روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثامن والأربعون

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثامن والأربعون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثامنة والأربعون

سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ♥️
؛**********
مقدمة للشخصيات نفتكرهم مع بعض :
أولاً المعلم سالم أكبر أولاد الحاج عثمان سويلم (متزوج من صباح ونادية ونجاة .. بناته بالترتيب:
١- هند = طليقة أحمد ابن عمتها وخطيبة موسى الأحمدي
٢- مها = زوجة مرتضى
٣- خيريه = خطيبة عامر الخولي
٤- مروه
٥- أمل= خطيبة سفيان
٦- رحمه
٧- حسناء= خطيبة يعقوب
ثانياً جابر متزوج من زينب وأولاده:
سالم على اسم عمه تقديرًا ليه = متجوز نيره
خلود = خطيبة أكرم
مي = زوجة ربيع رشدي مطاوع
ثالثاً عبده متزوج من رحاب وسحر ، أولاده:
سالم = متجوز ندى
محمود = متجوز مياده
سمر= خطيبة خليل اخو مرتضى
وتوأمها سعد = متجوز سميه عزيز الجبراوي
دولت الأخت الأولى للأخوة الثلاث متزوجة صبري أولادها:
أحمد طليق هند وحالياً اتحبس
ريهام = مكتوب كتابها على محمد ابن هانم
معتصم
حنان الأخت الثانية متجوزة إبراهيم الخولي واتوفت من فترة طويلة، ابنها الوحيد يونس الخولي
عزيز الجبراوي متجوز حسنيه :
يعقوب = خطيب حسناء
علي = متجوز بنت عمه منال
عبدالله= متجوز ميمونه أخت منال
مايسه = زوجة شريف
فايزة = زوجة سليمان
سميه = زوجة سعد
عامر الخولي ليه أخت واحده هاجر وابن عم يونس
‏عبدالخالق سويلم وأخته هانم اللي أولادها:
محمد = خطب ريهام بنت دولت
ضياء، علاء اللي كان خاطب رحمه، حسام، فادي
سفيان وطلال وهيفاء ولاد عادل اللي اتوفى وكلنا عارفين ليه
‏مرتضى وخليل وتغريد من أسرة واحدة عشان منتلغبطش في أسامي حد
‏ربيع رشدي مطاوع زوج مي جابر وعنده أربع أطفال من زوجته المتوفيه، ومؤمن أخوه عشان لو أتذكر تكون فاكرين اسمه
موسى الأحمدي والدته كوثر اتجوزت من محمد الصفواني والد عليا يعني عليا وموسى مش أخوات لكنهم اتربوا مع بعض، ليه ٥ اعمام أكبرهم اسمه ” صفوت ”
واخيرا العيلة الكريمة آل عزب :
أولا منصور عزب ودا اللي انتحر، أولاده:
عز كان متجوز بنت عمته هاديه وأولاده زياد ويزيد واتوفت ومتجوز ليلى ومخلف لوجينا ” ليلى قتلته وحالياً في المصحه”
سيف قصته معروفه أكيد
ثانياً هاديه وأولادها:
أماني زوجة عز
عمر شغال حارس في المصنع
( تقريباً دول كل الأشخاص اللي مهمين معانا + في أم منير ومنير اللي خرج من السجن مكملين معانا + وأكيد لازم نفتكر ساره ابو الفضل واللي مش فاكرها نجيبها تفكره، وأكرم ونسرين )
دا الشخصيات والمخلص الأخير لما المعلم سالم اختفى أسبوع وبعدين رجع وقرر يكتب كتاب هند وخيريه وأمل وحسناء وفي نفس اليوم أكرم خد خلود وسافروا استراليا، الفصل الفات كان يوم كتب الكتاب من أوله وانتهى بمقابلة دولت للمعلم سالم وهي بتحكيله قرار صبري من جواز هانم، ولسا منعرفش ايه الحصل مع موسى وهل الرسالة الوصلت لهند من منير بخصوص أحمد هي السبب ؟؟؟
؛********
الفصل الثامن والأربعون (48):
انتهى الاحتفال بانتهاء اليوم … عم السكون على القرية بأكملها مع ستار الليل، ليسوا أصحاب المناسبة فقط بحاجة للراحة بل كل الأهالي فمن صغيرهم إلى كبيرهم كان يحضر برحابة وفرحة طاغية … من يرى سعادة الأهالي يتقين من مكانة المعلم سالم عند الجميع، فالفرحة النابعة من تصرفاتهم خير دليل أنه ليس مجرد حديث، كانوا يتسابقون مع العمال والصبية لإتمام مناسبة كبيرهم على أكمل وجه.. وها قد انتهت بسلام واكتمل اليوم على خير…
؛******
تمر ساعات الليل على البعض وهو يغط في نوم عميق لا يشغله هموم الدنيا … وهناك من لا يعرف النوم طريق جفونه، قد تجد حلول لمشاكلك على ضوء القمر في سكون الليل، وقد تبكي على أوتار الظلام في الخفاء وتخلع قناع ثبات المرسوم للصباح…
؛***********
أعدت صباح مائدة الإفطار بمساعدة ناديه التي صعدت إلى شقتها عندما انتهت كي تترك ثريا وعليا وموسى على راحتهم.. بضيق انضمت هند إلى الطاولة وهي ترسم بسمة صغيرة، وعلى عكسها كان يجلس موسى يتأملها بحب غير متهم باقتضاب ملامحها فهو يدرك أنها منزعجة من عدم معرفة المجهول الذي أراد صنع بلبلة أمس ..
: مالك يا هند ؟؟
سألتها كوثر باهتمام فأجاب موسى بعبث :
زعلانه علشان مش واخده راحتها معايا في وجودكم
فتحت عينيها على وسعهم مردده بسرعة :
ايه لا عادي أنت بتقول ايه، أنا كويسه مفيش حاجه
غمز إليها وكاد أن يأخذ قطعة خبز فوجد المعلم سالم يخرج ملقي التحية وأشار إليه بأن يلحقه، وضع موسى الخبز ونهض يدخل لغرفة المكتب بتذمر .. انتبهت كوثر إلى عليا التي تمسك قلادة فضية مميزة بدلاية على شكل قلب مرصع بألماسة زرقاء :
عليا مش بتاكلي ليه ؟؟!
تعجبت عندما وجدتها تخفي القلادة بطريقة مثيرة للشك، وهتفت بتلجلج :
مش جعانه أنا هروح أغير لبسي
عقدت كوثر جبينها باستغراب، لكن الوقت ليس مناسب لطرح الأسئلة وصباح تنضم إليها مع هند …
جلس مقابل له على المقعد متسائلاً بترقب :
لسا البنت دي مظهرتش
رفع المعلم سالم حاجبه مرددًا بتهكم :
دا على أساس حد شافها غيرك، أو هي هتيجي تقولي مثلاً
رد موسى بتوضيح :
مقصدش بس أصلا مش فارق معايا مادام عدت على خير
اقتضبت تعابيره وهو يغمغم بحده :
لا معدتش ولا هتعدي
وأكمل بصرامة:
زعل بنتي مش هيعدي بالساهل يا موسى واللي عمل كده مش قاصد غير أنه يزعلها
طرقت هند برفق فأذن إليها أن تدخل، بمشقة تبتعد بنظراتها عنه .. جلست على المقعد المجاور لوالدها وسألته باهتمام:
لسا حضرتك معرفتش مين البنت ؟؟!
ربت على يدها برفق قائلاً بهدوء :
متشغليش بالك وحتى لو معرفتهاش المهم أن اليوم عدى
رفع موسى حاجبيه بذهول، منذ لحظات اعترض على نفس تلك الجملة منه .. لا أحد يفهم ما يدور في رأسه أبدا، وإلى ما ينوي فعله، عقبت هند على الحديث باعتراض بادي :
ازاي يا بابا بس، أقل حاجه نعرف مين بيخدعنا وفي وشنا بيضحك ومين في ضهرنا بيخطط لأذيتنا
ضحك المعلم سالم بخفة وهتف بحنكة :
في كل انسان فينا نصين، واحد نور والتاني ضلمه يإما الخير يغلب الشر يإما الضلمة تطفي النور، ممكن يكون العمل كده مش بيكرهنا لكن بيكره الخير لغيره، ما هو حب الخير للغير بيكون صعب لبعض الناس
لم يتمكن موسى من السيطرة على ضيقه من نظرات هند فصاح باستنكار :
أنا مش فاهم أنتِ بتبصيلي كده ليه!! مش معقول شاكه فيا!!
بانفعال ردت عليه :
والله بقا اللي على راسه بطحه بيحسس عليها
ابتسم المعلم سالم وهو يرمق هند فوجه موسى الحديث إليه بحنق :
هو حضرتك راضيك اللي هند بتعمله، أنا ساكت لأني مقدر تعب أعصابها والتوتر اللي كانت فيه
: ولا تقدر تعمل حاجه
رددها وهو يحدجه بسخرية ومن ثمّ أكمل مبتسمًا :
لو هند عندها ذرة شك مكنتش كملت كتب الكتاب بس هي مضايقه من السخافة اللي حصلت
هزت رأسها برفق دون أن ترفع عينيها، وعلى الرغم من عدم اقتناع موسى إلا أنه يعلم أن الموقف ليس بهين، استأذن بالمغادرة كي لا يتأخر مقابلة عامر، الذي طلب رؤيته بإصرار قبل أن يعود دياره، لكنه خمن أن الأمر يخص ما حدث بالأمس…
بعد أن غادر تطلعت هند إلى والدها وقالت بتوتر وهي تفرك يدها علها تهدأ قليلا:
بابا في حاجه حصلت امبارح عايزه ابلغ حضرتك بيها
أصغى إليها وهي تقص إليه ما قاله منير أمس، واضح من اضطرابها أن مبتغى أحمد قد حدث بالفعل … سؤال ورد في عقله فقال بترقب :
يعني قصدك يكون أحمد هو السبب في الحصل مع موسى امبارح ؟؟!
بحيره ظهرت عليها قالت بتلجلج :
مش عارفه، أصل مين يعمل كده وبعدين مفيش أي حاجه تدل على حد تاني يإما بقا في غلط في كلام موسى
ابتسم بهدوء وردد باستغراب :
كلامك في شكوك وتصرفك عكس ده !!!
هي الأخرى في حيرة من أمرها، لا تفهم ما تشعر به ولا تتحكم في مشاعرها، صمتت تفكر في إجابة ولكن فشلت من ضجيج عقلها … علم المعلم سالم ما يدور في رأسها فقال باقتصار لينهي اي جدال في الأمر :
زي ما قولتلك مش هيفرق مين عمل كده المهم انها عدت على خير، وبخصوص أحمد ده آخره كلام بلاش تخديه على محمل الجد ومش عايزك تقلقي أبدا
تطلعت إليه وهمست بامتنان :
شكرًا يا بابا
طبع قبلة على رأسها وطلب منها أن تعود لتكمل طعامها .. جلس على المقعد وهو ينظر أمامه بقتامة، تجاوز حدوده، وربما سجنه لم يكن كفاية لتأديب ارعن مثله، وليكن تأديبه هو وعائلته على يده ..
؛*********
عقدت يدها أمام صدرها ونظرت للتلفاز، يكاد الانزعاج ينفجر من تعابيرها المقتضبة … عينيها تعكس شر يصارع بداخلها تخفيه وراء سكونها الظاهري، شعرت به يخرج من الغرفة ظلت محلها تتجاهله، فتنحنح بخشونة وجلس على المقعد المجاور إليها مرددًا بضيق :
ايه يا دولت مفيش فطار
ببسمة جانبيه ردت عليه ساخرة :
كان فيه وجبر، ما يامه عملنا وفي الاخر معجبش
أشار إلى الباب وقال ببرود لا يتماشى مع ما سيتفوه به :
طيب ياله قومي روحي عند أخواتك
دارت برأسها ترمقه بعدم تصديق، هل يطردها من منزلها أم أنها تتوهم ؟!! .. نهض ببرود ودخل للغرفة غير متهم بها، عضت دولت على شفتيها بقهر وولجت تبدل عباءتها، أخطأت عندما عادت ليلة أمس دون أن تأخذ موقف منه، فقد تجاوز معها وها هو يطردها بكل هدوء غير مبالي بشيء… شعرت بالضيق من المعلم سالم فلم يعطيها رد عندما سردت إليه ما حدث بالأمس وهذه النتيجة…
فتحت الباب وكادت أن تخطو للخارج متوعدة إليه، لن تمرر فعلته إلا بانتقام يرد إليها كرامتها المهدرة .. تجمدت محلها وهي تراه يقف أمام الباب وواضح أن حظها في صفها تلك المرة، هدرت بضيق بادي وتمسكن في نفس الوقت :
سالم كويس أنك هنا علشان تشوف بنفسك أختك على أخر الزمن بتنطرد من بيتها، شوف حقي اللي بيضيع وأنت موجود يا أخويا
ظهر صبري خلفها والتعجب يجول على ملامحه معتقد أنه جاء لأجل أخته!! لكن كيف ومتى علم ؟!! .. قال بتوجس وخشيه من مجهول يفزعه لمجرد تخيله، ماذا وإن حدث :
لحقت تشرف، دي لسا مخطتش عتبه بره من أساسه
قالها بتهكم يخالف قلقه الشديد، تطلع المعلم سالم إلى دولت لثوان ومن ثمّ هتف بهدوء :
هو في حد بينطرد من بيته برده يا دولت
بصعوبة تماسكت وتمتمت بصوت محشرج وهي على وشك الانهيار :
قوله وعرفه الأصول اللي نساها، الناس بتكبر تقعل وهو بيخيب
ابتلع صبري لعابه دون أن يرد، لا يدرك تلك العينين المثبتة عليه فيما تفكر .. حتى عقله شُل الآن، هل يعود عن موقفه ويعتذر من دولت ؟؟ أم يظل على قراره ويواجه مستقبل مجهول ؟! .. لم يستطع صبري حسم حيرته ومكث صامت يتطلع إلى خصمه غير قادر على الإقدام أكثر..
: لا صبري عاقل من يومه وعمره ما خاب
يسخر منه ؟؟ أو مغذى أخر لا يصل إليه ؟؟.. حدجه سالم وقال مؤكدًا:
صح يا عمده ؟!
لم ينتظر منه رد ورمق دولت مغمغم بريبه :
سبيني مع أبو أحمد شويه على ما تكوني عملتي كوبايتن شاي
ولجت للداخل وهي تحدج صبري شزرًا والسخرية تطلق سهامها باتجاهه، وكأنها تقول إليه هيا تجرأ واسمعني صوتك الآن، نظرة بمعاني جمه كرصاص يمزق غروره وتكبره الزائف …
: بعد وفاة الحاج عثمان، عبده طلب ياخد عقد البيت ده، وقتها استغربت اشمعنا الورقة دي مُصر عليها وكان رده مش منطقي بالنسبالي ساعتها
انتبه صبري وصغى جيدًا وحواسه كلها متحفزه لاستكمال حديثه :
بس عرفت دلوقتي ليه كان بيقول أصل صبري بينسى وبيحتاج اللي يفكره كل فترة
ضغطت صبري على فكه وهدر من بين أسنانه:
قبل بس ما تعايريني افتكر أن الحاج عثمان قدم البيت ده هديه لبنته وأنا قبلته احترام ليه مش علشان محتاج ولا عويل يا أبو هند
ضغطت على أخر احرفه وابتسم نصف بسمة سمجة، فرد عليه المعلم سالم بضحكة بسيطة :
لا أنت نقلت البيت ده لأنه أوسع من بيتك بأوضتين
ثم استرسل ببسمة غريبة ونبرة تحمل خفايا كثيرة:
يبقا من باب أولى بدل ما تطرد دولت من بيتها ترجع أنت بيتك وتتجوز فيه ولا تولع فيه مش فارقه
انكمش بين حاجبي صبري وهو يهتف باستنكار:
سبحان الله، هو حلال ليك وحرام لغيرك !! ما أنت متجوز بدل الواحدة تلاته ومحدش كلمك !!
: صحيح متجوز تلاته بس محرقتش قلب واحده فيهم بعد ما ضحكت عليها واخدت فلوس ورثها ابني عليه اسمي يا صبري، ولا اتمسكنت لحد ما ضمنت أنها في جيبي وبعد العمر اللي بيني وبينها فتحت الباب وبطردها، ولا ناوي الغدر بعد ما أقف على أرض صلبة
واستطرد بنبرة مريبة جعلت صبري يزدرد لعابه الجاف بتوتر :
لكن الأرض الصلبة ممكن تبلعك فـ خلي بالك، ولا يجي طوفان ويغرقك أصلها مش دايمه
بغضب شديد صاح صبري بانفعال :
بتهددني يا سالم
ابتسم بخفة مرددًا بهدوء :
ياريت نحتفظ بالألقاب، وده مش تهديد دي نصيحة
تهكم صبري وغمغم بسخرية :
ماشي يا أبو هند ومقبولة النصيحة، وبعدين لما أقول يا سالم أحسن ما اقول اسم بنت من بناتك مادام مفيش راجل يشيل اسمك
ضحك المعلم سالم على عقله الطفولي، ثم أردف بمكر :
شوف اديني كنت هنسى إني جاي علشان الراجل اللي شايل اسمك وصاحب سوابق
قبض صبري على يده بقوة، وأحمر وجهه من شدة الغيظ.. لا يدري كيف يتحكم في أعصابه أمام هدوء المعلم سالم، لم يصادف شخص في حياته مثله أبدا، ومن المستحيل أن يتمكن أحد من استفزازه … استكمل المعلم سالم بخبث وبسمة صغيرة :
الراجل اللي شايل اسمك بعت رسالة لبنتي وبصراحة مضمون الرسالة مش عجبني، قولت لازم أبلغ عمدة البلد استنجد بيه ويدلني أعمل إيه
صمت لبرهة وتابع بجدية تامة :
ما أنت عارف يا عمدة معنديش راجل يشيل اسمي، وبناتي ضعاف وغلابه زي أبوهم
ثوان معدودة ويخرج دخان كثيف من أذن صبري، أو ربما ينفث نار ملتهبة من الحريق المشتعل بداخله .. وبتسلية استطرد المعلم سالم بدهاء :
أسكت مش بالصدفة عرفت أنك بدور على حد في المركز يخدمك ويساعدك تطلع أحمد حُسن سير وسلوك مع إن الكلام الوصلني أنه مبلطج على الناس هناك وعامل فتوة
بتلجلج هتف صبري ينفي حديثه :
محصلش ومعرفش الكلام ده وصلك ليه
تطلع إليه للحظات واردف بلا اكتراث :
ما أنت عارف الناس ملهاش غير الكلام، اقعد مع نفسك كده وفكر مين ليه مصلحة يقول عليك كده وفكر برده هتعمل ايه مع دولت، أصل عبده هيحب جداً يدخلك في موضوع
تطلع حيث ذهبت دولت وتسأل باهتمام :
هي دولت اتأخرت كده ليه بالشاي ؟؟!
وابتسم مستكملًا بعبث وهو يغادر :
مش مشكلة ابقا اشربوا أنت
بركان سينفجر ف لحظته.. يغلي الدم في عروقه من غضبه المكبوت، ولم يجد سواها يستطع أن يفشي غليله بها ….
وايه كمان يا دولت، أنا كده هخاف ولا هتلوي دراعي
دارت دولت إليه وهي تحمل صينية الشاي متجاهلة حديثه :
هو سالم مشى قبل ما يشرب الشاي
ضغط على فكه بحده وهدر بانفعال وغضب شديد :
ماشي يا دولت انا هعرفكم مين صبري
ببرود تقدمت منه وأخذت كوب شاي تضعه في يده تحت نظراته المستنكرة لتصرفاتها الغريبة، أردفت بلامبالاة:
أشرب وبلع كده لسا الموال طويل
ابتسمت بهدوء وتابعت مبتسمة :
متزعلش نفسك واعمل اللي يريحك
تركته وولجت للغرفة، أُخمدت نيرانها عندما استمعت إلى حديثهما من خلف الباب، وكيف لا تطمئن وتهدأ مادام تدخل أخيها في الأمر !! .. تدلى فم صبري بذهول، تطلع إلى كوب الشاي بريبه، ربما وضعت به سُم !!! تريد قتله ؟؟ وعلى حين غرة ألقى الكوب بحده وخرج من المنزل ليجد حل بعيد عن آل سويلم …
لا يريد التنازل عن المنزل والأموال وبالتأكيد لن يتخلى عن مكانته، لكن كيف يجمع كل ما يريده دون أن يخسر !!! والأهم ماذا سيقول إذا طلب المعلم سالم أن يعقد جلسة عرفية لاسترجاع ميراث أخته ؟؟ سيسقط في نظر الجميع ويصبح علكة في افواههم لو فضح أمره….
؛*******
أخذت حمام دافئ بعد أن أتمت روتين الاستحمام الخاص بها، ربما يستغرق منها نصف ساعة أو أكثر لوضع الكريمات لشعرها وكذلك ماسكات للعناية ببشرتها وجسدها .. وقفت تجفف خصلاتها بجهاز كهربائي (استشوار) وهي تنظر في المرآه بانتباه، تشعر براحة نفسية وهي تستنشق عبق الورد يفوح منها … وعلى حين غرة استمتعت لصراخ الصغير يأتي من الخارج، ألقت الجهاز من يدها وركضت بسرعة وهي تنادي باسمه:
ربـيـــع
توسعت عينيها بصدمه وهى ترى باب الشقة مفتوح على مصراعيه وبكاء الصغير يتضح من جهة الدرج، هزت رأسها بعدم استيعاب وهرعت بفزع.. هي متأكدة أنه يغفو في غرفته، ولكن ربما تأخرت واستيقظ الصغير وحبى للخارج دون أن ينتبه أحد من إخوته ..
استقام مؤمن عندما وجدها تهبط بعجلة وتمتم بهدوء :
اهدي هو كويس
جحظت أعين زوجة مؤمن ورمقتها بذهول، منامة تحدد تفاصيل جسدها لا يمكن الخروج بها من باب المنزل أبدا، وخصلاتها الطويلة تتطاير خلفها بحرية !!!
حملت مي الصغير تعانقه بقوة وهي تتفحصه بخوف جلي، تارة تقبله بهلع، وتارة أخرى تخرجه من أحضانها تتأمله بقلق .. جاء في نفس الوقت ربيع ووالدته التي أخبرته بالصراخ للتو فصعد بعجلة معها، حينها التفت مؤمن وهو يخفض بصره، طمئن ربيع على الصغير الذي أُصيب بكدمة في ذراعه أثر سقوطه على درجة السلم، فقالت والدتهم بهدوء :
الحمدلله جات سليمة
تطلعت زوجة مؤمن إلى ربيع وقالت بحنق :
سليمة آه، ما احنا هنستنى لما دماغه تتفتح علشان متبقاش سليمة
رمقتها والدة ربيع بحده وهتف باقتصار :
العيال بتشوف كتير، ولا أول ولا أخر عيل يقع
تلجلجت مي وهي تنظر إلى زوجها بخوف :
كان نايم ودخلت أخد دوش وفجأة سمعت صوته
حرك رأسه باقتصار :
ماشي اطلعي دلوقتي
انصاعت إليه فتابعها وهي تصعد بضيق جلي … وهبطت زوجة مؤمن إلى شقتها وهي تشعر بالغيظ من تلك قليلة الحياء التي ترتدي ما لا يستر في منزل به رجال، ملس ربيع على رأس طفله برفق فقالت والدته بهدوء :
الحمدلله جات سليمه بس أبقا نبه على مي تتأكد من الأبواب مقفولة وﻻ لا وهي لسا بدري عليها لحد ما تتعلم
أومأ إليها دون أن يضيف وصعد … أغلق الباب وانزل الصغير بين اخوته، بحث عنها بأعينه فعلم أنها عادت للغرفة، فتح الباب بحده جعلتها تنتفض من مكانها، تشعر بالقلق من ردة فعله خاصة أن هيئته لا تبشر بالخير قط، وضميرها يأنبها على تقصيرها رغم أنها لم تقصد
: ربيع أنا مكنتش أقصد..
نظر إليها من أعلى إلى أسفل مردد بحنق :
ايه طلعك من باب الشقة بمنظرك ده
ردت عليه بتلقائية :
أول ما سمعت صوت ربيع طلعت أجري
هدر بغلظة وهو يشير على ملابسها :
ما أنتِ لو واخده بالك ومركزة مكنش كل ده حصل
وواصل بنبرة مرتفعة أرعبتها :
إنما إزاي تسمعي الكلام
تجمعت العبرات في عينيها وكانت ستبرر موقفها لكنه قطع أفكارها، وجمد الدم في عروقها عندما هتف بوعيد قاس :
ماشي يا مي شعرك اللي أنتِ فرحانه بيه ده هشيله خالص علشان تاخدي بالك بعد كده
: بابا عمو مؤمن عايزك تحت
تتطلع إلى ابنه ثم عاد يحدجها :
اصبري عليا
تسمرت محلها لوقت لم تعلم مدته …. إلى أن استوعبت ما وقع على أذنها، وفهمه عقلها، لم تعطي نفسها فرصة للتفكير وركضت تبدل ثيابها بسرعة قبل أن يعود، ثم أخذت هاتفها وهرولت إلى منزل والدها كي ينقذها قبل أن ينفذ ربيع حديثه ويأخذ أغلى ما تملك !!!
؛**********
في نفس الوقت داخل منزل عبده، من المفترض أنه وقت تناول وجبة الإفطار بالنسبة لأهل المنزل لكن على النقيض الأجواء متوترة لاختفاء أحد أفرادهم منذ الأمس !!!
ضرب عبده الطاولة بعنف وهدر بغضب :
اومال راح فين … الأرض اتشقت وبلعته
عقب سالم يهدأ من غضب والده :
يومين وهيرجع أن شاء الله
هتفت رحاب بتهكم وهي تشيح بيدها :
يرجع لو عمك ملوش دخل في غيابه ياخويا
نظر عبده إليها وتمتم بتفكير :
لا سالم ملوش دعوة هو سألني عليه أساسا
نظرت سمر إليهم متسائلة بخوف :
يعني محمود فين دلوقتي ؟؟؟
ربت سالم على كتفها برفق مردد بحنان فهو يعلم مدى خوف سمر وقلقها من كل شيء يطرأ عليهم فجأةً :
متقلقيش حبيبتي طبيعي يكون زعلان من الحصل وسافر يومين علشان ميختلطش بحد
وضع عبده يده على رأسه عندما وجد سميه تهبط الدرج وهي تبكي، لا ينقصه ذلك الطائش السفيه بأفعاله الحمقاء .. وقفت سحر تقترب من سميه متسائلة بعدم فهم :
في ايه يا سميه مالك ؟؟ بتعيطي ليه ؟؟
تطلعت سميه إلى عبده وصاحت ببكاء :
يرضيك يا عمي اللي سعد عمله
نظر عبده إلى الآخر الذي يهبط الدرج متسائلاً بشر :
عمله أسود ومنيل ما أنا عارف
بشهيق أشارت سميه عليه وتابعت :
بفرحه واقوله إني حامل يرد يقولي ليه دلوقتي دا أنا كنت ناوي أطلقك
عقد عبده جبينه باستغراب بينما هتفت رحاب بسخرية :
شوفي عملتي ايه عشان يقولك كده
استقام سالم أمام سعد وغمغم بحده :
أنت فاكر الجواز لعبة عيال تطلق وتتجوز وقت ما ممزاجك يطلب
كادت رحاب أن تتفوه فأشار سالم إليها باحترام :
لو سمحتي يا أمي بلاش كلام ملوش لازمة دلوقتي
: مش هسمح حد يجي على كرامتي لو مين ما كان يا سالم
تعجب الجميع من جملة سعد المبهمة!! والتي علقت عليها سميه باستنكار :
ومين جه على كرامتك ؟؟ أنا !!
نظر إليها بطرف عينه متمتم بحنق :
كل واحد عارف هو عمل ايه
مسحت سميه وجهها ووجهت حديثها إلى سالم :
طيب اسمع مني يا أبو حسن ولو غلطانه عرفني، كنا كويسين ومفيش اي حاجه غير لما راح يوصلني عندنا ومايسه هزرت معاه ومن ساعتها عمال يقولي أنتِ قلِتي مني قدام أختك
انكمش بين حاجبي سعد واردف باقتضاب :
واللي أنتِ قولتيه عادي كده بالنسبالك
وتابع بتبرم :
وعلى العموم أختك دي أُس البلاوي
زجره سالم بغضب وانفعال:
أنت هتنسى نفسك حاسب على كلامك
وقف عبده وقال بلا اكتراث :
ماشي أنا أروح أعرف عمك سالم وهو يتصرف أصل ربنا وعدني بمصايب ماشيه على الأرض
: لا عــمي سالم لا
صاح سعد بفزع ومن ثمّ استرسل بتمسكنا :
يرضيك يعني يابا ابنك اللي في عز شبابه تعمل فيه كده
هز عبده رأسه بتأكيد وهتف بشماته :
اه يرضيني
اتجه سعد يقبل رأس سميه وغمغم بمزاح يصطنعه :
اتصفينا خلاص، أنا أصلا مقدرش أعيش من غيرها
لم يهتم عبده وكاد أن يتقدم خطوة فأمسك سعد يده وتوسل برجاء :
ده بلع محمود واختفى، يرضيك يبلع عيالك الاتنين
توسلت سميه هي الأخرى بخوف من معرفة المعلم سالم:
خلاص يا عمي هي ساعة شيطان وراحة لحالها
نظر إليهما بضيق ثم عاد يجلس مجددًا بانزعاج :
مشاكلكم تحلوها مع بعض في شقتكم
هز سعد رأسه بتأكيد واقترب من سميه يقبل رأسها:
اتحلت خلاص
وتابع وهو يجلس على المقعد يأخذ قطعة خبز :
أنا ميت من الجوع
أمسك سالم يده قبل أن يضع الطعام في فمه وأمره بحده :
قوم معايا خلينا نشوف التجار اللي واقفين في المخزن
نظر سعد إلى الطعام بشهية وهتف بحنق :
وأنا مالي ومال شغلكوا
أعطاه سالم نظرة جعلته ينهض رغمًا عنه على مضض… صحيح أنه يعمل مع عمه في المصنع لكن في بعض الأحيان يساعد سالم ومحمود في مخازن الخاص بهم لتجارة الأدوات الصحية مع عمه جابر ..
مر بجوار سمر التي طلعت إليه ببرود فأراد أن يمازحها مرددًا بعبث :
بوزك شبرين ليه يكونش خليل معكنن عليكي
ضحك بسماجة واسترسل وهو يميل عليها :
بقولك ايه ما تسيبك منه ونشوفلك يونس اهو مننا وفينا
عم الصمت فجأةً والصدمة احتلت ملامح الجميع مع صفعة قوية هبطت على وجه سعد … شهقت سميه بفزع وتوسعت عين عبده بذهول وهو يرمق رحاب التي هدرت بغضب :
اهبل وقولنا ماشي إنما هتقل ادبك مع اختك مش هسكتلك
وضع سعد يده على وجنته غير مستوعب ما حدث، كيف نهضت واقتربت منه في ثوان!! وماذا فعل لأجل أن يتلقى صفعة عنيفة منها ؟! تجمد مكانه يرمق والدته بدهشة لا تقل عن عبده الذي صاح يسألها بحده واستنكار :
قلة أدب !!! هو قال ايه؟؟، وازاي ترفعي إيدك عليه وأنا عايش ولا أنتِ فاكره أنه عيل صغير
نقل سعد عينيه على سميه التي تتطلع إليه بثبات، لديها الحق عندما وصفته “مهزأ ” كيف تراه الآن !! ولِما تحترمه إذا كان الجميع يقلل من شأنه، تحرك بعجلة يغادر المنزل لا يتحمل أن يرى في عينيها شفقة فلا يدري أهي شفقة أم استهزاء …. حرك سالم رأسه باستياء ولحق أخوه وهو يناديه، احتد النقاش بين عبده ورحاب إلى أن هدرت سمر بانفعال والدموع تنهمر من عينيها :
كفايا بقا حرام عليكم أنتو مش بتتعبوا ولا بتزهقوا من الخناق والصوت العالي
أكملت بصوت مختنق وهي تنظر إلى عبده برجاء:
كفايا يا بابا
استغفر بصوت عال ودخل لإحدى الغرف، طلب من سحر بأن تجلب إليه جلبابه ليغير ثيابه ويذهب لجابر … وعلى الجهة الأخرى ربما لو رأته الآن لصفعته مجددًا من شدة غيظها من هذا الهراء، دخلت إلى غرفتها والغضب يتفاقم وبشدة، أنفاسها تعلو وتهبط بعنف، حتى وإن كان يمزح فقد تجاوز حدوده مع أخته بقلة أدب ووقاحة … وإذا فكرت سمر بحديثه بجديه ربما تقرر فسخ خطبتها من خليل وخاصة أنها لا تملك عقل حكيم يفكر في مصلحتها ؟؟؟
؛****
: أنا مش فاهم أنت عايز توصل لايه
مسح عامر وجهه بنفاذ صبر :
هو ايه اللي مش مفهوم في أن المعلم سالم مادام قالك كده يبقا أنت مدورش ورا الموضوع
ضيق موسى عينه وسأله بشك :
وأنت بتقول كده ليه ؟؟!
ابتسم عامر نصف بسمة واردف بإنبهار :
لاني مشوفتش زي دماغ الراجل ده أبدا
واصل يشرح إليه مقصده الذي طلب منه المجيء لأجله:
أنا متأكد أنه عارف مين عمل فيك كده امبارح يعني في بيته وكاميرات المدخل وكاميرات الباب اللي بين جهة الضيوف وبين بيته مش جايبه مين ؟؟ خالي الكلام يعقل وبرده حبيت أعرفك كنصيحة من صديق
عاد موسى يسند ظهره وتمتم بشرود :
وأنا برده عندي إحساس أنه عرف بس مش عايز حد يعرف
نهض عامر يجلب ورقة من أحد الادراج وتمتم بريبة :
كنت عايز منك طلب
تطلع موسى إليه بفضول وهو يقرأ الورقة بعدما وضعها عامر أمامه مستكملًا :
في حد محتاج أعرف عنه شوية حاجات وهو شغال في مجال قريب من مجالك، وبما أنك مغطي على مجال السياحة في مصر وده اللي سمعته مؤخرًا
عقب موسى بثقة وقطع حديثه :
يبقا سمعك تقيل
ضحك عامر وقال بعفوية :
يا سيدي ومالو ربنا يزيدك، اخدمني في الموضوع ده واثبتلي
نظر موسى إلى الاسم للمدون في الورقة وعاد يرمق عامر بجمود :
يونس ابراهيم الخولي
هز عامر رأسه بتأكيد، فسأله موسى بدهاء :
شاكك في ابن عمك ؟؟
اجابه بحيره :
مش بيقولوا قلب الأم بيحس؟! وأنا خايف ليكون قلبها حاسس واطلع مغفل
لا يفهم سبب تحذير والدته من عودة يونس، فشل في كل الطرق ليهدأ من قلقها .. تعتقد أن إبراهيم زرع فيه الكره باتجاههم، لكن ما يجبر يونس على محادثته طيلة السنوات الماضية دون أن يعلم أحد ؟! ولا حتى طلب منه أن يتقرب من عائلته ؟! وكي ينهي الجدل ويخمد شكه قرر اللجوء إلى موسى للتأكد من وضعه في وظيفته وسكنه اهو حقيقي أم أكذوبة ؟!!
؛********بكت بخوف وهي تحكي ما حدث أمام والدها وأخيها، ملست زينب على ظهرها بحنو وهي تحاوطها بذراعيها … فهب سالم من جلسته مغمغمًا بقسوة ووعيد بعد أن انتهت :
دا لا هو ولا عيلته يعرف يمسه منك شعره
وصاح بانفعال محرك يده بهمجيه :
وربي ادفنه حي وميكفيني
نهض جابر يردف بتجهم :
اقعد يا سالم متبقاش شبه الطور كده
أشار سالم على مي وهتف بشراسة :
اقعد ايه يابا مش سامع بنتك بتقول ايه، عايز يحلق شعرها، ربيع عايز يحلق شعر بنت جابر سويلم واحنا عايشين
شعرت مي أن الوضع تأزم ولا تدري أهي محقة في المجيء للاحتماء من ربيع أم أنها أنهت علاقتها به من الأساس، أفاقت على أسهم الاتهام الموجهة عليها من أخيها وهو يتمتم بغضب :
ما هي السبب، لو كانت محترمة ..
انتفضت من مكانها كمن أصيب بصاعق وهي تردعه بصوت عال وانفعال بدى على وجهها :
أنا محترمة غصب عنك، ياخي أنت ايه مش بتحس، معندكش دم، هو محدش بيغلط عندك ولا كلكم معصومين من الغلط
وقف جابر أمامها يمنع سالم من رؤيتها وهتف بأمر صارم :
ادخلي يا مي اوضتك
تهدجت أنفاسها وبيد مرتعشة أخذت هاتفها، كادت أن تخطو لكنها ظلت مكانها وهي تسمعه يصفها بكلمات قاسية تقطع قلبها بنصل حاد جعله ينزف دم الندم والحسرة :
طلع ليكي صوت وأنتِ اللي زيك المفروض يكون مدفون
تعجب جابر من نبرته القاسية وعينيه المكسوة بالسواد الحالك وهو يتحدث مع أخته :
وأنت مين اداك الحق تحكم في الحي والميت
ضغط سالم على فكه يكبت غيظه وردد بغلظة :
يابا هتفضل لحد أمته تدافع عنها، هي اللي عملته كان شويه
: مش شويه
جوابته هي والدموع تحفر مجرى على وجنتيها، استرسلت بشهيق وهى تتطلع إلى والدها بندم :
عرفت وفهمت وندمت والله يا بابا… ندمت وتوبة وبدعي ربنا يسامحني ويخليك تسامحني
بكت زينب في صمت وكذلك نيره التي نظرت إلى زوجها باستغراب لجحوده .. مسح جابر وجه مي وهو يقول بحنان:
مسامحك من يوم ما شوفت أنك عرفتي غلطك، سيبك من كلام اي حد ومتخافيش طول ما أنا عايش
استحكم الضيق من سالم وشعر أنه على وشك أن يفقد السيطرة على غضبه .. تحرك بعيدًا عنهم وهو يخرج علبة التبغ خاصته، أشعل واحده ينفث دخانها علها تطفئ لهيب نيران مشتعلة بداخله، كاد أن يصعد لسيارته لكنه توقف عندما شاهد سعد يمشي بوجه مقتضب وخلفه أخوه يحاول اللاحق به ..
: مالك يالا ؟! مش بترد على سالم ليه !!
تطلع سعد إليه بجمود وود أن يكمل طريقه متجاهله، فأمسكه سالم من معصمه وهتف باستغراب :
هو أنا مش بكلمك ؟! مالك !!
نفض يده بانزعاج وسار دون أن يعطيه اهتمام، مكث سالم يرمقه بعدم تصديق أنه فعل هذه معه ..
: متزعلش منه يا سالم هو مضايق وحتى مش بيرد عليا
قالها سالم عبده بقلة حيلة فنظر الآخر إليه وسأله بعدم فهم:
تعرف أن أول مرة أشوف سعد كده !؟ ماله !!
رد عليه وهو يطالع اثر أخيه بحزن :
والله ما حد فاهم ايه اللي بيحصل معانا
حرك سالم جابر رأسه وتمتم يسأله بسخرية :
لسا موصلتش للبيه محمود ؟؟!
تطلع إليه قائلاً بتفكير :
لسا، ما تيجي معايا نروح لـ عبدالله
أومأ إليه وتحركا الاثنين باتجاه منزل عبدالله عزيز، باعتباره أقرب أصدقائه وأغلب سهراتهم سويا، من المحتمل أن يجدوا لديه خبر بمكان محمود …
؛************
عودة إلى منزل المعلم سالم
بالتحديد في غرفة المعيشة، اجتمعوا الفتيات يتحدثون في أمور عشوائية ومختلفة بعد أن انتهوا من تنظيف طاولة الطعام وقررن الجلوس سويا بانضمام مها إليهن..
: دا أنا نمت امبارح قتيلة، ولا حسيت بحاجه
عقبت أمل على حديث خيريه :
فعلا كان يوم مرهق
رفعت رحمه نظرها من شاشة الهاتف وسألت حسناء باهتمام :
هتنزلي معايا الكلية الاسبوع الجاي
هزت رأسها وجوابتها بلهفة :
أكيد، بس محتاجين نسأل هو أنا لازم اقدم الورق من جديد
لم تنتبه رحمه أنها ضغطت على اعجاب بمنشور خاص بصفحة شخصية على موقع تواصل اجتماعي “فيسبوك” وهي تتفحص الصفحة بعشوائية :
مش عارفه، بس أنا كنت عامله تأجيل فعادي، واخيرا هخلص السنه دي وانفض من حوراها، إنما أنتِ لسا موالك طويل
ابتسمت حسناء بسعادة تغمرها وهي تتخيل نفسها طالبة جامعية في أول سنة دراسية لها، صحيح من المفترض أن تكون في نهاية السنة الثانية ولكن لا بأس المهم أن الخطوة على وشك التنفيذ ..
: مالك يا مها ؟؟
دون أن تنظر قالت بلا مبالاة:
مفيش
انكمش بين حاجبي هند وعادت تسألها بقلق :
مفيش ايه أنتِ مش شايفك نفسك من وقت ما وصلتي ؟؟ في ايه مش عوايدك ؟!!
تعلقت الأنظار عليها منتظرين اجابتها .. طال صمتها وهي تلعب بأناملها في كوب الشاي الأخضر بعشوائية، ومن ثمّ همست بنبرة مختنقة تحمل الكثير والكثير :
متخانقة مع مرتضى وأول مرة يوصل النقاش بينا لكده
أردفت مروه مشاكسة :
١٠ دقايق وهتلاقيه بيكلمك وضحكتك تبقا من الودن دي للودن دي
اخفضت مها رأسها تخفي سحابة حزن عصفت على عينيها، فـ فهمت هند أن الأمر أكبر مما وصل إليهن فقالت بهدوء :
كله بيتحل حبيبتي المهم تشوفي مين الغلطان..
قاطعتها مردفه بندم :
شتمته
توسعت عينين هند بقوة من الصدمة، بينما شهقت أمل بعدم تصديق.. وجالت بينهن نظرات تعجب وذهول !! .. سكون حل عليهن من هول الصدمة، كسرت خيريه الهدوء متسائلة بتفكير :
بصي هي الشتيمة مش بتلزق إلا لو شتمتيه بأمه ؟؟
ضحكت مروه رغمًا عنها ودفعت كتف خيريه برفق :
اسكتي أنتِ بتقولي ايه
: هو استفزني بسكوته واحنا كنا شدين مع بعض امبارح قبل ما اجي وانهارده ساكت وقاصد يتجاهلني
رفعت هند حاجبيها وهتفت مستنكرة:
تقومي تشتميه قال يعني كده بتصلحي بينكم !!
قبل أن توضح ما حدث سألتها رحمه بفضول :
قولتي ايه يعني ايه الشتيمة ؟!
: قولتله أن عينه فارغه
تدلى فم رحمه بدهشة متمتمه بعدم فهم :
فين الشتيمه، ولا كده شتمتيه يعني
انفجرت حسناء تضحك بصخب وقالت تشاكسها:
هو دا أعلى ليفل الشتيمة عندكم، ده أنا فكرت في ألفاظ بذيئة
هزت مها رأسها بنفاذ صبر :
يا جماعة طريقتي أنا ومرتضى مفيهاش الكلام ده وبصراحه أنا عارفه اني غلط
ابتسمت أمل وقالت بعفوية :
سهله كلميه واعتذري عن غلطك والموضوع انتهى
أضافت هند تؤيد حديث أمل :
صح، وممكن تستني لما يرجع البيت لأن كلام الفون غير لما تكونوا قصاد بعض
وضعت رحمه يدها أسفل ذقنها تستند على حافة المعقد :
مش لما نعرف هو ايه سبب المشكلة الأول ما يمكن هو الغلطان وزي ما قالت استفزها
وعلى حين غرة انتفضت مروه من جلستها مصعوقة وهي تنظر إلى شاشة هاتفها بصدمة، نظروا إليها بتعجب وسألتها خيريه بدهشة :
خضتينا يا بنتي!! مالك ؟؟
جف حلقها وعينيها مذهولة وثباته على هاتفها .. بهتت ملامحها وشحب وجهها، وبصعوبة حركت شفتيها بتلجلج وارتباك :
أنا طالعة اوضتي
: استني يا مروه، اتخضيتي كده ليه أول ما فتحتي تلفونك
دون أن تلتفت ردت على مها باقتصار :
أبو واحده صاحبتي اتوفى ولازم اكلمها
رمقتها هند بعدم اقتناع لهيئتها المريبة، فزعها بتلك الطريقة لا يدل على ما قالته أبدًا .. انشغلت مع احدايث أخواتها مجددًا لكن عقلها في الأخرى…
؛*********
مشط يعقوب خصلاته وخرج على عجلة لاستقبال سالم عبده وسالم جابر لحين نزول عبدالله من شقته .. قدم علي الضيافة متمتم بهدوء :
محمود مش صغير وتلاقيه بيغير جو
عقب سالم عبده بضيق :
ما هو لو مش صغير مكنش عمل كده
ألقى يعقوب التحية وصافحهم متسائلاً بترقب :
ها مفيش جديد ؟؟؟
: يمكن الجديد يكون عند عبدالله
قالها سالم جابر بشك من معرفة عبدالله مكان محمود، هم فقط يريدون التأكد أنه بخير حتى وإن قرر الاختفاء ولكن للاطمئنان لا أكثر … جلس عبدالله وبعد عدة أسئلة من سالم عبده هتف بجدية :
حاولت أكلمه بس تلفونه مقفول
ضحك سالم جابر بسخرية طاغية :
تصدق كنا مستنين نعرف منك
وتابع بكدر :
ما تتكلم كلام معقول يا عبدالله
تطلع سالم عبده إلى عبدالله قائلاً بحكمة :
لو سمحت يا عبدالله طمني لو تعرف اي حاجه احنا مش عارفنها، لو هو حابب يختفي أو يبعد برحته ومش هضغط عليه بس ابقا فاهم أنه كويس
رفع عبدالله كتفه ببراءة :
صدقني يا سالم آخر مرة شوفته قبل كتب الكتاب بساعتين وكنا متفقين نتقابل في المسجد بعد صلاة الجمعة
يفقه يعقوب كذب أخيه جيدًا .. كيف لا يعلم وهما معا طيلة الوقت ليلاً ونهارًا، تحلى بالصبر دون أن يستجوبه أمامهم وانتظر مغادرتهم … بعد وقت قصير من رحيل سالم نظر إلى عبدالله وسأله ساخرًا :
متأكد يا عبدالله انك متعرفش محمود فين ؟؟
حرك عبدالله بصره بين اخويه وهتف بتعجب من إصرارهم:
ولو أعرف مش هقول ليه ؟؟
: علشان مزاجك مثلا، وسبحان الله أنت وهو شبه بعض
اضطرب عبدالله وهو يسأله بارتباك :
تقصد ايه ؟؟ وبعدين ايه مزاجي دي كمان !!
فهم علي أن أرتباك عبدالله لن يكون من فراغ فزجره بغضب :
أنت رجعت تشرب الزفت ده تاني
هز رأسه بسرعة وتلجلج في قوله :
محصلش هي السيجارة بس ومعرفش يعقوب بيقول كده ليه، محصلش والله صدقوني
دفعه يعقوب في كتفه مزمجرًا من بين أسنانه بشر :
متحلفش، ميمونه شفتك لما بتطلع بليل على السطح
انفعل عبدالله من ثرثرة زوجته فصاح بضجر :
ميمونه ايه اللي تعرف الفرق بين السيجارة والحشيش
ووقف مستكملًا بشراسة :
أنا هعرفها بعد كده تتكلم في اللي ميخصهاش ازاي
انقض يعقوب يمسكه من تلابيب ثيابه :
لو جدع كلمها وأنا أعرف أبوك، ووريني هتعمل ايه
أردف علي بحنق من تصرفات أخيه الطائشة وكأنه مراهق وليس رجل مسؤول عن زوجة وأطفال:
وهو كل همك أنها قالت على الشافت جوزها بيعمله، يا بني فوق لنفسك قبل فوات الأوان
انكمشت قسمات وجه عبدالله وتمتم بتبرم :
مش هخلص من الحكم والمواعظ انهارده
جاءت حسنيه من الداخل على أصواتهم متسائلة بقلق :
انتوا بتتخانقوا ؟؟
رمى يعقوب عبدالله بنظرات ناريه فأخذ هاتفه وخرج من المنزل دون أن يرد على نداء حسنيه المتعجبة، فقال علي كي يطمئنها :
اتعصب لاني عدلت عليه قدام العمال في الشغل، مش عايز حد يغلطه
ابتسمت حسنيه وهتفت برفق وحنو :
معلش هو عبدالله خلقه ضيق وبعدين انتو الكبار وتستحملوا
صمت يعقوب بكدر دون أن يتدخل، لو علم والدهم تلك المرة لن يمررها لو ندم عبدالله عمره بأكمله… متهور مثل صديقه الذي اختفى !!!
محمود وعبدالله تزوجا في عمر صغير وانجبا أطفال لا يدركان قيمتهم، كل شئ قدم إليهما دون عناء في الحصول عليه، منزل، وأثاث راقي، وزوجة، حتى عملهم ومكانتهما بين الجميع .. رفاهية العيش أودت بهم لطريق لا عودة منه إذا أصروا على السير به …
؛**********
أغلق باب المكتب كي لا يزعجه أي من العمال وجلس على المقعد، وضع رأسه بين كفيه ومكث ينظر للأرضية بشرود .. لِما صفعته ؟! لِما يعملونه بطريقة لا يقبلها عبد !! إلى متى سيظل غبي وطائش وبلا فائدة في نظرهم ؟؟ .. حتى هي تراه بلا قيمة وتستخف به، أخذ سعد نفس عميق يساعد صدره في الحصول على هواء يخفف من اختناقه، يريد البكاء ولكن حتى هذا لا يتمكن منه،
انتبه إلى شاشة هاتفه تنير باسمها، لم تتوقف عن الاتصال به منذ أن غادر المنزل.. ضغط على الشاشة بجيبها دون أن يتفوه، واستمع إلى صوتها القلق وهي تقول :
قلقتني عليك يا سعد مش بترد ليه
باقتصار سألها ونبرته خير دليل على ما يمر به :
عايز ايه ؟؟!
ردت عليه بانزعاج من أسلوبه :
بطمن عليك
: أنا كويس، اقفلي دلوقتي
جاء صوت سميه المرتفع بغيظ :
هو ايه اللي اقفلي يعني أنا غلطانه اني بطمن عليك بعد اللي أنت عملته
باقتضاب وصوت مرتفع مماثل إليها قال :
يا تقفلي من سكات يا هطلع كل اللي فيا عليكي
لا تملك سميه حس الحنكة واللباقة التي تجعلها تحتوي الموقف وتخفف من الحدية بينهما، بل تيبس العناد منها واردفت بسخرية :
لا طلعه يا سعد
انتابه الغضب الشديد من سخريتها، واعتقد أنها تقصد التقليل منه ليس فقط مجرد حماقة منها، تصور أنها تود اثبات ضعفه ولكي يبرهن إليها خطأها في الحكم عليه بالضعيف ألقى قنبلة موقوتة في وجهها :
كلمة كمان وتكوني طالق يا سميه
؛********

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى