رواية انت ادماني الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة محمد
رواية انت ادماني الجزء الثامن عشر
رواية انت ادماني البارت الثامن عشر
رواية انت ادماني الحلقة الثامنة عشر
– و حياة أغلى حاجة عندك يا حلا متقوليلهوش ..
هتفت بها “توليب” و هي متشبثة بكفي “حلا” و عيناها الدامعة تقطر رجاءً .. لان قلب “حلا” و هي تربت على كفي “توليب” الممسكة بكفيها لتردف بتردد مشفق :
– يا توليب مش .. مش هقدر أخبي عن رعد انك حامل .. عشان خاطري سبيني أقوله .. يمكن ده يحسن منش وضعكوا وتبطلوا خناق
أصدرت “توليب” حركات نافية هيستيرية برأسها تليها شهقات متتالية بإنتفاضة جسد تمكن من الألم .. حتى أصبح يستوطنه ! ، بينما “حلا” التي كادت أن تدمع عيناها و هي تراها بتلك الحالة لتردف بصوتٍ مهزوزٍ :
– خلاص ..عشان خاطري بطلي عياط .. مش هقوله خلاص عشان خاطري أهدي ..
• • • •
لم تتركها “حلا” طوال الليل .. ظلت بجانبها حتى هدأت “توليب” وراحت في سُباتٍ عميق ، بينما “حلا” حقاً مشفقة عليها ، فـ بعد هروب “رعد” – كالعادة – إزدادت حالتها سوءاً ، حتى أغشى عليها من كثرة البكاء لتجلب “حلا” الطبيب دون عِلم “رعد” الذي غاب طوال الليل وحده الله يعلم أين هو .. لم تهاتفه عما حدث بزوجته رغبةً من “توليب” ، وبينما الطبيب يفجر قنبلة بوجههما عندما قال بإبتسامة لزجة :
– مبروك يا مدام انتِ حامل !!
ثم أكمل ببعض النصائح :
بس حضرتك لازم تاخدي بالك من صحتك ، أي حزن زياد ممكن لا قدر الله يُجهض الجنين ..
كان هذا بمثابة فجعة لـ “توليب” ! فـ كانت تتذكر كيف أراد “رعد” أن يجعلها تأخذ عقاقير منع الحمل لتزداد رجفتها أكثر و كأن أفعى لسعتُها ليصبح دمها السام .. يأخذ مجراه بأوردتها ..!!!
• • • •
في اليوم التالي ، لم يكن أقل حزناً من السابق ، بل إزداد حزناً ..!
لم يأتي “رعد” .. ولم يتصل حتى ليطمأن عليها ، وبأي عين سيتصل ؟
و “توليب” .. تلك التي كل دقيقة تمر عليها تزداد حالتها سوءاً ، تلعن ذلك الإحساس الذي يجعلها تقلق عليه .. لِم لم يخرج من عقلها أو .. قلبها !
هو لم يقدم لها سوى الحزن والمشقة .. ، بينما هي ؟ هي حمقاء لأنها لازالت .. تعشقه .. بجنون !
• • • •
و أخذت تتوالى الأيام بروتينية مملة ، تشعرك بالأختناق ! و “رعد” لم يعود .. و كأنه يعذبها فوق عذابها ..
و في اليوم الثالث من غياب “رعد” و أزدياد حالة “توليب” سوءاً ، و تحديداً عندما دقت الساعة الرابعة فجراً ، دس “رعد” المفتاح في باب القصر ليفتحه بتمهل و أغلقة بالمثل ..
و لم تكن حالته أقل سوءاً من “توليب” ، مقلتيه القاسيتان كانت على العكس تتفجرا شوق وعشق جارف يمزق قلبه بقسوة .. ، صعد الدرجات برشاقة و هو يثتنى ذراعيه الموضوع عليها حلة بذلته الكحلية القاتمة ، بينما على ملامحه إنهاك لم يعهده ، خطى ناحية غرفتها ليمسك بمقبض الباب و هو يلفه بهدوء شديد ، ولج للغرفة بأنوارها المغلقة وذلك الظلام الكاحل ليشعل نور هادئ للغاية ليراها ، سرى بجسده قشعريرة إشتياق ليقترب و هو يراها تنام كالجنين و خصلاتها التي بات يعشقها حرفياً تتوسد الوسادة بجانبها ، تمنى لو يرسمها الأن ، أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليدون كلمة المرور والتي كانت عبارة ببساطة عن أسمها .. ثم فتح الكاميرا ليأخذ لها صورة و هو يحدجها بعشق .. وضع الهاتف على الكومود بجانب الفراش ثم رمى بحلته على الأريكة ليستلقى بنصف جلسة جوارها و هو يحدق بها بعينان ألتمعت بالعبرات المتحجرة بعيناه تأبى النزول ، أرجع غرة عجرية كانت ساقطة على وجهها برقة شديدة ليضع يده عند أذنها سانداً رأسه بيداه و هو يتأملها .. و كأنها إحدى اللوحات لفنان مشهور ، تأملها من رأسها إلى أخمص قدميها ، وجدها ترتدي قميص يصل لمنتصف فخذيها مرسوم عليه إحدى رسومات أميرات ديزني باللون الوردي (كت) تاركاً ذراعيها وقدميها السمراويتين كالشوكولا اللذيذة ظاهران للعنان ، أغمض عيناه يحاول أن يتحكم بنفسه من ذلك المظهر الذي يجعله يفعل أشياء لن تعجبها ، تألمت ذراعه من تلك الوضعية الغير مريحة أطلاقاً ، نزع حذائه اللامع ثم سند رأسه على الوسادة بجانبها ليجذب رأسها وهو يضعها على صدره برفق ثم قبض على خصرها برقة ولكنه سمع تآوه بسيط منها و أنعقاد حاجبيها بتألم ، قطب حاجبيه بغرابه عن سبب تالمها ذاك ، نهض برفق حتى لا يصحوها ثم رفع القميص الخفيف عن جسدها حتى خصرها الرفيع ، تقلصت ملامحة و هو يرى كدمة زرقاء على خصرها ليغمض عيناه و هو يلعن غباءه ، تمنى حقاً لو كانت يده قُطعت .. ، حمد الله أن نومها ثقيل فإذا نهضت ورأته على تلك الحالة بالتأكيد لن يمر اليوم مرور الكرام ، أخذ مرهم للجروح والكدمات ثم نظر لخصرها المكدوم بندم ، مال بثغره نحوه ليلثمه برقة شديدة ، جلس ثم أخذ يضع المرهم على خصرها بواسطة يده يفركه برقة شديدة حذراً أن لا تصحو ، أنتهى من معالجة خصرها ثم أنزل القميص مجدداً و هو يلعن ويسب نفسه بهمس خافت ، نهض ليفك أزرار قميصه و هو يقذف به على الأرض ف هو بات يختنق من كل شئ حوله ، مارس تمارين الضغط أكثر من مائة مرة .. وكأنه يعاقب نفسه .. بينما “توليب” أخذت تفرك عيناها و هي تتلوى بقلق عندما شعرت بحركة غير طبيعية بالغرفة ، فتحت جفنيها ببطئ لترى “رعد” يمارس الضغط وصدره يعلو و يهبط بإهتياج و العرق يتصبب من جبينه بينما عروق يده السمراء بارزة بشدة و كأنها ستنفجر و عروق عنقه بالمثل ، شهقت بحدة لتنتفض من الفراش و هي تحدق بحدة ، نظر لها “رعد” بعينان حمراويتين بقسوة و لكنها لانت قليلاً عندما حدق بهيئتها المرتعبة ، نهض ثم توجه ناحية الثلاجة الصغيرة الموضوعة بركنِ ما بالغرفة ثم أخذ زجاجة مياه ليفرغ ما بها على وجهه وجزءه العلوي العاري ، كانت المياه باردة للغاية و لكنه لم يهتم ، فـ تلك النيران المندلعة بداخله طغت على أي شعور ببرود يختلجه ، بينما “توليب” ترميه بنظرات حادة ، أردفت “توليب” بحدة :
– أنت أيه اللي جيبك أوضتي ها ؟ أطلع برا مش عايزة أشوف وشك ..!
بللت شفتيها بخوف قليل و هي تجده يحدق بها بحدة جعلتها تريد قطع لسانها ، تقدم منها و نظراته القاتمة تحدق بها ليضع ذراعيه على الحائط جوار رأسها و تلك عضلات معدته بل عضلات صدره بأكملها تجعل “توليب” تحدق بذلك الفارق بينها ، ف هُما لا يُقارنا ..
ازداد رعبها و هو يقرب وجهه من وجهها قائلاً بنبرة حقاً أستنفذت طاقته لكي بتحكم بها :
– توليب .. أعدلي لسانك .
شعرت بقوة تتغلغل بين ثناياها لتحاول إزاحته و هي تردف بقوة :
– مش هعدله يا رعد ! واللي عندك أعمله .. أنا بكرهك يا رعد عارف يعني أيه بكرهك ! أطلع من حياتي بقا ..
أغمض عيناه و كلمة “أكرهك” تتردد بأذنه جعلته يسند رأسه على الحائط جوار رأسها بالضبط ، أسند جبهته على الحائط المجاور لرأسها بإرهاق ليقبض على ظهرها من الخلف و لم يقترب من خصرها أبداً خوفاً من أن تتألم ، لتصبح في حضنه حرفياً ، أنتفخت أوداجها رغم ذلك الدفئ الذي يسير بين عروقها و كادت أن تدفعه و لكنه تراجعت عندما قال بنبرة مهزوزة كمن أوشك على البكاء .. وهذا كان كالصدمة بالنسبة لها :
– أنا .. أسف
أطبقت على شفتيها تمنع تلك الشهقات التي تهدد بالخروج ، نبرته جعلتها تتمنى لو تحتضنه ثم تبكي منه .. وعليه ..
و لكن جميعها أمنيات .. لن تتحقق !!
أغمض عيناه و هو يسند رأسه على كتفيها ثم أخذ يقربها منه و يده على ظهرها ، لثم عنقها الأسمر عدة قبلات و بين كل قبلة و الأخرى يردد بندم شديد “أسف” ..!!
أما “توليب” فكل قبلةٍ منه كان قلبها الذي يدق كالطبول يحُثها على مسامحته ، أغمضت عيناها و هي تشعر بإنسياب دموعها على وجنتيها ، أرتجفت شفتيها بشدة لينتفض جسدها ثم أخذ يرتعش كمن أُصيب بصاعقة مدمرّة ..
أبتعد “رعد” سريعاً عندما شعر بإرتجاف جسدها بتلك الطريقة ، كادت أن تسقط بضعف عندما أبتعد ليلتقطها “رعد” قبل أن تصل ركبتيها إلى الأرض ثم أخذ يحدق بها بقلق ، شفتيها أصبحت بيضاء كمن أُخذ منه الروح ، ليسندها “رعد” بقلق و لكن كانت قدمىّ المسكينة رخويتان ، لم يعد بمقدورها الأنتصاب و كأنها شُلت ! ، حملها “رعد” ليضعها على الفراش و هو يمسد على جبينها بتوجس :
– توليب .. حبيبتي أنتِ كويسة ؟
كانت جملته كالقشة التي قسمَت ظهر البعير ، لتجهش بالبكاء و هي تضع يداها على وجهها و جسدها ينتفض بعنف ، أخذت تتآوه بألم من ذلك العشق الذي يضعفها ، شعر “رعد” بالألم على حالتها وعلى حاله .. ألتلك الدرجة تكره تقربه منها ؟ ، صارت تنفر منه ؟ أخذ يتوسلها و هو يكوب وجهها بنبرة متألمة و هو يرى علو شهقاتها :
– خلاص أنا أسف و الله أسف .. مش هقربلك تاني بس كفاية عياط ، خلاص هخرج و مش هتشوفي وشي بس بلاش تعيطي لو سمحتي ..
لم يزيدها هذا سوى بكاء يليه جسدها الذي أنتفض بشدة مع شهقاتها ، نزع “رعد” يداها من على وجهها ثم أخذ يزيل دموعها بأنامله و هو ينظر لها بحزن ، ألهذه الدرجة صارت تكرهه ؟
أبتلع غصة في حلقه كادت تخنقه ليكوب وجهها و هو ينحنى بثغره يقبل جبينها .. قبلة اضاحت لها كم الاشتياق الذي يعانيه .. والألم !!
أعتدل في وقفته ليذهب و هو يلج خارج الغرفة يغلق الباب بحدة جعلتها تزداد بكاءْ
تشبثت في وسادتها لتكتم شهقاتها بها .. الى متى ؟ الى متى سيظل تأثيره بها يضعفها هكذا ؟ هي تكره الضعف ولكن لم ترى بجواره سوى ضعف !! ضعف مميت يجعلها تتمنى لو تقتله ثم تقتل نفسها بعده .. أحقا ستنسى كل ما فعله ؟ ستنسى و تمضي قدما في حياتها تاركين ذلك الحزن ورائهما ليبدأوا حياتهم الجديدة والمليئة .. بالحب ..!!!
• • • •
في اليوم الموالي ..
– توليب حبيبتي انتِ كويسة ؟
قالتها “سمر” الجالسة و على محياها قلق شديد ، تاركة “جاسر” يعنف ذلك الـ “رعد” و هو من الأساس غير مبالي !
أومأت “توليب” بتلك العينان التي فقدت بريقها ..
أشفقت “سمر” على “توليب” لتقول وهي تربت على ذراعيها بحنو :
– قوليلي عمل فيكي ايه الزفت ده ؟ توليب انت مكنتيش كدة !! انا عمري م شوفتك بالضعف ده !
وكانت كلماتها كالسهام التي تنغرز بقلبها .. لتزيده بكاء و حزن .. و هي أصبحت تتيقن الأن انها أصبحت هشة .. نتيجة أفعاله
فضلت”توليب” الصمت كالعادة ولكن تقلصت ملامحها عندما شعرت بالأمتعاض .. أمسكت بمعدتها بألم لتركض الى المرحاض تفرغ ما بمعدتها وسط نشيجها وذلك البكاء الحاد ..
بينما في الأسفل ..
أردف “جاسر” بغضب و هو لا يصدق كتلة البرود التي أمامه :
– أنا مش عارف هو أنت مش هتتغير ؟ هتفضل بارد كدة طول عمرك ؟ أرحمها بقا يا رعد أنتوا مش عارفين تتأقلموا مع بعض سيبها تشوف حياتها و شوف حياتك أنت كمان ..!!
رمقه”رعد” بسخرية حادة :
– آآه فهمت .. أسيبها تشوف حياتها مم .. و هي حياتها هتكون معاك مثلاْ ؟ بتحلم !
تأفف “جاسر” و هو يقول بصدق :
– لاء يا رعد .. أنا بحب سمر و هنتجوز .. أنا بقول كدة عشان خايف عليكوا أنتوا الاتنين .
قهقه “رعد” و هو يرجع رأسه للوراء ليهتف وسط ضحكاته :
– ضحكتني .. آآآ
كاد أن يكمل و لكنه سمع صوت بكاء شديد يعلمه جيداْ ، أنتفض “رعد” من مجلسه ليركض ذاهباْ ناحية الغرفة ولكنه توقف عندما وجد “جاسر” كاد أن يأتي وراءه ليزمجر به “رعد” بحدة :
– و حياة أمك !! أنت رايح فين ؟
أكمل “رعد” هرولته وهو يصعد درجتين يسب “جاسر” بألفاظ نابية .. دلف لغرفتها ليجد صوت بكائها من المرحاض ، ذهب للمرحاض ليجدها تتقئ بشكل مؤلم وشهقاتها تعلو أكثر ، أقترب منها و هو يرفع خصلاتها عن وجهها يحتضنها من الخلف و هو يضع يده على يدها الممسكة بمعدتها ، و مع أنه أخذ قرار بعدم الأقتراب منها وسكن رؤيته لها بتلك الحالة كانت أشبه بتلك البرودة التي تضرب الجسد جاعلة اياه يرتجف .. بألم ..
نظر الى سمر ليقول :
– سمر لو سمحتي أطلعي برا دقيقتين ..!
تنحنحت “سمر: بحرج لتخرج من الغرفة بأكملها بهدوء .. أعتدلت “توليب” بوقفتها بعد أن غسلت وجهها جيداْ ليمسح “رعد” على جبينها المتصبب عرقاْ و هو يستطرد بحنو بالغ :
– تحبي نروح للدكتور ؟
نفت برأسها سريعاْ فهي تعلم سبب ذلك التقئ .. أسندت رأسها على منكبيه بأرهاق ليغمض “رعد” عيناه وهو يستشعر لذة قربها منه .. قربها يفقده صوابه و يجعله يحترق أشياقاً ليصبح كالرُماد المنثور ..
وضع يده عند ركبتيها والأخرى عند ظهرها ليحملها بخفه ، حاوطت هي بدورها عنقه لتسدل جفنيها بإرهاق شديد و هي تشعر بخمول ..
ذهب بها ناحية الفراش ثم وضعها على الفراش و هو يطالعها بحنو ، أنحنى ليقبل جبهتها برقة ثم ذهب ..
• • • •
نامت “توليب” الكثير من الوقت لتصحوا عِند أذان الفجر ..
أدت فرضها بخشوع و هي تدعي ربها أن ينتهي ذلك العذاب ، أنتهت ثم أخذت هاتفها لتهاتف الممرضة المسئولة عن حالة “قُصي” ، بدأت حديثها عندما قالت بأسف لطيف :
– أزيك يا نيرمين ؟ معلش يا حبيبتي أنا أسفة اني بكلمك في وقت زي دة بس في موضوع مهم عايزة أسألك عنه ..
أردفت المدعوة “نيرمين” بصوت يغلبه النعاس :
– أتفضلي يا دكتورة توليب ..
إزدردت ريقها و هي تقول :
– هو المريض اللي جاي جديد ده .. قُصي .. أيه أخباره ؟ أنا يعني عارفة ان انتِ الممرضة المسئولة عن حالته ..
قطبت “نيرمين” حاجبيها بدهشة من ذلك الأهتمام به لتقول :
–
– آآه أستاذ قُصى ..! حضرتك فكرتيني هو كان عايز يشوف حضرتك عشان مش راضي ياخُد أي أدوية ..
زمت شفتيها وهي تتمتم :
– خلاص أنا كدة كدة كنت جاية بكرة ..
أنهت أتصالها مع “نيرمين لتلتفت ورائها و لكنها تراجعت بعينين جاحظتين عندما وجدت “رعد” ملامحه مغلفة ببرود صقيع و هو يقول :
– كنتِ بتكلمي مين ؟!
حاولت إستجماع شتات نفسها من وجوده المفاجئ بالغرفة و فوق هذا يتجول بحرية بجزءه العلوي العاري و بنيته القوية تلك ، حاولت كبح غضبها و لكنها لم تستطع حيث قالت بإندفاع :
– هو أنت بتمشي كدة وسط الخدم عادي ؟!!!
حملقت المسكينة بالفراغ لتضع يداها على فمها سريعاً من تلك الحماقة التي قالتها ، أغمضت عيناها و هي تلعن غباءها .. و في ثواني و بحركة مباغتة جذبها “رعد” من ظهرها له و لكن لم يقترب من خصرها مطلقاً ، طالعها بإبتسامة زينت ثغره و هو ممسك بخصلة مموجة من خصلاتها قائلاً بنبرة حاول أن يخفي عشقه لها ولكنه .. لم يستطع :
– بتغيري ؟!
نفت برأسها سريعاً و كأنها تؤكد لنفسها قبله ان ذلك الشعور من المستحيل أن يُخالجها .. و آه مما يأتي بعده ..!!
أبتسم “رعد” بشدة حتى برزت أسنانه البيضاء ليبتعد قليلاً و هو ممسك بكنزة “بيجامتها” ، كاد أن يرفعها قليلاً و لكنها قبضت على يده بصدمة من جرأته :
– أنت أتجننت ؟ بتعمل أيه ؟!!
تلاشت أبتسامته و هو يقول بحدة :
– أتعدلي و لمي لسانك ..
ثم أكمل بإبتسامة تحمل قدر كبير من الخبث و المكر و نبرة ذات مغزى و هو مقترب منها :
– دماغك انتِ اللي قذرة دي مش بتاعتي !!
شهقت وقد أنفجر الأدرينالين بدمها لتضربه على صدره و هي تزم شفتيها من وقاحته ، تعالت ضحكات “رعد” حتى أرجع رأسه للوراء لتنظر له “توليب” بغيظ مكبوت ..
أمسك “رعد” بكنزتها وسط ضحكاته ليرفعها
قليلاً وسط تزمراتها و هي لا تعلم ما غايته بالضبط ، نظر هو لتلك الكدمتين الموضوعتين على خصرها الأسمر ، وضع يداها على إحداهما و هو يقول بتساؤل نادم :
– بيوجعوكي ؟
و رُغم تلك الكهرباء التي صعقت بها فجأة عندما لمسها و لكنها حاولت جاهدة أن تتوازن و هي تقول :
-ل.. لاء
حملق بها “رعد” بجمود و هو يقول :
– كدابة ..!!
أبتعدت بأنظارها عن عيناه فـ هي بالفعل كاذبة .. هُما يؤلمانها حد الجحيم ، و لكنها من المحال أن تقول له شئ كهذا ، يجب أن تظل أمامه قوية .. و لكن عن أي قوة تتحدث عندما تكون بقربة ؟
تسارعت دقات قلبها كالطبول عندما أمسك بخصرها و هو يتفحص تلك الكدمة ، يعلم أنه شدد على خصرها حينها ولكن لم يتوقع أنه سيكون سبب بظهورهما ، تنهد بألم ليعتدل بوقفته بعدما كان ينحنى قليلاً ليصبح في مستوى خصرها ثم أرجع الكنزة مجدداً و هز بقول بألم :
– مكانش قصدي صدقيني ..
أشاحت أنظارها بعيداً عنه بألم لتكتم دموعها التي ملئت مقلتيها ، تمنعها من السقوط .. تنهد “رعد” عندما شعر انها ستبكي .. و ما من مشهد مؤلم سوى سقوط عبراتها على وجنتيها ..
– تيجي ننزل نخرج ؟
قالتها “توليب” وقد تغير مزاجها فجأة لتظهر نبرتها المتحمسة .. طالعها “رعد” بصدمة قائلاً :
– نــعــم !!
أبتسمت “توليب” من ملامح الصدمة التي أرتسمت على وجهه لتنفجر ضحكاً و هي تسند يداها على ركبتيها من شدة الضحك ، أبتسم “رعد” على تلك المجنونة ليلتفت و هو يطالع ساعة الحائط وراءه قائلاً بسخرية :
– هو في حد يخرج الساعة 5 الفجر ؟
أومأت “توليب” بأعتيادية و هي تقول :
– ايوة عادي .. يلا عشان خاطري .. بُص انا بلبس ف 5 دقايق والله و أنت ألبس و أنزل خلينا ناكل أيس كريم ..
فكر “رعد” قليلاً ليجد انها فرصة ذهبية لن تُعوض ليجعلها تسامحه ليقول بإبتسامة لطيفة :
– تمام ، دقيقتين و الاقيكي لابسة و إلا أقسم باللهه ..
بترت عبارته و هي تقول مشيرة بكفيها مانعة إياه :
– والله مـ تحلف و بعدين انا مش بتأخر اصلاً متقلقش ، يلا بقا برا عشان عايزة ألبس ..
نظر لها “رعد”بإستنكار ليخرج و هو يضرب كف بآخر من تلك المجنونة التي بعد أن خرجت أسترق السمع ليجدها تصفق و تصيح بسعادة ، تنهد بسعادة من داخله و هو يشعر بأمل يحلق بالأفق .. ذهب لغرفته ثم اخرج بنطال من خامة الجينز و قميص شبابي تاركاً أول زرين مفتوحين لتظهر عضلات صدره الصلبة ، إرتدى ساعة من ماركة عالمية و “شمّر” أكمام القميص ثم مشط خصلاته و نثر عطره الرجولي ذو الرائحة المميتة ..
خرج من الغرفة ليذهب لغرفة “حلا” ليطمأن عليها ..
• • • •
في غرفة “حلا” ..
كانت “حلا” تنام على معدتها واضعة أمامها لاب توب و هي ترى أحدى المسلسلات التركية و بجوارها طبق مليئ بالتسالي .. سمعت من يطرق الباب لتوقف المسلسل و هي تقول معتدلة بجلستها :
– أدخل
دلف “رعد” لتطلق “حلا” صفير عالي و هي تقول بأعجاب :
– مين القمر دة ؟ هو القمر بيظهر بعد الفجر ولا أيه !
قهقه “رعد” على تلك الفتاة ليقترب و هو يقرصها من وجنتها الممتلئة قائلاً :
– أخبارك يا كلبة ؟
قطبت حاجبيها من سبه لها لتقول بإنزعاج زائف :
– الله دة مين اللي جاي يجُر شكَلي دة ؟ بتشتم لية دلوقتي يا أخ ؟
رفع “رعد” حاجبه الأيسر و هو يقول مستنكراً :
– أخ ؟!!
أكمل قائلاً بحدة زائفة :
– أتعدلي يا بت ..
ثم أكمل ساخراً :
و بعدين ايه اللي مصحيكي أنتِ مش المفروض تشربي كوباية اللبن و تغسلي رجلك و سنانك وتنامي ؟
ضربت “حلا” على صدرها كحركة للتعبير عن صدمتها و هي تقول :
– لبن و أغسل سناني ورجلي !!
نهضت بإندفاع و هي تقول زامة شفتيها :
– أنا مسمحلكش ع فكرة ، وبعدين أنا لسة زعلانة منك عشان توليب كانت بتعيط بسببك طول الأيام اللي كنت فيها برا ..
تنهد “رعد” فقد مرت عليه أسوء أيام حياته حقاً ليقول :
– متفكرنيش ..
زمت شفتيها لتقول و هي تغير مجرى الحديث حتى لا تحزنه قائلة بمرح :
– أيوة دلوقتي أنت متعود أنك تظهر قمر كدة بعد الفجر يعني ولا أيه ؟ وبعدين أيه ريحة الرفيوم دي ها ؟ مـ تبقى تحيب شوية دة أنا حتى بنت عمك ..
طالعها بإستنكار و هو يقول :
– أديكي شوية ؟ دة رجالي يا ماما .
اومأت بإعتيادية :
– أه م أنا عارفة .. بص أنا بحب البرفيوم الرحالي أكتر من البناتي هبقى أجي أحُط من عندك بقا ..
ربت على كتفيها بشفقة :
– ربنا يشفيكِ يا بنتي
نظرت له تضيق عيناها بغيظ ليقول و هو يضحك برجولية :
– طب خلاص متزعليش أهدي في دخان بيطلع من مناخيرك
أنفلتت ضحكة من “حلا” لتقول :
– دخان من مناخيري ؟ هو أنا دزنانور ؟ “ديناصور”
وضع “رعد” يده على جبهته بقلة حيلة و هو يتمتم :
– دزنانور ..دزنانور ..!!!
رفع رأسه يرميها بنظرات غيظ و هو يلعن قدومه إلى هنا .. نهض و هو يقول متجهاً لباب الغرفة :
– أبقي قابليني لو جيت هنا تاني ده يخربيت اللي ييجي يطمن عليكي يا شيخة .. أنا خارج أنا و توليب ..
صرخت “حلا” على جملته الأخيرة لتقول بحماس :
– أيه ده أنتوا أتصالحتوا ؟
لم يرُد “رعد” عليها ليخرج من الغرفة بأكملها فـ هو حتى لا يعلم إطابة هذا السؤال ..
توجه ناحية غرفتها ليفتح الباب يجدها جالسة على الفراش ترتدي الحذاء الرياضي ، طالع هيئتها ليجدها ترتدي “جيب” طويلة باللون الأسود فضفاضة بعض الشئ تعلوه “شميز” باللون الأبيض نصفه السفلي داخل الـجيب مع حلة نسائية من نفس لون الجيب و حذاء رياضي من اللون الأبيض و حجاب من اللون الكاشمير ، بينما لا تضع أيّ مستحضرات تجميل فـ بدى وجهها أكثر براءة .. ضيق عيناه بغضب و هو يقول :
– أيه اللي أنتِ لابساها ده ؟
نظرت لملابسها بغرابة فهو محتشم لا يبرز جسدها لتقول :
– ماله ؟
صاح بغضب و هو لم يعُد يتحكم بأعصابه :
– ماله ؟ مخليكي حلوة زيادة عن اللزوم .. أتفضلي غيريه حالاً ..
وضعت يدها على خصرها و هي تتشدق بعناد :
– لاء مش هغيره طبعاً بعد كل ده و أغيره ؟ مستحيل !
أقترب منها بعيناه المشتعلة ، برغم خوفها و لكنها ظلت على وضعيتها تضع يداها على خصرها بحنق ، صفع “رعد” يداها بحدة ليسقطهما بجانبها و هو يقول بزمجرة :
– أتعدلي ..
فركت “توليب” يداها بألم و هي تقطب حاجبيها بإنزعاج ، حاول “رعد” أن يهدأ قليلاً و هو يقول بهدوء :
– توليب روحي غيري هدومك و أنا هشوف هتلسي أيه ..
شهقت “توليب” لتقول :
– أنت هتتحكم في لبسي ؟ لاء طبعاً البس اللي أعوزه طلامها محترم ..
أرجع “رعد” رأسه للوراء يحاول أن يهدء نفسه و هو يخرج شهيق و زفير ، لا تنكر أنها خافت و بشدة لتتجه للخزانه بضيق تبحث عن آخر ترتديه ، و جدتها خلفها يزيحها عن طريقه ليقف هو أمام الخزانة ينتقي شيئاً ما لترتديه ليخرج dress كاجوال فضفاض و به حزام من نفس قماشته من على الخصر بينما تنتهي إكمامه بـ “كورنيشة” تعطيه مظهر رائع ، به ورود رقيقة للغاية من اللون البنفسجي و الأبيض ، أخرجها لتنظر له و هي تتأفف لتلتقطه بعنف و هي تضرب قدميها بالارض تنظر له بحنق ، أبتسم بحنو ليقرص وجنتيها السمراويتين و هو يقول :
– شوكولاتي اللي بتسمع الكلام ..
رفعت حاجبيها من ذلك اللقب و هي تقول بدهشة :
– شوكولاتك ؟
أومأ و هو يطالع بشرتها السمراء الصافية بعشق حد النخاع لتبتسم “توليب” على ذلك اللقب ليخرج “رعد” تاركاً لها الحرية لكي ترتدي ملابسها لينتظرها بالخارج ..
بعد فترة ليست بكثيرة خرجت “توليب” من الغرفة لتنزل الدرج ليطالعها بنظرات شغوفة تمتزج بنظرات غيرة و هو يقول بحنق :
– هو أنتِ مافيش حاجة بطلعك وحشة أبداً ؟
أبتسمت “توليب” لتتأبط ذراعيه و قد شعرت أن روحها عادت لها مجدداً ..!!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)