رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الثاني 2 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء الثاني
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت الثاني
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة الثانية
أسدلت الشمس ستائرها البُرتقالية على المكان، لم يكُن صباحاً عادياً بالنسبة لها، أستيقظت “مُنى” من نومها بتثاقل شديد وجسد مُرهق للغاية، فتحت عينيها بهدوء، وهي توزع نظراتها على شكل الغُرفة، تذكرت تلك الليلة التي قضتها بين أحضانه، وضعت أصابع يدها على شفتيها تتحسس آثار شعورها التي مازالت عالقة بها، أغمضت عيناها وهي تتنهد بعُمق، عادت تفتحهما لتبحث بلهفة عن قميص، وجدت قميصه القطني ذات اللون الكحلي، فـ أخذته وأرتدته بسُرعة البرق، أنتفضت في جلستها حينما وجدته يخرج من المرحاض، وشهقت بخفوت حينما وجدته عاري الصدر، نظر لها بأعين مُتفحصة حتى قرأ بهما الخجل الشديد، بينما أشاحت “مُنى” بوجهها للجهه الأُخرى وقد أشتعلت وجنتيها بحُمرة خجل، أقترب منها ثم جلس على الفراش أمامها، نظرت لهُ بخجل، فـ هتف بإبتسامة عابثة وهو يغمز لها بنصف عين مُداعباً إياها :
_إيه يا جميل، مكسوفة مني ولا إيه؟؟..
لم ترُدَّ عليهِ بل أخفضت عينيها فـ تابع بهمسٍ رقيق :
_مُنمُن..
تلك المرة أجابته بعد أن أخفضت رأسها وهي ترُد :
_نعم؟؟..
أقترب منها قليلاً ليقول بـ أرق إبتسامة :
_تعرفي أن قميصي حلو أوي عليكي؟!!..
رفعت رأسها لتقول بإبتسامة واسعة وهي تنظر للقميص :
_بجد؟؟.. خلاص هاخُد شوية قُمصان من عندك.
نظر لها بإستنكار قائلاً :
_إزاي يعني؟؟..
نظرت له بعبوس قائلة :
_خلاص مش عايزة.
نظر لها بإبتسامة حائرة :
_لو هيريحك إنك تلبسي شوية من قمصاني يبقـ….
قاطعته بإبتسامتها المعهودة :
_ياسيدي أنا كنت بهزر.
قهقه بقوة وبضحك ليقول بعدها وهو يقترب منها :
_طب مُمكن طلب؟
نظرت لهُ في شئ من الإهتمام :
_طلب إيه؟؟..
هتف وهو يعلق بصره على شفتيها :
_عاوز شوية عسل منك.
لم يمهلها لحظة واحدة للتفكير أو الإستيعاب، بل قاطعها بـ قُبلته المحمومة التي أطبق عليها بها، لمس بأصابعه أطراف أذنها ونحرها بنعومة وهو يبث لها شوقه، أستسلمت لـ قُبلاته العاشقة وخللت بأصابع يدها بداخل فروة شعره الكثيفة، لـ ينغمسا معاً بداخل بحور العشق.
************
_إيــــــــــــــــــه ده يا عزّ!!!..
قالتها “ياسمين” بذهول وهي تعبث بهاتفها، توسعت عيناها أكثر وهي تشاهد الصور التي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي أهمها [الفيسبوك..و.. Instagram]، ســـار “عزّ الدين” نحوها بقلق وهو يعقد رابطه عنقه، ووقف قبالتها ثم تساءل بتعجب طفيف :
_إيه؟؟.. في إيه؟؟.. مش فاهم!!..
مدت يدها المُمسكة بهاتفها فـ ألتقطه ببساطة ثم بدأ يرى الصور بدقة وبعدها بدأ يقرأ الكلمات المكتوبة فوق الصور، رفع حاجبيهِ للأعلى وهو يتمتم :
_إيه ده صحيح؟؟..
هتفت بدهشة :
_دول ناشرين صورنا أنا وإنت لما كُنا في الفرح إمبارح، وكاتبين فينا شعر وكلمات توضح مدى رومانسية إللي كُنا فيها.
قال بسُخرية وهو يناولها الهاتف :
_ومش بس كده، دول مصورني على غفلة وأنا عمال أتأمل فيكي.
مطت شفتيها للجانب وهي تقول بتبرم :
_وياريتها جت على أد كده، إنت مشوفتش كمية الـ Comments [تعليقات] البنات الموجودة على الـ Posts [منشورات]، دول كاتبين فيك شعر وكلام يجنن، وواحدة كاتبة الشرع حلل أربعة.
رمقتــــه بغيظ وهي تُضيف :
_وأظن إنت فاهم.
قهقه بضحكة عالية على كلماتها الحانقة من الموقف، فقد قرأ الغيرة في عينيها، جلس أمامها على الفراش ثم أمسك كفي يدها قائلاً بصوتٍ عميق وهو ينظر نحو عينيها مُباشرةً :
_ياسمين، أولاً.. مفيش حد يملي عيني غيرك إنتي وبس، حُطي تحت الجُملة دي مليون خط، ثانياً.. خلي واحدة تقول الكلام ده فـ وشي، هوريها وشي التاني على طول.
شهقت بخوف وهي تقول :
_لأ يا حرام دي هتترعب.
أجابها بضحك :
_هي إللي جابته لنفسها يا ياسمينا.
ضحكت بخفوت لـ يُتابع بإبتسامة جانبية :
_وخلي الناس تنشر الصور براحتها عشان مصر كُلها تعرف إني بعشقك.
إبتسمت بـ حُب وعيناها تلتمعان تأثراً من كلماته، أمسكت برأسه براحتي يدها لتضمها بداخل أحضانها، ومسحت على شعره بلُطف، بينما هو مُحيطاً خصرها بـ ذراعيهِ ودافناً رأسه في صدرها كالطفل الذي في حُضن أمه، ظلت تمسح على شعره بحنوٍ مُثير، فـ زاد شعوره بالإسترخاء، لم يذق أي نوع من الحنان، مُنذ الصغر ولكن الآن يعيش ويختبر الشعور، إنه شعور خاص وجديد عليهِ، أغمض جفنيه براحة بينما هي تلمس بأصابعها فروة شعره الكثيف، بعد فترة أبعد رأسه عن أحضانها، فـ أقتربت برأسها نحو جبينه لتطبع قُبلة رقيقة، قبل أن تهتف بهمس :
_يالا يا حبيبي عشان تلحق شُغلك.
إبتسم لها بدفئ وهو يربت على كفها قائلاً بهمسٍ :
_لو أحتجتي حاجة كلميني، وأنا هبقى أكلمك كُل شوية.
أجابته بعينيها بإبتسامة صغيرة عذبة، نهض من مكانه متوجهاً نحو الخارج، تنهدت بعُمق وهي تنظر ناحيته، بعد خروجه قالت بدعاء :
_ربنا يقدرني وأعوضك يا عزّ زي ما إنت بتعوضني.
************
ترجلت من سيارة الأجرة بعد أن أعطته عدة أوراق نقدية، تحركت نحو داخل مقر الشركة بخُطوات هادئة وهي تتأكد من تعديل حجابها، حياها بعض الموظفين والموظفات فـ بادلتهم التحية بتهذيب، دخلت مكتبها ثم جلست على مقعدها لـ تبدأ بـ عملها.
بعد نصف ساعة، أستدعاها ربَّ عملها “عزّ الدين السيوفي” فـ هبت واقفة من مكانها وولجت للخارج بخُطوات سريعة، قرعت على باب مكتبه، فـ أستمعت إلى صوته الحـاد وهو يأذن بالدخول، خطت للداخل بخطى هادئة، ثم وقفت أمام مكتبه وهي تُحيه في شئ من التوتر :
_صباح الخير يا مستر عزّ.
رفع رأسه نحوها ثم ترك القلم الذي كان يمسكه قائلاً بهدوءٍ حـاد :
_صباح النور، أظن إنتي عارفة أن مستر إيهاب خد أجازة عشان شهر العسل.
هزت رأسها ووميض البهجة في عينيها قائلة :
_أيوة يا فندم، يارب يبقى شهر عسل سعيد عليهم.
حرك رأسه بخفة مُرددًا :
_إن شاء الله.
عاد إلى هدوئه الحاد وهو يُردف بـ :
_بما إنه هيسافر، عاوزك تهتمي بالشُغل الفترة دي، لحد ما مستر إيهاب يرجع بالسلامة.
أجابته بإبتسامة هادئة :
_حاضر يا مستر عزّ.
أشار بيده وهو ينظر على جهاز حاسوبه :
_طيب تمام أتفضلي يالا على شُغلك.
لم تتحرك من مكانها بل ظلت واقفة وهي تعض على شفتيها بتوتر بالغ مترددة في إخباره، شعر “عزّ الدين” بعدم ذهابها كما أمرها، فـ عاد يرفع بصره الحاد نحوها وهو ينطق بخشونة :
_في إيه يا أستاذة روان؟؟..
بلعت ريقها بصعوبة قبل أن تقول بنبرة شبه جادة :
_كان في أوراق ومُستندات محتاجة إمضتك من إمبارح، بس حضرتك كنت في الفرح، فـ مجتش الشركة، تحب أجيب الأوراق والمُستندات دي إمتى؟؟..
أشار بإصبعيه وهو يتمتم :
_هاتيهم دلوقتي، بس قبل ما تجبيهم خلي محمد يعملي القهوة بتاعتي.
إبتسمت إبتسامة صافية مرددة :
_تمام يا مستر عزّ، عن إذنك.
_أتفضلي.
تحركت نحو الخارج وهي تزفر أنفاسها الحارة، وأوصدت الباب خلفها، رمقها “عزّ الدين” بترقب حتى خرجت من مكتبه ليعود بقراءة الرسائل الواردة له على جهاز حاسوبه الشخصي.
*************
“روان محمود” شابة في مُنتصف العقد الثالث من عُمرها، طيبة القلب، وتتمتع بصفات ليست موجودة الآن، توفى والدها مُنذ عشر أعوام، أما والدتها فـ توفت مُنذ ثلاث سنوات، تتميز بالبشرة البيضاء والعيون باللون البُني القاتم، أما عن شعرها الأسود تخفيه أسفل حجابها، تعمل سكرتيرة في شركة “عزّ الدين السيوفي” مُنذ عدة سنوات.
*************
في ڤيلا “رأفت الحديدي”، وقف بشموخ أمام مكتبه يفكر ويخطط، يشعر بأن النار التي بداخله تشتعل أكثر كُل يوم.. في كُل ساعة.. في كُل لحظة.. حينما يتذكر فشل خطته، أغمض عينيه بقوة وهو يشعر بالغضب الشديد أتجاه نفسه، دخل إبنه الوحيد حجرة المكتب ليجد والده يعتصر جفنيه بعُنف، زفر بإختناق ثم سار نحوه وهو يتمتم بضيق :
_في إيه يا بابا، ما كفاية بقى، كفاية أنك تشغل دماغك بالجدع ده!!..
فتح جفنيهِ ليتطلع عليه بغضب قائلاً :
_أفندم ؟؟.. إزاي؟؟.. إنت فاهم إنت بتقول إيه يا طائف ؟؟!!..
تنهد “طائف” بضيق وهو يُردف بصرامة :
_شوف يا بابا، المرة إللي فاتت وافقتك على الخطة وأنا قلبي مقبوض، ولما فشلت الخطة على رغم إني أضايقت إلا إني فرحت لأن دي كارثة، والدنيا هتقلب علينا لو عرفوا.
صمت للحظة قبل أن يكمل بـ :
_الموضوع ده في خطورة كبيرة على حياتنا، وبعدين ده ربنا بيحبنا عشان حمانا من الموضوع ده.
هدر فيه بصوت جهوري :
_في إيــــــــــــــــــه يا طائف؟؟.. أتغيرت كده ليه؟؟.. وبعدين إنت معايا ولا معاه؟؟..
أظلمت عيناه بقسوة وهو يقول :
_أنا مش معاه إنت عارف ده كويس، ثانياً إحنا مش عاوزين مشاكل، كفاية إللي إحنا فيه!!..
صرخ بعصبية قائلاً :
_ماهوو كل ده بسببه، المشاكل دي كلها بسببه هو، بسبب الـ…….!!..
كز على أسنانه بقوة محاولاً أن يتمالك أعصابه الثائرة ليقول بعدها بصوت حاد كالسيف :
_آخره الموضوع ده وحش، كفاية وخلينا في حالنا بقى!!..
رمق نجله بنظرات نارية وهو يهتف بغضب جامح :
_طـــائف، أنا علمتك وربيتك على قسوة القلب، وعلى القوة، وعلى أننا لازم ناخُد حقنا من أي شخص غلط فينا حتى لو كان رئيس الجمهورية ذات نفسهُ.
أشتعلت عينيه كجمرتين من النار من شدة الغضب، لم ينبث ببنت شفة، وقبل أن يتحدث الأخير بغضبه كان يصدح صوت رنين هاتفه المحمول معلناً إتصال، ألتقطه من على سطح المكتب، ثم نظر نحو إبنه الوحيد ليغمغم بإقتضاب :
_ده منصور، هرُد عليه وهخرج بعديها، بس أبقى تعالى على مكتبي عشان هقولك على الخطة الجديدة.
نظر له بإستنكار واضح، ورمقه بنظرةً أخيرة ذات مغزى ثم ولج خارج الحجرة، وهو يضع كفي يديه بداخل جيب بنطاله الأسود، بينما الأخير ضغط على زر الرد ليُجيب على المُتصل، وعقله لم يتوقف عن التفكير في خطته الشيطانية.
************
“طائف رأفت الحديدي” شاب في أوائل العقد الرابع من عُمره، يتميز بالعيون السوداء كالظلام الدامس، والشعر الأسود، وبالبشرة البيضاء، عُرف عنه القسوة بسبب وجهه المُتهجم وعيناه الحادة، ولكن بداخل قلبه بقعة بيضاء كبيرة، نصف قلبه مليئ بالظلام، هو الإبن الوحيد لـ “رأفت الحديدي”، يعمل مع والده في شركاته.
*************
تلألأت النجوم في السماء، بعد أن أسدل الليل ستائره السوداء، خرج “عزّ الدين” من المرحاض، وهو عاري الصدر ثم بدأ يجفف شعره وجهه، ترك المنشفة على الأريكة بإهمال ليجد معشوقتهُ تنظر له بإبتسامتها الدافئة، أرتسمت على محياه إبتسامة جذابة وهو يتحرك نحوها حتى جلس أمامها على الفراش، ثم أمسك بيدها الصغيرة ليُقبله بنعومة، عاد ينظر لها بإبتسامته وهو يلمس بشرها البيضاء بيده الأخرى برقة، هتف بخفوت :
_عامله إيه النهاردة؟؟..
هزت رأسها قائلة :
_الحمدلله.
سألها من جديد:
_عملتي إيه من غيري؟؟..
ردت بملل :
_كان يوم مُمل أوي يا عزّ.
طأطأ رأسه ليقول في شئ من الضيق :
_معلش يا ياسمين، بس الشُغل واخد من وقتي جامد، وخصوصاً الفترة دي، بعد ما إيهاب سافر.
سألته بإهتمام :
_هما هيسافروا إمتى؟؟..
رد بجدية :
_بكرا إن شاء الله.
نهضت “ياسمين” من مكانها وهي تقول:
_طب كويس أوي، بقولك إيه.. أنا نازلة دلوقتي أقولهم يحضروا الأكل عشان أنا جعانة.
أجاب بهدوء:
_وأنا كمان جعان جداً، أنا هاروح ألبس التيشرت وهحصلك على طول.
_طيب يا حبيبي.
قالتها وهي تومئ برأسها، ودلفت خارج الغُرفة، بينما تحرك “عزّ الدين” نحو خزانته ليسحب قميص قطني باللون الأبيض ثم أرتداه بهدوء، تحركت “ياسمين” نحو المطبخ ولكن قبل أن تدخل، كان تصلب جسدها حينما أستمعت إلى تلك الكلمات من كبيرة الخدم، شهقت بألم ثم أغمضت عينيها بحُزن وهي تستمع إلى تلك الحقيقة، عادت تفتحهما لتدخل عليهم على حين غرة بخُطوات ثابتة، نظرت لـ “سُعاد” بجدية وهي تنطق بـ :
_سُعاد، تعالي هنـا!!..
************
دخل “طائف” مكتب والده بعد أن تعدت الساعة العاشرة مساءً، وقف أمام مكتب والده الذي كان يجلس بإسترخاء وعلى وجهه إبتسامة متلذذة وهو يفكر إذا نجحت خطته، رمقه “رأفت” بتعجب ثم رفع حاجبيهِ للأعلى قائلاً بدهشة :
_أقعد يا طائف، إنت واقف ليه؟؟..
جلس بهدوء وهو ينفخ بضيق، هتف الأخير بإبتسامة مليئة بالظلام :
_عندي خطة هتكسر عز الدين، وتعرفه مين إحنا.
سأله بإهتمام :
_إيه الخطة؟؟..
هتف بحماسٍ :
_وصلتلي معلومات أن هو دخل في صفقة كبيرة مع شركة فرنسية كبيرة أوي، الصفقة دي داخل فيها بفلوس ومبالغ ضخمة، لأنها صفقة مضمونة، المطلوب دلوقتي إننا نخسره الصفقة دي
تسائل بجدية :
_وده هيحصل إزاي؟؟..
أجاب في شئ من الضيق:
_إحنا لازم نسرق الورق.
عقد حاجبيهِ بجمود قائلاً :
_طب وده هيتعمل إزاي؟؟..
أجاب وهو يشير بإصبعيه :
_السكرتيرة بتاعته، أسمها روان محمود، عايشة لوحدها، هنطلب منها أنها تسرق الورق ده.
هتف بتهكم :
_يا سلام!!.. طب إحنا إيه إللي يضمنا أنها هتوافق، وبعدين هنقابلها إزاي ونطلب منها الطلب ده؟؟..
هب واقفاً من مكانه ليُجيب بإبتسامته الشيطانية وعيون مليئة بالظلام وعدم الرحمة :
_هنخطفها!!!…
**************
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))