رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثالث 3 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثالث
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثالث
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثالثة
احتل اليأس تعبير وجهها بعد محاولات عدة في إقناعها بتناول الطعام…… زفرت ريهام بوهن وهتفت بضيق :
يا ماما الأنتِ فيه دا مش هجيب نتيجة
دارت دولت ترمقها بحده وهي تصيح بغضب :
عايزني اعمل ايه وابني مرمي في السجون زي المجرمين وقطعين الطرق
أشارت ريهام علي صينية الطعام مردفه بهدوء :
ودا ماله ومال الأكل والشرب
ابتعدت بنظرها عنها وهي تمتم بصوت مختنق :
وأنا أعرف أكل لقمة وابني بيضيع كدا
في ذلك الوقت دلف معتصم بصحبة والده، فنضهت دولت تقرتب منهم متسائلة بلهفة :
ها عملتوا ايه ؟! أحمد هيطلع أمته ؟؟
جلس صبري ورد عليها بنبرة حادة :
اصبري لما ناخد نفسنا الأول
انكمش بين حاجبي دولت وأردفت بحنق :
عايزه اطمن علي ابني
أشفق معتصم علي حال والدته التي لم تنعم بالراحة منذ ذلك الحادث ….و تحدث بهدوء :
أحمد كويس يا امي متقلقيش
تهللت أسرارها مردده بفضول :
طيب مجاش معاكم ليه
لوي صبري جانب شفتيه وغمغم ساخراً :
هو أنتِ مش شايفه ابنك ممسوك في ايه ولا ايه يا دولت
بهتت ملامحها التي كانت تنبع بحماس في رؤيها …. وهتفت بخفوت :
يعني ايه ابني خلاص راح
احتدت نبرة صبري قائلاً :
يعني هو كان عامل حساب لينا ولا حتي حطنا في اعتباره
واستطرد بغضب جلي :
علي آخر الزمن يطلع واحد زي دا من تحت ايدي، ساب ايه للمجرمين بعملته
اقتربت دولت منه وهي تقول بتفكير :
خلاص قوم بينا نروح لسالم أخويا هو أكيد مش هيكسر بخاطرنا
وقف صبري هادر بحده وصرامة :
اروح واقف قصاده بانهي عين، أقوله ساعدني اطلع ابني الكان عايز يقتل بنتك
حرك رأسه بعدم تصديق وخرج وهو يستغفر بأعلى صوته …. دارت دولت تنظر إلي معتصم قائلة :
أنت هتسيب اخوك يضيع
أجابها بعدم اكتراث وكأن أمره من الأساس لا يعنيه :
هو الضيع نفسه
صمتت لدقيقة وهتفت بحزم :
لو سالم خايف علي مستقبل بنته أنا عندي الحل
عقد معتصم جبينه متعجباً وسألها مستفسرا:
الـ هو ؟؟؟
: تتجوز هند
شهقت ريهام بفزع بينما حدق معتصم بوالدته، كانت الصدمة ضخمه علي عقله… فسألها باستهجان:
أنا اتجوز هند ؟!!!
حركت رأسها تؤكد جدية حديثها :
ايوا وكدا يكون ضمن مستقبل لبنته بعد الحصل…
قاطعتها ريهام بعدم استعاب:
ماما أنتِ بتقولي ايه
أشار معتصم الي ريهام مردد بجمود:
استني يا ريهام لما نشوف فكرة امك للآخر
واسترسل باستنكار :
عايزني اتجوز طليقة أخويا الـ هي أساسا بنت خالي ومتربين مع بعض
صفق بعدم تصديق يمثل معالم الدهشة، ثم نظر إليها قائلاً قبل أن يخرج :
يعني مش كفايا حياة واحد ادمرت ولا لازم احصله
اقتضبت قسمات وجه دولت وهي ترمقه بضيق أثناء خروجه …. ومن ثمّ لحقته ريهام غير مستوعبه ما تفوت به والدتها، ربما لو أستمع صبري لهذا الحديث الساذج لكانت هناك حرب مشتعلة داخل منزلهم، جلست دولت تعيد التفكير في حديثها متيقنة أن هذا هو الحل الوحيد لإخراج أحمد من مأزقه، حيث أن سالم يأمن زواج هند بعد إصابتها البالغة التي حتما ستكون عائق في أمر زواجها من جديد ….
؛****************
أشعل تبغه وخرج للشرفة ما أن رأي ذاك الرقم يعتلي شاشة هاتفه ….. رغم صده المستمر إليها في الأيام السابقة، ومحاولتها الفاشلة في فتح مجري للحديث بينهما، إلا أنها لم تردع عنه بسهولة ربما……شرد في الفضاء أمامه هو يستمع إلى نبرتها الناعمة تنطق حروف اسمه :
ازيك يا محمود
زفر دخان التبغ مردد باقتصار :
كويس
جاء الدلال في نبرتها بوضوح وهي تردف بلطف :
مالك بترد عليا بالعافية ولا مش عايز تكلمني
رد عليها متسائلاً بجمود :
أنتِ عايزه ايه ؟؟
ضحكت بخفوت متمته بشغف :
مش عايزه غيرك
رفع محمود حاجبيه باستنكار وغمغم ساخراً:
الجراءة الزيادة مش حلوه
واسترسل بوجوم :
أنا كدا اخاف علي بنت عمي أنها تعرفك
لم تكترث رنا بكلماته اللاذعة، وهتفت بهيام :
أنا مقولتش حاجه غلط، واحد أعجبت بيه ولقيت رقمه قدامي كلمته واعترفت بمشاعري ليه
شرد محمود لبرهة واضاف ببرود :
لا ما أنا مليش في لعب العيال دا
ردت عليه بميوعة :
اومال ليك في ايه
أجابها بصرامة :
ليا في الدوغري
: وأنا بموت في الدوغري
أنهت جملتها بضحكة صاخبة، جعلته يهدر بضيق :
بلاش السكة دي معايا عشان مش سكتي
: طيب قولي ايه سكتك وانا اجيلك
حرك محمود رأسه بعدم تصديق وقال متهكما :
عشت وشوفت الحريم بتشقط الرجالة هي الدنيا اتقلبت ولا ايه
جاء صوتها الساخر قائلة :
يعني هي لو كانت مروه كنت رديت عليها كدا
دهشة احتلت ملامح وبترت حديثه …. عندما استمع الي اسمها شعر أن عقله سلب إلي مكان آخر، حتي أنه لم يشغله معرفتها بذلك الأمر، بل غمغم بعشق نابض من حنايا قلبه :
يوم مروه ما تتكلم معايا زيك كدا أنا مش هكون هنا
واستكمل بتهنيده حارة:
أنا هكون طاير في السما
اختفي صوتها حتي أنه ظن أن المكالمة قُطعت، بينما هي كانت تستعد لإطلاق لسانها السليط وهو تردف بحنق :
شوف انت بتقول ايه وهي دلوقتي مخلياك نكته بينها وبين أخواتها
واكملت بشراسة :
علي فكرا يوم ما قولت لمروه أن طلال متجوز عرفي كنت بكلم رحمه وسمعت ضحكها وتريقتها عليك هي وأخواتها دي حتي مفكرتش أنك خايف علي مصلحتها
قاطع حديثها المسموم بضيق :
متدخليش في الـ ملكيش فيه
واستطرد بتحذير :
ومتتصليش بيا تاني فاهمه ولا لا
ابعد الهاتف عنه بعنف ثم القي التبغ أسفل قدمية بغضب…. كان يريد أن يخبرها بحقيقة طلال المجهولة، حتي وان كان الرفض مازال حاجز بينهما، شدد على قبضته وهو ينهر قلبه علي ذلك الحب المستديم منذ صغره، وكلما مرت الأعوام ظن أن أمر نسيانها يسهل، ولكن هيهات علي قلب أغلق بابه علي عشقاً مستحيل ….
؛***************
في منزل المعلم سالم بالتحديد داخل غرفة مكتبه
: خير يا عامر كنت عايز تقول حاجه اخر مره كنت موجود
أمأ عامر برفق قائلاً :
لازم ارجع اسكندريه اطمن علي اختي ووالدتي، وشريكي نازل مصر فأكيد لازم اكون في استقباله وكنت عايز اعرف انا راجع علي ايه
أخرج المعلم سالم ملف من درج مكتبه مردد :
راجع ومشروعك بدأ التنفيذ فيه
ابتسم عامر بسعادة غامرة وهو يتأمل الملف ثم هتف :
يعني كدا خلاص
حرك المعلم سالم رأسه مؤكداً إليه …. حمحم الآخر بحرج واردف متعلثم :
طيب دا الطلب الاول، التاني بقا ايه ظروفه
عقد المعلم سالم حاجبيه متسائلاً :
ايه التاني ؟؟
توتر عامر وهو يجيبه بتلجلج :
قصدي يعني أن أنا كنت طالب ايد الآنسة خيريه
: علي حد تذكري برده أن رديت عليك في وقتها
تطلع عامر به لثوان يتأكد من جديته ثم قال باستهجان :
لكن وقتها كله كان تمثيل في تمثيل واكيد ردك مكنش سريع كدا
فتح الملف يراجع أوراقه مردفاً بجمود :
ليه ميكونش سريع، عريس وشايف أنه مش مناسب
: وأنا مش مناسب ليه ؟؟
حدق المعلم سالم به متسائلاً بتهكم:
هو المفروض أبرر ليه العريس مش مناسب ولا ايه ؟!
أجابه عامر بحنكة:
علي الأقل أشوف ايه سبب الرفض واصلحه
ابتسم مغمغما برزانة :
لازم تكون واثق من نفسك اكتر من كدا
ثبت عامر نظره يتأمله بعدم فهم، ثم هتف بقلة حيلة:
ما أنا واثق بس مش فاهم ليه اترفض
استكمل بتذكر :
عشان قولت عليك انك رجل بوشين والناس مخدوعه فيك لما كنت مفكرك شغال في الأثار
: مثلا
أشار عامر علي نفسه مردف :
اسكت مش طلعت مغفل
واسترسل بترجي :
عيد تفكير تاني دا انا بعرف اطبخ مكرونه ومش هتعبها
ابتسم بخفة فقال عامر بلهفة :
استني رد أمته
انكمش بين حاجبي المعلم سالم من سرعته ولهفته الغربية، ثم غمغم مستنكراً :
هو أنا قولت هفكر أساساً
احتل اليأس تعبير وجهه قائلاً بخفوت :
طيب ليه
اعتدل المعلم سالم في جلسته وهتف بجدية ينهي ذلك الجدال:
مختلفش أنك شاب كويس وأنا أعرف أصلك الطيب، لكن أنا مش مستعد بنتي تبعد عني
قطب عامر جبينه متعجباً وسأله مستنكراً :
يعني مش هتجوزها
تقدم للإمام يستند بمرفقه علي مكتبه العتيق مردف :
اكيد هتتجوز لكن جنبي زيها زي أخواتها
تطلع عامر إليه باستغراب مردد :
معلم الفرق بين هنا واسكندرية تقريباً ساعتين
واستطرد بتوضيح :
يعني دا مش سفر بالساعات ولا مسافة كبيرة
: وأنا شايف إنها مسافة بعيدة
علم أن الحديث لن يجري نافعاً معه، فنهض مستأذناً بالرحيل …. كان يشعر بالقلق من عدت أسباب من الممكن أن تقف سدا في طلبه، إلا أن يكون رفض بسبب هكذا، هيئته لا تدل علي تعلقه ببناته لتلك الدرجة ….. ظل عامر يتمتم لنفسه مستنكراً تفكير المعلم سالم الغير متوقع، والأهم أنه لن يتخلى عن صاحبة الصوت المميز ولأجلها سيحاول مراراً،
؛*****************
فوضي عارمة تدور داخل رأسه…. آلاف الأفكار تحوم بعشوائية منذ ليلة أمس …. حرب بين العقل الرزين والقلب المغرم، اندفاع مايسة الهجومي ردده في تلك الخطوة خوفاً من ما هو قادم، حتي بعد أيده والده في قراره، ووالدته التي تهللت أسرارها بإصراره علي فتاة، وأخيراً سوف تسعد بيوم زواجه بعد أعوام من الإلحاح… بقلم حسناء محمد سويلم
ولكن ما ردت فعل شريكته في تلك الخطوة إذا صرح بمشاعره…. هل ستتقبله !! أم ستتمسك باتفاقهم ؟!
كل هذا خيط رفيع من داخل عقله شرد به وهو يقف في أحدي الأزقة، مستند علي عمود الإنارة مقابل لمنزل خليل … الذي هاتفه منذ ربع ساعة يطلب مقابلته والي الان لم يخرج
: يعقوب
دار بوجه اتجاه الصوت … اعتدل في وقفته ومد يده يصافحه بحفاوة قائلاً :
غريبة فكرتك مش هتيجي دلوقتي وهتستني معاهم
أردف مرتضي بشرود :
في شغل واقف بقاله كذا يوم
واستطرد متسائلاً :
أنت واقف كدا ليه ؟؟
أجابه يعقوب وهو يشير علي منزله :
أبدا كنت عايز خليل في كلمتين
عقد مرتضي حاجبيه باستنكار وغمغم يعاتبه :
وواقف بره زي الغريب
في نفس الوقت خرج خليل يقترب منهم وعلي وجهه علامات الامتعاض … صافح أخوه بجمود ثم نظر إلي يعقوب مردد :
خير يا يعقوب
ابتسم يعقوب وهو يخرج حزمة نقود من جيب جلبابه :
كنت قاعد مع نفسي بفكر اجيب ايه لخطبيتي، افتكرت كلامك انك عارف هي بتحب ايه وكدا قولت يا واد يا يعقوب مفيش غيره
واسترسل بحده طفيفة :
بما انك عارف هي بتحب ايه وبتكره ايه هحير نفسي ليه، متختار أنت وبالمرة اهو تصلح بينا
لم يتفاجأ مرتضي بهذه المقابلة، كان من المؤكد أن يرد يعقوب علي تصرفات خليل …. وحتي لا يسوء الوضع تحدث ينهي هذه السخافة بوجوم :
ملوش لازمه الكلام دا يا يعقوب
حرك يعقوب رأسه مؤكداً وأردف بوعيد قاس :
لولا معزتك أنا كنت عملت حاجه تانيه يا مرتضي، لكن المره الجايه مش هتكون دي ردت فعلي
رماهم بنظرة حادة وترك الإخوة في هدوء ….. زفر مرتضي بعنف ثم أشار إلي خليل بأن يتبعه للداخل، وما أن دلفا الإثنين صاح مرتضي بغضب :
ممكن افهم أنت بتعمل ايه
رفع خليل كتفيه بلامبالاة ورد عليه ببرود :
بعمل ايه
عقد مرتضي زراعيه أمام صدره متسائلاً باستهجان :
لو مش عارف ممكن نجيب يعقوب يعرفنا احنا الاتنين
حسنا لقد اكتفي من هذا اليعقوب في حياته، احتدت نبرة خليل مردد بحنق :
هو ايه الـ يعقوب هو انا مفيش في حياتي غيره
أشار مرتضي عليه مردف بصرامة :
قول لنفسك الكلام دا
واسترسل بعدم تصديق :
مراتي لما حكتلي كنت بتمني الأرض تنشق وتبلعني ولا أن اتحط في موقف زي دا بسببك
صاح خليل بضيق بادي من بروز عروق وجهه :
أنت العايز الخير كله في حجرك، مش هاين عليك تساعدني
رفع مرتضي حاجبيه متسائلاً باستنكار :
أساعدك في ايه ؟؟ أساعدك تشوه سمعة واحدة المفروض انها في مكانة اختي !!
أشار خليل علي نفسه مغمغم باقتضاب :
وأنا أخوك يعني تقف معايا مش عليا
لم يصل بالتحديد لمغذي حديثه فسأله مستفسرا :
اقف معاك في ايه معلش ؟!
أجابه بحقد بالغ :
أنت عارف إني كنت عايز أخطب حسناء
قاطعه مرتضي بصرامة لا تحتمل النقاش :
واتخطبت
نظر إليه خليل لثوان ثم قال بحده :
لكن أنا الكنت عايزها الأول
: يا بني علي لعبة مين ياخدها الاول ؟!!!
لوي خليل شفتيه مردد بحنق :
أنا متأكد أنك عمرك ما هتقف معايا عشان خاطر الست مها
: خــليـل
نطق اسمه بحده جعلته يفيق لما كان سيكمل به حديثه … ثم اقترب منه مزمجر ببطيء وهو يضغط على كل حرف يخرج من ثغره، وملقتيه المظلمة معلقة عليه بثبات :
الست مها دي تبقي مراتي يعني مرات أخوك، وحسناء تبقي أختها يعني أختي، ويعقوب يبقي صاحبي يعني أخويا
واستكمل بتهديد صريح :
ولو فضلت في طريقك دا محدش هيقفلك ويبلغ أبوك غيري يا اخويا
ألقي حديثه ودلف إلي والدته كي يتطمأن علي احوالها قبل عودته الي القاهرة مجدداً …. بينما وقف خليل محله يتأمل الفراغ أمامه، وكأنه تمثال نحت للتو …. احتل الغضب عقله وتحفزت خلايا جسده، شعر بالضيق الشديد من تصرف مها ….. زفر بعنف متوعد إليها بأشد رد منه علي فعلتها في تغير مرتضي معه !!!
؛**********
داخل قسم الشرطة
انتفض من مقعده متسائلاً باقتضاب :
يعني ايه متعرفش عز فين ؟!
نظر سيف إليه ببرود قائلاً من بين أسنانه :
يعني معرفش ابنك فين بسيطة اهي
جال منصور بنظره في الغرفة متمتم بخفوت :
المفروض يكون اتواصل معاك علي الأقل
فرك سيف وجهه مردد بنفاذ صبر :
أنا مسمحولي 5 دقايق معاك بالعافيه مش هضيعهم في ابنك
واستطرد بحنق :
المحامين مش راضين يتحركوا غير بمستحقاتهم
قطب منصور جبينه مردفاً بتذكر :
بيع الأراضي القبلية
ضحك سيف وهتف ساخراً :
أنت ناسي أن في شريك في كل شبر من أملاك ولا ايه يا منصور يا عزب
بهتت نبرته كوجهه الشاحب هامسا :
يعني ايه
رمقه بضيق وغمغم بريبه :
مقدرش ابيع متر واحد حالياً بعد ما توفيق ظهر للعلن غير أن الحكومة بدأت تشتغل في ورقه
واستكمل بشراسة :
مكنش ناقص غير اخوك دا كمان
شرد منصور لبرهة ثم قال باستهجان :
فين عمتك من كل دا
لوي سيف جانب فمه مردد :
عمتي مختفيه مع عيال بنتها من يوم اتمسكت
ضغط منصور علي فكه بقوة واردف بشر :
وربي لما اطلع لادفعها التمن غالي
واستطرد بحذر :
خود بالك من ابن عباس احسن يكون بيحوم حواليك
أمأ سيف إليه ونهض قائلاً :
متقلقش كلها يومين وتخرج من هنا
دلف أحدي رجال الشرطة يأخذ منصور إلي زنزانته المخصصة له … بينما اتجه سيف إلي منزلهم لعله يجد هادية أو يقع في عز …
؛**************
مائدة تحتوي علي كل ما لذ وطاب، اشهي المأكولات المختلفة …. منظمة بشكل يليق بكبير عائلة آل سويلم، بجانب طاولة صغيرة تحتوي علي العصائر الطازجة والفواكه….
ترأس المائدة سالم وبجانبه جابر الذي أعد كل هذا في منزله، كشيء بسيط بعودة خلود سالمة … علي الجهة الأخرى كان عبده واتبعه أولاده، ومقابل لهم ربيع وأكرم..
شرع المعلم سالم في التسمية فبدأوا في تناول الطعام بهدوء … قاطع سكونهم صوت عبده وهو يسأل سالم قائلاً :
وسفريتك هتتأخر المره دي يا سالم
وضع الملعقة من يده ونظر إليه مردد :
لسا مش عارف
أخذ عهد علي نفسه بعدم التدخل في أي شيء يخص عبده أو أسرته منذ حديثه الفظ في المشفى يوم حادث سعد….. حتي أن حديثه أصبح مقتصراً للغاية في ردوده عمتا، ولو أن عدم وجوده معه في مكان واحد أمر سهل، لكان نفذه علي الفور …. ولكن كثرة الأقاويل في أمر خلفهما والتشتت الذي سيحدث منعه من أخذ هذا القرار، مكتفي بتجنبه …
: كنت عايز اتفق مع عزيز علي يوم كتب كتاب سعد وبنته
أرسل جابر نظرة مقتضبة إليه، مستنكراً من اختيار توقيت حديثه…. بينما هتف المعلم سالم بهدوء تام:
اللي أنت شايفه مناسب ليك اعمله
كاد عبده بالرد عليه فكان هو الأسرع والأذكى في إنهاء حديث لم يبدأ ولكن لا يروق إليه :
مقولتش يا أكرم ايه رايك في الاكل دا أنا سامع انك ذواق كبير
جال أكرم بنظره علي المائدة مردف بتلذذ :
مقدرش اقول غير تسلم ايد العمل الحقيقة
واسترسل بهيام وهو يشير علي إحدى الأطباق :
ولكن هنا سأقف إحترام لهذا الجمال محشي ورق عنب في المظبوط
شاركه محمود قائلاً يبدي إعجابه هو الآخر :
خلود دايما الاكل بيطلع من تحت أيدها مظبوط
انتشل لعالم آخر حتي كاد أن يخرج قلوب من عينيه وهو يهمس بداخله بانبهار :
أخيراً لقيت لبابة القلب
وحاول السيطرة علي مشاعره الطاغية لصاحبة الطبق المميز، واشاركهم في الأحاديث المتخلفة ….. بقلم حسناء محمد سويلم
؛*******
بعد أن ودعهم صعد إلي سيارته حتي يصل إلى القاهرة قبل أن تنسدل ستائر الليل ….. صاحبه في تلك السفرية محمود الذي قاد السيارة بشرود وعقل مسلوب ….
: عملت ايه يا محمود في الطلبته منك
نظر إليه في المرآه مردد مبتسماً :
الواد سلم نمر وبيبع الشقة وماشي من المنطقة خالص
واستطرد بفضول :
بس هي مش سها دي صاحبة نيرة
عقد المعلم سالم حاجبيه مردف بحنق :
وأنت شاغل بالك ليه
مط محمود شفتيه وغمغم بعدم فهم :
مش شغال بالي بس الاسمه عماد دا اول مره أشوفه وعلمنا عليه جامد معني كدا أنه غلطه كبير وبعدين سها كانت عندك من ساعتين وطلعه شكلها مقروص
استكمل مستفسرا :
هما غلطين مع نيرة ولا ايه
رد عليه بحده جعلته يصمت بتلقائية :
أنت هتحقق معايا، قاعد وشاغل بالك بالطالع والداخل، ما اجي استأذنك بالمرة
همس لنفسه بكلمات غير مفهومة فسأله بصرامة :
سمعني بتبرطم بتقول ايه
أجابه باقتضاب :
بقول دعاء السفر يا عمي
صدح صوت رنين هاتف المعلم سالم ….. تأمل اسم المتصل واجاب بترقب لسماع الأنباء المنتظرة :
السلام عليكم
جاء رد الآخر برسمية قائلا :
وعليكم السلام للاسف عندي اخبار مش كويسه
كان يعلم أن تلك العائلة لن ينتهي منها …. سأله بهدوء :
خير ؟!
هتف الشرطي بضيق :
وصل بلاغ أن في عربية عملت حادثة ووقعت في الترعة لكن مش موجود فيها حد
: معلومات العربية عندكم ؟!
أجابه بقلة حيلة :
عربية عز منصور عزب
ظهرت شبه بسمة علي شفتيه بسخرية … غريم ماكر يريد توصيل رسالة أنه لازال يحوم حوله كالذئب الشارد،
: اتمني لو في جديد أعرفه
رد الشرطي بآليه :
واتمني برده يا معلم لو حصل جديد أعرفه
: اكيد
وضع الهاتف بجانبه بعد أن أغلق المكالمة …. تصرف عز ما هو إلا بداية، يبدو أن اللعبة انتقلت إلي مرحلة لا يعلمها ما نهايتها، هو فقط يريد أن يعلموا أنه موجود … نعم موجود متربص إليهم كي ينقض في الوقت المناسب…
تمتم بدهاء مريب :
ماشي يا ابن عزب
؛****************
في القاهرة
احدي الغرف ذات الأثاث العصري الحديث …. دلفت خيرية حاملة صينية العصائر، واتبعتها مروه حاملة طبق كيك وآخر حلويات مختلفة،
بدأن في التوزيع عليهن، ونهضت مها تغلق الباب برفق، ثم دارت قائلة :
قوليلي بقا يا ست رحمه وصلتي لفين مع الدكتورة
ارتشفت رحمه من الكوب مردفه بخفوت :
أنا شايفه أن خلاص مبقتش محتاجه للجلسات دي
نظرت مروه إليها متسائلة بحنق :
جلسات ايه دي البتخلص في التلفون ؟؟
وكزتها أمل بعنف وهتفت بمزاح :
دا أنتِ لسانك دايما بينقط سكر يا مروه
حمحمت رحمه مغمغم بتوتر :
كنت عايزه اقولكم علي حاجه تانيه
علقوا نظرهن بها فاستكملت باضطراب :
من فترة منير الشغال في المصنع وقفني وقالي أنه معجب بيا وحكالي علي طموحه وازاي هو بيدور علي شغل جديد
اعتدلت حسناء تسألها بترقب :
ايوا وأنتِ عملتي ايه بقا ؟!!
تمتمت بتعلثم :
رديت عليه بأسلوب وحش اوي وقولت كلام ملوش لازمة وهدته أن هعرف بابا يطرده لو كرر الكلام دا تاني
عادت مروه ظهرها بأريحية علي المقعد مردده :
معملتيش حاجه غلط مش كل واحد يجي يقولنا معجب نسكتله
نظرت أمل إليها مردفه بضيق :
بس مش لازم نكون قللات الذوق في ردنا يا مروه
ردت رحمه عليهن بحزن :
عشان كدا بفكر اعتذر علي كلامي وان مكنتش اقصد اهينه أو اقلل منه
كانت المشاركة الأولي لهند في الجلسة وهي تهتف بحنو :
فكرة أنك بتعتبي نفسك علي تصرفك في حد ذاته تغير كبير يا رحمه
واسترسلت ببسمة :
أنا هساعدك تعتذري منه ونعدي الموقف سوي
نهضت رحمه من مقعدها ومالت تعنقها بقوة مردده بحب :
ربنا يخليكي ليا يارب
دهشة مصحوبة بسعادة اعتلت وجههن … أول مرة يروا مثل هذا التصرف الودي من رحمه معهن، منذ صغرهن وهي تخفي مشاعر الإخوة اتجاههن …
: طيب يا جماعة بمناسبة القعدة اللطيفة دي، عايزه أقولكم أن بفكر أبلغ بابا بفسخ حظوبتي من طلال
؛***********
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)