رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الخامس والثلاثون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الخامس والثلاثون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الخامسة والثلاثون
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته 💜
؛********
تهون صعوبات الحياة بوجود رفيق دربً تأنس الروح بوجوده، يعافي أحزان قلب يحارب في دوامات الاستمرار برفق ولين، ينتشلك من الغرق لشاطئ النجاة دون معاناة،،
ظل سالم بجوار ندى يحتضنها بهدوء وصغيرتهم بين يديهم ملفوفة بالغطاء الأبيض، طيلة الليل يخبرها بأن وجودها كفيل بتعويضه عن الحياة بأكملها، يبث كلماته الحنونة بجانب أذنيها مؤكدًا أن الله رؤوف بعباده ولن يحدث إلا ما كتب لهم … ردد الآية الكريمة بصوت رخيم
بسم الله الرحمن الرحيم
” وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” سورة البقرة آية:٢١٦
تقبلت ندى الأمر بصعوبة بالغة، كلما زاد بكاءها يذكرها بنِعَمٌ الله عليهم حتى تهدأ من حزن قلبها .. حياتهم اليومية الهادئة، روتين معتاد بين أطفالهم بصحة وعافية، كل يوم يمر تحت سقف منزلهم، وجود مائدة طعام يجتمعون حولها، الحب والألفة اللذان تأنس بيهم عِشْرَتهم، نعم لا تحصى ولا تعد من كرم الله على عباده…
مرت ساعات الليل ببطيء عليهما، أصر على جلوسه معها حتى تُشبع عينيها من فقيدتهم، ومن ثمّ يتحرك مع بزوغ النهار بصحبة والده واعمامه لدفنها في مقابر العائلة … تفاجئ بجمع كبير من أقاربه وأصدقائه المقربين ينتظرونه أمام منزل والد ندى تحرك معهم دون أن يلاحظ غياب أقرب فرد لابد من وجوده أولهم، ضعف أمام شعوره بالذنب الذي قيده عن الحركة منذ أن علم بالخبر.. مكث في فراش ابنته يتأملها بندم وحسره، عانقها بقوة غير مدرك أنها سترحل ويحرم منها مثلما كان سببًا في تذوق الحرمان لأخيه، عاتب نفسه على تهوره في كل أفعاله التي كانت نتيجة إلى ما وصل إليه، ولكن هل يفيد الندم بعد فوات الأوان ؟!
؛********
خلد للنعاس بعد أن عاد من منزل سالم عبده، فقد اتجهوا الشباب معه لمواساته حين الانتهاء من مراسم الدفن .. انزعج من صوت إغلاق بوابة منزله بقوة شديدة، ظن في البداية أنه يتوهم ولكن صدحت ضوضاء بأدوات المطبخ،
نهض بتثاقل متعجبًا من مصدر الصوت وتحرك باتجاه المطبخ معتقد أنها قطة ولجت من النافذة:
مها !!
التفت ترمقه بحده دون أن ترد، من البديهي إليه أن يفهم سبب ضيقها عندما نقل نظره إلى صينية طعام جاءت بها نسرين أمس.. لم تتمهل الأخرى وأشارت على الصينية وهي تسأله بحنق :
ممكن أفهم ايه ده ؟؟! ومين اللي جاب الصينية دي؟؟؟
مسح وجه بكفه وهو يردف بسخرية :
دا على أساس أنك جايه صدفه دلوقتي
طرقت مها بأصابعها فوق طاولة رخامية وهي تسأله بكدر :
يعني نسرين اللي جابتها زي سامر ما قال ؟؟
تنهد مرتضى بملل وقال بعتاب :
ودا كان يستدعي أنك تيجي دلوقتي والمفروض تكوني بتذكري
رفعت حاجبيها باستنكار ورددت بحده :
والمفروض اعمل ايه لما اسمع ابني يقولي اتعشى امبارح من أكل طنط نسرين
رفع كتفيه بلامبالاة مغمغم ببرود :
ما أنتِ عارفه سامر وحركاته يا مها
: وجيت أتأكد بنفسي من كلامه واهو طلع صح
استطردت تسأله بغضب :
ممكن أعرف ليه قبلت منها الأكل ده مع إني بتحايل عليك تيجي تاكل معانا لو مره ؟؟!
أخذ زجاجة مياه وهو يهتف بهدوء :
حبيبتي مش انا اللي أخدت الأكل من نسرين، هي جات وأنا في الحمام والولاد هما اللي فتحوا، ثانيًا مش عايز اشغلك بيا في أيام امتحاناتك ومخليكي برحتك عند أهلك
اقترب من الصينية يكشف الأطباق مسترسل بلا اكتراث:
ثالثًا الأكل زي ما هو محدش أكل منه حتى ابنك الكذاب مرفعش الغطا عن الصينية أساسًا
لم تُعقب على حديثه وهي تنظر إلى الطعام بتبرم، صمتت لبرهة وأردفت بجمود :
هجيب حاجاتي من عند ماما وهذاكر هنا
ضيق عينيه بشك متسائلاً باستنكار :
دي قلة ثقة ولا شك في كلامي ؟!
ردت عليه بتهجم :
ولا ده ولا ده، مش باقي غير مادتين أمرهم سهل
أومأ إليها دون أن يهتم وخرج متجه لغرفته ممتعض من أسلوبها الغريب وكأنها لا تعرف طبعه الصارم مع تلك النسرين … تمدد على الفراش مع اقتحامها للغرفة وهي تصيح بضيق :
ولو حطت حاجه في الأكل ليك وللولاد هيكون ايه وضعي
تبرر غضبها دون أن يسألها في تفهم نظراته دون أن يتحدث، انتصف مرتضى يتكئ على مرفقه مردد باستفسار:
تقصدي ايه
حدجته لثوان وقالت بخشية :
مستحيل نسرين تكون ملاك فجأة وبعدت عننا إلا وفي دماغها هدف عايزه توصله يا مرتضى
هز رأسه بلامبالاة وهو يدس رأسه في الوسادة :
بلاش تكبري المواضيع على الفاضي
رمقته بقلق وغادرت الغرفة وهي تهندم حجابها، حملت الصينية واتجهت لمنزل نسرين دون تردد.. طرقت الباب بعنف وهي تضع الصينية أرضًا، ما هي إلا لحظات وفتحت نسرين الباب وكأنها تعلم من الطارق، بوجه برئ همست مبتسمه:
اتفضلي يا مها
ابتسمت مها شبه بسمة وأشارت على الصينية:
متتعبيش نفسك بعد كده لأن جوزي وولادي مش بياكلوا من ايد حد غريب
انكمشت قسمات وجه نسرين وهي تسألها بذهول :
اخص عليكي وهو أنا حد غريب ؟!
: آه غريبه
بهتت تعابير نسرين عندما استرسلت مها حديثها بجمود :
سيبك مني ومن بيتي يا نسرين وركزي في حياتك
تجاهلت حديثها ببرود وسألتها بأهمية :
سمعت أنك خلاص هتخدي الدكتوراه
اقتضب بين حاجبيي مها من التقليل بشأنها، متعمده تغير الحديث وكأنها لا تهتم لِما قالته من الأساس.. نظرت إليها بحده والتفت تغادر قبل أن تفقد أعصابها وتجعلها تفرح في نجاح مبتغاها في إفساد حياتها، بقدر الإمكان تنفذ نصيحة والدها وتتجاهلها ولكن عندما جاء سامر وأخبرها بالطعام التي أعدته تلك الحيه إليهم، شعرت بالخوف من اتجاه تلك البغيضة لأساليب تسمع عنها مؤخرًا، ويكون الطعام جحه لسحر يقلب حياتهم رأس على عقب،
؛**********
: يا بنتي أنا مش فاهم ولا كلمه منك
جاء صوتها الغاضب وهي تهدر بحنق :
بلاش تكذب لأنك عارف إني مش بحب الأسلوب ده
زفر سفيان بكدر وسألها بهدوء :
طيب ممكن تفهمني براحه مروه قالتلك ايه بالظبط ؟!
ردت عليه أمل بضجر :
تاني يا سفيان يعني أنت مش عارف أخوك بيعمل ايه
صمت لبرهة بقلة حيلة وأردف بتفكير :
الكلام في الفون مش هينفع هكلم المعلم سالم واجيلك بليل تفهمني
: أنت هتجنني يعني طلال هيكلم مروه من رقم أختك ويطلب منها تفكر في موضوعهم وأنت متعرفش!!
الآن فهم ما يدور بين والدته وطلال في الخفاء دون علمه، هتف سيفان بجدية :
وغلاوتك عندي لسا عارف منك حالاً
واستكمل يسألها بدهشة:
وبعدين وأنا ايه دخلي بطلال عشان تقلبي عليا كده؟!!
أجابته بنبرة حزينة :
يعني أخوك يكلم أختي وأنت متعرفنيش حتى، مع اني فهمتك إن مروه مش قابله العلاقة دي لأسباب تخصها يبقا ليه تحطها في موقف زي ده مع إني عرفتك
تنهد بصوت مسموع وغمغم بضجر :
أنا ولا أعرف أن طلال كلمها ولا خبيت عليكي أساساً
عم السكون بينهما لدقيقة كسرها سفيان متمتم بخيبة أمل:
كنت بكلمك عشان أعرفك اني لقيت مكان مناسب وسعر الإيجار كويس بس هيحتاج شويه تعديلات ومعرفش كل ده صدقيني
لمست نبرته الصادقة في صوته وحسها يخبرها منذ أن قصت إليها مروه أنه لا يعلم بكل ما حدث، فقالت باقتصار:
هو دلوقتي رن عليها كتير عشان يعرف ردها، ياريت بقا تشيل عنها الحرج وتعرفه أنت
واستكملت توضح بحكمة :
والرفض مش عيب فيه بس لازم يكون في راحه نفسيه وهدوء بال بين الطرفين ودا مش موجود بينهم
: حاضر يا أمل
هدوء عاد إلى صوتها وهي تهتف بفضول :
عرفه وكلمني احكيلي عن المكان اللي لقيته
أغلق معها وولج من الشرفة يلقي هاتفه على الأريكة، خطى للطرقة الفاصلة بين غرفهم وفتح الباب دون أن يطرق .. كان الأخر يجلس على مكتبه أمام الحاسوب المحمول بتركيز، نظر من خلف الشاشة متسائلاً باستهجان:
ايه الدخله دي ؟!
أغلق سفيان الحاسوب بعنف وهو يصيح بتفاقم:
عملت اللي في دماغك برده
ضيق طلال بين حاجبيه متسائلاً بعدم فهم:
ايه اللي عملته ؟؟! هو أنت مش هتبطل تتكلم كلام تفهمه أنت بس !!
رد عليه من بين أسنانه:
كلمت مروه ليه مع إني معرفك ردها
عاد بظهره يستند على المعقد مردفًا بوجوم:
وهو أنا المفروض استأذن منك
لوى سفيان جانب شفتيه مغمغمًا بسخرية :
لا المفروض تحس على دمك وتتصرف بعقل شويه
رمقه بجمود فاقترب سفيان منه مشيرًا بسبابته :
مش معنى إني بتماشى مع وضعنا عشان خاطر ماما تسوق فيها وتفكر أنك الذكي هنا
قطب طلال جبينه باستفهام وسأله باقتضاب :
وليه تتماشى ما تعمل اللي أنت عايز تعمله ؟!
: ولما ماما تعرف أن ابنها البطل اللي ضحى بنفسه قدام أبوه عشان سُمعت واحده يطلع كذاب وهو اللي ضغط عليها تألف الفيلم الجبار وتيجي تقوله
انتفض طلال من جلسته وهو يهدر بسخط :
الخيالات دي لازم تتعالج منها
رد عليه سفيان ببسالة:
الخيالات دي الحقيقة اللي مش هتعرف تخدعني بغيرها، كل الكلام اللي سوزي حكته عكس كلامك معايا لما جيت وقولت أنك بتحب صديقتك في الشغل ومتأكد أنك استغليت حبها ليك عشان تحسن صورتك قدام أمي
حدجه طلال بقتامة فاستكمل سفيان بجفاء:
وعلى العموم مروه بتبلغك رفضها
قبل أن يخرج من الباب هتف بأسى وحسره :
بلاش نخسر ماما زي بابا ما راح مننا فجأة
في نفس التوقيت داخل غرفة أختهما التي أغلقت الدفاتر الدراسية وانشغلت في محادثة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي… نظرت إلى آخر رسالة إرسالها خالد ابن عمها وهي تفكر في رد يخرجها من المأزق دون أن تخسر حبه:
: لا يا خالد مش هينفع نتقابل خلينا نتكلم كده أحسن
: ايه ده أنتِ مش واثقة فيا ولا مش بتحبيني
: بحبك طبعاً وواثقه فيك أكتر من نفسي، بس مش عايزه أعمل حاجه غلط من ورا ماما واخواتي
: حبيبتي دا مش غلط أنا نفسي نقعد مع بعض ونتكلم براحتنا لأنك بتوحشيني
أصابتها الحيره بين عقلها الذي لم يكن ذو دراية كافية لشر الإنسان وقلبها المتهور الذي تعلق بحب الأوهام… كتبت ردها بعد أن حسمت أمرها:
سبني أشوف يوم يكون عندي دروس كتيره ونظبطها
: بحبك يا هيفاء
: وأنا كمان بحبك أوي
جُمل بسيطة تخرج بسلاسة ويسر دون عناء لنتائجها، يمد بساط الخديعة بحسه الرجولي لمغفلة لم ينضج عقلها بعد ويتلاعب بمشاعرها المتهورة تحت مسمى الحب، فإذا لم يتسلى يحصل على وجبة شهية لا تفقه نوايا ابن عمها ومن هو بمثابة أخيها!!!
؛************بقلم حسناء محمد سويلم
انقسم جمع النساء لزيارة ندى بحزن حل على العائلة بأكملها، ولحظ خلود التعيس وصل أكرم مع عائلته إلى أرض مصر وفي طريقهم للقرية ظنًا أن موعد عقد القران مثلما اتفقوا .. ولصلة القرابة بين ناديه ووالدت أكرم أخبرها جابر أن تتصل بهم لإخبارهم قبل أن يصلوا ويظهر أي بوادر للاحتفال،
أمر المعلم سالم بإغلاق المصنع من بداية اليوم واعطاء جميع العاملين إجازة لمدة يومين بعد إتمام تسليم الطلبيات المنتهية… واجتمعوا في مجلس عبده لمقابلة الأقارب والمعارف للعائلة ومع انتشار الخبر ذاد عدد الوافدين، ومن بينهم صبري ويونس الذي لم يفهم حتى الآن سبب مجيئه، ولكن بوقوفه مع أولاد أخواله أثبت علاقته المتماسكة وحسن نيته عكس ما صرح به صبري أمام الجميع..
؛********
في مكان آخر انبعثت منه روائح لعطور مختلفة لعدد كبير من نساء تنتظر دورها لتجلس على المعقد أمام صاحبة الصالون، التي تلوك العلكة مع تصفيف شعر احداهن بخبره اكتسبتها من السنوات التي قضتها في تلك المهنة ..
: اي رأيك اصبغلك شعرك أصفر كناري
ضربت على صدرها بفزع وهي تصيح بهلع :
دا كان الراجل طلقني فيها
رمقتها باشمئزاز وهي تكمل فرد خصلاتها :
وليه فقريه دا اللون طالع موضه
جاء صوت احداهن من خلفها وهي تتساءل باستفسار:
هو أنتِ بتفضلي فاتحه متأخر كل ليله ليه ؟؟؟
التفت ساره تنظر إليها بحنق وهي تقول بسخرية :
أصلي بشتغل الصبح ليكم وبليل لعفاريتكم
بحركة سوقية بصقت السيدة داخل ملابسها وهي تبرطم بذعر، صدح صوت رنين هاتفها فأخرجته من الدرج أمامها ووضعته على أذنها تثبته بواسطة طوق قماشي يلتف حول خصلاتها.. همهمت بكدر منتظره حديث الآخر الذي قال بقلق :
مش بتردي عليا من امبارح ليه ؟؟!
ضربت على كتف الزبونة لتنهض وتجلس أخرى محلها :
مش فاضيه
سألها ضياء بشك :
مش فاضيه ولا في حاجه مزعلاكي ؟!
واسترسل حديثه بغيظ :
وبعدين ما أنا قايلك تعملي حسابك تتغدي معانا امبارح ليه مجتيش وصغرتيني قدام اخواتي وأمي
ضحكت بتهكم وهي تردد بفظاظة :
ايه دا هي أمك مقالتش إنها طردتني من على الباب
لم تتمهل وأغلقت الهاتف بضجر عندما أخطأت في مقادير وصفة قناع تجميلي تصنعه، زفرت بحده وبدأت تركز في علمها بعد أن أغلقت الهاتف متوعده إلى هانم بدرس لن تنساه كي تعقل مع من قررت المشاكسة،
على الجهة الأخرى اندفع ضياء إلى الداخل وهو يصيح على والدته بغضب، خرجت اسماء ابنة خاله وهي تهتف بهدوء :
عمتو طلعت من بدري لبيت عمي عبده
أومأ إليها والتفت يخرج فأسرعت تقطع طريقه وهي تسأله بخشية :
هو أنت هتخرج ؟؟
تعجب من سؤالها فمنذ أن مكثوا في منزل خاله لا يرى بناته إلا مرات معدودة والاختلاط بينهم محدودة للغاية..
عندما لم يجيبها همست بتلجلج :
اختي خرجت مع ماما في مشوار وأخواتك كلهم بره إلا محمد، مفيش حد غيري
عند ذكر اسم أخوه الأكبر فهم ما تقصده بحديثها المذعور، ربما عادت نوبة التوهم إليه وهلوس في وجود المسكينة التي زاغة عينيها بقلق بالغ، ابتسم بخفة وغمغم بمزاح ليخفف من روعها :
شكل محمد هزر معاكي هزاره التقيل
نظرت إليه بعدم فهم وسألته بتوجس :
هزار!!! يعني هو كان بيهزر ومش بيتكلم جد ؟!
هز رأسه بتأكيد فقالت متنهدة براحه :
الله يسامحه شكله كان فظيع وهو بيقولي إني حاولت اقتله وأنه هينتقم مني
ضحك بعدم تصديق وغمغم بارتباك:
معلش يا أسماء هو بيحب الهزار جداً
ابتسمت بهدوء وأردفت بطمأنينة :
الله يكون في عون ريهام على الهزار ده
تخطته لطرقة الغرف مستكملة:
لو احتجت حاجه نادي عليا
جلس على الأريكة ينتظر والدته التي انشغلت بأمور تافهة لا قيمة لها، وسهت عن سبب سفرهم من السعودية بعجلة إلى هنا .. ظل يفكر في حل يرضي جميع إخوته لصالح مصلحتهم دون أن يثير الشك حولهم، مرت ساعة ونصف وهو متسمر محله دون ملل، حتى جاء علاء وبعده اتبعته والدته بصحبة حسام وفادي.. طلب منهم التحدث على انفراد في أمر لا يتحمل التأجيل بشكل صارم جعل هانم تشعر بالقلق، ضياء الوحيد من بين إخوته لا ينصت إليها منذ الصغر شخصيته قوية وتفشل دائمًا في السيطرة على أفكاره،
أغلق الباب بهدوء والتفت متسائلاً بجمود :
ليه محمد مبقاش ياخد علاجه؟؟
تطلع علاء إلى والدته قائلاً بامتعاض :
قولتلك نشوف حل للعلاج قبل ما حد يلاحظ
رفع ضياء حاجبيه باستغراب وسأله بتعجب :
انتو عارفين أنه موقف اصلاً؟!!
استكمل بنبرة مستنكرة :
وهو المهم أن حد يلاحظ ولا أن حالته تزيد!!
تمتم حسام بقلق شديد :
عشان كده اقترحت أننا مننزلش السعودية غير لما نشوف دكتور هنا يستلم حالته
جالت هانم بنظرها بينهم وهي تصيح بحده :
كل واحد بيحلل حالة أخوه وكأنه عدوى خايفين منه
رد عليها ضياء بحده مماثلة :
على الأقل بندور على حل قبل ما يقتل حد تاني غير الشغالة ولا أنتِ ناسيه
عم الصمت عليهم والمشهد المفجع يتكرر أمامهم، حينما صعقوا بجثة العاملة غارقة في دمائها واخوهم يجلس بجانبها ممسك بعصاه غليظة ويردد بهمس مخيف أنه تخلص منها قبل أن تقتله، استكمل ضياء حديثه باستياء:
أهل البنت كانوا غلابه واخدوا الفلوس ودفنوها، تقدري تقوليلي لو مقدرش يسيطر على الأوهام ومخدش العلاج هتكون نهاية مين؟؟ دا لو مكنش واحد فينا
حدجته بغيظ وهي تهتف من بين أسنانها بهمس :
حذرتكم من الكلام في الموضوع ده حتى مع بنفسكم
غمغم ضياء بتبرم غير متهم لتحذيرها :
هتكلم فيه لو نسنتي يا ماما
أضاف علاء ببرود :
بصراحه ضياء عنده حق ما احنا مش كل شويه هنهرب من مكان للتاني لو محمد فضل موقف علاج
ضغطت على فكها بحده ومن ثمّ أردفت بتفكير :
هدور على دكتور يتابع حالته ..
قاطعها ضياء بصرامة فقد وجد فكرة مناسبة للجميع :
لا مش هنستنى هنا طول ما هو كده، المره دي هدد أسماء الله أعلم المرة الجايه ممكن يعمل
تطلع إلى علاء وقال بشرود :
أنت هتقول أنك حجزت لماما ومحمد معاك أنت وحسام لطيارة بكره، وأنا هحجز ليهم في فندق يقعدوا فيه لحد ما نلاقي دكتور كويس
صاح أصغرهم باعتراض:
ولما حسام راجع كليته وعلاء راجع شغله، وماما ومحمد هيسافروا معاهم أنا هكون فين بقا
رد عليه ضياء بحنق:
قولت بنفسك راجعين السعودية واحد للدراسة والتاني شغله، وماما ومحمد هيقعدوا في القاهرة مش مسافرين، وأنت هتستنى معايا هنا
عقد فادي ذراعيه بكدر وهو ينظر إلى والدته التي تسألت بسخرية :
وهو قعدتنا في القاهرة علاجه
: على الأقل ضمنين حالته لحد ما نلاقي دكتور
وافق علاء وحسام على فكرته، فتلك وسيلة آمنه لضمان عدم التعرض لأحد في فترة البحث عن طبيب .. أما ناديه فلم يكن لديها حق الاعتراض أمام إصرارهم على إبعاد محمد لحين استقراره النفسي، وأخذت تقنع فادي بأن عودته للسعودية مستحيلة الآن، وعليه التأقلم على مناهج التعليم في مصر لأن وجوده أصبح مرتبط بها أينما تكون،
؛***********
تركت المساعدة التي تأتي في كل أسبوع يوم واحد تنظف الشقة بعمق وذلك بناءً على اتفاقها مع ربيع .. ووضعت علبة الألعاب الضخمة في بهو المنزل حول الأطفال، فقد صممت على شراء ألعاب جديدة تناسب أعمارهم المختلفة لينشغلوا بها وتمني مهاراتهم وتقلل من نشاطهم الزائد،
انتظرت عشر دقائق بينهم لحين مجيء ربيع لتوصيلها لمنزلهم، ابلغتها خلود أنها ستذهب مع والدتها الى ندى أمس اليوم، فقررت الذهاب معهما بدلاً من جلستها دون فائدة..
: هما مي وربيع رايحين فين يا خالتي ؟!
هتفت بذلك السؤال زوجة مؤمن وهي ترمق مي بعباءتها الفخمة من خلال النافذة المطلة على البهو، اجابتها والدة ربيع بلا اكتراث :
هتروح تزور مرات ابن عمها
نظرت زوجة مؤمن لأطفال ربيع وقالت بتهكم :
وهو ربيع أمن على عياله بشوية اللعب دول
لم ترد عليها مكتفيه بمشاهدة الأطفال يلعبون بهدوء، التفت زوجة مؤمن إليها وسألتها بحنق:
وعجبك الفلوس اللي بترميها هنا وهناك على الفاضي كده؟
واسترسلت بسخط :
وغير دا كله بسمعها بتزعق للعيال بدل ما تراعي ربنا فيهم
نظرت إليها المسنه التي تخطت عقدها السادس وقالت بحنكة :
ملناش دعوة اللي يشغلنا لما عيل ينزل يشتكي منها وقتها ربيع يتصرف معها ولو على الفلوس فهي حره فمال جوزها
ابتسمت مستكملة برفق :
متزعليش مني أنا بنصحك أحسن عمك رشدي لو سمعك هيقولك كلمتين يزعلوكي، كلام الحريم مش بيجي من وراه غير وجع دماغ ومشاكل، وأنتِ مش ناقصك حاجه وعندك جوزك ميسور وتقدري تعمل اللي نفسك فيه، ولو عليا أنا مش عايزه غير أشوف عيالي مبسوطين وعيالهم بخير، وافتكري أن مي عملت اللي أنا وأنتِ معرفناش نعمله مع عيال ربيع من يوم أمهم ما ماتت ودا كفايا نحطها فوق راسنا
أومأت بسكون ونهضت تخرج للبهو تجلس مع الأولاد، بعد أن توفت زوجة ربيع تدهور حال أطفاله بين أهل زوجته وأهله .. وعليها الاعتراف أن مي تحملت مسؤوليتهم بشكل غير متوقع لفتاة مقبلة على حياتها الزوجية بوجود أربع أطفال أصغرهم مازال يتعلم يَحْبُو، وإلا لم تأخذ بنصيحة والدة زوجها ستكون الخاسرة أمام مقارنة غير عادلة.
؛************
وضعت فنجان القهوة برفق وهي تهتف بنعومة :
تحب اعملك حاجه تانيه
هز رأسه بالنفي ومن الواضح على ملامحه الشرود فأردفت باقتصار :
رحمه قالت إن طيارة علاء بكره وممكن يجي يسلم عليها
نظر إليها وردد بجمود :
مفيش مشكله
خرجت نجاة دون أن تزيد في حديث غير مهم لتقلب مزاجه، أغلقت باب المجلس بهدوء وصعدت تخبر رحمه كي تجهز لاعتقادها أنها متيقنة من زيارة علاء ليس مجرد تخمين مفترض حدوثه … على صعيد آخر في غرفة بالطابق الأخير، ردت على اتصاله ببرود وجفاء لم تستطيع اخفاءه في نبرتها، مر أسبوعين على آخر مكالمة صدرت منه، لم يكلف نفسه بإرسال رسالة على الأقل.. والآن يسألها عن سبب تغيرها !!
: وبعدين بقا هو أنا مكلمك عشان تقلبي وشك
رفعت حاجبيها باستنكار وهدرت بحده :
وليه جاي على نفسك ومكلمني دلوقتي
زفر يعقوب بضيق وغمغم بفتور :
الأيام دي كل حاجه ملغبطه معايا ومش فاضي أنام أساساً
ردت عليه بحنق وانفعال ظهر في نبرتها المرتفعة:
أسبوعين مش فاضي فيهم دقيقة واحده، دا من يوم الدهب مكلمتنيش غير مره وقفلت عشان مستعجل
عندما طال صمته صاحت بتبرم :
بلاش برود الله يكرمك
: مفيش حاجه مصبراني غير جعفر اللي بيطلع فجأة ده
شعرت بالغيظ من ضحكاته وكأنه غير متهم لمشاعرها، اختفت كلمات الحب المعسول من المكالمة العجيبة التي تمر بمشاكسة يعقوب وردودها الجافة، ليس كأي اثنان في فترة الخطبة التي عرفت بحديث الغزل والغرام بل ما يراهم يجزم أنهما معًا بالإجبار .. وبعد هدنة مؤقتة شرح يعقوب سبب اختفائه وبحثه عن وسيلة لتأمين المحاجر دون أن يلاحظ أحد، ودون توضيح للتفاصيل أخبرها بمشاكل عائلية بين عبدالله ووالده كي تقدر موقفه، وكالعادة انتهت بالصلح بين الطرفين لمدى قصير.. تأخذ علاقتهم منعطف معاكس تمامًا فريد من نوعه، يتشابه مع شخصيتهما المتناقضة كما جمعتهم صدفة غامضة.
؛؛؛؛؛
عودة للمجلس
ولج بعد أن سمح إليه فوجئ بوجود أيمن مختار، لا يعلم لِما يشعر بالريبة من ذلك الشخص، ربما لأن عمله غريب بعض الشيء أو لأن وجوده لا يبشر بالخير …
جلس عمر على المعقد متسائلاً بقلق :
الريس مرتضى كلمني وقالي أن حضرتك طلبتني؟؟!
أشار على أيمن وقال بهدوء :
أيمن شافك وأنت داخل بيت خالك من يومين
رمق أيمن وهو يبتسم بثقة ثم تمتم بتلجلج :
أنا متأخرتش وكنت بشوف مين في البيت
حدجه المعلم سالم وغمغم بدهاء :
وياترى استقبال مغازي عجبك
تعلثم عمر وهو يردد بصوت مهزوز :
أول مره أشوفه ومشيت على طول
وقف أيمن مستأذن بالخروج، حين إذًا علق المعلم سالم نظره على عمر وهو يردف بصرامة :
ثقتي فيك متهزتش لحد دلوقتي
رفع سبابته مستكملًا بقتامة :
لحد دلوقتي يا عمر
حرك عمر رأسه بتلقائية ومن ثمّ بلع لعابه بتوتر وهي يجلس بارتباك وقص عليه مكالمة والدته التي لم تتكرر ولا يعرف مغذى حديثها حتى وقته … صمت المعلم سالم لبرهة وردد بمكر :
مغازي يرجع من السفر ويدخل بيت منصور في نفس وقت ما هاديه تكلمك وعز يهرب وسيف يختفي
ضحك بخفة وغمغم باستياء :
العيلة الكريمة مش هتحرم شكلها
لم يفهم عمر ما قاله ولا يهتم من الأساس سوى لعمله ومكان يمكث فيه مع أولاد أخته… أردف المعلم سالم بخبث ومراوغة:
عايزك تسيب المصنع أسبوع وترجع لعزبة عزب
فزع عمر وكاد أن يوضح موقفه ظنا منه أنه يطرده من القرية فغمغم المعلم يقاطعه بهدوء :
قولت أسبوع وسيب عيال أختك مع أم منير وأنا هوصيها عليهم متقلقش
قطب عمر جبينه باستفهام متسائلاً بعدم فهم :
وأنا هعمل ايه في الأسبوع ده؟؟!
: هنضايق مغازي ونفهم ايه بيحصل في بيت عزب
؛*************
بعد صلاة العشاء
قبل أن يخرجوا المصلين من المسجد، وقف عبده وبجانبه يونس الذي تفاجأ بما يدور حوله، حاول جابر منعه احترامًا لآداب المسجد والوقت ليس مناسب لجدال فارغ .. لكن أصر عبده على إنهاء الأمر في حضور عدد كبير من أهل القرية وصبري ويونس والمعلم سالم الذي اقتضبت قسمات وجهه من تصرفه المتسرع،
: ابن أختي اهو يابلد واقف معانا من صباحية ربنا ولا بينا مشاكل ولا كلام فاضي زي ناس ما بتقول واللي عنده كلمه يقولها في وشنا
ظهر صبري من بين الجمع وقال مبتسمًا:
يا عبده هو المعلم سالم معرفكش اني روحت امبارح وفهمته سوء الفهم اللي كان بينا
رتب على كتف يونس مستكملًا بلؤم :
غلاوة يونس كبيره عندنا عشان كده قلقت لما اختفى تاني
انكمش بين حاجبي عبده وهدر بتهجم :
أنت ولا غيرك محدش يقدر يقول نص كلمة في حق كبير السوالمة وادي يونس قدامكم اسألوه
تقدم يونس بجانب المعلم سالم بإشارة منه وتمتم متسائلاً:
في ايه ؟؟ هو وجودي مسبب مشكلة هنا ؟؟
تحدث شيخ المسجد وفصل في الجدال المنهي، كما أضاف أن سوء الفهم لم يقصد بين الحاج صبري والمعلم سالم ولا داعي لفتح تلك الصفحة مرة أخرى بين أهل القرية ..
: خالك عبده دايما متسرع مش اكتر يا يونس
هدر عبده بغضب على تعليق المعلم سالم:
لازم الموضوع يتقفل بوجود ابننا ولا نستنى اللي ليه لازمه واللي ملوش يتكلم ويفتي
حرك جابر رأسه باستياء وقال بسأم :
روح يا عبده نام واستريح طول اليوم هد حيل مش ناقصين
نظر إلى يونس واستطرد بحنو :
ياله تتعشى معانا وبعدين روح بات عند خالك سالم
لم يقبل جابر اي عذر وأتصل على خلود كي يجهزوا العشاء كي لا يأخره على موعده،
في نفس التوقيت
تمعن في الصورة الصغيرة للسونار بين كفه وبسمته تزين وجهه بسعادة، لم تتيح إليه الفرصة بمشاهدته واقعياً فتكون تلك المقابلة الأولى بين الأب والابن… وضع الصورة بجانبه متسائلاً بفضول :
الدكتورة طمنتك آخر مره ؟!
أومأت نيره بخفوت دون أن ترد، تنهد سالم بصوت مسموع ونهض من مقعده يجلس بجانبها على الأريكة وهو يسألها بشوق :
مش هترجعي معايا المره دي برده؟!
أخفضت رأسها متمتمه باقتصار :
بلاش تضغط عليا
أمسك يدها بين راحته قائلاً بعتاب :
٣ شهور بعيده عن بيتنا وتقولي بضغط عليكي، من يوم ما عرفنا بحملك وأنا غريب في حياتك ولا فاهم ايه بيحصل ولا عارف ايه يرضيكي
توترت من حركته المفاجأة وخاصة عندما زادت قبضته على يدها حينما أرادت سحبها، ابتعدت بعينيها للجهة الأخرى مردده بضجر :
هيفرق ايه من قعدتي هنا ولا هناك المهم رحتي
: ورحتك بعيد عني ؟؟؟
استحوذ الحزن نبرته المتسائلة بحيره كما انتابت قلبه المهجور من جفول حبيبه، راقب تعابيرها المضطربة بدهشة موجعة لكبريائه كرجل يفرض نفسه على زوجته.. شعر بمرارة الضياع مع سكوتها وهي تلتفت حولها كمن تبحث عن مفر من حصاره، تصور رد جاف أو عتابً أو أي فعل بدلاً من صمتها، ومثلها قرر هو الآخر رفع عنها مشقة الرد واستقام مغمغمًا بجمود :
الرد وصل، لما تحتاجي حاجه كلميني
لم يصعب عليه اختيار نفس أسلوبها، ولن يستهين بتقليلها لمشاعره التي جاءت به لزيارتها شوقًا.. ألقى كل مشاكلهم خلفه وتقدم لفتح كتاب جديد بلهفة لبداية كأسرة صغيرة، فأغلقت جميع المنافذ في وجهه دون أن تراعي كسر خاطره لفتات تحت قدميها، وها هو قد جاء لإذابة حاجز الجليد في علاقتهما وعاد ببحر مجمد فصل بينهما!!
؛**********
لثنائي آخر لنفس الاسم التي تشابه بينهما فقط .. وضع سالم رأسه فوق كتف ندى بتعب شديد حتى غلبه النعاس ولم يستيقظ إلا على صوت والدة ندى وهي تستأذن بالدخول ومعها العشاء، حرص على إطعام ندى بيده واعطاها علاجها مستعد للمغادرة:
خليك معايا وامشي الصبح
نظر للساعة في شاشة هاتفه وردد بحرج :
عشان اخواتك يخدوا رحتهم كفايا بقالي ٣ ساعات
لمعت مقلتيها بالدموع وهي تخفض رأسها، فابتسم وهو يقبل جبينها متسائلاً بهمس :
مش هتبطلي عياط بقا ؟
لف ذراعه حول كتفها ووضع رأسها على صدره، واسترسل هامسًا بكلماته الحنونة العذبة التي خففت من آلامها .. هون الحزن على قلبها بلطفه ولينه إلى أن غط الإثنين في نوم عميق لانتهاء يوم شاق وطويل لم يمره مثله عليهما،
؛***************
: أنت ازاي تسافر وترجع البلد من غير ما تعرفني، أنت مجنون في حد عاقل يهرب من السجن ويرجع بيته
ظهر صوته من بين أسنانه مزمجر بحده :
صوتك لو طلع تاني هخفيك من على وش الأرض
عم الصمت بينهما فاستكمل بوعيد :
واعى تتهبل وتكلم حد من الخط ده غيري
جاء رد المحامي باقتضاب :
قول لنفسك بدل ما أنت بتتحرك ولا كأنك بتتفسح
زفر عز دخان التبغ وقال بضجر :
متدخلش غير في اللي أنا اطلبه منك
صاح المحامي بنفاذ صبر فقد فاض كيله :
لا يا عز أنت لو ضعت أنا هضيع معاك ولازم تسمع كلامي وتفهمني أنت بتفكر في ايه
استقام في الظلام يقف أمام النافذة المغلقة يرمق الطريق بشرود، ومن ثمّ سأله بقتامة :
عملت ايه في موضوع موسى الأحمدي
: لازم نستنى شويه لحد ما الأمور تهدى
صاح بانفعال وهو يلقي التبغ أسفل حذائه:
لو مسمعتش خبر موته في خلال ساعات هتزعل صدقني
واستطرد بنبرة بغيظه :
وأخته تتصرف فيها معاه
لم يتمهل واستكمل بكبر :
وياريت تشوف نوع سم يموت بالبطيء لأن عمتي مبقاش ليها لزوم تعيش أكتر من كده
ارتبك المحامي وهو يهتف باضطراب من شره :
لو سافرت تقدر تعمل كل اللي أنت بتقوله وأمان ليك
قهقه عز بصخب وردد بسخرية وهو يدهس على التبغ بعنف :
متخفش موتك هتكون أسهل بكتير
: شكلك فايق وعايز تهزر، على العموم ولادك الصبيان رجعوا لخالهم من فترة ولسا مش عارف طريق ليلى
أمره بوجوم قبل أن يغلق في وجهه :
زود جرعة السم عشان شكل عمر مُصر يلحق بأخته
؛********
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)
