رواية بنت المعلم الفصل الثالث عشر 13 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثالث عشر
رواية بنت المعلم البارت الثالث عشر
رواية بنت المعلم الحلقة الثالثة عشر
جحظت أعين يعقوب بصدمه بما تفوت به والده للتو، بينما تطلع المعلم سالم إلي سعد فقال باندفاع ليبرر نفسه :
والله ماعرف هو بيتكلم عن ايه يا عمي
هتف عبدالله وهو يحاول التخلص من بين يدي أكرم كي ينقض عليه :
سبني عشان اعرفه ازاي يتكلم علي اختي مع الصيع الـ شبهك
اقترب يعقوب من والده قائلاً بجمود مثل ملامحها المقتضبة :
ايه يابا الكلام الـ عبدالله بيقوله دا
نظر عزيز الي سعد بغل وما كاد أن يتحدث ليقطع وصلتهم دلوف رجل من القريه يحاول التقاط أنفاسه وكأنه كان يركض أميال، نظر الي عامر وقال وهو يلهث :
أخيرا لقيتك يا راجل
رفع عامر حاجبيه بتعجب فمن يعرفه بتلك القرية، وكذلك المعلم سالم الذي سأله بتعجب :
خير يا سيد فيه ايه
تطلع سيد إلى سالم وهتف وهو يشير علي عامر :
البيت الضيفك شاريه بيولع والناس مش عارفه تطفيه
تفوه عامر بدهشه :
بيت مين
كرر الرجل حديثه ولكن تلك المرة بنفاذ صبر :
البيت الانت شاريه من عباس بيولع والناس مش عارفه تطفيه وشكله هيشبط في البيوت الجنبيه
ظل الكل يتأمل بعضهم في صمت مما يحدث منذ صباحية النهار، والمصائب التي تتولي بشكل غريب عليهم، قطع نظراتهم صوت جابر الموجه الي الشباب :
انتو وقفين كدا ليه مش سمعين بيقول النار تتمسك في بيوت الناس
وكأنه ايقظهم من غفلتهم ليركضوا خلف بعض كي يلحقوا الحريق قبل أن يشب في البلدة، علي الصعيد الآخر تحرك المعلم سالم وعبده وجابر خلفهم بينما تحرك عزيز عكسهم وقبل أن يسلك الطرق الآخر قال بوجهه عبوس وصوت حاد :
حسابنا مخلصش يا سالم
رمقه سالم بجمود وهاتف بحده مماثلة :
وقت ما تحب وتعالي خلص حسابك، أنا مش بتهدد يا عزيز
اقتضبت ملامح عزيز وكاد أن يرد ولكن قاطعه سالم يكمل بصرامة :
البيت مش بعيد عليك…
بتر حديثه عزيز قائلاً بضيق :
يحرم عليا بيت حد فيكم
أشار سالم بسخريه :
خلاص ومالوا نشوف بيت اي حد وتبقا الفضايح علن
صمت عزيز مرغم فتلك النقطة غفل عنها، اكمل سالم قبل أن يتحرك كي يلحق بأخويه والشباب :
هستناك بعد العشا
ثم تركه وأكمل سيره تحت نظرات عزيز الغاضبة من برودة أعصابه في أمر هام يمس سمعته، تحرك هو الآخر باتجاه منزله كي يعرف بالتفصيل ما قصته زوجته عليه قبل أن يخرج فمن الواضح أن الأمر لن يمر مرور الكرام،
؛***************
عوده للمنزل بالتحديد داخل غرفة النساء جلست زينب محتضنه خلود بين يديها وكأنها حصن منيع يحميها من شر الأعداء، كان صوت شهقاتها يصدح في أرجاء المكان لا تستطيع التوقف عن البكاء فهو وسيلتها الوحيدة، ربما تحاول استيعاب ما حدث أو تنكره وتقنع عقلها انه مجرد حلم أو بالأصح كابوس مرعب ستستيقظ منه لا محال، ازدادت في النحيب عندما شعرت بغصة أصابت قلبها من نظرات معشوقه قبل أن يرحل، لا تعرف هل تحزن منه أو تشفق عليه، رتبت زينب علي كتفها بحنان قائله بحنو :
بس يا حبيبتي بس أنا متأكدة أن في حاجة غلط
جلست صباح بجانبها ثم ابعدتها من بين أحضان والدتها لتقول بحنكه :
امسحي دموعك دي أنا مربياكي علي أيدي أنتِ ومحمود ومتأكدة انه لا يمكن يعمل كدا
أكدت رحاب علي حديث صباح ولأول مرة تنطق بالخير في جلستهم :
ايوا انا ابني لا يمكن يعمل كدا، ربنا يعلم أن بيعز بنات أعمامه زي سمر
نهضت حسناء ثم أمسكت خلود من معصمها :
قومي تعالي اغسلي وشك
انصاعت خلود إليها ثم لحقتهم أمل وخيريه بإشارة من حسناء، انتظرن دلوفها المرحاض ثم قالت حسناء بصوت منخفض :
انتو شفتوا الصور
حركت امل رأسها بالرفض، بينما اردفت خيريه بحزن :
ايوا لمحتها
نظرت إليها لبرهه وقالت بتسأل :
ملفتش نظرك حاجه !!
اجابتها خيريه بعدم فهم :
حاجة ايه
رمقتهم حسناء بريبه :
هو ازاي الصور الـ خلود ورتها لهند أنها هي دي الـ مبعوته لأيمن، وخلود ومي في نفس الصورة مع أن سالم زعق وضرب خلود حتي عمك جابر دخل نده لـ خلود بس
هتفت أمل باللامبالاة :
عادي ممكن خلود تكون غلطت وهو بتفتكر الصوره
صمتت حسناء تفكر في حديث أمل، ربما يكن صحيح وأن كل اعتقادها خاطئ، ولكن لـ خيريه رأي آخر فقالت بهدوء:
طيب لو كلام حسناء صح
خرجت خلود وهي تمسح وجهها بالمنشفة، اقتربت من المرأة الموضوع أمام المرحاض، تطلعت إلي انعكاس صورتها وجنتها المحمرة إثر صفعه سالم، واعينها المتورمة من البكاء، اقتربت أمل منها ثم قالت بحرج :
خلود انا عارفه أن الـ تقوله دا مش وقته، بس ممكن يساعدنا في الحقيقة
دارت خلود إليهم وعلت علي وجهها معالم الاستفهام، فقالت بصوت محشرج :
مش فاهمكي
أشارت خيريه إليهن مردفه :
تعالوا فوق عشان نعرف نتكلم
؛ **********
في مكان ليس ببعيد عن القرية كان يقف بالسيارة يتأمل لهيب النيران المشتعلة بانتصار، فقد استطاع إخماد قليلاً من نيران الحقد والغيرة من واحد منهم، ابتسم بسعادة مع تنهيده داخليه خرجت بزفير راحه، قطع عليه خلوته السعيدة صوت سيارة اتيه خلفه لم يكن من الصعب عليه معرفة صاحبها، وبالفعل وقفت السيارة بالقرب منه ليرتجل منها الآخر بوجهه مقتضب
اقترب منه ثم هدر بغضب :
كنت متأكد أن هلاقيك هنا
تعجب عباس من غضبه الغير مبرر بدلاً من أن يفرح بتلك الخطوة، تأمل ثم نقل بنظره إلي السماء التي تغير لونها إلي وبدأ الدخان الأسود أن يغطي عليها وقال بغل :
كان لازم أجي وأشوف بنفسي وأملي قلبي بالمنظر دا
رمقه الآخر بضيق وصاح بحده:
أنت ازاي تتصرف من دماغك، ازاي تعمل حاجه زي كدا من غير ما تقولي
هتف عباس بحنق من اسلوبه الفج وكأنه صبي يعمل تحت أمره :
انت بتكلمني كدا ليه
وأكمل بتعجب :
وبعدين أنت مضايق ليه، بدل ما تفرح بخطوه جديده علي الأقل مش زيك نايم في الخط وسالم واخواته عايشين ولا هممهم
اقترب منه ببطئ وقال من بين أسنانه:
انهارده أول ضربه تنزل عليهم
ثم نظر الي النيران وعلت علي شفتيه ابتسامه عريضة وضحة من خلالها أسنانه الصفراء :
بس لازم كل ضربه تكون بالبطيء عشان تعلم مكانها
بالرغم من عدم فهم عباس لمخزي حديثه ولكن غايتهم واحده فـ ليس مهم بالنسبة له حل الألغاز المبهمة تلك، فاردف بضجر :
ولما انت عايز كدا مضايق من الأنا عملته ليه
أشار علي راسه واجابه بحنق :
عشان راسك يا عباس دي مش بتفكر الانت عملته دا هيخليهم يشوكوا أن في حاجه غلط بتحصل، ومش معقول كل مصابهم في يوم واحد
تهللت أسرار عباس بسعادة وقال بلهفه :
مصايب ايه، سمعني واشجيني
ابتسم بسخريه وأشار إليه بنفاذ صبر :
اركب وتعالي ورايا دلوقتي عشان في أهم
رفع عباس حاجبيه باستفهام وسأله بحيره :
ايه هو
تطلع إليه وأردف بنبره خبيثة :
حاجه صغيره ابنك هيعملها لبنت سالم
انصاع عباس سريعاً خلفه وأخيراً سوف يصبح حلمه حقيقي ويختفي اسم سويلم من الوجود، فكم كانوا شوكه في حلقه بسبب نجاحهم في السوق، وتخطيهم في كل مشورة في القرية ليصبحوا هم كبرياء القرية بدلاً منه، وبالرغم من محاولته المختلفة كي يضع اسمه بجانبهم كان يغطي عليه اسم سالم سويلم في كل كبيره وصغيره، ليهمش هو يتخلل ذكرهم والهيبة والاحترام والنجاح يصبح لهم، ولن يضيع فرصة الاتحاد مع عدوهم اللدود لمحوهم للأبد،
؛ *********
بعد مرور ثلاث ساعات دلف المعلم سالم منزله وكان علي وجهه معالم التعب والارهاق، فإنه يوم بـ عشر سنوات كم من المصائب لا تصدق ولو في الخيال، زوج ابنة أخيه يأتي بمحادثه غريبه ويتهم ابن أخيه الآخر، والمعلم عزيز وتهمته إلي ابن أخيه بخوضه في عرض ابنته، وكان الختام منزل عامر الذي أصبح حطام، جلس علي أقرب مقعد واضع عصاه بجانبه، ثم ارجع ظهره إلي الخلف كي يجلس بأريحية،
كانوا يجلسن حوله بعد أن رحل الجميع ولم تبقي سواهم، فوقفت صباح مقتربة منه وقالت بتعلثم :
احضرلك حاجة تسببها يا حج
رفع سالم نظره إليها بوهن واجابها بهدوء :
تسلمي، سبوني لوحدي دلوقتي
أشارت صباح إلي ناديه ونجاة ومن ثم البنات، وبدأوا في الخروج واحده تلو الآخر حتي هدأ المكان من حوله، أرجع رأسه للخلف واغمض عينيه محاوله منه بالترخي، ولكن هيهات لعقل شارد وقلب حائر، تنهد بهدوء يخرج زفيره بسكون وكأنه يخلص صدره من هموم موضوعة فوقه تمنعه من التنفس بأريحية، كم تمني أن يأتي يوم زواج آخر ابنه لديه كي يطمئن قلبه، يشعر بالخوف بأن يأخذ الله أمانته ويتركهن وسط عالم مؤذي ينتظر اي فريسة تقع تحت يده، وها قد ألغيت زيجة ابنة أخيه في ثوانً لتصبح مطلقة قبل عرسها بأيام، حزنً بادا عليه عندما تذكر عجز أخيه أمامهم وكيف وقف مكتوف اليدين مع أنه يعلم براءة ابنته ولكن الدليل غير ذلك،
اعتدل عندا استمع لصوت خطوات اتيه اتجاها ففتح اعينه متوعد للقادم بكسر حديثه، ولكنه بتر حديثه بسرعة عندما وجد نجاة تتقدم منه وحامله بيدها كوب مجهول الهوية بالنسبة له، حمحم بخشونة قائلاً بجمود :
انا مش قولت عايز أكون لوحدي
ابتسمت نجاة بتوتر ثم انحنت بجزعها واضعة الكوب أمامه مردفه بهدوئها المعتاد :
عارفه، بس عملتلك كوبايه نعناع هتهديك وتعرف تنام
اقتضبت ملامحه هاتف بنبره جامده :
مين قالك ان عايز انام عيل صغير قدامك هتقوليلي أعمل إيه
ابتلعت نجاة ريقها بصعوبة فقد خنها التعبير، بررت حديثها بتعلثم :
لا مقصدش بس أنا عارفه أنك لما بتفكر كتير لازم تنام وبعدين تقرر
رحم سالم نبرتها المهتزة ورق قلبه إليها فما ذنبها لفجاجة الفاظه معاها وهو يعلم مقصدها، أشار إلى المقعد المجاور له وقال بهدوء عكس صرامته من ثوان :
اقعدي يا نجاة
انصاعت إليه راسمة ابتسامة علي ثغرها في نجاحها في امتصاص غضبه وجعله يلين، التقط الكوب بين يديه سأله بمراوغه :
عارفه بحبه أزاي ولا نسيتي
نظرت إليه بعتاب قائله بحنو جعل قلبه يخفق متناسي كل همومه :
انا لا يمكن انسالك اي تفصيله حتي لو صغيره يا سالم، علي العموم طول عمرك بتحب النعناع من غير سكر
شرد قليلاً يتأملها بهدوء وكأنه يرها لأول مره، منذ أن خطفت قلبه بأعينها التي سلبت روحه وكسر قواعده لأجلها لتصبح زوجته الثلاثة، بينما هبطت بنظرها بعيداً عن نظراته المسلطة عليها لتقول بخجل :
بتبصلي كدا ليه
أبتسم بهدوء ثم سألها :
عدي اكتر من 21 سنه متجوزين ولسا بتتكسفي لما ابصلك
اشاحت بوجهها بعيداً عنه فهو محق لازالت تخجل منه، بالرغم من محاولتها الفاشلة في تخطيه ولكن طبعها الهادئ دايما يسيطر عليها، خرجت منها ضحكه خافته تعجب منها واردف بفضول :
طيب عرفيني عشان اضحك معاكي
نظرت إليه ثم قالت بمزاح :
زمان كانت ناديه وصباح دايما رعبني من انك هتطلقني عشان كسوفي الزيادة وأنا كنت اقعد اعيط بالساعات
تطلع إليها سالم بغيظ وكأن الزمن عاد إليهم ليعيشوا فيه ويتذكروا ما مضي وكأنه لم يعيد نفسه :
اه قولتلي يعني لما كنتي تفضلي تعيطي بالساعات وتطلعي عيني عشان اعرف مالك كان عشان كدا
اختفت بسمتها لتهتف بضيق طفيف :
يـوه ياسالم هو دا وقته
ابتعدت بنظره عنها فأعتقد أنه غضب منها، فتسارعت بالتوضيح :
أنت زعلت والله ما أقصد خلاص يا سالم
التفت إليها مره أخري ثم أردف بحب :
تعرفي أنتِ الوحيدة الـ بتقوليلي يا سالم
أسرعت بأسف هاتفه :
أنا آسف بعد كدا هقولك …
بتر كلماتها بنفي :
لا خاليكي علي طول كدا، دا أنا كل ما اسمعها منك احس بنفسي بعيداً عن كل الهموم والمشاكل دي
رتبت نجاة علي كف برفق قائله بهدوء :
ربنا يخليك لينا ويفضل حسك وسطينا
رمقها سالم بمكر :
يا ايه
قهقه نجاة واضعه يدها علي فمها حتي لا يخرج صوت ضحكتها قائله :
عمرك ما هتتغير من يوم ما قابلتك وأنت تموت وتكسفني
شرد في عينيها ليعود إلي أعوام مضت، كأنه أول مره يرها لتسلب عقله الرزين بهدوئها المختلف عن حياته، كان دائماً يسير خلف قرارات عقله بعد تفكير مدروس بحنكته المعهودة، ولكن اختلف الأمر عندما ظهرت ليعلن العقل استسلامه لفؤاد قلبه النابض، عندما أسر بها في أول مره يراها في محلات والدها، لم يذوق الراحة إلا أن أصبحت زوجته بعد عناء إكمال مسيرتهم بالرغم من اعتراض عائلتها، وما الحبيب إلا روح نألف بوجودها.. ونأنس بلقائها… ونتعافى بقربها، وكانت هي خير حبيب لقلبه بالرغم من مرور مئة ازمه، وألف مأزق في فترت زواجهم إلا أن قربها يخفق قلبه،
قابلت نظراته بحب مع ابتسامة علت علي ثغرها لمعرفة ما يدور في ذهنه، في كل مره يجلسن معا لا يمل من تأملها، بدلته النظرات لتتلقي الأعين فيقف الزمن من حولهم، شعور يحيي من جديد كلاما ذاد العمر بينهم ليصبحوا أكثر ترابط بعلاقة هادئة تتعمق بحب وطمأنينة ودفئ تملك روح فؤادهم،
أخرجهم من شرودهم صوت تنحنح أنثي فاعتدل المعلم سالم سريعاً متنحنح بصوته الخشن، ثم رفع يده يعدل من طرف جلبابه محاولا تقليل توتره، وكأنه مراهق كشفه والده وهو يتغزل بحبيبته، دار بوجهه ليري صباح وناديه يقفن في أول الغرفة وعلي وجههن السخرية فقال بصرامه :
خير واقفين كدا ليه
نظرت صباح إلي نجاة المتوترة وقالت بتهكم:
أبدا قولنا نيجي نشوفك عايز حاجه، بس اظاهر نجاة سبقتنا
حاول سالم كبت ابتسامته من هيئة نجاة ووجهها المحمر، ثم نظر اليهن وقال وهو يتجه الي الداخل :
لا مش عايز أنا داخل انام
نهضت نجاة حامله الكوب ثم أردفت بتعلثم :
دا أنا كنت منزله كوبايه نعناع عشان أعصابه وكدا
رمقتها ناديه بحنق عكس صباح فهي تعلم مكانة نجاة داخل قلب المعلم، تحركت للخارج وقالت :
فيكي الخير طول عمرك يا نجاة، يلا عشان منعملش دوشه
صعدن الثلاثة كل واحده إلي شقتها فلا داعي الي غضبه من نقاشهم الآن،
؛***********
أمسك كفه بين قبضته وزلزل صوته الغاضب أرجاء المنزل :
إياك يا علي تمد ايدك عليها تاني
رد عليه علي بغضب مماثل :
عايزني أعمل إيه سيرتنا بقت علي كل لسان، الحريم والرجالة محدش ليه سيره غير بنت عزيز عاكف
نفض يعقوب يده بقوه مأشر بسبابته أمامه يحذره بحده :
الزم حدودك يا علي واتحكم في غضبك ولاخر مره هحذرك عشان لو اتكررت أنا الـ قفلك
ثم مال بجزعه يسند سميه التي تختبئ بين المقعد والحائط لتتفادي صفعات أخيه، مسح وجهها بباطن يده وأشار إلي فايزه :
خوديها يا فايزه وادخلوا جوه
انصاعت إليه ممسكه بيد أختها وساعدتها مايسة ودلفوا إلي الداخل، بينما نظر علي إلي والده الجالس علي معقده مستند برأسه علي مقدمة عصاه في هدوء :
أنت ساكت ليه يابا عجبك الأحنا فيه دا
رفع عزيز نظره يرمقهم بهدوء ثم هتف ينادي على زوجته، وما هي إلا ثوانٍ خرجت حسنيه من غرفة بنتها مجيبه بـ لهفه :
نعم يا خويا
سألها بضيق بادي علي ملامحه :
الحريم الـ سمعتيهم بيتكلموا بيتهم فين
أجابته حسينه بحزن :
في الشارع الرئيسي جمب السوق
حرك رأسه بيأس :
يعني السوق كله عرف
هدر عبدالله بشراسه :
مفيش غير سعد الـ ليه مصلحه لكل دا
سأله يعقوب بنبره ساخرة :
وايه مصلحته بقا يا ابو العريف
غضب علي من أسلوب يعقوب الساخر ورده الهادئ في مسألة كتلك، فقال بوعيد :
ليه ولا ملوش عليا الطلاق ما يطلع عليه صبح
وقف يعقوب أمامه ثم صاح فقد خرج من ثوب هدوءه بتفكير اخويه الاهوج :
وبعد ما تقتله تعرف تقولي هنستفاد ايه غير انك سبت الكلام علي أختك، وأنك تتحبس وتسيب عيالك، وتفضل أختك بقيت عمرها بتدفع تمن غباءك
ثم خرج مغلق الباب خلفه بقوه فقد طفح كيله من الحديث معهم بهدوء ومحاولة إقناعهم بالتأني لمعرفة جوانب الأمر فالشك مسيطر عليه مما حدث أمامه اليوم،
( يعقوب )
رفع نظره ليري عامر وأكرم، أشار إليهم بترحيب رغم ما يدور في رأسه :
أهلا اتفضوا
رفض عامر قائلاً بحرج :
لا مفيش داعي بس بصراحه كنت جاي اقولك علي حاجه
رد عليه بهدوء :
اتفضل
تنحنح عامر ثم قال :
أنا عارف ان مليش ادخل لكن اكرم قالي علي حاجه لفتت نظري لما كنا بيت المعلم سالم
أسرع يعقوب بالرد مترقب بفضول :
ايه هي
نظر عامر إلي أكرم كي يبدأ فقال :
عبدالله أخوك لما كان بيزعق قال إن اتنين مشين وراه سمعهم بيقولوا كدا ولما لفلهم جه واحد بموتوسيكل وركبوا وميشوا
نظر إليه يعقوب بترقب كي يكمل، فتطلع أكرم إلي عامر مردف بحيره:
طيب ازاي اتنين من البلد هيمشوا وراه ومش هيخافوا
أكمل تلك المرة عامر :
وازاي صحاب سعد ومش هيهموهم أن عبدالله يعرف
طرح يعقوب سؤاله بشرود :
طيب ما يمكن ميعرفوش أن عبدالله كان قدامهم
أجابه أكرم بحيره :
أومال هربوا ليه لما هو لف
صمت يعقوب يفكر في حديثهم وحل لغز غريب، فقال عامر بأسف :
احنا اسفين أن ادخلنا لكن الموضوع غريب، خاصه أنه في نفس اليوم الـ بنت المعلم جابر تبوظ جوازتها بسبب ابن عمها ولا كمان بيتي يولع مع أن مفهوش اي حاجه تسبب الحريق الا بفعل فاعل
أمأ يعقوب اليه بتفهم، ثم سأله بتذكر :
صحيح هتعمل ايه في حكايه البيت
أجابه أكرم بإصرار :
هايجي يقعد معايا لحد ما يشوف هيعمل ايه
حرك عامر رأسه بيأس مردف بسخرية :
والله كان المفروض أبدا اتكلم مع المعلم سالم في المشروع لكن كدا شكلي هستني لحين الفرج بقا
أشار يعقوب إليهم بالدلوف لغرفة الضيوف قائلاً :
ادخلوا كلها ساعة وابويا هيروح للمعلم سالم، والكلام الانتو قلتوه لازم يتقال قدامهم، لان لو طلع سعد ورا كل دا محدش يرحمه من ايدي لو في سابع أرض
تحرك عامر ثم اتبعه أكرم جلسوا الثلاثة في حالة صمت وهدوء، وهذا اكثر شئت يحتاجه يعقوب الآن بعيداً عن المشاجرة المشتعلة بالداخل،
؛***********
في منزل جابر بالتحديد داخل غرفة مي التي انصدمت للتو من حديث صديقتها ساره المنبعث من سماعة هاتفها، احتدت ملامحها موبخها بضيق :
ايه الهبل الانتِ بتقوليه دا، أنتِ باين عليكي اتجننتي على الاخر
جاء صوت ضحكات ساره الواضحة ثم هتفت بلامبالاة:
أنتِ هتفضلي معميه لحد أمته، مصطفي بيلعب عليكي وهو العمل كدا في أختك
ردت عليها مي بحنق :
والله، أنتِ غيرتك عماتك دا كله عشان مصطفي بيحنبي أنا أصلا غلطانه أن قولت افضفض معاكي
جاءها صوتها الساخر :
بيحبك اه، بطلي عبط بـقا أنتِ عارفه كويس أن لا يمكن ابوكي يوافق عليه ولا يمكن هتفضلي تقبليه في الكافيهات طول العمر
توترت مي من ذكرها لسر اخر تخفيه بحرص فقالت بتعلثم :
قولتلك 100مره متتكلميش في الموضوع دا أحسن حد يسمعك
اجابتها ساره بضيق :
بقولك ايه أنتِ حره عايزه تصدقي صدقي مش عايزه برحتك بس أنا متأكدة أنه عمل كدا
سألتها بترقب :
متأكدة ازاي بقا
هتفت ساره بسلاسة:
آخر مره لما كنا في كافيه الكليه لما قومتي روحتي الحمام أخد فونك وبعت 5 صور
ضيقت مي عينيها بعدم فهم مردفه :
وفتح تلفوني ازاي
اجابتها ببرود واضح من نبرتها:
طلب مني افتحه لو اعرف الباسورد
صاحت مي بعدم استعاب :
وفتحتيه
خرجت ضحكه خافته واجابتها :
اومال بعت الصور ازاي، هو انا صحيح لمحته دخل علي الاستوديو علي طول لكن متأخرش وحطه مكانه تاني
وضعت يدها علي رأسها قائله بصدمه :
وأنتِ ازاي تفتحي فوني وازاي تسبيه يدخل علي حاجه خاصه بيا
صدحت نبره خبيثة مغلفه بمكر ظاهر :
ليه هو مش دا حبيب القلب الـ لا يمكن يأذيكي، مش دا الأنا بغير منك عشانه، ودا البيحارب عشانك،ابقي اسئليه طلب مني ايه قبل ما تيجي كدا
كانت تتنفس بسرعة من شدة غضبها فقد سمح لها بأن تشمت فيها بسهوله بما فعله، دون تفكير أغلقت الخط واسرعت بمهاتفته، كانت تنتظر رده علي أحر من الجمر،
: ايه يا ست الحسن لحقت اوحشك
صاحت غاضبه :
وحشك عفريت يا بعيد، هو سؤال أنت الـ عملت كدا في خلود
غاب صوته لبرهه ثم جاءها رده السمج :
ايوا أنا
جحظت أعينها بصدمه مردده باستنكار :
أنت
أجابها مره أخري ببرود :
ايوا يا حبيبتي مش سمعه ولا اي
رفرفت بأهدابها عدة مرات متتالية وكأنها وتعيد تركيزها مره اخرى فقالت بدهشة :
يعني كلام ساره صح
ضوي صوت ضحكتها داخل السماعة، وقال بوقاحة :
هي حالا قالتلك، إنما بنت فتانه بصحيح بس موزه
وها هي صدمه اخري تقع علي رأسها، خرج صوتها بصعوبة تسأله :
أنت أنت بتقول ايه
جاءها رده الحاد :
لا بقولك ايه مش فاضي، واسمعي بقا بكرا الساعة 3 عايز اي واحده من بنات عمك سالم تروح لعنوان هبعتهولك ومعرفش ازاي، بس قسما بالله لو الساعة عدت 3 وخمس دقائق من غير اي واحده فيهم لازم ابعت كل حاجه لاخوكي وعمك واعرفهم انك السبب في كل دا وشوفي هيعموا فيكي ايه
واغلق الخط تحت دون أن يستمع ردها، بينما ظلت هي تلهث بعنف وكأنها كانت تجري لأميال من شدة خوفها، شعرت أنها لا تقوي علي الوقوف علي قدمها بعد أن دب الرعب في أوصلها، غرقت في أبشع الأفكار التي دارت في رأسها لتفكر سريعاً في حل ينفذ ما طلبه منها كي لا تفضح، بدلاً من أن تفكر في إصلاح ما أفسدته ستدويه بسوء كي تنجوه هي، شهقت بفزع عندما انفتح باب غرفتها علي مصرعيه، لتظهر الواقفة خلفه وجهها لا يبشر بالخير
؛************
بعد صلاة العشاء جلس المعلم سالم ومعه أخويه وأولادهم منتظرين قدوم عزيز، وبعد ربع ساعة دخل الحاج صبري ومعه عزيز وخلفهم يعقوب ومرتضي الذي ذهب كي يرضيهم حتي لا يسوء الأمر، واتبعهم إخوة يعقوب وأحمد ،
لو كانت النظرات تقتل لأصبح سعد قتيل الآن من الأعين المعلقة عليه بحده، استأذن يعقوب بدلوف عامر وأكرم لكي ينشروا علي سمعهم ما قالوه له، فأشار اليه المعلم سالم بالموافقة، ما كاد أن يتحدث عبده كي يبرأ ابنه ليقاطعه صوت أحمد يقول بكبر :
لو سمحتم قبل ما تبدأوا ياريت المعلم سالم يحل مشكلتي بعد ما توصلوا لحل
رمق صبري ابنه بذهول بما يتفوه به داخل المجلس في وقت ليس مناسب، بينما قابله المعلم سالم بنظرات هادئة تخفي خلفها عاصفة كبيره من قلة احترامه له، والتحدث في أمر يخص ابنته علي الملأ،
لم يستطع سالم ابن جابر بالصمت وهو يري تعجرفه وكأنه لم يفعل شئ فرد عليه بحده :
مشكلتك ملهاش حل غير لما تتعلم الأدب وازاي تكلم بنات الناس يا أحمد
رمقه أحمد ببرود فبعد أن أخبرته أخته أن هند لم تخبر المعلم بما دار بينهم جعله يشعر الانتصار عليها وأن فكرته نجحت، هتف بغرور :
أظن شيء ميخصكش خالص أنك تدخل بين واحد ومراته
تعجب المعلم سالم من مخزى حديث ابن أخيه ربما هناك شيء يخفي عنه، ولكن الآن يلزم وضع حد لذلك المتعجرف أمام الجميع مثلما وحاول وضعه تحت ضغط أمامهم،
كان كل ذلك يحدث تحت مسمع البنات خلف الباب الفاصل بينهم وبين المجلس، احتدت ملامح مروه بضيق من جراءته الزائدة وتعجرفه في الحديث، واذاد غضبها عندما توترت هند ثم تركتهم ورحلت، ربما لن تدافع عن حقها ولكن عزمت هي علي استرداد كرامة أختها من ذلك المغرور، تقدمت تحت نظرات التعجب من اخواتها ثم طرقت الباب وقبل أن يأتي والدها كي يري من الطارق من نساء منزله، دلفت دون أن تستمتع لاذنه، مما جعل سالم يرمقها بحده تراجعت الفتيات بالداخل بسرعة كي لا يراهن أحد مندهشين مما فعلته مروه،
بينما تقدمت مروه خطوه داخل المجلس تحت نظرات عمها عبده الغاضبة فالأول مره تدخل واحده من نسائهن المجلس الخاص بالرجال، أغلقت الباب خلفها بحرص ثم قالت وهي تنظر إلي والدها :
أولا أنا آسفه أن دخلت من غير أذنك يا بابا، ثانياً كان لازم أدخل لأن في حاجه حضرتك لازم تعرفها قبل ما تحكم في موضوع هند
صاح عبده بنفاذ صبر :
مش وقته اطلعي بره مش شايفه أن في رجاله قاعدة
رفعت مروه حاجبيها بتعجب مستنكرة حديثه :
عفواً يا عمي شايفه أن في رجاله وشايفه برده أن بابا في حاجه لازم يعرفها
ثم أشارت علي أحمد مكمله بشراسه:
لأن الأستاذ تقريباً فكر عشان بابا ميعرفش الـ هو عمله ممكن يعدي بالساهل، لا وكمان ليه عين ويرد علي سالم مع أن كان شاهد عليه، يكون في علمك مش معني أن هند متكلمتش أن انا هسكت علي بجحتك وقلة ذوق وغرورك الـ علي الفاضي
(مروه)
انتفضت من مكانها بفزع أثر صوته المجلل للمكان
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)