رواية براثن اليزيد الفصل الرابع عشر 14 بقلم ندا حسن
رواية براثن اليزيد الجزء الرابع عشر
رواية براثن اليزيد البارت الرابع عشر
رواية براثن اليزيد الحلقة الرابعة عشر
“قتلتهُ بصمتها عن مكنون قلبها تجاهه،
ثم ومن دون مقدمات اعترفت بذلك
العشق المُميت داخل الجزء النابض بها”
“بعد ثلاثة أيام”
دلف إلى غرفة شقيقته بهدوء بعد أن فتحت الباب له، يضع يده في جيب بنطاله ناظرًا إليها بجمود لم تعهده منه، دلف إلى الداخل ثم أغلق الباب خلفه، أردف سائلًا إياها ببرود كما عادته في تلك المواقف:
-أنتِ طلبتي أي Order يوم خطوبتك؟
نظرت إليه باستغراب لسؤاله الغريب أو الغير متوقع منه ثم أجابته محاولة أن تكون هادئة ولكن نظراته توجسها:
-آه طلبت
-طلبتي ايه
أيضًا سؤال غريب غير الأول فهذه أول مرة “يزيد” يكون يريد معرفة الأشياء الذي تجلبها إلى نفسها، قالت بتوتر:
-لبس كان عاجبني وحاجات ليا يعني
تقدم إلى الداخل وهو ينظر إليها بشكٍ واستغراب قد شعرت به هي، أردف سائلًا إياها:
-معاكي الفاتورة؟
حاولت أن تتذكر إن كانت معها أو لا ثم تحدثت قائلة بجدية:
-آه معايا
-هاتيها
ذهبت لتأتي بـ الفاتورة من أحد الإدراج، تذكر “يزيد” الذي حدث عندما كان يراجع الكاميرا الموضوعة أمام البيت ورأى “يسرى” وهي تستلم أكياس من أحد عمال التوصيل الخاصة بمكان بيع ملابس راقية وقد عرفه من الإسم المدون على قميصه الأحمر، تذكر الثوب سريعًا الذي أتى لـ “مروة” فأخذه شكه إلى “يسرى” التي ربما كانت تود أن تكون مفاجأة إليها منه ولا تعلم أنه يعارض هذه الملابس، لم يظن السوء بشقيقته ولكنه كان يريد أن يعلم إن كانت هي أم لا..
أتت إليه “يسرى” بـ الفاتورة، أخذها منها ثم نظر بها يراجع ما بها إلا أن وجد أن الثوب مدون بها حقًا، كتب لونه الأحمر وماركته وسعره الذي كان عاليًا للغاية ولم يكن غيره بهذه المواصفات بالورقة..
نظر إليها “يزيد” والشك يزداد بداخله ناحيتها أنها من فعلت ذلك ولكن لما كذبت على مروة وحاولت أن تعرف معها من الفاعل؟ هل لأنها خجلت من فعلتها بعد أن حدث تشاجر بينهم؟ سألها “يزيد” وهو يضع الفاتورة أمام وجهها:
-هاتي الفستان ده أشوفه..
نظرت إلى الورقة بصدمة فهي لم تتذكر أنها طلبت شيء كهذا ويبدوا أنه مشابهة لثوب “مروة” الذي أحدث المشكلة بينهم، رفعت نظرها إلى شقيقها متحدثة بتوتر:
-بس أنا مطلبتش حاجه زي دي.. مش أنا اللي طلبته
بهدوء تحدث مرة أخرى محاولًا أن يعلم منها ما حدث:
-إزاي مش دي الفاتورة بتاعتك؟
أردفت سريعًا بلهفة وتوتر من ظنه بها السوء فهي حقًا لا تعلم من أين لها بهذا الثوب في الفاتورة حتى أنه لم يأتي مع أشيائها:
-أيوه دي الفاتورة وكل اللي فيها بتاعي بس الفستان ده أنا مطلبتوش حتى أنه مجاش في حاجتي إزاي موجود هنا
رأته ينظر إليها بجمود ولم يحرك ساكنًا فعلمت أنه بشك بها وبأنها من فعلت ذلك، قالت برجاء محاولة أن تشرح له ما حدث:
-يزيد أنتَ شاكك أن أنا اللي عملت كده وجبته لمروة والله أبدًا أنا حتى معرفش هو مكتوب في الفاتورة إزاي
صمتت لترى ردة عليها ولكنه لم يتحدث، فُتح الباب بهدوء وظهرت من خلفه “مروة” التي يبدوا عليها أنها استمعت لما دار بينهم من حديث، ابتسمت بهدوء ابتسامة مهزوزة تُجبر نفسها عليها، دلفت للداخل وأغلقت الباب خلفها، نظرت لـ “يزيد” بهدوء ثم تحدثت بثقة قائلة:
-يسرى متعملش كده أبدًا صدقها، أنا واثقة من كده
عاد “يزيد” بنظره إلى يسرى ينظر إليها بهدوء متحدثًا بجدية:
-أنا مش شاكك فيها أنها عملت ده عن قصد أنا بقول أنها ممكن تكون عملت كده بحسن نية أنها تجيبلك هدية على اسمي بس وسعت منها شويه
أردفت “يسرى” نافية حديثه الذي لم يحدث ولم تفعله من الأساس:
-لأ معملتش كده بردو والله
سألها مجددًا بإصرار على معرفة الحقيقة منها هي:
-طب عايز أفهم إزاي جه في الفاتورة بتاعتك ولا إزاي حاسبتي على حاجه مش معاكي ولا طلبتيها؟
تذكرت ما حدث سريعًا ثم أجابته مبررة موقفها محاولة أن تبعد شكه عنها لأنها لم تفعل وأيضًا سيجعل “مروة” تشك بها حتى ولو كانت واثقة أنها لم تفعلها:
-أنا معرفش جات إزاي صدقني بس هو كل اللي حصل إني طلبت اللي عايزاه ولما جه استلمته ودفعت بـ Credit card بتاعتي الحساب وأخدت الفاتورة من غير ما أبص عليها حتى..
رأت الشك بعينيه لم يزول فقالت مرة أخرى:
-طب أنا هأكدلك أنا حتى ماخرجتش حاجه من الـ Order يدوب شوفتهم هجبهولك علشان تصدقني
هتفت “مروة” سريعًا بخجل وهي تراها هكذا في موضع الإتهام:
-لأ خلاص يا يسرى إحنا عارفين أنك متعمليش كد…..
صمتت ولم تكمل حديثها الذي كانت تدافع عنها به فقد شلت أطرافها بسبب الصدمة التي تعرضت لها الآن ومن أقرب شخص لها بالمنزل من بعد “يزيد” نظر إليها زوجها ليراها تنظر على شيء ما داخل الدولاب الذي فتحته شقيقته، تنظر عليه بصدمة وعينيها مثبته عليه لتعرف إن كان هو أم لا وللأسف الشديد كان هو حقًا..
تقدمت للإمام بجوار “يسرى” التي كانت تخرج الأشياء من دولابها، مدت “مروة” يدها وأخرجت الصندوق الذي أتى الثوب به واختفى، نظرت يسرى على الصندوق الذي أول مرة تراه هنا في غرفتها وليس هكذا فقط بل في دولابها خافت من أن تصدق “مروة” أنها من فعلت ذلك ولكن أي شخص محلها سيصدق..
رفعت لها الصندوق أمام عينيها وتحدثت بضعف وخيبة أمل بها:
-ده الصندوق اللي جالي فيه الفستان بيعمل ايه هنا؟
ترقرقت الدموع بعيني “يسرى” وتحدثت برجاء وضعف متلهفة وخائفة من أن تفقد صديقتها الوحيدة هنا:
-والله يا مروة ما أعرف أنا أول مرة أشوفه وحياة ربنا
رفعت “مروة” الغطاء عنه ووجدت الورقة به كما هي أسندت الصندوق جانبًا ثم أخذت الورقة قرأتها مرة أخرى، ذهبت لتضعها أمام وجه “يزيد” قائلة بخفوت:
-دي الورقة وده الكلام اللي مكتوب فيها أهو أنتَ كنت مفكر إني بكدب عليك
رأي الحزن في عينيها فقد تذكرت كلماته لها في تلك اللحظة وتشكيكه بها وبأنها من فعلت كل ذلك، أغمض عينيه بقوة ثم فتحتهم ناظرًا إلى شقيقته التي كانت تود أن تصرخ وتقول أنها ليست من فعل ذلك:
-مروة صدقيني مش أنا
أقترب منها شقيقها بهدوء شديد دون أن يتحدث بأي كلمة ودون سابق إنذار هوى على وجنتيها بصفعة مدوية أطاحت وجهها للناحية الأخرى، وضعت يدها في مكان صفعته ولم تتحدث، خرجت الدموع من عينيها بغزارة بينما “مروة” صرخت عليه بشدة مقتربة منها تدفعه للخارج:
-أنتَ اتجننت، أخرج بره دلوقتي يا يزيد
خرج بعد أن دفعته “مروة” للخارج عنوة ثم ذهبت إليها بعد أن أغلقت الباب، تقدمت منها ثم تحدثت قائلة بجدية فقد لعب الشك دوره عليها هي الأخرى:
-معلش يا يسرى متزعليش منه أنتِ عارفه إن الحوار ده عمل بينا مشكلة كبيرة وهو مشكش فيكي هو بس فكر إنك عملتي كده بحسن نية
نظرت إليها “يسرى” باكية والدموع لا تتوقف عن الخروج من عينيها، تحدثت بخفوت:
-أنتِ مصدقة إني أعمل فيكي كده؟ أنتِ أختي يا مروة والله مش أنا مقدرش أعمل كده وأنا فعلًا معرفش مين اللي عمل كده والله مش أنا… عارفه إن كل شيء بيقول أن أنا اللي عملت كده بس أحلف بأيه أنه مش أنا
ابتسمت لها ابتسامة مهزوزة ثم تحدثت وهي تقف على قدميها مغادرة للغرفة:
-خلاص يا يسرى متزعليش من يزيد على اللي عمله هو بس اتعصب واعتبري الموضوع محصلش
ثم خرجت من الغرفة وتركتها وحدها تبكي فقد أعتقد شقيقها أنها من فعلت ذلك غير أن “مروة” يبدوا عليها عدم تصديقها وهي محقة فكل الدلائل ضدها ولها الحق في الانزعاج منها، زالت دموعها بيدها وحدثت نفسها بأنها يجب أن تعلم من الذي فعلها لتريهم أنها بريئة ولم تفعل شيء..
__________________
جلست في حديقة المنزل تحتسي كوب من الشاي بهدوء وراحة بعد أن استمعت لكل ما دار بينهم، والجميع أغبية بنظرها لا أحد يعلم ما الذي حدث حقًا، ألم تكن “مروة” و ” يسرى” صديقتان؟ إذًا ماذا حدث الآن كيف تصدق أنها تفعل ذلك بها، ويالا غباء “يسرى” التي حتى لا تعرف ما ثمن أشيائها وما الذي دفعته، ضحكت بشدة وهي تتذكر ما فعلته والذي ساعدها به غباء “يسرى” الكلي..
“قبل يوم الخطبة”
كانت “يسرى” جالسة تطالع الهاتف في يدها منذ دقائق ثم نادتها والدتها من المطبخ فتركت الهاتف على الأريكة جوارها دون أن تغلقه، رأته “إيمان” والذي اعتقدت أنها تتحدث إلى أخيها فأرادت أن تعرف ما الذي يتحدثون به، ولكنها وجدت صور لملابس كثيرة أشكال متعددة وراقية وبعض المجوهرات وغيرها من الزينة، وقع نظرها على ثوب أحمر قاتم مفتوح من عند الرقبة فتحة واسعة كما أنه ضيق وبه فتحه في المنتصف من الأسفل تظهر الساق، خطر ببالها فكرة خبيثة لا تخرج إلا من شيطان يريد تحطيم كل شيء وخرابه..
طلبت ذلك الثوب مع البقية الذي طلبتهم “يسرى” وعلمت متى ستأتي إليها الأشياء من خلال أخذ جوله في الموقع المفتوح، تركت الهاتف مكانه وذهبت إلى مكانها تتابع التلفاز وكأنها لم تفعل أي شيء..
وفي اليوم التالي علمت الميعاد الذي ستستلم به “يسرى” وانتظرت إلى أن أخذت أشيائها وصعدت إلى غرفتها، فتحت الباب عليها سريعًا وجدتها تهم بفتح الأشياء تحدثت سريعًا قائلة بجدية:
-مرات عمي عايزاكي تحت
أجابتها “يسرى” بجدية هي الأخرى قائلة:
-طيب ثواني ونازله
قاربت على فتحة مرة أخرى فتحدثت “إيمان” بحدة وجدية قائلة:
-وأنا مش هاخد الشتيمة عنك يا ست يسرى انزلي الأول
تأفأفت “يسرى” بضيق ثم خرجت من الغرفة وأغلقت الباب حتى لا تلتقي منها وصلة توبيخ لن تصمت هي عنها وستعكر صفوها في يوم خطبتها..
افتعلت “إيمان” أنها ذاهبة إلى غرفتها حتى ذهبت “يسرى” ثم عادت من جديد ولجت الغرفة ثم فتحت الأكياس وأخذت الثوب ووضعت كل شيء في مكانه وخرجت من الغرفة ذاهبة إلى غرفتها..
انتظرت إلى أن ذهبت “مروة” إلى غرفة “يسرى” لتساعدها في تجهيز نفسها، وضعت الثوب في الصندوق الذي اشترته وكتبت تلك الورقة ووضعتها معه ثم ذهبت بحذر إلى غرفة “مروة” ووضعت الصندوق على الفراش مبتسمة بشر والحقد ينبصق من عينيها، ثم مرة أخرى دلفت لتأخذ الصندوق حتى لا يتبقى أثر أو دليل على حديثها الذي ستقوله إلى زوجها..
ومن ثم الآن وبعد كل شيء وضعت الصندوق مرة أخرى في دولاب “يسرى” كي تكن هي موضع الإتهام الرئيسي في هذه اللعبة الحقيرة الذي بدأتها هي..
خرجت من شرودها في ذلك اليوم متذكرة ما فعلته ثم ضحكت بأعلى ما عندها من صوت على غباء الجميع فقد نشب شجار حاد بين “مروة” و “يزيد” تبعه ابتعادهم عن بعض لبضعة أيام وقد لاحظتهم وأيضًا أبعدت “يسرى” عن “مروة” لتبقى وحدها أمامها دون حامي ولكن هل سيظل هذا سرًا؟..
______________________
-اللي أنتَ عملته غلط، يسرى متعملش كده
أردفت “مروة” قائلة تلك الكلمات إلى يزيد الذي انزعج من كثرة عتابها له، تحدث هو بضيق قائلًا:
-طب قوليلي إزاي الفستان في الفاتورة بتاعتها وهي اللي طالبة كل حاجاتها وكمان دفعت تمنه طب لو هنقول أنه مثلًا جه غلط ودفعت تمنه من غير ما تاخد بالها جه اوضتك إزاي بالورقة اللي فيه
جلست “مروة” على الأريكة أمامه بعد أن احتارت في ذلك الأمر فهي إن قالت أن “إيمان” من فعلت مؤكد لن يصدق وهي نفسها لا تصدق فـ “إيمان” لا تعلم ما الذي طلبته “يسرى” من الأساس، سألها باستغراب متعجب من سكوتها:
-سكتي ليه جاوبيني
-مش عارفه أقول ايه.. بس حتى لو يسرى ليه تعمل كده
جلس جوارها وأمسك يديها بين يديه بأريحية وضع يده الأخرى على وجنتيها وتحدث بهدوء:
-ممكن تكون عملت كده بحسن نية
أجابته هي بثقة هذه المرة وهي تعلم أن “يسرى” لن تكذب لو فعلتها:
-لو كده فعلًا كانت قالت يسرى مش كدابه
تنهد بعمق شديد وهو يهز رأسه يمينًا ويسارًا باستنكار ثم قال لها بهدوء:
-بقولك ايه خلاص انسي سوا هي ولا لأ الموضوع عدا
ابتسمت إليه ووضعت يدها على يده بهدوء قائلة بجدية وهي لا تود أن يكن هناك فجوة بين “يسرى” و “يزيد” خصوصًا أنها تعلم ما هي علاقتهم بـ “فاروق”:
-طيب أنا أصلًا خلاص نسيت بس ممكن تصالح يسرى حتى لو هي يا سيدي أنا راضية وأنتَ مكنش ينفع تمد إيدك عليها على الأقل قدامي
زفر بضيق وكاد أن يسحب يده ولكنها شددت عليها وقالت راجية إياه ليفعل ما تريد:
-علشان خاطري
ابتسم باتساع عندما وجدها تؤثر عليه بها هي وبتعابير وجهها الطفولية، تحدث مبتسمًا ببلاهة:
-بحبك يا مروتي
ابتسمت باتساع هي الأخرى وشددت بيدها على يده الذي رفعها إلى فمه يقبلها بحنان وحب فياض يظهر على كل أفعاله وتعابيره..
______________________
بكت كثيرًا وهي تقص عليه ما حدث بينها وبين شقيقها وزوجته، لقد قالت له كل ما حدث تود لو أنه يقول لها من الذي فعل كل ذلك لتكن التهمة من نصيبها هي وكل الدلائل ضدها..
أردف قائلًا عبر الهاتف بتعجب وذهول:
-أيوه يا يسرى بس إزاي ده حصل بردو ماهي حاجه متدخلش العقل لأن أنتِ اللي طالبه الحاجة دي مش حد تاني
أجابته بنبرة مرهقة فقد هُلكت من كثرة الحديث والتبريرات:
-أيوه أنا بس مش أنا اللي طلبته والله، بقول حتى مكنش في الحاجه بتاعتي إزاي بقى أنا مش فاهمة
فكر قليلًا في حديثها وكيف أنها طلبته ولن تكُن هي!، في الفاتورة مدون ودفعت تمنه ولم تعرف به، وضع في غرفة “مروة” وهي لا تدري حتى أن الصندوق والورقة عندها ومازالت تقول ليست هي:
-هو أنا ممكن أقولك حاجه بس متفهميش غلط
-قول
تحدث بتريث وهدوء قائلًا:
-مش ممكن تكوني أنتِ حبيتي تعمليها مفاجأة ليها ولما قلبت جد قولتي أنه مش أنتِ
هل قصت عليه كل ما حدث ليقول ذلك الحديث مثل أخيها؟، هي لم تفعل، لم تفعل ستصيب بالجنون الجميع يقول أنها فعلت بحسن نية وهي لم ترى الثوب إلا عندما رأته مع “مروة”، تحدثت قائلة بجدية:
-محصلش يا سامر والله أبدًا، أنا هتجنن مين اللي هيكون عمل كده بس
أردف بهدوء محاولًا تهدئتها هي الأخرى عن التفكير في ذلك الموضوع الذي ارهقها:
-طيب ممكن تهدي بس أكيد كل حاجه هتبان
أجابته بحدة وهي تتذكر نظرة مروة إليها قبل أن تغادر غرفتها:
-اهدى إزاي بس يا سامر علاقتي بمروة هتدمر وهتصدق إن أنا اللي عملت كده، هتفكر إني زي الباقي..
مرة أخرى يحاول أن يجعلها تهدأ قليلًا، تحدث قائلًا بهدوء وجدية:
-مروة عارفاكي كويس ومن اللي قولتيه ليا هي كده مصدقتش حاجه عنك أهدي بقى
تنهدت بضيق شديد خائفة من أن تبتعد عنها “مروة” غير ظن شقيقها بها، أجابت بهدوء:
-اتمنى
__________________
-شايفك اتعودتي على ليل
أردف بتلك الكلمات وهو على ظهر جواده “ليل” بينما هي تجلس أمامه ملتصقة به بشدة تستند بظهرها على صدره العريض وتمسك بيدها لجام الحصان وهو يحيط خصرها مقربها إليه بحبٍ، أجابته مُبتسمة باتساع على كلماته فهي تعلم أنه يتهكم عليها بسبب خوفها منه في السابق:
-هو ليل في زيه بردو مش معقول أخاف من حصان Cute كده
ضحك “يزيد” عاليًا بكامل صوته بعد أن استمع لكلماتها عن “ليل” رمز القوة والخوف، سألته بضيق قائلة:
-ايه سبب الضحك الجامد ده
وضع ذقنه على كتفها يبتسم ابتسامة عريضة وأردف بحماس وسخرية بذات الوقت بجانب أذنها:
-بضحك على Cute أصل كان في حد كده بيقول إن ليل ده أسود زي السما وبيخوف زي العفاريت
لوت شفتيها بضيق شديد منه وزفرت بحنق قائلة بجدية متهكمة بسخرية عليه:
-تصدق إنك رخم فعلًا وبعدين عادي لما أخاف من حصان أحسن ما أخاف من لون
ضحك مرة أخرى عاليًا وكأنها تقول نُكت مضحكة وعندما انتهى من ضحكته انحنى على عنقها وقبلها برقة ثم قال بخفوت وصوت أجش في أذنها:
-خلاص ده كان زمان، من قبل ما أشوفه عليكي
سارت الرعشة في جسدها مرة أخرى من اقترابه المهلك وحديثه الذي يحمل الغزل لها، كم تود أن تبوح له بمكنونات قلبها لزيل أي حواجز بينهم، استجمعت شتات نفسها وهتفت بسخرية:
-بردو بتخاف
حدثها بأذنها مرة أخرى سائلًا إياها بهدوء وعبث:
-طيب أنا بخاف وأنتِ لسه بتاخفي من ليل؟
ضحكت عاليًا بسخرية وأجابته ببرود وتهكم ناظرة إليه بعد أن وجهت نظرها له:
-لأ طبعًا هو ده سؤال ما أنا أهو على ضهره وكمان ماسكه اللجام
ابتسم بخبثٍ ومكر وهو يفكر في شيء ما للعبث معها وجعلها تعترف أنها إلا الآن تخاف منه:
-دلوقتي نشوف
توجست منه ومن نظرته تلك وعلمت أنه ينوي فعل شيء ما ولكن صمتت وتمادت في صمتها حتى لا تجعله يسخر منها مرة أخرى، أخذ منها اللجام ليمسكه هو ثم جذبه بشدة ليجعل الجواد يركض بسرعة شديدة، صرخت “مروة” عاليًا وتحدثت بخوف وهي تتمسك في قدميه الاثنين بيدها فلا يوجد ما تتمسك به غيره حيث أنها أمامه:
-يزيد والنبي لأ هيوقعنا براحة
ضحك عليها مرة أخرى وأسرع من جديد ليركض الجواد بأقصى سرعة ممكنة، ثم تحدث قائلًا بصوت عالي متهكم:
-كشيتي ليه مش قولتي مش بخاف
يرفعها ويخفضها وتشعر أنها ستقع من عليه في أي لحظة أجابته بحدة وهي تدعي في نفسها إلا تقع من عليه:
-أيوه مش بخاف منه دلوقتي بس خايفه من السرعة دي بطل بقى
لم يستمع إليها بل أكمل فيما يفعله وهو يضحك بشدة وقد شعرت هي أنها ستقع من عليه، استدارت إليه بجسدها فقط وضعت يدها الاثنين حول خصره وعانقته بشدة متمسكة به والخوف والهلع يسيطران عليها من هذه السرعة الغير ممكنة، بينما هو شعر بجسدها يختبئ داخل جسده خائفة من سرعة “ليل”، جعله يعود مرة أخرى إلى مكانه ولكن قد أخفض من سرعته وظلت هي على وضعها تدس جسدها داخل أحضانه..
عندما شعرت بتوقف “ليل” أخرجت نفسها ثم نظرت إليه مبتسمة بحبٍ وتحدثت قائلة:
-قولت إني مش خايفة علشان أنتَ معايا ومش هخاف طول ما أنتَ معايا بس أنتَ عارف إني مش بحب السرعة ودي أول مرة يجري كده وأنا عليه
ابتسم لها وقد مس قلبه حديثها الذي قالت به أنها تشعر بالأمان جواره، أقترب منها وقبلها برقة قبلة سريعة وعاد إلى الخلف برأسه مرة أخرى واعتدلت هي أيضًا ناظرة إلى الأمام، تنهدت ثم تحدثت بهدوء قائلة:
-عايزه أسألك عن حاجه بس تجاوبني من غير عصبية
خمن ما الذي تود أن تتحدث به وتركها لتقول ما تريد:
-ماشي
أخذت نفس عميق وتحدثت وهي كما هي لم تحرك ساكنًا قائلة بجدية متسائلة باستغراب:
-قولتلي هنمشي ومحصلش وشكلك مش ناوي صح؟
تنهد هو الآخر وزفر بضيق شديد فهو يود الذهاب من هنا أكثر منها ولكن ما الذي يستطيع أن يفعله فأن استطاع وفعل شيء ستذهب هي من بين يديه، تحدث قائلًا بجدية:
-هتلاقيني في يوم بقولك يلا بينا نمشي امتى مش عارف بس أكيد هيجي.. ممكن بقى متفكريش في الموضوع ده وعيشي كأن ده بيتك
اومأت إليه برأسها بهدوء ثم قالت بصوت خافت:
-يلا نطلع بقى أنا عايزه أنام
-يلا
ترجل من على الحصان ثم أخذها من عليه لتقف على الأرضية أمامه فتحدث قائلًا:
-اطلعي وأنا جاي وراكي
اومأت إليه ثم ذهبت وتركته وهو أخذ حصانه ليضعه في مكانه بـ الإسطبل..
صعدت “مروة” إلى غرفتها ثم بدلت ملابسها إلى أخرى مريحة للنوم مكونه من بنطال بيتي قصير يصل إلى الركبة وبلوزة بنصف كم فوقه، جلست على الفراش ترتشف من كوب المياة الذي بين يدها..
دلف “يزيد” إلى الغرفة مبتسمًا بسعادة غامرة تحتاجه لما يحدث بينهم في هذه الأيام، فتح الدولاب ثم أخذ منه ملابس تناسبه للنوم أيضًا ودلف إلى المرحاض ليبدلهم ثم خرج سريعًا مرتديًا بنطال بيتي وتيشرت نصف كم لونه أسود يبرز عضلات جسده..
صعد “يزيد” على الفراش يستلقي مكانه بينما هي الأخرى تنام في مكانها ككل يوم توليه ظهرها، اقترب منها محتضنًا إياها من الخلف ووضع وجهه بالقرب من خصلاتها يستنشق رائحتها..
تحدث سائلًا إياها بتريث وهدوء وصوت أجش يبعث القشعريرة داخل أنحاء جسدها:
-هو أنا قولتلك النهاردة أني بحبك؟
أجابته بنبرة خافته من أثر اقترابه منها الذي يجعلها مشتتة للغاية:
-آه قولتلي
-طب بحبك
تنفست بعمق وضربات قلبها تتسارع بشدة، استدارت إليه وأصبحت مقابلة إلى وجهه ثم تحدثت دون أن ترتب كلماتها، فقط وجدت نفسها تريد البوح هي الأخرى كما فعل:
-وأنا كمان بحبك
نظر إليها بدهشة وظهرت الفرحة الشديدة عليه ولكنه منع نفسه من ذلك خائفًا، اعتدل يستند بذراعه على الفراش ثم تحدث قائلًا بجدية:
-مروة أنتِ مش مضطرة ترديلي الكلمة وأنتِ مش حاسه بيها، حبيبتي أنا هستناكي لو العمر كله
ابتسمت بخجل ثم جذبته إليها ليستلقي على الفراش ناظرًا إليها مرة أخرى ولكن باستغراب، تحدثت هي بخفوت وأصبحت وجنتيها حمراء بشدة من الخجل:
-مين قالك إني مضطرة أو بردلك الكلمة وخلاص؟!.. يزيد أنا.. أنا بحبك زي ما بتحبني بقولهالك من كل قلبي أنا بحبك
ابتسم باتساع وقد كان قلبه يقفز من الفرحة لاستماعه تلك الكلمات البسيطة منها، اومأ إليها بعينيه وكأنه يود التأكيد على كلماتها فأومات إليه هي الأخرى مبتسمة بخجل هامسة إليه بحب:
-والله بحبك
في لمح البصر كان “يزيد” يقبلها بشوق وحنين كبير، باشتياق جارف يكاد أن يقتله معه، وبدورها لم تمنعه بل وضعت يدها خلف رأسه تقربه منها وتبادله قبلته الدامية، انخفض إلى عنقها المرمري يقبلها بحب وشوق كبير للغاية، حاول أن يزيح عنها بلوزتها ونظر إليها بتردد وكأنه ينتظر منها اعتراض على ما يفعله كما المرات السابقة ولكنه لم يجد منها غير الخجل المميت دليل على موافقتها له، فأكمل ما بدأه بحبٍ وليفعل ما يحلو له جاعلًا إياها زوجته قولًا وفعلًا…
___________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن اليزيد)