روايات

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثامن والثلاثون

رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثامن والثلاثون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثامنة والثلاثون

وما ضاق عفو الله عن مذنبٍ وإنْ
تعاظَم منه الذنبُ فالعفوُ أعـظمُ
أيا رب إن العـبـدَ بالـبـاب واقـفٌ
يخافُ ويرجو فهو يـدنـو ويُحجمُ
– ابن فركون الأندلسي
؛**********
فزع من ثباته على صوت طرق عنيف فوق باب منزله، انتفض بعجلة وكذلك مها التي استيقظت تجاهد في فتح عينيها متسائلة بقلق :
مين بيخبط كده؟؟ في ايه ؟!
اتجه إلى نافذة غرفته قائلاً بتعجب:
مش عارف
انتصفت في الفراش تمسح وجهها وهي تنظر إلى ساعة الحائط، أبعدت الغطاء عنها ونهضت بخشية عندما رأت الساعة السادسة والنصف صباحًا.. على صعيد آخر أمسكتها والدتها من يدها تسحبها بقوة وهي تهمس بحده :
هتفضحينا في البلد
دفعتها نسرين وهي تصيح بغضب :
مش همشي غير لما يطلع ياخد فلوسه ويرجع بيتنا
رفعت رأسها للأعلى واستكملت بنبرة مرتفعة:
مش هسيب البلد وانولهم اللي هما عايزينه
ردت عليها والدتها من بين أسنانها وهي تحاول سحبها بعيدًا عن الباب الحديدي :
وأنا مش هرجع الفلوس دا احنا مصدقنا مسكنا مبلغ زي ده نعرف نشتري بيه شقة بعيد عن البلد وقرفها
طرقت نسرين الباب بقوة متجاهلة رجاء والدتها، فقد خرج بعض الأهالي من منازلهم على صوتها المرتفع.. اقتضبت قسمات وجه مرتضى وعاد يبحث عن هاتفه فسألته مها بضيق:
هتعمل ايه؟! أكيد مش هتنزلها
ظل عينيه معلقة على شاشة هاتفه وقال بلا اكتراث:
شيخ الغفر يجي يتصرف إنما مش هنزل أقف قدام ست
استمعت مها إلى اسمها الذي ذكر فاقتربت من النافذة تطلع إلى الأهالي الذين ازداد جمعهم يحاولون تهدأت نسرين وأخذها لمنزلها .. خرجت إلى غرفة الملابس أخذت ادناء الصلاة ترتديها فوق ثيابها المنزلية، واحكمت الحجاب فوق رأسها وهي تتجه إلى الشرفة الرئيسية للمنزل والتي كانت تتوسط تصميم الطابق الثاني، فتحتها على وسعها فصدح صوت ارتطام الأبواب في الحائط، عم الهدوء فجأةً وتعقلت الأنظار إلى الأعلى..
ملكة تقف على عرشها بشموخ وكبرياء، تنظر إليهم بثبات وبجانبها ظهر ملاذها يجاور ملكته بهيبة، كفت الألسن عن الثرثرة ودار حديث الأعين لينهي بلبلة لا قيمة لها.. “الكلاب تنبح والقافلة تسير” وأفعلِ ما شئتِ فلن يهتز الجبل بالرياح .. هنا اثبت إلى نسرين أن الصمت لغة العظماء، رغم سكون مرتضى ومها إلا أن شعور القهر تغلغل بلهيب الحقد الدفين، شعرت بحجمها الضئيل في أعين مرتضى مقابل مكانة مها..
: ايه يا ام نسرين على الصبح
تلعثمت والدة نسرين وهي ترد على شيخ الغفر باضطراب:
حقك عليا البنت صعبان عليها أننا هنمشي من البلد
سألها شيخ الغفر وهو يرمق نسرين باقتضاب:
وهو يصح اللي بنتك بتعمله
لم تعيره نسرين الانتباه وظلت تحدق بمها بكره متمنيه أن باستطاعتها الصعود ودفعها من الشرفة ربما حينها تشفي غليلها .. بينما أخذ مرتضى مها وولج للداخل ومن ثمّ هبط يتحدث مع والدة نسرين في وجود شيخ الغفر وبعض الجيران كي يكونوا شاهدين على حديثه،
اندفعت نسرين عندما خرج من منزله وهي تصيح بحرقة بأن يعيد إليهم ملكية منزلهم.. فتغاضى عنها وكأنها هواء شفاف متوجه إلى والدتها :
يا أم نسرين أنا لست عامل حساب للجيرة اللي بينا
: حقك عليا يا ريس مرتضى
وقفت نسرين مقابل له مردفه بسخط :
متعملش حساب لحاجه ورجع لينا البيت هو بالعافيه
هنا تبخر ثباته الانفعالي من أسلوبها المقلل لشخصه، احتقن وجهه بغضب وهو يرد عليها بحده:
آخر مرة هسمحلك توجهي كلام ليا، واياكي تفكري تسوقي فيها عشان سكتلك
واستكمل بصرامة:
ممكن أعرفك قيمة اللي أنتِ بتعمله بس مش طبعي أقف قصاد وحده
كانت المرة الأولى إليها ترى الوجه الآخر من شخصية هدوئه، لا تعلم لِما صمتت ولم ترد عليه ولكن كأن أحدهم قيد لسانها كي لا تقلل من نفسها أكثر أمامه، لازالت تتصور أنه يكمن بداخله مشاعر إليها ومها من تقف بينهما.. هتف شيخ الغفر باقتصار:
حصل خير مش هنزعل ام نسرين وهي ماشية
نظر مرتضى إلى والدة نسرين وقال بجدية :
لو عايز تلغي البيعة احنا لسا فيها
واسترسل وهو يحدج نسرين ببرود :
وزي ما اشتريت ده هشتري غيره
أردفت والدة نسرين بعتاب :
بعد ما رتبتنا نفسنا تقول كده يا أبو سالم
لن تجد من يدفع مبلغ كهذا في منزلها فهي تدرك أن قيمته أقل بكثير.. أمسكت نسرين من معصمها تجرها عنوة :
حقك عليا وبكره الصبح هنكونوا مشينا
انتظر شيخ الغفر ربع ساعة يتأكد من عدم خروج نسرين مرة أخرى، وأخبر مرتضى أنه سيكون على اتصال إذا حدث شيء.. عاد إلى منزله متنهد براحة غمرت صدره، إذا وافقت والدة نسرين على إلغاء البيعة كان سيحزن جدًا على سعيه لتلك الفرصة، وجد مها تجلس على ملامحها التوتر وما أن رأته سألته بفضول:
رجعت ليهم البيت ؟؟!
ضيق عينيه بشك متسائلاً بمكر :
مالك متوترة كده ليه ؟!
رفعت كتفيها ببراءة وتمتمت بارتباك:
مش متوترة ولا حاجه دا سؤال عادي
أمسك وجنتها قائلاً بابتسامة:
مش بتعرفي تكذبي عليا، قولي أنك خايفه نسرين تفضل في وشك
أبعدت يده متمتمه بتبرم :
متلعبش بأعصابي وعرفني هتفضل في وشي ولا هرتاح
: أنا كمان كنت خايف أمها ترجع في كلامها وأفضل طول عمري في صداع ووجع دماغ بسببك وسببها
احتدت نبرة مها وهي تسأله بوجوم:
تقصد ايه بكلامك ؟؟
فعل حركة يدها عندما تنفعل وغير نبرة صوته يقلدها وهي غاضبة:
نسرين راحت المحل عندك ليه يا مرتضى، شوفتك وأنت واقف مع نسرين يا مرتضى، ايه جاب نسرين البيت وأنا مش موجوده يا مرتضى، نسرين بصتلك وأنت معدي يا مرتضى
قهقهة على طريقته في تقليدها فاستكمل بحنق :
ومرتضى أساساً ولا شايف نسرين ولا غيرها
وضعت يدها في خصرها مغمغمه بإصرار:
أولاً دا حقي ثانياً أنا مش بتكلم كده لما اتعصب
وضع ذراعه حول كتفها يصعدا للأعلى مردفًا بعبث :
مع أنك مطلعة عيني ومفيش يوم بيعدي من غير عكننة بس على قلبي زي العسل
رمشت بأهدابها ببراءة وقالت بغرور :
أساساً أنت متعرفش تعيش من غيري
شدد علي اقترابها منه مغمغم بهيام :
دي حقيقة محدش بيعرف يعيش من غير قلبه
اشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل ولكنها لم تبخل عليه بكلماتها الممتنة لوجوده في حياتها، ليستمتع هو باستحيائها في إلقاء مشاعرها .. كعاشقين يتعرفوا بحبهم لأول مرة لن تكون ذكرى زواجهما العاشرة الشهر القادم.
؛**********
عند بدأ وقت الزيارة المسموح بها، كانت نيره ووالدها واخيها أول القادمين.. سارت في الطرقة بوجه عابس وهي ترتدي عباءة وحجاب باللون الأسود فقال أخيها بسخرية :
أنتِ متسودة كده ليه هو إحنا رايحين عزا
رمقته بطرف عينها بملل فرد والدها بغيظ :
أصلها هتتحسد لو لبست زي الناس وهي رايحه تزور جوزها
استقبلهم جابر بترحاب وولج معهم لغرفة سالم، نظرت إلى الأجهزة الموجودة بجانب فراشه بخوف، صوت صافرة جهاز القلب وقناع التنفس الصناعي الذي أبعده بصعوبة عندما انتبه إليهم، أشياء لم تراها سوى في التلفاز .. ظلت محلها على المقعد حتى خرجوا وتركوهما بمفردهم، نهضت ببطيء وتحركت إلى جواره بتثاقل :
حمد لله على سلامتك
قالتها بآلية وهي ترمقه بتفحص، فرد عليها بهدوء:
الله يسلمك، بلاش تتعبي نفسك وتيجي كتير
قطبت جبينها باستغراب فتلك أول مرة تأتي لزيارته!! أم أنه يسخر لعدم مجيئها؟ تغاضت عن تلك النقطة وسألته بدهشة:
أنت ليه لسا في العنايه ؟؟!
: مش عارف
هزت رأسها دون أن تُعقب، مر دقيقتين ربما دون أن يتحدث أحدهما فقال سالم بصوت هزيل :
قربي الكرسي واقعدي بدل ما تتعبي من الوقفه
دارت برأسها باتجاه الباب وهتفت باقتصار:
لا أنا همشي طالما اطمنت عليك
قرأت في عينيه شعور لم تتمكن من تحديده، فتراجعت وقالت مبتسمة:
هستنى بره عشان اللي عايز يدخل يطمن عليك
على حين غرة رفع كفه يمسك يدها وهو يردف بلين :
متزعليش مني وانسي اللي عدى، لو من غير قصد أو بقصد ضايقتك فأنا آسف
ازدردت لعابها بتوتر ونظراتها الزائغة تجول في الغرفة بارتباك، تعجبها من نفسها ومشاعرها الجامدة أكثر من استغرابها لعدم قدرتها على الرد، ربما لم تعلم نيره مثل شعبي أو حكمة ترعرعنا عليها ” البُعد يعلم الجفاء” جملة قصيرة ولكن معناها لن يفهمه سوى فطين.. لا ذنب لأرض أصبحت بور لجهل صاحبها، ولن تطلب الزهرة العناية من زارعها، والمسافات تصنع فجوة يصعب علاجها ..
: ارتاح دلوقتي وبعدين نتكلم
ترك يدها برفق وسألها باقتصار لشعوره بطريقتها المقتضبة:
رجعتي البيت ؟!
حركت رأسها بالنفي فأعاد يسألها مستفسرًا:
ليه؟! مش كفايا كده ؟؟
قطبت جبينها باستنكار وهتفت بتعجب :
شايف أن الوقت مناسب لكلامك!!
لوى جانب فمه وغمغم ساخرًا:
ولحد أمته كلامي مش هيكون مناسب ليكي يا نيره
واسترسل بهدوء لا يصف ضيقه :
قدامك فرصة لحد ما أخرج من المستشفى تكوني قررتي عايزه ايه واللي يريحك هعمله
صوت الطرقات فصلت بينهما واتبعها دخول الممرضة، أفسحت نيره إليها الطريق وخرجت تلحق بأخيها كي يوصلها للمنزل قبل صعود والدها وجابر من مقابلة الطبيب.. كانت تختبئ من أعين الناس بتوجس لإصابتها بمكروه، وضعت حقيبتها أمام بطنها وكأنها المرأة الحامل الوحيدة بينهم، خوف جَمّ من الحسد حتى أنها لا تخبر أحد بجنس الجنين فهي ليست مستعدة أن تخسر صبيها قبل أن يأتي إلى الدنيا بسبب نفوس من حولها، وكلما أظهرت أن حياتها عسيرة وعلاقتها بسالم متوترة أبعدت الضوء عليها!!
؛*************
: صباح الخير يا معلم، الفطار جاهز
نهض يتبعها للخارج قائلاً بنبرة مرهقة:
تسلم ايدك يا ناديه
ابتسمت بهدوء ومن ثمّ سألته بقلق :
مالك يا معلم ؟؟ أنت تعبان!!
هز رأسه بالنفي مردفًا بهدوء :
لا شوية صداع لأني نمت زيادة انهارده
: نوم العوافي يا خويا، بعد الفطار هعلمك كوباية شاي تظبط دماغك
ترأس المائدة وشرع بالتسمية ليبدأن بعده بتناول وجبتهم، وكأن قطعة الخبز حجارة تقف في منتصف حلقه لا يستطيع بلعها ، وضع الطعام من يده وطلب من احداهن أن تسكب إليه كوب الشاي.. فقالت صباح بقلق:
مش هتفطر يا حاج دا أنت مكلتش لقمة
رتب على يدها برفق وأخذ كوب الشاي وهو ينهض:
افطروا انتو
: بابا أنت كويس ؟؟؟
رد على هند دون أن يتلفت إليهن :
الحمدلله
نظروا إلى بعضهن باستغراب فهتفت صباح وهي تسكب إليهن الشاي:
كتر خيره بقالو ٣ أيام مشفش الراحة
صنعت حسناء شطيرة على بسرعة ونهضت من مقعدها وهي تقول بعجلة:
هروح أقعد معاه على ما تخلصوا
أشارت نجاة إليها بأمر صارم :
اقعدي مكانك زيك زي أخواتك ولما تخلصوا كلكم اطلعوا
نظرت حسناء إلى رحمه التي أخفضت رأسها ترتشف من كوب الشاي خاصتها بارتباك، فالكل يعلم أن المعاملة أصبحت رسمية بشكل لا يروق للفتيات من والدتهن .. كل كلمة تكون الجماعة وليس لاحداهن ولا يحق لواحدة منهن أن تنفرد مع والدها في جلسة بدون إخوتها، فقد سار الاتفاق بين نساء المنزل منذ فترة وجيزة كي لا يتكرر موقف رحمه مجددًا .. عادت حسناء بهدوء تجلس وهي تكبح دموعها، فقط أرادت أن تسأله عن شيء خاص تفضل أن يكون بينهما، وضعت الشطيرة من يدها وانتظرت انتهاء إخوتها من وجبتهم..
؛*************
في المنزل المجاور
اجتمعوا على مائدة الإفطار منذ ربع ساعة، تلك المرة افتتحت وجبتهم بمشاجرة حادة بين عبده ومحمود الذي لا زال يحتفظ بسر عراكه مع خليل.. صاح بأعلى صوته متسائلاً بنفاذ صبر:
آخر مره هسألك عن سبب الخناقة بينك وبين خليل؟؟
هتف محمود برده المعتاد كلما سأله أحد عن الأمر:
شدينا مع بعض في الكلام
قطب عبده جبينه باستفهام متسائلاً باستنكار:
ايه الكلام ده؟!! أنت من أمته وليك قعاد مع خليل من أساسه!!
زفر سعد بملل وهو يشير إلى سميه بأن تقدم طبق البيض بجواره:
مش على الصبح كده يا جماعه، سبونا نفطر زي الناس
دفعته سميه برفق بمرفقه كي يراعي توتر الأجواء بدلاً من اللامبالاة الذي يتحدث بها.. دار برأسه ينظر إليها متمتم بكدر:
لا العيلة دي مش عايزه غير تكبير الدماغ دا أنتِ لسا هتشوفي العجب معانا وميحلاش غير وقت الأكل
أخذ عبده ملعقة الشاي والقاها بعنف باتجاهه وهو يهدر بغيظ :
أهو واحد ملوش لازمه سمعنا صوته على الصبح
أبتسم سعد بفخر وأردف وهو يلوك الطعام في فمه :
ربنا يخليك يابا مش عارف من غير نظرتك ليا كنت هعيش ازاي
تطلع سالم إلى سعد بحده فصمت الآخر وانشغل في تناول الطعام بشهية، فقال سالم بهدوء كي ينهي الجدال :
خلاص يابا مادام بينهم وبين بعض مندخلش
تسألت رحاب بامتعاض:
المهم أبو خليل ألغى الجوازة ولا لا
رد عليه عبده باقتصار:
متكلمش لحد دلوقتي
: خلاص كلمه أنت وافهم منه ناوي على ايه، وأهم شباب واتخانقوا
ردت سمر على والدتها بحنق :
هو أبو العروسة اللي بقا يتكلم ويسأل كمان
لوت رحاب جانب شفتيها مردفه بتهكم:
ياختي حوشي على العروسة اللي حظها زي وشها
انكمشت تعابير وجه عبده وهو يعنفها بحده:
في أم تقول لبنتها كده ولا أنتِ لسا عايزه اللي يعلمك
كادت أن ترد عليه رحاب فقطع سالم المقدمة باكرًا وهو ينهض، نظر إليه عبده وسأله مستفسرًا:
رايح فين ؟؟
أخذ هاتفه ومفاتيحه وقال باقتصار:
هعدي على عمي وبعدين اطلع على المستشفى
واستكمل موجه حديثه إلى محمود:
عايزك معايا
لحقه محمود للخارج تحت نظرات عبده المقتضبة، يعلم أن سالم لا يريده أن يشتبك في حديث آخر مع والده الذي لن يهدأ إلا بمعرفة سبب مشاجرته ..
: اتخانقت مع خليل ليه ؟!
سؤال هادئ هتف به سالم وهو يمشي ينظر أمامه، نظر محمود إليه وقال بسلاسة لا يعلم سببها:
سمعت سمر بتعيط وبتشتكي لمرات أبوك أنه قالها يوم الرؤية إنها معقدة
استرسل بانزعاج:
ما صدقت شوفته واتلككت في الكلام معاه ومسكت فيه
وقف سالم ورمقه متسائلاً باستغراب:
ما يمكن قالها بهزار ؟!
ضيق بين حاجبيه وتمتم بلامبالاة:
هزار ولا جد أهو سبب في عياطها وهي لسا في بيت أبوها اومال لما تكون في بيته هيعمل ايه
حرك سالم رأسه باستياء، ثم أردف بحكمة:
أتصرف بعقلك مش بايدك، كان ممكن تسأل سمر عن اللي حصل بالتفصيل وبعدها تحكم إنما أنت وخد الكلام بسطحية ورايح تتخانق
صمت لبرهة واستكمل يسأله بتفكير:
وهو يعرف سبب الخناقة ؟؟
حرك محمود رأسه بالنفي فغمغم سالم بشرود:
سيب الموضوع ده عليا وبلاش تتكلم فيه مع أبوك تاني
قبل أن يدخلوا من الباب الحديدي لمنزل عمهم، أمسك محمود معصم سالم وتمتم باضطراب :
أنت لسا زعلان مني
أبتسم سالم بخفة ورد عليه بمزاح :
شكلك مش مطمني اليومين دول يا محمود
ارتبك الآخر بشكل ملحوظ فقال سالم بعتاب :
لازم أزعل لما أشوفك بتاخد طريق مش طريقنا، أنت وسعد زيكم زي حسن وحسين عندي ومش هقف اتفرج على حد من عيالي وهو بيضيع
على حين غرة عانقه بقوة وهو يضع رأسه في حضنه يمنع دموعه من إفشاء ما بداخله، تمنى أن يصرخ بأعلى صوته ويخرج كبته الملتهب، بركان خامد يغلي في جوفه على وشك الانفجار.. في نفس الوقت خرج المعلم سالم فوقف ينتظر إليهما متسائلاً باستنكار:
انتو بتعملوا ايه؟؟؟
ابتعد محمود يعود للخلف وهتف سالم بعفوية:
حضن أخوي طلع فجأة
نظر المعلم سالم إلى محمود مغمغم بجمود:
روح المستشفى لعمك وهو هيحصلك بعدين
سوف يحين تلك المواجهة الآن أو بعد حين، منذ أن عاد للمنزل وهو يتحاشى مقابلته.. كان يريد التأهب للوقوف أمامه فلن يرضيه ما سيسمعه بالتأكيد، نظر إلى سالم وهو يبتعد عنهما ثم لحقه لداخل البهو :
أبوك قالي أنه هيرجعك البيت عشان عيالك
أخفض رأسه عندما حدجه بحده مستكملًا بصرامة:
مع اني شايف أنك ملكش لأزمة في حياتهم
لا يوجد شعور يصف ضيق المعلم سالم من تصرفه، لو كان شاب طائش في بداية سن المراهقة لقبل عذره وقدم إليه النصيحة.. لكن رجلاً ناضج مسؤول عن أسرة لدية زوجة وأطفال ما عذره!!
: ولا مقدر عيالك ولا بيتك يبقا ليك لازمة في حياتهم ؟؟!
انكمشت قسمات وجه محمود وهتف بخفوت :
ياعمي أنا نفسيتي تعبت من الطريق اللي أنا ماشي فيه، ولا شغل ولا بيت ولا زوجه كان اختيار فيهم حتى الحب معرفتش اختاره
نظر إليه بحده ورد بغضب :
عذر أقبح من ذنب
اضطرب محمود مع ارتفاع نبرته وهو يعنفه بكدر:
ويوم ما تختار تروح تعيش مع واحده تحت سقف واحد وتفك عن نفسك في كباريهات وترجع تظبط مزاجك مع ابن عزيز
شخصت مقلتيه وهو يرفع رأسه بصدمه فابتسم المعلم سالم وغمغم ساخرًا:
متستغربش مفيش حاجه بتخفى عني بس للأسف معرفتش وقتها إلا وكان زماني مبلغ عنكم
: بهرب من تفكيري كل ما القيها هتتخطب وتتجوز
قالها بصوت هامس يكاد يسمع، حديث مبهم للغير ولكنه واضح إليهما.. أمسكه من تلابيب جلبابه يقربه منه وهو يهدر بوعيد :
اياك تفكر تعيد الكلام ده بينك وبين نفسك
بلع لعابه بتوتر مردفًا برجاء :
حبي لمروه غصب عني ومش قادر اشوفها لغيري
دفعه بعنف مغمغمًا باقتضاب:
مجتش ليه زي الشاطر قبل ما تتجوز وقولتلي كده
رد ببسالة عكس ما يدور بداخله:
بنت عمي وأنا أَولى بيها
أومأ المعلم سالم مردفًا بدهاء وهو يشير على منزله :
وعمك شايف أن غيرك أَولى بيها، وعلى العموم بكره تشوفها مع غيرك عادي وأنت بتتفرج بما أنك مُصر
قبل أن يتفوه بثرثرة أخرى استطرد بتهديد صريح:
ولو حكمت هعلقك على البوابة يوم فرحها عشان تتفرج بنفس
كتم محمود تبرمه حينما أمره بجمود :
شغل العربية لحد هند ما تطلع توصلها المستشفى
اختفى في لحظات ينفذ ما طلبه دون أن يجادل بلا فائدة، ربما يسوء وضعه أكثر بين العائلة إذا لم ينتبه على أفعاله..
غادر المعلم سالم إلى طبيب صيدلي يسأله عن الألم رأسه المصاحب له منذ أن استيقظ،
؛**********
تهللت أسراره وهو يفحص العينة التي قدمها المهندس المسؤول عن الآلات، وأخيرًا استطاع أحدهم إخراج عينة صحيحة بدرجات تبريد متقنة .. طلب منه أن يباشر العمل على نفس النهج وإذا نجح الأمر سيبدأ على الفور في إتمام تراخيص المكان، ترك المهندس مع مساعده وخرج يستلم الخضراوات الطازجة التي جاءت من القرية المجاورة بناءً على اتفاق المعلم سالم مع تاجر معروف، بدأ النساء في تفريغ الخضراوات لفرزها ثم غسلها وبعدها تتم عملية التجفيف والتعبئة لتتجه إلى محلاته في المولات التجارية لبيع الخضراوات والفواكه المغلفة… لفت انتباهه وقوف سيارة يعلم هوية صاحبها، اقترب يرحب به رغم انزعاجه الذي لم يزول بعد، لاحظ يونس مصافحته الجافة فقال وهو يخرج حقيبته من الباب الخلفي:
أنت هتفضل مصدر الوش ده كتير
لم يرد عامر فهتف يونس بحنق :
ما خلاص يا عم التقيل
: خليك في حالك اليومين اللي أنت قاعدهم
رفع يونس حاجبيه باستنكار ومن ثمّ أردف بسخرية:
لا وعلى ايه امشي بكرامتي من دلوقتي أحسن
لم يبالي عامر إليه فهو يفهم أسلوبه المراوغ دائمًا، وبالفعل لم يمر ثوان ووكزه يونس في كتفه بغيظ:
أنت معندكش دم هتسبني امشي بعد ساعتين سفر
واسترسل بتودد :
مش قصدي أكذب عليك أو اطلعك كذاب بس قولت اعملها مفاجأة ليك بما أنك كنت بتقترح اجي أزور اخوالي معرفش أنك هتكبر الموضوع اوي كده
رد عليه بتعابير مقتضبة:
أدخل في الاوضة اللي جنب اوضتي ظبط حاجتك وتعالى نحضر الغدا
أبتسم يونس وقال بلهفة لجلسة طويلة مع صديقه الوحيد:
لا دا أنا عندي كلام كتير ومش هقدر استنى أكتر
جلس عامر على المقعد المقابل له :
ارغي
: محتار اعمل إيه مع خالي سالم، يعني أرجع ليه ورقة ملكية الأراضي دي ولا اخدها ولو اخدتها هعمل بيهم ايه
قطب عامر جبينه بعدم فهم متسائلاً بتعجب:
ورقة ايه؟؟ مش فاهم قصدك!!
قص يونس ما حدث معه في الليلة التي غادر فيها القرية اخر مرة، ظهر الذهول على وجه عامر فهتف يونس بحيره:
اهي دي كانت حالتي ولحد دلوقتي برده مش مصدق
غمغم عامر بتفكير وهو ينهض لجلب زجاجة عصير من الثلاجة:
يعني فضل السنين دي كلها يشغلك الفلوس اللي هي أصلا ورث والدتك
هز يونس رأسه وهو يأخذ منه كوب العصير:
بس هما حاليا مش فلوس دا عقد بخمس فدادين
واستكمل بدهشة :
لما ورث أمي لوحدها خمس فدادين اومال خالي معاه قد ايه!!
لوى عامر جانب فمه مغمغم بتهكم:
أنت هتنق على الراجل وبعدين مش لسا قايل أن جدك لما كتب لوالدتك خصص نصيب كبير عن باقي أخواتها وأكيد لما المعلم سالم شغل الفلوس دي ربحها زاد
أومأ يونس قائلاً بانبهار :
حقيقي عجباني دماغ خالي
ابتسم عامر واضاف بمكر :
مش خالك ودماغه بس اللي يعجبوا
ضحك يونس وهتف غامزًا :
آه يا لئيم على العموم ربنا ينولك اللي في بالك
: الحمد لله نولت بس خالك ناوي يخللني جنبه
فتح يونس عينيه على وسعهم وصاح بعدم تصديق:
وافق تتجوزها
هز عامر رأسه فوقف يونس يعانقه بسعادة غامرة:
ألف مبروك يا حبيب أخوك متصدقش فرحتني ازاي
بادله العناق متمتم بمزاح :
عبال ما أشوفك داخل القفص أن شاء الله
أمسكه من يده يجره للخارج :
لا أنت تيجي توصلني للمستشفى وتحكيلي بالتفصيل
؛********* بقلم حسناء محمد سويلم
تسمر محله يحدق في باب المقبرة بشرود، وحيد، قليل الحيلة، بائس، فقير .. لم يجد سوى العامل المسؤول عن المقابر لمساعدته في دفنه بعد أن أستلم الجثة من المشرحة، ولحسن حظه أن المسن أشفق على حاله، فأخذ الجثمان إلى منزله القريب وأرسل إلى أحد المشهورين في القرية بغسل الأموات وتكفنيهم.. دفن وحده لا مال ولا سلطة ولا ذكائه ولا تخطيطه الماكر،
جال سيف بنظره في المكان بقلب منقبض، مهما طال الزمن به سوف تكون تلك النهاية .. تذكر عنجهية عز وغطرسته التي اختفت معه تحت التراب، يدرك أنه لا يختلف عنه شيء ولكن ربما أنعم الله عليه بأن يفيق مبكرًا من الظلام إلى النور.. رفع يده يتحسس عينه المصابة وهو يشعر بالامتنان أن تكون تلك نتيجة أفعاله التي جعلته يستيقظ قبل فوات الأوان،
: خُد يابني الزرعة دي حطها قدام تربة أخوك وكل ما تيجي تزوره ترويها
مسح سيف دمعة هاربة من عينيه وقال بارتباك:
بس أنا مش معايا فلوس لكل ده
أبتسم العجوز وهتف بعفوية:
وأنا هعمل ايه بالفلوس بس لما اموت تدعيلي
حرك رأسه بهدوء ومن ثمّ ألقى نظرة أخيرة على المقبرة وغادر متجه إلى مركز الشرطة لعله يتمكن من مقابلة ليلى، حتى الآن لا يستوعب ما حدث خلال الأيام الماضية.. هل انتهى عصر آل عزب بمؤامراتهم؟؟ بتلك البساطة جاء نهار يوم وعز تحت التراب؟! كيف استطاعت ليلى قتله وهي شخص ضعيف يخشى الجميع ؟!
“لا تعاتبني على سوئي بل اسألني ماذا فعلوا بي لأتحول من فراشة مبهجة وأصبح أفعى قاتلة”
؛***********
من حين لآخر تنظر إليه تطمئن على جرحه وتسأله إذا تطلب من السائق أن يقف في أقرب استراحة، رفض الطبيب خروجه إلا عندما وقع على مسؤوليته إذا تدهورت حالته..
: أنت كويس ؟؟ حاسس بألم ؟
رد عليها وهو ينظر الطريق بشرود :
كويس يا عليا متقلقيش
مطت شفتيها بتذمر وأردفت بضيق طفيف:
مقلقش ازاي وأنت مسافر ساعيتن وجرحك لسا مخفش
رتب موسى على يدها برفق :
مش هنتأخر وهنرجع على طول عشان كده قولتلك استني مع ماما
: واسيبك لوحدك!! بس فهمني ليه مصمم تسافر البلد؟؟
كيف يشرح لها مشاعره الملتهبة من مكالمة المعلم سالم صباحًا؟! وما سيطفئ تلك النيران المتأججة بداخل صدره.. لم يتخيل أن يكون رفضها إليه بسبب شخص آخر، شعر بالإهانة لمحاولته مرارًا في إثبات حبه المتيم وهي تراوغه باستمتاع لأجل التسلية وفي النهاية تطلب من والدها هدية جوزاها رحلة من مكتبه بالتحديد!!!
؛************
في المشفى صرح الطبيب بخروج سالم من غرفة العناية مع الملاحظة المستمرة، انضمت مها إلى هند عند وصولها مع مرتضى الذي جلس بالخارج مع عامر ويونس ومحمود وسالم عبده يتسامرون مع جابر، فقد ظهر على تعابيره الحزن منذ أن أخبره سالم بأن يبلغ والد نيره بالإسراع في الرد .. إذا ودت نيره العودة تكون في المنزل قبل خروجه من المشفى وإذا كان قرارها الانفصال وهذا ما يعتقده يبدأن في الإجراءات على الفور ..
على آخر الطرقة طلب سالم عبده من مرتضى أن يتحدث معه على انفراد، فكان بديهي أن الأمر يتعلق بسبب مشاجرة خليل ومحمود .. بدأ سالم حديثه بلباقة وهدوء:
كنت عايز اتكلم معاك في وجود الوالد بس مش هينفع استنى أكتر من كده، أول ما فهمت من محمود ايه سبب الخناقة قولت لازم اوضحلك اللي حصل
: مش هكذب عليك حاولت مع خليل لكن مرداش يقول، ساعتها أبويا حلف ما يفتح الموضوع طالما ولا هو ولا محمود اتكلموا
أومأ سالم بتفهم وقال برجاحة :
مرتضى أنت عندك أخت ووحيدة زي سمر على ولاد، لما تشوفها زعلانه أو بتعيط ممكن تروح تسألها وتفهم منها وممكن تاخد في نفسك من الظاهر بس وهو دا اللي محمود عمله
قطب مرتضى جبينه باستفهام وسأله بعدم فهم:
مش فاهم عايز توصل لايه؟؟
: محمود سمع سمر بتعيط من كلمة خليل قالها يوم الرؤية وعشان مكنش محايد لطرف ولا أنا ولا هو نعرف كان قصده بيها هزار ولا جد، لكن مش طبيعي يقولها شكلك معقدة من أول مرة يقعدوا مع بعض حتي لو هزار
واستكمل بعاطفة:
أختي حساسة زيادة ومقلقة من الجواز بسبب اللي بتشوفه من تجارب اللي حوالينا، لكن دا مش مبرر لأي حد أنه يجرحها أو يقلل منها
أبتسم مرتضى مردفًا بلوم :
يعني أنا اللي أقبل على سمر كده، سالم أنت ناسي أن سمر متربية على أيدي زيها زي حسناء ورحمه وتغريد
فرك ذقنه مسترسل بتعجب من أسلوب خليل:
هو ممكن التعبير خان خليل أو مش فاهم اللي قاله
نظر إليه لبرهة وقال بتهكم :
متزعلش مني بس خليل مش صغير عشان ميبقاش فاهم
خرجت مها وهند من غرفة سالم فهتف مرتضى باقتصار :
حقك عليا أنا يا أبو حسن ولينا كلام مع بعض
اقتربت مها منهم قائلة بمزاح:
سكتوا ليه أول ما قربت شكل الموضوع فيه ست
ضحك سالم مغمغمًا بخبث :
جوزك بيقنعني بالجوازة التانيه
نظرت مها إلى مرتضى بحده فقال الآخر بحنق :
أنتِ هتعومي على عوم ابن عمك وتبصيلي دا هو اللي بيقولي جرب ومش هتندم
همهمت مها وهي تمشي مع هند لخارج المشفى:
نشوف الموضوع لما نروح البيت
لاعب سالم حاجبيه إلى مرتضى الذي أشار إليه بوعيد .. بينما صعدن الفتاتان وقاد مرتضى السيارة لتوصيلهم للمنزل ومن ثمّ يذهب إلى والده لأخباره بتصرفات خليل الهوجاء،
؛***************
أخفت الهاتف بين الكتاب المفتوح أمامها وهي ترسل رسالة نصية عبر موقع التواصل الاجتماعي، انتظرت دقيقة وجاء رد الآخر..
: يعني مش هشوفك الاسبوع ده؟؟
: لا صعب المذاكرة اتركمت عليا ولازم اخلصها
: ماشي حبيبتي طمنيني عليكي من وقت للتاني
انتفضت وهي تغلق المحادثة مع دخول طلال فجأةً، وضعت الهاتف تحت الدفاتر وهي تقول باضطراب:
ممكن تخبط على الباب قبل ما تدخل بعد كده
عقد طلال ذراعيه أمام صدره قائلاً بسخرية:
معلش ازعجتك، لكن شايفك مختفيه من الصبح
قطبت هيفاء جبينها باستنكار وهتفت متسائلة بملل:
هو أنت هتفضل تسافر شغلك وترجع في نفس اليوم كتير ؟؟ يعني كده مش تعب عليك!!
اقترب من المكتب ينتشل الكتاب من بين يدها :
قاعد على قلبك ومش قادرة تزوغي صح
توترت وهي تسأله باقتصار:
ايه ازوغ دي ؟؟ وهزوغ ليه وعشان مين ؟!!
نظر إليها بثبات وهتف بشك :
لا أنا كنت اقصد المذاكرة بس شكلك فهمتي حاجه تانيه
ألقى الكتاب بعنف واسترسل بحده :
الكتاب جديد ومتفتحش واحنا في أخر الترم يا أستاذه
أخرجت إليه بعض الدفاتر تفتحها على وسعها وهي تقول بضجر :
هي المادة دي اللي كنت سيبها للآخر إنما الباقي أهو
تأكد من حديثها ثم أردف بأمر:
هاتي تليفونك
استقامة وهي تسأله بتلعثم :
عايزه ليه ؟؟
تفحصها بريبة متسائلاً بجمود :
وأنتِ خوفتي كده ليه ؟؟
: وهخاف ليه ؟؟ بس استغربت مش اكتر
قالت جملتها بتلجلج وتحركت مسرعة لخارج غرفتها وهي تنادي على والدتها.. لحقها طلال للخارج ومنعها من التقدم إلا عندما تعطيه هاتفها، من شدة خوفها بكت مستنجدة بوالدتها التي جاءت على وجهها علامات الاستفهام ..
: يا ماما طلال عايز ياخد فوني وبيزعقلي
صاح طلال بحده وهو يمسكها من مرفقها :
وأنتِ عامله ايه غلط وخايفه أشوفه
نظرت هيفاء إلى والدتها وقالت ببكاء :
صحابي بيكلموني عليه وبنبعت لبعض الملخصات…
قاطعتها والدتها وهي ترمق طلال بضيق :
مالك ومالها ما تسيبها تذاكر براحتها
استيقظ سفيان من نعاسه على أصواتهم، خرج على عجلة يسألهم بعدم فهم:
فيه ايه؟؟ مالك يا هيفاء ؟؟
ردت والدته وهي تُخلص هيفاء من يد طلال :
أخوك وهيفاء زي عوايدهم ناقر ونقير
هدر طلال بتبرم :
أهو دلعك ليها ياماما السبب في فشلها
: أنا مش عارفه اعملكم ايه عشان ترضوا
شعر باهتزاز هاتفه فأخرجه من جيب سرواله وكاد أن يرد على والدته بامتعاض، لكنه دهش عندما وجد اسم مروه يظهر على الشاشة.. دار يهبط الدرج بسرعة وهو يجيب على المكالمة بلهفة :
السلام عليكم، طلال ممكن من وقتك دقيقتين
رد التحية وقال بترحاب :
طبعاً اتفضلي
صمتت لبرهة وسألته بأهمية:
ليه مصمم تتقدم تاني بعد ما بلغتك رفضي قبل كده
دون أن يفكر هتف بسلاسة:
عشان اثبتلك اني مش زي ما حكمتي عليا وأن فترة خطوبتنا الأولى كنت مضغوط غصب عني
: تقصد عمو عادل الله يرحمه وحكاية سوزي؟؟؟
مجرد ذكر اسمها يعيد شريط مأساته في فقدانها وفقدان والده .. تمتم باقتصار:
بالظبط
واستطرد باستنكار:
وبعدين مش ظلم برده أنك ترفضيني على غلط مش غلطي
لم تعقب مروه وعادت تسأله بفضول:
اصرارك عشان تثبتلي حكمي الغلط بس ؟؟
: لا وأكيد عشانك
لم تشعر بالاقتناع التام من إجابته، فاستأذنت أن تغلق وينتظر ردها للمرة الثالثة.. وضعت الهاتف على سطح المكتب وهي تنظر إلى والدها بسكون، فهتف المعلم سالم بعد لحظات:
مش شايف أنك مرتاحة بعد مكالمتك
تمتمت بتفكير :
لا بس بفكر قبل أن أرد
: وايه ردك ؟؟؟
أخذت نفس عميق وقالت بخفوت :
ماشي مواقفه
حدجها بثبات لثوان يفهم ما يدور في رأسها، مروه ليست الفتاة التي يسهل على أحد أن يضغط عليها في قرار يخصها .. لكن هيئتها لا تبرهن على موافقتها بتاتًا، وفي شتى الأحوال لا يريد أن يجبر احداهن على شيء بدون اقتناعها :
مش عايزك تضغطي على نفسك لاني مش مقتنع بردك
ابتسمت بخفة وهتفت مبتسمة بلطف:
متقلقش يا بابا أنا فكرت واتوكلت على الله، ولما حسبتها لقيتني برفض من غير سبب بعد ما كله وضح بكلام سوزي الله يرحمها واللي برده خلاني أشوف شهامة طلال
تحدث معها ليتأكد من اقتناعها التام بعيدًا عن رأي نادية التي تقف خارج غرفة المكتب تنتظر على أحر من الجمر لمعرفة ردها ..
؛؛؛
بينما في الخارج أمام بهو المنزل وقف سائق سيارة موسى في نفس وقت وصول سيارة مرتضي، هبطت مها وهند وأكمل مرتضى طريقه لواجهته، لم تلاحظ إحداهما وجود السيارة على الجهة الأخرى والتي ركضت عليا منها مي تلحق بموسى … قبل أن تغلق الباب الحديدي ولج وهو يغمغم بوجه عابس:
عايز اتكلم معاكي
وضعت مها يدها على صدرها بفزع بينما رمشت هند بأهدابها بذهول .. دخلت عليا وهي تقول بتوتر :
ازيكم يا بنات ..
قاطعها بحده وهو يوجه حديثه إلى هند المندهشة:
بقولك عايز اتكلم معاكي حالاً
ضحك بسخرية بالغة واستطرد بكدر :
ولا البيه محرج عليكي تتكلمي مع رجاله
انكمشت قسمات وجه هند وهي تهتف بعدم فهم:
بيه مين!! أنت بتكلمني أنا!!
فقد السيطرة على انفعاله وسألها بانزعاج:
ليه مقولتيش من الأول إن في حد في حياتك ؟؟ ليه سبتيني اتعشم واتحايل بدل المرة عشرة ؟؟؟
ارتبكت هند من انفعاله وتمتمت بتلعثم :
أنت مجنون، ايه الهبل اللي بتقوله ده
تحدثت عليا وهي تجول بنظرها بينهما:
لا أنا عايزه أفهم ايه الحكاية بقا
لم يبالي موسى إليهم وتعمق في نظراته المتغلغلة ببنيتها وغمغم بنبرة مغرمة:
ليه تتسلي بيا وأنا كنت مستعد اثبتلك حبي لو بحياتي
بلع غصته واسترسل بأسى:
هيعرف يعوضك عن اللي شوفتيه زي ما قولتي
تدلى فم مها بذهول وهي ترمق أختها المرتكبة بصدمة، في حين أن عليا شعرت بحاجتها للبكاء على نبرة أخيها المنكسرة .. لملمت هند شتات أمرها وسألته بتعجب :
هو مين اللي تقصده ؟! صدقني معرفش بتتكلم عن ايه!!
وهنا انفجر البركان الخامد، وثارت العاصفة بحنايا قلبه وهو يصيح بنبرة جلجلت المكان :
ليه تلعبي بمشاعري وحبي ليكي يا هند
: لا هي مش هند هو أبو هند
التفتوا على الصوت الآتي من خلفهم ولم يكن سوى المعلم سالم، يضع كفيه فوق عصاه مبتسمًا بهدوء .. اعتقدت هند أنه بخارج المنزل في هذا الوقت، تهدجت أنفاسها باضطراب وهي تنظر إليه بتوجس، لم يدرك موسى سبب تلك البسمة إلا عندما هتف المعلم سالم بدهاء :
دا أنا لسا قافل معاك لحقت تيجي بالسرعة دي وأنت تعبان
رمق هند واستكمل بخبث :
شكل الموضوع مهم جداً على كده
تحدثت هند بتلجلج وهي تفرك يدها بعفوية :
دا تقريبًا فاهم غلط و..
قاطعها بجمود :
في وسط بيتي وبيزعق لبناتي وتقولي فاهم غلط
واستطرد يسألها مستفسرًا:
وبعدين أنتِ بتدفعي عنه ليه؟؟
رفعت كتفيها ببراءة وتمتمت بارتباك:
مش بدافع هو قليل الأدب آه بس أنا بوضح
رفع موسى حاجبيه بدهشة محدقًا باقتضاب، هز المعلم سالم رأسه وقال بسخرية:
آه إذا كان كده ماشي
ثم حدج موسى مستكملًا بعبث :
بصراحه أنا اللي لعبت بمشاعرك وكنت هكمل لعب لولا أنك جيت دلوقتي
ضيق موسى عينيه بعدم فهم فلم يتخيل أن المكالمة لاستدراجه.. أشار المعلم سالم إلى مها بأن تأخذ عليا وتدخل للمنزل، وعندما اعترضت عليا طلب منها موسى بأن تدخل بدون جدال ونظره معلق على هند المتوترة بشكل ملحوظ،
: طيب يا موسى مفيش عريس متقدم لي هند ولا هي أصلا متعلقة بحد واللي قولته ليك تسلية من تساليك
صدمة طغت على تعابير هند عندما فهمت سبب انفعال موسى، الذي رد ببسالة وجرأة:
لكن أنا مش بتسلى يا معلم سالم إلا كان زماني شوفت واحده تجاريني بدل ما أنا بحاول مرة واتنين
واسترسل وهو يسأل هند :
طلبت منك كام مرة اتكلم مع والدك وأنتِ بترفضي؟؟
تهتهت بكلمات غير مفهومة وهي ترمق والدها الذي أبتسم بسخرية مردفًا باقتصار:
رفضت يعني مش موافقة
: وأنا بحبها
جحظت أعين هند من جرأته غير مستوعبة أنه فقد عقله ليتفوه بتلك الطريقة أمام والدها.. حدجه المعلم سالم بوجوم فاستكمل موسى بنبرة عاشقة مبتسمًا كشخص آخر غير ذلك الثائر منذ دقائق معدودة:
أعجبت بيها يوم ما ودتها المستشفى واتعقلت بأسلوبها لما شوفتها في مواقف تانيه حاولت افهمها إني مش وحش زي ما هي متخيلة، ومش لازم عشان تجربة فاشلة نقيس عليها باقي حياتنا
نظر المعلم سالم إلى هند وقال بمراوغة:
اقنعني بصراحة
بهتت ملامحها وهي تجول بنظرها بينهما بذهول ومن ثمّ هتفت بخفوت :
يا بابا رفضي مش لشخص معين أنا مش مستعدة لا دلوقتي ولا بعدين
بلعت لعابها واستكملت بصوت مختنق :
لو سمحت بلاش تضغط عليا
من المؤكد أنه لن يجبرها رغم شعوره بصدق مشاعر موسى .. هز رأسه بتفهم وكاد أن ينهي الأمر مع موسى نهائياً، فأسرع الآخر يهتف برفق :
اديني فرصة وأنا بنفسي هنسحب من حياتك لو حسيتي أنك مش مرتاحه
ترددت بعض الشيء من قرارها فقال المعلم سالم رأفة بحالها :
ادخلي دلوقتي وبلغني ردك وقت ما تحسي أنك فكرتي وبعدها اللي يريحك بس هو اللي هيتعمل
أبتسم بهدوء وتحركت للداخل بسرعة وهي تتنهد براحة لمشقة الرد على إصرار موسى، لوهلة كانت ستبكي من شدة ارتباكها، لم تكن يومًا سبب في إزاء أحد مثلما شعرت أنها جرحت موسى عندما أعتقد أنها على وشك الزواج بآخر…. لم تر تمسك أحمد بعلاقتهم قطعًا منذ زواجهما، كان دائمًا يريد إثبات أنه رجل لا يهاب الفراق، يتعمد التقليل من شأنها كي لا تفكر في الانفصال .. حاولت أن تقيم مقارنة ولكن لا وجه تشابه بين قاسي القلب وهائم بالغرام ….
: أظن كلامي كان واضح ولو عرفت أنك حاولت تتواصل معاها بأي شكل مش هتشوف خيالها قدامك
رفع موسى يده على فمه بمعنى أنه مغلق تمامًا ثم أردف بوهن :
ممكن بس تطلب منهم يبلغوا عليا تخرج أحسن حاسس أن في نار في كتفي
ضغط برفق فوق كتفه المصاب بغتةً مغمغمًا بسخرية:
مش يمكن نار الحب
تأوه موسى بخفوت وهو يعود للخلف خطوة:
يمكن برده
حدجه شزرًا وولج تاركه يتحدث إلى نفسه بتبرطم، ثوان وخرجت عليا وهي تسأله بلهفة ما دار بينهم خاصةً أن هند صعدت إلى غرفتها دون أن ترد على أحد وكأنها مغيبة.. اقتصر موسى وقوفهم وأشار إليها بأن تصعد للسيارة ليعود بسرعة للمنزل، فقد نفذ كل ما تبقى من طاقته، حاولت عليا أن تترجاه بأن يزور عمر قبل المغادرة لكنها وجدته بدأ يتصبب عرقًا ووجهه شاحب اللون، فطلبت من السائق أن يتجه إلى المنزل بخوف أن تسوء حالته قبل وصولهم،
؛**************
في مستوصف القرية
وضع عمر يده أسفل ذقنه وهو ينظر إلى طبق الطعام الذي أعدته والدة منير، زفر بملل ونهض مجددًا يجلس على الفراش بجانبها وهو يردف بتوسل:
طيب كُلي معلقتين بس
رفع الملعقة مقابل فمها مستكملًا بسأم :
طول ما أنتِ مش راضيه تكلي هتفضلي في المستوصف عايشه على المحاليل إنما لو كلتي هعرف اخدك البيت
ظلت مغلقة الفم وهو ترمقه بثبات فوضع الطبق على الطاولة وقال بنفاذ صبر:
هو أنا مش بصعب عليكي، مش حاسه أنا وصلت لايه، لو فضلت هنا من غير ما أنزل الشغل مش هنلاقي ناكل وهنقعد في الشارع
وكأنه تحتقر ضعفه بنظراته الماقتة، صحيح أنها لا تقدر على التحدث ولكن ليس كل الكلمات تكون بالفم .. ربما لن تتخلى هاديه عن تكبرها حتى تلحق بباقي أفراد العائلة :
أنا شكلي منحوس أو فقر ما هي حاجه من الاتنين
رمق طبق الطعام قائلاً بحيره :
مش عجبك لسان عصفور أم منير ولا إيه
واستطرد يحادث نفسه :
أو الست هاديه تحب خدمة فندقية
؛***********
اصطحابها سعد إلى منزلهم طلباً من سميه، فقد علمت بمجيء مايسه وفايزة مع يعقوب بعد ساعة لزيارتها.. استأذنت عبده وجهزت الضيافة بمساعدة سمر وميادة، ثم جلست تتسامر معها في مواضيع مختلفة كي لا تلاحظ، انضمت ندى وسحر إليهما .. بينما جاء محمود وصعد إلى شقته يجلس مع أولاده في هدوء قبل أن تأتي ميادة وتعكر صفوه بنظراتها المقتضبة،
تفاجأت حسناء بدخول يعقوب مع إخوته، عاتبت سميه ولكنها مكثت محلها دون أن يظهر ضيقها .. صافحت مايسه بجفاء مماثل لأسلوبها وبادلت فايزة عناقها الحار، تجاهلت يعقوب تمامًا وانشغلت مع الفتيات منتظرة بعد الوقت كي تستأذن بالرحيل
: غريبة مش لابسه خاتمك ليه يا حسناء
رفعت حسناء يدها لترى خاتم الخطبة فابتسمت مايسه بخفوت وقالت بجمود:
أقصد خاتم السولتير اللي حكمتي على يعقوب يجيبه
رفعت حسناء حاجبيها باستنكار مغمغمه بتهكم:
تقصدي اللي قدمه هديه ليا
تحدثت فايزة بمزاح وهي تنظر إلى مايسه برجاء :
مايسه بتتكلم من قلبها دايما
وقفت حسناء وهي تردد بسخرية:
فعلاً من قلبها
رمقت عمها مسترسلة باقتصار:
عن أذنك يا عمي هرجع البيت
هز عبده رأسه لموافقة وطلب من سعد أن يرافقها فاستقام يعقوب في وقفته متمتم بحزم :
أنا هوصلك
أعطاه عبده نظرة بالسماح فلا مانع من مرافقتها والمنزل يبعد خطوات… سارت بجواره بسكون إلى أن خرجوا للبهو، توقف يعقوب قائلاً بتبرم :
امتى هتبطلي شغل العيال وتردي على مكالماتي
عقدت يدها مردفه ببرود :
ليه هو بمزاجك تتكلم وقت ما تحب
: وانتِ شايفه اليومين دول كان بمزاجي!!!
ظهر فرق طول قامته عنها عندما رفعت رأسها تحدجه بحده متسائلة بضيق :
ايه اللي كان بينك وبين خديجه يا يعقوب ؟؟
رد عليها بلا اكتراث:
مفيش حاجه بيني وبينها
ضحكت باستهزاء وهتفت مستنكرة :
وأنا المفروض أصدق إنها لوحدها كده ولعت في محجركم
بعد ما اعترفت في الورقة أنه بسببك
لم يروق إليه أسلوبها المستهين بكلامه، لكن لعدم تفاقم الحوار تغاضى عن ذلك وقال باقتصار:
أيوا تصدقي لأني قولت كده
انكمشت تعابيرها بحنق ودارت تغادر، فأمسك معصمها مردفًا بهدوء :
اسمعي الكلام وبلاش مشاكل على الفاضي
دفعت يده بحده وصاحت بسخط :
غلطان وبتبجح وكمان بتكابر
ضغطت على فكه يكتم انزعاجه وزمجر بصرامة:
وطي صوتك واعقلي شويه
: آه ولو أنت مكاني كنت فكرت بعقلك !!
لوى جانب فمه قائلاً بملل :
كنت مكانك فعلا يا حسناء والموضوع عدى
انتبهت إلى مغزى حديثه الذي جعل نبرتها تحتد وهي تعنفه بامتعاض:
لا متقرنش نفسك بيا
نظر إليها بتعجب ورد باستهجان :
واني أشوفك نص الليل في طريق مقطوع دا عادي
ابتعدت بعينيها عنه وهمست بفتور :
محدش غصبك تكمل لو مش واثق فيا
: وكملت حتى بعد ما قولتي بلسانك أنك بتشوفي خليل في الحلم بينقذك وأنا اللي عايز اموتك
رمقته بلوم متمته بندم :
أنا غلطانه إني حكتلك
زفر بصوت مسموع وغمغم بكدر :
افهمي قصدي مره من غير مبرر كل كلمة، قفلي على الموضوع أحسن لينا
ترقرقت العبرات في عينيها رغم محاولتها لإظهار الجمود أمامه، وأخرجت نبرتها المحشرجه تهمس بتلعثم :
همشي لأني اتأخرت
مسح وجهه بعنف، فشل في فهم شخصيتها المركبة، ود أن يشرح إليها بطريقة ألطف من ذلك لكنها أجبرته باستفزازها.. تنهد بخفوت وغمغم برفق :
تخرجيني عن شعوري وتحسسيني بالذنب بعدها
: أنت عندك حق طالما مش هنقدر نقفل على القديم يبقا نريح نفسنا
بلغ مقصدها البديهي لذلك ظل يقف يتأمل سيرها وهي تغادر كي لا تقترف فعل يندموا عليه بعد ذلك .. سأم من تحمله لكل الأعباء وحده، وازهقت روحه من الضغوطات التي لا تتركه يأخذ أنفاسه، إلى متى سيظل في دوامة لا تنتهي؟؟
؛************

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى