رواية بنت المعلم الفصل الثلاثون 30 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثلاثون
رواية بنت المعلم البارت الثلاثون
رواية بنت المعلم الحلقة الثلاثون
: أنت قولت ايه !!؟
سؤال خرج من سفيان بعدم استعاب لما قاله طلال للتو، تمني لو انها مزحه ظريفة ويأكد له ذلك….. لكن تعابير وجه طلال الجامدة واقتضاب ملامحه خير دليل علي جديته المتهورة،
عندما طال انتظار رده كرر سؤاله بحده طفيفة وعقله لا يتخيل حجم الكارثة :
أنت بتتكلم جد ولابتهزر !!
تأمل طلال الطريق بهدوء فصاح سفيان بنفاذ صبر :
أنت هتفضل ساكت كتير كدا رود عليا
زمجر طلال بضجر :
عايز تسمع أن متجوز عرفي ايوا يا سفيان
تأمل سفيان حركته اتجاه الفراش ثم ردد غير مستوعب تصرفاته :
طيب سيبك من أنك عملت كدا ازاي هتروح تقرء فاتحتك علي مروه انهارده
واستطرد بعدم تصديق :
أنا مش عارف ازاي قدرت تعمل كدا، أنت بتحط ابوك قدام الأمر الواقع
زفر طلال بخفوت هامس باقتضاب :
هو الجبرني أعمل كدا
تكتف سفيان مردف ساخراً :
لا والله هو عشان مش موافق علي البنت دي تروح انت تتجوزها عرفي
ثم استكمل مستفسرا :
وبعدين ازاي واحده محترمه توافق تعمل كدا واساسا الجواز ما هو إلا إشهار يعني الانتم مسمينه جواز باطل
رمقه طلال لبرهه وهتف بجمود :
أهلها عارفين علي فكرا
توسعت حدقتي سفيان بذهول وغمغم مدهشاً:
إيه !!!
سكون عم المكان لثوان قبل أن يتحرك سفيان للخارج قائلاً بمتضاد :
يبقا ابوك لازم يعرف
وقف طلال هاتف متهكما علي طريقة تفكيره :
ابوك لو عرف هيلغي جوازتي من مروه
دار سفيان إليه رافع حاجبيها باستنكار فمن بداية تلك الزيجة وهو يحاول مع والده لإلغائها، اقترب طلال منه مستكملا بتوضيح :
ولو جوزتي اتلغت من مروه انهارده بعد ما الناس كلها عرفت أن قراية فتحتنا انهارده تفتكر المعلم سالم هيكمل جوازتك من أمل
تسمر سفيان يحدق به باضطراب …. رتب طلال على كتفه قائلاً بتفكير :
الخطوبه هتم عادي ولما تيجي من مروه ترفض الجوازة المعلم سالم مش هيمانع انك تتجوز أمل
تعجب سفيان من تخطيطه المنظم كي لا يتقرف خطأ ولكن ربما غفل عن أهم شئ، لم يبدي سفيان كثيراً ليتسأل :
وبعدين
أجابه بشرود :
هقدر اقنع ابوك وقتها واتقدم لسوزي رسمي زي ما وعدتها
كاد سفيان بالرد عليه واعطاء رفضه القاطع لتلك الفكرة، ولكن قاطعهم طرق خافت علي الباب ودخلت اختهما الصغرى ( هيفاء) ذات الرابعة عشر من عمرها قائلة بملل :
سفيان بدور عليك من بدري
سألها متقصرا فهو يعلم مدي تفاهة تفكير وطلبات أخته :
خير
مطت شفتيها متمتمه بحنق:
بابا عايزك أنت وطلال عشان تختاروا الهدايا لعروستكم
“عروستكم” ردد طلال كلماتها ساخراً، لتردف بنفاذ صبر :
يــوه وأنا مالي بابا قالي كدا
دفعها سفيان بخفه قائلاً بنبرة باهته :
روحي واحنا جايين وراكي
تأكد طلال أن الجدال لن ينتهي مع سفيان بخير، فاستغل وجود هيفاء واتبعها دون أن يلتفت إليه :
استني انا جاي معاكي
تطلع سفيان بخطاهم حتي اختفوا من أمامه….. لا ينكر غضبه من تصرف طلال وعدم تصديق ما فعله، إلا أن إعجابه بأمل يطغي علي غضبه …. لم تلفت احداهن نظره مثل أمل من قبل وشعور الارتياح اتجاهها يقوده الي إتمام زيجته، اتبعهم بهدوء مقرر عدم البوح بشيء أو حتي معاتبة طلال إلا بعد مرور اليوم بسلام، حتي لا تتدهور علاقته باكراً علي الأقل،
؛******************
عوده إلي منزل المعلم سالم الذي وضع كوب الشاي من يده بعد أن وقعت كلمات رنا علي أذنه بوضوح….. بلعت رحمه لعابها بتوتر وهي تراه ينهض من مقعده متقدم إليهن، بينما مالت مروه بالقرب من أمل هامسه :
مش ابوكي كان مقطعنا أسبوعين أن شاء الله بعد الـ رحمه بتعمله هيتبري مننا
عادت رحمه خطوة الي الخلف متهته بخوف :
لا دا والله مفيش كدا
وقف سالم أمام نيرة متسائلاً بهدوء :
أنتِ قولتي ايه ؟!
ابتسمت رنا بسعادة مردده بتعجب :
حضرتك والد رحمه
واستطرد بدهشة:
Impossible
ثم أشارت إلي رحمه متسائلة باستنكار :
معقول دا مخلف 7
انكمش بين حاجبيي سالم من بلاهتها وتسأل مره اخري بحده طفيفة:
اظن أنا سألتك ايه الكلام الأنتِ قولتيه أول ما دخلتي وعندك دليل؟!
عندما احتدت نبرته وعت رنا ما فعلته وخاصه أمام وجه رحمه الشاحب وطريقة فرك يدها المرتعشة، هتفت بأسف :
لا يا عمو حضرتك فهمتني غلط أنا كنت بهزر مع رحمه مش اكتر
حدق بها مردد بجمود :
والحاجات دي فيها هزار
انهي حديثه وهي يرمق رحمه التي نظرت إلي إخوتها مستنجدة، تلقت خيريه الإشارة من مروه كي تهدأ والدها وتخبره حقيقة الأمر فهتفت بخفوت :
يابابا رحمه خطها واقع منها من أسبوع ومش معاها أساساً
استجمعت رحمه قواها وقالت هي الأخرى تدافع عن نفسها :
اه والله وتلفوني شلته خالص حتي سيبته مع مروه لما اصلحه
لوي سالم فمه مغمغم متهكما :
هو ضاع ولا عايز يتصلح
تمتمت بفتور بعد أن فرت الكلمات من لسانها كما فر الدماء من عروقها…… استطاع سالم بنظراته معرفة صدقها فهو يعلم جيداً اسلوب كل واحده منهن في قول الحقيقة أو اختلاق الأكاذيب،
تطلعت رنا الي رحمه تقول متعذرة :
أنا اسفه بس كنت بهزر والله
دار سالم يأخذ مفاتيحه وامسك عصاه مستعد للخروج كي يلقي نظرة اخيره علي العمال قبل صلاة الجمعة حتي لا يكن هناك خطأ وقت الافتتاح البسيط،
نهضت صباح خلفه تقول بحنو :
طيب اقعد كمل فطارك يا حاج
ألقي نظره اخيره علي رحمه واردف بجمود :
الحمدلله
تنهدت بوهن بعد أن خرج ثم نظرت إلي رنا هاتفه بضيق :
ايه الأنتِ عملتيه دا
ضحكت رنا متمتمه بمزاح :
Sorry بجد
صوت مصمصة شفاه صدح من خلفها ولم يكن من الصعب معرفة رحمه من هي، بالطبع مروه لن تصمت طيلة وجود رنا خاصه بعد تأملها لثيابها التي لا تليق الخروج بها من غرفة النوم، وحجابها الذي ينتصف خصلات شعرها….
نهضت خيريه وهي تمسك شطيرة تقطم منها :
أنتِ نسيتي تلبسي وأنتِ خارجه
قطبت رنا جبينها متسائلة بعدم فهم :
نعم ؟!
كادت مروه باللحاق بما تفعله خيريه ولكن رحمه كانت الأسرع لتمسك معصم رنا تسحبها خلفها صاعده لطابقهم،
ومن ثمّ نظرت ناديه الي أمل متسائلة بحنق :
البت دي تعرف أختك من أمته
رفعت امل كتفيها بلامبالاة مجيبه بهدوء حتي لا تكشف ولدتها معرفة رحمه بـ رنا منذ بداية العام الدراسي :
مش عارفه
دار الحديث الساخط عن والدي رنا وكيف يسمحن بخروج ابنه في نبوغ عمرها بمثل هذه الملابس…. ومنذ متي والفتيات يسمحن لهن بالسفر والمبيت عند أناس ليس لهم صله أو معرفة من قبل،
استأذنت هند بالصعود مع حسناء للاعلي محاولة تهوين أمر خطبتها وأنها مجرد فترة روتنيه منعا للحديث الغير مستحب في قريتهم،
؛******************
في الخارج جلس محمود وابن عمه يشرفا علي تنظيم الصوان بحرص، طبقاً لأوامر عمهم سالم علي نصب صوان في بهو منزله كي يستقبل زواره بالإضافة إلي مساعدة مرتضي في تقسيم الذبحتين كي يفرغي قبل صلاة الجمعة،
؛*********************
زفر بملل للمرة الخامسة علي التوالي في نفس الدقيقة، عندما رأت حسنيه ضيقه هتفت بسعادة :
يا خويا عريس وحقه يجهز زي ما هو عايز
ضيق عزيز عينيه مردد باستهجان :
بقالنا ساعة واقفين مستنين معاليه
واستطرد بحنق إليهم :
مش هنفضل واقفين في الشارع كتير يلا امشوا وانا هستناه ونروح علي المصنع
تحرك علي مع زوجته وبجانبه عبدالله وزوجته، وخلفهم امسكت فايزه في كف سليمان تتحرك بثقل مع بطنها المنتفخ لدخولها في الشهر السابع، وبجانبهم مايسه وشريف وأخيراً سميه وحسنيه التي تحمل حقيبة هدايا للعروس،
اما عزيز أخرج هاتفه كي يجري اتصالاً ليسرع، من الأصول أن يكونا الان مع سالم ليس أن يذهبوا آخر الوقت،
علي الجهة الأخرى هبط يعقوب الدرج وهو مشغول في غلق ساعته حول معصمه بأحكام، ثم ألقي نظره اخيره في المرآه يتأمل هيئته الجذابة فقد حرص علي أن تكون طلته غير معتادة في مثل هذه المناسبات…. ارتدي قميص أسود مع سروال من نفس اللون، بالإضافة إلي حزام وحذاء باللون الجملي ولن تختلف الساعة عن لونهم، وصفصف شعره بشكل جذاب مع ذقنه المهندمة،
رمقه عزيز بحنق ثم تحرك دون أن يضيف، ومن ثمّ لحقه هو الآخر غير راضي أبدا علي طريقته في تلك الزيجة،
؛***************بقلم حسناء محمد سويلم
بعد صلاة الجمعة خرج المعلم سالم مع المسجد ومعه جابر وعبده ولحقهم عادل مع باقية كبراء أهل القرية…. في كل خطوة يتقدم فيها كان عدد الرجال يزداد خلفه من أهل القرية أو القري المجاورة مباركين إليه، فقد استطاع كسب محبة الجميع بمعاملته الحسنه وأسلوبه الرزين في حل مشاكلهم….
كان مرتضي يقف مع منير عند بوابة المصنع منتظرين قدومه، دهشه علت علي وجههن من العدد الكبير الآتي باتجاههم فقال منير بذهول :
ايه دا عم مرتضي دا الدبحيتن لا يمكن يكفوا عدد الناس دي
أيد مرتضي حديثه وهتف بقلة حيلة :
واحنا هنعمل ايه، مش مشكله اهم حاجه كل يرجع مرضي
وقف الجمع بهدوء عندما بدأ أمام أحدي المساجد بألقاء خطبة الافتتاح، ثم آمنوا خلفه عندما بدء بالدعاء للمعلم ولصالح أحواله وأن يجعل المصنع فتحة خير عليه وعلي أهل القرية بأكملهم،
تقدم سالم إلي الأمام يمسك بخيط رفيع يشده للأسفل، لتزيح قماشة ضخمه تغطي للائحة الكبيرة التي تعتلي الباب الحديدي لمصنعه
” مجمع مصانع المعلم سالم سويلم ”
” للأعلاف الحيوانية ”
استقبل المباركات بحفاوة فقد جاء الصغير قبل الكبير كي يبلغه سعادته البالغة بعودة اسمه للأسواق مره أخري …. ولكن بشكل أوسع ربما اتي الحريق كي يساعده في البدء بتلك الخطوة وتوسيع مصنع إلي مجمع مصانع،
وقف محمود وسالم جابر بجانب مرتضي منتظرين إشارة البدء في توزيع الاكياس البلاستيكية التي قسمت الذبحتين بها بالتساوي، وما هي إلا ثوانٍ وبدأوا بالتحرك داخل الحشد وكل واحد منهم يحمل صندوق خشبي به بعض الاكياس، انضم إليهم عامر واكرم وربيع كي ينجزوا سريعاً،
” مهما حاولت إقناع الذبابة بأن الوردة أنظف من القمامة لن تفهمك، ومهما أعطيت الاناني كنوز لن يرها ”
حاول قدر الإمكان السيطرة علي نفسه الدنيئة ولا ينجرف خلف تفكيره وفضوله لي تعكير صفوه في مناسبته المميزة …. لكن كلمات رجاله ووصفهم بالمشهد اليه، وكيف اثبت اليوم أن المحبة التي تكمن في قلوب الناس باتجاه سالم جعل الدماء تفور في رأسه كـ غلاية مياه تضرب ببعضها فوق شرارة النار،
ارتجل من السيارة بغرور وعنجهية لا تليق علي من في موقفه خاصه تحت نظرات الأهالي الساخرة، صدح منصور يأمر السائق بكبر بأن ينتظره ثم دلف وسط الحشد ببسمة تعلو ثغره،
علت الهمهمات من حوله مستنكرين أفعال آل عزب التي تخطت الأصول وبمجرد دخل منصور الي أرض قريتهم تبطل الاتفاقية التي نشبت علي أسس صامدة، ابتسم سالم بهدوء مردد بحفاوة جعلت الصدمة تحتل قسمات من حوله :
مستنيك من بدري يا راجل
رفع منصور يده يصافحه وهو يردف بابتسامة :
مقدرش أتأخر في يوم زي دا
بداله سالم المصافحة ثم أشار علي لائحته قائلا بدهاء :
أكيد ما أنت لازم تفرح بنجاحي
تأمل منصور اللائحة بهدوء عكس النيران المتأججة بداخله هو يري انتصاره للمره الثانية، خرج من شروده علي صوت سالم وهو يهتف ببسمة صغيرة :
هات يابني حاجة الحج منصور
ثم دار متسائلاً بحنكة :
مش حج برده
أمأ منصور إليه متأكداً بزهو :
الحمدلله
خرجت قهقه خافته من شفتي عزيز مغمغم :
معلش اصل الناس الـ بتكون زايره بيت الله بيبان عليها
ضحك البعض علي مخزي حديث عزيز …. تجاهله منصور واقترب من سالم يردف بقلق اصطنعه :
طيب متفرحش اوي احسن ولاد الحرام يولعولك فيه تاني
رتب سالم علي كتفه متمتم بريبه إصابته بالقلق حقا :
متقلقش ولاد الحرام هعرف ألمهم بطريقتي
ثم قدم اليه حقيبة بلاستيكية ممتلئة بنصائب من أكياس اللحم مستكملا بهدوء :
نورت
أشار منصور إلي سائقه بأن يأخذ الحقيبة من سالم ثم تحرك اتجاه سيارته، واختفي من أمامهم تارك أثر حقد دافع قوي كي يدمر تلك الجلسة الجميلة ولكن ربما لم يأتي بعد … فتح نافذة السيارة يلقي الحقيبة بغل للخارج، جعل سائقه يرمقه حانقا لما ألقاه فقد تكفي لإطعام أسرة بأكملها وهو ألقاها علي مرمي يده،
؛*********
أما في المنزل امتلأ مجلس النساء بكثرة وفي المنتصف جلسن العروس الثلاث، اولهن كانت أمل التي ارتدت فستان بلون السماء مزخرف ببعض الكريستال من علي الصدر، تاركه خصلاتها بسلاسة مع مشبك كرستالي فوقه،
وبما أن المجلس نساء فقط لا يشترط حجاب إلا عند خروجهن لالتقاء عرسانهن….. أما مروه كانت أبرزهم مع فستان أحمر صارخ يتماشى مع أطراف خصلاتها التي تكاد تصل إلي اول أكتافها….. بجانبها كانت صاحبة الفستان القرمزي التي اختارت تصفيفه مختلفة عبارة عن ضفيرة تلملم بها خصلاتها علي شكل سنبلة وبعض الشعيرات المتمردين حول وجهها،
علت الزغاريد المجلس مع سماع أصوات الرجال بالخارج دليل علي قدومهم من المصنع، دقائق وضرب سعد الباب بقوة كي ينصتوا إليه يخبرهم بأن يقرأون الفاتحة، رفعت كل واحده يدها تقرأ في همس….. ليصدح أصوات المباركة الأتية من مجلس الرجال،
نهضت ناديه تزغرد بحفاوة واتبعتها صباح صاحبة الزغاريد المميزة….. في تلك الأجواء السعيدة أرادت هيفاء بأن توثق لحظاتها مع زوجات اخويها مستقبلاً بالتقاط بعض الصورة، ولكن وجدت الرفض القاطع من نجاة بأن ممنوع التقاط اي صور داخل مجلس السيدات،
؛؛؛؛؛؛
في مجلس الرجال ضرب سفيان الهاتف بخفة بعد أن ارسلت هيفاء رسالة تبلغه فشل التقاطها بعض الصور إلي أمل…. بينما نهض سالم يدلف إلي الطرقة الفاصلة بينهم وبين مجلس النساء متنحنح بخشونة، جعلت صباح تنهض خارجه تلبي طلبه،
هتف بهدوء وهو يعطي ظهره للباب حتي لا يظهره إليهن :
نادي للبنات يا ام هند
ابتسمت صباح ثم هتفت إلي مروه وأمل وحسناء بأن يرتدون حجابهم للخروج مع والدهن…. دقيقة ثم خرجت أمل واتباعها حسناء ومروه التي مازالت تلملم شعرها القصير بحرص، لم يمنع نفسه من تأمله إليهن شعور لن يستطيع وصفه بأن جزء من روحه سوف يسلب مع خروج احداهن من منزله، اقنع نفسه بأن هناك بعض الوقت لذلك الشعور فتلك مجرد خطبة،
: كل واحده هتدخل تقعد مع عريسها في المجلس الخلفي
تحرك أمامهم ثم انتظر دلوف أمل وبعدها مروه وعند دلوف حسناء أوقفها مردد بهدوء :
أنا عارف انها فتره وكل دا هينتهي بس الناس البره متعرفش لما تشوف يعقوب خارج وسفيان وطلال كل واحد مع عروسته
واستطرد بحنو فشل في اخبائه :
دقيقة ولو عايزه اطلعي
أمأت بهدوء والسعادة غمرت قلبها … بالرغم من اعتراض تلك الزيجة الا ان شعورها بالسعادة أن والدها تحدث معها بعد مقاطعته للنظر في وجهها حتي،
في الداخل :
اتجهت أمل الي المعقد المجاور الي سفيان تجلس بهدوء ومقابل لهم جلس سالم يرتشف من كوب العصير بتلذذ،
بينما جلس محمود امام طلال ومروه يرمقهم بضيق بادي،
وأخيراً جلس سعد مستند علي المعقد واضع ذقنه أعلي راحته يتأمل يعقوب وحسناء بهيام،
كانت أوامر المعلم سالم بأن يجلس واحد منهم فقط في أول المجلس لبعده عن أهل المنزل ولا يصح بأن يختلي احداهما ولم يعقد قرانهما بعد، ولكن كان للشباب رأي آخر وقرر بأن يستغلوا تلك الفرصة في إفساد أسعد لحظات المعرس الجدد،
اقترب سفيان قليلاً يهمس الي أمل التي تتأمل الأرضية والخجل بادي في حركاتها :
دا أنا امي دعيالي والله
ابتسمت أمل بحياء دون أن ترد فهمس مره اخري بحنو :
طيب حني عليا وبصلي طيب
حركت أمل رأسها بالرفض وتمتمت بخجل :
لو سمحت بلاش كدا
ابتسم سفيان مردف بمراوغة وهو يتأملها بحب :
بلاش حاضر، طيب ينفع اقولك أنتِ ازاي حلوه كدا
كست الحمرة وجنتي أمل ونظرت للجهة الأخرى حتي لا يستطع رؤية حالتها،
: هو بيقولك ايه
اختفت بسمة سفيان عندما استمع لسؤال سالم الغليظ، رد عليه متهكما بدلاً منها :
وأنت مالك ما تخليك ف الانت بتشربه واسكت
ضرب سالم الكوب أعلي الطاولة أمامه بعض أن شرب محتواها، ثم هتف بحنق :
لا مالي
وابتسم بسماجة مستكملا :
وبعدين اتزحزح لآخر الكرسي ومتلزقش فيه كدا
رفع سفيان حاجبيه مغمغم مستنكراً :
ما تيجي تقعد وسطنا أحسن
أشار سالم إليه مؤيد فكرته بسلاسة :
طيب والله فكره
تدلي فم سفيان مندهشا عندما رأي سالم ينفذ حديثه وينهض متجه إليهم ثم جلس الي الطاولة الصغيرة بين مقعده ومقعده أمل، بينما قهقه أمل بخفوت فهي تعلم العيب أولاده اعمامها،
بجانبهم أخرج طلال هاتفه يلهو به حتي تنتهي تلك الجلسة المملة، نعم هو رجل ويفهم نظرات محمود جيداً ولكن ما لم يفهمه لما يري الامتضاد في ملامح مروه من تلك النظرات….. اراد محمود أن يجلس يتأملهم كي يردع أي شعور اتجاهها، ويعلم ما وصل إليه بعد رفض ميادة للرجوع إليه وترك أطفاله، والآن حبيبة عمره تجلس بجانب رجل آخر وبعد مده ستصبح علي اسمه وتنجب أطفاله،
كان في عالم يذق فيه مرارة الضياع بين واقع مؤلم ومشاعر مبعثرة، تمني لو لثوان يعانقها بقوة لسنوات من فراق حبيب أمام أعينه تارك القلب حائر بنيران الاشتياق، بقلم حسناء محمد سويلم
لمحت السحابة الحزينة التي ملئت ملقتيه، تمنت لو تدخل الي عقله تعرف بماذا يفكر الان، تطلعت الي طلال الذي لم ينظر إليها من اول الجلسة من الأساس حتي لم تسمع صوته وكأنها شيء شفاف لا يبالي به، عادت بنظرها تحدق بمحمود لأول مره تشعر بالحيرة خوفاً من تضيع حبا جلي يظهر في أعين من يحبها وتسلك طريق آخر لا تعلم ما يأتي إليها منه،
أما حسناء التي لم تكتفي من الضحك علي تعبير وجه سعد التي دفعتها للقهقه بشدة
: خير ما تضحكيني معاكي
تجاهلت نبرته الساخرة مردده بفتور :
بلاش اضحك يعني
رمقها يعقوب بطرف عينه فقد استطاعت بطلتها أن تسلب تركيزه إليها بسهولة، عندما ذادت في ضحكها زمجر بضيق :
لا مش طريقة كدا
دارت بوجهها تطلع إليه كي ترد عليه ولكن تسمرت عندما لاحظت هيئته وثيابه التي لأول مره تراه يرتدي شيء آخر غير جلبابه المميز لديه، التفتت بوجهها بعيداً عنه دون أن تتحدث فرفع حاجبيه مغمغم باستهجان :
ودا اسمه ايه أن شاء الله
حركت رأسها بيأس مردفه بخفوت :
عايز ايه يا يعقوب وتعدي القعده دي
محت بصوتها الهادئ ولطف نبرتها اي كلمة كانت علي طرف لسانه وشرد في تلك الفتاة ذات التركيبة الغريبة…. حمحم ثم أردف بهدوء :
مش عايز
دارت إليه قائلة ببسمة :
شكراً
واستطردت بتوضيح :
ومفيش داعي لاي تظاهر بالخطوبة لان بابا عارف اتفقنا وهما اسبوعين وكل واحد يروح لحاله
حدق بها بضيق وهتف ساخراً :
بسم الله ما شاء الله عليكي بتعرفي تفكري زي ما بتعرفي تتصرفي
بسهولة استشفت السخرية النابغة في أسلوبه الذي لم يروق إليها، واحتدت نبرتها متحدثة بكبرياء :
اه بعرف اتصرف وطالما ابويا واهلي عرفين أنا بعمل ايه ميهمنيش من حد ولا بيفرق معايا حد
رسالة صريحة ألقتها قبل أن تنهض الي خارج المجلس، قبض علي كفه بقوه فقد انتصرت عليه بحنكة ردها تلك الجولة الصغيرة، هون علي نفسه ثم نهض هو الآخر يخرج من المنزل بأكمله لعن حظه في وقوعه في دوامات التفكير وتأنيب ضميره اليه دائما كي لا يظلمها
: وأنت مالك هما اسبوعين وتروح لحالها متشغلش بالك بقا
كلمات قالها لنفسه يقنع عقله لسهولة الأمر، لا يعرف أن مصيرها أصبح تابع الي اسمه عنوة عنهما،
؛******************بقلم حسناء محمد سويلم
ركضت بفزع تصعد الدرج وهي تلهث من شدة خوفها حتي دخلت الي الغرفة والهلع متمكن من ملامحها
: عمر
نداء استغاثة نطقت به أماني بعد أن استمعت لحديث والدتها مع عز عن فتاه مسكينه تعمل في منزلهم، مالت بجزعها تهزه بحده مردده اسمه بخوف :
عمر اصحي
وضع عمر رأسه في الوسادة يغمغم باقتضاب :
ما هو طالما عمر وجايه تجري كدا يبقا مصيبه
ثم انتصف مستكملا بضجر :
اصل المصايب مش بتحلي غير وأنا نايم
لطمت اماني علي وجنتيها بهلع وهي تقول :
مصيبه امك هتعملها
بلع عمر لعابه بتوتر متسائلا باستفسار :
في ايه ؟!!
سحبته من معصمه ثم وقفت أمام النافذة هامسة بنبرة مهتزة :
في بنت تحت امك حبستها لحد عز ما يجي
قطب جبينه باستفهام وقال بعد فهم :
حبستها ليه وايه دخل عز
هتفت اماني بتوضيح والخوف يعتلي ملامحها :
سمعت خديجة الشغالة في المطبخ بتعيط فطلعت اشوف في ايه لقيت ماما وخالي بيزعقوا وعاملين يقوليلها شغالة لصالح مين
واستطردت برعب :
وبعدين لما مردتش تقول ماما هديدتها أنها هتسبها لما عز يجي ويسلم عليها لحد ما قالت إن ابن اخو المعلم سالم كان عايز منها حاجه بس متعرفش هي ايه
هتف بعد فهم :
وبعدين
أشارت اماني من النافذة علي غرفة مظلمه تبعد قليلاً عن المنزل ولكن في حدوده :
ماما حبستها لحد ما عز يجي ويسلم عليها عشان خانتهم
نظر عمر الي الغرفة بضيق من تصرفات والدته، فهو يعلم جيداً معني كلمة سلام عز علي فتاه…. دون أن يفكر كثيراً اخذ هاتفه ثم خرج متجاهل نداء أخته،
لا يعلم آخر الطريق التي تسلكه والدته ولما من الأساس تقترف مثل هذه الأفعال، نجح في فتح القفل بسهولة باستخدام سلك معدني رفيع… ثم اشعل إضاءة هاتفه بأرجاء الغرفة المظلمة، استمع لصوت شهقة خافته فاتجه للإنارة باتجاه الصوت، وجدها تتكور علي ذاتها بخوف فقال بهدوء :
متخفيش أنا جاي اخرجك
حدقت الفتاه ( خديجه) به ثم وقفت تستغيث به بعد أن علمت هويته :
استاذ عمر الحقني بالله عليك
أمأ إليه مطمأن ثم سحبها خلفه :
متخفيش تعالي
بطريقة ما علم طريق لباب خلفي للمنزل استغله في الخروج ثم أشار علي الطريق قائلا بحذر :
اجري بسرعة قبل ما يعرفوا أنك هربتي
تطلعت خديجة الي الطريق المظلم وتمتمت بخوف :
لا متسبنيش أنا مش هعرف امشي في الضلمه دي
استمعا الاثنين لصوت صياح اتي من خلفهم فأغلق عمر الباب وأمسك كفها يركض بأقصى سرعته وهي تلحق به بصعوبة ….. ظل يركض حتي خرج علي الطريق الزراعي وهتف وهو يلهث :
يلا اجري وابعدي علي قد ما تقدري
تنفست خديجه بصعوبة ثم أردفت بتوتر :
امشي فين دا طريق مقطوع وأراضي زراعية
رفع عمر كتفيه بلامبالاة مردده ببرود :
أنا كدا عملت الـ عليا برحتك بقا
ترقرقت ملقتيها تسأله بحزن :
يعني لو أختك ترضلها كدا ؟!
شعر عمر بالملل من ضميره المصحصح دائماً فتلك النقطة تعلمها خديجة جيداً بعد عملها في منزلهم لفترة ليست بقليله، وتتيقن بأنه ليس يتصف بأخلاق عز ولا سيف وطبعه الهادئ الفكاهي يختلف تماماً عن والدته،
: هتروحي فين ؟!
تساءل بفتور لتسرع مجيبه بقلق :
وصلني لحد مدخل بلد المعلم سالم وأنا هكمل
خطي أمامها مردف بعبث:
ها قوليلي بقا كنتي بتفتني عن بيتنا لصالح مين بقا
انكمش بين حاجبيي خديجه مغمغم باقتضاب :
ايه بفتني دي
ضحك عمر وقال متهكما :
قول يعني امي قفشتك وأنتِ علي سجادة الصلاة
احتدت نبرتها مردفه :
علي فكرا أنا أصلا كان عندي فضول اعرف ايه جواه بس
تسمر عمر متسائلاً بفضول :
هو ايه ؟!
: البدروم
أجابه سلسلة نطقت بها خديجة لتزيد فضول عمر ويسأل مستفسرا :
بدروم ايه ؟! وايه جواه مش فاهم !!!
وقفت خديجة فجأة وتحولت ملامحها لذعر متهته بتعلثم :
أنت عايز مني ايه ؟!
رفع عمر يده بجيبها بهدوء :
هعوز منك ايه يا بنتي
عادت لخطواتها للخلف تمتم بخوف :
أنت معاهم وجيبني هنا عشان تعمل زي عز
: ودا شكل واحد يعرف يعمل زي عز برده
تحدث مستهجنا اتهامها الذي لا يصفه بتاتا… رمقته خديجة لثوان وقالت بتفكير :
لا بصراحه
واستطردت بشك :
ما هو بصراحة سؤالك عن الـ في بدروم هو الخلاني أشك
هتف عمر بصدق وقد بدأ في التقدم سيرا :
عشان أنا فعلا معرفش أنتِ بتتكلمي عن ايه
لحقت خديجة به مردفه بحماس :
عن الـ منصور وهاديه مخبينه في البدروم الخلفي للبيت ومستحيل حد يروحه غيرهم، كان خلاص فاضل تكه واعرف
بهتت ملامح عمر من تفكيره السوء لأفعال والدته فتسأل بخفوت :
وايه عرف المعلم سالم بيه
إجابته بتوضيح :
مش المعلم سالم المكلمني دا ابن أخوه
حرك رأسه بعدم فهم مردد :
ودا عرف منين أن في حاجه في البدروم !!!
إجابته بشرود :
شاف منصور وهو موقف عربيه قدام بابكم من ورا حملوا حاجه وطلعت ساعتين ورجعوا تاني بنفس الحاجه
تقدم في السير وتفكيره يسبقه في العثور علي أجابه لتلك الأسئلة …. لما لا يعرف عن ذلك الحديث شيء؟! حتي أنه لم يلاحظ شيء يلفت انتباهه لتلك النقطة سواء علي والدته أو منصور، خطت خديجة بجانبه تدعو الله بأن يحفظ اختها الصغيرة والدتها العجوز حتي تذهب الي سالم وتستغيث به وينقذهم من بطش هاديه عندما تعلم بهروبها،
؛*******************
بعد رحيل الجميع وقف عامر أمام المعلم سالم ينتظر رده بحيره من تفكير ذلك الرجل :
ايوا يعني حضرتك هنبدأ بايه اول حاجه تجهيز التلجات وهنكلم الفلاحين الأول
ابتسم سالم علي حماس عامر الواضح في نبرته والحاحه علي البدء في المشروع، ثم هتف بهدوء :
ولا دا ولا دا
اقتضبت ملامح خوفاً من رفضه لشراكته في مشروعه ولكن تحولت لصدمه عندما سمعه يكمل بدهاء :
اطلع الآثار الاول وبعدين نفضي البيت عشان تعمل الانت عايزه
حدق عامر بصدمه كست قسمات وجهه ثم تسأل بعدم استعاب :
هو حضرتك مش خايف أبلغ عنك
رتب سالم علي كتفه بفخر وقال :
جدع
وأكمل بوقار :
بس دا لو حد صدقك
ثم أشار إليه بهدوء استفز عامر لأبعد الحدود :
علي العموم اسبوعين من دلوقتي تقدر تنفذ المشروع
أمأ إليه بفتور ثم رحل باتجاه اكرم الجالس مع سيدة
مسنة يتسامر معها حين انتهاء عامر،
بينما دلف سالم إلي منزله وشعور الارتياح يغمر صدره فالوقت المعهود يتقرب رويداً
: خال
وقف فجأة عندما استمع لصوت لم يتخيل أنه سيأتي الي هنا مرة أخري، اقترب أحمد منه بعد أن تأكد من رحيل الجمع وحرص علي اقتناء الوقت المناسب كي يستطع التحدث معه،
هتف سالم مقتصراً :
نعم
فرك أحمد طرف أنفه توتر مغمغم بخفوت :
عايز اتكلم معاك شويه
استند سالم عصاه علي الحائط وهو يقول بجمود :
والله أنا طول النهار مكنتش فاضي وحالياً برده مش فاضي
حرك أحمد رأسه وتحدث بكبر :
تمام يبقا عايز اتكلم مع مراتي
ابتسم سالم بخفة ورد عليه بكبرياء مماثل :
مش فاضيه
لم يتحمل أحمد فكرة أن سالم يسخر من عدم قدرته على الإنجاب كما خيل له عقله فصاح بغضب :
مش فاضيه تفضالي يا خال
نظره اليه بحده واعينه القاتمة خير إنذار لما سينفجر الآن، حاول أحمد تخطيه صاعدا الي الأعلى فقطع طريقة مردد بصرامة :
وقسما بالله يا أحمد لو مختفيت من قدامي لاندمك علي اليوم الاسود الامك جبتك فيه
دفعه أحمد بعنف هادر باستهجان ونسبة المخدر الذي تناوله في لفائف تبغه أفقدته صوابه :
حيلك يا خال أنت راجل كبير ومش حمل بهدلة
عند ذلك الحد علم سالم أن أحمد ليس بوعيه أبداً، بالإضافة إلي حركت جسده الغير منتظمة… ولكن تخطيه للأدب وخروجه عن قاموسه لن يمر مرور الكرام، أمسك عصاه ثم هوي بها علي رأسه مردد بتهكم :
ونسيت ان ممكن اكون خرفت يا أحمد
ترنح أحمد وهو يمسك رأسه بيده بألم ثم اعتدل يخرج شيء من جيب سرواله مغمغم وهو يترنح والدماء تسيل من رأسه :
عليا الطلاق يتكون جنازتك يا جنازة بنتك لو مطلعت وروحت معايا
انهي حديثه بحركة خاطفة يخرج بها نصل ماديته ( مطوه) أمام عينيه،
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)