روايات

رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 بقلم أمل صالح

رواية بيت البنات الفصل الثامن عشر 18 بقلم أمل صالح

رواية بيت البنات الجزء الثامن عشر

رواية بيت البنات البارت الثامن عشر

بيت البنات
بيت البنات

رواية بيت البنات الحلقة الثامنة عشر

صدمات العمر القوية دائمًا ما تجبرنا على أخذ هدنة لوقف الحرب بين العقل والقلب، هدنة تعطي الطرفين المساحة والوقت الكافيين لإعادة الترتيب والتنظيم، فيفكر الأول بإمعان دون تدخل من مشاعر الآخر التي تجعله مضطربًا، ويحترق الثاني شوقًا.
الأمر ليس منصفًا في نظرِك الآن، ولكن تلك الهدنة ستكون السبب في إنهاء الحرب، هدنة سيعودا منها متفقين على شيء وحيد؛ أن يبقى كل طرف في مكانه الخاص دون صراع وحروب لا نهاية لها.
عندئذ ينال القلب فرصته فيتحرر من قيده قافزًا بحرية دون أن تعيقه هدنة أو عقل، لتنهال منه المشاعر على ما يحب.
فتح “ناصر” عينيه على صوتِ المذياع خارج الغرفة وهو يعلن نهاية صلاة الجمعة، اعتدل على السرير يمسح وجهه بكفيه بضيق مستغفرًا ربه على ما فاته.
كان الظلام يحيط به من كل ناحية بينما امتلئت الأرض بالأتربة والأوساخ بفضل النوافذ التي بقت مغلقة لأكثر من أسبوع، ترك الفراش وبدأ بفتح نوافذ الغرفة فانتشر الضوء بها بحرية وبشكل يبعث الراحة بالنفوس.
خرج من الغرفة وفعل المثل بباقي النوافذ حتى صار البيت بأكمله كجوهرة بيضاء لامعة، توضأ وأدى فريضته ثم تحرك بأنحاء المنزل.
ينظف ويمسح ويرتب الفوضى بحماس وابتسامة صغيرة وانتهى بعد عدة دقائق متعبة ليجلس فوق الاريكة ملتقطًا هاتفه ليحادثها.
– السلام عليكم ورحمة الله.
اتسعت ابتسامته يحرك رأسه وكأنها أمامه: وعليكم السلام ورحمة الله، عم توفيق جنبِك يا ندى؟
مطت فمها للأمام بتذمر لم تفصح عنه وقد أخمد سؤاله لهفتها للحديث معه لتجيبه بصوت بدت به غير مكترثة به أو بتلك المكالمة: لأ في الحمام.
ضحك سرًا على تلك الإجابة وساد الصمت لدقيقة بينهما، انتظرت هي أن يقول اي شيء واستمتع هو بغيظها المحسوس، وعندما ملّت بادرت هي مردفة: أنتَ عايزه في إيه؟
ضحك مرة أخرى دون صوت وقد كان يعلم أنها لن تستطيع ردع فضولها عن إلقاء هذا السؤال، أجابها بمراوغة وبصوت تركت به تلك الضحكة أثارها: موضوع كده.
رفعت حاجبها بعد أن علمت من صوته تعمده لإستفزازها وقد نجح في هذا لتقول بقليل من الحدة: أيوة حاجة سر يعني ولا إيه؟؟
تنهد ممتثلًا لرغبتها الملحة في معرفة سبب اتصاله ليقول بصوت مليء بالحنان والحنين: جاي آخد الأمانة اللي سايبها عنده.
ارتجفت شفتيها وطرفت عينها بسرعة بعد أن غزتها الدموع وقد أخطأت فهمه، قالت بصوت مختنق: عايز دهبك يا ناصر؟؟
وسال الدمع من عينِها السوداء لتبكي بصمت وشعور بالخذلان، اعتقدت أنه بعد آخر حوار دار بينهما بالأمس سيعاود الحضور لردها لبيتها ولكن خاطرة أن يتركها هكذا وببساطة لم تخطر لبالها.
وعلى الجانب الآخر صُدم لفكرها لدرجة أخرسته وجعلته صامتًا لنصف دقيقة يحاول استيعاب كيف آل بها عقلها لتلك النقطة؟ كيف لم تلحظ نبرة صوته الظاهرة بوضوح حتى للعِيان!
انفرجت شفتيه ليفسر لها المعنى الخفي لكلماته ولكنها سبقته بصوتها الباكي: كتر خيرك يابن الناس، كتر ألف خيرك، ابقى تعالى بعد العصر أكون جهزتلَك حاجتَك.
ولم تعطه الفرصة للحديث أو التبرير، أنهت المكالمة وألقت بالهاتف جانبًا تترك الحرية لشهقاتها التي اكتتمتها بالخروج صحبة بكاءها.
وقالت بغضب والدموع تنهمر فوق وجنتيها: ولما هو عايز أبويا بيرن عليا ليه؟!
ونظر ناصر للهاتف بصدمة لحظات وانفجر بالضحك على ظنونها السيئة به وتفكيرها الذي لا يعلم من أي بئر فارغ أتت به!
التقط أنفاسه لازال يضحك بخفة عليها ثم قام وتحرك لخزانة الملابس ينتقي منها بعناية زيًا ملائمًا لِلُقياها؛ وكأنه اللقاء الأول لهما بعد خطبتهما وليس مجرد لقاء ليصطحبها لبيتها!
بالنسبة لهما فإنه لقاءٌ خاص وفريدٌ من نوعِه، سيُعيدها لقلبه وستعود لحياتها، سيبدآن من جديد، بداية صافية نقية لا يشوبها قلق أو أذى من قبل قريب أوي غريب، هذا ما قرر وتعهد به.
انتهت الهدنة،
وانتهت الحرب!
وها هو قلبه يفرد جناحيه محلقًا فوق سحاب الحب ينشر شوقه وحبه فوق أراضي المحبة، بلا عقل وبلا حرب. ♡
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشاعرُ الغضب، الحزن، الفرح والسعادة، الانكسار والضعف، القوة والكبرياء، جميع مشاعر النفس الإنسانية هي عدة أزرار، جالسة تترقب في أي لحظة ذلك الموقف الذي سيضغطها لتتتحرر من صمتها.
وها هو زر الغضب داخله قد ضُغط، بل وتحطم من شدة الضغطة!
وصل مَجد أخيرًا لتلك الوجهة بعد أن تفادى بصعوبة عدة حوادث كادت تصيبه وتجعله في عداد الموتى بسبب السرعة التي كان يسير بها وكأنه يسابق الريح بها.
صف السيارة بعشوائية في بداية (شارع العمارات) والذي هو عبارة عن شارع طويل يصطف على جانبيه من البداية حتى النهاية عمارات كبيرة وشاهقة الطول، منها مَن يسمح صاحبها بالبيع والإيجار ومنهم مَن يسمح بالإيجار فقط.
سار في هذا الطريق ينظر على جانبيه لكل عمارة وهو يبحث عن (عمارة رقم ٧٣) التي أخبرته بسملة أنه يسكن بإحدى شققها.
حتى أبصرت عينيه ذلك الرقم ليُثار غضبه من جديد وهو يندفع ناحيتها، أوقفه حارس المبنى وهو يقف أمامه بحنق: يوه! براحة يا بيه هي وكالة من غير بواب ولا إيه؟؟؟
ابتلع مَجد ريقه وفرك عنقه في حركة معتادة يحاول بها مَنع طوفان غضبه من اغراق من لا ذنب له، طالعه الرجل بغرابة رافعًا أحد حاجبيه وخافضًا الآخر بينما يردد بلسانه: اللهم احفظنا، أنت عليك حاجة ولا إيه يا أستاذ؟؟
رفع مَجد وجهه عن الأرض يلتقط كمًا كبيرًا من الهواء يخمد بها نيران غضبه للحظات قبل أن يعيد إشعالها بوجه ذلك العُمَر: عمر محمد عمر، ساكن في الدور الكام؟؟
رفع الرجل حاجبيه بتعجب: الأستاذ عمر!
وتبدلت الدهشة لحدة وهو يسألها بخشونة: وأنت عايز الأستاذ عمر ليه؟؟
رفع مَجد حاجبه وعلم من هذا التعظيم أنه ذو شأن في هذه العمارة، فأجبر نفسه على الإبتسام: زُملا، عايزه في موضوع كده.
وكرر الرجل من بعد مَجد: زُملا! وهو الأستاذ عمر يعرف حد غير الأستاذ أيمن، دا صاحبه الروح بالروح كده وعمري ماشوفته مع حد غيره، جوز فُجَرة ماشيين على أرض الله، بس نعمل إيه أهو ده الحال!
سرعان ما شهق الرجل وهو يكمكم فمه بعد أدرك ما قال: يادي الحزن…
ونظر لمجد بغضب ليستأنف: عمال تجرجرني في الكلام يا أستاذ لما هتلبسني نصيبة، لو فاكر إني هقولك إن أستاذ عمر في الدور الخامس تبقى غلطان، ده شغل بردك!
تعجب مَجد من ذم الرجل لعمر وهو مَن كان يعلي من قيمته منذ دقيقة، ونظر له مبتسمًا بإصفرار لغبائه قبل أن يتحرك لداخل العمارة وهو يتحرك ناحية المصعد بعد أن قال: طب عديني يا بردك عديني.
لوح الرجل بيده في الهواء وعاد ليجلس فوق مقعده الخشبي المتهالك وهو يتمتم بدون اهتمام: يلا يكش يولعوا في بعض الجوز.
كان المصعد يتحرك بمَجد وكلما ارتفع طابق ازدادت دقات قلبه وشعر باحتمالية تفجر عروقه التي برزت بالفعل بسبب غضبه.
توقف المصعد وظل لثواني داخله دون أن يخطو خطوة واحدة للأمام، صوتٌ داخله يخبره ألا يجلب لنفسه مصيبة وصوت آخر أعلى يدعوه للفتك بذلك الحقير القذر عديم الأخلاق، وكم أراد تلبية النداء الثاني رغم وجوب حدوث الأول!
تقدم أخيرًا ليخرج من المصعد، نظر للردهة حيث يتواجد أمامه خمسة شقق، اغمض عينيه وكم ود لو بقى لدقيقة أخرى مع هذا الحارس وكان سيعلم منه بسهولة بأي شقة هو بدل أن يتحمل هو عناء البحث، ولكن لا بأس يا مجَد لقد قطعت الشوط الأكبر والآن لم يتبقى سوى القليل!
وبعد أن مر بثلاثة شقق أخيرًا فتح له، إنه هو …. عمر.
توسعت عيناه بفزع وبسرعة حاول إغلاق الباب ولكن مَجد توقع هذا بالفعل فدفعه بقوة للخلف ليسقط أرضًا ويفتح الباب على مصرعه، زحف عمر بخوف للخلف وهو يحاول البحث بأي شيء ينقذه ولكن لا فائدة.
بينما مَجد أرضاه قليلًا هذا الخوف داخل عينيه، قليلًا فقط.
– أنت عايز إيه؟؟
صرخ عمر بعد أن اصطدم ظهره بالاريكة فحاول الاعتدال بسرعة متمسكًا بها وكأنها ستحميه من ذلك براثن ذلك الماثل أمامه، ابتسم مجد بتهكم عقب سؤاله: عايز إيه؟؟ عايز روحَك.
وقبل أن يستقيم عمر وجده ينخفض لمستواه جاذبًا إياه من تلابيب قميصه ليصرخ به بهيئة دبت الرعب بأوصاله: بقى بتهددها بعد اللي عملته فيك يا **، العلقة مكنتش كفاية مش كده!!
ذعر عمر من صوته العالي وامساكه له بهذا الشكل وصدم كذلك عندما ذكر أمر التهديد لينفي برأسه بسرعة: وربنا ما كلمتها بعد آخر مرة، وكتاب ربنا عملت بلوك ومعرفت أوصلها خالص، والله ما عملت حاجة والله!
ارتجف جسده أسفل يد مَجد وهو يردد تلك الكلمات فهزه مَجد بعنف وقوة ولم تؤثر به تلك الكلمات أو تجعله يتراجع ليفكر للحظة حتى: أصدقك المفروض؟؟ أصدق واحد زبالة زيك ليه؟!
امسك عمر بقبضتي مَجد يحاول ابعاده وتحرير نفسه من بين يديه: اقسم بالله العظيم ما بعت اي حاجة، والله بحاول أوصلها بس مش عارف، أنا بحب بسملة بجد والله وعايز أخطبها..
وقد ظن عمر أنه بتلك الكلمات سيجعله يهدأ أو على الأقل يبتعد عنه قليلًا ليفهم منه ولكن ما كان من عمر إلا أن شدد على قميصه وجذبه نحوه أكثر يصيح بوجهه كأسد يزأر أمام فريسته: بعينك يا **، ولا هتطول حتى شعرة منها وعايز اسمعك بتقول الكلمتين دول تاني وصدقني هتلاقي وشك متساوي بالأرض اللي تحت دي، سامع ياض؟!!
ارتفعت نبرته بالجملة الأخيرة فاومأ الآخر بسرعة يردد بصوت مختنق وهو يمنع نفسه بصعوبة من البكاء: سامع، سامــع.
دفعه مَجد بعنف ووقف ينفض يديه بنفور وتقزز فارتطم رأسه بالاريكة وحاول النهوض ولكن لشدة خوفه لم يعد يشعر بقدمه.
– فين تلفونك؟؟
أشار بيده على طاولة صغيرة فامسك مَجد بالهاتف بعد أن فتحه وأخذ يقلب في محاداثته حتى توقف أمام إحداهن وقد عرف أنه يعود لمحادثته مع بسملة بفضل صورة الملف الشخصي التي تضعها.
“بسملة”
“أنا عارف إني غلطت لما مسكتِك بالشكل ده”
“عارف إنك مش بتحبي كده وأنا وعدتك هحترم ده”
“بس أنتِ عارفة إني بحبك وعملت كده بسبب حبي ليكِ”
“أنا آسف يا بسملة، سامحيني وأنا والله عمري ما هكررها”
” بسملة”
“أنا استاهل اللي الواد إياه عمله فيا وأكتر عشان كده سبته مرضتش أكلمه”
كان مَجد يقرأ تلك الرسائل التي بعثها عمر لبسملة يترجاها أن تسامحه وتعفو عنه متناسية ما فعله، ومع كل رسالة كان يسشيط غضبًا وعندما قرأ آخر رسالة تطلع لوجهه الذي لم يتعافى من ضربه له بالمرة الأخيرة: الواد!! أومال لو كنت خفيت وشديت حيلَك شوية.
وتحولت تلك النبرة الساخرة لغضب وهو يلقي بالهاتف بجانب ذلك الجالس فوق الاريكة: انطق بعتلها الصور منين؟؟
صاح عمر بنفاذ صبر وهو يرفع الهاتف أمام وجهه: والله ما بعت اي حاجة ولا أعرف بتتكلم عن إيه!! وأنت شوفت بعينك أهو وأنا والله معنديش أي نية أذيها عشان فعلًا عايز أخطبها ولما قولتلها هي رفضت وقالت مش دلوقتي!!
قاطعه مجد بتهديد وتحذير: وأنا عايز ألمح طيفك عندنا في المنطقة، ساعتها متقولش غير يا رحمن يا رحيم عشان مش هتفلت من تحت ايدي..
وانتشل الهاتف من بين يدي الآخر يتأكد من صدق حديثه بالبحث في جميع المحادثات حتى توقف عند أحد المحادثات بإسم “Bro”، وقد وجد بنهاية المحادثة صورة لبسملة.
فرفع وجهه لذلك الذي يهندم ملابسه وهو يغمغم بضيق وفي لحظة تفاجئ بلكمة تصوب نحوه جعلت الدماء تندفع من أنفه وفمه.
وضع يده فوق أنفه صارخًا بألم وهو يحارب ذلك الدوار الذي داهمه أثر تلك الضربة بينما يستمع لصراخ مجد الذي عرض الصورة له: وبتحلف بالله يا ** يابن الـ**، بتحلف بالله!!!
صدم هو الآخر وكأن هذا ليس هاتفه ليجذب الهاتف منه متناسيًا ذلك الألم وتلك الدماء يتطلع بها بأعين متسعة مصدومة واخذ يعيد ذكريات الأمس بعقله حتى تبين له الأمر كاملًا: يابن الكـلـــب!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل كنت تعلم عزيزي القارئ أنك تمتلك في منزلك شجرة؟؟ نعم شجرة كبيرة شاهقة الطول، تحميك بظلها من أشعة الشمس الحارقة بالصيف ومن الأمطار الغزيرة بالشتاء.
أعلم ما يدور بعقلِك الآن؛ ماذا عن فصل الخريف؟!! ستتساقط أوراق تلك الشجرة! كيف ستحميني إذن تلك الشجرة التي تتحدثين عنها؟!
ولك الجواب يا عزيزي، تتساقط أوراق تلك الأشجار ولكن لا تتساقط كلها، سيتبقى على الأقل ورقة أو اثنتين.
أراك تضحك ساخرًا، متسائلًا كيف ستحميك ورقة أو اثنتين؟!
ليأتي دوري في تفسير الأمور، (شجرتُكَ هي عائلتكَ) حتى وإن ابتعد الجميع وغادر، حتى ولو لم يتبقى سوى فرد أو اثنين ستحميك تلك الأوراق بطريقتِها الخاصة، أفهمت ما أعنيه أم لازال الغباء يحوم حول عقلك الكبير؟!!
بيت عائلة شريف القاضي، أمام المرحاض يجتمعون وكأنهم ملتفون حول شِجار، مصطفى يجثو على ركبتيه يمسك في يد مفك وفي الاخر قطعة من الحديد رقيقة ولجانبه يقف عثمان يمسك في يده مفتاح وبجواره تقف شقيقتهم “جهاد” تحاول الحديث مع وسام.
– عارفة يا وسام أغنية قال الأرنب لأمه، يلا نغنيها سوا.
وخلفهم كانت والدتهم “دعاء” تقوم بترتيب الطاولة وهي تدندن بلحنٍ لأغنية قديمة تحبها وكأنها بعالمٍ آخر غير عالمهم، عالمٌ وردي مليء بالزهور لا يشبه ذلك الرمادي جانبها.!
– حجــة!
نادى عثمان وهو يلتفت لرضوى التي تابعت غناءها لا تعيرهم اهتمام قبل أن يستأنف: والنبي يا أم كلثوم هدي العيار شوية للمسرح يقع بينا.
جلست بعد أن انتهت لتبدأ في الأكل: يلا يا حبايبي الأكل بقى تلج…
رفعت صوتها وهي تصفق: حبيبة تيتة مين؟
فأتاها الجواب من وسام التي كانت تغني لتقطع غناءها مجيبة بصوت باكي: وسُومة.
فصفقت رضوى مجددًا: روحي تيتة مين؟؟
– وسومة.
– مين مستنيه طبق ورق عنب وكفتة برة.
– وسومة.
صفع عثمان الباب بغيظ لتفاعلها مع جدتها في حين انهم منذ حبست وكلما حادثها أحد كانت تبكي، ابتعدت عنهم جهاد لتجلس بالقرب من والدتها تتناول طعامها هي الأخرى ودقائق واستطاعوا فتح الباب فارتمت في أحضان والدها تشتكي إليه خوفها تلك الدقائق ورغم غضب مصطفى منها ومن فعلتها إلا أنه لم يستطع أن يبقى على رداء القسوة وما إن عانقته حتى انصهر الغضب وحل محله الحنان ليمسح بكفه على خصلاتها وظهرها.
على عكس عثمان الذي رفعها من ثيابها عاليًا يصيح غيظًا: تعاليلي بقى أنا ساكتلِك من بدري، بتقفلي على نفسك ليه يا حتة شبر ونص أنتِ عايزة تعيشي الدور على ابونا من دلوقتي ليه؟!!!
حركت قدميها بالهواء بتذمر وتحرك مصطفى للداخل ليغسل يديه قبل أن يقترب من طاولة الطعام ولم يعرهما اي اهتمام؛ لقد اعتادوا هذا الوضع بالفعل!
– أومال اسيب الحمام مفتوح عليا واللي رايح واللي جاي يتفرج، على عينك يا نجار كده.
هزها بعنف وهو يجز على أسنانه: وحياتها يختي، لأ والبت حياءها طافح عليها ما شاء الله.
بكت وسام صارخة وهي تمد ذراعيها للأمام بإستنجاد: تيــــتــــة!
فصرخت السيدة رضوى به: عثمان، سيب وسومة.
ألقاها لتسقط أرضًا فاشار عليها بغيظ: دي؟؟ دي بومة يا حجة بس العتب على النظر.
جلس لجانب أخيه وصعدت الصغيرة فوق قدم جدتها التي بدأت بإطعامها بحنان مفرط بينما تداعبها بين كل لقمة وأخرى.
وبينما يأكلون وكل لحظة تمر تصنع ذكرى جديدة للمستقبل، دق جرس المنزل.
علت الدهشة وجوههم فرفع مصطفى كفه أمامهم يمنعهم من تلك التساؤلات ووقف يرى بحذر مَن الطارق.
نظر من تلك العدسة الصغيرة بمنتصف الباب وما إن رأى هوية من خلفه حتى عاد متنهدًا بضيق، فتح الباب فرفعت وجهها تنظر له وظلوا لثواني يتطلعون لبعضهم بصمت بينما الأعين تقول الكثير والكثير.
لقد كانت زوجته السابقة وطليقته؛ ولاء.
– إزيك يا مصطفى!
قالت بنبرة خافتة بعد أن اخفضت عينها فابتعد عن الباب واعطاها ظهره ليتحرك للداخل بعد أن قال بهدوء: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت البنات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى