رواية بانتظار العشق الفصل العشرون 20 بقلم زينب محروس
رواية بانتظار العشق البارت العشرون
رواية بانتظار العشق الجزء العشرون
رواية بانتظار العشق الحلقة العشرون
نظرت إليه فاطمة بتوتر، فهي لم تخبر أسرتها بما يخص حملها المزيف، حاولت أن تخفى توترها الذي شعر به يزن و قالت:
– مفيش حاجة يا يزن، بس أنا مش عايزة اشوف حسام و لا أقابله.
هم يزن أن يتحدث و لكن قاطعه حسام الذي طرق بخفة على الزجاج المجاور لمقعد فاطمة، ثم أردف حازمًا:
– انزلي يا فاطمة.
التفتت إليه سريعًا فور ما سمعت صوته، ابتلعت غصة مريرة فى حلقها ثم نقلت نظرها بين الزجاج و بين يزن بتوتر و خوف؛ فهي تخشي المواجهة كثيرًا، و تخاف أن لا يصدقها حسام، فأردفت بصوت مهزوز: لاء مش نازلة.
توجه حسام حيث جهة القيادة و قال جادًا:
– انزل أنت يا يزن.
أصغى إليه يزن و ترجل من السيارة، و حل محله حسام الذي أعاد تشغيل السيارة و تحرك قاصدًا وجهته دون أن ينطق بحرفٍ واحد، و كذلك لم تفعل فاطمة التي أيقنت من تلك النظرة التى رأتها فى عينيه، أنه لن يتركها دون أن يفعل ما جاء لأجله و هذا ما تجهله هي.
بعد قليل توقفت السيارة أمام المبني الذي يضم شقتهما، خرج حسام من السيارة و توجه إليها فاتحًا الباب لأجلها و قال هادئًا:
– انزلي يا فاطمة.
لم تكلف نفسها عناء النظر إليه، و بقيت عينيها تحدق بالطريق أمامها عندما تلفظت بعناد:
– لاء، مش هنزل.
زفر حسام بضيق من كثرة عنادها، ثم أردف: انزلي يا فاطمة عشان نتكلم.
هذه المرة نظرت إليه بعينيها الدامعة و قالت:
– لو عايز تتكلم، فاتكلم هنا، أنا مش هنزل.
تنهد حسام بقلة حيلة و قال و هو ينحني عليها بشكل مفاجئ، حاملًا إياها:
– انتي اللى طلبتي!
انهي جملته و هو يخرج بها من السيارة، حاملًا فاطمة على كتفه كذلك الذي يحمل زكيبةً من القمح، رددت بصوتٍ منخفض:
– ممكن تنزلني! مينفعش كدا!
ضيقت فاطمة ما بين حاجبيها و قالت بغيظ:
– هو أنا شوال بطاطس، عشان تشيلني بالشكل ده!!
ضحك حسام و قال مشاكسًا: يا ريتك كنتي شوال بطاطس، ع الأقل الشِوال مش بيعاند و كان هيتحط مكان ما احطه!
ضربت على ظهره بقبضتها الصغيرة و قالت بضيقٍ مكتوم:
– طب نزلني، أحسن و الله هلم عليك الناس.
تلوت شفتيه بتحدٍ و قال ساخرًا:
– ما هو واضح إنك عايزة تلمي علينا الناس، عشان كدا بتتكلمي بصوت واطي لدرجة اني سامعك بالعافية!
زفرت بتذمر و لم تعقب، فهي حقًا لا ترغب فى لفت الأنظار إليهما، أو أن تجعل أحد من السكان يعلم ما يدور بينها و بين زوجها «حسام».
وصل بها شقتهما، فتح الباب ببطء و مازال يحملها، و ما إن دلف و أغلق الباب خلفه بقدمه حتى انزلها سريعًا و هو يقول مداعبًا:
– ضهري اتكسر.
رمقته بطرف عينيها و تشدقت بغيظ:
– أحسن تستاهل، كان حد قالك شيلني!! ناس غريبة!!
ارتخت قسمات و جهه و تشدق مردفًا بجدية:
– خلينا بقى نتكلم بجد.
توترت مرة آخري، فنظرت إليه بترقب و هي تضغط بأظافر يدها اليمنى على اليد اليسري، قالت بخفوت:
– نتكلم فى ايه؟
سألها حسام بهدوء و هو يتفحص قسمات وجهها:
– مفيش حاجة عايزة تقوليها؟؟
حدقت به فى صمت دون أن تتلفظ بكلمة واحدة، فكانت لا تدري كيف تخبره؟ و هل يجدر بها ذلك من الأساس؟
تفاجئت به يُقترب إليها، محاوطًا إياها بين ذراعيه فى عناق دافئ، ارخت هي ذراعيها بجانبها، عندما استنشق هو رائحتها فى نفسٍ عميق، حتى امتلأت رئتيه، ثم شدد من احتضانها و كأنه يريد أن يدخلها بين أضلعه، ليخفيها عن أنظار الجميع و مكائدهم، ليس عن سعد فقط، و إنما عن كل الأعين التي تحاول أن تجرحها و لو كان ذلك حتى بمجرد كلمة.
تساقطت من عينها بضع قطرات من دمعها الساخن، التي اخترقت قميصه لتُلامس بشرته التي نبهته ببكائها، فأخرجها من بين ذراعيه، و لكن المسافة بينهما ما زالت لا تُذكر.
رفع يده مزيلًا تلك الدموع عن وجنتيها و هو يطالعها بحنان، ثم أردف مطمئنًا:
– مفيش داعي للدموع دي يا فاطمة، أنا عرفت كل حاجة…. أنا آسف اني كنت السبب فى دموعك و اني قسيت عليكي….. أنا آسف عشان بسببي سمعتي كلمات مش لطيفة من بعض الأشخاص…… أنا آسف.
طالعته باستغراب، فكيف يعتذر هو! و هي من أخطأت و أكدت أنها حامل؟!
أدرك حسام من نظراتها، ما الذي تفكر به؟ ف أكمل موضحًا:
– أنا عارف إنك مش حامل، و إنك كنتي مُجبرة تعملي كدا بسبب سعد؛ عشان هددك، و أنا و الله كنت واثق فيكي…. بس لما أكدتي التقرير مكنش قدامي حل تاني غير اني أقسى عليكي و اطردك من البيت، بس كنت مضطر اعمل كدا عشان أنا من أول ما استلمت التقرير و أنا شكيت إن سعد ورا الموضوع، ف لما دخلت و جبت هدومك ساعتها أنا طلبت اوبر عشان أول ما تنزلي تلاقي مواصلة للبيت…. و رفضت إنك تغيري الأسدال عشان كنت متأكد…. إن لو سعد اللى عمل كدا فأكيد فى حد من رجالته مراقبنا… فكان لازم اساير الموقف عشان اعرف ايه اللى بيحصل.
تنهدت فاطمة بارتياح من ذلك الثقل الذي كان كالجبل على قلبها، فقالت هامسة بحزن:
– مكنش قدامي حل تاني بسبب تهديده.
ثبت حسام نظره على عينيها، و حاوط وجهه بين كفيه، و مرر إصبعيه على وجنتيها مرددًا بحنو:
– انا جنبك يا فاطمة.. و مش هسمح أبدًا إن يحصلك حاجة.. أو إن حد يجرحك، متخافيش و انتي معايا، دا انتي أغلى و أهم من روحي يا فاطمة.
أردفت فاطمة بصوت يخنقه البكاء:
– أنا كنت خايفة مش تثق فيا، زي ما انا عملت قبل كدا!
رد عليها بابتسامته الحانية:
– انا قولتلك قبل كدا إني بحبك يا فاطمة، و أول عمود فى الحب…هو الثقة، و أنا بثق فيكي اكتر من نفسي، يعني أنا لو شوفتك بتعملي حاجة غلط، انا هكذب نفسي و هصدك.
ران عليهما صمت لطيف، كفت فيه الألسن عن النطق، و لكن الأعين قد استلمت زمام الأمور و بدأت وصلة من الرسائل الصامتة التي لا يفهمها أحد سواهما، بضع لحظات مرت عليهما فى ذلك الوضع إلى أن قطعت فاطمة ذلك الصمت، و محت تلك السنتيمترات القليلة التي تفصل بينهما، عندما تعلقت برقبته معانقةً إياه و هو تقول بندم:
– أنا آسفة اني خبيت عنك، و آسفة… اني مكنتش واثقة فيك من الأول، بالرغم من اني ب…….
كانت على وشك الإعتراف بمشاعرها تجاهه و لكن قاطعها رنين جرس الباب، ابتعد عنها حسام على مضض فقد أدرك أنها ستجهر بحبها، لكن منعها ذلك المعتوه الذي لم يحلو له المجيء سوي الآن.
تحرك إلى الباب و فتحه بغيظ، و ما إن رأي أمجد حتي زجره بغيظ:
– كنت حاسس إن أنت المزعج.
ضيق أمجد حدقتيه و قال بلهجة شك:
– هو أنت كنت بتعمل ايه و قافل فونك؟!
ابتسم حسام بخفة عندما فهم ما يرمي إليه، و قال ساخرًا:
– مش اللى فى دماغك يا رخم، و بعدين أنت بترن ليه؟
ضحك أمجد بعدم اقتناع، و أردف:
– مع إن الاستجواب اللى من ع الباب ده مش داخل دماغي، بس هعديها، عمومًا خالتي هي اللى كانت بترن عليك و أنت لما مردتش عليها رنت عليا عشان تسأل عليك….. متعرفش إني شريك معاك فى كل حاجة إلا اللى بيحصل فى الشقة دي.
قال أمجد جملته الأخيرة مشاكسًا، و ختمها غامزًا بعينيه، فاغتاظ منه حسام، فدفعه بخفة بعيدًا عن الباب و قال:
– طب امشي بقى يا حدق بدل ما هاخد عليك دورة تدريب فى الملاكمة، و تبقى دي فعلاً أول مصيبة اعملها من غيرك!
انهى حسام حديثه و أغلق الباب سريعًا فى وجه أمجد الذي يضحك عليه بشدة، فى ذلك الوقت كانت فاطمة تخرج من دورة المياه و هي تجفف وجهها بالقطيلة، فاستنتج حسام أنها كانت تغسل وجهها كي لا يعلم القادم أنها كانت تبكي.
بادرت فاطمة و سألته بجدية:
– أمجد مشي علطول و لا ايه؟
ابتسم حسام و أجابها:
– ايوه، كان جاي يطمن عليا عشان فوني مقفول.
ابتسمت فاطمة و أماءت بتفهم، فأكمل حسام:
– ألا صح كنتي هتقولي ايه قبل ما الجرس يرن؟؟
– كنت بعتذر عشان الثقة و كدا.
تشدق حسام محاولًا تذكيرها مردفًا:
– لاء انتي قولتي بالرغم من اني ب…….، و سكتي، كنتي هتقولي ايه بقى؟؟
ضيقت فاطمة ما بين حاجبيها، كعلامة على محاولتها التذكر، و لكنها خيبت ظنه و قالت:
– مش فاكرة كنت هقول ايه!
حدد اليأس قسمات وجه حسام الذي قال:
– ما تحاولي كدا، ممكن تفتكري و لا حاجة.
ضحكت فاطمة و قالت:
– بكره بقى عشان أنا عايزة أنام، يلا تصبح على خير.
أنهت حديثها و تحركت إلى الغرفة التي نامت فيها فى المرة الأولى، التي جاءت فيها مع حسام بعد عقد قرانهما، و لم ترح قلب حسام الذي أردف بتحدٍ:
– هتروحي فين يعني! الأيام ما بينا و هتقوليها يعني هتقوليها.
_________’__________’__________
فى تلك الأيام العشر الماضية، أصبحت العلاقة بين حسام و فاطمة على ما يرام، تزداد سعادتهم يومًا بعد يوم، أصبحا مقربين أكثر من السابق، و لكن فاطمة ما زالت تعاند و ترفض أن تخبر حسام بما تشعر به تجاهه، و كذلك سالي و هادي توطدت بينهما العلاقة كثيرًا و أصبحا كلًا من هما يحمل مشاعر تجاه الآخر، و مازال هادي هو الوحيد الذي يهتم ب سالي و يفهم ما تريده، و هي لا تري الأمان سوى فى وجوده معاها، كما أنها أحبت فيروز كثيرًا و التي تذهب إليها يوميًا لتجلس معاه، أما رضوى فكما هي تجلس مع والدها لتعتني به، الحمى تأبى أن تتركه.
و عن يزن و مريم، فقد بات يتهرب منها و لا يرغب فى رؤيتها منذ لقائهما الآخير و الذي قد اعترف فيه بمشاعره لها.
فى هذا اليوم، خرج يزن من مقر عمله ليجدها واقفة أمام سيارته و تعبث بهاتفها، ثبت موضعه قليلًا ليفكر هل يذهب إليها؟ أم يعود إلى مكتبه و ينتظر حتى تغادر؟
حسم أمره و تحرك صوبها، ف إلى متى سيظل هكذا يتهرب منها، و يحرّم على قلبه رؤيتها؟ وقف أمامها و قبل أن يتحدث أو حتى يلقى عليها التحية، شرعت هي و نظرت إليه، و بالرغم من أنها ليست هنا لرؤيته إلا أنها لم تتفاجئ بتواجده فهنا مكان عملها و هذا شيء طبيعي.
التقت اعينهما فى نظرة سريعة، هو يطالعها بلهفة و اشتياق و كأنه لم يراها منذ ألف عام، و هي تطالعه بعتاب و لوم على قلبها الذي تُرك معلقًا بسببه، فهو لم يؤكد حقيقة حبه لها و في الوقت ذاته لم ينفي ما تفوه به!
ابتسمت بخفة و قالت:
– ازيك يا يزن، عامل ايه؟
أجابها يزن بجمود:
– الحمدلله كويس، انتي عاملة ايه؟
– أنا الحمدلله بخير.
سألها يزن بترقب:
– انتي هنا ليه؟
أجابته بهدوء:
– مستنية أمجد، عشان هنروح مشوار.
كونها هنا لرؤية غيره، جعله يشعر بالغيرة عليها، كما أنه قد اعتقد أنها هنا من أجل أن تتحدث معه فيما قد تفوه به سابقًا، تشدق مردفًا بغيرة مكتومة:
– شكلك بتحبي أمجد اوي، مش كدا؟
أجابته بتهكم:
– هو المفروض أكرهه، دا ابن خالتي!
– بس؟
نظرت إليه باستغراب:
: بس ايه؟
أكمل يزن موضحًا مقصده:
– قصدي بتحبيه عشان ابن خالتك بس؟؟
ردت عليه مريم باندفاع:
– دا موضوع شخصي، مش من حقك تسأل عنه.
أنهت كلماتها و تحركت كي تبتعد عنه، و لكنها ما كادت تخطو خطوتين حتي أطلقت صرخة تدل رهبتها من تلك الرصاصة التي دوي صوت إطلاقها فى المكان، التفتت سريعًا إلى يزن، لتصرخ ب اسمه عندما وجدته قد أُصيب و أصبح مصدرًا تنبعث منه الدماء.
____________’_______’___________
على صعيدٍ آخر فى شقة هادي، كانوا جالسين ثلاثتهم، سالي و فيروز تلعبان بالاوراق الملونة، و هادي يعمل على حاسوبه، و بينما هو منهمكًا فى عمله قاطعه صوت هاتفه معلنًا عن اتصال من رضوي.
استقبل المكالمة و قبل أن يتحدث، وصله صوت رضوى المستغيث:
– أخي الحقني، نحنا واقعين بمصيبة.
رفع هادي الحاسوب عن قدميه، واضعًا إياه على الأريكة، و انتصب على قدميه و هو يقول بقلق:
– فى ايه يا رضوي؟ ايه اللى حصل؟
أجابته رضوى من بين شهقاتها:
– هجموا علينا ناس معهم سلاح يا اخي، و خدوه ل الباب معهم، بس قبل هيك ابى هربني و ما قدروا يشوفوني، اخي تعال خدني أنا ما بعرف أنا وين.
قال هادي سريعًا:
– اهدي يا رضوي، و ابعتيلي اللوكيشن و أنا جاي حالًا، متخافيش.
تحرك سريعًا و اخذ مفتاح سيارته و قال قبل أن يغادر:
– فيروز خليكي هنا مع سالي على ما اجي.
ما إن غادر هادي ذلك المبني الذي يقطن فيه، حتي تناهي إلى صوت الفتاتين صوت صريخ قادم من الشقة المجاورة، فنهدت فيروز سريعًا و هي تقول:
– دا صوت ماما.
ركضت خارجة من الشقة و من خلفها سالي، فتحت فيروز الباب بالمفتاح الخاص بها و ما إن دلفت حتى وجدت والدها الذي كان يرتدي بذلة رسمية و قد اعطاهما ظهره ، يضرب والدتها بلا رحمة، تحركت إليه و بجاورها سالي، لتخلص والدتها من بين يديه، و بينما هي تحاول أن تسحبه بعيدًا عن والدتها، ظهر وجهه ل سالي… التي رجعت خطوتين إلى الوراء و بدأت بعض الصور المبهمة تداهم عقلها.
أمسكت برأسها و هي تحاول أن تتذكر، و رويدًا رويدًا نتيجة لصرخات والدة فيروز، بدأت تتذكر صريخها هي الآخري فى ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه أعز و اغلى ما تملكه أي فتاة، بسبب أناس انتزعت الرحمة من قلوبهم.
بدأت وصلة صريخها هي الآخري، و هي تتراجع إلى الخلف و تنهمر دومعها بشدة، فكانت ترى احداث ذلك اليوم و كأنها تتجسد أمامها الآن، أغمضت عينيها و مازالت تبكي بالإضافة إلى أنها صرخت قائلة: وائل لاء، ارجوك لاء……..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بانتظار العشق)