روايات

رواية باسم الحب الفصل الرابع 4 بقلم هدير ممدوح

رواية باسم الحب الفصل الرابع 4 بقلم هدير ممدوح

رواية باسم الحب البارت الرابع

رواية باسم الحب الجزء الرابع

باسم الحب
باسم الحب

رواية باسم الحب الحلقة الرابعة

كانت تستمع لحديثهم بإصغاء، كمن يسجل إحدى المكالمات بصمت، تشعر بأنها تريد البكاء والصراخ، تريد هدم هذا البناء بأكمله؛ لربما تخمد تلك النيران المشتعلة بقلبها..
وقررت الخروج عن صمتها قائلة بخفوت:
_طلاق غيابي..
ووثبت قائمة فجأة وقالت والدموع تنهمر من مقلتيها:
_ليه بتعملوا كده، انا ذنبي إيه يعني..
مكنتش اعرف انه هيسيبني، كنت بكره الرجالة كلهم بسبب واحد حيوان، ويوم ما جه افتكرته هو سندي وأماني، بس طلع اقذر من الكل.
اقتربت نوال من ابنتها، فسبقتها صباح تضمها في عناق انبعث بصدق، وقالت وهي تربت على ظهرها بحنو:
_يقطعني يابنتي، ويقطع اللي يجيب سيرتك، اوعك تزعلي ياحبيبتي، ده أنا اروح دلوقتي اجيبلك مرات عمك الحرباية دي من شعرها.
أما أبرار فكانت في عالم آخر عنهن، وهي شاردة تفكر في قول شقيقتها، فماذا تقصد انها تكره جميع الرجال بسبب شخص، فما الذي حدث معها ياترى؟!..
ولقد استنتجت انها بعيدة كل البعد عن شقيقتها، رغم انهم كانوا يقطنون في منزل واحد سوياً.
هدئت ملاذ قليلاً، وجلست بجانب صباح التي اخذت تمسد على كتفها بحنو، وتابعت نوال قائلة :
_ انا هحكيلك حكايتنا ياست صباح..
اصغت صباح إليها في اهتمام
واستطردت نوال قائلة:
_جوزي الله يرحمه، و أخوه محفوظ حطوا ايديهم في أيد بعض وفتحوا شركة صغيرة للأدوات المنزلية واتسجلت بأسم محفوظ لأنه الكبير، وباعوا البيت القديم، واخدوا بيت في حتى راقية وكمان اتسجل بأسم محفوظ..
قاطعتها صباح متسائلة:
_وهو ياحبيبتي حد يأمن لحد فالزمن ده.
قالت نوال بجدية:
_أخوه وكان عطيه الأمان، بس لما مات جوزي، هو ومرتوا اتغيروا ميت درجة بقا على طول مشاكل، وبعد وفاته بشهرين طردونا أنا وبناتي .
تمتمت صباح بغيظ:
_يعني طلعتوا من المولد بلا حمص.
اردفت أبرار بغضب:
_بس حقنا مش هنسيبه وهنفضل وراهم برضه..
قاطعتها نوال تقول بضيق:
_يابنتي خلاص بقا حقنا عند ربنا يمهل ولا يهمل.
قالت صباح بحنق:
_ونعمة بالله ياحبيبتي،بس الحق حق ولو ما خدتيش حقك بأيدك،هترجعي تعيطي كل مرة..
ورمقت أبرار واسترسلت:
_جدعة يابت يا أبرار تعجبيني.
رفرفت أبرار بأهدابها في حيرة من أمر تلك المرأة وغمغمت بوجه ممتقع:
_شكراً..
ردت صباح في عجل، وهي تتسائل :
_العفو ياحبيبتي، بس قوليلي يا نوال هو جوزك اتوفى ازاي.
اجابت هذه المرة ملاذ قائلة:
_هو كمان مات بسببي.
اقتربت منها أبرار وضمتها، لتضع الأخرى رأسها على كتف شقيقتها، وتحدثت نوال بشفقة على حال أبنتها:
_يابنتي حرام عليكي نفسك، ده عمره ونصبيه، مقدر ومكتوب، بلاش نحمل نفسنا فوق طاقتها.
لم تتفوه ملاذ بأي حرف، بل تساقطت عبراتها بصمت، وأبرار تربت على ظهرها بحنو.
تطلعت نوال إلى صباح قائلة:
_كان في ناس جيرانا معاهم ولد، جات أمه قالتلي انه صاحب ابنها بيدور على عروسة، هو وعيلته قعدين فالكويت بس مصري ونازل يدور واقترحوا عليه ملاذ بنتي..
صمتت تلتقط أنفاسها الهاربة وعادت تقول:
_وافقنا نشوفه، كان باين عليه انه كويس، كان يسمع الأذان ياخد محمد جوزي و ينزلوا يصلوا، وافقنا عليه اتفقنا بعد شهر هيلبس الدهب واهله هينزله…
تسائلت صباح في ريب:
_ومحدش خد رأي البنت فيه.
ردت ملاذ بخفوت ومازالت رأسها تستوطن كتف شقيقتها:
_كل كلامه وحركاته ووقفته جمبي كان تمثيل، كان بس بيضحك عليا.
رمقتها صباح بشفقة قائلة:
_ربنا ينتقم يابني..
وبدلت نظرها لـ نوال تحثها على الاستكمال
فاستطردت نوال قائلة:
_فجأة جه وقال ان فلوسه خسرها كلها في مشروع، ومش هيقدر يجيب دهب، قلنا معلش كفاية دبل وبس، قال أمي مش هتوافق شكلنا قدام الناس، واحنا عشان نلم الموضوع، جوزي عطاه مبلغ 100ألف، على وعد منه انه هيرجع الفلوس دي.
صاحت صباح قائلة:
_وكسة، ده شكله نصاب و حرامي.
تابعت نوال حديثها:
_جاب دهب وعملنا شبكة وجم أهله، وفرحنا بعدها بأسبوعين قال انه لازم يسافر بس الأول عاوز يكتب وياخد البنت معاه، وافقنا أهو خير البر عاجله محمد دفع نص تكليف الفرح وشال معاه الليلة عشان خاطر بنتنا.
قاطعتها صباح قائلة:
_ياختي هو انتو مسألتوش عليه.
ردت نوال بتريث:
_عرفنا ان شغال محاسب، و مالوش أهل عايشين هنا، وانه قاعد فالكويت..
قالت صباح بحنق:
_كملي ياحبيبتي كملي.
استرسلت نوال تقص عليها ما حدث قائلة:
_وعشان مكنش ليه مكان هنا، وكنا عاوزين نطمن على البنت محمد خدله شقة إيجار قعدوا فيها أسبوع واحد، البنت صحيت من النوم لقته واخد الدهب حتى الحلق بتاعها وكل حاجة واختفى.
وزفرت بضيق ثم تابعت بتريث:
_وعرفت من جوزي أنه طلب مبلغ 50 ألف منه وهيرجعهم ليه بعدين، وجوزي عشان غلبان عطاه، بعد شهرين…
تناولت ملاذ اطراف الحديث قائلة:
_لقيته رد عليا، ولما قولتله انزل طلقني، قالي ما انا ما طلقك، وانا دلوقتي مش عاوزة غير اطلق شرعي وزي ما اتجوزت قدام الكل اطلق قدامهم.
ربتت أبرار على ظهرها، و أزالت بيدها دموعها.
واستطردت نوال تقول:
_بعد ما دورنا فالموضوع عرفنا انه طلق بنتي طلاق غيابي، و إنها حامل، مفيش عشرين يوم وابوها اتوفى من حسرته على كل اللي حصل.
هتفت صباح قائلة:
_وهي دلوقتي فالشهر الكام.
ردت نوال قائلة:
_قربت تدخل فالرابع..
و اذدردت لعابها تقول:
_ وعمها فضل يذلنا بقا ويقول اخدته حقكم بالفلوس اللي اتنصب عليكم فيها ولفت بينا الدنيا لحد ما جينا هنا.
رمقت صباح ملاذ قائلة بحدة:
_أوعك يابنتي تزعلي ولا اشوف دمعتك واحمدي ربنا على كده، ده إنسان ما يستاهلش ضفرك حتى، وانا اللي يجيب سيرتك هقطعله لسانه
لانت ملامح نوال، وبدا عليها الاسترخاء وحمدت الله بداخلها، وثواني وانتفضت قائمة وهي تقول:
_لينا ساعة هنا ونسينا الدكتورة يلا يا بنات خلينا نمشي، عشان منتأخرش على مصطفى.
تحدثت صباح قائلة:
_طيب مقولتيش كنتم جايين ليه.
ردت نوال قائلة:
_اه صحيح، كنت عاوزاكي تشوفيلي مكنة خياطة بسعر هين شوية اشتغل عليها.
ابتسمت صباح ببشاشة قائلة:
_من عينيا ياحبيبتي، وروحي مشوارك وانتي مطمنة من ناحية مصطفى انا هبقا أعدي عليه.
ردت نوال بود قائلة:
_تسلمي ياست الكل.
وغادرت المكان هي والفتيات.
༻༻صلي على محمد ༻༻
كانت تجلس فاطمة بمطعم بسيط بجانت كليتها وامامها تماماً سارة، التي تحدثت قائلة:
_بصي ياستي الموضوع هيحتاج شوية مصاريف وصبر، مفيش حاجة بتيجي بالساهل كده.
ردت فاطمة بعزم:
_وانا مستعدة لكل حاجة المهم اللي عايزاه يحصل.
اجابتها سارة قائلة:
_انا خلاص خدتلك موعد عند الشيخ ده، واعتبري انه كشف؛ ولأنه كشف بس مش عادي شوية سعره هيكون غالي حبة.
تساءلت فاطمة بتردد:
_يعني كام؟..
غمغمت سارة بتريث:
600 بس..
ران الصمت لثوانِ، وكانت فاطمة شاردة تفكر بالأمر، والأخرى تراقبها بعينان كالصقر.
وتمتمت فاطمة ببرود:
_موافقة هدفع.
ابتسمت الأخرى بنصر، وتابعت تقول:
_اه صحيح يابنتي، مفروض تعملي شوية حركات تلفتي نظره، إيه اللي انتي فيه ده.
ردت فاطمة بتهكم:
_اتشقلب قدامه يعني.
قهقهت الأخرى لثوانِ قائلة:
_لا يابنتي مش كده، قصدي طريقة لبسك تتغير بلاش الخمار والدريسات الواسعة دي عيشي سنك، حاولي تفتحي معاه مواضيع، انتي عارفة موجودة كام طالبة أكيد مش هيركز معاكِ، إلا لو فيه حاجه جذبته ليكي.
ايدت فاطمة حديثها، تقول:
_عندك حق أنا لازم اتغير.
༺༺༺༺༻༻༻༻
عادت الطبيبة تجلس على مكتبها بعدما اتمت فحص ملاذ، وجلست أمامها نوال، وساعدت أبرار شقيقتها، ولحقوا بهم…
قالت الطبيبة بعملية:
_صحة البيبي كويسة، بس شايفة ان صحة الأم مش تمام.
قالت نوال بقلق:
_خير يا دكتورة؟
اجابت الطبيبة بإبتسامة بشوشة:
_خير ياست الكل، محتاجين نهتم بملاذ شوية، ونظبط أكلها ونبعد عن اي توتر، وانا هكتبلها شوية فيتامينات هتساعدها،وأسبوعين ونشوفها كمان هيكون ظهر نوع الجنين…
وصمتت الطبيبة لثوانِ وهي تدون أسماء الأدوية،ومن ثم رفعت رأسها تتسائل:
_اللحظات دي بتكون فارقة في حياة كل أم و أب، وخصوصاً ان كان أول طفل ليهم، وبتكون من أجمل الذكريات، بعض الأباء بتكون عندها شغل، بس يفضل ان ينزل يتعرف على طفله ويسمع دقات قلبه.
هتفت ملاذ بحدة:
_والده متوفي، يعني الولد ده يتيم.
رمقتها الطبيبة بشفقةً قائلة:
_عذراً، البقاء لله، وربنا يعينك على تربيته..
ومن أجل صحة أبنتها صمتت نوال، ولم تصحح الخطأ للطبيبة.
وناولتهم الأخرى الروشتة، وغادروا.
أمام العيادة مباشرةً، ارتفع صوت رنين هاتف أبرار يعلن عن اتصالاً فاستقبلت المكالمة تحت أنظار والدتها، وقد خطر ببالها فكرةً ما، وانتظرت لثوانِ وهي تستمع لقول الجهة الأخرى، وصاحت فجأة هاتفة:
_ لا انتي فين بالظبط وانا هجيلك حالاً.
وصمتت مرة أخرى،ثم قالت :
_لا متقلقيش ماما مش هتتكلم ربع ساعة وهكون عندك.
وانهت أبرار المكالمة..
فقالت نوال بدهشة:
_مين يابنتي؟..
هتفت أبرار على عجل:
_دي وداد يا ماما وقعت على رجلها،واتجبست وانا لازم اروح أشوفها.
صدقت نوال قولها فقالت بخفوت:
_ألف سلامة عليها،روحي يابنتي،وانا وملاذ هنجيب شوية طلبات ونروح.
غمغمت أبرار بتريث وقد نجحت خطتها:
_تمام يا أمي سلام.
و افترقوا عن بعضهم، دقائق أخرى وعاد يعلو صوت هاتف أبرار بالرنين، فـ تلقت المكالمة،وابتسمت بخفوت قائلة:
_أيوة يا وداد.
صاحت وداد ما ان استمعت لصوتها:
_ايه الكلام اللي قولتيه ده أنا بكلمك في حاجة وانتي بتردي على حاجة تاني خالص.
قاطعتها أبرار قائلة:
_ياستي براحة طيب خدي نفسك، اسمعي..
_قولي يا ستي.
استرسلت أبرار قائلة:
_أنا عملت ده كله عشان أهرب من ماما، واروح بيتنا، عاوزة أولع في مرات عمي.
تسائلت وداد في فضول:
_ليه مالها عملت ايه؟!
اردفت أبرار:
_بعدين، هكلمك بعدين واحكيلك.
تمتمت الأخرى بهدوء:
_تمام، ماشي.
و أنهت المكالمة.
༺༺༺༺༻༻༻༻
“في منزل محفوظ ”
كانت تجلس سميرة بأريحية على اثاث منزلها الناعم، ترتشف من فنجان القهوة بتلذذ، وبيدها الأخرة تحمل هاتفها تعبث به…
وانتفضت قائمة بفزع عندما استمعت لصوت أبرار، التي كانت تحاول دخول المنزل عنوة، وتقف لها العاملة بالمرصاد تحاول منعها، فتقدمت الأخرى إليها..
صاحت سميرة قائلة:
_أهلاً ببنت سلفي، ارجعي شوفي شغلك انتِ يا نجلاء.
تركتهم العاملة عائدة إلى عملها، وتقدمت سميرة من أبرار، حتى ان وقفت أمامها مباشرةً، وعقدت ساعديها أمام صدرها.
تمعنت أبرار النظر بها وصاحت قائلة:
_أوعك تفكري ان بموت أبويا ملناش حد ولا سند بالعكس، وفاته خلانا نقوى ببعض، و اي غمامة سودا هتقف في وشنا هنشيلها،فاهمة.
ابتسمت سميرة بثقة قائلة:
_بيئة،تصدقي الحارة اللي عايشين فيها دي لايقة عليكم أوي،انتو الاتنين شبه بعض.
صاحت أبرار بتهكم:
_ياما ناس عايشين في فلل، بس تربية حواري وهيفضلوا طول عمرهم كده مهما نضفهم الزمن.
اغتاظت سميرة من حديثها، وتذكرت الأمر قائلة:
_صحيح ياعيوني طمنيني على ملاذ، هي لسة عايشة هي والبيبي.
احتدت نبرة أبرار قائلة:
_اوعك تجيبي سيرة اختي على لسانك مرة تانية وألا صدقيني مش هيحصل طيب.
قالت سميرة بنفس الحدة وهي تدفعها للخلف:
_هيحصل إيه، ها..
إيه اللي هيحصل؟.
قبضت أبرار على يدها بعنف وقالت:
_صدقيني لولا إنك ست كبيرة كان زماني كسرتهالك…
وفي تلك الأثناء رأت سميرة ابنها يتقدم منهم، فقالت بتمثيل:
_بقا جاية تمدي ايدك عليا يابنت نوال، جاية تضربيني في بيتي.
قطبت أبرار جبينها بتعجب من حديثها، وقالت بحدة:
_انتي بتقولي إيه انتي خلاص اتجنيتي..
قطعها صوت عمرو الحاد قائلاً:
_أبرار، انتي بتعملي إيه…
وابعد يدها عن والدته بعنف، وصاح بوجهها:
_هي حصلت بتمدي ايدك عليها وهي في بيتها.
مطت أبرار شفتيها بسخرية قائلة:
_يا أهلا بكتكوت ماما، ابقا أسأل ماما جات تعمل إيه في حارتنا، وفهمت الجيران ان اختي حامل من الحرام.
رمق عمرو ولدته بغضب، فصاحت الأخرى قائلة:
_محصلش يابني دي كدابة.
وخطر ببال أبرار شيء، فقالت بكذب:
_وبليل هنطرد من المكان اللي كان مأوى لينا، اتمنى تكوني ارتحتي.
ألقت أبرار جملتها تلك وغادرت،بينما صاح عمرو قائلاً:
_الكلام اللي قالته أبرار ده صح،انتي فعلاً قولتي كده عن ملاذ.
صمتت سميرة، واشاحت وجهها للجهة الأخرى…
فصرخ عمرو بوجهها:
_انطقي، سكتي ليه..
رمقته سميرة قائلة بامتعاض:
_تصدق يالا تستاهل التهزيق اللي خدته منها، بقا ياواد تقولك ياكتكوت امك ونازلة إهانة فيك وكل اللي همك رُحت الحارة ولا لأ، طاب آه كنت عندهم، هخاف منك، أنا ولا هخاف .
وصمتت قليلاً تلتقط أنفاسها، واسترسلت:
_هي دي اللي بتحبها وماشي وراها، يا ميلة بختك…
ودفعته قائلة:
_أوعى كده من وشي، دي خليفة عار.
كظم عمرو غيظه، وقال محدثاً نفسه:
_ماشي يا أبرار بكرة تندمي.
༺༺༺༻༻༻
كانت تنظر نوال من النافذة إلى الأسفل، فرأت ابنتها أبرار والسيدة صباح يتبادلون أطراف الحديث، فقطبت جبينها بتعجب وقالت في دهشة:
_سبحان مغير الأحوال، من ساعة محدش فيهم كان طايق التاني، واللي يشوفهم دلوقتي يقول حبايب.
و ابتسمت في بهجة، وصمتت تطلَّع إليهم من الأعلى.
“في الأسفل”
وتحديداً أمام العمارة التي تقطن بها صباح، قالت أبرار في غموض:
_أيوة زي ما قولتلك كده، الأكيد انها مش هضيع الفرصة دي عليها.
هتفت صباح قائلة:
_يا أهلاً، يا أهلاً.. دي تنور وتشرف، واهو نخليها تشوف الفضايح اللي بجد.
همت أبرار في قول شيء، فصاحت والدتها من الأعلى:
_أبرار روحي هاتي اخوكي من الورشة عند عز أبن الست صباح.
ردت أبرار بصوتً عال؛ كي يصل إليها:
_حاضر يماما، هجيبه و جاية .
ربتت صباح على كتفها قائلة:
_يلا يابنتي روحي هاتي اخوكِ واهو بليل مش بعيد، ده احنا هنخلي اللي ما يشتري يتفرج.
🌺اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد 🌺
تفاجئت أبرار من رؤية أخيها متسخ الملابس، ووجهه أيضاً ملطخ بلون الأسود فقالت محتدة:
_يانهار مهبب أنت بتعمل إيه هنا يا مصطفى.
كان عز منشغلاً في عمله، وعندما استمع للصوت، صاح قائلاً :
_شوف الأنسة عاوزة إيه يادبور.
اقترب منها المدعو “دبور”..
كان شاب نحيف الجسد يبدو بالثامنة عشر من عمره،يعمل مع عز في ذات الورشة، تقدم منها في خفوت.
فأشارت هي بيدها لتوقفه وتقدمت للأمام، قبضت على يد مصطفى قائلة:
_استنى أنت يا بربور أما نشوف المصيبة دي.
رمقها دبور بشمئزاز قائلاً:
_إيه القرف ده بس يا آنسة، أسمي دبور مش بربور…
_فرقت يعني..
قالتها أبرار في حدة، وهي تسحب مصطفى من يده.
فقال مصطفى بتذمر:
_إيه اللي بتعمليه ده يا أبرار أنا راجل على فكرة.
حديثه استرعى انتباه عز، فتقدم منهم مبتسماً وهو يقول:
_ده يا مساء الجمال برضه.
صاحت أبرار في حنق:
_ده يا مساء الزفت على دماغك.
ضحك الأخر بتسلية وقال:
_ده احنا نهارنا فل النهاردة.
اردفت بامتعاض:
_أنت ازاي تستغل أخويا كده،وتشغله فالسن ده، هي سايبة.
قال عز بجدية، لا تخلو من المرح:
_لا كده ازعل واجيب ناس تزعل، وانا زعلي وحش.
بوجهاً عابس قالت أبرار في ضيق:
_إيه السخافة دي..
صاح الصغير قائلاً:
_بس يا أبرار، عز مكنش راضي اني اشتغل معاه، بس أنا اقنعته إني راجل البيت من بعد وفاة بابا ولازم اشتغل.
ربتت أبرار في حنو على ظهر شقيقها، واردفت بتريث:
_لا ياحبيبي أنت لسة صغير لما تكبر شوية ابقا اشتغل، وبعدين مامتك واخواتك الكبار لسة عايشين.
ورمقت عز شذراً قائلة:
_العيب على النطع اللي سايرك في كده.
جأر عز عالياً وهو يحاول كظ غيظه:
_اسمعي بقا لولا إنك بنت كنت عارفتك النطع ده يقدر يعمل إيه..
واستطرد في غضب:
_ويلا يابت من هنا مش عاوز اشوف خلقتك.
ارتجفت أبرار من نبرته العالية ونظراته الغاضبة، فقالت وهي تحاول السيطرة على تلك الرجفة الخفية:
_أنت غبي وبارد ومتخلف كمان.
وقبضت على يد مصطفى تسحبه خلفها، واردفت:
_يلا يا مصطفى من هنا.
توارت أبرار عن أنظارهم، فقال دبور لتلطيف الأجواء قليلاً:
_لسانها زفر يا معلم بس عفوية وقمر وتتاكل أكل.
حدجه عز بغضب، هاتفاً:
_ما تظبط يالا كده جرالك إيه، البنات دول يستاهلوا العين الحمرا، ويظهر إني عطيتها ريق حلو، قال نطع قال، البت دي مش هتتربي غير على أيدي، ويا انا يا هيا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية باسم الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى