رواية بنت المعلم الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الرابع والثلاثون
رواية بنت المعلم البارت الرابع والثلاثون
رواية بنت المعلم الحلقة الرابعة والثلاثون
: طلبتي تقابلني قبل ما تمشي
أمأت الطبيبة بتأكيد وهو تهتف :
كنت محتاجه اتكلم مع حضرتك في شويه حاجات بخصوص جلستي مع رحمه
: خير
قالها المعلم سالم بإنصات شديد، فقالت الطبيبة بهدوء :
هو حضرتك عمرك ما حسيت بشعور رحمه اتجاهك او اتجاه أخواتها
قطب المعلم جبينه مردده باستفهام :
مش فاهم ؟!
تحدثت برسمية وهي تحاول فهم ما يدور في عقل رحمه خاصه بعد أن شوشة تركيزها بانقلاب حالها السريع أثناء محادثتهم :
قصدي يعني حضرتكم هنا ملحظتوش علي رحمه في أي وقت تغير أو حتي اشتكت وعرفتكم مثلا عن حاجه مضايقها
رد عليها العلم بشرود :
بالعكس كانت طبيعية جدا سواء معايا أو مع أخواتها
حركت الطبيبة رأسها بهدوء وقالت :
انا شاكه أن رحمه بتعاني من اضطراب في الشخصية ودا طبعاً واضح جداً علي انفعالها وطريقة كلامها الـ مش متطابقة لخمس دقايق علي بعض بس هنتأكد في الجلسات الجايه
استطردت بتسأل :
عشان كدا عايزه اعرف اكتر لو حصل معاها موقف ومن بعيدها اتغيرت أو صدمه مقتدرش تستوعبها لان ممكن كل دا بسبب عدم التكيف ووقتها هيكون الموضوع أمره ساهل
رد عليها سالم بهدوء :
الحقيقة مش عارف اقولك ايه، بس طالما هي قدرت تخبي مشاعرها كل المده دي مش بعيد يكون في حاجات تانيه ومعرفهاش
ابتسمت الطبيبة بخفة وهى تردد :
اعتبر دا قلة ثقه فيها
عاد بظهر يستند على المعقد وهو يغمغم برزانه :
للأسف قدرت تمحي كل الثقة الـ بينا بسبب غلطة متهورة كانت هتدمر نفسها بغبائها
: اقدر اعرف ايه الغلطة دي لعلها تساعدني أن أوصل لتفكيرها ؟!
تنهد سالم برفق وهو يجيبها :
لو هي عايزه تحيكلك هتقولك
أمأت الطبيبة بتفهم واردفت بتذكر :
تمام بس في حاجه افتكرتها، ليه رحمه عندها اندفاع شرس باتجاه حسناء
: عشان غبيه
رفعت الطبيبة حاجبيها بتعجب وقالت :
طيب ما هي عندها حق برده يعني حضرتك اندفعت ودافعت عن حسناء لمجرد أن قولتلك شعورها حتي من غير ما نفهم هي قالت كدا ليه
حدق بها لبرهه ثم هتف بتهكم:
لو رحمه مش غبيه كانت قدرت تعرف غلاوتها عند حسناء، علي الأقل كانت حست بتأنيب الضمير لما هي شالت ذنبها مع أنها ملهاش علاقة
لم تفهم الطبيبة مقصده ولكن يكفي اليوم ما علمته فسيكون كفايا حتي موعدهم القادم، وقفت وهي تمسك حقيبتها مردده :
أنا همشي دلوقتي والاسبوع الجاي هجي في نفس الميعاد أن شاء الله، واتمني لوقتها حضرتك تكون قدرت تكسر لو خطوة بينك وبينها
ثم استأذنت بالرحيل تاركه سالم مازال جالس علي مكتبه، شرد في أدق التفاصيل بين رحمه وبينهم….. عاد ينظر بجهة أخري إلي كلماتها، أسلوبها، حتي مزاحها، ربما عليه مراجعة نفسه علي تلك الكلمات المبهمة التي ألقتها عليهم في يوم ما….. وبالرغم من ذلك لم يستطع أن يغفر لها ما فعلته، كلما تخيل أن خيري استطاع ايقاع ابنته بتلك الطريقة الساذجة شعر بالضيق الشديد من تساهله في التعامل معهن، ماذا لو استغل خيري وجودها ليلا وحدها في طريق يعتبر مجهور ؟!! …. مسح وجهه بكفيه مستغفرا فتلك الحمقاء الأخرى التي خرجت خلفها لتقع هي الأخرى في مأزق لا تحسد عليه،
: يارب الصبر من عندك
تمتم بخفوت ثم نهض كي يجري اتصالاً علي جابر كي يطمئن علي حال سعد بعد أن قرر عدم التدخل في اي شيء يخص أسرة عبده مهما بلغ الأمر، بقلم حسناء محمد سويلم
؛*************
في الأعلى زفرت ناديه بملل وهي ترمق رنا التي تجلس بجانب رحمه وهنا يهمسا بصوت منخفض، مصمصت شفتيها وهي تهتف بحنق :
وأنتِ يا حبيبتي قعدتك هطول اكتر من كدا
ضغطت رحمه علي شفتيها بحرج من أسلوب ناديه الجاف …. بينما ابتسمت رنا بسماجة وهي تردف :
ايه يا طنط زهقتوا مني
غمغمت ناديه باقتضاب :
أبدا لكن بقالك اسبوع هنا وقولت يمكن أهلك يقلقوا
برزت بسمة رنا العريضة وهو تتمتم بـ لامبالاة :
No, it’s okay with my family
قطبت ناديه جبينها بعدم فهم، بينما تطلعت مروه إليها باستهجان فمنذ جلستهم وهي تصمت رغما عنها حتي لا تدخل مع رحمه في مشاحنة هي فغني عنها الآن….. قهقهة رنا بدلال وهي تردد :
اه اسفه اصل متعوده اتكلم أنجلش علي طول، المهم الموضوع عندنا عادي
وقف رحمه وهي تقول كي تغير مجرى الحديث :
تعالي ندخل الاوضة
انتظرت ناديه دلوفهن الغرفة ثم انفجرت في مروه مردفه :
أنا عايزه أفهم البنت دي ملهاش أهل
سخرت مروه قائلة :
ما هي قالت عندهم عادي
ظلت ناديه تتمتم بحديث ساخط بينها وبين نفسها ثم عادت بنظرها تسأل مروه بفضول :
هو أنتِ مش بتكلمي طلال؟!
أجابتها بفتور :
لا
احتدت نبرة ناديه متسأله باقتضاب :
ليه ان شاء الله؟!
مطت مروه شفتيها مردده ببرود :
معرفش
كادت ناديه بإرضاء فضولها وتكمل سيل الأسئلة عليها لتكون مروه الأسرع مكملة :
وقبل ما تطلعي فيا هو أساسا مرنش عليا مره من يوم قراية الفاتحه ولا كأن موجوده
ألقت نظره أخيره عليها ثم نهضت متجها الي المرحاض…. قطبت ناديه جبينها باستغراب وهي تفكر في سبب عدم تواصل طلال مع مروه، بالرغم من حرص سفيان علي محادثة أمل كل ليلة للاطمئنان …. وهذا يعني أن الأمور العائلية علي ما يرام، ظلت محلها تفكر في فعل طلال بشرود وحيره ؟!
؛؛؛؛؛
في الداخل ارتمت رنا بملل علي الفراش وهو تردف بسخرية :
الله يكون في عونك علي عيلتك دي
واستطردت بحماس :
ها كملي يلا لما اعترفتي لسالم بحبك قالك ايه
تنهدت رحمه بفتور ثم بدأت في تكملة حديثهم السابق عن قصة حبها الخفية من ابن عمها
؛***********
اندفع بوحشية يمسكه من تلابيب جلبابه الفلاحي وهو يهدر بغضب :
يعني ايه هربوا منكم
تملص عوف من قبضة عز وهو يردد بخوف :
والله يا يدوب قفلت البدورم وطلعت عشان امسك عمرو لاقيته بيجري والست اماني معاه، روحت انا والرجاله وراهم بس اختفوا في الأراضي
دفعه بعنف وهو يتمتم بشراسة :
صدقني هخلص عليكم واحد واحد لو في ظرف ساعة معرفتوش مكانهم
بلع عوف لعابه بتوتر ثم اختفي من أمامهم بعجلة حتي لا ينتهي أمره باكراً…… ضغطت منصور علي أسنانه وهو يصيح بغضب :
انا عايز اعرف ايه نزله البدورم من اساسه
ثم نظر إلي هاديه وهو يكمل بحنق :
يعني بنتك طلعت مايه من تحت تبن ومنيمانه كلنا علي ودانا
ظلت هاديه تطلع للفضاء أمامها بتعبير جامده، لم تتخيل يوماً أن يعصيها عمرو…. والأهم أين ذاهبا ؟! ولما قرر الرحيل في نفس يوم نزول عمرو للبدروم ؟؟
: هقتلها واقتله قبلها عشان تكوني عارفه
كانت أعين عز القاتمة خير برهان علي تهديده الصريح الي هاديه التي مازالت ساكنة من الخارج بينما بداخلها عاصفة تضرب أفكارها وأسئلة لا تجد لها إجابة بعد،
؛************
في منزل عزيز الذي أمسك رأسه بين كفيه بقلة حيلة بعد أن جاء من المشفى واستمع للحديث الدائر بين أهل القرية من جديد علي ابنته….. بالتأكيد لن تصمت أفواههم بعد أن غفلوا عنها لفترة، ثم يبدأوا من جديد بقصة مختلفة وأنها سبب في عراك حاتم وسعد، وأحد الشباب كان سوف يفقد روحه من أجل فتاه،
: مالك يابا
أخرجه يعقوب من دوامته بسؤاله، رفع عزيز نظره إليه وهو يهتف بحنق :
أنت كمان الـ بتسأل
رفع يعقوب حاجبيها باستنكار وهو يقول :
يعني دلوقتي الغلط عليا
صاح عزيز بنفاذ صبر :
لما أكون قاعد وتعلي صوتك علي اخواتك ومتحترمنيش يبقا الغلط ركبك من ساسك لراسك
أمأ يعقوب بتفهم وتمتم معتذرا :
يابا كلمتك سيف علي رقبتي، بس مش كل ما نسمع كلمتين نيجي نطلع غلينا فيها
هدر عزيز بضيق جلي :
ما هي السبب في دا كله خلت الـ يسوي والـ ميسواش يجيب سيرتنا
اقتضبت ملامح يعقوب وهو يهتف بعدم استعاب :
يعني لما يكون دا كلامك الناس تقول ايه
قطع حديثه صوت رنين هاتفه …. جاء به من الطاولة لتجحظ عينيه عندما رأي اسمها ينير شاشة هاتفه، استأذن يعقوب من والده ثم نهض خارجاً كي يأخذ راحته في الرد عليها،
: السلام عليكم
لا يصدق أنها من تطلبه حقا فقد أخذ رقمها من هاتف سميه بعد أن رفضت أن تعطيه إياه،
: وعليكم السلام
رد بثبات طغي علي فضوله الذي تحول الي هيام سريعاً عندما هتفت حسناء بنعومة نبرتها:
أنا حسناء
رد عليها بهدوء بعد أن خدر حنين صوتها مشاعره :
عارف، خير في حاجه
تمتمت الأخرى بخجل :
هو يعني أنا كنت بكلم سميه وكانت بتعيط وفجأة الخط فصل ممكن تشوفها احسن برن ومش بترد
لم يستمع لما قالته من الأساس، فقد غرق في بحر نبرتها التي تنجح دائماً في خطفه ….. بقدرتها سحبه من عالمه الي عالم آخر مختلف لو رونقه الخاص
: يعقوب
هتفت باسمه عندما طال صمته فقال مسرعاً :
نعم
انكمش بين حاجبيي حسناء مردده بتعجب :
أنت مسمعتنيش
حمحم بخشونة وهو يستعيد صورته وأردف :
لا سمعتك خاليكي معايا ثواني
ترك الهاتف علي حافة الدرج ثم دلف متجه الى غرفة سميه، طرق الباب عدة مرات حتي فتحت إليه سميه بأعينها المتورمة، وعلي حين غرة التف عائد دون أن يتحدث مع تلك المذهولة من تصرفه…. علي الجهة الأخرى عاد يعقوب محله وهو يمسك الهاتف ويقول :
حسناء
ردت عليه بهدوء :
نعم
غمغم بكذب :
بتقولك سميه معلش هي راحت الحمام ومسمعتش رنتك
: ماشي شكراً
انكمش بين حاجبيه متسائلاً :
أنتِ كنتي متصله عشان كدا بس
اجابته باقتصار :
ايوا
لم يجد ما يقوله فتمتم بفتور :
طيب
جاءه انذار غلق المكالمة بدلا من ردها…. وضع الهاتف أمام وجهه وهو يغمغم باقتضاب :
ايه قلة الذوق دي
علي الجهة الأخرى ألقت حسناء الهاتف علي الفراش وهو تقلده بسخرية :
أنتِ متصلة عشان كدا
واستطردت بحنق :
اومال هكون متصلة عشان جمال عيونك
ونهضت كي تلحق بمروه للذهاب الي منزل عمها عبده لمساوة سمر والاطمئنان علي سعد
؛************
بالمنزل المجاور بالتحديد في الطابق الثاني، دلفت نيرة حاملة الجلباب الأبيض بعد أن قامت بكيه داخل غرفة الملابس…. أخذها سالم منها بعد أن صفصف شعره وهو يقبل جبينها :
تسلملي
ابتسمت بهدوء وهتفت بتوتر :
سالم هو انا ممكن اروح لامي ساعة وارجع علي طول
نظر إليها في انعكاس المرأة متسائلاً :
خير في حاجه ؟؟
فركت في يدها وهي تمتم :
كنت بكلمها وصوتها تعبان كدا
نثر عطره ثم أردف :
طيب البسي واوديكي قبل ما اروح لسعد المستشفى
تلجلجت نيره وهو تغمغم بتوتر :
لا مش لازم عشان متتأخرش وانا لسا هلبس وكدا
حدق بها لبرهه وهو يشعر بأمر مريب تحاول اخفاءه عنه…. حركة يدها ونبرتها المتوترة أكدا اليه حسه، ولكن لم يريد الضغط عليها أكثر وقال وهو يخرج :
برحتك بس متتأخريش
ما أن غادر ارتمت نيره علي الفراش وهي تتنهد بصعوبة وكأن ثقل يعتلي صدرها، منذ أن حدثتها تلك الحية التي تدعي سها كي تطلب منها أن يتوعدا في مكان ما كي تستمع إليها مره أخيره وهي تحاول اختلاق كذبة لتخرج،
فإذا علم سالم أنها لازالت تتواصل معاها ربما لن يسامحها أبدا خاصة بعد أن وعدته أن تقطع اي صلة بها حتي يعيشان في سلام ….
نهضت سريعاً تقتني ثيابها حتي لا تتأخر في عودتها كما أمرها سالم حتي لا يشك في حديثها،
؛***************
ارتدت عباءتها السوداء ذات التصميم الخليجي ولحقت مروه علي الدرج، هبطا الاثنتين والحديث الدائر بينهما جعلهن يغفلا عن الجلسان في سكون بجانب الحائط، حتي دارت مروه كي تري صورة الساعة التي تريد حسناء شرائها من أحدي المواقع….تسمرت محلها بخضة وهي تغمغم :
يـا ماما
التفت حسناء سريعاً تنظر هي الأخرى عما تحدق مروه، لتعود بخضة وهي تردف :
انتم مين ؟!!
لم يرد عمرو وظل جالس محله بسكون حتي أماني وضعة يدها أسفل وجنتها واكتفت بالتطلع إليهما، عادت مروه بسرعة كي تخبر والدها عن هؤلاء الغرباء الجالسين في بهو منزلهم،
: روحوا أنتم
أمرهن سالم بهدوء بعد أن رأي أنهما مازالا في منزله، تحركت حسناء والاستغراب يعتلي قسمات وجهها وكذلك مروه التي شعرت أنها رأت ذلك الشاب من قبل ولكن لم تتذكر جيداً
: مين دول ؟؟
تسألت حسناء بشرود لترد عليها مروه بتفكير :
مش عارفه بس حاسه ان شوفت الولد دا قبل كدا
ودت حسناء أن تشترك معاها في التفكير لولا أنها رأت خليل يخرج من منزل عمهم :
يـوه اهو دا القرف بـ عينه
نقلت مروه نظرها لتفهم قصد أختها، وهتفت باشمئزاز :
اسكتي دا مها ظبطته لما كان عندها امبارح وحاول يوقعها عشان يعرف ازاي خرجتي مع يعقوب قبل قراية الفاتحة والله يستاهل الـ عملته فيه
احتدت نبرة حسناء مردده بوجوم:
انا مش فاهمه هو شاغل نفسه بيا ليه
تمتمت مروه بسخرية :
دا الحمدلله أن مرتضي مش شبه
: ازيكم يا بنات
ابتسمت مروه بسماجة وقالت من بين أسنانها :
كويسين
نظر خليل الي حسناء وسألها مجددا :
ازيك يا حسناء
ردت مروه بدلا عنها باندفاع :
ما قولنا كويسين
أبتسم ببرود إليها وتطلع مره اخرى علي حسناء وتسألها وهو يبتسم :
ها الخطوبة عاملة ايه فيها
رفعت حسناء حاجبيها باستنكار، حقا لم تري مخلوق مثله من قبل …. لم تمنع نفسها من لدغه قائلة بامتضاض :
وأنت مالك بتسألني بأي صلة
ابهتت ملامح خليل والحرج يتراقص علي وجهه عندما ابتسمت مروه بشماته مردده :
من تدخل فيما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه
وتحركت خلف حسناء الي الداخل بعنجهية…… قابلهن قبل الدلوف الي باب المنزل ذلك المقتضب الوجه الذي شاهد المشهد منذ بدايته دون أن يستمع لتوبخيهم الحاد،
رمق عبدالله حسناء من أسفل إلي أعلي بحده وتحرك خارجاً، مما جعل حسناء تتعجب من نظراته الغير مفهومة بالنسبة إليها….. لم تكترث كثيراً واتعبت مروه دون أن يشغلها موقفه الذي ربما سيكون سبب في تعثر موقفها مع من بدأ بهوسه
؛؛؛؛؛؛
عودة إلي منزل المعلم الذي هبط الدرج وهو يأمرهم بجمود وقال بصرامة :
محدش عرفك إن مش بحب أعيد كلامي
شعر عمرو بلهيب ساخن يصفع وجهه فربما لن يكون الأمر سهل في إقناعه أو ربما لم يقتنع من الأساس….. تنهد المعلم بخفوت وهو يتطلع إلي أعين اماني المتورمة ووجهها الشاحب وهتف بأمر :
هتقعدي مع بناتي لحد ما تشوفوا هتعملوا ايه ولوقتها مشفش وشك هنا
انهي حديثه وهو يقصد عمر الذي تهللت أسراره وحرك رأسه بالموافقة بسعادة غامرة فـ الآن عليه فقط توفير الحماية من ذاك الماكر عز …. بينما بكت اماني بشهيق وهو تترجي سالم قائلة بتوسل :
لو سمحت خاليه هنا لو مسكوه مش هشوفه تاني
تهكم سالم وهو يشير علي عمروه مغمغم :
يا بنتي دا شحط يعني لو بات علي الرصيف ولا يهمه وبعدين لازم يتحمل مسؤولية قراره
رد عمرو علي أماني هو الآخر مردف براحة :
كدا أحسن ليا وليكي، أهم حاجة أن لو عز وقف علي ودانه مش هيعرف يدخل هنا متقلقيش عليا
ثم طبع قبلة طويلة علي جبينها وابتسم بهدوء وهو يتحرك خارجاً قلقاً من تغير قرار سالم….. راق تصرفه الي سالم وقد خيب ظنه تلك المرة أيضاً بذكاء، تطلع إلي اماني وقال لها وهو يشير الي الداخل :
تعالي
اتبعته بهدوء وهي تمسح وجنتيها، أكمل سالم بحنو :
اقعدي في اي اوضة من الجوه وانا هبعتلك بنتي هند تشوفك محتاجة ايه
أمأت بخفوت وأخرجت تنهيده حاره بعد أن عزمت أمرها بأخذ الثأر من كل يوم مر عليها تحت ظلمات تلك العائلة التي لم تري منها سوي القسوة وجحود القلب :
قبل ما ادخل في حاجات حضرتك لازم تعرفها
سألها سالم بعدم فهم :
خير ؟؟
همست بدهاء :
حضرتك قبلت تساعدنا وأنا هساعدك، في حاجات أنا أعرفها عن خالي منصور وجوزي كنت سيبها لما يفيض بيا وافضحهم أو ابلغ عنهم، وجه وقتها تطلع
؛***************
في مكان بعيد خارج القرية فتحت الرسالة تتأكد من العنوان المدون …….. طرقت جرس الباب بامتضاض والضيق يعتلي قسمات وجهها بوضوح … بقلم حسناء محمد سويلم
ثوان وانفتح الباب لتظهر تلك الحيه وهي تبتسم بخبث، أفسحت سها الطريق إليها كي تدلف وهي ترحب بحفاوة :
يا اهلا دا البيت نور والله
رمقتها نيره بغيظ ثم دلفت متمتمه :
عايزه ايه عشان مش فاضيه
مطت سها شفتيها مردده بمغالاة بالغة :
مكنش دا العشم يا صحبتي
واستطردت بخزي :
عمري ما تخيلت أنك تعملي معايا كدا يا نيره
صفقت نيره وهو تردف بسخرية :
لا بجد ممثله شاطره
واستكملت وهو تصيح بحده :
عايزه تخطفي جوزي مني تحبي اعاملك ازاي
رفعت سها كتفيها ببراءة وهو تقول بهدوء :
عادي
: دا أنتِ بجحه والله
توبيخ شرس خرج من نيره، تعبير عن مدي غيظها من تلك الوقحة…… ابتسم سها بخفوت وهي ترد عليها بشراسة مماثلة :
وأنتِ غبيه
ودت نيره توبخها بكلمات لاذعة ولكن اوقفتها بإشارة من يدها وهي تغمغم :
اسكتي
أكملت سها وهي تقف أمامها مردده بحنق :
أنتِ غبيه يا نيره عشان كدا متستهليش المكان الأنتِ فيه
فتحت نيره عينيها علي وسعهم مذهولة من الوجه الحقيقي لمن اعتبرتها أختها….. لم تكتفي سها بهذا القدر وتكمل حديثها ساخرة :
وغبيه عشان سمعتي كلامي وجيتي لحد هنا بعد ما جوزك اعترفلك بكل الأنا عملته
صاحت نيره بضيق وهي تشير علي نفسها قائلة :
فعلا أنا غلطانه أن عبرت واحده زيك
عقدت سها يدها أمام صدرها وهي ترمقها بشماته…. لم تنتظر نيره أكثر وخطت باتجاه باب الشقة، شهقة فزع خرجت من شفتيها عندما شعرت بشخص يحتضنها من ظهرها قبل أن تقبض علي مقبض الباب،
تحركت بهلع ثم دفعت ذلك الغريب بعيداً عنها وهي تنقل نظرها بينهم بعدم فهم….. ابتسم الشاب بسماجة وهو يردف بهمس وقح أمام وجهها :
ما لسا بدري يا حب
تسربت حبيبات العرق علي جبين نيره مع دقات قلبها المتسارعة كدقات الطبول، بلعت لعابها الجاف وهي تستمع الي سها وهو تهتف بدهاء :
معقول هتمشي قبل ما تشوفي أنتِ جايه ليه
اتسعت بسمت عماد ببطيء وهو يحدق في نيره التي تسمرت محلها ومازالت يسيطر فزعها علي قدرتها الاستيعابية…. وأخيراً تمتمت باضطراب متسائلة بقلق من نظراتهم الخبيثة المتبادلة :
تقصدي ايه ؟؟ أنا كنت جيت عشان …
قطعتها سها بمكر :
عشان تقبلي عماد، ها ايه تاني ؟!
تدلي فم نيره بذهول ثم صاحت باقتضاب :
عماد مين !! أنتِ بتقولي ايه ؟؟
رد عليها عماد وهو يتقرب منها رويداً :
أنا عماد يا حب
حاولت بقدر الإمكان السيطرة علي نبرتها المهزوزة كي تثبت إليهما قوة ثباتها الذي انصهر منذ البداية من التوتر والخوف :
حب ايه وزفت ايه علي دماغك أنت كمان
انكمش بين حاجبيي عماد وهو يردف :
يعني جايه بيتي عشان تشتمني
” بيتك !! ” نقلت نظرها إلي سها وهو تردد تلك الكلمة بعدم استعاب…. قهقهة سها بصخب وهي تحرك رأسها وتأكد حديثه قائلة :
اه بيته اصل نسيت اقولك أن كدبت عليكي ودي مش شقتنا الجديدة
أكملت وهي تشير علي عماد بزهو:
دي شقة عمده
صمتت ثواني وغمغمت بغل :
تخيلي بقا لما جوزك يعرف أنك جايه لشقة واحد تاني، لا وكمان نبعتله فيديو حضنكم وأنتِ ماشيه عصافير حب بقا
عادت نيره تنظر إلي عماد الذي أرسل إليها قبلة غامزا… ظلت دقيقة لا تصدق أن هناك أشخاص تستطيع التفكير بتلك الطريقة الدنيئة…
لم تجد رد توصف به كم قذارتهم وخرجت سريعاً تبتعد عن تلك البؤرة وهي تركض ….. والعبرات تتسابق علي وجنتيها لقد أصبحت رهينة تحت سيطرة كاملة منهما، بدأت في جلد ذاتها وانجرافها خلف مشاعرها لتصدق سها، ليتها نفذت أمر سالم بالابتعاد عن تلك الحرباء….بقلم حسناء محمد سويلم
؛*****************
: مش عجبك طلقني
قالتها وهي تتخصر غير مبالية لتصرفاتها الهوجاء …. احتدت نبرة ربيع مردف بغضب :
يا بنت الناس بلاش تختبري صبري عشان هتزعلي
لوكت مي العلكة ببرود مردده :
ونبي خوفت
فرك ربيع في لحيته وهتف بصرامة :
ومالو بس اسمعي التلفزيون هيفضل مفصول والتليفون مش هتشوفيه طول ما أنتِ معوجه كدا
اعتدلت مي بسرعة وصاحت بضيق :
يعني ايه أنت هترجع في كلامك، أنت قولت اسبوع وهترجعلي التليفون
ضحك بسخرية قائلا :
قولت لما تتعدلي مش تتنيلي اكتر
واستطرد بغضب :
بقا عيل مكملش 4 سنين تسبيه يدخل المطبخ لوحده والزيت يقع علي رجليه يا بارده
كست الحمرة عينيه مستكملا بوعيد :
يا شيخة قسما بالله لو كان حصله حاجه لكنت قتلتك
زفرت مي بملل مغمغمه بضجر :
يــوه ما خلاص بقا ومحصلوش حاجه والزيت طلع بارد عادي متعملش وجع دماغ
بلغه اليأس من إصلاح أحوالها معه أو حتي شعورها بالمسؤولية اتجاه الأطفال….. تكلم معها بالهدوء وبالغضب، عقابها بفصل شاشة التلفاز وأخذ هاتفها، هددها بالطلاق وحبسها بالغرفة ….
لم يريد بذل جهداً أكثر من ذلك هباءً وتحرك خارجاً متجاهل حديثها الساخط ولكن وقف علي كلمة جعلت العناد يتملك منه هو الآخر :
أنتِ قولتي ايه ؟؟
صاحت مي تجيبه بـ لامبالاة مكررة سُببها :
قولت خاليك راجل وعندك كرامة وطلقني
حدق بها لدقيقتين بسكون تام ثم أشار إليها مردف :
ادخلي البسي هدومك
لم تصدق مي ما تسمعه واسرعت بالدلوف الي غرفتها كي تبدل ثيابها …. وأخيراً نجحت في استفزازاه كي يطلقها،
ظهرت شبه بسمة علي شفتي ربيع وهو يراها خرجت اليه بسرعة والحماس يعتلي تعبير وجهها …. تحرك أمامها إلي أن هبط إلي الباب الفاصل بين الطريق وامسك معصمها يغير طريق سيرهم متجه إلي الطريق الخلفي الذي يؤدي إلى الحظيرة، حاولت مي فك قبضته عن معصمها وهو تهتف بتعجب :
أنت وخدني علي فين
اجابها وهو يدفعها بعنف داخل الحظيرة :
جايبك للمكان الـ بتنتمي ليه
نظرت مي بقرف حولها فكانت الحظيرة تحتوي علي عدد كبير من البقر والجاموس وهمست باشمئزاز :
وسع أبعد عني خليني أطلع من القرف دا
تجاهل ربيع حديثها وزمجر بصوته الخشن بريبه :
أنا في حياتي ما مديت ايدي علي ست ولا حتي المرحومة رفعت عنيها فيا من يوم ما اتجوزتها لحد ما ربنا خد أمانته
أكمل وهو يتقرب منها ببطيء :
بس دا مش معناه أن مش راجل ومعرفش ألمك مثلا
وعلي حين غرة امسك حبل غليظ وبدأ لفه حول يديها، صعقت مي من تصرفه المفاجئ ثم صاحت بذهول :
أنت بتعمل ايه ؟؟؟ أنت مجنون فكني احسلك
ابتسم ربيع برضى تام بعد أن قيدها بحرص ثم قال وهو يشير علي المكان :
هتفضلي هنا مربوطه جمب البهايم لحد ما تتعدلي وبرحتك بقا يوم ولا يومين انشالله أسبوع اديكي مأنساهم
وتركها واتجه خارجاً في صدمة جعلتها في حالة عدم استيعاب أنه بالفعل تركها وحدها بعد أن نفذ صبره من قلة ادبها معه،
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)