روايات

رواية انت ادماني الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سارة محمد

موقع كتابك في سطور

رواية انت ادماني الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الجزء الثاني والعشرون

رواية انت ادماني البارت الثاني والعشرون

انت ادماني
انت ادماني

رواية انت ادماني الحلقة الثانية والعشرون

– بقولك عايزة الصورة !!!
قالت “توليب” بحدة شديدة و هي تركل الأرض بقدميها
بينما “رعد” كانت واثب كالصقر و عيناه مشتعلتان كالجمر ، شعره أشعث بشدة يقُف عاري الصدر و هو يحدجها بجمود شديد .. مرت لحظات والسكون يعُم المكان شوى من صوت تهدج أنفاس “توليب” و هي ماثلة أمامه ترميه بنظرات محتقرة ..
اشتعل “رعد” غضباً و هو يرى تلك النظرات التي تصوبها نحوه ليخطو بهدوء نحوها ، هدوءه كان أشبه بذلك الذي يسبق العاصفة ، بينما تراجعت “توليب” خطوتين للوراء لتجد نفسها محاصره بينه و بين ذلك الحائط اللعين الموجود خلفها ، لم تتوارى عن نظرات الغضب الممزوجة بحنق شديد و هي تصرخ بوجهه بصوتٍ أكثر من عالِ :
– بقول هاتلي صورته يا أخ أنت !!!
و بجزء من الثانية كان يجأر بوجهها بطريقة جعلتها تغمض عيناها بإرتعاد :
– صوتك ميعلاش !!
ظلت مغمضة عيناها و هي لم تشعر سوى بأنفاسه الهائجة التي تلطم وجهها بعنف ، أرتجفت شفتيها حتى كادت أن تبكي و هي تهمس أمام وجهه بخفوت :
– أنا بحبه .. و الله بحبه جداً !!
أنهت جملتها لتجهش ببكاءٍ حاد و هي تشهق بعنف ..
أرتد “رعد” للوراء بعنف و أعتلت ملامحه صدمة بالغة ، مزقت كلماتها أحشاءه بعنف و كأنها أخذت نصل و أغدقته بوابلٍ من الطعنات ! طالعها بجمود أحتل قلبه من تلك القنبلة التي رمتها بوجهه ، بينما قلبه غُرق ببحر أحزان عميق ، طالعته “توليب” بقسوة و هي تقترب منه قائلة بجفاءٍ قاسي و هي تضرب سبابتها صدره العاري :
– أنا مستحيل أحبك فاهم ! أنا بعشقه هو و محدش هيملي مكانه أبداً تمام يا .. هه .. يا جوزي ؟
أتعلموا هذا الجرح الغائر الذي يترك أثر عميق عندما تقول لك حبيبتك بل و زوجتك أنه تعشق غيرك !! تذكر في ذلك الوقت “أسيل” الذي جرحه منها لم يُشفى بعد ، و لكن ما قالته “توليب” كأن أكثر و جعاً و .. تألماً
أنتصب “رعد” مكانه و هو يرى نظرات القسوة تلك بعيناها ، ماذا سيقول ! أسيضربها ؟ أم يعنفها ؟ أم يحبسها بغرفة مظلمة ؟ أم يقول أن من تعشقه حاول أغتصابها ؟ و ماذا سيُفيد ؟ هي لازالت تُحب شخص كان أكثر قذارة من القمامة ، لم يعنفها ، و لم يصرخ .. لم يُصفعها و يجذبها من يداها لغرفتهما .. لم يفعل أي من هذا ، بل و بهدوء شديد ذهب تاركاً غرفتة المكتب و تاركاً أيضاً أصبعها معلق و هي تحدق بشرود في الفراغ الذي كان يقف فيه ، هي عاشت معه بضع أيام رُغم أنها لا تعرفه ، لكن ما عرفته فقط أنه سريع الغضب .. و يُحبها ، و لكن هي .. هي لم تحبه أطلاقاً قلبها مُعلق بـ “ماجد” ، لم تعشق غيره و لم يدُق قلبها لغيره و لكن .. لِمَ تلك النبضات التي تكاد تصُم أذنيها عندما تكُن معها ، نفت براسها قوة و هي تنزل يداها إلى جانبة خرجت من الغرفة و هي تركل بقدميها الأرضية تبحث عنه ، سمعت إطارات السيارة و هي تتحرك من مكانها بعنف لتعلم أنه خرج ، أنتهزت الفرصة لتصعد الدرج و هي تلج لغرفتها ، أخرجت حقيبة ليست بكبيرة و هي تأخذ بها الكثير من النقود الذي كانوا معها و أخذت ملابسها الخاصة و هي تترك كل شئ من الممكن أن يكون جلبها “رعد” له ، خرجت من الغرفة و الحقيبة على منكبيها و هي تضبت حجابها من اللون الكاشمير ، نزلت الدرج بخفوت لتخرج للحديقة و هي تقابل بإرتياب كم هائل من الحرس أمام البوابة بيدهما كلاب حراسة مُسنون أسنانهم و في أتم الإستعداد للإنقضاض على الفريسة ، كادت تبكي و هي ترى مخططها يفشل أمام أعينها ولكنها عزمت بتحدي على الهروب من هُنا مهما حدث ، إزدردت ريقها و هي تتخبأ عن أنظارهما عند الحائط ، و لكنها فكرت في شئ ربما سيكون أكثر من مجرد جنوناً ، رجعت للقصر لتخرج عبائة سوداء ترتديها على ملابسها و نقاب من نفس اللون كانوا معها إحتياطياً ، صفقت و هي تشعر بأمل ، أرتدتهما ثم خرجت مجدداً للحديقة و هي تبتلع ريقها بخوف ، رأت حارس قامته طويله و بنيته قوية يتحدث في الهاتف ومما سمعته حزرت أنه يتحدث مع “رعد” ..
تهللت أساريرها و هي تراه يبتعد قليلاً عن البوابة و لم يكُن موجود غيره بحديقة القصر و الباقي بالخارج سيكون أمرهم سهلاً ، أخذت تمشي بهدوء شديد حتى وصلت له و هو يوليها ظهرها و لسوء حظها أن ذلك الكلب الممسك به رآها ليحدق بها بشراسها و هو ينبح بقوة لتختفي هي و راء شجرةٍ ما و أعين الكلب مُسلطة عليها ، أرتجف جسدها و هي ترى الحارس يلتفت وراءه بتفحص مُضيقاً عيناه قائلاً لـ “رعد” الذي مازال على الهاتف بنبرةٍ لا تبشر بالخير :
– واضح كدة يا باشا أن في حاجة بتحصل في القصر ..
و على الجانب الأخر ، أنتفض “رعد” و هو يصرخ به :
– أقفلوا البوابات بسرعة محدش يدخل و لا يخرج م القصر أنا جاي ..
أدار “رعد” المقود ليرجع بالسيارة نحو القصر مجدداً و هو مضيق عيناه المحترقة قائلاً :
– يارب مـ تكوني بتحاولي تهربي يا توليب ، صدقيني ردة فعلي هتبقى وحشة أوي !!
• • • •
و بينما كانت “توليب” تكتم أنفاسها و هي تراهما يُغلقان البوابة و قد ساد الضجر في القصر ، طأطأت رأسها بخذى و لكنها لمحت باب صغير للغاية مفتوحاً ، أخذت تركض نحوه بإندفاع حتى بعد سماعها بصراخ الحراس أجمعهم أن يجلبوها و هما يعتقدونها لصة أو ما شبه ، كانت أسرع منهم و هي تنحنى بجزعها لتخرج من ذلك الباب و قد خرجت من القصر بكامله ، تركوا الحراس الكلاب الذين يُنبحون بشراسة ليركضوا وراء “توليب” وبينهما كلباً كان الأسرع بينهم فأخذ يركض وراء “توليب” بكل ما أوتي من قوة حتى كاد أن ينقض عليها ولكن ..
و بينما “توليب” تركض بشدة و العبائة تعيق حركتها بعض الشئ و لكن أكثر ما أخافها ذلك الكلب الذي بات مقترباً منها بشكلٍ مُفزع و هي من الأصل تخاف منهم بشدة ، أخذت تبكي و بدأت قواها تخور لتنزع نقابها بينما هي تطلع ورائها و هي تجد جميع الحراس يركضون و يسبون بألفاظ نابية و ذلك الكلب يحدجها بشراسة مستعداً للأنقضاض عليها حتى باتت نهايتها أمرٍ حتمياً
وبينما هي تركض إرتطمت بحدة بذلك الصدر القاسي الذي باتت تعلمه جيداً ، و عطره تسلل لأنفها ، شهقت بحدة و هي تطالع ملامحه القاسية برُعب ليجذها سريعاً وراء ظهره و هو يرى الكلب يحدق بـ “توليب” ليجعل منه كدرع واقي لها من أي أذى .. تشبثت”توليب” بقميصه و هي تطالع الكلب برهبة و الذي ما إن رأى “رعد” حتى هدأ نباحة و عيناه السوداوية لازالت تحدق بها ، طالع الكلب “رعد” و هو ينام على الأرض بينما توقفت الحراس والكلاب أيضاً الذين كانوا بحوزتهما وطغى عليهم الخوف من عيناه التي كانت أشبه بالنيران المندلعة و أنفاسه المهتاجة و هو يجذب “توليب”أمامه بقسوة لتشهق بحدة و هي تحدجه برُعب ، و بإشارة من سبابته ذهبوا الحراس لمكانهم ليمتثلوا لأمره و هم يأخذوا الكلاب عدا ذلك الكلب الذي ظل مُحدق بـ “توليب” المرتعدة أمام “رعد” ..
كادت أن تشهق ببكاء و هي ترى ملامحه التي بدت كـ قوة الحجر ، وضغت يداها على وجهها و هي تجهش ببكاءٍ حارقٍ ، لم يرف رمش إلى “رعد” و القسوة لازالت تُطغى على معالم وجهه ، ظلت “توليب” تبكي بخوفٍ شديد من أن يؤذيها و لكنها فوجئت به يقول بهدوء شديد :
– أمشي يا توليب ..
أبعدت يداها عن وجهها بشفاه مرتجفة و هي تراه مزيحاً بجسده جانباً مشيراً نحو الطريق .. حدجته بعدم تصديق و هي تحاول سبر أغوار عقله و لكنها لم تجد منه سوى الجدية الشديدة و .. الألم .
نظرت صوب يداها و لكنها ثُبتت في مكانها و لم تتحرك ..
صرخ “رعد” بوجهها قائلاً :
– بقولك أمشي ..
إزداد بكاء “توليب” و هي تشعر أن نبضات قلبها ستتوقف حتماً .. نفت برأسها و هي مطأطأه رأها بخوف .. أقترب منها “رعد” لتتراجع للوراء ، أمسكها من خصرها مثبتاً إياها بنفاذ صبر و هو يقول بحدة :
– هو أيه اللي لاء ؟ بقولك أمشي أنتِ مش كنتي عايزة تهربي ؟ أمشي يا توليب لأنك مبقتيش تفرقي معايا أساساً ..
كاذب .. هو يعشقها و داخله يتمنى أن لا تتركه ، بينما هي إرتجف جسدها و هو و لأول مرة منذ فقدانها للذاكرة يلمسها بتلك الطريقة ، و سار بجسدها تيار كهربي لتقشعر بين يداه ، و لكن لا تعلم لما كانت جُملته كـ دلو من الماء إنسكب عليها ، نزعت يداه بهدوء و هي ترجع للقصر تلُج له بينما خطى الكلب خطواته وراءها ليدلف معها للقصر ، أنتفضت “توليب” و هي تراه يجاورها و لكنها صعدت غرفتها بـ لا مبالاة ليصعد وراءها أيضاً ، دلفت لغرفتها ليفعل هو بالمثل ، تأففت و هي تشعر بشئ كالحجر يجثى على صدرها لتنزع حجابها و ملابسها كاملة و بدلتها بمنامية مريحة لتذهب للفراش و هي ترمي بثقل جسدها عليه ، بينما قفز الكلب هو الأخر على الفراش بجانبها لتنتفض “توليب” بحدة قائلة بشئٍ من الصراخ :
– أنت هتنام جنبي كمان !!
أبتسمت بسُخرية فـ هي و للتو صرخت على كلباً و كأنه سيفهمها ، أرتمت براسها على الوسادة بحدة مغمغمة بنبرة على وشك البكاء :
– مكنش فارق معاه أني أمشي .. حتى انا مبقتش فارقة معاه ..
أخذت تبكي بحرقة و الكلب بجانبها يطالعها بعدم فهم ، نظرت لبشرته بلونها الذي يُشبه لون بشرة الجِمال بعيناه السوداوية وشعره الكثيف فقد كان من نوع الجولدن ، و برغم انها تخاف منهم بشدو و خاصةً ذلك الذي كان على وشك الأنقضاض عليها من بضع دقائق بينما هو جالس الأن بهدوء شديد
غطت “توليب” بنومٍ عميق من شدة الإرهاق ليقترب منها الكلب و هو يلعق وجهها بلطف مُعبراً عن حُبه لها
دلف “رعد” لغرفتها و هو يعلم أنها نامت فقد كان يُريد أن يُلقى نظرة عليها ، و جد “ريكس” يلعق و جنتيها الممتلئتان ليصرخ عليه بحدة و قد إشتعل قلبه :
– ريكس !!
أبتعد ريكس و هو يذهب إلى “رعد” الذي نظرت له بحدة و غيرة مشتعلة ليأخذه و هو يخرج به لخارج الغرفو رامياً “توليب” بنظرة قاسية قبل أن يذهب ..
• • • •
أفاقت “توليب” في اليوم التالي بإرهاق لتنهض بتكاسل و هي تدنو من المرحاض بخطوات متثاقلة ، أغتسلت سريعاً لتخرج و هي تلُف منشفة من اللون الوردي على جسدها الأسمر ، و منشفة أخرى تجفف بها خصلاتها ..
جفلت و هي ترى الباب الملحق بغرفتها يُضرب بشدة بالجدار المجاور له لتجد “رعد” يحملق بها بتفرس و أعينه تجول على مظهرها الذي خطف أنظاره ، تمتم بلهجة أمرة وببرود شديد عكس النيران المشتعلة بفؤاده :
– خلصي اللي بتعمليه و هاتي هدومك عشان هتنامي في اوضتي ..
فرغت شفتيها بدهشةٍ لتتمتم بمعارضة رافضة كلياً نبرته تلك :
– لاء طبعاً أنا قاعدة في أوضتي هنا .. و بعدين أنت بتتكلم معايا كدة ليه ، أنا مش بتأمر يا أستاذ رعد أنا بعمل اللي أنا عايزاه
كشر عن أنيابه و هو يقول بهدوء مخيف متابعاً سيره خارج الغرفة :
– توليب أنا مش بعيد كلامي مرتين ..!!
نظرت له بغضب لتركل بقدميها الأرض لتجفف خصلاتها بعنفوان و هي تقذف بالمنشفة أرضاً ، ذهبت نحو الباب المفتوح على مصراعيه لتغلقه موصدة إياه بحدة و هي ترتدي ملابسها ..
• • • •
كانت “حلا” جالسة على فراشها واضعة سماعات بأذنها و هي تدندن معها ، و لكن جذب إنتباهها الرسالة الإلكترونية التي بُعثت لها لتفتحها و هي تقرأ محتوياتها ..
شهقت بحدة حتى كاد أن ينفلت الهاتف من يدها و هي تقرأ بصوتٍ عالٍ ” هجيبك .. أقسم بالله هجيبك يا حلا ” ..!!!
خفق قلبها برُعب و قد إستشعرت معاني الحقد الموجودة داخل حروف الرسالة ..
حاولت جمع شتات نفسها رُغم إهتياج صدرها بخوف ، تقلصت ملامحها و هي تراه يكتب مرة أخرى ليسقط قلبها أرضاً و قرأت بملامح مبهمة :
– أستنيني ..!!
مسحت العرق الغزير المتكون على مقدمة رأسها لتدلف لصفحته الشخصية و لكن أسمه كان غير واضح و لايوجد أي منشورات على صفحته ، إزدردت ريقها و هي تحاول إزاحة القلق من قلبها ، بللت شفتيها لتنهض ذاهبة إلى “توليب” ربما ستريحها قليلاً
• • • •
و على الجانب الأخر ، و بمكانٍ بعيد كُل البُعد عن القاهرة ، بـ اوروبا .. كان يجلس شاب بالثلاثينات بخصلات فحميه ناعمه و عيناه بخضارهما و لكن كان ينعكس عليها وميض يتلألأ بالحقد و الغل ، جسده قوي البنية و أنفه مرفوع بعنجهية ، و هو يجلس عاري الصدر و بيده هاتفه غالي الثمن و عيناه محملقة بالمحادثة بكلماته التي رأتها هي ، كانت ملامحه متجهمة للغاية و هي يقبض على الهاتف بعنف براحة يداه مغمغماً بتوعد :
– هحول حياتك لجحيم يا حلا .. !!
• • • •
ولجت “حلا” لغرفة “توليب”بوجهه هُرب الدماء منه حتى بدى شاحباً ، طالعتها “توليب” متسائلة بقلق :
– مالك يا حلا .. أنتِ كويسة ؟!
نظرت لها “حلا” برجفة و هي تحاول التحكم بإتزانها قائلة :
– أنا كويسة يا توليب متخافيش ..
أومأت “توليب” بشك ، أما “حلا” فقررت أن لا تُقلقها من عدم ، فـ رُبما كان أحد يُمازحها من صديقاتها أو شئ من هذا القبيل ..
جلسوا يتحادثون ويقهقهون و لكنهم صمتوا عندما أندفع “رعد” بغضب للغرفة قائلاً بزمجرة :
– هو انا مش قولتلك تـيـجي !!
نظرت له “توليب” بجفاء وهي تنهض واقفة قبالته بتحدي و قد صرخت الأنثى العنيدة المكمنة بداخلها بإستيقاظها مضيقة عيناها بتبرم و هي تقرب وجهها من خاصته :
– ولو مجيتش هتعمل أيه ؟!!
شهقت عندما باغتها برفعها من خصرها على كتفيه لتركل “توليب” بقدميها في الهواء و هي تلكزه بظهره و لكنه واصل سيره نخو غرفته السوداء وسط قهقهات “حلا” عليهما و “توليب” تطالعها بحدة و هي تشتمها بصوتٍ عالٍ عندما توارت عن أنظارها ، قرصها “رعد” بفخذيها و هو يُعنفها بحدة :
– متشتميش ..
صمتت كالطفلة التي غصب منها والدها لتكتف ذراعيها ببراءه و هي لازالت على كتفيه ..
وصلا لغرفته لينزلها بجمود ، صرخت “توليب” به و هي تقول :
– قولتلك مش عايزة أقعد هنا ..
جمود قاسٍ أحتل ملامحه ليقترب منها و هو يراقي نظراتها الخائفة فـ هي صارت تخاف من هدوءه أكثر من غضبه ، وقف أمامها و هو واضع يداه بجيب بنطالة لتكتمل هالة الهيبة المحاوطه به و هالة الخوف المحاوطة بـ “توليب” ..
هتف “رعد” بجفاء محذراً :
– لو صوتك خرج عالي تاني مش هيلحق يخرُج !!
زمت شفتيها و هي تلتف للغرفة ، أعتلى ملامحها حزن شديد و هي تتذكر ما دار بخلدها في المرة الماضية ، تلألأت عيناها بالعبرات و هي تجلس على الأريكة معتصرة ذهنها ، لم يعايرها “رعد” أهتمام ليدلف للمرحاض و هو يصف الباب خلفة جعلت “توليب” تنتفض ، وضعت يداها على فمها و هي تكتم شهقاتها بكفيها ..
سمعت هدر المياة لتعلم أنه يستحم ، تنهدت و هي تشعر أن ما بهما لن ينتهي ، لن تعيش بسعادة أبداً
همت بالنهوض و هي تطالع ذلك الفراش المطلي باللون الأسود بحقد و قد مر أمامها ما تلك الذكرى المجهولة بالنسبة لها مجدداً ، نظرت له بإشمئزاز لتستلقى على الأريكة و هي متقوقعة حول نفسها ، فكرت قليلاً ، ليست “توليب” التي تقبل بأمرها .. و ليست أبداً أن تأخذ دور الضحية ، ليست من تنكسر من أبسط الأشياء .. عزمت على مواجهته بأسلحتها و على التغلب عليه مهما كلفها الأمر ..
أشتعلت عيناها بتحدي و لكن و قع نظرها على “رعد” الذي لتوه خرج من المرحاض و منشفة سوداء تحاوط جزعه و خصلاته مبتلة بالماء تسقط على مقدمة رأسها ..
شهقت بخجل و قد توردت وجنتبها إحمراراً لتضع يداها على عيناها لتحجب الرؤية عنها وهي تعقب بحنق :
– في حد يطلع كدة ! أعمل حسابك أني في بني أدمة عايشة معاك من النهاردة !!
نظر لها من جانب عيناه و قد أحتلت إبتسامة ماكرة عيناه ، و لكن تصلب وجهه مجدداً قائلاً بجمود :
– والله إذا كان عاجبك .. أنا مش بطلع من الحمام غير كدة ومش بنام غير كدة كمان ..
تشدقت من وقاحته لتنهض من على الأريكة و هي لازالت واضعة راحتيها على عيناها قائلة :
– هطلع لحد مـ تلبس .. آآه …
أطلقت تآوه متألم عندما أرتطمت قدميها بالمنضدة المنخفة لتنزع يداها واضعة إياها على قدميها وهي تقفز على قدم واحدة نافخة وجنتيها بألم ..
قهقه “رعد” بشدة على منظرها لتنزل قدميها و هي تطالعه بتبرم رُغم تأثُرها بضحكته التي خطفت أنظارها قائلة :
– أنت بتضحك على أيه !! م أنت السبب ..
أشاحت بأنظارها عنه و هي تضع يداها على عيناها مجدداً كادت أن تخرج من الغرفة ، جذبها “رعد” من معصميها لترتطم بصدره العاري ، شهقت “توليب” بخفة و هي تطالعه بحرج ، إبتسم “رعد” بسُخرية و هو يقترب بثغره من أذنها هامساً بخشونة :
– متخافيش مش هعمل حاجة ، أنا مبلمسش واحدة قالتلي صراحةً انها بتحب غيري ، صدقيني بطلع قلبي من جسمي و أفعصه برجلي و أفعصك معاه ، مش أنا يا توليب اللي مراتي تفكر في حد غيري و هي في حضني ! وعد من النهاردة أنا مش هقربلك .. مش باخد بواقي حد يا توليب !!!!
صُدمت منه حديثه ذاك و هي تراه يبتعد بهدوء مُحطماً كل حصونها الواهنة ، أُعتصر قلبها بقسوة و هي ترى تلك الامبالاة و كأنها هامش .. نفت برأسها ذلك الشعور الذي أختلجها لتلتفت و قد أمتلئت عيناها بالعبرات و هي تخرج من الغرفة صافعة الباب ورائها ..
أغمض “رعد” عيناه بألم .. هو يعلم أنه جرحها ولكن جرحه الذي سببته هي لم يلتئم بعد .. قرر أن يرُد لها الصاع صاعين حتى تندم على حديثها له ..
• • • •
كانت “إلهام” تستقل سيارة أجرة و هي تصف للسائق وجهتها .. إنصاع السائق لأمرها فقد علِم أنها ستتوجه لقصر “رعد البناوي” ..
بعد دقائق وصلت “إلهام” و هي تترجل من السيارة تمد يدها للسائق بالنقود ليأخذها هو ذاهباً إلى طريقه ..
أتجهت نحو بوابة الحراسة و هي تقول لأحد الحراس :
– لو سمحت يا بني عايزة أقابل “توليب” ..
نظر لها “الحارس” بتبرم حانق قائلاً :
– قصدك توليب هانم ؟ أستني هنا لما أقول لـ رعد باشا ..
أومأت بصبر ليذهب من أمامه و هو يخبر “رعد” عبر الهاتف ليسمح لها بالدلوف ..
دلفت “إلهام” للقصر و قلبها يدُق بشدة شوقاً لملاقاة إبنتها .. تنفست الصعداء لتلك الخطوة المصيرية ، همت بطرق الباب يأيدي مرتعشة و لكنها وجدته يُفتح ..
فتح “رعد” الباب بجمود و هو يقول و مازال يحاصرها مانعها من الولوج :
– أنتِ مين ؟
إزدردت ريقتها من هيبته وهي تراه واضع يداه بجيبه لتقول بنبرة مرتعشة :
– أنا .. أنا مامت توليب يابني !!!
صُدم مما قالته ليتذكر ذلك اليوم المشئوم حينما قالت له “توليب” بأنها تريد والدتها ، علِم أنها تعلم أن تلك السيدة والدتها ، إعتصر رأسه فـ هي من الممكن أن تساعدها على التذكر و أن تعود لها ذاكرتها ، إنقبض فكه بعنف و هو يتخيل ردة فعلها عندما تعلم أن هو من دمر حياتها بالكامل .. هو من جعلها أشلاء منثورة وهو من قتل طفلها و أفقدها ذاكرتها ، هو السبب الرئيسي في كل شئ سئ صار لها .. وسيصير .!!!
نظر لها و هو يقول محافظاً على معالمه الجامدة و نبرته الباردة :
– توليب مراتي و مش هتقدر تشوفك دلوقتي ..!!!!
و مجدداً يهدم كل شئ تحاول “توليب” أن تبنيه حتى تستطيع أن تسامحه ، و مجدداً يكسرها و يحطمها ويُهشمها ، و مجدداً يجعلها تكره ذلك الحب الذي لم يعود عليها سوى بالأذى والضعف ، بل و مجدداً يبقى “رعد البناوي” يتجبر على الأضعف منه …!!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى