رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثالث عشر 13 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثالث عشر
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثالث عشر
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثالثة عشر
دفعت الباب بعنف كي تسمح لندي بالدخول وهي تحمل صينيه الإفطار، مما جعل ندى تتعجب من عنفها فسألتها بعدم فهم :
في ايه يا بنتي من الصبح ووشك مقلوب
ألقت نظرة حانقة عليه وهي تتمتم بضيق :
مفيش بس حلمت حلم رخم اوي
كادت ندى أن تجلس تنتظر حتى ينتهي سعد من وجبته، ولكنها أسرعت قائلة :
بقولك سالم جابلك ورد وأنا شيلته في اوضتي، ما تروحي تشوفيه
ابتسمت بعفوية وهي تسألها بلهفة :
اي دا بجد؟؟ جابه أمته!! وليه عندك في الاوضة
أخذت تجيبها على كل سؤال قائلة :
جابه وهو راجع الصبح بدري، وكان طالع يدهولك بس بابا أخذه معاه مشوار ضروري
حركت ندى رأسها بتفهم، وخرجت مسرعة إلى غرفة سمر متشوقة لرؤية الزهور….. على الجهة الأخرى عقدت سمر يدها أمام صدرها وهي تحدقه بغيظ شديد، فتطلع سعد إلى الباب وعاد ينظر قائلا بهمس :
ما أنتِ لو فضلتي كدا كله هيعرف ومحدش فيهم هيرحمني
لم تُعقب، فأكمل بندم :
والله ما كنت اقصد اكدب، بس أول ما فوقت من البنج مكنتش حاسس برجلي ولما قولت كدا لابوكي
استرسل بصوت مختنق :
شوفت القلق والخوف في عنيه، حسيت لأول مره أنه مهتم بيا، حتي ماما مكنتش مصدق أنها بتعيط علشاني، ملقتش قدامي غير اني أكمل تمثيل واشوفهم هيكملوا على كدا
قاطعته بحده وهي تسأله باستهجان :
عشان تشوف الاهتمام تمثل وتكدب أنك مشلول؟!!! أنت عارف احنا كنا عاملين ازاي؟! طيب مقدر خوفنا وقلقنا عليك!!!
لوي شفتيه مردد بتهكم :
قلق وخوف ايه يا سمر الانتِ بتتكلمي عليه، هو احنا فاضين غير للخناقات
رفعت حاجبيها وهي ترمقه بعدم تصديق أنه بالفعل مقتنع بكذبه، ثم سألته باستغراب :
وبالنسبة للانت هتكتب كتابك عليها بعد بكرا ايه وضعها في كل دا؟!!
فرك رأسه وهو يجيبها بتلعثم :
عادي اسبوعين ولا حاجه وأقوم ووقتها هيعرفوا أن نفسيتي اتحسنت
صفقت سمر بتمثل وهي تنهض مردفه بسخرية :
الله أكبر عليك بجد، كذاب ومؤلف وممثل كمان
واسترسلت وهي تغلق الباب خلفها بعنف :
والله ماتستاهل عياطي عليك كل يوم يا معفن
جحظت ملقتيه وهو يلتفت إلى أثرها متمتم باستنكار :
مش لدرجة معفن يا سمر
زفر بحنق ومد يده يقرب صينية الإفطار منه مستكملا يحادث نفسه بملل :
ناس بتكبر المواضيع على الفاضي
؛؛؛؛؛
في الخارج عندما علمت سحر بمغادرة عبده صعدت مجدداً إلى شقتها، فلا داعي للاحتكاك مع رحاب من أول النهار، التي تجلس على المقعد تحتسي كوب الشاي وهي ترمقها باشمئزاز، منتظره فقط أن تفتح فمها ولن تخلص منها حتى مجيء عبده…. وآخر من استيقظ كان محمود الذي أخذ أطفاله وجلس في الغرفة المجاورة يتناول وجبة إفطاره، قبل أن يفقد شهيته من ذلك الموعد المحدد بعد الظهيرة لإرجاع زوجته، بقلم حسناء محمد سويلم
؛ ************
في المنزل المجاور
وقفت أمام المزهرية بعد أن أفرغت باقة الزهور بداخلها …. ليلة أمس لم تكون الافضل بما فعله سامر وأفسد جلستهم الأولي، اتجهت إلي غرفتها وتوضأت ثم أدت صلاة الاستخارة، تشعر بالراحة النفسية اتجاه أكرم، وخاصة حسه الفكاهي، لكن مجرد تذكرها أنها ستغادر إلي القرية، بل الدولة بأكملها ….. عائلتها، أصدقائها، كل ذكرياتها، وتواجه عادات وتقاليد جديدة مختلفة عنها تماماً، بمفردها مع أشخاص لا تعرف عن اطباعهم شئ،
: أنتِ هتفضلي واقفه قدامه كتير
انتشلها من حيرتها صوت مي الساخر، فدارت إليها متسائلة بعدم فهم :
مالك بيا علي الصبح يا مي ؟؟
جلست مي علي فراشها وهي تردف بقلق :
ربيع مجاش امبارح يخدني ولا حتي كلمني
رفعت خلود حاجبيها بدهشة مصطنعة وهي تقول بحنق :
هو مش أنتِ الشرطي عليه، واهو نفذ كلامك ومجاش
احتدت نبرة مي وهي تهتف بحنق مماثل :
يعني مستخسر فيا شويه فلوس وعايزني أعيش معاه بلوي الدراع
واسترسلت وهي تنظر إلي المزهرية :
ليه ميجليش ورد زي دا وشبكه والبس فستان واحس بفرحة جوازي
مطت خلود شفتيها مغمغمه بلا اكتراث :
مش هكذب عليكي لكن أنا مش متعاطفة مع كلامك
حدجتها مي باقتضاب، فاستكملت خلود بحده :
لازم تعرفي أنك غلطي وكل الأنتِ فيه تمن غلطك
عقدت مي ذراعيها أمام صدرها وهي تمتم بسخرية بالغة :
والله وطلعلك صوت، وايه كمان يا ست خلود
ردت عليها خلود بنفس طريقتها قائلة :
الباقي أنتِ عرفاه كويس، عشان كدا تقبلي حياتك الجديدة ومتتأمليش بأحلام ورديه لانك دمرتيها من زمان
شعرت أن الدماء تفور في عقلها من شدة غضبها، فنهضت بهدوء تبدل ثيابها وتغادر الي منزل ربيع، حتي وإن كانت اشترطت عليه بأنها لن تعود دون أن ينفذ كل طلباتها، عليها التخلي عن كبريائها وتتحمل خطأها كما قالت خلود … الشخص الوحيد الذي يستدعي غضبها وهي نفسها،
حاولت خلود إيقافها والاعتذار منها، لكن دون جدوى وكأنها لا تستمع إليها من الأساس …. في ذلك الوقت خرج جابر علي صوت ارتطام الباب الحديدي الخاص بمنزلهم، رأي خلود تقف بحيرة، فسألها مستفسرا :
ايه موقفك عندك يا خلود ؟! ومين قفل البوابة كدا !!
سردت خلود ما حدث إليه، وانهت حديثها مردده بندم :
والله يا بابا ما كنت أقصد ازعلها، أنا بس خايفه عليها ومش عايزها تقع في غلط تاني
جلس على الأريكة وهو يردف بوهن :
كنت عارف أنها هتبصلك
جلست خلود بجانبه وهي تضيف بتوضيح :
ما ربيع وافق علي كل طلبتها بس قالها الفلوس كلها مش حاضرة لانه داخل شراكه جديدة
نظر جابر إليها متسائلاً بشرود :
وهي عايزه ايه ؟؟
ردت عليه وهي تتذكر كم الطلبات التي ذكرتها مي إليها :
عايزه شبكة كبيرة، وبيت لوحدها، وتغير العفش، وفستان فرح، وكانت بتقولي من شويه ليه ميجليش ورد زي اكرم ما جاب
حوقل جابر بصوت مرتفع، وهتف بخيبة أمل :
كان زمانها معمولها أحسن من دا كله لولا عملتها
انضمت إليهم نيرة وهي تقول ببسمة صغيره :
صباح الخير
رد عليها جابر بفتور، بينما نهضت خلود تسحبها خلفها الي غرفتها وهي تسألها بلهفة :
يلا بسرعه اعرف نتيجة تعبي امبارح
ظهر الحزن علي ملامحها وهي تجيبها بخيبة أمل :
مفيش نتيجة
اختفي الحماس من قسمات وجه خلود وهي تردد باستنكار :
متصلحتوش !!!!
حركت نيرة رأسها بلقة حيلة وهي تمتم بضيق :
نمت وسالم مرضيش يصحيني لما رجع، ومصحتش غير الفجر لقيته نايم علي الانتريه قصادي
: ليه هو سالم راجع أمته ؟؟ دا قايل لماما أنه ساعه وهيرجع !!
مطت شفتيها وهي تردد بتذمر :
قالي راجع 9، أنا كنت قاعدة ومحستش بنفسي، مش عارفه أنا نمت بدري كدا ازاي
اقتضب بين حاجبيي خلود مغمغمه بحده :
منكم لله، يعني ولا اتصالحتوا ولا اكلتوا ولا الواحد شاف نتيجه لتعبه
لم تكترث نيره الي حزنها علي المجهود المهدور، وسألتها ببصيص أمل :
بس هو طالما مرديش يصحيني يبقا بيخاف عليا صح ؟؟ يعني لسا في مشاعر بينا ؟!!
اشفقت خلود علي تلك البلهاء التي صدقت بسهولة كذب اخوها، فهي متأكدة أنه لم يعود باكراً كما قال، لأنها عادت من منزلها عمها الساعة التاسعة والنصف ولم يحضر بعد … ولكن لا داعي لإفساد خططته التي ربما تكون خيط الصلح بينهما،
: آه طبعاً حبيبتي دا يأكدلك أنه لسا بيحبك
ابتسمت نيرة ببلاهة وهي تهمس بتمني :
يارب يا خلود يكون كلامك صح
أشارت خلود إليها بأن تخرج وهي تردف بتحفيز :
إن شاء الله صح، لكن أنتِ اطلعي حضري فطاركم وصحيه، ومتنزليش غير وانتو متصالحين
انكمش بين حاجبيي نيره وهي تتمتم باقتضاب :
وليه هو ميبدأش ويصلحني
لوت جانب شفتيها مغمغمه ممتعضة :
أنتِ ولا هو واحد، المهم تتصافوا وخلاص
رفعت نيره كتفيها ببراءة وهو تردف ببرود :
لا أنا حاولت امبارح هو يحاول انهارده
ما أن أنهت حديثها ألتفت تغادر الغرفة تحت نظرات خلود المصدومة، تلك الأفعال الطفولية لم تورد عليها من قبل، بالنسبة إليها أمر كهذا لا يتطلب كل هذه الحساسية المبالغة من كلا الطرفين… انتفضت بغيظ متجها إلى الدرج، لن يهدر مجهودها إلي تلك الدرجة،
تأكدت من وجود نيره مع والدتها، وصعدت الي الشقة الخاصة بهما … طرقت الباب وعندما لم تجد رد، فتحت برفق وجالت في المكان بحسره، الزهور المتناثرة أرضاً، والبالونات، والشموع الحمراء، حتي طاولة الطعام كما هي … خطت الي غرفتهم تطرق علي بابها بعنف، لم تعطي فرصة وطلت تطرق بكل قواها،
فتح سالم الباب بوجه ناعس متسائلاً بهلع:
في ايه ؟؟ ابوكي كويس ؟؟؟
تخصرت خلود وهي تهتف بسخرية :
جيت امبارح الساعة 9 يا برئ
فرك سالم وجه وهي مغمغما من بين أسنانه :
ولما اديكي كف علي تخبيطك هيكون كويس دلوقتي
تجاهلت خلود ضيقه وسألته بحده :
ريحنا وريح نفسك يا سالم، وقولي أنت عايز ايه ؟!
دفعها من أمامه متجه إلي المرحاض، فهدرت بغضب :
ما احنا مش كل يوم نفكر ازاي نصلح بينك وبينها، والانتو الاتنين في عالم تاني أصلا
أغلق باب المرحاض بعنف غير مكترث بوجودها، خمس دقائق وخرج وهو يجفف وجهه، وبعد أن انتهي ألقي المنشقة في وجهها وهي يردد ببرود :
كنتي بتقولي ايه بقا يا خوخا
لم ترد عليه وظلت تنظر إليه بغيظ، فضحك وقال بمزاح :
خلاص يا ستي مقدرين تعبك ومجهودك
واسترسل بجدية :
بس مش بالسهولة دي، فكرة أن نيرة مش بتثق فيا لازم يتحطلها حدود، ما أنا مش هعيش حياتي في شك كل يوم
استغلت خلود فضفضته معها، وجلست بالقرب منه وهي تردف بهدوء :
بص أنا مش عارفه ايه المشكلة بينكم، بس اكيد الوصل نيره لكدا تصرف منك، ما هو مش معقول من الباب للطق الثقة البينا تتهز وأنت كويس معايا
ود أن يرد عليها فإشارة إليه بالانتظار لحين أن تنتهي :
استني في حاجه افتكرتها، هو ازاي هتتصالحوا من غير ما تتكلموا، المفروض تقعد معها وتعتبها وهي تعتبك والموضوع يخلص
نظر إليها لبرهة وقال بسعادة :
متعرفيش فرحان ازاي وانا سامع اختي الصغيرة بتنصحني
ابتسمت بثقة مردده برجاء :
طيب عشان خاطر أختك ممكن تنزل تصالحها وننهي الخلاف الرخم دا
سحبها الي أحضانه متمتما :
خطرك غالي اوي عندي يا خلود
واستطرد بلامبالاة :
لكن هي الغلطت والمفروض تيجي تصالحني مش أنا الاصلحها
ثم نهض متجه إلي غرفته كي يبدل ثيابه، تدلي فمها حتي كاد أن يسقط أرضاً، منذ متي وأصبح أخوها بذلك العقل اليابس ….. الآن لن تشعر بتأنيب الضمير بعد أن رأت تلك التصرفات الغير عقلانية منهما، ونهضت تهبط الي أسفل فلن تتحدث مع أحد منهما مجدداً، تاركه الحرية الكاملة لقرارهم الغير مهم بالنسبة إليها الآن،
؛*************** بقلم حسناء محمد سويلم
بعيداً عن القرية
عاد من سفره علي مكتبه، ومن الامس حتي الآن كان ينهي أشغاله المتراكمة في الأيام الماضية أثناء مكوثه في ضيافة المعلم سالم….
فتح باب منزله العريق متنهد براحه، يشعر بألم حاد يضرب رأسه من قلة النوم، ألقي المفتاح بعشوائية، وبدأ في خلع قميصه وهو يصعد الدرج الرخامي …. تسمر مكانه فجأة عندما أضاءت مصابيح الصرح الفخم من خلفه، دار ينظر إلي تلك الخطوات باقتضاب وهو يردف بحده :
أنت مين ؟؟؟
ظهر من الظلام وهو يردد بزهو :
معقول مش عارفني
احتدت ملامح موسي وهو يرمقه بقتامة قائلاً بلامبالاة :
مش مهم
وضع يده في جيب سرواله وهبط تلك الدرجتين الفاصلة للأرضية يسأله ببرود طاغي :
وايه سر الزيارة الغير مرحب بيها بالمره
بداله عز تلك النظرات النارية مغمغما بدهاء :
شوف لولا أن قلبي طيب مكنتش جيت لحد عندك، بس اعمل ايه مشكلتي في طبتي
كاد أن يرد موسي عليه، ولكنه تفاجئ بذلك السخيف وهو يردف من خلفه :
مش معقول سرايا زي دي ومفهاش خدم
عقد موسي حاجبيه بضيق فأكمل سيف وهو يرتشف من كوب العصير بتلذذ :
معلش أصلك اتأخرت فقولت اسلي نفسي بأي حاجة من التلاجه
ضحك عز وهي يقول بعبث :
اخص عليك يا سيف، دا بيت ناس برده
رد عليه سيف بملل، محدقاً بمكر باتجاه موسي :
قولت أخد فكره لحد ما موسي بيه ما يشرف
شعر موسي بشيء مريب يحدث حوله، فهدر بحده :
عايزين ايه
رفع عز كتفيه ببراءة وهو يردف بخبث :
احنا كنا بنخلص تمثالين علي قدنا، قولنا نيجي نعدي عليك قبل ما نرجع
واستطرد بفحيح :
أصلك متعرفش أنا بدفع قد ايه للواقف يراقبكم أنت والخايف عليهم، وزي ما تقول مصدقت أنه قال إنك راجع علي هنا
اصطنع سيف الدهشة مردد بحنق :
كدا يا عز تقوله علي رجلتنا، دا ناقص تقوله أخته كانت تحت ادينا وسبنها
علي حين غرة انقض موسي عليه يمسكه من تلابيب قميصه وهو يهمس بوعيد :
وقسما بالله ما تفكر تقرب منها لادفنك مكانك
في ذلك الوقت أخرج عز سلاحه وهبط به فوق رأسه، شعر موسي بدوران حاد وهو يضع يده فوق رأسه، بدت الرؤية مشوشة أمامه ولكنه استطاع سماع ذلك اللعين وهو يصيح بحقد دفين :
أنا مش عايزك تقلق لأننا مش هنقرب من أهلك، أنا هخليك تلف حولين نفسك، هعيشك بقيت حياتك قلق ورعب، مش هنيمك الليل، هخيلك دايما عايش علي كفه وكفه، هتدوق الخوف وأنت مش الضربة الجايه هتيجي منين، أوعدك إني مش هيكون ورايا من يوم ورايح غيرك أنت وسالم
واقترب من أذنه يهمس بشراسة :
وبناته
ثم دفعه بعنف، فلم يستطع موسي التحكم في جسده، وارتطم في المقعد …. ارتشف سيف كوب العصير دفعة واحدة، ثم وضعه علي الطاولة قائلاً بسماجة :
شكراً علي العصير
أصبحت الرؤية معدومة أمامه، فوضع يده علي رأسه متألما بشدة وهو يشعر ذلك السائل اللزج ذو اللون الاحمر، الذي صبغ ملابسه من نزيف جرحه …. ألقي عز نظرة ساخرة عليه، وأشار إلي سيف بأن يلحقه إلي الباب الخلفي للمنزل، فقد دفع مبلغ ليس بقليل الي رجل الأمن الخاص بالمجمع السكني كي يوافق علي دخوله خلسه، وعليهم الإسراع قبل أن تلحقهم الشرطة من بلاغ موسي إن فعل،
؛****************
عودة الي القرية
بعد أن أدت صلاة الظهر، بدلت ثيابها بعجلة الي عباءة سوداء من الحرير ذات الطراز الخليجي المعتاد إليهن، واختارت أن ترتدي الحجاب الخاص بالعباءة، مع حذاء رياضي وحقيبة باللون الوردي الفاتح، ولن تنسي ساعتها الذكية وعقد رقيق بأول حرف من اسمها، طلة هادئة، مميزة، جميله….
وضعت هاتفها في الحقيبة، وهبطت تستأذن والدتها بعد أن استمتعت الي صوت سيارة بالخارج ….
في الخارج رفرف قلبه بشعور غريب، وهو يرها تقترب منهم، علق نظره عليها يتمتع بذلك الجمال، حتي صعدت الي السيارة ملقية التحية بهمس …. رد التحية واشعل المقود وهو يخطف نظرة سريعة عليها في المرآه، بينما في الخلف وكزت حسناء كتف سميه وهي تهمس بغضب :
هو دا أمك واخوكي
رفعت سميه حاجبيها بدهشة مصطنعة مردفه بتلجلج :
مش أنا نسيت أقولك أن مرات علي تعبت فجأة وماما معها دلوقتي
لم ترد عليها ونظره للنافذة متمته بحديث غير مفهوم … ثلث ساعة ووصل يعقوب أمام أحدي المحلات التجارية، هبطت سمية بصحبة حسناء الي داخل المحل، واتجه يعقوب يصف السيارة ويلحق بهم …
بدأت سميه في اقتناء بعض الفستان بمساعدة حسناء، التي لاحظت نظرات يعقوب المقتضبة … وعلي الجهة الأخرى ود أن يلقي علي سمعها كلمات لاذعة لتلك الضحكات الصاخبة في مكان عام كهذا، غير مهتمة لوقف صاحب المحل بجانبهم، يخرج إليهن البضائع الموجودة ….
: بصي يا حسناء الفستان دا لونه حلو اوي
نظرت إليه بإعجاب وهي تردف بتأييد :
وشكله مميز جداً
أخرج صاحب المحل لون آخر من الفستان وهو يقول الي حسناء :
اللون دا هيكون حلو مع بشرتك ..
بتر يعقوب جملته وهو يضرب علي الطاولة الخشبية أمامه مزمجر من بين أسنانه مشيراً علي الفتاة التي تعمل معه :
بقولك ايه ما تسيب الانسه مع البنات أحسن
فهم الرجل مقصده فابتعد تارك المجال للفتاة معهن، ومن ثمّ حدج يعقوب حسناء بحنق، جعلها تهتف بتعلثم :
سميه هكلم ماما وارجعلك
لم تري سميه تلك العبرات اللامعة في عينيها وانشغلت في الملابس أمامها … لم ينتظر يعقوب وخرج خلفها، معتقد أنها ستتحدث في الهاتف كما قالت، لكن وجدها تقف أما السيارة، وعندما رأته دارت بوجهها بعيداً عنه، ثم رفعت أناملها تخفي دمعة هاربة سقطت علي وجنتها…. تعجب من بكائها ولحقها يسألها باستغراب :
ممكن أعرف أنتِ بتعيطي ليه ؟؟
تجاهلت حديثه وصعدت إلي المقعد الخلفي للسيارة … اقتضبت ملامحه من تصرفها الغير مفهوم، كل ما يتذكره هو دلوفهم الي محل الملابس، وبدأت هي وأخته في اقتناء ما يناسبهم…. لم يشعر بشيء غريب سوي خروجها من المحل والعبرات تملئ ملقتيها،
: دلع بنات
قالها بضيق وهو عاقد ذراعيه ويتسند علي السيارة بظهره، لم يكن صوته منخفض بالقدر الكافي فلقد استمعت جيداً ما تفوه به ….. ارتجلت من مقعدها وهي تهتف بغضب :
تبرقلي جامد قدام الناس وتقولي دلع بنات
ضحك دون إرادة منه مردد بتعجب :
بتعيطي عشان برقتلك ؟ اومال لو عليت صوتي هتعملي ايه ؟!!!
لوت شفتيها ساخرة، وأردفت متهكمه :
هستني ايه منك لما أختك الـ كلها يومين وتتجوز معيطها ليل نهار
عقد حاجبيه متسائلاً باستنكار :
هي قالتلك كدا ؟؟ ومقلتش ليه ؟!
ردت عليه بحنق شديد من تصرفاته :
الحصل حصل وكلها يومين وتتجوز يعني اي كلام ملوش لازمة، وبعدين ازاي تفاتح بابا في موضوعنا من غير ما تاخد رأي
نظر إليه قائلاً بصرامة :
سيبك من موضوعنا دلوقتي لان مكنش ينفع افتحك تفكري فيا كزوج وأنا متفق مع ابوكي انها مجرد فترة بينا ، أما بالنسبة لسميه وسعد فـ للأسف جوازهم مش بالسهولة دي
واستطرد بتوضيح :
ولا هي ولاهو مستعدين، كل واحد هيرمي نتيجة غلطه علي التاني، هو عمره ما هينسي أنها كانت سبب في الحصله وهي هتفضل متحمله عشان إحساسها بتأنيب الضمير
: هما مش دخلين حرب، دا جواز
هتفت بجملتها وهي ترمقه بطرف عينيها … خطي يقف أمامها مباشرةً وسمح لنفسه الغوص في بحر ملقتيها، وسألها مستفسرا :
وأنتِ شايفه الجواز ايه ؟؟
رغم ارتباكها من قربه وعينيه المثبتة عليها، همست بحنو :
الجواز مش كلمه هشرحها
استرسلت بحماس :
الامان والدفي، الحنان، الحب، المودة والرحمة، السكن، كل الصفات الحلوه في الدنيا هتكون مع شريك العمر، تخيل معايا ربنا يكرمك بشخص مناسب تكمل معاه حياتك وتبنوا مع بعض طريق مختلف، طريق نعديه سوا بكل حالاته سواء بالحلو أو المُر، الجواز حياة جوه حياة
سألها متعجباً ومازال يحدق بها :
: أنتِ عارفه كل الكلام دا منين ؟؟
ابتسمت إليه مردده بزهو :
شكلك مكنتش متوقع الكلام دا مني
عاد يسند ظهره علي السيارة متمتم بخفوت :
كنت فاكر أنك عيلة لسا 18 سنه آخرها كلام فاضي
ابتسمت بثقة وهي تخرج زجاجة المياه من حقيبتها، انتصرت عليه بلباقة حديثها للمرة الثانية….. ارتشفت القليل ثم سألته وهي تطلع إلي المحل :
هي أختك اتأخرت كدا ليه ؟؟
حدق بها لبرهه وقال بلطف :
تيجي نلغي اتفاقنا وتتجوزني
لم تشعر سوي أنها تلقي زجاجة المياه بوجهه، ووضعت يدها علي شفتيها تمنع شهقاتها …. علي الجهة الأخرى تسمر محله بذهول، ثم رفع يده يسمح وجهه مغمغما بضيق وهو يخرج محرمته من جيب جلبابه :
دا أنا مغلطش لما قولت جعفر
رمشت بأهدابها بتوتر وأردفت متعلثمه :
أنا أسفه بس اتخضيت
احتدت نبرته وهو يقول بتهكم :
اومال لو مكنتش مفاتحك في الموضوع قبل كدا كنتي رشتيني بماية نار
انكمش بين حاجبيها باستنكار مردده بحنق :
ايه جعفر دي !!! وهو أصلا في واحد يقول لواحده معجب بيها جعفر !!!!
تجاهلها وأخذ يمسح جلبابه بضيق، فاستغلت هي انشغاله وتمتمت بتلجلج :
بصراحه أنا كان نفسي الشخص الـ هرتبط بيه ميكنش شخص عادي
توقف فجأة ثم رفع عينيه ينظر إليها بثبات وهو يلقي المحرمة داخل السيارة وأردف بجدية :
تحبي ابلعلك رصاصتين ولا اتنططلك علي الحيط
لم تستطع كبح بسمتها وهي تهتف بحده طفيفة :
ممكن تبطل تريقه
في ذلك الوقت خرجت سميه تطلب من يعقوب أن يأتي ليدفع الحساب، بينما صعدت هي مع حسناء تفتح الحقائب لتتأكد من اختيارها …. دقائق وعاد يعقوب حامل حقيبة أخري دفعها الي حسناء، ففتحتها بعدم فهم لتجد الفستان الذي أعجبت به بالداخل … رفعت أعينها فوجدته يغمز إليها بتسلية، ثم سألهم عن ما أن كان هناك مقهي مفضل لاحداهن، أو يتجه هو الي أقرب مقهي قبل أن يعيدهم للمنزل،
؛**************
في نفس التوقيت
وقفت مها أمام السيارة تسأل مرتضي بحيرة وهي تفحص حقائب الطعام :
تفتكر نسيت حاجه
رفع مرتضي حاجبيه باستغراب مردد بدهشة :
مها أنتِ فاضل شوية وتحملي المطبخ في العربية
صعدت بجانبه وهي تهتف بقلق بالغ :
مش عايزه انسي حاجه بس أصلك مش عارف أنا تعبت ازاي من الصبح
أشعل المقود وأخذ يدها يقبلها مردفاً بحنو :
تسلم ايدك حبيبتي
واستطرد بتذكر :
مش كنا روحنا جيبنا سامر في طريقنا
اقتضبت ملامحها وهي تغمغم بوعيد :
الأستاذ مش راضي يجي عشان عارف هعمل في ايه علي عملته مع خلود وخطيبها، طيب لما يجيلي بس
ضحك مرتضي وهو يقول بمزاح :
مش يمكن الواد قال الشافه
وكزته مها بخفة وهتفت بحنق:
بدل ما تأدب ابنك بتقول كدا
تبدلت تعبير مرتضي وهو يردف بجدية :
مها احنا رايحين عندي اهلي هنتغدي ونرجع بيتنا في هدوء وسلام من غير مشاكل
التفت إليه تسأله بعدم فهم :
في ايه هو إحنا اول مره نروح لأهلك ؟؟
أجابها مقتصراً :
أمي بقالها يومين ضغطها مش مظبوط وممكن تقول كلام في زهقها وأنا بقولك عشان يكون عندك علم ومتزعليش
حركت رأسها بهدوء رغم أن رده لم يكن مقنع، ليست أول مرة تذهب الي منزل عائلته، حتي عندما مكثت معهم أكثر من عشرة أيام لمرض والدته لم يبدر منه هذه الكلمات، لِما الآن يقلق من مقابلتها مع والدته، التي دائماً كانت مثابة والدتها هي الأخرى …
؛************
بعد إتمام الجلسة العرفية، وتم الصلح وفقاً لشروط والد ميادة، وموافقة محمود ووالده علي تلك الشروط … عادت ميادة الي منزل زوجها بصحبة المعلم سالم، الذي شهد علي كلا الطرفين …
تأكد من رضاها للرجوع الي محمود، واوصلها الي شقتها بنفسه …. ثم غادر متجه الي منزله ملبي لطلب السيدة كوثر لمقابلته، أخبر عليا أنه موجود كي تخبر والدتها، ثم صعد للطابق الثاني ….
: بابا
لم يلتفت إليها هاتفا بضجر :
مش فاضي لتفاهتك يا خيريه
مطت شفتيها مردفه بوجوم :
هو أنا الوحيده الـ محدش يسمعني في البيت دا
علي حين غرة وجدته ألتفت ينظر إليها بحده، انكمشت خيريه وهي تهتف بخوف :
أنا بهزر والله ما اقصد
أظلمت ملقتيه وهو يهدر بغضب جلي :
هو أنا كل ما اكلم واحده فيكم تسوقلي العوج
تراجعت خيريه للخلف وهو تمتمتم بهمس :
بهزر مش بتكلم جد والله بهزر
خرجت صباح مهروله علي صوته متسائلة بقلق :
في ايه ياحاج ؟ خير يا خويا ؟!!
لم يجيبها واتجه الي مكتبه مغلق الباب خلفه بقوة افزعتهن … نقلت صباح نظرها الي خيريه متسائلة بعدم فهم :
ايه حصل يا وش المصايب ؟!!
جلست خيريه تبرطم بضيق، كانت تود إخباره أن مرتضي تحدث معها أمس وأخبرها أن عامر وافق موافقة مبدئية علي فكرة مشروعها …. لم تكون تتوقع أن يثور عليها قبل أن يعلم بأنها أرسلت ملف المشروع دون عمله، دب الرعب في أوصالها وهي تتخيل ردت فعله !!!
؛****************
داخل احدي السجون
: عز بيبلغك أنه مش ناسي وهيخرجك من هنا بس كله بوقته
رد عليه بهمس مماثل :
مش هممني إذا كنت هخرج ولا لا
عقد الرجل جبينه باستفهام وسأله بتعجب :
تقصد ايه ؟؟
من بين أسنانه قال بغل :
بلغه ابوك مستني خبر سالم
واسترسل بشراسة :
خاليه يبيع كله قصاد رقبته
؛***********
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)