رواية انت ادماني الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة محمد
رواية انت ادماني الجزء التاسع عشر
رواية انت ادماني البارت التاسع عشر
رواية انت ادماني الحلقة التاسعة عشر
و في الساعة الخامسة فجراً .. والشمس على وشك البزوغ ، رائحة الطريق بذلك الوقت تشعُرك بـ سلام نفسي ، الطريق خالي تماماً فـ هذا شئ طبيعي .. فـمن يُفكر بالخروج بهذا الوقت سوى المختلين عقلياً ؟.. بينما “توليب” تشتم تلك الرائحه لتخرجها زفيراً و هي مغمضة العينان .. تسير بجوار “رعد” و بيدها مثلجات بالشوكولا ، كان “رعد” يتأملها ليردف بحنو :
– حلو ؟
أومأت “توليب” سريعاً بطفولية و هي تقول :
– حلو اوييي ..
أبتسم “رعد” لينظر أمامه و قد تهللت أساريره فـ هي و أخيراً سامحته ، أنتشلته “توليب” من أفكاره و هي تقول :
– على فكرة احنا هنفضل هنا للساعة 7 و بعدين هروح المستشفى ..
تلاشت أبتسامته ليلتف لها و هو يقول بتحذير :
– إياكي تقابليه .
أزدردت ريقها فـ هي من الأساس ستذهب لتطمئن عليه .. بينما تأكد “رعد” من أنها ستفعل ليقبض على يداه و هو يكورهما بقسوة بالغة .. رفع سبابته بوجهها و هو يزمجر :
– توليب صدقيني هيبقى فيها نهايته و نهايتك !
و هُنا أنفجرت أوردتها و هي تقول بصوتٍ شبه مرتفع :
– رعد ده شغلي و مش من حقك تتحكم في شغلي و في حياتي !
أُظلمت عيناه و من حُسن حظها أن الطريق يخلو من المارة .. فـ لو كان يوجد شخص واحد و هي تصرخ عليه هكذا كان لن يرحمها ..
أغمضت “توليب” عيناها فـ هي قد عاهدت نفسها أن لا تجعل شئ يعكر صفوهما هذا اليوم خصيصاً ، نظرت له و هي تحاول أن تمتص غضبه و لكن هيهات :
– خلاص يا رعد أهدى مش هقابل حد ..
نظر لها “رعد” بسُخرية ليقبض على ذراعها و هو يجذبها خلفه بينما هي مستسلمة تماماً فـ هي مهما حاولت لن يترك يداها ، اتجها نحو سيارته ليدخلها بغضب شديد و هي يستقل محله أمام المقود و عيناه مشتعلتان ، زمت “توليب” شفتيها فـ هي بالأساس كانت تتوقع قدوم رياح تزعزع فرحتهما .. نظرت له بخيبة أمل لتقول بأسف :
– رعد خلاص أهدى لو سمحت صدقني مش هقابلوا .. متقلبش اليوم نكد بقا ..
نظر لها بجمود و هو يدس المفتاح بالسيارة لتتأفف و هي تنفجر ملوحة بيداها :
– خلاص أتفلق ..!!
توقف عن فعل أي شئ ليلتفت لها بنظرات تعرفها جيداً و هو يقول :
– أنتِ قولتي أيه ؟
نظرت أمامها و هي تلعن ذلك اللسان ، أغمضت عيناها وأخذت تشتم نفسها و هي بوقف لا يُرثى له ، ألتفتت له و هي تقول على مضض :
– مقولتش حاجة ..
قبض على ذراعيها و هو يجذبها نحوه صارخاً في وجهه بعنف جعلها تُغمض عيناها بأسف :
– قـولـتـي أيـه عيدي !
أغمضت عيناها بصدرٍ يعلو ويهبط من شدة الخوف ، كانت قريبه منه و بشدة حتى أن أنفاسه الغاضبة تتغلغل في رئتيها لتصبح .. تتنفسه ..!!
لملمت شتات نفسها و حاولت تحمل ذلك الألم الناتج عن قيضة يده الفولاذية على ذراعها ، و من ثم باليد الأخرى حاوطت ظهره وهي تضع رأسها على كتفه القاسي ، شعرت بإرتخاء عضلاتها عندما رسمت على ظهره خطوط عشوائية لتخف قبضته على ذراعها تدريجياً حتى تركها تماماً و عوضاً عن ذلك حاوط خصرها بيدٌ واحدةٌ مغمض العينان ، أبتسمت “توليب” بإنتصار فـ هي فقد أرادت أن تشعره بإحساس الضعف ذلك الذي يتلبسها كلما أقترب منها ، ألتفتت بثغرها لأذنه بهمس يشبه همسه المشابه لفحيح الافعى :
– دة كان أثبات صغير أنك ضعيف قدامي يا .. يا رعد ..!!!!
ثم أبتعدت بهدوء كأنها لم توقظ للتو الوحوش بداخله .. كأن شئ لم يكُن !!
أخذت جملتها ترن بأذنه و كأنه لم يُصدق ما حدث منذ دقائق ، لم يصدق أنها للتو أثبتت له أن كما تدين تُدان ، ذلك الخزى الذي جعلها تشعُر به هو يشعر به الأن ، تفاقمت النيران بداخله و هو يشاهد ثغرها يرتسم عليه أبتسامة أنتصار جعلته على وشك الجنون ، و لكن بالتأكيد أدم لن يجعل حواء ترى ضعفه هذا ، ليلتفت للمقود أمامه و لكن قبل أن ينطلق بالسيارة أردف بنبرة يتغلغلها حقد و رغبة بالإنتقام قائلاً :
– متلعبيش معايا يا توليب .. قولتهالك قبل كدة و هقولهالك تاني ، مش هتتحملي اللي هعملوا فيكي أقسم بالله !!
برغم ذلك الخوف الذي جعل قلبها ينتفض و شعورها فجأة بالبرودة تحاوطها و لكنها أبت أن تظهر هذا على صفحات وجهها و هي تقول بإبتسامة متحدية :
– بس أنتَ لسة ماشوفتش لعبي يا رعد !!!
• • • •
و في مشفى الدكتور “مجد” ، و خصيصاً بداخل غرفة “قُصي” كان يستشاط غضباً من تلك الماثلة أمامه ليقول بعنف :
– أنتِ عايوة أيه يا بت أنتِ اطلعي برا ..!
نظرت له “حلا” و هي مضيقة عيناها لترف سبابتها في وجهه قائلة بتحذير جدي :
– أحترم نفسك .. أنا لساني فالت و مش جاية اشاهد جمالك على فكرة !
ولكنها بداخلها تحدثت بنبرة شغوفة ” دة أنت قمر يخربيتك ” !!
نظر لها “قُصي” بحدة لينقض عليها ممسك بسبابتها ليلويه بحدة حتى كاد أن يكسره ..
تأوهت “حلا” و هي تشعر أنه على وشك الكسر بالفعل لتصرخ به و قد ألتمعت عيناها بالعبرات من شدة الألم ..
زمجر “قُصي” بمكر و هو يقرب منها يلوي ذراعيها لخلف ظهرها قائلاً بخبث :
– و أنا مدمن و ممكن أقتلك دلوقتي .. أو …
ثم نظر لها من رأسها إلى أخمص قدميها بنظرات جعلت جسدها ينتفض رعباً و قد توقفت أنفاسها عِند ذلك التهديد و تلك النظرات و التي لم تريها لأول مرة ، فـ هي تعلمها جيداً .. لا بل تحفظها ..!!
هربت الدماء من وجهها ليصبح شاحب للغاية بالإضافة لشفتيها التي تحولت لزرقاء و كأن روحها تخرج من جسدها الأن ، بينما قطب “قُصي” حاجبيه بقلق ليتركها و هو يقول :
– مالك ؟ أنتِ كويسة ..؟
أخذت تتنفس بصوتٍ عالياً و هي تضع يداها على قلبها و تشهق شهقات عدة كأنها تحتضر ، هرع “قُصي” ليجلب كوب من الماء و هو يقترب من “حلا” التي باتت حالتها تسوء أكثر من قبل ، ربت على ظهرها و هو يقرب كوب الماء من ثغرها لترتشف عدة رشفات قليلة ، أمسكت بالكوب بأيدي مرتعشة لتنظر له بغضب و قد هدأت قليلاً و توازنت ، تحولت عيناها لكتلتين دمويتين لتتمسك بكوب الماء جيداً و هي تضغط عليه بقوة لتصف يده الموضوعة على ظهرها مبتعدة عنها ، و من ثم باغتته برمي محتوى الكوب على وجهه و هي تصرخ به شاتمة إياه :
– أنت حيوان و زبالة ..!!!
و ثم قذفت بالكوب على الأرضية و هي تحدق به بغضب شديد لتطالع هيئته المزرية و قد تبلل قميصه الأبيض بالماء ولسوء حظه أنها كانت شديدة البرودة ، و لكنها لم تكن أكثر برودة من برودة جسدها عندما طالعها بتلك النظرات ، فـ كانت كمن تتلقى نيزك بوجهها ، عيناه كانت كالنيازك في شدة أشتعالهما بالفعل ، رفع رأسه لأعلى مغمض عيناه و هو يتحاول قدر إستطاعته التحكم في ذلك الصوت بداخله الذي يحثه على صفعها الأن ، عقدت “حلا” ذراعيها و هي تتلاعب بضفيرتها الموضوعة على أحدى منكبيها و مع تلك الكنزة بحمالاتها الرفيعة و ذلك البنطال الذي يضيق من الأعلى و من الأسف واسع كـ قدم الفيل ، لتبدو أكثر براءة .. وجمال
ازدردت “حلا” ريقها و هي تشاهده يقترب منها عدة خطوات منها .. و كل خطوة تشاهده يقطعها تقطع هي خطوتين للوراء ، حتى وصلت الى الحائط الذي يجاور باب الغرفة ، كادت أن تبكي و هي تشعر أنها أصبحت محاصرة من الخلف بحائط صلب و من الأمام ايضاً تواجه حائط صلب ، فقد كان صدره صلب كالحائط الموجود وراءها بالضبط .. و لا مفر .!
– انتِ عارفة أنتِ عملتي أيه يا شاطرة ؟
ثم أكمل حديثه و هو يقول بمكر و خصلاته تسقط منها قطرات المياه :
– و بعدين لما أنتِ بتقلبي قطة أوي كدة أيه اللي مدخلك أوضة واحد و هو قاعد لوحده ؟ لاء و كمان مدمن ؟ أنتِ متعرفيش المدمن ممكن يعمل فيكي أيه ؟
تجمدت أنظارها لتقول ببرود :
– أحترم نفسك يا بني أدم .. و بعدين أنا قولتلك مش جاية عشان عيونك العسلي دي .. أنا جاية أشوف توليب ..
قهقه “قُصي” برجولية و هو يرجع برأسه للوراء لتضرب “حلا” قدميها بالأرض و هي تلعن غبائها فـ هي للتو أخبرته صريحة بجمال عيناه ..
نظر لها “قُصي” و هو يبتسم قائلاً بمزاح :
– عيوني العسلي ها ؟
أشاحت بأنظارها عنه و هي تقول :
– أبعد عايزة أمشي ..
أبتسم نصف أبتسامة ماكرة ليقول بخبث غامزاً بعيناه :
– هو دخول الحمام زي خروجه و لا أيه ؟
نظرت له برعب و قد توسعت عيناها و راحت تجول بعقلها تلك الذكريات التي تحاول قدر أستطاعتها أن تنساها ..
أبتسم “قُصي” عندما شاهد الرعب بداخل عيناها ليبتعد مفسحاً عنها الطريق ، أرخت “حلا” ملامحها عندما شاهدته مفسحاً الطريق لها ، و لكن حلقت فرحتها بالأفق عندما سارت بضع خطوات ليقبض على ذراعيها قائلاً بأمر لا يُقبل فيه النقاش :
– أعتذري !!
نظرت له بإستنكار و هي تقول :
– أعتذر ليه أن شاء الله ؟
لم تتغير نظرته الجامدة و هو يقول :
– عشان شتمتي ..
رفعت حاجبها الأيمن و هي تقول عاقدة ساعديها بتحدي :
– طب مش هعتذر .. واللي عندك أعملها ..!!
نظر لها بتحذير مؤكداً على حديثها ببرود :
– اللي عندي أعمله ؟
تهاوت قوتها أمامها على الأرضية فهو يضغط على وتر حساس بالنسبة إليها .. وتر يذكرها بأبشع ذكريات حياتها …
• • • •
بينما في السيارة ، كان الجو مشحون غضباً ، إلا من أنفاس “رعد” الهادئة تماماً كـ هدوء الأسد الءي على وشط الفتك بفريسته ، بينما “توليب” وصلت لأعلى مراحل النشوة ، كان “رعد” يتجه لمكان عمل “توليب” و بداخله نيران مشتعلة ، أوقف السيارة أمام المشفى و هو يتحاشى النظر إليها تماماً مركزاً أنظاره للأمام كما لو كان يشاهد معادلة صعبة واضعاً تركيزه كله بها ، أخذت “توليب” حقيبتها الصغيرة لتترجل من السيارة ثم أغلقت بابها لتدنو برأسها و هي تقول بنبرة مستفزة جعلته يريد قتلها الأن :
– باي يا رودي …!!
فور أبتعاد رأسها عن السيارة لينطلق “رعد” بالسيارة بأقوى سرعة لديه تاركاً وراءه غبار الأرضيةالإسفلتيه ، دلفت “توليب” للمشفى و هي تبتسم بنشوة و قد راق مزاجها كثيراً ، أتجهت صوب غرفته لتستمع لمشاجرات حادة لصوت .. “حلا” ..!!!
دلفت للغرفة بتعجب و هي ترى “حلا” تصرخ بوجه “قُصي” الواقف ببرود أمامها ، صمتت “حلا” و هي تطالع “توليب” بإشتياق لتنقض عليها و هي تقبلها بوجنتيها قائلة :
– توليب حبيبتي تعالي يا قلبي وحشتيني أوي .!!
أبتعدت “توليب” عاقدة حاجبيها قائلة بدهشة :
– هو أيه اللي بيحصل ؟ وبعدين وحشتك أزاي مـ انتِ عايشة معانا في البيت يا عبيطة ..
و أخيراً نطق “قُصي” و هو يقول بسخرية و مازال على هيئته لم يتحرك :
– و انتِ أزاي متحملاها أساساً ؟
نظرت له “حلا” و هي تخرج لسانها بطفولية لينظر لها “قُصي” بإستنكار و هو يبعد أنظاره عنها ..
ضحكت “توليب” و هي تقول بتساؤل :
– أنتِ أيه اللي جايبك يا لولا ؟ و بعدين أنتوا بتتخانقوا كدة عادي في مرضى تاني حواليكوا !
– يا توليب أنا جيت عشان أشوفك و بعدين دخلت الاوضة دي بالصدفة .. و لاقيت الكائن دة في وشي ..
نظر لها “قُصي”ليصرخ بها بحدة :
– بس يا شبر ونص أنتِ ..!!
و ثم أخذوا يتشاجرواً مجدداً لتصرخ بهم “توليب” بحدة مصطنعة :
– بـس أنتوا الأتنين !!
صمتوا عدا النظرات الذي يرميمها كلاهما بعضهما البعض ..
حاولت “توليب” أن تهداً قليلاً خوفاً على طفلها الذي بالتأكيد أنزعج من صوتهما المزعج ، تذكرت إهمالها التام له لتقرر أن تحجز ميعاد عن دكتورة نساء لترى حالته ، تمنت حقاً ان يكُن “رعد” بجوارها و لكن .. حسناً ستبعد عاطفتها تلك و ترجع لعقلها قبل أن تفعل أي شئ تندم عليه ..
نظرت لهما بضيق لتقول إلى “قُصي” بحدة :
– خدت أدويتك ؟
– لاء
هتفت بأمر :
– أتفضل خُدها !
صفقت “حلا” بإنتصار لتصمت و هي ترى نظرة “تزليب” الحادة موجهة لها لتسكن تماماً و هي تطالعه “قُصي” بحدة الذي كان يأخذ أدويته بهدوء تام ..
هتفت “توليب” و قد تذكرت تلك العجوز :
– هي فين مامتك ؟
– جاية بعد شوية ..
كانت إجابته مختصرة و لكن تنُم عن ضيق بدأ يتسلل داخله ..
اومأت “توليب” لتقول و هي تسأله مجدداً :
– هو أنت أسمك قُصي أيه ؟
نظر “قُصي” لها بغرابة ليجيب :
– قُصى عز الدين محمد .. أشمعنى ؟
إزدردت ريقها و هي تكمل :
– طيب هي .. هي مامتك كانت متجوزة قبل باباك ؟
نظر لها بنفاذ صبره ليجأر بها بحدة :
– قصدك أيه بأسئلتك دي كلها ؟!!
صرخت “توليب” بصوتٍ أعلى وسط “حلا” التي لا تفهم شئ مما يحدث :
– جاوب من غير أعتراض !
تأفف و هو يقول بتحذير :
– متعليش صوتك !!
ضربت قدمها بالأرض غضباً و هي تكرر سؤالها بحدة :
– رد عليا كانت متجوزة قبل كدة !!
– أيــوة !!
هدأت نبرتها و هي تقول بنبرة على وشك البكاء :
– كان أسمه أيه ؟
– ياسر الشرقاوي !!!!!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)