روايات

رواية انت ادماني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة محمد

موقع كتابك في سطور

رواية انت ادماني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الجزء الرابع والعشرون

رواية انت ادماني البارت الرابع والعشرون

انت ادماني
انت ادماني

رواية انت ادماني الحلقة الرابعة والعشرون

صوته ! .. صدح صوته بأذنها أكثر من مرة .. أنتفضت من على الأرضية لتهرول للخارج بإندفاع ..
وجدتهه واثب صدره يعلو و يهبط والغضب سيطر على ملامحه .. عيناه متوقدة كجمرتين بينما صوته يصدح بالأرجاء .. أطلقت شهقة عالية وكأنها وجدت منقذها .. و بإندفاع هرولت نحوه لتتشبث بعنقه بكلتا يداها و هي تبكي بعنف .. للحظة تصلب جسد “قُصي” .. تجمدت أطرافه بالكامل و هو يراها ترتمي بجسدها الصغير بأحضانه هكذا ، أشتعل صدره من أن يكون فعل لها شئ هي أيضاً ، و من دون أن يلف يداه على خصرها أخرجها و هو يهدر بها ممسكاً بكتفيها :
– عملك حاجة هو كمان الحيوان دة ؟!!
هزت رأسها بالنفي بعينين أمتلئتان بالدموع .. بينما زفر “قُصي” براحة ليردف بحدة و عيناه لا تبشران بخير .. :
– على أوضتك ..
نفت مجدداً برأسها و هي تقول بنشيج :
– لاء .. مش عايزة أقعد هنا ..
شعر لوهلة أنها طفلة لا تريد الذهاب للمدرسة ، بينما ظهر “رعد” ساخراً و هو يضع يداه بجيبه قائلاً بسُخرية :
– وطي صوتك شوية .. مبحبش الصوت العالي !!
أشاح “قُصي” بنظراته عن “حلا” لينظر إلى “رعد” ، و بلحظةٍ كان يقف أمامه و هو يُلكمه بصدغه بعنف .. لكمة جعلت وجهه يلتف للجهة الأخرى ..
صُدمت “حلا” مما فعله بـ “رعد” ، و لكنها شهقت بحدة عندما ردَّ “رعد” إلى “قُصي” لكمة مؤلمة ..
ونشب الصراع بينهما وسط لكمات من هذا ومن ذلك .. خرجت “توليب” من الغرفة بجسدٍ مُرتجف تحدق بالأثنين بعدم أستيعاب بينما “ألهام” تقف بجانبها و هي تصرخ بأبنها أن يكف .. وسط صراخ “حلا” بإسم “قُصي” ..
شعرت “توليب” أنها غريبة هُنا .. شعرت و كأنها لا تنتمي لهذا العالم ..
وضعت يداها على رأسها و هي تشعر بإشتداد الصداع بها .. صرخت بحدة أن يكفوا عن ذلك الصراخ الذي تليه أشياء تذكرتها .. و بلحظةٍ أسودت الرؤية أمام عيناها .. و لم تسمع بعدها سوى صراخ “رعد” بإسمها .. و أنتهى كل شئ …
• • • •
و بين تلك الضربات الخفيفة التي تضرب وجنتيها .. أفاقت .. أفاقت و أخيراً .. و كأنها كانت مغيبة عن الوعي طوال حياتها هُنا .. غمغمت و هي تفيق .. وجدت “رعد” عيناه تشعان قلقاً و هو يربت على خصلاتها .. ضرب الهواء البارد وجنتيها و كأنه يصفعها .. أرتجف قلبها و هي تتذكر كل شئ .. كل شئ دوِن في ذاكرتها .. بدايةً من فقدانها للذاكرة ولطفلها إلى الأن .. أصبحت الأن واعية لكل شئ يحدث حولها .. أنتفضت ناهضة و هي تنظر لحالتها الرثة ، كتفيها الأسمر المكدوم .. ألم شديد بجسدها بأكمله .. ألم أشد بقلبها ..
أمسكت بمعدتها بضعف .. لو كان وُلد للطفل كان من الممكن أن تسعد بحياتها .. و لكن “رعد” سلبه منها .. كما سلب كل ماهو جميل بحياتها ..
رفعت أنظارها له .. وعيناها لا تُفسّر .. وجدت والدتها التي تمنت أن ترتمي بحضنها تقول :
– حبيبتي يابنتي .. أنتِ كويسة يا ضنايا ؟!!
لم تنظر لها .. بل ظلت أنظارها مُعلقة بمقلتىّ “رعد” .. بينما هو علِم أن الذاكرة عادت لها .. ولابد من المواجهه ..
لم يقترب منها البتة .. و نظراتها كسهام مصوبة نحوه .. تلك النظرة لن ينساها طول حياته ..
بينما أندفع “قُصي” نحوها بمقلتىّ مرتعبتان ، حاوط وجهها بكفيه و هو يقول قلِقاً :
– حبيبتي .. أنتِ كويسة يا توليب ؟
لا هي ليست بخير .. كل ما تعلمه الأن أنها ليست بخير .. أو ربما ليست على قيد الحياة ..
رأت “توليب” أشتعال ملامح “رعد” الذي أستطرد بفظاظة :
– أبعد أيدك عنها !!
لم تتغير نظراتها .. و هو لم يبعد يداه .. و “رعد” وسط أشتعال صدره ينظر لها بقلق .. لمَ لم تقول شئ للأن ..!! لمَ ؟
– سيبونا لوحدنها ..!!!!
كان ذلك صوتها .. صوتها الذي خرج أخيراً و لكن نبرتها كانت نظرات عيناها أيضاً .. غامضة ..
برغم أستيائهم مما قالوا إلا أنهم خرجوا من الغرفة .. بينما ملامح “رعد” تجمدت تماماً .. كـ تجمد الثليج .. و هو يراها تنهض من الفراش واقفة قبالته ..
• • • •
– متغيبش عن عنيكوا لحظة .. عايز أعرف كل متحركاتها فاهمين !!
تحدث “زين” بعينان جامدتين و هو يغلق الهاتف .. نعم سيضع لها من يُراقبها .. حتى تبقى تحت أنظاره .. تلك المرة ستقع بجحره .. ستقع بجحر الشيطان و لن تفلت !!
• • • •
كانوا و كأنهم جالسين على جمرٍ مشتعل .. كل مرة يأتي “قُصي” أن يدلف لهم تمنعه “ألهام” قائلة أنهم يريدون بعض الخصوصة ..
بينما بالداخل
كانت “توليب” محدقة به .. كل شئ عانته جواره يمر أمام أعينها ، و عند دفعه لها الذي نتج عن تلك الدفعة القاسية فقدان طفلها .. و عندما أغتصبها .. هُنا فقط رفعت يداها عاليها و هي تهوي به علي وجنته ..
كانت صفعة قاسية .. قاسية جداً على قلبه .. وجهه ألتف للجانب الأخر من شدة الصفعة .. و كأنها جمعت قوتها بأكملها صافعة أياه .. و لكنه لم يغضب عليها .. هو يستحق أكثر من مجرد صفعة .. نظر لوجهها الذي تغير تماماً .. تغير لوجه أكثر شراسة .. ماذا ؟ هل أنتهى عقابه ؟ أم لازال لم يبدأ بعد ؟
أعتدل بوقفته و هو يرى صدرها الذي يتحرك علواً و هبوطاً .. عيناها التي بدت كعينان فتاة سُلِب منها كل شئ ، حاول أن يضع يداه على وجهها و عيناه أغرورقتا بدموعٍ حبيسة ، و لكنها كانت الأسرع في الأبتعاد عنه و هي تقول بصراخ :
– أبعد عني متلمسنيش .. بقرف منك !!
أرجع يداه لجانبه مجدداً بعينان تحجرتا بالدموع ..
أخذت تصرخ ممسكة برأسها و هي تنتفض غضباً .. و بلحظة كانت تمزق كنزتها كاشفة عن كتفيها و جزء من صدرها ، مزقت كنزتها بالكامل لتكشف عن الجزء العلوي بجسدها و هي تقول :
– شايف ؟ عشان تعرف أنت قد أيه حيوان و مش راجل يا رعد .. أنت حرام تبقى من فئة الرجولة .. كل القرف دة بسببك .. كل مـ أفتكر أن حتى أبنك مرحمتهوش .. أنت أيه ها ؟ أزاي ليك عين تبُص في وشي بعد كل اللي سببتهولي ؟!! أزاي قدرت تلمس واحدة موت أبنها .. أنت أزاي قادر تتنفس ؟ أزاي قادر تحُط راسك ع المخدة و تنام ؟! أنا بكرهك يا رعد .. أنت حقيقي شيلت أي حب كان في قلب ليك .. بإيدك .. أنا همشي .. همشي و مش عايزة أشوف وشك ..
كانت تُرمي بكلماتها بوجهه .. تماماً كالقذائف .. كل حرفٍ يخرج من فمها تتبعه شهقات باكيه منها .. و كل حرف يخرج من فمها .. كان يمزق قلبه أشلاء .. و لكن ريثما قالت أنها ستتركه .. أمسك بكتفيها و هو يقول بغضب :
– مش هتمشي يا توليب .. مش هسمحلك تمشي .. أنتِ متقدريش تعيشي من غيري أساساً
رقت نبرته قليلاً وخفف من قبضتيه على منكبيها و هي تتلوى بين ذراعيه :
– صدقيني هتنسي كل ده .. هنبدأ من أول وجديد .. كل حاجة وحشة في حياتك هعوضك عنها ..
و كانت أجابته .. ضحكة .. ضحكة أخذت تعلو و كأنها فقدت عقلها .. أدمعت عيناها من الضحك و البرودة تعصف بها .. سرعان ما تحولت ضحكاتها لبكاء .. بكاء مزق قلب “رعد” ، بكت و جسدها يرتجف بين يداه .. عند تلك اللحظة فقط .. علِم أنه حقاً .. فقدها ..
جذب إسدالها ليجعلها ترتديه .. و هي لازالت تبكي بشهقات لا تتوقف .. و عينان لا تكف عن ذرف الدموع .. نفضت يداها بضعف و هي تهم بالأتجاه نحو باب غرفتها ، و لكنه أمسك بيداها و هو يقول بحدة :
– قولتلك مش هسيبك تمشي يا توليب ..
– أبـعـد عني بقى .
ظلت تتضربه على صدره عدة مرات بقسوة و هو لم يترك يداها ، بل جذبها نحو الحائط و هو يعتصر جسدها و قد أرتعد قلبه من مجرد تركه لها ..
بينما “توليب” كادت أن تفقد عقلها و عقلها لا يكف عن الهذيان أنه من الممكن أن يصيبها بسوءٍ مجدداً ..!!
و بلحظةٍ كانت تأخذ نصل حاد موضوع على الكومود .. لتغرزه بجانب معدته .. و هي مغيبة تماماً عن كل مما حولها …!!!
تصلب جسد “رعد” .. أشتد بروز عروق عنه و تحول وجهه لكتلة من الدماء .. بينما “توليب” غارزة النصل بمعدته بقلبٍ تحطم ..
وضع يداه على موضع النصل و ملامحه بدأت بالأرتخاء .. أنتهزت “توليب” الفرصة لتدفعه ضاربة أياه على صدره و هي تهرول ناحية الباب .. و كل ما يتردد بأذنها صرخته القوية بأسمها ….!!!
• • • •
أنتفض “قُصي” كذلك “ألهام” و “حلا” من صرخة “رعد” التي هزت القصر بأكمله ، تصلبت أقدام “قُصي” و هو يرى “توليب” تركض من الأعلى و الإسدال وكفيها مليئتان بالدماء ، ركض نحوها ولكنها تجاوزته و هي تتجه نحو باب القصر ، صرختا كلا من “ألهام” و “حلا” من منظر “توليب” المرعب ، ركض “قُصي” ليلحق بها ولكنه لم يستطع .. بدت “توليب” و كأنها تسابق الرياح .. و قوة خفية تحثها على الركض بأكبر ما يمكن .. صرخات “رعد” النابعة من الغرفة و صرخات “قُصي” التي تحثها على الوقف لم تؤثر بها .. كل ما يشغل بالها الأن أن تخرج من هنا .. تجاوزت الحراس أيضاً الذين تفاجئوا من الدماء التي بيداها ، و هي تغمغم فرحة :
– هربت .. هربت !!!
• • • •
جالسة على أحدى أرصفة الشوارع المقطوعة ، عيناها لا تتوقف عن ذرف البكاء .. لمن ستذهب ؟ كل الأبواب مغلقة بوجهها ، البرودة تعصف بها عصفاً ، منذ خروجها من القصر و “قُصي” الذي لحق بالتاكسي التي كانت تستقله و هربت منه بصعوبة ، منذ تلك اللحظة و هي جالسة هنا ، دماءه جفت بيداها و على ملابسها .. و كأنها تذكرها بفعلتها الشنيعة .. و لكن و بحكم أنها طبيبة تعلم أنه لن يمُت .. هي لم تتعمق بالنصل كثيراً ..
– أكيد مش هيموت .. أكيد مش هبقى قاتلة .. مستحيل يموت ..
كانت نبرتها مرتجفة كارتجاف جسدها بالضبط .. لِمَ الشوارع مظلمة هكذا .. الأجابة كانت واضحة .. الساعة تعدت منتصف الليل .. الهواء كالجلاد يجلد جسدها المغطى بإسدالٍ خفيف ..
توسعت عيناها و هي تسمع صوت خطوات أحدهم .. لم تتجرأ على رفع أنظارها من على الأرضية أسفلها .. و لكن أقترب الصوت أكثر حتى باتت ترى حذاءه المُلمع .. بينما قال الشخص بنبرة خشنة :
– أنتِ كويسة يا مدام ؟ أيه اللي مقعدك هنا كدة ؟
أزدردت ريقها وزاغت أبصارها و هي تجيبه بأيدي مُرتجفة ونظرات مازالت مُعلقة بالأرض :
– أنا .. أنا ….
لم تعرف ماذا تجيبه .. أتقول أنها هربت مثلاً ؟ حقاً ماذا تقول له ؟!!
نظر لها بتعجب لينحنى بجزعه قليلاً و هو يطالع ملامحه الطفولية و المرتعدة في آن واحد ، لاحظ الدماء الموجودة على يداها و ملابسها ليقطب حاجبية بغرابة .. و لكن رقت نبرته و هو يقول :
– طيب تعالي أوصلك ..
نفت برأسها وهي تنهض بوجنتي أشتعل الدملء بهما من ذلك الأقتراب قائلة متلعثمة :
– لاء شكراً .. شكراً
أعتدل بوقفته و هو يقول بتساؤل :
– أنتِ ساكنة فين طيب ؟
رفعت وجهها و قد رأته أخيراً .. خفضت بصرها مجدداً و هي تبلل شفتيها غير مستعدة على الأجابة .. و لكن بعد تفكير دام لبضع لحظات رفعت وجهها و هي تقول بنبرة بها شئ من الرجاء :
– لو سمحت تعرف أي مكان للإيجار ؟
طالعها لعدة لحظات بدقة و هو مقطب حاجبيه .. نزع سترة بذلته بهدوء .. مد يده بها و هو يقول بخشونة :
– ممكن تلبسي الجاكيت الأول و بعدين نتكلم .. الجو برد جداً والأسدال خفيف ..
نفت برأسها سريعاً و قد أنكمش جسدها .. هي تكاد تتجمد و لكن من المستحيل أن تأخذ منه شئ ..
زفر بيأس و هو يكرر طلبه مجدداً و النفي كان جوابها أيضاً ..
أرجع سترته واضعاً أياها على كتفه و قد برزت عضلات صدره تحت قميصه و هو يقول :
– بصي في العمارة عندي في شقة جنب شقتي .. تقدري تأجريها ..؟
هبط صدرها بيأس لتقول بإختصار منهية الحديث :
– شكراً .. أنا هتصرف
همت بالذهاب من أمامه و لكنه أوقفها قائلاً بشبه رجاء :
– أستني بس ..
لم تلتفت له و أكملت ذهابها .. شعر و كأنه كانت مجرد وهم .. و كأنه لم يقف معها أو يتحدث ببعض الكلمات معها .. حسناً هو لن يسمح لها بالذهاب هكذا في شارع مقطوع كهذا و من الممكن ان تقابل متسكعان و الله وحده يعلم ماذا سيفعلوا بها .. و هي كالعصفورة الخائفة هكذا ..
و قبل أن تختفي من أمامه كان يقف أمامها بصدره الصلب مانعها من الذهاب و هو يقول :
– طيب ممكن نتفاهم ..؟
زفرت بقنوط و قد بدأ غضبها في الظهور .. بالتأكيد هو كأمثاله من الشباب الذين يسيل لعابهم على الفتيات .. تحدثت بنبرة بدأ ظهور الغضب بها :
– لو سمحت أبعد ..
تنحى مبتعد عنها قليلاً و هو يقول :
– صدقيني مش هعملك حاجة .. طيب بُصي أنا هكلم أختى و هي تيجي تتفاهم معاكي .. و أنا هبعد خالص
أنهى حديثه مُخرجاً هاتفه واضعاً أياه على أذنه .. و عيناه مثبتة عليها :
– لينا تعالي في شارع *** بالعربية بس خلي بالك تمام ؟
أنهى حديثه مع شقيقته ليقول لها محاولاً أن يطمئنها قليلاً :
– جاية ..
مد يده بسترته مجدداً و هو يقول بنبرة لا تقبل النقاش :
– البسي الجاكيت بقا ..
نظرت له بحدة و لم تمد يدها .. ظلت كما هي .. تأفف “أياد” ليعود لسيارته ذات اللون الرصاصي و هو يأخذ منها غطاء ليس بطويلٍ .. مد يده لها و هو يشير لها بأن تأخذه ، زمت شفتيها و هي تأخذه واضعة أياه على منكبيها ..
– هو أنتِ فين أهلك ؟
طالعته بحدة قائلة :
– هو أنت شايفني صغيرة قدامك عشان تقولي فين أهلي ؟ أنا مش تايهة على فكرة أنا هنا بمزاجي !!
رفع حاجبه الأيسر من أندفاعه وغضبها الغير مبرر .. قال مبرراً بهدوء :
– مكانش قصدي أنك صغيرة على فكرة .. عالعموم متجاوبيش براحتك .. بس أكيد مش بمزاجك أنك تبقي في شارع زي دة الساعة أتنين بليل !
طالعته بنظرة فارغة و هي تشيح بأنظارها عنه .. بينما وقفت سيارة نسائية أمامهم .. ترجلت منها فتاة تبدو صغيرة بالسن ذكرتها بـ “حلا” .. ترتدي عباءة فضفاضة من اللون الأسود بينما خصلاتها مغطاة بحجاب من اللون الأسود أيضاً ، بيضاء البشرة تحمل بريئة ، قطبت الفتاة حاجبيها و هي تطالع “توليب” بغرابة لتقترب قليلاً من “أياد” قائلة بقلق :
– في أيه يا اياد .. و مين دي ؟
جذبها “أياد” مبتعداً عن “توليب” و هو يقول :
– أسمعي يا لينا باختصار البنت دي لقيتها قاعدة ع الرصيف و كانت عايزة شقة للإيجاء ولما قولتلها عن الشقة اللي جنبنا تقريباً قلقت مني وكانت هتمشي .. بس مينفعش أسيبها تمشي لوحدها ف الوقت دة .. أقنعيها تيجي عندنا تبات معاكي و أنا ياستي هروح أبات عند صاحب لحد مـ نعرف أيه حكايتها ..
أومأت “لينا” لتتركه مقتربة من “توليب” قائلة بلطف :
– أنا أسمي لينا .. وأنتِ ؟!
أبتسمت “توليب” و قد أرتاحت لتلك الفتاة التي رُغم صغر سنها إلا أنها ملتزمة :
– توليب ..
أبتسمت “لينا” و هي تقول بمداعبة :
– أسمك جميل .. و دة أياد ..
قالت مشيرة على “أياد” الواقف مبتعد عنهم قليلاً منشغل في هاتفه لا يسمعهم ، أومأت “توليب” لتكمل “لينا” و هي تقول :
– أيه رأيك تيجي تأجري الشقة اللي جنبنا ؟
نفت “توليب” بلطف و هي تقول :
– مش هاينفع .. واضح أنها هتبقى غاليه ..
تنهدت “لينا” لتقول محاولة أقناعها :
– طيب أيه رأيك تيجي تقعدي معانا ؟ بصي لحد بكرة بس و صدقيني أياد هيبات عند صاحبه هنطرده أنا و أنتِ مش هنخليه يعتب باب الشقة ..
أبتسمت “توليب” على لطافتها ولكنها رفضت بتهذيب :
– صدقيني مش هينفع يا لينا ..
عبست “لينا” قليلاً و هي تقول بجدية :
– بصي أصل أياد مستحيل يسيبك في وقت زي دة .. ممكن حد يطلع يعملك حاجة صدقيني ..
خافت “توليب” بعض الشئ فهي لم تكُن تعلم عواقب هروبها هذا .. أغمضت عيناها و قد بدأ عقلها بالدوار .. بينما لاحظت “لينا” الدماء التي كانت على يدها لتشهق قائلة برعب :
– يخرابي ! أيه الدم اللي ع أيدك دة أنتِ كويسة ؟!!
أومأت “توليب” بوهن ، و قد زاغت مقلتيها حتى كادت أن تسقط لولا “لينا” التي أسندتها و هي تشهق قائلة بفزع :
– أيــاد ..!!
أقترب “أياد” منهم بفزع ليطالعهم بقلق و هو يقول :
– مالها ؟!
– معرفش ..
أسندتها “لينا” بيد والأخرى كانت تضرب على وجنتيها مو هي تحاول أفاقتها ولكن بدت “توليب” غير واعية لما حولها .. هم “أياد” بأن يحملها و لكن “لينا” ضربت يداه صارخه به :
– بتعمل أيه يا أياد أبعد شوية أنا هسندها للعربية حرام تلمسها ..
أبتعد “أياد” غاضباً ليذهب لسيارته فاتحاً باب الأريكة الخلفية ، وضعتها بها “لينا” لتستقل السيارة بجانبها و أستقل “أياد” محل السائق و هم ذاهبين لشقته ..
• • • •
– بنتي .. هاتلي بنتي يا قُصي .. دة أنا مصدقت لقيتها .. الله أعلم راحت فين دلوقتي ..
قالت “ألهام” و هي تضرب على صدرها بألم على حال أبنتها .. فـ بعدما هربت و لم يستطيع “قُصي” أن يلحق بها ذهبا لبيتهم غافلين تماماً عن “رعد” و عن ما أصابه تاركين “حلا” هُناك ..
بينما “قُصي” جالساً على الكرسي مُحنى رأسه قليلاً يُسندها بكفيه واضع أياها على ركبتيه ، تكاد قدمه لا تحمله من هذا الهم الذي على عاتقه .. أين ذهبت ؟ أقسم لم يكُن سيجعلها تعِش معه دقيقة واحدة .. كان سيجعلها تبقى معهم معه ومع والدتهم .. و لكن لِمَ الهروب ..؟
بحث عنها بالطرقات والمشافي وكل شئ و كأن الأرض أنشقت و أبتلعتها ! ، وقلبه يتمزق على “حلا” الماكثة عند ذلك الحقير .. ولكنه سيأخذها لديه .. بأقرب وقت ..
• • • •
فتحت عيناها بنعاس و هي تطالع الغرفة الأنثوية ليست كالغرفة السوداء التي كانت تمكث بها معه .. رأت “لينا” تبتسم بإشراقة و هي تتسائل :
– أنتِ كويسة يا حبيبتي ؟
أومأت “توليب”بإعياء و هي تعتدل بجلستها .. نظرت إلى “لينا” برجاء و هي ممسكة بكفيها :
– لو سمحتي سيبيني أمشي من هنا ..
تنهدت “لينا” و هي تزم شفتيها قائلة بلومٍ طفيف :
– هو أحنا بنعُض يا توليب ؟
أجهشت “توليب” بالبكاء و هي تغطي وجهها بكفيها ، هلعت “لينا” من بكائها الغير مبرر لتجذبها لأحضانها و هي تربت على ظهرها بحنو قائلة :
– بس يا حبيبتي أهدي ..
أزدادت “توليب” بالبكاء و هي تتشبث بـ “لينا” .. ظلت هكذا لأكثر من ساعة متواصلة وسط بكاءها و “لينا” التي أخذت تهدهدها بعطف حتى غفت “توليب” من شدة أرهاقها ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى