روايات

رواية بسمة أمل الفصل الرابع 4 بقلم روز أمين

رواية بسمة أمل الفصل الرابع 4 بقلم روز أمين

رواية بسمة أمل الجزء الرابع

رواية بسمة أمل البارت الرابع

بسمة أمل
بسمة أمل

رواية بسمة أمل الحلقة الرابعة

بعد مرور بعضً من الوقت، كانت تقبع فوق تختها المُخصص لها داخل غرفة المَشفي بعد أن تلقت أولي جُرعاتها الكميائية ، مُمددة بجسدٍ مُرهق وروحٍ مُتعبه تردد داخلها أذكارها طالبة العون والقوة من الله عز وجل بمنتهي الثبات واليقين رُغم تعبها
تُجاورها رانيا الجالسة بمقعدٍ مُمسكة بكف يدها بمؤازرة
علي الجانب الأخر تجلس أيضاً والدتها مُمسكة بكتاب الله العزيز وتتلو أياته بثبات وكُلها أمل ويقين برحمة الله
إقترب منها أمير وتسائل بملامح وجه حزينة لأجلها :
_عاملة ايه يا حبيبتي ؟
أومأت لهُ بخفة دون صوت وذلك لشدة تعبِها جراء الجلسة
إستأذن مصطفي طارقً الباب ودلف بعدما سمح له أمير بالدخول
نظر إلي أمل بعيون حانية كحنان الأب وتسائل بنبرة هادئة :
_ عاملة إيه يا بنتي ؟
أومأت له بعيون شاكرة دون حديث، فتحدث هو مُجدداً :
_ خلي يقينك بربنا كبير وخليكي واثقة إن عطايا ربنا لينا كُلها خير، وإن ممكن جداً ربنا يكون شايل لك خير كبير هتطلعي بيه من المِحنه دي
وأكمل بيقين :
_ أهم حاجة الصبر علي الإبتلاء والرضا بالمقسوم
وإن شاءلله ربنا هيخرجك من المحنة دي مجبورة الخاطر
نظرت لهُ بإمتنان وإبتسمت له شاكرة علي كلماتهِ الداعمة التي كانت تحتاجُها وبشدة
بعد قليل دلف الطبيب أحمد وتحدث وهو يتطلع إليها بإهتمام داعمً إياها :
_ أخبار بطلتنا الهُمام إيه يا تري ؟
أجابته بنبرة صوت ضعيفه بالكَاد تُسمع :
_ تعبانة جداً يا دكتور، وحاسة إن نفسي غامة عليا وعاوزة أرجع
إقترب من نومتِها ووضع يده فوق جبينها يتحسس حرارة جسدها وتحدث بعملية :
_كل ده طبيعي من تأثير الجُرعة يا أمل
ثم حول بصرهِ إلي تلك المُمرضة التي تُلازمهُ وتحدث إليها بإهتمام :
_قيسي لي حرارتها وخليكي جنبها من فضلك يا عزة، ولو لقتيها محتاجة للقئ ساعديها و دخليها التواليت فوراً
وعاود النظر إلي أمل من جديد وتحدث بنبرة مُطمأنة :
_مش عاوزك تقلقي، أي حاجة بتحصل لك رد فعل طبيعي جداً ومتوقع من تأثير الجلسة ، وزي ما قولت لك، الحالة النفسية ثم الحالة النفسية، مفهوم يا أمل
أومأت له بوهنٍ وضعف
تناقل بنظراتهِ بين الجميع وتحدث بهدوء ولباقة :
_ألف سلامة عليها
ثم تحرك إلي الخارج من جديد
__________________
بعد إنتهاء اليوم بسلام
تحرك دكتور أحمد عائداً بسيارته الفارهة إلي محل إقامته حيثُ يسكُن داخل منزل والده رجل الأعمال الشهير عزت سلام
صف سيارته داخل الجراچ الخاص بالفيلا، وتحرك لداخل ذاك المنزل الفخم ببنيانهِ العريق وأثاثهِ الوثير، تحركت إلية تلك العاملة الخمسينية ذات الوجه البشوش والملامح التي تشعُ طيبة والتي تحدثت بنبرة مُهتمة :
_حمدالله علي السلامه يا دكتور
أجابها بإبتسامتهُ الهادئة الملازمة دائماً لوجههِ البشوش :
_الله يسلمك يا هنية
تساءلت هي بإهتمام ونبرة حنون :
_ أجهز لك الغدا يا أبني؟
نظر لها وتحدث بإحترام :
_ متشكر يا هنية، أنا أكلت سندوتش في المركز قبل ما أجي وحالياً مش جعان، هطلع أوضتي أخد شاور وأرتاح شوية وبعدها هبقا أنزل وقت العشا
تركها وتحرك مُتجهً إلي بهو المنزل حيث التجمع المعتاد للعائلة، وجد أباهُ و والدته السيدة إنتصار وشقيقهُ حمزة ويجاورهُ طفلهِ الصغير، يجلسون في جو عائلي هادئ يحتسون مشروب الشاي مع تناول بعض الحلوي
تحدث بوجهٍ بشوشٍ ضاحك علي غير العادة :
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردوا عليه السلام وتحرك هو إلي والدته وقبل رأسها بإحترام ثم إلي المقعد المُفضل لديه حيثُ جلس وتحدث إلي أبية بإبتسامة جانبية :
_ إزي صحة حضرتك يا باشا
تحدث عزت بنبرة جادة :
_ الحمدلله يا دكتور، أخبار المركز عندك إيه ؟
أجابهُ أحمد بإختصار :
_ كله تمام يا باشا
سألتهُ إنتصار بإبتسامة حنون متأملة :
_شيفاك راجع مبسوط و وشك منور وبيضحك إنهاردة يا دكتور، يا تري فيه حاجه جديدة حصلت أنا ما أعرفهاش ؟
وأكملت بتمني وعيون راجية :
_ ياريت بقا يا أبني تطمن قلبي وتقول لي إن اللي عايشة عمري كله بتمناه حصل ؟
ضَحك بخفة وتحدث بنبرة هادئة :
_هو حضرتك كل ما تشوفيني مبسوط شوية خيالك يصور لك إني خلاص لقيت نصي التاني وعايش معاها قصة حب أفلطونية ،
وأكمل بنبرة هادئة ليُطمأنها كي لا تحزن :
_ وبعدين يا ست الكُل أنا قولت لحضرتك قبل كده، كل شئ بأوان، وأوان حكايتي لسه مجاش
قطبت جبينها وظهر الحُزن فوق ملامح وجهها التي إقشعرت بعبوس
حين أردف عزت قائلاً بنبرة مُستاءة يائسة :
_ أوان إيه بس يا أحمد اللي بتتكلم عنه، يا أبني كل أصحابك اللي من سنك بقا عندهم أولاد طولهم وإنتَ مش عاوز تريح قلبي أنا والمسكينة أمك دي ليه ؟
واسترسل حديثهُ مُشيراً بكف يده إلي حمزة نجلهُ الأصغر :
_ وأهو أخوك الصُغير أكبر مثال قدامك، أصغر منك بأربع سنين ومتجوز وعنده ولدين ومستقر في حياته
تحدث شقيقهُ حمزة مؤازراً شقيقه الأكبر الذي يكن له الإحترام :
_ إن شاءالله كل اللي بتتمناه هيحصل يا باشا، وقريب جداً هتشوف أولاد الدكتور وهما بيتنططوا حواليك زي القرود، ما تقلقش حضرتك
وأكمل وهو يلاطف شقيقهُ بدُعابة واستحسان :
_ وبعدين ده اللي بيشوفني جنب أحمد بيفتكرني أبوة مش أخوة الصغير
ضحك أحمد ثم نهض وتحدث مستأذنً كي يتجنب الحديث بذاك الموضوع :
_ أنا طالع أخد شاور وأرتاح شوية
تساءلت إنتصار مستفسرة :
_مش هتتغدي يا حبيبي ؟
أجابها بإختصار :
_ لا يا حبيبتي أكلت في المركز
وصعد إلي جناحهُ ليستحِم ويقوم بتبديل ثيابهُ بآخري مُعقمة ونظيفة وأيضاً كي يُنهي حديث الصباح والمساء الذي ملَ من كثرة الإستماع إليه، فدائماً والديه يلحان عليه من أجل الإستقرار والزواج الذي يرفضه بتاتً بحجة أنه لم يعثر حتي الآن علي فتاة أحلامه الذي رسمها بمخيلتهِ
بعد مرور ما يُقارب الساعة
كان يقف أمام مرأتهِ يُهندم من منامته المُنمقة كمعظم أشيائة المُوضوعة برتابة شديدة ، أمسك فرشاتهُ الخاصة وبدأ يُمشيط شعرهِ الفحمي اللون ذو المظهر الحريري، لقد كان وسيمً وجذابً للغاية مما جعل الفتيات يُلاحقنهُ إينما ذهب وظهر أمامهن ولكن، إين هو من تلك الجميلات الساحرات اللواتي تتمنين ولو نظرة من أعين ذاك الوسيم
أما بالنسبةِ له فبالرغم من سنواته الست وثلاثون إلا أنهُ وإلي الآن لم يشعر بالإنجذاب إلي أي أنثي مهما بلغ جمالها وسِحرُها ،كان دائم الإنتظار بظهور فتاة أحلامهُ التي ستأسِر عيناه وتسحبهُ من وحدته إلي عالمُها الحَالم الذي ينتظرهُ كي يحيا معها حياة العاشقين الأبدية ويُذيقها من عِشقهِ الهائل الذي إكتنزهُ لها وفقط
إستمع إلي بعض الطُرقات الخفيفة فوق باب جناحهِ فتحدث بصوتهِ الجهوري :
_أدخل
فُتح الباب ودلف من فتحته شقيقهُ حمزة قائلاً بدُعابه :
_ ممكن أدخل ولا الدوك هيهرب مني أنا كمان
إبتسم لشقيقهُ بجانب فمهِ وتحدث بهدوء وبنبرة ذات مغزي :
_ وليه بتسميه هروب، ده إسمه الإنسحاب الهادئ من المناقشات الحادة التي لا تُجدي ولا تعود بنفع علي متناقشيها
إبتسم لشقيقهُ وأردف قائلاً بدعابة :
_أاااه، دخلنا بقا في الكلام العميق بتاع الدكاترة اللي مبفهمش منه حاجة
تحرك إلي الداخل وجلس علي طرف الفراش ثم تحدث بنبرة جادة :
_ تسمح لي أتكلم معاك بصراحة يا أحمد
أمسك زُجاجة عِطرة المُميز ونثر منها علي جسده ووضعها من جديد بمكانها المخصص كعادته في ترتيب جميع أشياءه وتحرك إلي تختهِ وجاور شقيقهُ الجلوس وتحدث بإبتسامة :
_ عارف كل اللي هتقوله يا حمزة
تساءل حمزة بنبرة مُستفسرة :
_ طب وبعدين يا أحمد، هتفضل واقف تتفرج علي سنين عُمرك كده كتير وهي بتضيع سنه ورا سنة قدام عنيك؟
وأكمل بنبرة حزينة:
_لحد أمتي يا حبيبي ؟
أخذ نفسً عميقً ثم زفرهُ بهدوء وأردف قائلاً بنبرة واثقة :
_ لحد ما ألاقيها يا حمزة، لحد ما ألاقي نصي الحلو اللي هيكملني ويجمل الدنيا في عيوني
أردف حمزة مُستفسراً بنظرة ألم :
_ وأبوك وأمك ذنبهم إيه في خيالك الحالم ده يا أحمد، يا إبني اللي بتفكر فيه ده مستحيل يحصل، مفيش بنت لما بتشوفها تخطفك وقلبك يصرخ زي ما آنتَ متخيل
وأكمل بدعابة كعادته كي يُخفف عن شقيقهُ :
_ يا حبيبي البنات لما بنشوفهم عيونا هي اللي بتصرخ من جمالهم مش قلبنا خالص، ونظرة تجُر بسمة وهوب ناخد رقم تليفونهم، وكلمة تجُر كلمة وتلاقي نفسك عازمها علي عشوة لطيفة ورقصة هادية وكلمتين حلوين، و واحدة واحدة الموضوع يقلب بحب وجواز، إنما اللي إنتَ بتفكر فيه ده مش موجود غير في خيالك الواسع يا حبيبي
ضحك بشدة علي حديث شقيقهُ الساخر ثم وبدون سابق إنذار تذكر تلك الأمل وعيناها وأبتسم تلقائياً،
نظر إلي شقيقهُ وهتف بنبرة حماسية :
_ بتأمن بلُغة العيون يا حمزة ؟
ضيق حمزة عيناه مستغربً سؤالهُ ثم تساءل مُستفسراً :
_ إحكي لي اللي عندك وعلي أساس الكلام هقول لك إن كنت بصدق ولا لاء
تنفس عالياً وظهرت بوادر الفرحة علي ملامح وجههِ الهادئة وتحدث بإرتياح :
_ جت لي محاربة جديدة إنهاردة، أول لما عيوني جت في عنيها حسيت روحها بتصرخ وبتستنجد بيا وبتقولي أنا محتاجة لك، ما تسبنيش
ثم إلتفت إلي شقيقهُ وجدهُ يضع يدهُ فوق وجنته ويستمع له ببوادر أمل ثم تسائل حمزة متلهفً :
_ أفهم من كدة إن المراد قرب يتحقق ؟
ضيق عيناه بإستغراب ثم أنفجر ضاحكً وتحدث نافياً بشدة :
_هو آنتَ هتعمل زي ماما وكل كلمة تنسبها للموضوع ده
قطب حمزة جبينهُ ثم تسائل مُستفسراً :
_مش إنتَ يا دوك اللي لسه قايل لغة العيون، عاوزني أفسر كلامك إزاي بقا
وتسائل متلهفً :
_ طب قولي، هي حلوة ؟
هز رأسهُ بإستسلام من حديث شقيقه ثم تحدث مفسراً :
_ يا إبني إفهمني، أنا مقصدش المعني اللي جه في دماغك خالص، أنا أقصد إن البنت فعلا بتثتغيث بيا ومحتاجة لمساعدتي ليها
وأكمل مُسرعً :
_وقبل ما تسأل أسئلتك العقيمة دي أحب أقول لك إنها متجوزة وتقريباً كدة عندها أطفال
وأكمل ناظراً أمامه :
_معرفش ليه حسيتها ضعيفة ومحتاجة لي أوي
تنهد شقيقهُ بيأس وخيبة أمل أصابته، وأكملا حديثهما سوياً
____________________
توالت الأسابيع وبدأت أمل تتأقلم بعض الشئ مع مرضها،، فقدت الكثير من وزنها ونضارة وجهها حتي أنها باتت هزيلة متعبة طيلة الوقت ، فقدت أيضاً خُصلات شعرها الحريري الذي بدأ بالتساقط أمام أعيُنها وأصاب قلبها بمنتهي المرارة
وكلما خارت قواها وشعرت بالهزيمة والإستسلام بثت والدتها وشقيقتها وأيضاً شقيقها إيهاب الذي يُتابعها من دبي عبر تطبيق الفيديو كول روح الأمل بداخِلُها
وأيضاً طبيبها المُعالج أحمد سلام الذي لم يترك فرصة إلا وبث بها الأمل والعزيمة داخل كيانها ليحثها علي الصمود وعدم التخلي
علي النقيض، بدأ أمير بالتملُل والنفور شيئً فشئ وخصوصاً بعدما رأي سقوط شعرها وهزلان جسدها ، حتي أنهُ بات يُبيت بمنزل والدتهُ بين الحين والآخر بحِجة جلوسهُ مع صغيرته الذي أخذها إلي والدتهُ للإهتمام بها جيداً، وذلك بعدما ألقي بكل الحِمل فوق ظهر سحر ورانيا وأنسحب هو تدريجياً من المسؤلية تجاة زوجتهُ
فهكذا هي الشِدة تُظهر لنا معادن البشر وسقوط الأقنعة المزيفة وظهور الوجوة الحقيقية المُريعة
كانت تتمدد فوق أريكتِها المتواجدة داخل بهو منزلها والحُزن يسيطر علي ملامِحُها
تحدثت إليها والدتها بهدوء :
_ بقول لك إية يا أمل، إية رأيك أحط لك كام فستان خروج ليكي وشوية حاجات كدة في شنطة وتيجي تقعدي معايا أنا وأختك في شقتنا،
وأكملت مفسرة:
_وأهو منه نكون مع بعض طول الوقت وكمان شقتنا أقرب لمركز العلاج بتاعك ومش هتتعبي زي هنا
خرجت رانيا من المطبخ علي صوت والدتها وتحدثت بتأكيد :
_ ياريت يا ماما، بصراحة المكان هنا بعيد أوي عن مقر الشركة اللي بشتغل فيها، وللأسف كل يوم بتأخر علي ميعاد شغلي بسبب زحمة وطول الطريق
واسترسلت لنبرة بائسة:
: ده غير إن طارق خطيبي ما بيعرفش يزورنا هنا علشان يطمن علي أمل في غياب أمير
نظرت إليها أمل بحُزن وتحدثت بنبرة بائسة بفعل حالتها النفسية التي ساءت جراء شعورها بنفور زوجها منها مؤخراً :
_ إتفضلي يا ماما خدي رانيا وأرجعوا علي شقتكم وبلاش تلغبطوا نظام حياتكم علشاني
وأكملت بنبرة مختنقة بفضل دموعها التي تحاربها بشدة كي تمنعها النزول:
_ أنا كفيلة أخدم نفسي بنفسي ومش محتاجة لأي حد معايا
إتسعت عيناي سحر وهتفت سريعً بإعتراض :
_ كلام إية يا بنتي اللي بتقوليه ده ، نسيبك إزاي لوحدك وإنتِ بالحالة دي؟
أجابتها بنبرة مهمومة :
_هي يعني جت عليكم ، ما كل الدنيا سابتني ، ده حتي جوزي اللي كنت فكراه سندي اللي طلعت بيه من الدنيا، سابني وبِعد عني في عز ما أنا محتاجة له
تنهدت والدتها بيأس لصحة حديثها ، حين تحركت رانيا وجلست بجانبها وأحتضنت كف يدها برعاية وتحدثت مفسرة :
_بلاش الحساسية الزيادة اللي بقيتي فيها دي يا أمل، ماما كل اللي تقصده هي راحتك اولاً وأخيراً
وأكملت بنبرة تفسيرية :
_ لما تبقي أقرب من المركز مش هتتعبي في الطريق وكمان الجو عندنا أهدي وأروق من المنطقة هنا بكتير، نفسياً هترتاحي هناك أكتر صدقيني
إعتدلت من جلستها و وقفت قائلة بنبرة إستسلامية :
_ إعملوا اللي تعملوة، أنا داخله أوضتي ارتاح شوية ، بعد إذنكم
نظرت رانيا بألم إلي والدتها التي إنهمرت دموعها حُزنً علي حال صغيرتها التي تبدلت وكأنها أصبحت شخصية جديدة عليهم وذلك بفضل التغيرات التي أصابت نفسيتها جراء الأدوية التي تتناولها
دلفت إلي غرفتها وأغلقت بابها عليها ثم تناولت الهاتف من فوق الكومود بعدما قررت مهاتفة زوجها كي تُخبرهُ أن يجلب لها صغيرتها التي إشتاقتها حد الجنون، وأيضاً كي تستمع إلي صوته فهي إلي الآن مازالت تعشقه رغم إنسحابهِ التدريجي من مُحيطها
ضغطت زر الإتصال وانتظرت الإجابة، علي الجهة الآخري كان يجلس بصحبة عائلته بالكامل يُشاهد شاشة التلفاز بجانب صغيرته، إستمع لرنين هاتفهُ فنظر بساشته وابتلع لعابهُ حين رأي نقش إسم زوجته ، تحرك منسحبً لداخل الغرفة المخصصة له ولصغيرته وأغلق بابها وأجاب بصوتٍ مهزوز خجل :
_ ألو
أغمضت عيناها بمرارة حين إستمعت إلي صوته وأجابته بنبرة بائسة مُحبطة :
_ أيوة يا أمير
تحدث خجلاً :
_أزيك يا أمل ، عاملة اية وصحتك أخبارها إيه ؟
أجابته ساخرة :
_ ما تشغلش بالك ، أنا مش بكلمك علشان تسألني عن حالي وصحتي وحالي ، أنا بكلمك علشان كارما وحشتني وعاوزة أشوفها ، ده طبعاً لو مفيش عند سيادتك مانع
تحمحم وأردف بنبرة خجلة بعدما إستشف حُزنِها وسُخريتها منه :
_ ليه بتقولي كده يا أمل، أنا باعد كارما علشان تأثير الإشعاع عليها مش أكتر
أجابته بنبرة قوية :
_أنا واخده الجلسة من إسبوع فات ، وعلي فكرة تأثير الإشعاع ده ملوش وجود غير في دماغك إنتَ وأهلك ومامتك اللي حتي ما سألتش عني من وقت ما تعبت غير مرتين في التيلفون
وأكملت مُفسرة :
_وعلي فكرة بقا ، أنا سألت دكتور أحمد وقال لي إن مفيش اي ضرر علي البنت مني، بس ما علينا
ثم تساءلت ساخرة :
_ عاوزة أسألك سؤال يا أمير، يا تري إنتَ كمان بعدت عني علشان خايف علي جسمك من تأثير الإشعاع بردوا ؟
توتر من سؤالها ثم تحدث بنبرة مُرتبكة :
_أنا بعدت علشان أسيب لطنط ورانيا مجال للحرية ويتحركوا براحتهم في الشقة يا أمل
إختنقت بالدموع وشعرت بالأسف علي شبابها التي أمضتهُ في حب رجُل تركها بأشد أوقاتها الصعيبة
تمالكت حالها وأردفت بقوة :
_ أنا مش مكلماك علشان أسمع منك مبررات لبعدك عني في أشد وقت بحتاج لك فيه يا أمير، أنا كل اللي طلباه منك هو إنك تخلي بالك من بنتي كويس وتراعيها وما تخليش حد يزعلها لحد ما،
وهُنا صمتت وأخذت نفسً عميقً كي تتمالك من تماسُك دموعها الماثلة لكرامتها ، وأكملت :
_ لحد ما ربنا ياخد بإيدي وأقوم لها بالسلامة ، أو، أو ربنا يسترد أمانته
وأكملت بتوصية :
_وقتها بنتي هتبقا أمانة في رقبتك هسألك عليها قدام ربنا يوم ما تتلاقي الوشوش
إبتلع غصة مرة بحلقه وتحدث مُتأثراً بحديثها المؤلم:
_ ما تقوليش كده يا أمل، إن شاء الله هتخفي وهتبقي كويسه
تنهدت بهدوء وتحدثت بنبرة جادة متلاشية حديثهُ :
_أنا هستناك تجيب لي البنت إنهاردة، ياريت ما تتأخرش عليا
أكد لها إحضارهُ وفوراً إليها، أغلقت معهُ وتحركت داخل الحمام لتغتسل وترتدي ثيابً جميلة حتي تظهر في أبهي صورها أمام إبنتِها الجميلة ، غطت رأسها بحجابٍ كي لا تُزعج عيناي صغيرتها وتجعل قلبها البرئ يحزن لأجل والدتها الغالية
بعد قليل دقت والدتها باب الغرفة وطلت بإبتسامة سعيدة وتحدثت :
_معايا مفاجأة حلوة أوي علشانك
قطبت جبينها وبلحظة إتسعت عيناها وانتفضت من جلستها واسرعت بفتح ذراعها لإستقبال صغيرتها التي إرتمت داخل أحضانها وأردفت بنبرة طفولية سعيدة :
_ وحشتيني يا مامي، وحشتيني أوي
إبتسمت لها وباتت تُفرق القُبلات فوق وجنتيها ورأسها وكفي يداها
ضمتها لصدرها بشدة وتحدثت :
_وإنتِ كمان وحشتيني أوي يا قلب ماما
تحدثت الصغيرة بشفاة ممدودة حزينة :
_ أنا كل يوم أعيط لبابي وأقول له يرجعني البيت هنا تاني عند حضرتك، بس تيتا دايماً تقول لي إن حضرتك تعبانه بمرض وحش أوي وهتعديني وتموتيني
إنفطر قلبها حين إستمعت إلي حديث صغيرتها وحزنت علي من كانت تعاملهم كأهلها ولكن كم أثبتوا لها خِستهم وندالتهم وأنكشفت حقيقة وجوههم البشعة أمامها
مسحت سحر علي ظهر إبنتِها كنوعٍ من المؤازرة، وتحدثت إلي حفيدتها بإبتسامة :
_ ما تسمعيش كلام حد يا كوكي، مامي كويسه ولا يمكن تعديكي ولا تتسبب لك في أي ضرر ، هي بس تعبانه شوية وهتخف إن شاء الله وهترجعي هنا تاني وتعيشي في حُضنها
صمتن حين إستمعن إلي طُرقات فوق الباب وبعدها دلفت رانيا وتحدثت علي إستحياء :
_أمير بيستأذن علشان يدخل يطمن عليكِ يا أمل
هزت رأسها بنفيٍ سريع وأردفت بنبرة حادة رافضة :
_ مش عاوزة أشوف حد يا رانيا
دققت النظر لها وتساءلت بحيرة :
_ يعني أقول له إيه ؟
رفعت رأسها بعناد وتحدثت بكبرياء أنثي :
_ قولي له إني تعبانه ومش قادرة ولا عاوزة أشوف حد
خرجت له رانيا من جديد وأبلغته بحديث أمل ، شعر بدونيته وكم أوصل زوجته للنفور منه بتلك الصورة البشعة
هَم للوقوف وتحدث بنبرة خجلة إلي رانيا :
_أنا ماشي يا رانيا وبما إن بكرة الجمعة فأنا هسيب البنت تبات معاكم وهعدي اخدها بكرة أخر اليوم علشان المدرسة
أومأت لهُ رانيا وتحرك هو بالفعل عائداً إلي مسكن والدهُ في حين خرجت أمل وسحر بصحبة الصغيرة وجلسن جميعاً ببهو الشقة وبدأتا سحر ورانيا بصُنع الحلوي والاطعمة المُحببة إلي الصغيرة وجلسن في جو عائلي مبهج
تحدثت أمل إلي والدتها بهدوء بعدما حسمت قرارها :
_من فضلك يا ماما، ياريت تجهزي نفسك من بكرة علشان هنقل في بيتك وأسيب هنا
تنهدت سحر بيأس وقالت بنبرة هادئة :
_حاضر يا بنتي، جهزي شنطة هدومك وحاجتك المهمه وهنرجع شقتنا بكرة بإذن الله
أومأت برأسها ونظرت رانيا إلي والدتها وتبادلا نظرات الحُزن بينهما لأجل عزيزة أعيُنهم وما أصابها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بسمة أمل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى