روايات

رواية بيت السلايف الفصل التاسع عشر 19 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الفصل التاسع عشر 19 بقلم خديجة السيد

رواية بيت السلايف الجزء التاسع عشر

رواية بيت السلايف البارت التاسع عشر

بيت السلايف
بيت السلايف

رواية بيت السلايف الحلقة التاسعة عشر

طرقات عاليه على باب المنزل وهي تصيح بعنف: -افتحي يا ورد، باجولك افتحي بسرعه إني على اخرى
فتح الباب طفل صغير لا يتعد العشر سنوات شقيقه ورده لتقول صفيه بغضب:
-اختك فين
نظر لها بحنق شديد وقال قبل أن يرحل ويترك الباب مفتوح بعدم اهتمام:
-فوج .
لم تنظر صفيه دقيقة واحدة أخري اتجهت بخطوات سريعة إلي الاعلي فهي تعرف المنزل جيدا ومكان غرفه ورده أين تكن فقد جاءت هنأ عده زيارات لها, وصلت إلى الغرفه لتفتحها بقوه.
اتجهت بخطوات مشتعلة نحو الفراش بغضب حيث ورده المستغرقه بالنوم و قد بدء عقلها فى رسم تخيلات لها أنها هي من اوقعتها الي تلك الدجاله بقصد حتي تضرها وتقهر قلبها أكثر علي جلال وقد اتفقت مع سمندا الدجاله ولم تشعر بنفسها الا وهى تتناول سريعاً اناء الماء الموضوع فوق الطاولة التى بجانب الفراش قاذفة محتوياتها بوجه ورده المستغرقه بالنوم و التي انتفضت فزع تشهق بقوة وقد اغرقتها المياه كلها:
-بسم الله الرحمن الرحيم ، في ايه مين
صاحت صفيه بحدة قد اهتزت لها ارجاء المكان وهى تلقى بالاناء الزجاجى الفارغ من يدها ليسقط متحطماً فوق أرضية الغرفة:
-اصحي يا اختي ليكي نفس تنامي بعد اللي عملتي فيا، بجي إني تضحكي عليا وتغفليني وأني اللي كنت فاكراكي صاحبتي وجلبك عليا بجد اتاريكي كنتي بتوجعني في الخيي
جلست ورده على الفور مستنده الى ظهر الفراش بعينين نصف مغلقة تزيل بيدها قطرات الماء العالقة بوجهها بينما تسلطت نظراتها إلي تلك العاصفة التي أمامها قائله بصدمه:
– انتي بتجولي ايه اني ما فهميش حاچه, وايه الهباب اللى انتى عملتي فيا ديه, انتي اتچنيتي يا صفيه
لتقول صفيه بينما اخذ جسدها يهتز بعنف من شدة الغضب الذى يعصف بها متمتمه بصوت حاد كنصل السكين من بين أسنانها المطبقه بقسوة:
– انتي لساتك شوووووفتي جــنــان, اصحى أكده و فووووووجلى بداااااال ما اصوررررررلك الليله چــريـمـه يــا زباااااله الكلاب يا لماااااااما بجي اني تضحكي عليا وتجوووولي لي عوديكي لدجاله زينه و سرها باتع و عتعرف تجيبلك چلال راكع لحد عندك واني صدجتك واخذت العمل وحطيته في الشاي ومراته هي اللي تجع فـي حــبـــه، إيـــه يــا بنـ**
نهضت ورده بحدة و هي لايزال تشعر بالنعاس يأثر على عقلها الذى لم يستوعب بعد ما يحدث حولها:
-ما تحترمي نفسك شويه يا صفيه في ايه. انا لحد دلوج مش فاهمه حاچه, انتي حطيتي العمل في الشاي بتاع چلال أي دخل مراته في الموضوع
نظرت صفيه هاتفة بحدة وقد التمعت عينيها بشراسة المشتعلة هذه:
-يا بجاحتك عتعملي نفسك مش فاهمه حاچه عليا اني الحديد ديه برده، مراته اللي شربت الشاي مكانه وهي اللي اتعلجت بي مش هو اللي اتعلج بيا
هتفت ورد بحدة:
– يعني يا اذكي اخواتك اني لو جصدي مراته هي اللي تتعلج بيه اعرف منين يا فالحه ان الشاي عيتبدل وهي إلي تشربه هو اني كنت رحت الدار جبل سابج ولا اعرف شكله مراته ايه حتي
صمتت لحظه تفكر بالفعل هذا صحيح هي لا تذهب الى الدار لتقول صفيه بجنون و جسدها ينتفض بغضب:
– برده انتي السبب في اللي إني فيه، انتي ما شفتش شكلهم النهارده كان عامل كيف وإني كنت بتقهر من الذل وكسره و خيبه الأمل اللي كنت فيها، واني رايحة و مجهزه نفسي ان خلاص ضمنت چلال لي، واتفاجئ بالصدفه من چلال وهو بيجول لي فرحه مشربش الشاي اللي في السحر امبارح و ادي لامراته وهي اللي اتعلقت بي شوفتي المصيبه اللي بجيت فيها
عقدت حاجبيها بدهشة وتعجب وهتفت بحيره:
-طب كيف. السحر معمول عشان چلال يتعلج بيكي، لو هي شربته فعلا يبجى المفروض تتعلج بيكي انتي
لتصيح صفيه بشراسة وهي تسمع كلامها اذهلها جعلتها فاغر الفم لتقول بغضب:
– عشان تعرفي أن انتي وديتيني لوحده نصابه, جسما بالله يا ورده لو طلع ليكي يد في الموضوع لا عتكون اخرتك على يدي، ودلوج جدامي على الزفته الدجاله اللي انتي عرفتني بيها تشوف هببت ايه
**
منذ أن دلف جلال غرفته ظلت أسيف تحضنه هكذا عده دقائق حتى أبعدها جلال عدلت رأسها علي صدره تنظر له بتساؤل قائلة بعبوس:
– في ايه.
اقترب جلال منها يلامس وجهها عدة مرات بترقب وحذر ليقول بضيق:
– تؤ مش سخنه فعلا.
ترك وجهها لتحدث مع نفسه بهمس مثل المجانين:
-تكون من الادويه اللى بتاخدها هي اللي خليتها كده ، لالالا ما هي بتاخدها بقيلها اسبوع ما حصل لهاش اكده ليه من الأول
تساءلت اسيف ببراءة:
-في ايه يا بيبي بتكلم نفسك
نظر لها بحدة صائحا بانفعال وجنون قائلاً:
– ما لازم اكلم نفسي هو إللي انا فيه ده عقل، آآآ هو انتي مش كنتي عاوزه تمشي امبارح واحنا الاثنين اتفقنا على كده صح، هاه ايه بقى اللي جد دلوقت
أمسكت يده بنعومه قائله بهمس وابتسامه صغيرة:
-سامحتك مش انت قلتلي مش هتزعلني ولا هتعمل حاجه تضايقني ثاني، وانا صدقتك ومش هبعد عنك
ابعد يدها ونهض يصيح بعدم تصديق قائلاً بسخرية:
– يا صلاه النبي انتي عاوزه تجنني صح. تلاقيك قلت لنفسك ليه امشي واسيبه بعد اللي عمله فيا كده عادي
نهضت أسيف بدهشه وهو يشاور عليها بشك قائلاً:
-لا ازاي قعدت تفكري تعملي شغل الستات ده فقررتي تنتقمي مني بالطريقه دي، صح هاه يلا اعترفي دلوقتي حالا ، وانك عاوزه تجنني.
ضمت شفتها بعبث وهي تلمس وجنته وجبهته بأصابعها بنعومه لتقول:
– هو في ايه يا بيبي انت اللي سخن ومش طبيعي. هنتقم منك ليه بس.
هز رأسه بيأس يحاول تهدأ نفسه من حالتها الغربيه التي لا يعرف ما بها حتي الآن, ليتركها ويسير خطوتين لتركض أسيف إليه تمسك كتفه بشده وقالت بلهفه:
– انت رايح فين وسايبني كده، ما تبعدش عني
التفت بغيظ قائلاً:
– رايح الحمام ايه عاوزه تدخلي معايا بالمره جوه
هزت راسها برفض و ابتسامه لتضم خصلات شعرها المتمرده خلف أذنها وهي تنظر إليه بوجه ملاكي:
– طب ما تتاخرش انا هستناك ومش هتحرك من هنا.
تطلع فيها بذهول واغمض عينيه بقهر وضياع وهي يكاد أن يجن من تصرفاتها.
***
– نــعــم.
اتسعت عيني سمندا صائحه بصدمه وعدم تصديق: -يعني ايه مراته هي اللي اتعلقي بيه مش هو اللي اتعلق بيكي، طب ازاي، و لو حتي كلامك صح وهي اللي شربت الشاي مكانه او اي حد المفروض السحر يبطل وما ياثرش على حد غيره هو بس.. ده عمل مقري عليه باسمه هو و اسم أمه إزاي ده حصل.
صاحت صفيه بشراسة و قد أسودت عينيها من شدة الغضب:
-يعني اني بكدب بتبلي عليكي اني كنت شاكه فيكي من الاول انك واحده نصابه وبتاعت اي حديد شوفي لي صرفة في اللي انتي عملتي فيا ديه
نظرت سمندا بحده قائله بانفعال:
– اتلمي يا بنت واحترمي نفسك معايا ، انا اعمالي مش اي كلام و دائما بتجيب مفعول إنتي اللي شكلك هبله ونحس
لتكمل بشك:
– إنتي عملتي الازازه والورقه زي ما قلتلك بالضبط ولا زودتي حاجه
صمتت صفيه من السؤال و جعلتها فاغر الفم بتوتر:
-هاه.. آآآ هو آه آآ لاه…
جزت علي أسنانها بعنف هاتفه بجدية:
– بتهتهي في الكلام ليه، يبقى عملتي حاجه غلط. انطقي عملتي ايه خلينا أعرف هببتي ايه يا نيله
ابتلعت صفيه ريقها بصعوبة بالغة لتقول بارتباك: -الصراحه آه مش انتي جلتلي ثلاث نقط من الازازه و اقرأ الحديد اللي في الورجه آآآ اني زودت ثلاث نقط تاني عشان يتعلج بيا اكثر
لتكمل بحقد وغيره:
– ما هو مش عيفضل معايا اكده طول العمر، جلت لنفسي ازود عشان يتعلج بيا اكثر ما يسيبنيش خالص
نظرت سمندا باعين متسعه بالصدمه و هي لا تصدق ما قامت بفعله هاتفة بشراسة:
-هو سكر بترشي زيادة يخرب بيتك بتصرفي من دماغك ليه من غير ما ترجعيلي هو لعب عيال ده عمل وسحر، يا اختي طب اضمني الاول أنه ليكي وبعد كده تفكري يتعلق بيكي اكثر ولا أقل ازاي، الهي تتوكسي اكثر ما انتي موكوسه، بسبب اللي انتي عملتي ديه خليتي العمل يتعكس واللي يشربه هو اللي يتعلق بيه
هزت راسها بصعق صائحه بانفعال وجنون:
– يا نهار اسود، طب والعمل دلوج اعمل ايه عشان اخليها تبعد عنه وتكره
تطلعت فيها ببرود كالصقيع مرمقاً اياها بنظرات ساخرة حاده زادت من اشتعال النيران التى بداخلها:
-مش بايدي حاجه اعملها لك دلوقت يا اختي ، استنى علي الأقل شهر ، ويلا اتفضلي من هنا بقى عشان ورايا لسه زباين
وهنا فقد اشعلت صفيه من اجابتها تلك بركاناً من الغضب بداخلها صائحة بهسترية:
– نــعــم اتفضل هو انتي مش ناوووويه تــسـاعـديـني ، وشهر ايه اللي استنى ديه،اني مش جادررررره استنى نصف ساعه زياده اتصرفي شوووووفلي حل ، والله شكلك ولا دجاله وليكي في الأعمال ولا السحر ولا حاچه وأنتي وحده نصابه و..
لم تستمع سمندا لباقى حديثها لتتقدم بحده وتصفع وجهها بقوة إتسعت عيني ورده بصدمه، وشهقت صفيه بقوه والدموع تنهمر من عينيها بصدمه وهي تضع يدها أعلى وجهها لتقول بعصبية مفرطة:
– انتي بتمدي يدك عليا
قالت الأخري بلهجة حادة وأمره:
-انا سكتلك كثير وعماله اعديلك واحذرك عشان مقداره اللي انتي فيه، بس شكلك كده واحده قليله الربايه وعاوزه اللي يربيكي ، هي كلمه واحده اطلعوا انتم الاثنين بره حالا بدل ما اوريك فعلا بعرف في الأعمال والسحر ولا لا
***
كأنت طول الطريق تسير صفيه و ورده تسب وتلعن فيها بشده وابشع الألفاظ محمله اياها السبب فما حدث لتقول ورده صائحه بنفاذ صبر وحده:
-ما كفايه يا صفيه نازله فيا شتيمه من اول ما رحتلي الدار واللي عملتي فيا هناك، لحد ما طلعنا ونزلنا شتيمه وتهزيج ، واني ساكته ومجدره اللي انتي فيه ، لكن لحد شتيمه امي وأبوي زودتيها جوي
صاحت صفيه بقسوه :
– هي عتيجي على الشتيمه وبس، ديه اني عفضحك وعجول لامك وابوكي عشان انتي السبب واللي دلتيني على الزفت الدجاله وضربتني كومان
أبتسمت ورده ساخره وقالت بحده:
– طب اسمعيني بجى زين عشان شكلك اكده رايده جلم علي وشك ثاني عشان تفوجي. رايده تجولي لامي اتفضلي مش عمنعك عتعملي ايه يعني أمي كبرها عتزعج لي شويه و عتمنعني اجابلك ثاني بس لكن ياتري انتي هيكون موجفك ايه جدام ولاد خالتك لو شموا خبر بي إللي عملتي
اتسعت عيني صفيه بصدمه وابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من الرعب الشديد آلتي أصبحت تشعر به فهي محقه إذا علم أحد من أولاد خالتها وبالأخص عديله وهي أولادها خط احمر لا يتعدي أحد وإذا حدث ستكون مصيبه كبيره
قالت ورده بإستمتاع وهي تري الخوف في عينيها:
– عيسى مثلا ولا چلال ولا خالتك عديله لما يعرفوا اللي انتي رحتي لي دجاله وعملتي عمل لي چلال وكنتي ممكن تؤذي چلال وسحرتيله..
صمتت صفيه بصدمه وهي تنظر إليها بغل لتكمل ورد قائله باستهزاء:
– ديه مش بعيد كومان خالتك اللي واخدكي في حضنها عتجلب عليكي جلبه سوداء زيهم واكتر ديه أبنها، ايوه اكده اخرسي وجصري في يومك عشان لو الموضوع ديه اتعرف انتي اللي عتزعلي جوي مش اني .
ثم نظرت إليها متحدثه باستفزاز:
– يا شيخه ديه انتي علي رأيها نحس صحيح حتى السحر يتجلب ضدك، كل ديه ومش مبينلك حاچه أن چلال عمره ما عيكون من نصيبك يا صفيه
جزت علي أسنانها بعنف هاتفه بعصبية وهي تقترب تريد تضربها قائله:
– آه يا بنـ.
قاطعتها ورده بغضب وهي تبعد يدها بعنف:
– بعدي يدك عني وايااكي تفكري تشتمني ثاني ولا تلمسينى ديه انتي اللي جليله الاصل و مطمرش فيكي الچميل اللي كنت عاملهولك بس اني اللي استاهل صحيح خيرا تعمل شرا تلجى, يا ريت ما تجيش الدار عندي ثاني ولا توريني وشك, معرفه هباب.
***
كان زين يجلس بداخل غرفه الرسم الخاص به شارد الذهن كعادته في الأيام الأخيرة منذ اختفاء اسيل فجاه بدون سبب او مبرر.. في بداية الأمر بدأت مخالب القلق تنهش قلبه دون رحمة، ثمة شيء يجري لا يعرف ما هو, فمنذ عرضه للزواج لها لم ترد على أي اتصال منه يكاد يشُم رائحة الشك تقترب ، لا ينكر بأنه فكر في حديث اخيه بأنها كانت فتاه تتسلي ولا اكثر، لكنه تعلق بها جدآ, احب حديثها كل ليله معها, احب اهتمامها الدائم له, احب أيضا الإستماع لحديثها معه, لكن الآن اختفت ولا يعرف اين هي لكنه يحتاج إليها بشده, فهو كان كأنه محروم من لذه الحياه وهي من تذوق طعمها معها.
زفر بعمق وأغمض عينيه بتعب وإرهاق شديد ليس لديه طاقه للعمل أو فعل أي شيء وهي ليست موجودة معه حتي هوايته المفضله الرسم الذي كأن يخرج كل طاقه السلبيه فيها أصبح الآن لا يطايقها أيضا.
انتفض زين فجاه بفزغ وهو يستمع إلى صراخ أبنته الصغيرة وتين ليركض دون تفكير بسرعه للخارج، وما أن تحرك خطوتين حتى ظهرت وتين علي الأرض تمسك قدمها ويوجد كدمه بركبتها صغيره لكن تنزف و جانبها طبق فارغ مكسور.
هبط بركبته أمامها بهيئة مضطربة يتفقدها بقلق، وهي تبكي أمسك كفها المرتجف يعيد هندمة خصلات شعرها المبعثرة وقال:
– اهدى يا حبيبتي معلش، التعويره بسيطه مش كبيره
خرجت نادين مسرعة من المرحاض حيث كانت تستحم وعندما وصل لها صوت أبنتها العالي وهي تصرخ, أرتدت البرنس القصير و هرعت حافيه القدمين اليها قائله بقلق:
– وتين حبيبتي انتي كويسه ، فيكي ايه اللي بيوجعك
قبل أن تجيب الطفله نظر زين لها بغضب واشمئزاز:
-هو انتي لسه هتسالي يا هانم في ام تسيب طفله في السن ده لوحدها كده, اهي اتاذت وانتي نائمه على ودانك
رفعت حاجبيها بذهول قائله:
– في ايه انت بتتكلم كده ليه
فالتفت لها بغضب قائلاً:
– انتي بتستعبطي سايبة بنتك وكنتي فين
حاولت امساك أعصابها فأردفت بضيق:
– انت بتزعقلي ليه. كنت فوق في التواليت باخد شور و ما سمعتهاش, وبعدين انا كنت سايباها في الاوضه قبل ما ادخل وقلتلها متتحركيش لحد ما اخلص شور
زين بانفعال:
-انا في حياتي ما شفتش أم مستهتره كده زيك ، ما تتنيلي تنادي اي احد يقعد جنبها من الخدم
نادين بحده:
– ما فيش هنا حد من الخدم كلهم خذوا اجازه عشان عندهم عزاء في البلد وهم أخذوا الاذن منك بس الظاهر كالعاده نسيت ، وبعدين انت جايب الحق كله عليا ليه هي مش بنتك زي ما هي بنتي وانت ما كنتش جانبها ليه .
نظر لها بعناد وقال بصرامة:
-المفروض انتي امها تسيبي اي حاجه وتفضلي جنبها, وبعدين انا كنت اعرف منين أنك مستهتره للدرجه دي, و هتسيبى طفله زي دي كنتي ناديتي عليا حتي.
تطلعت اليه وقالت بصوت منكسر ضعيف:
– هو انت حد عارف يتلايم عليك ولا يتكلم حتي معاك الايام دي ، ما انت على طول حابس نفسك في اوضه المكتب او في ورشه الرسم ومش عاوز حد يزعجك، ولما بحاول ادخلك بتزعق لي و تطردني
اردف بعناد زاد من انزعاجها وقال بحده:
– وايه الجديد ما انتي عارفه على طول اللي انا جوه، متقاوحيش في الغلط هي غلطتك لوحدك من الاول ، كان ممكن بعد الشر يجرلها حاجه وأنتي مش جنبها، طالما قررتي و وافقتي تتجوزي بدري وتخلفي خليكي بقى اد المسئوليه
شعرت بدموعها تتجمع بين عينيها من اهانه إليها الغير مبرر والمستمرة فالأمر لا يحتاج إلى كل هذا التوبيخ، فهو يقصد بأنها أم غير صالحة ، كما لم يخفى عنها نظرة الكره التي أرسلها هذا الهزيل لمهجة قلبها ، تصدد سهام هذا الهزيل بأخرى كارهة من تصرفه فقد بدأ صبرها ينفذ حقآ، مذرفة دموعٍ نقية تشفُ بشرتها البيضاء.
وقبل أن تعلق لتقول وتين ببراءة:
– بابي أنا أسفه بس كنت عاوزه اجيب حته تورته من فوق وادخلك ناكلها سوا عشان ما بقتش اقعد معاك وانت وحشتني
نظر زين إلي أبنته بدهشة وصمت ، احمرت انفها بغضب فأردفت بحده وهي تتقدم من ابنتها تحملها:
-تعالي يا وتين معايا اعقملك جرحك
***
وقفت جميله أمام المرآه تنظر إلى الهالات السوداء التى تجمعت أسفل عينيها بسبب عدم نومها جيد تنهدت بحزن عميق وهي تتذكر حديثها مع فرحه حين كانت تتصل بها حتي تطمن و وجهت بتسائل هل دياب له علاقه بحادث الارض وأصابه زوجها عيسي توترت تلقائيا وانكرت هذا الحديث لكن طبعاً لم تقتنع جميله وقالت لها بأن دياب أعترف بذلك اضطرت أن تقص فرحه عليها الحقيقه
-والله العظيم يا چميله امي الله يرحمها جبل ما تموت اعترفت بنفسها ان الارض بتاعه عمي حسنين والد عيسى وعمي صلاح هو إللي جعد يوز امي ان الارض بتاعه ابوي وخليهم يجعوا العليتين في بعض وحصل مشاكل ساعتها ياما ومن ساعتها وهم مجطعين بعض عشان موضوع الأرض ديه عيسي ودياب كانوا زمان اكثر من الاخوات ،بس منه لله إللي كان السبب
تنهدت حينما سمعت طرقات على باب غرفة نوم البنات، فُتحت الباب ودلفت الطفله ملك برأسها قائله:
– أبوي بيجولك تعالى عشان العشاء
هزت رأسها جميله وهمت بالتحدث برفض ولكن قاطعتها وهي تهتف قائلة:
– أبوي جالى ما تجيش إلا وأنتي جيبي ابله چميله امعاكي, واني وفرحه مش عناكل غير وانتي معانا
نظرت لها جميله ثم قالت باستسلام:
– ماشى يلا
هبطت جميله برفقه ملك التي جلست جانب أختها وما إن وصلت إلى الطاوله حيث يجلس دياب وأخيه و احلام آلتي أبتسمت لها بشماته لكن تجاهلت ذلك و جلست دون أن تتحدث فنظر لها دياب بطرف عينيه ولم يعلق
واقتربت منها سيده تعمل بالمنزل كبير في السن قائله:
– أحطلك تاكلى إيه يا بنيتي ، أني عملتلك الأكل اللى بتحبيه وصاني عليه دياب بيه, جاللي انك حبله و لازمنا تتغذى
نظرت لها جميله قائله بضيق:
– مش عايزه شكراً
اتسعت عيني أحلام بدهشة وعدم تصديق لتنظر إليها بحقد وغيره شديد ليتسال ضاحي بابتسامة: -صوح الحديد ديه يا دياب, مبروك يا أخوي
هز رأسه بهدوء ثم نظر إلى السيده وهتف :
-روحى أنتى يا عواطف وكلى مع البنته فى المطبخ وأني عشوفها
إبتسمت عواطف بإحترام ثم إنصرفت فنظر دياب لجميله قائلاً بعتاب:
– وبعدين يا چميله ، برده مش عتاكلى كيف امبارح، ما ينفعش الحديد ديه انتي حبله ، لو ما كانش عشانك يبجى عشان اللي في بطنك.
نظرت له جميله قائله بضيق:
-هاكل يا دياب حاضر
قال ضاحي بخفه:
بلاش تضغط عليها يا دياب, هما الحوامل اكده في الاول كيف احلام بالظبط كانت في اول حملها اكده بتاكل بالعافيه ، مش صوح يا احلام
نهضت أحلام بعصبية قبل أن ترمق جميله بغضب وترحل قائله:
– اني شبعت
عقد حاجبيه ضاحي بإستغراب ثم هز كتفيه بلا مبالاة وأكمل طعامه .
أخذت جميله تضع فى الطبق أمامها بعض أصناف الطعام ثم بدأت فى تناولها بغير شهيه وهى تنظر للطبق بحزن، تبتلع اللقمه عقب فتره طويله من المضغ وكأنها قد نسيتها تماماً
كان دياب يتابعها بطرف عينيه باهتمام وهو يتناول طعامه بحزن شديد وقلق عليها ولا يعلم ماذا يفعل لها فهي ترفض مصلحته بأي شكل .
***
بداخل حي شعبي في منزل مصطفى تقدم عندما أستمع إلي صوت هاتفه, اتصال من عملاه الشركه رقم 5 يقدم بها ويتم الرفض كل مره لبسبب شكل لأنه لم يحصل على شهادة كونه يدرس حتي الآن في الجامعه و يريد العمل مما أصابه طول هذه الفترة بإحباط شديد تنهد بقوه وهو يجيب:
– آلو
-استاذ مصطفى علي حضرتك قدمت على وظيفه عندنا في شركه (*)
قال مصطفى بحزن:
-خلاص مش محتاج تبرر انا فهمت ما تقابلتش صح، خلاص ما فيش مشكله انا الظاهر نصيبي كده
-ليه التشاؤم ده بس بالعكس انا كنت هقولك مبروك حضرتك اتقبلت معانا في الشركه وتقدر من بكره تيجي تستلم الوظيفه
ابتسم مصطفى بسعاده كبير وعدم تصديق ليحمد الله كثير .
***
بداخل مكتب عيسي في المزرعه الخاص به وأخواته أبتسم عيسي وقال:
– عمال تجول لي عملتلها ايه عشان اخليها تعتذر لامك وانت اهو مسافه النهار ما طلع خليتها تشيل من دماغها حكايه السفر وتلزق فيك كومان كيف العشاج ، عملتلها ايه عشان تخليها اكده
نظر جلال بضيق له وقال :
– والله العظيم ،والله العظيم كمان مره ما عملتلها حاجه.
عيسي بعدم تصديق قائلاً:
-امال ايه اللي جلبها كده، صحيت الصبح لجيتها اكده هو اني عاحسدك عااد ما تجول عملتلها ايه.
هز رأسه برفض قائلاً بحيره:
– والله ما بكذب أهي كده فعلا صحيت الصبح لقيتها اكده، عملت لها ايه بقى، ماعملتش حاجه؟ طب ما لها ولا اعرف.
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف:
– انت بتتحدد جد يا چلال ، كيف ديه.
***
ارتفع صوت جميله بصرخه صغيره وهي تتفاجأ بنفسها معلقه في الهواء حيث كأنت تسير إلي غرفه الاطفال لتهرب لكن سبقها دياب وهو يحملها بين ذراعيه ويدلف الي غرفته وانزلها لتنظر إليه جميله بغضب منفعل:
– ايه اللي انت عملته ده ازاي تشيلني كده و تجيبني هنا بالعافيه
لتركض و امسكت جانب الباب بعناد رافضة الحديث معه ليضع كفه على الباب مانع إياها متحدث بيأس:
– وبعدهالك يا چميله احنا لازمنا نتحدد مش عنفضل اكده، احنا مش في الدار لوحدنا في ناس معانا عيب اكده اني مش عيل صغير امعاكي
فالتفتت له بحدة قائله:
– ايوه يعني عاوز ايه. ما احنا سبق واتكلمنا وانا قلتلك مش قابله اعتذارك، اتفضل بقى سيبني امشي
أمسكها من كتفها بحنان قائلاً بحب:
– عشان خاطري خليكي معايا نتحدد ولو معجبكيش الحديد امشي
أحمر وجهها بخجل لتبعد يده عنها ثم اغمضت عينيها باستسلام لمحايلته وصمتت فجذبها بخفه و جلسوا أعلي الأريكة لتقول ببرود مصطنع:
– افندم
اقترب دياب منها يلامس ذراعيها برقه فنظرت بعيد ليردف:
– اني اسف و غلطان و حجك تزعلي بس اني ما كنتش شايف جدامي لما الزفته احلام جالتلي انك خرجتي من غير اذني
لتقول بصوت ساخره:
– قصدك لما سخنتك عليا
تنهد دياب مجيب بتردد وحزن:
– معلش غصب عني انتي ما تعرفيش اني شفت إيه في حياتي ولا عيشت كيف، يا چميله إني لما جلتلك اتولدت من چديد لما عشجتك وان لولا الطريجه اللي اتجوزنا بيها ما كنتش اتجوزتي من تاني عشان عشت تجربه وحشه جوي و خايف اكررها
عقدت حاجبيها بدهشة وتعجب وهتفت بقلق:
– مش فاهمه تجربة ايه اللي عشتها وخايف تكررها
هز راسه بحسره وهو يمسك نظراتها ليردف:
– ابن خالتك لما خبط سلمى مراتي بعربيته كانت ساعتها في القاهره من غير ما اعرف وكانت راكبه مع واحد غريب الموتوسيكل
نظرت إليه مطولاً لتقول بتردد:
– ومين اللي كانت راكبه معاه ده، حد انت تعرفه.
هز رأسه بنفي ليقول بصوت منكسر:
– لاه مالناش جرايب في القاهره اصلا ولا اني ولا هي ولما وصلت المشفى في القاهره كانت هي ماتت وهو هرب حاولت ادور عليه واعرف مين ديه بس ما عرفتش بس مش محتاچه يعني تفكير، آآ اكيد كانت بينهم حاچه
تطلعت فيه بدهشة وعدم تصديق لتصمت حتي لا تحامل عليه, ليقول دياب بحزن:
– خلاص يا چميله عاااد مش عتعلجلي المشانج عشان مجرد غلطه واحده ، للدرچه دي ما ليش خاطر عندك تسامحيني
هتفت جميله بمرارة وقهر قائله:
– يا دياب انا ممكن اكون اتعلقت بيك وحبيتك في وقت قصير بس انت في الوقت القصير ده عرفت تتحقق لي حاجات كثير كنت مفتقدها ، ذي الامان والثقه بنفسي، وان لسه في ناس كويسه زيك كده يا دياب انا بحبك بجد ومش عايزه ولا اقدر اتخيل في مره اعيش حياتي من غيرك ولا عاوزه اوصل معاك لمرحله انك تجرحني ولا تكرهني فيك ولا احسك زيهم تضربني وتهنى عادي
امال راسه يقبل وجنتيها قائلا بهمس وابتسامه صغيرة:
– جطع ايدي ولساني جبل ما افكر أمدها عليكي ولا اغلط فيكي
اردفت بمدافعه و عناد:
– آمال اللي انت عملته ده تسمي ايه. انت نسيت انك عيرتني بمساعدتك و وقفه جنبي واهلي.
ما كان منه سوي ان ضمها برقه الي صدره فيمر الوقت بصمت مرحب به بينهم و كل منهما لا ارادي يحاول ضم الاخر قدر المستطاع وقال:
-اسمه مجرد سوء تفاهم بسيطه مش عتعدي حدودي امعاكي اكده ثاني
ارتبكت قليلا لتبعد و لتعطيه ظهرها لا تزال محصورة بين ذراعيه واردفت بعناد وإصرار:
– بس برده انت غلط انا مش زي حد, عملت ايه ولا شفت مني ايه يخليك حتي تفكر اني ممكن اعمل حاجه غلط
لف وجهها إليه متحدث بابتسامة خفيفه:
-مشفتش منك حاچه انتي انضف واحسن حاچه حصلت في حياتي كلاتها اوعى تفكري اللي اني بحكيلك عشان اجرنك بيها لا خالص اني باجول لك ليه كان رد فعلي صعب وجتها ، متزعليش مني ممكن
نظرت إليه مترددة لتقول متسائلة باهتمام:
– طب وموضوع الارض اللي كنت السبب في حرقها وكان واحد هيموت بسببك
رفع حاجبه بترقب قائلا بجدية:
– خلينا في موضوعنا يا چميله. وبعدين ما تخافيش مني جوي اكده انا نيتي كانت حرج الارض بس انما اموت حد لاه يا چميله عمرها ما عتحصل ولا افكر فيها, واني فعلا بنفسي انقذته اول ما عرفت انه جوه المخزن المحروج
أغمضت عيناها بعمق وقربها دياب إليه بدفئ
غرست انفها بين رقبته و صدره تستنشق عطر جسده الرجولي الاخاذ لتنسي همومها وكل ما يدور حولها
بينما مرر هو يديه برقه علي خصلاتها يسمح لنفسه اللعب بأطرافه، عادة اكتسبها منذ ان عرفها واصبحت كالإدمان بالنسبة له, ليقول بهمس:
– لسه زعلانه مني
هزت راسها برفض دون حديث لتتسع ابتسامته, وتبتعد بعدها قائلة بابتسامتها الرائعة:
– وانت كمان ما تزعلش مني انا اسفه عشان خرجت من غير اذنك, اوعدك مش هعمل كده ثاني
ابتسم وهو يلمس وجنتيها بأصابعه ويضمها اكثر بحب بذراعه الذي يحاوطها واردف بحب وهو يحاوط بطنها برفق:
– هاه اخبار الحمل ايه معاكي ، الولد ده تعبك ولا حاچه
التفتت بغيظ قائله:
– وانت ايه اللي اكدلك أن ولد ، انا كده هصدق انك من عصر الجاهليه
قال دياب بضحك:
-لاه اني عندي البنته كيف الولاد بالظبط بس اني نفسي اسيب سند ليكي إنتي والبنته بعدي، و واثج ان عيكون ولد
***
دلف جلال في المساء بتعب وإرهاق ليتفاجا بأسيف أمامه تصيح بعصبية:
-ما لسه بدري يا بيه.
نظر إليها بسخرية هاتفاً:
– اهو كده اسيف اللي انا اعرفها انا قلت هتيجي بعد كام يوم وترجعي تقلبي ثاني
قالت اسيف بزعل:
– هو ده اللي ربع ساعه وهتلاقيني قدامك،بتضحك عليا يا جلال وانت بقيلك اكثر من ساعتين بره ،انا مش قلتلك ما تبعدش عني
ضغط علي شفته بغيظ مكتوم:
-هو ده اللي مزعلك
أسيف بعدم رضي قائله:
– وهي دي حاجه بسيطه
نظر جلال حوله بضيق لا يعرف ماذا يفعل ليمسك يدها بهدوء وقال :
– تعالى كده يا اسيف معايا ،تعالى بس نتكلم بهدوء انتي عملتي ايه امبارح واحكيلي كل حاجه بالتفصيل
نظرت إليه بإستغراب وجلست معه وقالت بعدم فهم:
– يعني ايه عملت ايه امبارح
جلال بنفاذ صبر:
– يا بنتي خذني على قد عقلي و ردي عليا
هزت كتفها بتعجب وأجابت بتلقائية:
– ما عملتش حاجه انا كنت باخذ العلاج وكل شويه انام ، ما انا كنت قدامك وانت شايفني بعمل ايه علي طول.
صمت بضيق مكتوم فهي بالفعل كانت أمامه طول الوقت بالغرفه تنام عده ساعات طويلة بسبب العلاج ليقول بتسال مره أخري:
– طب انتي امبارح بالليل مش كنتي مصممه تمشي واتفقنا على كده ايه اللي غيرك بقى فجاه
نظرت اسيف باستنكار وقالت بنفاذ صبر:
– ما قلتلك رجعت في كلامي ومش عاوزه اسيبك هو انت ليه كل شويه تسالني السؤال ده ، هو انت للدرجه دي مش طايقني ولا بتحبني يا جلال
نظر جلال بحزن عميق وهتف بألم:
-انا برده اللي مش باحبك ولا بطايقك يا أسيف امال مين اللي مسوده عيشتي معاها وكل ما تشوف وشي تقولي طلقني و هسيب البيت وامشي ، ده انا كنت خلاص فقدت الامل انك ترجعي لي ثاني وانك بتكرهيني قوي
أمسكت يده بنعومه قائله بابتسامة:
– لا خالص انا مش بكرهك ولا عاوزه امشي و ندمانه على كل حاجه عملتها معاك زعلتك مني وعاوزه افضل جنبك ومش عاوزه امشي.
نظر إليها جلال بدهشة متسائلا بتراقب:
– من قلبك الكلام ده يا اسيف
قالت اسيف بثقه:
– ايوه طبعا
ابتسم بلهفة قائلاً بحذر:
– يعني مش هترجعي بكره أو كمان ساعه تقولي لي عاوزه امشي ولا عاوزه اطلق
هزت راسها برفض هاتفة بابتسامة عريضة:
-تؤ تؤ خالص انا عاوزه افضل معاك للابد
تطلع فيها بحب وسعاده كم كان يريد أن يستمع إلي هذا الحديث ليقول :
– يعني انتي كل اللي حصل ده أنك فكرتي وندمتي على اللي عملتيه معايا وعاوزه تفضلي هنا و مش هتمشي صح
قالت اسيف بهدوء:
– ايوه
ليسأل نفسه السؤال يعوده للمره الألف بقلق من تغير مزاجها:
– بجد يا اسيف مش عاوزه تمشي
أسيف بعصبية شديدة:
-يوووووه انا زهقت من ده سؤال أيوه مش عاوزه امشي
اشاره بيده بهدوء وقال بتراجع:
– طب خلاص ، خلاص ما تزعليش كده
اسيف بزعل:
– قول انك مش بتحبني ومش فرحان ان هفضل معاك
لوي شفتيه بحسره قائلاً بحزن:
– انا برده مش فرحان ده أنا كان نفسي في كده من زمان تفضلي معايا، إنتي مش عارفه أنا كنت عامل ازاي وأنتي خلاص مقرره تمشي وتسبيني ده انا ياما حلمت واتمنيت قربك وحبك ليا، بس انتي اللي كنتي بتبعدي دائماً
أبتسمت أسيف قائله:
– خلاص مش هبعد من النهارده, بس على الله انت بس اللي ما تبعديش
لمعت عينيه بفرحه من تمسكها به القوي وقال بحب:
-انا عن نفسي واخذ عهد عليا من زمان مش هبعد مهما حصل, حتي لو طلبتها مني، بس انتي اللي مش واثق فيا .
***
رفع زين مقبض الباب ودلف متردد وهو ينظر إلى نادين التي تجلس أعلي المقعد بوجه حزين جدا ومؤلم و مازالت مرتدية البرنس القصيرة وتلملم تلك الخصلات ببطء بأطراف اصابعها حتي أنتبهت لدخوله .
لم يتردد زين بتسليط بصره عليها بين الثانيه والأخرى ولكن بطريقة غريبة، دون ابتسامة او أي تعبير، فقط غموض غير مفهوم، حتى تحدث وقال:
– اخبار وتين ايه وجرحها.
اردفت بصوت مبحوح خافت وهي تحاول ابعاد عينيها عنه قائله:
– ما تقلقش الجرح بسيط عقمته ونيمتها فى اوضتها
حمحم زين قائلاً بهدوء:
– نادين انا اسف ماكانش قصدي ازعقلك تحت ولا اقول لك الكلام اللي انا قلتهولك
ترقرقت عيناها سريعًا بدموع الرفض فبشق الأنفس تحكمت بدموعها كي لا تنهمر ، همست نادين بإختناق:
– لا يا زين انت كل حاجه بتكون قصدها.. قاصد تتعبني وتعذبني معاك على طول انا مش فاهمه عملتلك ايه عشان تعاملني بالطريقه دي. ولا طايقلي كلمه كل ما تشوفني ادخل الاوضه واحاول اتكلم معاك عشان تخرج من الجو اللي انت فيه والحبسه طول الليل والنهار في الاوضه لوحدك أسهل حاجه عندك تطردني علي طول, و دلوقتي بتقول لي ان انا ام مش مسؤوله .
تنهد زين بضيق شديد واقترب منها سريعاً يجفف دموعها بندم قائلاً:
– ما كانش قصدي كده اكيد، انا بس كنت متضايق من حاجه كده واضايقت اكثر لما شفت وتين وقعت على الارض لوحدها
انهمرت دموعها بمرارة أكثر قائله:
– ما انا قلتلك كنت في التواليت وكنت متأكده أني سيبها في الاوضه لوحدها وحذرتها ما تخرجش،اكيد يعني مش هبقى عارفه ان بنتي هتضر وهفضل واقفه اتفرج عليها .
نظر لها باشفاق وجلس جانبها رمق خصلاتها المبللة ثم مد يده يلملم تلك الخصلات ببطء بأطراف اصابعه اعاده إلي خلف ظهرها و صدرها الذي يصعد و يهبط من صعوبة أنفاسها من البكاء ليقول بتلقائية:
– خلاص يا نادين بطلي عياط عشان خاطري ، والله ما كنت اقصد اي كلمه من اللي انا قلتها بالعكس يا نادين انتي احسن ام في الدنيا كفايه وسط شغلك اللي عليكي كله بتعرفي تاخذي بالك منها بس انا كنت متعصب، بس معلش جت فيكي انتي
نظرت إليه مطولاً بابتسامة حاولت أخفاها لتحاول استغلال الفرصة لصالحها, غمغمت نادين بآسى: -طب ايه اللي مضايقك بس
زين بتوتر:
– موضوع كده هايف ما تشغليش نفسك
امسكت بكتفيه بحنان واقتربت منه وشعرت بأنفاسها تلفح جانب وجهه ونظرت إليه متحدثه برفق:
– اي حاجه تخصك يا زين و مزعلاك كده بالنسبه لي مهمه مش هايفة و مهمه جدآ كمان, إنت جوزي وحبيبي يا زين
اتسعت عيناه بصدمه وهو يشعر بالسقوط و كأنه سفينه تهوي في الفضاء بلا ربان، خرج عن إطار الهدوء و التروي معها ولم يستطع مقاومتها وهو يشعر بها مستسلمة بين ذراعيه، لتهون عليه إحساس جنونه، انتبهت الى نظرات زين المسلطة عليها برغبه خفيفة غير مفهومة وابتسمت بمكر، وسعادة لأنها بدأت تؤثر عليه لتحاول تشجع نفسها وتقترب … فأغمض عينيه بقوة وهو يشعر بشفتيها تفتح و تغلق علي رقبته بشغف, وصوت تحدث لا يجب ان يعترض الان قائلاً بصعوبة:
– نـ آآ نادين
اردفت بصوت مبحوح خافت وهي تبتعد عنه شفتيها قائله بهمس وابتسامه:
– مش ناوي تقول لي ايه اللي مضايقك ، طب بلاش تقول لي بس ما تبعدش عني ولا عن بنتك احنا محتاجلك قوي .
كان سوف يبعدها عنه ولكنه آن بشوق وهو يستمع كلماتها باهتمام تخرج بتلك المشاعر الجياشة من بين شفتيها ، فأبعدت عينيها بخجل مما فعلته منذ قليل من جرأتها في التقرب له بهذه الشكل ، لكن هو سبقها وضم شفتيها بين شفتيه سامحا ليده بالتجول علي جسدها الصغير الذي اشعل نيرانه ..
لا يدري كيف ومتي انتهي بهم الامر يتسابقون مع الرياح في سباق الحب و لمسات الشوق و همسات وشعرت بجانب وجهه و ذقنه الخفيفة يداعب جانب وجهها الناعم فتاهت في مدي اختلافهما و ارتفعت يدها تتعلق بذراعه الذي يمسك بخصلاتها للخلف .
ترك خصلاتها القصيرة ليحاوط وجهها ويتوه بها في قبله عميقه يخرج بها مكنونات قلبه فمن يصدق انه وقع بالفعل وبين يدها الآن ، لكن سرعان ما خيب ظنها والأمل فيها من جديد عندما نهض سريعاً من جانبها بوجه غاضب يرتدي ملابسه ورحل للخارج دون حديث لكن كانت لا تحتاج لحديث فقد علمت بأنه ندم على القرب منها.
أحست بضغط حاد يتضخم في صدرها، وكره كالوباء يتفشى داخل روحها التائهة، لقد باتت تكره نفسها وتكره كل شيء حولها، لا يترك لها فرصه واحده حتي تستطيع استرجعه ، دائما الحمل عليها كله و الخطأ.. دائما هي من تخطأ وهو لا، لكن إلي متى ستتحمل كل هذا، في النهاية لديها طاقه وسوف تكتفي.. وهل سوف تكتفي بالهزيمة أو بالانتصار .

يتبع……

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى