رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثالث والعشرون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثالث والعشرون
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثالثة والعشرون
الثامنة صباحاً
وقفت أمام النافذة الزجاجية تتأمل تساقط الأمطار بسعادة، ابتعدت أكثر من خمسة عشر عاماً عن القرية، بعد أن كانت تأتي كل عام مع زوجها لزيارة عائلتهم والعودة مره أخري للمملكة العربية السعودية …… قطع تأملها صوت ناديه المقتضب وهي تقول بوجوم :
منوره يا هانم
دارت هانم إليها وهي تحكم شالها القطيفة علي كتفيها :
وحشتني أجواء البلد اوي
ابتسمت نادية شبه بسمه والتفتت تغادر لتكمل مع صباح تحضير مائدة الافطار، وما أن ولجت الي المطبخ هتفت بحنق :
هتتعوج علينا بنت فتحية المقشفة
نظرت صباح إليها تعنفها علي ما تفوه به :
ولو الحاج سمعك وقلبها علينا من أول النهار
برطمت نادية مع انضمام نجاة إليهن وهي تهتف بهدوء :
سالم عايز صينية الفطار تطلع فوق
عقدت صباح جبينها باستغراب وسألتها بقلق :
ليه ؟؟ هو تعبان بعد الشر ؟؟
حركت نجاة رأسها بالنفي مردفه بنبرتها الهادئة :
لا عشان مش هياخد راحته معانا علي السفره
فهمت صباح أن زوجها لا يريد إحراج ابنة عمته بوجوده، فصاحت نادية بتهكم :
علي العموم كدا أحسن بدل ما يقعد مع البجحه اللي بره باللي هي لبساه
رمقتها صباح بتوجس ثم أزاحت نجاة من أمامها وخرجت تتأكد من مقصد نادية …. كانت هانم تجلس علي المقعد تضع قدم فوق الأخرى منشغلة في شاشة هاتفها، ضغطت صباح علي فكها بغيظ وهي تتفحص منامتها المنزلية بأعين ملتهبة بالغضب، أخذت أنفاسها بصعوبة ثم قالت بضيق :
معلش يا هانم إحنا هنا بره أوضنا بنلبس لبس حشمه لأن البيت فيه رجاله
رفعت هانم نظرها من الهاتف وهي تتطلع إلي ثيابها مردده بعدم فهم :
ومالها البجامة، دي حتي خروج مش بيتي
توسعت ملقتي صباح بذهول وهي تحدجها بحده :
ليه هو انتِ عايزه تقعدي كدا قدام الحاج سالم
ابتسمت هانم بسلاسة ثم أردفت بعدم اكتراث :
وفيها ايه سالم اخويا
جاء صوت نجاة من خلف صباح وهي تغمغم بجدية :
لكن أنتِ بنت عمته مش أخته وسالم مش هياخد راحته في بيته بسبب عشمك الزيادة
أرادت صباح أن تحتضن نجاة علي حديثها، خاصة عندما بهتت ملامح هانم ونهضت متجه إلي الغرفة التي ستمكث فيها خلال إقامتها المجهول مدتها ….. خرجت نادية وهي تحمل الصينية وقدمتها إلي نجاة متمتمه بزهو :
يسلم لسانك
أخذت نجاة الصينية دون أن تعقب واتجهت للدرج تصعد إلي طابقها لتقدم الإفطار الي سالم، الذي ضحك عندما قصت نجاة اليه ما حدث …..
: فكرتك هتزعل لما اقولك
قال مبتسماً :
مش مصدق أن نجاة اتكلمت وطلع صوتها
قدمت إليه الخبز ثم سكبت كوب الشاي وهي تردف بحنق :
ما هو برده طريقتها ولبسها ولا كأنها عيله عندها عشرين سنه ومش محترمه سنها
أخفي بسمته قائلاً بدهاء :
هي هانم طول عمرها مختلفة وشكلها أصغر من سنها
وضعت نجاة الخبز من يدها قبل أن تأكل منه متسائلة بضيق :
وست المختلفة مطوله في قعدتها عندنا ؟؟
: أكيد مش هسألها وهي لسا واصله امبارح
عادت نجاة بظهرها تستند علي حافة المقعد بمرفقها، فابتسم المعلم سالم مردد بمراوغة :
كملي أكلك وبلاش هانم تشغلك كدا
نظرت إليه بطرف عينيها وهي تهتف بسخرية :
مش واحده في مقام امي هتشغلني يا سالم
ابتسم بهدوء فمن الواضح أن الأمر معها لم يكن بمزاح أبداً …. انتظرت نجاة حتي انتهي من طعامه وقالت بهمس :
كنت عايزه اتكلم معاك شوية
رأته ينظر إليها بثبات فاستكملت حديثها :
انا لحد دلوقتي مش فاهمه بنتي مخطوبة ولا لاء، ولا عارفه قرارك في تكملة تعليمها
رمقته بقلق وهي تسترسل متسأله :
أكيد عقابك مش هيكون علي مصلحة مستقبلها ؟؟؟
اقتضبت ملامحه وهو يهدر بحده :
تصرف رحمه وحسناء مش هتكون نهايته عقاب يا نجاة
انكمش بين حاجبي نجاة وهي تسأله باستغراب :
يعني ايه ؟؟!!
واستطردت بعدم فهم :
رحمه اعترفت بغلطها وموضوعها اتقفل وحسناء اتخطبت لي يعقوب عشان نقفل علي خليل كلامه، ايه بقا الحصل !!
نظر إلي الجهة الأخرى وهو يهتف بصرامة :
للأسف بنتك لسا بتتصرف من دماغها ولما يضيق بيها بتيجي تعرفيني
عقدت نجاة جبينها متمتمه باستنكار :
بيتهيألي أنك متحامل عليها زيادة
: وأنها متعرفنيش أن خليل حاول يتكلم معاه كذا مره وبيوقعها مع يعقوب أكون متحامل عليها !!
علت الدهشة قسمات وجهها وهي تتمتم اسم خليل باستغراب، ثم اردفت متسائلة بحده طفيفة:
وخليل ازاي يعمل كدا ؟!! وليه من أصله شاغل نفسه بيها ؟؟
رد عليها باقتصار والضيق بادي علي نبرته :
كان عايز يخطبها
واستكمل ممتعض:
لولا خاطر مرتضي كان تصرفي مش هيكون مكالمة بيني وبينه أبداً
صمت نجاة لبرهة ثم قالت بتفكير :
أكيد حسناء خافت تعمل مشاكل بينا وبين مرتضي عشان كدا مقلتش لحد
نهض من مجلسه وهو يهتف بشرود :
علي العموم عزيز كان مكلمني عشان نتفق علي الدهب ومعاد كتب الكتاب
نهضت خلفه تُخرج جلبابه الرمادي والعباءة الرجالية السوداء ذات الخامة الثقيلة لتناسب برودة الشتاء :
كتب كتاب !! لكن حسناء لسا صغيره …
قاطعها متهكما وهو يأخذ منها الجلباب:
والصغيره بتاعتك عايزه يعقوب يبقا ايه الحل
التفت تجهز عطره الخاص أمام المرآه وهي تهتف بقلة حيلة:
ماشي يا سالم يتخطبوا سنتين وبعدين يكتبوا الكتاب لما الفرح يقرب
ارتدي الجلباب ثم رفع العباءة ذات الأطراف الرمادية فوق أكتافه، وتقدم من المرآه يمشط شعره، وبعدها نثر عطره بهدوء وأخذ المسبحة قائلاً بتفكير :
كلميها الأول وأعرفي قرارها النهائي لأن عزيز مستني ردي
واتجه الي خارج الغرفة، اتبعته نجاة وهي تردف بتعلثم:
هو ممكن تبقا تقعد مع مروه شوية
دار ينظر إليها مغمغما بسخرية:
: مروه ؟! هي عايزه إذن عشان تتكلم معايا !!
وضعت حجابها علي خصلاتها لتهبط معه الي أسفل وهي تردد بتوضيح :
لا مش قصدي، بس هي اليومين دول متخانقه مع ناديه وكنت بقول لو اتكلمت معاها ناديه هتخف عنها
أخذ عصاه من جانب باب الشقة وخطي للخارج مردفاً بحيره:
لما ارجع هشوف الموضوع
وقفت صباح أمام باب الشقة عندما استمعت الي صوت حمحمته الخشنة، ابتسمت بحب وهي تلقي التحية، ولحقتها نادية التي فعلت مثلها… خرجت هانم بعد أن ارتدت عباءة فضفاضة وهي تقول بسرعة قبل أن يرحل :
كنت عايزاك في كلمتين يا ابو هند قبل ما تمشي
تطلع سالم الي زوجاته وهو يشير إلي هانم أن تتبعه الي غرفة الصالون، اتبعته هانم ولكن قبل أن تخطو داخل الغرفة سابقتها صباح ثم نادية وأخيراً نجاة، جلسوا الثلاثة علي المقاعد المجاورة للمعلم سالم … جالت هانم بنظرها بينهن بضيق ثم وجهت حديثها الي سالم وهي تهتف باقتضاب:
لو لوحدينا يكون أحسن
ضيقت صباح عينيها من جراءتها وهي تردد بتودد مصطنع :
ليه هو في حد غريب برده دا أنتِ أختنا الرابعة
سمح سالم إليهن بالجلوس وهو علي رضا تام، وسأل هانم مستفسرا:
خير يا ام ضياء
جلست هانم علي امتعاض وهي تقول :
زي ما أنت عارف جوزي مات من اربع سنين وأنا بصراحة تعبت من القعدة لوحدي في الغربة ولا أهل ولا حبايب
حدجتها نادية بشك متسائلة بجمود:
لوحدك ليه !! وفين ضياء ومحمد ؟؟
ابتسمت هانم مغمغمه بفخر :
لا يا حبيبتي عيالي معايا وبعدين آخر زيارة كان معايا ضياء ومحمد بس
نظرت الى المعلم سالم مستكملة بزهو :
إنما أنا خلفت بعدها وبقوا ضياء ومحمد وحسام وعلاء ومسك الختام فادي عنده ١٤ سنه
استشاطت صباح غيظاً من أسلوبها وكادت أن تردعها علي سخريتها منهن كما فهمت، ولكن تحدث سالم قائلاً بهدوء :
ربنا يبارك فيهم، لكن مش فاهم ايه مطلوب مني
: قررت ارجع مصر اجوز ولادي واعيش وسط أهلي، ومفيش غيرك يقدر يوفرلي بيت مناسب لينا
حرك سالم رأسه بتفهم وأردف بحنكة :
والمفروض أنك تطلبي كدا من اخوكي مش مني يا بنت عمتي
قطبت هانم جبينها باستغراب وهي تردد بسخرية:
وهو عبدالخالق يعرف يتصرف زيك !! ولا ليه كلمة قصادك
تعاضي عن طريقتها الساخرة وهتف بتهجم :
عبدالخالق كبيرك بعد أبوكي وجوزك ومن الأصول انك لما نزلتي امبارح تروحي عليه مش عليا
أخفضت رأسها بحرج وتمتمت بتلجلج:
ومن قال إنه هيستقبلني في بيته بعد آخر خناقة بينا
هدأت نبرت المعلم سالم مردفاً بصرامة:
يوم ما يعمل كدا محدش غيري هيقفله
واسترسل بنبرة معاتبه :
وأنا متأكد أنه عمره ما هيعمل كدا مع أخته
ثم نهض مستعد للخروج مضيفاً بهدوء :
بيتي مفتوحلك وطلبك هيتنفذ لكن لما عبدالخالق اللي يجي يطلبه
أومأت إليه فغادر علي عجلة قبل أن يتأخر علي موعده، ابتسمت صباح بثقة وبدأت في الحديث المختلف مع هانم التي قصت إليهن أساليب حياتها بالخارج، ووصفت إليهن أولادها من الكبير للصغير وكأنها تنوي علي شيء ما فهمته ناديه التي رحبت كثيراً…..
؛****
في المنزل المجاور
ولج جابر الي غرفة الضيوف مرحباً بابن أخته… وطلب من خلود أن تبلغ دولت بوجوده، وما هي إلا دقيقة وولجت بوجه عابس متمتمه بضيق :
لسا فاكر تيجي تسأل عن أمك
نهض معتصم يقبل جبينها وكفها وهو يقول بهدوء:
مطمن لأنك مش عند حد غريب
نهض جابر كي يخرج ليتركهم علي انفراد، فصاحت دولت تناديه بجمود … التفت جابر إليها وهي تستكمل بحزم :
بلغ سالم إني عايزه ورثي
تطلع جابر الي معتصم الذي نظر إليه بدهشة دليلاً علي عدم معرفته بما تفوهت به والدته:
عايزه ورثك ليه ؟؟
رمقته باقتضاب وهي تهتف بحنق :
حقي وعايزاه
لوي جابر جانب فمه مغمغم بسخرية:
وهو مش أنتِ برده اللي قولتي أنك هتسبيه لانه مش لازمك
: لو معاك ورق بالكلام دا مش هطلبه تاني
عقد جبينه متعجباً وهدر بحده:
ليه أنتِ مفكره أننا هناكل حقك عشان يكون بينا ورق
تحدث معتصم بهدوء :
اهدي بس يا خال
أشار جابر علي دولت وهو يقول بغضب :
مش سامع أمك بتقول ايه
تطلع معتصم الي والدته متسائلاً بعدم فهم:
محتاجه الفلوس دي في ايه ياما ؟؟!
ردت عليه بحده :
وأنت مالك محتاجها في ايه
واستطردت وهي ترمق جابر :
مضايق كدا ليه زي ما يكون بشحت منك
استغفر جابر بصوت مرتفع وتركها وخرج مغلق الباب خلفه بعنف، نظر معتصم إليها قائلاً بضجر :
مكنش ليه لازمه الكلمتين دول
تجاهلت حديثه وسألته بكدر:
وأنت هتفضل عايش عند حماك كدا كتير ؟!!
واسترسلت بانزعاج:
الناس كلت وشنا وابن الحاج صبري عايش عند أهل مراته
رفع كتفيه بلا اكتراث مردفاً:
كتر خيرهم الناس فتحولي بيتهم بعد أبويا ما طردني
وكزته في كتفه مغمغمه بتبرم :
وأنت معندكش دم تيجي تشوف أمك
لم يجيب عليها وظل ينظر حوله بشرود، فقالت بحماس :
أنت بليل تيجي تخدني وتقول لخالك أن أبوك اللي باعتك
رفع معتصم حاجبيها بتعجب وهو يتمتم باستفهام :
ولما يسألني أبوك مجاش ليه ؟!!
صمت لبرهة تفكر ثم قالت باستياء:
قوله تعبان ومقدرش يجي
: بعيداً عن تفكيرك العبقري بس مين وصلك اني هرجع البيت تاني أصلا
بدت نبرتها الحزينة واضحة وهي تقول :
اخص عليك يا معتصم عايزني اتحرم من عيالي الاتنين
دار معتصم بوجهه للجهة الأخرى مغمغما من بين أسنانه:
أحمد هو اللي وصلنا لكل دا
ترقرقت العبرات في ملقتيها وهي تتمتم بهمس:
دا أحمد طايب وغلبان بس هو الشيطان اللي ضحك عليه
عاد يرمقها بحنق مردد بجمود:
وليه ميكونش أحمد هو شيطان نفسه
وجدها تبكي فوقف يتقرب منها وهو يتمتم بحنو :
هتتعدل قريب وكله هيكون كويس أن شاء الله
رتبت دولت علي كتفه برفق، دون أن تضيف ولكن قاطعهم صوت مرتفع من الخارج …. اعتدل معتصم في وقفته بينما تحركت دولت للخارج بتعجب، وجدت سالم يقف مقابل نيره وعلامات الضيق تعتلي قسمات وجهه، ووقفت تفصل بينهما زينب التي صاحت بقلة حيلة:
عالوا صوتكم كمان علي الله جابر يرجع ويأدبكم
تقدمت دولت منهم متسائلة بقلق:
في ايه ؟؟ مالك يا سالم ؟!
أشار سالم علي نيره وهو يهدر بحده :
في أن دلعها مبقاش مقبول عندي ولو متعدلتش أنا هعدلها
نظرت دولت إلي نيره التي ردت هي الأخرى تدافع عن نفسها:
ليه هو لما أقولك تعبانه يبقا بدلع
تحدثت زينب تنهي ذلك الجدل :
خلاص يا نيره أنا هخدك للدكتورة
قاطع سالم والدته بغضب جلي:
وأنا كنت من شوية في الملاهي ما أنا كنت عند الزفته ولسا داخلين
لم تفهم دولت سبب غضب سالم فسألته بترقب :
وأنت متعصب كدا ليه ؟! ما تسيب امك تروح تكشف عليها !!
برزت عروق وجهه وهو يصيح بغيظ :
قالت أنا تعبانه الصبح لبسنا وروحنا كشفنا والدكتوره قالت إنها كويسه والجنين كويس جدا، تيجي الحلوه أول ما ندخل البيت تقولي عايزه اروح للدكتوره تاني اصلي حسيت بدوخه !!!!!
تطلعت زينب إلي نيره بحده فمن الواضح أن حديثها معها ليلة أمس لم يجدي نفعا … اقتربت دولت من سالم وهي تحاول تهدأته رغم سخطها من تصرف نيره الأبله :
متعصبش نفسك هي بس قلقانه بزيادة ودا حقها بعد ما كانت مستنيه المده دي
كست الحمرة أعين سالم الذي صاح بصوت مرتفع صدح في أرجاء المنزل :
قلق ايه اللي يخليها تنقل هدومي لاوضة تانيه احسن نفسي يكون فيه جراثيم من الشارع، دي بتقفل باب الشقة لحد ما اقلع هدومي علي السلم ولا كأني جربان
واستطرد بغضب :
لو الحمل كدا فأنا مش عايزه
بكت نيره وهي تهتف بصوت محشرج:
أصلا من وقت ما سمعت بحملي وأنت مش مبسوط
لم يمر كثيراً علي تأكدهم من حملها ومنذ ذلك الوقت وهو يري منها أفعال تقوده للجنون، كاد يجزم أنها أصيبت بالوسواس مع ذلك الحمل … خرج معتصم محمحم بصوت مرتفع لأن خلود ومي كانتا خارج غرفهن، فاندفعن سريعاً يختبأن خلف الحائط الفاصل بينهما، أمسك معتصم معصم سالم يسحبه خلفه وهو يردعه بعتاب علي كلماته الحاده..
بينما نظرت دولت إلي نيره التي مازالت تبكي وقالت بحده :
ودي عمايل واحده عاقله، اديكي كرهتيه في الحمل وأنتِ لسا في أول شهورك
قدمت زينب كوب ماء إليها متمتم بحزن :
براحه عليها يا دولت
تطلعت دولت إلي زينب بضيق مردفه بسخرية:
براحه لحد ما ابنك يكرها ويكره البيت باللي فيه
واسترسلت بحده محدجه نيره :
بلاش هبل علي الفاضي، وزي ربنا ما أنعم عليكي بيه هو وحده قادر يحفظه
في داخل غرفة الفتيات التي أردفت احداهن بحنق :
ساعات بحس نيره متخلفه مش عارفه ليه
دارت خلود ترمقها بضيق فاستكملت مي بلا مبالاة:
أصل مفيش حد هيجيله فكرت أن نفسنا فيه جراثيم من الشارع
تجاهلت خلود حديثها وسألتها بفضول :
أنا شوفتك مش شوية بتحضري شنطتك، أنتِ خلاص قررتي ؟؟!
بلعت مي لعابها مردده بتوتر:
سالم جالي امبارح
انتفضت خلود بذعر وهي تهمس باضطراب:
سالم أخونا
حركت مي رأسها بهدوء ثم هتفت بخفوت :
سألني همشي أمته ومحستش بنفسي غير وانا بقوله كمان يومين
: ليه قولتي كدا وأنتِ مش عايزه ترجعي؟؟
ردت عليها بتوجس :
خوفت منه، حسيت اني هموت تحت ايده لو جبت سيرة طلاقي
واسترسلت بحسره :
كل ما أحس أن الحاجز بيني وبين أخويا هيتكسر يرجع اسوء من الأول
زفرت خلود بعنف وهو تهتف بحده طفيفة:
لو كنتي عرفتي بابا مستحيل سالم يقرب منك
تنهدت بثقل وتمتمت بلا اكتراث:
أنا شكلي تأقلمت علي رشدي ومؤمن وحنان وربيع، هما صحيح في الأول كانوا بيضايقوني لكن بعد كدا حبوني وانا اتعلقت بيهم
ضيقت خلود عينيها بشك :
متأكده أنك عايزه ترجعي
أومأت إليها بتأكيد ثم شردت في حياتها أن أصرت علي الطلاق، وكيف ستمر أيامها مع أخيها الذي أصبح أشد عدائه من السابق …. إلي هذا الوقت لا يعلم أحد سبب اختطافها مع سامر سواها واخيها التي كانت تستنجد به والمعلم سالم، الذي حذرها من التفوه بكلمة خوفاً علي تدهور صحة جابر إن علم بوجود صور ابنته في يد عز،
؛*******
اتكأ علي الوسادة بمشقة، غلبه الضجر من جلسته المتعبة بسبب يده المقيدة في الفراش، بالإضافة الي ذلك العسكري الجالس أمامه أربعة وعشرون ساعة بالتناوب مع زميله، ليضيق عليه الخناق ويصبح محاصر من كل الجهات.
نظر عز للعسكري بقتامة، تمني أن ينهض ويفرغ غله المدفون أسفل سكونه، تحطمت كل أسوار أماله ، وهدمت علي رأسه ليصبح رقيد حطام بؤسه، حاول التأقلم لتقبل واقعه الجديد، فلا داعي للتعلق بأوهام حريته التي أصبحت امر مستحيل…
شرد ذهنه فيما بعد تلك الأيام يفكر في طريقة يثأر بها من كل شخص ساعد في هدم مخططه حتي وإن كلفه المر بأن يعود للسجن مجدداً ويظل داخل جدرانه بقية حياته…..
؛******** بقلم حسناء محمد سويلم
صُدمت هند عندما عملت من رحمه أن موسي رحل فجأة مع والدته وعليا، وظل عمر في القرية ليبحث عن عمل يساعده في الاستقرار… حينها شعرت بأنه تخلي عنها، وأن كل أحاديثه كذب وكان يريد التسلية فقط، احتل الضيق ملامحها فسألتها رحمه بفضول :
زعلتي أنه سافر ؟؟
دارت الي الشرفة مغمغمه بلا اكتراث:
وأنا ازعل ليه، هو أساساً طول عندما بشكل مبالغ
صمتت رحمه وظلت ترمقها بهدوء، فسألتها هند بجمود :
وهو سافر ازاي برجله المكسوره ؟!!
صمدت رحمه بوجهها الهادئ كي لا تكشف :
مش عارفه بس تقريباً حد قريبهم هو اللي كان سايق
واستطردت بسعادة وهي تنظر إلي ذراعها المصاب :
أنا ملاحظة أن القشرة اللي كانت علي دراعك بدأت تخف
رفعت ذراعها أمامها وهي تهتف بفتور :
فعلاً ولون الجروح بدأت تاخد لون بشرتي
ثم ابتسمت بسخرية وهي تغطيه مرة ثانيه :
كل دا بضحك بيه علي نفسي في كل الحالات هيفضل مشوه
نهضت رحمه تعانقها بقوة وهي تتمتم بحزن :
هتفضلي جميله في كل حالاتك
بدالتها هند العناق وهي تهتف بسعادة جعلتها تنسي ألمها :
فرحانه أنك بتيجي تقعدي معايا
أبتعدت رحمه عنها وهي تردف بتلجلج :
بعد اليوم اللي حسسني أن فقدت بابا لقيت نفسي بشوف كل حاجه من منظور تاني، بحس إني عايزه احضنكم كل ثانيه احسن يجي وقت ومعرفش اشوفكم
لم تستطع إكمال حديثها بسبب بكاءها، فاحتضنتها هند بهدوء … ومن ثمّ هتفت تمازحها :
مفيش حاجه مفرحاني غير أنك قطعتي علاقتك بالملزقه اللي اسمها رنا
مسحت رحمه وجهها وتمتمت باستهجان:
بعد ما وصلت للي عايزها ركنتني علي جنب
: بُعدها بركه صدقيني
نظرت رحمه حولها بريبه ثم همست بخوف :
لكن الدكتور خيري لسا مبعدش
عقدت هند جبينها بتعجب، فاستكملت رحمه حديثها بتوتر :
عرف الاكونت الجديد علي الفيس وبعتلي رسايل وكل ما اعمل بلوك يكلمني من اكونت تاني
أشارت هند إليها بأن تذهب وتجلب هاتفها لتري تلك الرسائل، انصاعت رحمه إليها بعد أن وجدت من يساعدها من ذلك المختل الذي لا ييأس أبداً …
؛**
بعد صلاة الظهر عاد المعلم سالم الي منزله، وجد أيمن مختار وممدوح عباس ينتظراه أمام الباب الحديدي الضخم… أشار إليهم بأن يتبعاه الي مجلس الرجال، لم يتمهل ممدوح وتحدث بعجلة:
شكلك نسيت اتفاقنا يا معلم سالم
نظر إليه المعلم سالم بهدوء وقال بصرامة:
ومن أمته وأنا بنسى كلامي يا ابن عباس
ابتسم ايمن بتوتر وأردف بفخر واعتزاز قبل أن يهدم صديقه كل ما فعلوه :
كلمتك سيف يا معلم، وممدوح عايز يعرف أمته يقدر يرجع بيته
رد عليه المعلم بجمود:
صاحب البيت لسا مرجعش من سفره وحتي لو رجع كلامي كان واضح ومش هخرج الراجل من بيته غير لما اوفرله واحد زيه
كاد ممدوح أن يعترض فأسرع أيمن يهتف ببسمة:
اللي تشوفه يا معلم
نظر ممدوح الي أيمن بضيق وردد باقتضاب:
وأنا هفضل مستني لحد أمته علي كدا أن شاء الله
وقف المعلم سالم ينهي الجلسة مغمغما بحده :
لحد ما ابعتلك تدخل البلد تاني
ود أيمن أن يزجر ممدوح علي انفعاله المبالغ به، فقد أفسد الجلسة من أولها، نهض يصطحبه للخارج قبل أن يقعوا تحت بطش القرية، وقرر المجيء مرة أخري ولكن بمفرده …. بينما جلس المعلم سالم وهو شارد في بدأ الحديث مع عامر في أمر ترك ملكية منزله الي ممدوح ، وفي المقابل سيقوم ببناء منزل مشابه إليه في المساحة والتصميم، فكان شرط ممدوح لإخباره بمكان ليلي والضغط علي عز، أن يعود للقرية ويعيش داخل منزلهم القديم …..
ولجت مروه إلي المجلس وهي تهتف بصوت منخفض:
شوفت الضيوف مشيوا فقولت أجي
أشار إليها بالتقدم والجلوس بجانبه، أغلقت مروه الباب بحرص وخطت الي المعقد المجاور إليه … فسألها بعبث :
قوليلي بقا عملتي ايه عشان نادية تقلب عليكي ؟!
أشارت علي نفسها متمته بدهشة مصطنعة:
وأنا من أمته بعمل حاجه!!
حرك رأسه بهدوء مردفاً بسخرية:
عندك حق، دا أنا غلط لما مسمتكيش نسمه
ابتسمت بخفة وهو تردف بجدية :
أنا هتكلم ولو غلطانه هطلع اعتذر منها وهنفذ كل اللي هتطلبه مني
أومأ بهدوء وهو منصت جيداً، أخبرته مروه بكل ما تشعر به اتجاه علاقتها بطلال، وغضب والدتها عندما علمت أنها تريد أن تفسخ الخطبة … وبعد أن انتهت من سرد كل التفاصيل سألته بقلق :
هو أنا كدا غلطانه ؟؟
: طبعاً
بهتت ملامح مروه وهي تسأله بفتور :
ليه ؟!
: لما الاحساس دا وصلك من بدري ليه اخترتي تكملي ؟؟
رمشت بأهدابها بتوتر وأردفت بتعلثم :
لان وقتها تصرفات طلال اتغيرت زي ما يكون شخص تاني، بس لما دخلت في حوار مرات صاحبه وهبدأ اتعب نفسي وافكر دا كداب ولا دا صادق عرفت اني مش هقدر أكمل
عاد يسألها بجمود :
وانتِ شايفه ان والدتك كلامها صح !!
اقتضبت ملامحها مردده بضيق :
ماما فكرتها مش هتتغير في واحده فينا وهتفضل مقتنعه ان قطر الجواز فتنا، وانا مش مستعده ادخل علاقة مش مرتاحه فيها لمجرد جوازه والسلام
وعلي حين غرة هدأت نبرتها مستكملة بعاطفة:
لكن طبعاً ماما متقصدش تقلل مني، هي بس قلب الأم مسيطر عليها شوية
حرك رأسه بتفهم مردد بحزم :
وانا مش هضغط علي واحده فيكم
ابتسمت براحه وهي تشعر أن همها الثقيل زال من فوق صدرها … ثم تمتمت برجاء قبل أن تخرج :
طيب ممكن ماما متعرفش بقعدتنا دي
رد عليها بتهكم وهو يخرج هاتفه من جيب جلبابه :
متقلقيش عارف قلب الأم ممكن يعمل فيكي ايه
ضحكت بخفة وأغلقت باب المجلس بهدوء …..
؛******
في نفس الوقت ضرب سفيان الطاولة وهو يهدر بحده :
كفايا أنانية وفكر في اللي حواليك
واستطرد بغضب مشيراً علي طلال :
وخاليك متأكد أنك كنت سبب في موت بابا
حافظ الأخر علي ثباته أمام تلك الكلمات التي ضغطت علي حرج غائر استحوذ لُب قلبه، ورمقه بلامبالاة قائلاً بخفوت :
الأفضل تخليك في حالك
ابتسم سفيان بسخرية ثم هتف بحنق :
بعد كل دا وليك عين تتكلم
خرجت والدتهم علي صوتهم وهي تصيح بحزن:
اتخانقوا مع بعض وابوكم لسا مبردش في تربته
نظر إليها سفيان مردد بحده وهو يشير علي طلال :
ياريت هو يفهم كدا
تطلعت والدته الي طلال تسأله بعدم فهم:
فيه ايه يا طلال؟؟
اجابها دون ان ينظر اليها :
في اني عايز أكمل مع مروه ومش فاهم ايه غلط في الانا قولته
خرجت ضحكه خافته من بين شفتي سفيان بسخرية، بينما سألته والدته باستغراب :
وهتعمل ايه مع سوزي ؟؟
واسترسلت باستهجان :
ولا هترميها وتنكر ابنك !!
رد عليها سفيان بتهكم :
لا ما هو هيقطع الورقة اللي بينهم ويكمل جوازته مع مروه
نقلت نظرها بينهم بصدمة ثم هتفت بخزي وهي تحدج طلال :
يا خسارة فيك اسم ابوك
ومن ثمّ تطلعت الي سفيان تستكمل بحزم :
اعمل حسابك لو مرجعش عن اللي في دماغه هتروح معايا للمعلم سالم وأنا بنفسي هعرفه
واقتربت منه متمتمه بأسي :
وربنا يعوض عليك ببنت زي أمل
نظرت إلي طلال شزراً ودارت تخرج من الغرفة وهي تبكي، إلي الآن لا تستوعب ان زوجها غادر وها هي تقف وحيدة تحاول أن تستكمل خطاه، مات هو ولكن مبادئه لن تموت …..
نهض طلال واضعاً يده في جيب سرواله، وخرج يسير بهدوء دون أن يهتم إلي أحد…. خلال الأربع أيام الماضية لم يجيب علي اتصالات سوزي المستمرة، وعندما خاب آمالها أرسلت إليه رسالة أنها سوف تأتي إليه في أقرب وقت لتكون بجانبه في محنته … عند إذا أجاب علي مكالماتها مكتفي بجملة واحدة، كانت بمثابة أسهم قاتلة أصابت هدفها
” مش عايز أعرفك تاني ”
؛***
في منزل عزيز
أخذ سليمان زوجته وذهب لزيارة عائلته، ورحلت منال مع أختها إلي منزل أسرتهم لأن موعد ولادتها اقترب، لم يبقي سوي مايسه التي أقنعت شريف بأن تمكث أسبوع فقط وستلحق به الي شقتهم الجديدة….
عاد يعقوب من المحجر ليبدل ثيابه ويذهب الي مرتضي، فقد اتفقوا مع باقية الشباب علي قضاء بعض الوقت في منزل أحدهم …. فوقفت حسينه تقول بحفاوة عندما رأته:
كويس أنك جيت عشان تختار معانا هدايا خطيبتك
قطب يعقوب جبينه باستنكار وسألها مستفسرا:
هدايا ايه ؟؟
اجابته مايسه وهي تخرج من أحدي الغرف :
أصل همشي علي اخر الاسبوع وقولت أروح أزور حسناء بما أني هطول
رمقها بجمود مردد باستهجان :
ما تطولي هو أنتِ مهاجره يعني
ردت عليه حسينه بتعجب :
وايه يعني لما نروح ونزرهم حتي لو اختك مش مسافره
علم أنه لن يستطيع التحدث في وجود والدته فقال بهدوء:
معلش يا امي ممكن تحضري الاكل عشان كدا هتأخر
خرجت حسينه مسرعة الي المطبخ، اقترب يعقوب من مايسه مغمغما بحنق :
بصي هي مش ناقصاكي عشان تنيليها اكتر ما هي متنيله
واستطرد قبل أن تفتح فمها :
لو دماغك جيباكي تروحي عشان تعرفي تخريبيها برحتك هتزعلي مني يا مايسه
رفعت مايسه كتفيها ببراءة وأردفت بحزن:
بقا أنا هخرب عليك يا خويا
همهم يعقوب بسخرية بالغة ثم تخطاها مردد بتبرم :
والله انتو يا حريم ما ليكوا مثيل في الكهن
أغلق باب غرفته بعنف واتجه الي الشرفة يكتب رسالة الي حسناء يخبرها بزيارة والدته وأخته إليها كي تستعد الي ما هو آت….
؛**********
اقتحمت سمر غرفة سعد دون أن تطرق، متناسيه وجود سميه التي انتفضت من جلستها وهي تقول بهلع:
في ايه ؟؟
وضعت سمر يدها علي وجهها مغمغمه بحرج شديد:
أسفه بس نسيت أنك موجوده
تثاءب سعد بملل وهو يسحب سميه بجانبه مجدداً:
معلش أصلها متعوده تدخل زي الطور من غير ما تستأذن
وضعت سميه يدها علي صدرها متمته بخضة :
حرام عليكي وقفتي قلبي
ابتسمت سمر بخجل وكادت أن تخبرهم سبب مجيئها، لكن نداء محمود الحاد قاطعها … ضربت الأرض بقدمها بتذمر والتفت تذهب إليه قبل أن يثور أكثر، فتسألت سميه بحيره :
هو ليه أخوك محمود مش بيطلع شقته خالص !! حتي كل طلباته من سمر ؟!
رد عليها سعد وهو مغمض العينين:
محمود محدش بيطيقه حتي مراته، فتلاقيه هنا شوية وفوق شوية
ضحكت علي حديثه وهي تضيف بتعجب :
هو ازاي أنت وسمر تؤام ومش شبه بعض خالص
فتح عينيه بتثاقل مردد باستغراب:
هو لازم نكون شبه بعض عشان تؤام
رفعت كتفيها مردفه بلامبالاة:
لا مش لازم بس سمر شبه مامتكم لكن أنت مش عارفه شبه مين
نظر إليها قائلاً بمزاح :
عارفه أننا كان ممكن نكون أربع توائم
فتحت سميه عينيها علي وسعهم وهي تهتف بعدم تصديق:
مامتك كانت حامل في أربعة
: لا هي مش ارنبه، بس رحمه بنت عمي مولده معانا في نفس اليوم
مطت شفتيها مردفه بسخرية:
وانتو كدا اربعه ازاي
أجابها بتذكر :
مرات عمي كانت حامل في تؤام برده بس الولد مات بعد ما اتولد وفضلت رحمه
ظهر الانبهار علي وجهه سميه فقال سعد بتهكم :
هو أنا بحكيلك حكاية ألف ليلة وليلة، مالك مبهوره كدا
اقتربت منه وهي تهمس بمزاح :
تخيل تكون اوضة مرات عبده جنب اوضة مرات سالم، والممرضة تغلط وتدخل ابن سالم لعبده وابن عبده لسالم
دار بوجهه ببطئ وهو يشير علي نفسه متمتما بهمس مماثل :
يعني أكون انا ابن سالم وابن عبده هو المات
حركت رأسها مؤكده صحة اعتقاده، ظل ينظر إليها بريبه وعلي حين غرة صاح في وجهها بصوت مرتفع:
قولتلك بطلي تتفرجي علي الأفلام الهندي اللي لحست دماغك
عادت للخلف بذعر من نبرته المفاجأة ثم تمتمت بتذمر وهي تضحك:
أنا غلطانه عشان بكشفلك حقيقة أهلك
دفعها برفق مشيراً إليها بأن تلتزم الصمت :
أول حاجه عمي هيعملها انه يخفيني من علي وش الأرض ولا أنه يكون عنده عيل تافه زي
ضحك الاثنين بعفوية علي مزاحهم، ومن ثمّ نهضت سميه تجلب بعض التسالي ليبدأ تسامرهم الذي لا ينتهي…
؛**
في الخارج وضعت سمر فنجان القهوة أمام محمود متسائلة بوجه عابس :
عايز حاجه تانيه ؟!
أشار إليها بأن تذهب دون أن يرد عليها، في نفس وقت دلوف عبده من الخارج … جال بنظره بينهم متسائلاً :
فين سالم ؟!
: رجع من شويه وطلع فوق
أشار إليها بأن تذهب وتخبره أن يهبط بعجلة، وما هي إلا دقائق وظهر سالم وهو يهبط الدرج بقلق … واتجه الي والده متسائلاً بقلق :
خير يابا؟؟ سمر قالت أنك عايزني بسرعة ؟!
أخذ نفس عميق وردد بصرامة:
أنا هرُد أمك
بصق محمود ما فمه بينما نظر سالم الي والده متمتم بصدمة :
هتردها لعصمتك ؟؟؟
رد عليه باقتصار:
وعرفها إن كدا فضلها مره واحده عندي ولو متعدلتش هتكون آخرهم
علت الدهشة علي وجههم فلم يتوقع أحد منهم أن يأخذ والدهم قراره بهذه السهولة … أضاف عبده باقتضاب :
والله يا سالم لولا أني عارف أنها هتخرب بيتك انا ما كنت رجعتها لذمتي أبداً
واستكمل وهو ينظر إلي سمر :
وعشان محدش يقدر يكسر خاطرك طول ما أنا عايش
استأذن سالم أن يصعد ويخبر والدته وأثناء صعوده استمع إلي صوت مياده، في بداية الأمر شعر أنه يتوهم، لكن تكرر النداء فنظر إلي الأعلى يرد عليها …
: ممكن تطلع ثواني
صعد إليها ظناً منه أنها تريد إصلاح شيء ما أو ما شابه، وجدها تقف علي أول الدرج تفرك في يدها باضطراب، أشارت مياده إليه بأن يدلف الي الشقة وهي تقول بصوت منخفض:
مش هاخد من وقتك كتير
اتبعها الي الداخل ووقف بجانب باب الشقة تاركه مفتوح علي مصراعيه، ثم سألها بقلق :
خير الولاد كويسين ؟؟!
حركت رأسها بهدوء ومن ثمّ نظرت إليه مردفه بهمس مريب :
أنا محتاجه اتكلم معاك يا سالم
رد عليها مبتسماً :
سامعك يا ام راغب
: أنا بحبك
لم يظهر أي تعابير تعجب علي ملامح سالم الذي هتف بهدوء وبسمته مازالت تزين ثغره :
لازم الأخت تحب أخوها
لمعت عينيها ببريق حزين وهي تردد بإصرار:
لكن أنا مش بحبك حب أخوي
تظاهر سالم بالغباء وسألها ببلاهة :
اومال ايه ؟؟!
ارتعشت شفتيها مردفه بتلجلج :
علي فكره أنا مش بحبك بس، أنا بحب أي راجل بشوفه حتي لو صدفه
أخفض سالم رأسه مغمغم بحزن علي حالها الذي أصبح اسوء مما تخيل بسبب تصرفات أخوه :
ادخلي دلوقتي ونتكلم بعدين يا مياده
امسكته من مرفقه قبل أن يخرج وهي تتمتم بتعلثم :
مش قادرة اتغلب علي وسوسة الشيطان
ظهر محمود فجأة أمامهم وهو يصيح بتهكم محدقا في يد زوجته المعلقة في مرفق أخوه :
مش قادره علي وسوسة الشيطان يا سالم
؛******
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)