ااا، استحمل هطلعك من اهنه؟
ثم ركض يبحث عن شئ يفتح الباب المخزن ونجح في ذلك وركض الي الداخل منعتــه النيران من الرؤيـة فزاد خوفه، وبصوت صراخ دياب وهو يهدر بجنون:
– عــيـــسي ااااااا، عــيـــسي اااااا, انت فين؟
صرخ دياب وهو يسعل من الدخان بنبرة مُرتعدة: رد عليا يا ابن عمي حجك عليا.
***
في السرايا نهضت فرحه مفزوعة من جانب عديله التي كانت جالسة بجوارها ، كانت تشاهد التلفاز وقد غفت عديله في الصالون لتصيح فجاه وعيناها مليئتان بالدموع:
– ولــدي , اعوذ بالله من الشيطان الرچيم, اعوذ بالله من الشيطان الرچيم
ركضت فرحه اليها وهي تقول بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, وهتفت بقلق:
– خير يا مرات عمي مالك, انتي نعستي جومي نامي فوج في الاوضه ؟
هزت راسها برفض هاتفه بصوت ضعيف متقطع: -عيسي؟ عيسي فين يا فرحه؟
قالت فرحه بصوت مطمئن:
– اهدى يا مرات عمي عيسى في الارض بيشتغل عيكون فين يعني؟
وقبل ان تتحدث عديله فجاه تتعالى الاصوات خارجا, ليسمعوا صوت الغفير جابر وهو يصرخ وما ان فُتحت له الباب قائله بحده:
– في ايه؟ يا جابر حد بيخبط بالطريجة دي
هتفت عديله متسائلة بنبرة خوف:
-ايه اللي حصل يا چابر؟
اجابه الغفير وهو يلهث:
– الحچي يا ست عديله الارض ولعت, وعيسي بيه قاطع النفس وبيقولوا مات واللي جتلة
(قتلة) دياب خيك يا ست فرحه؟
تسمرت فرحه مكانها بذهول وهي تهز راسها يمينا ويسارا برفض من الصدمه؟ لتصرخ عديله عاليا وهي تضرب صدرها بقوة:
– ولدااااااااايْ.
** ** **

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى