رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الرابع عشر 14 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الرابع عشر
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الرابع عشر
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الرابعة عشر
هرب النوم من جفونه، مستسلما لأفكاره التي لا يغفل عقله عنها…. أيام لم تمر مثلها عليه من قبل، دائماً مشغول في ضغوطات لا تنتهي …..
نهض من الفراش وهو يستغفر الله علي تلك الهواجس، وخرج الي المرحاض كي يتوضأ ويصلي ما بوسعه من قيام الليل طالما مازال مستيقظ الي الآن ….
وهو يسير في الطرقة استمع إلي صوت يخرج من احدي غرف الفتيات، والإضاءة منبعثة من خلف الباب …. طرق الباب برفق وهو يتطلع إليه ساعة الحائط المقابلة له…
: نعم يا بابا
عقد جبينه متعجباً وسألها مستفسرا :
ايه مصحيكي لحد دلوقتي
إجابته باقتضاب :
مش عارفه أنام
تنهد بوهن ثم سحبها الي أحضانه متمتما بحنو :
متزعليش عارف أنهم طلعوا عليكي وأنتِ ملكيش ذنب
عانقته خيرية بقوة مردفه باعتذار :
لا والله يا بابا أنا الـ بتأسفلك علي الكل الاحنا بنمر بيه
رفعت رأسها مستكملة بفخر :
بس أنا عارفه أنها فتره والمعلم سالم هيقدر عليها
ابتسم إليها مغمغم بحيره :
عارفه يا خيريه رغم إنك تافهه أوقات بحسك أعقل واحده في أخواتك
مطت شفتيها بتذمر قائلة :
هو أنا مش عارفه افرح ولا ازعل، بس تشكر يا حاج
واسترسلت بحماس :
طيب بما أن الحجوج مروق ممكن أقول كنت عايزه ايه لما هزأتني من كام ساعة
أشار إليها بالتقدم مردد بهدوء :
اعملي كوباية شاي لحد ما اصلي ركعتين واجيلك
هزت رأسها بحماس واتجهت إلي المطبخ، وما الا خمس دقائق وخرجت تحمل كوب الشاي بحرص متجها الي عرفتها مجدداً …. وضعته علي المنضدة بالقرب من المقعد الذي سيجلس عليه والدها، متأهبة إلي إلقاء علي سمعه تكل الكلمات التي ظلت تحفظهم منذ أن جاء الخبر إليها،
بعد نصف ساعة استمعت الي تمتمته وهو قادم باتجاهها، وقفت تتفوه ببلاهة :
ايه يا حاج دول ركعتين ولا التراويح
نظر إليها بطرف عينيه وجلس يمسك كوب الشاي مرتشف منه…. ما إن بلع ذلك المذاق المسخ تبدلت ملامحه للاشمئزاز، ثم هتف بهدوء جعلها تثق في جدية ثنائه :
يا سلام أما كوبايه شاي تسد نفسك عن الشاي بقية حياتك
ردت عليه بهمس حانق :
هي بردت بس إنما كانت حلوه
واسترسلت بلهفة :
المهم اتكلم دلوقتي
أمأ إليها متطلعا بإذن صاغية لمعرفة الأمر الهام للهفتها …. بدأت خيريه في قص إليه فكرة مشروعها، والملف المرسل الي عامر بواسطة مرتضي، وانهت قائلة :
أنا بعته مع مرتضي عشان لو عامر رفض شكلي ميبقاش وحش مش اكتر
قطب جبينه باستفهام وسألها باستهجان :
واشمعني عامر ؟؟ وليه ميكونش فكرة مشروع مخصوص من غير شراكة
توترت قليلاً من ملامحه المقتضبة، لكنها أرادت توضيح فكرتها، فأردفت بهدوء :
لأن عامر شغال أصلا في الخضروات المغلفة فطبعي يكون سهل تجمع بينها وبين الخضروات المجمدة مع شويه آلات زيادة
واستطردت بحماس :
غير كدا هو عنده كذا محل في مولات كبيره ومناطق مختلفة وهيكون سهل تسويقها جنب حاجاته
حرك رأسه بهدوء مغمغم بعدم فهم :
أنا مش عارفه الفكرة وصلتلك ازاي ..
قاطعته بعجلة وهي تهتف بشرح :
ما أنا المحضرة ملف الشراكة بينا وبينه في المره الأولى، وقتها جات الفكره في دماغي وان تنفيذها هيكون سهل
عقد سالم حاجبيه باستنكار وسألها مستفسرا :
مين قال إنها سهله ؟؟
ثم أكمل بتوضيح حتي لا يطفئ حماسها :
دا أول شهر عامر يبدأ ياخد في إنتاج ويوزع علي المحلات، غير دا محاصيل الفلاحين الأنا متفق معاهم تقريباً مش هتكفي وكدا هنضطر نشوف فلاحين من مناطق جنبنا، كله كوم ولسا التلاجات وآلات التعبية وعربيات مجهزة أنها تنقل البضاعة
ظهر الضيق علي ملامحها، وبدت خيبة الأمل تؤشر إليها وكأنها تخبرها ببداية خيوط فشلها، بعد أن رسمت أحلامها مع ذلك المصنع الضخم المخصص للخضروات المجمدة باسمها …..
: بس طالما عامر وافق، أنا كمان معنديش مشكلة لكن تنفيذه مش دلوقتي
تهللت أسرارها وهي تسأله بفضول طاغي :
طيب أمته ؟!!
رد عليها مقتصراً :
شراكتنا مع عامر كانت إتفاق ويعتبر رد جميل لانه ساعدني بس مش معني كدا أن أكبر شغل مش بنفهم فيه غير لما أشوف نتيجة الأول
حركت رأسها بتفهم متمته بأمل :
إن شاء الله خير
نظر إليها بثبات وهو يسألها بمكر :
ايه الجديد عندك بقا ؟!!
اصطنعت خيريه عدم الفهم وهتفت بتلجلج :
جديد في ايه
حدجها باقتضاب فقالت بضيق :
ما هما بيعرفوا أن أنا الـ بفتن عليهم ومش بيوافقوا يقعدوني معاهم بعدها
استند بمرفقه علي حافة المقعد وهو يردف بحنكة :
لكن أنتِ مش بتفتني، افرضي في مشكلة وممكن الحقها هعرف وقتها ازاي من غير ما حد فيكم يقولي
: اشمعنا أنا، يعني ممكن مروه ولا حسناء
ابتسم بخفة وهو يغمغم بثقة :
محدش فيهم زيك
بادلته الابتسامة وقالت بسلاسة ويسر:
أنا خلاص كدا اتثبت
ظل علي جديته وهو يسألها برزانة :
من الأول هند وبالترتيب يا اذكي أخواتك
: هند مش بتاخد العلاج غير كام كريم كدا وحتي مش بيلحق ينشف وبتلف دراعها لحد ما عمل قشرة غريبة اوي
قطب جبينه باستفهام متسائلاً بعدم فهم :
ليه مش بتاخد العلاج ؟؟
ظهر الحزن في نبرتها مردده بضيق :
بصراحه يا بابا هند بتمثل قدامك وقدام ماما انها كويسه وبتضحك وكله تمام، إنما في الحقيقة نفسيتها وحشه خالص، ودايما خايفه وحاسه أن أحمد هيجي تاني
أشار إليها بأن تكمل، ربما يفهم ما يدور حوله دون أن تخفي اي واحده منهن أمر ما …. استكملت خيرية حديثها بحده طفيفة :
ومرتضي مرداش يجيب مها امبارح
رفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وأردف بسخرية :
اخص عليه ملوش حق يمنعها تزور أهلها الـ هي أساساً مش بتخرج من عندهم
ضحكت علي انفعاله متمتمه بمزاح :
لا احنا عايزين صدر رحب للقعده، دا أنا لسا في رقم 2
حرك رأسه بضجر وهو يضع يده علي جبهته قائلاً :
أنا الـ جبته لنفسي
واستطرد بحنق :
علي تنقيطك ليا في كل كلمة هنخلص بكرا بعد العصر، ما تخلصي يا بنتي
ثم سألها بتذكر :
أمل مالها بقالها يومين متغيره ؟؟
ردت عليه بلا اكتراث :
لا عادي دماغها مشغول من كلام مروه
انكمش بين حاجبيه باستنكار وسألها مستفسرا :
وايه كلام مروه ؟؟
اجابته بكلمات غير مرتبه قائلة بعجلة :
: أصل مروه شاكه في سوزي وتقريباً هتصدق كلام محمود، وأمل حاسه ان سفيان متغير من ما سألته فالدنيا خربانه عندهم
صمت لثوان يرتب حديثها لعله يفهم شيء :
محمود ماله بمروه !! ومين سوزي أساساً ؟!! وايه دخل سفيان وأمل !!!!!
أشارت خيريه إليه بأن يهدأ وهي تتمتم بتلجلج :
هو كلام من زمان وأنا مليش فيه، هي مروه الـ مردتش تعرف حضرتك
” حضرتي ” رددها باستنكار وهو يضيف بتهكم :
مش بتباشر خير طالما أول الكلام ادب كدا
سردت خيرية منذ أن جاء محمود وأخبر مروه بزيجة طلال، وأنها لم تصدق حرف مما قاله، ثم قالت قرار مروه في يوما ما عندما أرادت الانفصال عن طلال بسبب معاملته المتعجرفة، ولكن دون سابق إنذار وجدت تلك المعاملة مختلفة تماماً الي لطف لما تراه من قبل …. وأخيراً عن تلك السوزي عندما جاءت إلي هنا، ومن ثمّ شكوك مروه اتجاهها مما جعلها تلجأ إلي أمل لمعرفة ما أن كانت تكذب أم لا…
: بس أمل بتقول أن سفيان مش علي بعضه من يومها ودايما بيسأل عن سوزي لو كانت اتوصلت مع مروه تاني ولا لا
اقتضبت ملامح المعلم سالم وهو يردد بحده :
وحضرتكم كنتوا ناويين تعرفوني ولا ركنتوني علي جنب
حاولت خيريه توضيح الأمر ولكنه لم يعطيها فرصة واستكمل بحنق شديد :
دا يتكلم ودا يمشي، ودي تيجي ودا يعيد وأنا نايم
هتفت خيريه بهمس كي لا تثير غضبه أكثر :
يا بابا مروه عارفه أن محمود كداب عشان كدا مردتش تعمل مشكله علي الفاضي، لكن سوزي دي هي الـ خلتها تشك
قطب جبينه مستنكراً حديثها وسألها بوجوم :
مين قال إن محمود كداب ؟!!!
رفعت خيريه كتفيها وهي تردف بيقين :
لأن لو كلامه صح أكيد كان وصلك
صفق سالم محوقل بصوت مرتفع، ومن ثمّ نظر إليها مغمغم بسخرية :
لو حد معرفكم اني مخاوي ولا بضرب الودع عرفيني
واسترسل بحده :
راجل محترم وسمعته كويسه وعشرة عمر، طلب ايد بنتي لابنه المفروض أشم على ضهر ايدي نواياهم
لم تجترئ الرد عليه واخفضت نظرها منتظره أسالته كي تجيب …. علي الجهة الأخرى حاول المعلم سالم السيطرة على زمام الأمور، ورسم الهدوء كي يستخرج ما تبقي في جوفها وقال بجمود :
والست مروه ناويه علي ايه بعد كدا
تمتمت بتعلثم هامس :
مش عارفه بس هي خايفه تتصدم وفي نفس الوقت بتدور علي اي حاجه تأكد بيه شكوكها، وقلقها علي أمل اكتر من نفسها لان أمل اتعلقت بسفيان جامد
أمأ بهدوء وهو يردد بشراسة :
لو طلال طلع بيلعب بديله أنا هكتفي إني اسيب مروه عليه
واستطرد بعقلانية :
إنما مش هناخد سفيان بذنب أخوه طالما أمل عايزاه
ضيقت خيريه عينيها بشك وهي تتسأل بحيره :
ما تغير سفيان هو المقلق أمل !! يمكن يكون عارف حاجه ؟؟؟
أجابها مقتصراً :
لما نشوف الاستاذ محمود بكرا الأول وبعدين نشوف موضوع سفيان
عم السكون مرة ثانية فشعرت خيرية بالغصب من نفسها، وعاتبت عقلها علي عدم إرسال إنذار لتتوقف عن ثرثرتها … رفعت عينيها ترمقه بعاطفة وهي تري شروده الي عالم آخر، بلعت لعابها وهي تردف بفتور :
بابا أنت زعلت مننا
بدي صوتها مرتعش وهي تستكمل باضطراب :
احنا بس مش عايزين نزود همنا
قاطعها بلوم صريح:
عمركم ما كنتوا هم ولا هتكونوا، بس أنا مش مستعد أشوف شخصية رحمه في واحده فيكم تاني وتلومني علي اختيارها
علي حين غرة تحولت بطريقة اندفاعية وهي تهدر باستهجان :
لا يا بابا رحمه هي الاختارت من الأول أنها تعيش دور الضحية وسطينا
تطلع إليها بضيق مردد بعتاب :
بدل ما تقولي كدا احتوي أختك أحسن ما تدور في الغريب
انكمشت ملامحها وهي تهتف بامتعاض :
لو سمحت يا بابا ياريت تسمعني للآخر
أخذت نفس عميق واسترسلت باقتضاب :
احنا من واحده ولا اتنين، احنا سبع بنات يعني لو كنت أنا وحشه ممكن تلاقي اختي التانيه أحسن ما هو مش معقول كلنا وحشين، ثانياً هي دايما كانت تسبنا قاعدين وتدخل الاوضة لوحدها، كل كلمة كنا نقولها تتقمص لحد ما اتفاقنا بلاش نهزر معها عشان متزعلش، وكل ما تتكلم تقول أصل احنا مش من ام واحده، مع أن المفروض حسناء هي التحس الاحساس دا لأنها وحيده وملهاش أخوات من الام
بتر حديثها قائلاً بصرامة :
أختكم مهما قالت وعملت والواجب عليكم يا كبار يا عاقلين تفهموها غلطها
واسترسل بوهن :
ولازم ألوم نفسي قبلكم اني مفهمتش نظراتها من صغرها
كانت متحاملة بشكل كبير وهي تقول بحده :
لأنك عمرك ما قصرت مع واحده فينا لكن هي بتتبطر
نظر إليها بجدية وهو مردد بهدوء رزين :
يا خيريه انتو الكبار ورحمه وحسناء لسا مش فاهمين زيكم وعلي الأقل كنتوا اقنعتوا رحمه تكمل مع الدكتوره
لوت جانب شفتيها مردفه بسخرية :
أساساً كل ما نسألها هي عامله ايه ولا كأننا بنشمت فيها
انتفض يقف وهو يهدر بضيق :
لو جيت وقولتلك عرفيني الجديد ابقي فكريني بالقعده دي
ضحكت خيريه وهي تركض خلفه قائله بترجي :
استني بس يا بابا، وبعدين ما هو دا الجديد بتاع بناتك
امسكت يده مستكملة بحماس :
طيب خلاص نقفل علي الكلام دا، وأروح أعمل بيتزا ونتعشي سوا
تسمر محله وهو يردد حديثها بذهول ثم هتف بدهشة :
بيتزا ايه الساعة 3 الفجر !!!! هو بوقك مش بيفصل ليل ولا نهار ؟!!!!
ابتسمت مغمغمه بتفاخر :
سمي في سرك يا حاج
أزاحها من أمامه ليكمل طريقه يبدل ثيابه ويذهب الي المسجد فقد أوشك أن يؤذن أذان الفجر، فقالت بتوسل :
دا أنا هخلصها في ثواني، وأول ما ترجع من الصلاة هتكون جهزت، كُل معايا بالله عليك يا بابا
شعر بالضجر فهتف بسخرية :
خيريه أنا عندي كتب كتاب ابن اخويا بعد صلاة العصر وعايز احضر سليم
وضعت يدها علي صدرها وهي تشهق بصدمة، ثم تمتمت بأسى :
اخص عليك يا حاج دا أنا اكلي ملوش زي
تطلع إليها بحنق وخطي في طريقه، بينما دارت هي باتجاه المطبخ تحضر المكونات سريعاً، حتي تنتهي قبل عودته من المسجد ….. بقلم حسناء محمد سويلم
؛****************
في السادسة صباحاً
وقف عزيز بصحبة أولاده مع عدد من الأقارب، منتظرين انتهاء الجزار من تقطيع الذبيحة، فقد حرص علي اقتناء ذبيحة ضخمة في مثل هذا اليوم …. وفي نفس الوقت بجانبهم بدأ الطباخ يستعد لتحضير الوصفات فعليه الانتهاء قبل صلاة الجمعة كما أمر عزيز، وكذلك كان الموعد المحدد للنساء …
حتي العروس بدأت في رص حقائبها بما يلزمها من ملابس وأشياء شخصية فقط … لأن الاتفاق أنها ستمكث في منزل عبده حتي يتحسن وضع سعد، وحينها سيكون لديها منزل خاص بالقرب منهم …
؛***********
بعد ساعتين
دلفت دون أن تطرق الباب، ثم اقتربت من الفراش وهي تناديه باسمه، وعندما لم تجد رد جلست بجانبه وهي تقول بصوت أعلي :
سالــم
همهم بنعاس دون أن يفتح جفونه، فهتفت بجمود :
قوم الدنيا مقلوبه بره وأنت لسا نايم
خرج صوته الاجش وهو يقول بتثاؤب :
هي الساعة كام
استوعب أنه لا يحلم، فرفع يده من علي وجهه، ثم فتح عينيه بصعوبة وهو يغمغم بعدم تصديق :
أنتِ ندي !!!!!
تجاهلته ووقفت مردده بحيره :
كوتلك الجلابية الرصاصي بس مش عارفه البس الولاد ايه
انتصف بمرفقه علي الفراش وهو يتأملها بصدمه دون أن يُعقب عليها … التفت إليه وهي تهتف بضيق :
مش بترد عليا ليه مش كفايا محتاره البس ايه
رفع الغطاء وهبط يسير إليها، وضع يده علي جبينها متسائلاً باستنكار :
ما هو يإما بتهلوسي، يإما أنا لسا نايم صح ؟!!
أبعدت يده مردفه بتشفي :
دا أنا كدا أفرح فيك بقا
نظر إليها لبرهة محاولا قراءة تعبير وجهها المبهمة وهو يهتف بترقب :
أفهم أنك حنيتي عليا ولا بتشتغليني
ضيق عينيه مستكملا بحيره :
ولا ممكن هرمونات حمل
تطلعت إليه بعتاب مغمغمه بحزن :
ممكن تقول أني تعبت
اقترب لتلك الخطوة الفاصلة بينهما، وأمسك يدها بين راحته وهو متمتما بأسف بالغ :
مهما اوصفلك ندمي مش هيكفي، أنا آسف يا ندى
بدى الندم في ملقتيه ظاهر إليها عندما حدجها بحب، فهمست بتلجلج :
مش عارفه أنام لوحدي في الشقة من غيرك
واسترسلت بحده طفيفة :
بس علي فكرة أنا متعصبة اوي من نفسي عشان وقفه معاك دلوقتي بكل سهولة
ابتسم إليها مغمغم بشوق :
لو أنتِ مش متاكده من حبي ليكي مكونتيش وقفتي دلوقتي
حركت رأسها بالرفض متمتمه بتعلثم :
جايه عشان تطمني
رفعت نظرها وهي تستكمل بخوف :
ساعات بحس إن قلبي هيوقف وبحس اني هموت
أخذها في أحضانه مردد بحنو :
حبيبتي دا قلق عشان الولادة قربت
رفع رأسها ليري ذلك الوجه البشوش مستكملا :
مش فاكره في ولادة حنين كنتي بتقولي نفس الكلام دا
حركت رأسها بهدوء وعانقته بقوة، رفض سالم تلك الأفكار التي هاجمت قلبه بسلاح الذعر … ثم رتب علي حجابها برفق قائلاً بهمس :
وحشتيني
ردت عليه بهمس مماثل وهي تشدد علي أحضانه :
وأنت كمان
واستكملت بشراسة ووعيد قاس :
لكن والله يا سالم ما تعمل عملتك دي تاني ولا تكدب عليا مش هسامحك حتي لو طلعتلي ابويا من تربته
أبتسم مغمغما بأدب :
توبه يا باشا
ابتعدت عنه تهندم حجابها وهي تضيف بمراوغة :
علي العموم أنا سامحتك شويه صغيرين ببوكيه الورد والمدلعة ولو عايز اسامحك اكتر فسحني يومين تلاته اربعه كدا
أشار علي عينيه مردد بسعادة :
بعد كتب الكتاب حضري الشنط وبكرا الصبح نتحرك المكان الـ تختاريه
أمأت إليه برضا وتحركت للخارج عندما استمعت الي نداء سمر، لم تأخذ تلك الخطوة من فراغ، ولكنها اكتفت من الجفاء التي لم تعهده من قبل، متيقنة أنه ندم علي فعلته، حتي وإن كان ذنب لا يغفر، هي ستغفر من أجل حبه ….
؛**
في الطابق الاخير من نفس المنزل
خرج من المرحاض وهو يرد بحنق علي نداءه قائلاً :
صوتك عالي ليه من صباحية ربنا
أخذت سحر المنشفة تقدمها إليه مردفه :
أخوك وصل تحت ودخل علي طول لاوضة محمود فطلعت أعرفك
قطب عبده جبينه باستفهام وسألها بدهشة :
جابر ايه جابه بدري كدا ؟!!
حركت رأسها يمينا ويساراً وهي تهتف بتوضيح :
لا مش جابر، دا ابو هند
” سالم ” ردد اسم أخوه بريبه، ثم ألقي المنشفة وهو يرتدي جلبابه بعجلة مغمغما بضيق :
يبقا ابن رحاب عمل مصيبة
واستكمل بحده :
ما هو فقر زي أمه، حتي يوم كتب كتاب أخوه مش عايز يعديه علي خير
أنهي جملته وهي يفتح باب الشقة علي مصراعيه، وهبط لأسفل متمتم بحديث ساخط …. ظلت سحر تقف في الردهة تنظر إلي إثره بتعجب، ولحقته لأسفل تكمل عملها مع ندي وسمر في تنظيم غرفة سعد وتجهيزها استعداد لاستقبال العروس ….
؛؛؛؛
في نفس الوقت كان يتململ في فراشه بانزعاج من ذلك الإضاءة الساطعة فوق رأسه …. زفر بصوت مسموع وهي يلقي الوسادة أرضا وهو يردف بغضب :
هو الواحد ميعرفش يرتاح في البيت دا
ودار بجسده للجهة الأخرى مستكملا بسُباب بذئ، بتره وهي ينتفض بهلع عندما وجده يجلس بجانبه علي الفراش مستند علي عصاه بكلتي يديه ….
جفت الدماء في عروقه وهو يغلق عينيه ويفتحهما مراراً وكأنه يتأكد من أن كان يتوهم أو مازال يحلم ….
بينما نظر إليه المعلم سالم وهو يهتف بهدوء مريب :
صباح الخير
لملم محمود شتات أمره متمتما دون وعي :
كويس الحمد لله
ابتسم المعلم سالم بسخرية وهتف بصرامة :
الحمدلله، عشر دقايق أشوفك محصلني علي المصنع
دخل عبده دون أن يطرق وهو يتساءل بقلق:
محمود عمل ايه يا سالم ؟!!
أجابه وهو يخرج :
عمل كل خير
وأشار إليه بالتقدم أمامه مستكملا بهدوء :
تعالي وصلني لاوضة سعد
تحرك عبده الي الطرقة مشيرا لاحدي الغرف :
هو في اوضة سمر لحد ما يخلصوا تجهيز اوضته لان عزيز بعت شنطة بنته
خطي إلي الغرفة المبتغاة طارقا الباب برفق، ودلف يطمأن عليه فمنذ الحادثة لم يأتي إلي منزل عبده …. وبالطبع قبل عقد قرآن اي شاب أو فتاة في العائلة يجلس معهم لتتأكد من رغبتهم والقاء النصائح التي أن خولفت لن تمر مرور الكرام، وأخيراً هدية الزواج التي كانت بناء منزل خاصة الي سعد وزوجته ….
؛***************** بقلم حسناء محمد سويلم
ارتجلت من السيارة وهي تهتف بملل :
يا بابا لسا بدري ومش هنلاقي محلات فاتحه دلوقتي
وقف بجانبها قائلاً بضجر :
يا بنتي قولتلك لما ننزل بدري هنخلص قبل الصلاة
كان الآخر يستمع إليهم بإنصات لعله يفهم سبب مجيء والده واخته الي هنا باكرا، وعندما لم يرضي فضوله ما استمع إليه سألهم باستغراب :
هو انتو رايحين فين؟؟ وايه الـ هيخلص قبل الصلاة ؟!!
تبطأ جابر في ذراع خلود مردد بجمود :
وأنت مالك، وياله مع السلامه ولما نخلص هكلمك تيجي
وأخذ خلود متجه إلي أحد محلات الذهب الشهيرة في المنطقة، وتحرك سالم بالسيارة باتجاه المشفى كي يعطي مبلغ نقود الي عمر بناءً علي طلب عمه، فقد استيقظت هاديه من غيبوبتها وتتطلب حالتها فحوصات طبية وأدوية باهظة الثمن لا يملك عمر منها شيء، ولا يوجد في يده حل سوي أن يستلف الي حين ….
ألتفت خلود في المحل وهي تقول بحيره :
طيب ما أنا مش عارفه مي هيعجبها ذوقي ولا لا
حفزها جابر مردد بلهفة :
ما انتو اخوات وذوقكم واحد
بعد نصف ساعة اختارت خلود طقم كامل مكون من سلسال كبير ومعه إسواره وخاتم، واربع غوائش وخاتمين آخرين…. تطلع جابر إليهم متسائلاً :
ما تكبري السلسلة شويه ولا تجيبي واحده كمان ؟؟؛
رمقته خلود بذهول وأردفت بهمس :
اجيب ايه تاني يا بابا ما الطقم كبير اهو وكمان في غوايش
أشار إلي صاحب المحل بأن يجهز الفاتورة، ثم اتجه إلي المكتب كي يحاسب، وطلب منه أنه يضعهم في علبة قطيفة حمراء للون كما تحب ….. بعد أن خرجا أشارت خلود علي الطريق المقابل لهم وهي تهتف :
نعدي الطريق بقا عشان نختار اللبس والفستان
رفض فكرتها وهي يردف بتذكر :
لا شوفي محل الورد الأول قبل أن أنسي
أخرجت هاتفها تبحث عن عنوان محل الزهور، ثم تحركا سويا باتجاهه …. كان كل هم جابر أن يجلب كل طلبات مي قبل عقد قران ابن عمها، فتلك أول مناسبة تحضرها بعد زواجها وعليها أن تظهر كما تريد دون أن ينقصها شيء،
؛*************
: ومن أمته وابوكي بيفطر بيتزا يا ختي !!!
مطت خيريه شفتيها وهي تردف ببرود :
ما تروحي تسأليه احسن
رفعت مروه حاجبيها باستنكار وهي تحدجها بغيظ، فتحدثت هند تنهي ذلك الجدل وهي تسقي خوض الزهور أمامها :
ما خلاص يا مروه من الصبح وماما تسألها وأنتِ تسأليها وحسناء تسألها :
ردت عليها مروه بحنق وهي ترمق خيريه :
عشان الاخت اخر مره قعدت مع بابا لوحدها بعبعت وهلفطت زي الهبله
أشارت خيريه علي نفسها متمته بصدمه :
أنا ببعبع وهلفط
ابتسمت هند وكادت أن تُعقب عليها، لكن قاطعهم دخول ذلك المتغطرس الذي لم يكترث لوجودهم في البهو، وأكمل خطاه للجهة الأخرى …..
: ماله دا !! هي مش أخته قالت إنه نسافر ؟!!
استكملت خيريه علي حديث مروه وهي تردف بسخرية :
وهو احنا شفافين اوي كدا
انهت هند تنظيف حوض الزهور وهي تمتم بلامبالاة :
عادي يا بنات يمكن اتحرج مننا
رغم تفكيرها في سبب تجاهله الغريب، لكنها بدت غير مهتمة لوجوده من الأساس …. بعد وقت قصير دلفوا كل واحده الي غرفتها استعداد الي صلاة الجمعة، ومن ثمّ التجمع كي يذهبوا الي منزل عمهم لان تحرك السيارات سيكون من هناك،
؛**************
في نفس الوقت
نظر ربيع إلي الحقائب وهو يردف بضيق :
أنا مقصرتش معها يا عمي والمفروض مي مكنتش اشتكت غير لما 3 شهور يعدوا وتشوفني هخلف بوعدي ليها ولا اي
ابتسم جابر إليه قائلاً بهدوء :
وأنا مقولتش أنك قصرت ولا قولت أن مي اشتكت
جال ربيع علي علبة الذهب باقتضاب، فأكمل جابر بتوضيح :
هي فضفضة لاخوتها وأنا قولت بما انهم 3 شهور مفيهاش حاجه لما أساعدك وتبقي تحسبني بعدين
حاول ربيع الاعتراض فقاطعه برجاء :
انهارده كتب كتاب ابن عمها وأول مناسبة تحضرها وهي متجوزة بلاش تكسر بخاطرها
كانت خلود بالداخل تتحدث مع مي وتخبرها بحماس عن جمال فساتينها الجديدة بالإضافة إلي الحقائب والأحذية المواكبة لأحدث صيحات الموضة، فخرجت معها مي غير مصدقة أن والدها فعل هذا لأجل ارضائها ….
ما أن خرجت خلود وقف جابر مردد بحزم :
هنمشي عشان ألحق الصلاة وهستناكم في بيت عمك
أوصله ربيع إلي الخارج ممتعض من وضعه بسبب مي، التي وقفت تتأمل الحقائب بذهول، مالت تفتح العلبة القطيفة بفضول لمعرفة محتواها …. رمشت بأهدابها عدة مرات متتالية غير مستوعبه جمال القطع الذهبية الفخمة، ثم تحسست باقة الزهور الموضوعة علي الطاولة برفق، وبدأت في إخراج محتويات الحقائب وكأنها تثبت لنفسها صحة ما تراه عينيها ….
وضعت كل الاشياء أمامها تنظر إليهم بانبهار، وعندما استعمت إلي غلق الباب، أخذت فستان راق إليها كثيراً ووقفت أمام ربيع حينا عاد وسألته بسعادة :
ربيع بص الفستان دا هيكون حلو عليا انهارده صح
أمأ إليها بخفوت وتحرك للداخل تاركها تكمل إفراغ الحقائب علي راحتها،
؛****************
بعد نصف ساعة بدأوا الرجال يتوافدون الي المساجد، فقد لم تبقي شيء ويصعد الإمام لبث خطبة الجمعة …. وفي احدي زوايا اكبر مسجد في القرية، مال جابر يسأل عبده بقلق :
متعرفش سالم فين ؟!! البنات قاله أن خرج من بدري
حرك عبده رأسه متمتم بشرود :
من صباحية ربنا جه خد محمود ومن ساعتها معرفش هما فين
لم يكن انتهي من جملته ووجدهم ينضموا إليهم من خارج المسجد، شعر عبده بالراحة وهو يري محمود بصحبته ولكن ما شغله أين ذهبوا في تلك الساعات ….
؛*****
الي منزل العروس
خرج بعجلة وهو يمسح قطرات المياه من خصلاته فقد تأخر في الذهاب للمسجد بسبب طلبات للنساء التي لا تنتهي ….
: يعقوب
لم يلتفت إليها وقال بضيق :
مش وقته ياما لما ارجع
استمع إلي صوت ضحكة مائعة وهي تهتف بدلال :
اخص عليك يا يعقوب دا صوت أمك برده
دار يرمقها بحنق وهو يردف بسخرية علي طلبتها التي لا تنتهي منذ الصباح :
خير يا ساره عايزه المره دي صوباع روج ولا قلم كحل
لوكت العلكة مغمغه بمزاح :
خيرك سابق
واسترسلت بشوق :
ما تيجي اعملك ماسكين عبال الماسك الـ علي وشك أختك ينشف
ود أن يصعد ويخرج شحنة غضبة في وجه سميه، علي اختيارها الي ساره دون عن من يعمل ذلك المجال …. ثم سألها بجدية :
بقولك ايه ساره مخترش في بالك ان محلك الولع طريق لتوبتك ؟!!
انكمش بين حاجبيها باستنكار مغمغمه بتفاخر :
ليه هو أنا كنت فاتحه كباريه النجوم، دا صالون مفيش منه في المنطقة
كاد أن يتلفت كي يلحق صلاته فلن تنتهي عن ثرثرتها اليوم، حتي بعد أن صاحت بميوعة :
وعلي فكره المعلم سالم قالي هيجهزلي واحد تاني بس لما يمسك ولاد المؤذية …
بترت حديثها بشهقة عندما صدح صوت انفجار قوي وصوت صراخ اتي من عرفة سميه، دار يعقوب ينظر إلي الطابق الأعلى بجمود، ثم دفع ساره من أمامه وصعد راكضا وصوت الصراخ يزداد …..
؛****************
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)