رواية انت ادماني الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سارة محمد
رواية انت ادماني الجزء الثاني والثلاثون
رواية انت ادماني البارت الثاني والثلاثون
رواية انت ادماني الحلقة الثانية والثلاثون
أطبقت بكفيها على بعضهما ، ثم وضعتهما أسفل رأسها ، منذ خروج “رعد” و “توليب” التي ترددت كثيراً في ترك “حلا” بمفردها والذهاب لزيارة أهلها ،حتى أنها ظلت تترجى “حلا” للذهاب معهم إلا أن “حلا” رفضت رفضاً قاطعاً متحججة بإحتياجتها بالجلوس بمفردها ، تركتها “توليب” على راحتها لتذهب مع “رعد” إلى أهلها ، منذ ذلك الوقت والأخيرة تجاهد كي تنام متكورة على فراش غرفتها التي حقاً حقاً إشتاقت لها و لدفئها ، منعت بصعوبة أنسياب عبراتها عازمة على تلَّبُس القوة ، أغمضت عيناها ليغلبها سلطان النوم ..
خمس دقائق ..فقط أخذت قسطٍ من النوم لا يتعدى الخمس دقائق ، أفاقت على أنامل خشِنة تعرفها حق المعرفة ، كادت مقلتيها أن تخرجا من محلها لتشهق بقوة و هي تنتفض من على الفراش ، وجدته بالفعل واثب أمامها بهدوءٍ وعيناه تُفيض شوقاً ، شرست ملامحها لتجأر به :
– أنت دخلت هنا ازاي ؟!! أطلع برا ..
عقد كفيه خلف ظهره لتتحرك قدميه ببطئ و عيناه تجول بغرفتها ذات الطبع الأنثوي قائلاً :
– أوضتك حلوة أوي .. زي صاحبتها ..!!!!
أنتفخت أوداجها لتصرخ به مشيرة صوب باب الغرفة :
– أنت مبتفهمش بقولك اطلع برا اوضتي بقا ..
هي حتى لا تعلم من أين أتت بتلك القوة ، ظهوره أمامها تلقائياً أشعل صدرها ، رأت يخرج لُفافة تبغ من العُلبة ليشعلها بقداحته الأنيقة ، بينما هي كتفت ذراعيها بنفاذ صبر ، نظر لها بعينان ضيقة ليردف بجدية :
– مش خارج من غيرك ، عيطي بقا صرخي كسري أعملي اللي تعمليه أنا مش هخرج غير و أنتِ ف حُضني و بطلي زن ..!!!
فرغت شفتيها بصدمة لتضرب الفراش بقدميها مما أشعرها ببعض الألم لكنها أستطردت بحدة :
– يعني أيه يعني ها ؟ تحب أتصلك بـ رعد دلوقتي و ييجي يطلَّعك بالعافية ..
أُظلمت عيناه لينهض ممسكاً بسيجارته بين أصبعيه ، أبعدها عن وجهها و هو يقول مثبتاً عيناه على عيناه و هو يردف بصوت أجش :
– تحبي أنا أعرَّفك مين زين القناوي ؟!!!
أبتسمت بسُخرية لتقول :
– لاء متقلقش بقيت أعرفك كويس يا زين ..
أكملت بـ نبرة قوية و مقلتيّ فارغتان :
– و ورقتي توصلي فـ أقرب وقت ..
أبتسم بإصفرار ، تلك القطة الشرسة التي أمامه تجعله يكاد ينفجر ، هو إنفجر و لكن بطريقة أخرى عندما ضحك بقوة حتى دمعت عيناه ، جذبها من مرفقها لتشهق هي عندما أرتطمت بصدرة العريض و هو يقول بنبرة مظلمة :
– هو أنتِ فاكرة أني ممكن أطلقك ؟!!!
كان يضغط بقوة على مرفقها مما جعلها تلتقط العصير الموضوع على الكومود مما جعلها تشكر “توليب” بداخلها ، و بحركة سريعة كانت تلقيه بوجهه بقوة ، حدقت بتخشُب جسده بقوة لتجحظ بعيناها و هي تبتعد عنه متفادة بطشه ، تكورت في ركنٍ بعيداً عنه قليلاً بالغرفة و هي تضع كِلتا كفيها على وجهها تخفيه كالأطفال ، تعلم أن نظراته الأن تكاد تخترقها فقد سمِعت أصوات زفيره ، يبدو و كأنه سيقتلع رأسها عن جسدها ..
سمعت خطواته تقترب وليتها كانت أصمَّة في تلك اللحظة ، على الأقل لن تستطيع سماع خطواته المميزة والمرعبة في آنٍ ، شعرت به يضع كفه على كفيها وهو يزيحهما ببطئٍ ، ظهر وجهها لينظر لها بغموضٍ مرعب قائلاً :
– متخافيش ..!!!
حدقت به ببلاهة و بلحظة كان يحملها من خصرها دافعاً باب المرحاض الملحق بغرفتها بقدميه وسط تلويها بين يداه و هي تركل الهواء بقدميها صارخة بـ حدة :
– سيبني بتعمل أيه !!!!
أنزلها داخل حوض الأستحمام ، أدار رذاذ المياه لتهدر عليهما ، شهقت بقوة من برودة المياه و ذراعه الذي حاوط خصرها محاصرها مباشرةٍ أسفل “الدُش” و ذراعه الأخر أسنده على الحائط خلفها ، ألصق جسدها بصدره ، أرتجف جسد “حلا” لا تعلم من برودة المياة أم من قربه منها ، مسح على خصلاتها المبللة تحت المياه ليحاوط خصرها بكلتا ذراعيه المفتولين حتى بدا أنه أنه يبتلعها بين ذراعيه دافناً وجهه بتجويف عنقها دون أن يتحدث ، فقط مشدد على عناقها بينما هي لا تعلم أتحتضنه أم تحتقظ بيداها بجانبها ، ماذا عن كرامتها التي تناثرت ؟ ، ماذا عن جرحه العميق لها ؟ ، ماذا عن حياتها التي تلونت بالسواد من دخوله لها ؟ و ماذا عن قلبها الذي تحطم ؟ ، ماذا عن “حلا” ؟!!!
قست ملامحها على وجهها البرئ عندما أزاح خصلاتها طابعاً قبلة على رقبتِها ، همست هي الأخرى بقسوة :
– أطلع من حياتي !!!!!!
أمتدت أناملها خلف ظهرها لتغلق رذاذ المياه ، أبتعد هو من بين ذراعيها التي هي أساساً لم تحاوطه ، بادلته نظرته القاسية و لأول مرة ، تساقطت قطرات الماء من على وجهها و خصلاتها مما جعلها قابلة للأكل ، بينما هو جامد لا يتحدث متكئاً بذراعيه على الحائط خلفها ، برود وجهه كان أكثر برودة من تلك المياه ، رفعت أنظارها له و هي تقول :
– مبقيتش أطيقك !!!
لوى شفتيه بـ بسمة رأت بها شبح حزن :
– للدرجادي ..؟
أومأت بـ أسف لتقول برجاءٍ :
– لو ليا خاطر عندك طلقني ، خليني أحس أنك عايزني أرتاح يا زين .. أنت عُمرك مـ حبتني .. بتعمل كل دة بس عشان أبوك الزبالة و اللي عمله فيا ، بتكفر عن ذنب يا سيدي أنت معملتوش .. بس في نفس الوقت بتعاقبني ، بحس أنك بتكرهني و بتحبني ، كان ممكن أفضل مكملة معاك .. بس بعد اللي عملته دة و الله مش هقدر ..
أشاح بأنظاره مقطباً حاجبيه ، رأت أنقباض فكه و كأنه ينازع ليبقى هادئاً ، هي كاذبة ، لن تجد الراحة بعيداً عنه ، تعلم أنها ستذرف الدموع ليلاً حتى تبتل وسادتها ، تعلم أنها ربما شئ مخزي أن تتطلق و هي لم تكمل الثلاثة شهور معه ، تعلم أنها ربما ستكون عبء على “رعد” ، تعلم أشياء كثير تحاول التغاضى عنها لكرامتها التي أُهدِرت ..
أعاد بصره لها و هو ينظر داخل عيناها ، كلما تذكر ما فعله والده كلما أزداد إحتراقه داخله ، تلك الندوب بظهرها المسبب بها والده ، و الندوب الداخلية التي لم تلتئم بها ..!!
شرد بعسليتيها و هي أذابت بخضرواتيه و كأن حصونه أنهدمت ، و لكن أفاقت على صوته البارد و هو يقول :
– تمام .. هطلقك ..!!!!!
• • • •
نظرت له بشفتي مزمومة كالأطفال و هي تقول بتأنيبٍ :
– أنا حاسة أننا مكنش ينفع نسيب حلا لوحدها يا رعد دة أكتر وقت محتجانا فيه ..
لم ينظر لها “رعد” و هو يقول مثبتاً أنظاره على الطريق أمامه :
– هوصلك و أرجعلها ..
قطبت حاجبيه لتتذمر قائلة :
– لاء أنت هتتغدى معانا أو متى روح جيبها و نتغدى كلنا سوى دة أنا أول مـ قولت لماما فرحت أوي و .. آآ
بتر عبارتها بـ نبرته الجامدة :
– محدش قالك قوليلها !!!
أعتدلت بجلستها لتنظر أمامها قائلة بفمٍ ملتوي :
– أه صح عندك حق .
ثم ساد الصمت ، هي تفكر بحماسها الذي جعلها تلملمه ، كادت أن ترقص فرحاً عندما هاتفت والدتها و “قُصي” ، أشتاقت لهما لدرجة لم تستطيع تخيلها ، و لكن يأتي “رعد” ليخمد فرحتها ، ألتفتت لتحدق بـ نافذة السيارة و هي ترى الطرق التي لم تختفي بلمح البصر من سرعة السيارة ، ضرب الهواء البارد وجهها ، و ما أحلى ذلك الهواء بذلك الصباح الباكر ، نظرت للسماء ، للطيور التي تحلق حرة ، ليتها تملك ذلك الأحساس و تحلق مثلهم ، نظرت إلى “رعد” ، أنه شخصٍ لا تستطيع تفسير شخصيته ، جانب به غاضب و بارد بنفس الوقت ، و الأخر حاني وقاسي أيضاً بنفس ذات الوقت ، أنه متناقض بطريقته المميزة ..
وصلا إلى بناية شاهقة الأرتفاع تجعلك تأخذ فكرة سريعة أن من يقطن بها يملك الكثير من المال ، سارعت بالترجل من السيارة سابقة “رعد” بالنزول ، و بخطوات سريعة أيضاً ذهبت إلى بوابة البناية ، و لكن توقفت عندما وجدت البواب الذي يضع عباءته بـ فمه قائلاً بفظاظة :
– على فين يا هانم هي وكالة من غير بواب ؟!!!
نظرت له شزراً ليأتي “رعد” قائلاً بفجاجة مماثلة :
– في أيه يا بأف مـ تعدل لسانك !!
كادت أن تنفلت ضحكة منها رغماً عنها و هي ترى تحوّل ملامح البواب إلى الأرتباك عندما لاحظ الهيبة النحيطة بـ “رعد” وهالته المميزة
أردف البواب و هو يعتدل بوقفته قائلاً بتلعثم :
– لامؤخذة يا بيه أتفضلوا ..
قبض “رعد” على كفها ليجذبها خلفه ، أثارت تلك الحركة غضبها لتنزع كفها قائلة بحدة – بعدما دلفوا للبناية – :
– إنت جارر بقرة متعرفش أن في حاجة أسمها ladies first (السيدات أولاً) ؟
نظر لها بسخرية ليردف بتهكمٍ :
– طب يلا يا lady !!!
شمخت بوقفتها لترفع أنفها بغرورٍ و هي تسبقه نحو المصعد ، دلف هو بعضها ليصلا أمام الشقة ، ضربت “توليب” الجرس بـ ثغرٍ مبتسم ..
فتحت “إلهام” الباب ليرفرف قلبها فرحاً عندما رأت وجه أبنتها ، سرعان ما أرتمت “توليب” بأحضانها لتأخذها “إلهام” بصدرٍ رحبٍ ، رحبت بعدها بـ “رعد” رغم بعض غضبها منه مما فعله بأبنته إلا أنها حمدت ربها سراً عندما رأتهما بخير ، دلفا الأثنين لتجول أنظار “توليب” على الشقة التي تشعرك بالطمأنينة ما أن تدلف لها و أثاثها الراقي ، كل شئٍ منمق .. بحثت عن “قُصي” بمقلتيها أيضاً و لكن خاب أملها عندما لم تجده بالأرجاء ، ألتفتت إلا والدتها متسائلة :
– فين قُصي يا ماما ..
تشدقت “ألهام” بتهكمٍ :
– نايم يابنتي من الصبح النهاردة مراحش الشركة روحوا صحوه عقبال مـ أعملكوا حاجة تشربوها ، أخر أوضة ع اليمين ..
ثم تركتها ذاهبة للداخل نحو المطبخ ، التفتت إلى “رعد” الذي بدا على ملامحه التململ لتأخذه من كفه العريض جاذبة إياه كما يفعل بها دوماً و هي تقول ذاهبة نحو غرفة “قُصي” :
– تعالى ..
أطرقت الباب بخفوتٍ و عندما لم تسمع إجابة أدارت مقبض الباب بحذرٍ لتلج على أطراف أصابعها ، كانت الغرفة يطغى عليها مزيج بين اللونين البنفسجي القاتم مع الرصاصي مما جعلها تبدو في غاية الأناقة ، بينما هو ينام بعشوائية على الفراش عاري الصدر تماماً كما يفعل “رعد” ، “رعد” الذي أنبعثت الشرارات من مقلتيه و احترق صدره من مجرد رؤية “توليب” لـ أخيها بتلك الطريقة ، و بلحظةٍ كان يضع كفه على عيناها قائلاً بحدة :
– عارفة لو شوفتك بصيتي بس هشيل عينك !!
فرغت “توليب” شفتيها ببلاهة لتضع كفيها على كفيه الموضوعة على مقلتيها قائلة بصدمةٍ :
– رعد دة أخويا ..
– لو كترتي في الكلام مش هتعرفي القلم جايلك منين !!!
رفعت كفيها تعلن أستسلامها قائلة :
– لاء خلاص خلاص ..
أكملت عندما لاحت الفكرة برأسها و هي تقول بمكرٍ :
– طيب خلاص أنا هغطي عيني و أنت صحيه بمعرفتك ..
أزاحها بعيداً لتلتفت “توليب” معطية إياهم ظهرها ، مضى “رعد” نحو ” قُصي” النائم بعمق على معدته ليأخذ الأخير زجاجة الماء الباردة الموضوعة على الكومود ليسكبها على وجه المسكين ..
أنتفض “قُصي” من نومه و هو يشهق بقوة مثلما فعلت “توليب” التي وضعت كفها على فمها بصدمة ، كانت تعتقد أنها بتلك الطريقة تُذيب الثلج بينهما ليصبحا أصدقاء و لكن أزداد الوضع سوءاً عندما أستوعب “قُصي” ما يحدث ليصرخ بـ “رعد” بحدة :
– أنت متخلف في حد يصحي حد كدة ؟!!!!
ألتوى ثغر الأخير بتهكمٍ و هو يقول :
– قوم أستر نفسك !!
نظر إلى “توليب” التي كانت مخفضة بأنظارها أرضاً بحرج ، التقط كنزته ليرتديها سريعاً ، نظر إلى “رعد” بحقدٍ ليذهب صوب “توليب” التي فتحت ذراعيها لتحتضنه و لكن عاد “رعد” يجذبها من ذراعيها صارخاً بها :
– دة اللي هو أسمه أيه يعني ؟!!!
ركلت الأرض بقوة و هي تقول بغضب :
– في أيه يا رعد بحضن أخويا !!!
صمت “قُصي” و لم يتحدث عندما لاحظ أنهما سيبدأوا في شجارٍ محتدم ، جذبها “رعد” من ذراعيها بحدة ليقول :
– إياكي تلمسيه يا توليب ..
أنزعج “قُصي” من طريقته معها ليمسك بذراع “رعد” قائلاً برزانة :
– أهدى يا رعد ..
دفعه “رعد” من صدره صارخاً به :
– متدخلش أنــت !!!
صرخت به “توليب” بغضب :
– رعـــد!!!!!!
صرخ بها :
– أسـكـتي !!!
صرخت هي الأخرى و هي تدفعه من صدره صارخة به حتى أشتدت عروقها :
– لاء مـش هـسـكـت !!!!! أنت اللي تسكت فاهم ملكش دعوة بيا أنا أعمل اللي أنا عايزاه دة أخويا ملكش دعوة بينا !!!!
ضغط على كفيه محاولاً التحكم في أعصابه حتى هم بالرد عليها إلا إن جائت “إلهام” ضاربة صدرها و هي تقول :
– في أيه يا عيال مين اللي بيصرخ ..
أخذها “قُصي” و هو بقول برزانة :
– تعالي يا أمي نسيبهم لوحدهم دلوقتي ..
خرجت معه “إلهام” و قلبها ينفطر على أبنتها التي كانت تذرف الدموع ، أغلقوا الباب بهدوءٍ ..
نظرت له “توليب” بحدة و هي تقول بوهنٍ :
– انت عايز مني أيه ؟!!!
ابتعد عنها جالساً على الفراش ، وضع رأسه بين يداه و عقله مشوش ، أشفقت عليه “توليب” لتذهب نحوه ، جلست بجانبه على الفراش لتضع يدها على كتفه و هي تقول بنبرة حانية :
– رعد .. أنت لازم تتعالج ، صدقني دة أحسن ليك ..
نظر لها بعينان حمرواتان مشتعلتان ، لم تتراجع “توليب” بل ثبتت أنظارها بعُمق عيناه ، أمتدت كفيها لتحاوط وجهه كالصغير و هي تقول بحنوٍ :
– رعد .. أنا جنبك والله مش هسيبك ، أنت مريت بمراحل وحشة بحياتك عشان كدة مشوش و دايماً بتزعق ، نسيت أنك أدمنت قبل كدة ، أنا واثقة فيك وعارفة أنك مش هتكررها أنا بس مش واثقة في نوبات غضبك ، أنت أذتني كتير يا رعد و أنت عارف دة بسبب غضبك اللي مش متوقعة ممكن يعمل أيه فيا ، رعد أنت بسبب غضبك قتلت أبني وكل دة ليه ؟ عشان حضنت أخويا اللي هو كنت محرومة من حضنه طول عمري ، زقتني من على السلم وخليتني أجهض البيبي اللي الله أعلم لو كان جه يمكن كنت عملت فيه حاجة من غير مـ تقصد ، أنت عارف أنه كان هيملى حياتي .. عارف اننا كان ممكن نبقى 3 أفراد ؟ ، قبلها أغتصبتني فاكر ؟!!! صدقني انا لو فضلت أعد انت عملت أيه فيا هتكره نفسك و هكرهك أنا كمان ، و دلوقتي جاي عايز تمنعني من حضن أخويا تاني .. طب و لو حضنته يا رعد عقابك المرة دي هيبقى ايه ؟!!! أنا مش بقولك أتعالج عشان بتغير عليا بس ، أنت عملتلي كتير أوي ..
كل دة بيقول أنك مريض يا أستاذ رعد ، و لازم تتعالج ، أعمل حسابك لو عاندت و متعالجتش هتخسرني ، بس المرة دي هتبقى خسارة كبيرة أوي !!
كان مقطب الحاجبين و هو يستمع لها ، أ كل ذلك كان بمكنون قلبها ، كانت تشهق بكاءاً بين الكلمة و الأخرى ، يعلم تماماً ما تشعر به ، ذلك الأحساس عندما يخذلك من كنت تتباهى به ، سكين حاد يقطع بقلبها دون رحمة ، و للأسف هو صاحب تلك السكين ، كفكفت دموعها ، لمَ البكاء ؟ لن يُجدي نفعاً البكاءً و العويل ، نظرت له ، نظراتٍ ممزوجة بالخزى ، رأت بعيناه الامعتان ندمٍ كبير و لكن لم يفصح عنه ، و أخر جملة خرجت من ثغرها :
– بعد أذنك أنا في بيت أهلي لما تتعالج ابقى تعالى .. أو حتى لو مجيتش .. مبقاش فارق معايا .
ثم خرجت ، خرجت و لا اقصد من الغرفة ، لا بل من حياته ، نزعت نفسها منه .. عنوة ..
تحرك ببطئٍ ليخرج من الغرفة ، لا بل من المنزل بأكمله ، أتقل سيارته ليندفع بها و هو لا يستطيع التحكم بسرعة السيارة ، و سرعة دقات قلبه الخائفة من فقدان النقطة البيضاء الوحيدة بحياته .. هي .
• • • •
جالسة بغرفتها تتذكر عندما كاد “أياد” أن يصفعها عندما علِم بما فعلته ، تذكرت صراخه بوجهها عندما قال :
– و أنتِ مالك بيه مـ يموت و لا يولع ازاي تركبي معاه في عربية واحدة و توصليه المستشفى كل دة و أنا قاعد هنا كيس جوافة عشان الهانم موبايلها فاصل شحن مش كدة !!!
لأول مرة ترى “أياد” بتلك الحالة ، هي تعذره و لم تغضب من حديثه ، فـ هي تعلم أن أعصابه كادت تتلف من فرط خوفه عليها ، عِندها أعتذرت بهدوء لتترك نيرانه دون أن تخمد متفادية غضبه الجحيمي ، رغم بروده الكثير من الأوقات ولكن عند غضبه يتحول لشخصٍ أخر غير “اياد” البارد ..
• • • •
– هطلقك مش قبل 3 شهور كمان !!!
توسعت مقلتيّ الأخيرة و هي تقول بصدمة :
– 3 شهور أيه !!!!
نظر لها ببرود و هو يقول بعقلانية :
– أنتِ لسة حتى مكملتيش 20 سنة دة أولاً ، ثانياً أحنا مكملناش مع بعض 3 شهور حتى عارفة لما تبقى عروسة جديدة مكملتش 3 شهور و أتطلقت و هي لسة صغيرة دة معناه أيه ؟!!! ، أنا مش هتأذي في حاجة أنتِ اللي هتتأذي .. أرجعي البيت يا حلا .
ولج إلى الغرفة بملابسه المبللة تاركاً الأخيرة بصدمة مرسومة على وجهها ببراعة ، ترك الغرفة بأكملها لينزل الدرج بخطواتٍ سريعة ، كان من السهل دخوله فقد جاء ببعض من الحراس بقوة بدنية كبيرة أطرحوا حراس “رعد” أرضاً لتسنح له الفرصة للدخول ، أدار مقبض الباب و لكن توقف عندما ظهر وجه “رعد” أمامه ، لم يشعر “زين” إلا و بلكمة تصفع وجهه بقوة جعلته يرتد للخلف ، أطاحه “رعد” أرضاً صارخاً به حتى أشتدت عيناه حمرةً :
– بقا جايب شوية رجالة **** و جاي تقتحم قصري يا ابن الـ *** !!!!!!
ظل يركله بقدميه بمعدته بـ لا توقف و كأنه يفرغ شحنات غضبه به ، خوفه و غضبه من حديث “توليب” جعله فقد عقله ، “توليب” .. طفلته و زوجته و والدته .. لا يستطيع فقدانها ، لا يستطيع المضي قدماً بحياته دونها ..
ركضت “حلا” على الدرج بقوة حتى كادت أن تسقط و هي تصرخ بـ “رعد” :
– رعــــد سـيـبـه !!!
بدا و كأنه لم يسمعها ، بل أندفع الأدرينالين بـ دمه و هو يزداد بـ ركل “زين” ، “زين” الذي لم ينطق حرفاً متقبلاً ضرباته له ، هو يعلم أنه أخطأ بـ حق زوجته ، سيفعل أي شئ كي يستردها مجدداً …
أطبقت “حلا” على ساعديّ “رعد” قائلة برجاء حارٍ وسط دموعها التي ترقرقت بمقلتيها :
– و حياة توليب عندك سيبه !!!!
تيبس جسده فجأة ، و تيبست الحروف على شفتيه ، سكُن تماماً مبتعداً عن “زين” ، “توليب” .. أغلى و أثمن و أنقى شئ حدث بحياته ، همسٌ يقول له الأن فـ لتذهب لها و تصفعها بقوة على قسوة كلماتها التي رمتها بوجه ، ثم يكسر عظامها عناقاً قوي يدفن به وجهه بعنقها على قسوته الماضية معها ، همس فؤاده ، أنطفئت عيناه يأساً و بؤساً ، مجدداً ستبقى بعيد عنه .. لماذا كل شئ نقي بحياته يتركه و يذهب .. أهو بتلك القذارة !!!!
تركهم صاعداً لغرفته بخطوات ربما غير متوازنه ، ماذا إن قال لك أعز و الأقرب لـ قلبك أنه سيخرج من حياتك تماماً ، سيبتعد تاركك بـ منتصف الطريق لا تعلم أتُكمل سيراً أم تعود إدراجك ؟!
تمنى لو يُدير مقبض الباب ليجدها ، يجدها بـ تقطيبة حاجبيها ، يجدها بحُزنها و شفتيها المزمومة ، يجدها بـ إبتسامتها التي يعشقها ، بـ ضحكتها المتغنجة التي تصدح بالأرجاء ، يجدها بشقاوتها و مرحها ، يجدها بطفولتها و براءتها ، يجدها فقط و كل شئ سيبقى على ما يرام ، و سيُثلج صدره الذي يشتعل داخله ..
لفحه الهواء البارد و كما توقع ، كانت الغرفة فارغة تماماً ك فراغه من الداخل ، رمى بنظرةٍ على الفراش المُرتب ، وثب بقوة كالجبل لا يتزحزح عكس مقلتيه المرهقة ، ظل ينظر للفراش ما يقارب دقيقتين ، ثم دلف للمرحاض بتؤدة ، فتح صنبور المياه ليرفع مقلتيه ناظراً لنفسه بالمرآه ، و لأول مرة ينعكس السواد الذي بقلبه ليظهر بالمرآة أمامه ، تجسدت أمامه “توليب” و هي تصرخ ببكاءٍ ، رأى شريط حياتهما و ما تكبدت من مآسي و حزن ، و رُغم هذا فـ هي ضحت بالكثير لتبقى بجانبه .. و هو لا يريد حتى التضحية بغروره و عنجهيته ، نظر ليداه ، بيداه تلك أغتصبها .. و بيداه قتل طفلهم الذي كان سيضيف لمسةٍ رائعة لحياتهم و يملؤها بهجةٍ ، و بيداه صفعها و قبض على خصلاتها ، و بيداه أحتضانها و شدد على معانقتها ، و بيداه ضرب مرآة الحمام الأن لتتهمشم تاركة شروخٍ لا تنصلح ، ليس كل شئ كُسِر قابل للإصلاح .. و إن أُصلِح سيترك ندوبٍ و شروخٍ لن تلتئم مهما مرت السنين ..
سقطت الدماء من كفيه بغزارة ، تصلب و جهه و هو يتذكر ، لو كانت بجانبه الأن لأعتنت به ، لوبخته عما فعل ، لو كانت بجانبه لأهتمت به و عالجته ، لعالجت جراحه رَغم جراحها بقلبها الذي كان سببه هو ، خطاً لا بل أخطاء يدفع ثمنها الذي كان حقاً حقاً ثمين ..
خرج من المرحاض بـ قلب شاق ، أخذ هاتفه من جيب بنطاله و هو يضغط على شاشته ، وضع به على أذنه ليردف :
– دكتور .. إحجزلي معاد بكرة .
ضمت رأسه و هي تضعها على فخذها ناظرة لوجهه المكدوم و هي تردف :
– زين رد عليا و النبي !!!
نظر لها “زين” بعيناه الشبه مفتوحتان و هو يقول بمداعبة ظهرت بها نبرة متألمة :
– ابن عمك دة غشيم أوي ..
أبتسمت وسط دموعها التي أنسابت على وجهها و هي تضم رأسه إلى صدرها بأقوى ما لديها و هي تربت على خصلاته بحنو ، أمتلء ثغره بإبتسامة فرحة ، عاد يدفن وجهه بصدرها الذي أشتاق لدفءه ، هو عوقب بما فعله به “رعد” و لكن هو يعذره ، ما فعله بـ “حلا” مروع .. هو حتى لم يتخيل أنه من الممكن أن يفعل بها شئٍ كهذا ..
ساعدته “حلا” على النهوض بصعوبة لثقل جسده ، ساندته “حلا” حتى وقف مجدداً لتقهقه “حلا” بقوة و كأنها لم تضحك من قبل ، حدق بها “زين” بدهشة ليصرخ بها أن تتوقف ، نظرت له “حلا” كاتمة ضحكتها و لكن أنفلتت مجدداً و هي تقول وسط قهقهتها :
– عيشت و شوفتك متخرشم من رعد يا زين ياقناوي ، أحسن تستاهل ..
قالت بشماته و هي تخرج لسانها له بطفولية ، رماها “زين” بنظرة معتاظة و لكنه عاد يحدق بها بنظرته الماكرة قائلاً :
– طب يلا على بيتنا بقا عشان نشوف مين اللي هيتخرشم النهاردة !!
توسعت مقلتيها لتبتعد قائلة :
– لاء بيتنا مين .. انا قاعدة هنا ..
جذبها ذراعيها صارخاً بها :
– نـعـم يا روح أمك قاعدة فين هو أنا وشي يتورم بالشكل دة عشان تيجي سيادتك و تقوليلي هقعد !!!!
نظرت لوجهه المشوه لتمُد اناملها حتى همت أن تتلمس كدماته لولا كفه الذي قبض به على رسغها قائلاً بتحذير :
– إياكي ..
أعادت كفيها بجانبها بإبتسامة لتكتف ذراعيها قائلة :
– طب أعتذر الاول وبعدين هاجي معاك .. و لا أقولك أعتذر و بعد كدة فسَحني و بعدين وديني أكُل غزل بنات وبعدين نروح نهسر ع البحر و نشوف الشروق و الشمس و هي بتطلع و بعدين هفكر أسامحك يا زين !!!
تجمدت عيناه ببلاهة نوعاً ما و هو يغمغم بصدمة :
– ليه كُنتي أنجلينا جولي !!!!
رفعت إحدى حاجبيها و هي تقول بأنفٍ مرفوع :
– أحلى يا بابا أنجلينا مين دي كلها نفخ أنما أحنا طبيعي كله طبيعي ~
صدحت ضحكاته الرجوليه و هو يميل برأسه للخلف من شدة الضحك ليعود جاذباٌ إياها لأحضانه و هو يقول بمكرٍ :
– و أنا مبحبش غير الطبيعي !!!!
أبعدته “حلا” و هي ترفع سبابتها بحذرٍ :
– أنا قولت أيه !! مش هصالحك غير لما تعمل الحاجات اللي قولت عليها ..
نظر لها بنفاذ صبرٍ ليقول بصرامة :
– طب يلا أتنيلي روحي ألبسي مستنيكي برة ، 5 دقايق يا حلا لو ملبستيش في ظرف 5 دقايق هسيبك و أمشي
ركضت “حلا” على الدرج بأقصى قوة لديها صارخة بحماسٍ :
– فوريرة !!!
أبتسم بعشقٍ ليخرج من القصر ، أستقل سيارته منتظهرها ، و بالفعل لم تفُت سوى خمس دقائق ليجدها تركض نحوه ، أستقلت بجانبه لتصفق بمرح قائلة :
– أطلع بينا على بتاع غزل البنات ..
• • • •
– يا بنتي بس فهميني ايه اللي حصل ..
قالت “إلهام” محتضنة أبنتها و هي تربت على كتفها ، أجهشت “توليب” بالبكاء و هي تجيب :
– كان دة اللي لازم يحصل ، أنا عارفة أنه مش هتيعالج و مش هيتقدم خطوة ، لازم أعود نفسي على عدم وجوده ..!!
أبتعدت عن حُضن والدتها لتهرب منها ذاهبة لغرفة “قُصي” ..
ألتفتت والدتها تُحدق بـ “قُصي” قائلة :
– أدخل يابني شوفها يمكن تعرف اللي حصل .. يلا ربنا يهديكوا ..
نظر لها “قُصي” لينهض ذاهباً نحو غرفته ، لوى مقبض الباب ليلج ، رآها متكورة على نفسها على فراشه و هي لا تتوقف عن البكاء الذي كاد أن يقطع أنفاسها .. أقترب منها ليجلس على طرف الفراش ، لأول مرة يراها بتلك الحالة ، تمنى لو يمسك بـ “رعد” ليُلقيه درساً لن ينساه ، أهو لا يعلم أن من يبكي طفلته يلقيه بالنيران !!
ربت على خصلاتها قائلاً بحنو :
– أهدي يا حبيبتي ..
أزدادت “توليب” بكاءاً على بكاءها ، جذبها “قُصي” لأحضانه و هو يمسح على ظهرها ، حاوطته “توليب” صارخة بجنون عاشق :
– أنا بحبه جداً و الله بس أنا عارفة أنه مش هيعمل حاجة و مش هيحاول يتغير سواء عشاني و لا عشان أي حد ، أنا عارفة انه أناني و مش بيفرق معاه حاجة .. أنا تعبت يا قُصي !!
ظلت شهقاتها تتوالى و هو ظل يهدهدها حتى غفت من كثرة الأرهاق كالأطفال و الدموع تبلل مقلتيها عالقة بأهدابها .. دثرها “قُصي” جيداً ثم خرج ..
• • • •
ألتهمت “حلا” غزل البنات” بلونه البنفسجي المبهج ، بينما “زين” مكتفي بالنظر لها ، فقط مركز نظره عليها ، و في طريقهما أبتاع لها “بلالين هيليوم” كادت أن تجن بهما ، كان الطريق يخلو من المارة سواهما ، فأخذت تضحك بقوة و هي تدور حول نفسها كالأطفال ، كان يبتسم على رؤيتها فرِحة بتلك الطريقة الجنونية ، و كم يعشق جنونها ..
استقلا السيارة ليدس “زين” المفتاح بالسيارة قائلاً :
– هوديكي بقا مكان عُمرك مـ فكرتي تروحيه ..
ابتسمت “حلا” بسعادة لينطلقا بالسيارة لوجهتهم ..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)