رواية الورد الذابل الفصل الثاني 2 بقلم روان حمدي
رواية الورد الذابل الجزء الثاني
رواية الورد الذابل البارت الثاني
رواية الورد الذابل الحلقة الثانية
_ عايزة إنك تتخلى عن هند.
مرت لحظات صمت كثيرة إلى أن قال:
وقتها هترجعيلي أنتِ والطِفل؟
وعد؟
ضحكت بخفوت:
في أي يا محمد؟ من أمتى وأنت بالضعف دا.. ولا من أمتى انا فارقة معاك.
نزل على ركبتيه وهو يمسك بكف يديها ودموع تنزل أمامها:
أنا بحبك يا ورد، مقدرش استغنى عنك.. مقدرش!
_ طيب طلقها.
حينها صمت لحظات أخرى لترد هي بالنيابة عنه:
أي خايف تتطلقها؟ أنت أناني يا محمد عايزنا أحنا الأتنين في حياتك، مش هتقدر من غير هند عشان أتعودت عليها ومش هتقدر من غيري عشان نفس التعود، أنت شخص أناني لكنك مقدرتش تحب واحدة فينا، العيب فيك مش فيا حتى! أنت مصمم تكون الشخص اللي أنت فيه دا بلا سبب واضح حتى.
_ لا لا انا بحبك يا ورد.
ضحكت بسخرية وألم:
بتحبني؟ بتحبني دي كلمة كبيرة اوي انت متعرفهاش، إنك تحب شخص يعني تخاف عليه أكتر من نفسك.. تخاف عليه من الهوا، تخاف ليضايق يزعل..
صمتت ثواني وهي تأخذ أنفاسها بسرعة:
مش تروح تقهره بأيدك.
نزلت دموعها بكثرة وهي تنظر له بنكران وألم:
أنت مكنتش متخيلة منك أنت بالذات كدا، أنا راهنت عليك قدام الكل.. قطعت علاقتي بأكتر الناس في حياتي عشانك! سمعت كل حاجة قولت عليها ونفذتها، جيت على نفسي في حاجات كتير جدًا، بس في الأخر أي؟ أنت شخص مؤذي.. مفكر هقدر ارجعلك أنا واللي في بطني عشان تعرف تأذينا؟ هرجعلك عشان ترجع تأذيني وتأذي معايا روح بريئة مختارتش حاجة وأنا اللي اختارت بالنيابة عنها.. أنا اسفة يا محمد رجوعنا شيء مفروغ منه، خلي مامتك تفرح ببعدنا دا، اكيد هي مرتاحة دلوقتي إني طلعت من حياتكم، بقالها كتير مفرحتش بالشكل دا من زمان.
_ ورد عشان خاطري، هتغير.. و..
_ محمد قولتلك خلاص الموضوع خلص لهنا، أنا أديتك فرص كتير بس أنا اللي كنت مغفلة وكان لازم أمشي من بدري أوي.
_ مش هقدر من غيرك يا ورد أنتِ روحي.
ضحكت ضحكة خفيفة نابعة من سخريتها العميقة لتقول بألم:
روحك؟ روحك يا محمد؟ فلنفترض دا بس أنت قتلت روحك دي بأيدك، أنت قتلتني، كلمة روح دي متنفعش علينا لإنك لا حبتني ولا شوفتني روحك زي ما بتقول، لإني لو كدا مكنتش أذتني بالشكل دا.. أمشي يا محمد.
_ يا ورد!
_ كلامنا خلص.
_ ووقت ما يجي الطفل هتقوليله أنا بعدت عن باباك ليه ولا هتحرمينا من بعض؟
_ متخافش مش هحرمك منه، ومن هنا لوقتها ربنا يحلها.
حاول أن يضيف كلامًا أخر لكنها تركته ذاهبه إلى غرفتها وهي تتنهد بتعب، لا تدري كيف ستتصرف الان وكيف ستكمل ما بدائته فبكت بشدة حينها دخلت والدتها وهي تضمها:
اهدي طيب هنلاقي حل مع بعض، أنتِ بتعيطي عشانه؟
_ لا بعيط عشان خايفة، وعشان غلطت..
_ غلطتي في أي؟
_ كله قالي لا وهندم، حتى أنتِ وبابا!
بدأت ورد تستعيد ذكرياتها عندما رأته أول مرة وبدأ تعارف طبيعي معتاد، إلى أن شعرت بالإنجاذب له، حينها لم تدري ماذا تفعل وكيف تهرب، ثم بدأت تشعر بحب إتجاه.. حينما رأه والدها لم يعجبه.
_يا بابا عشان خاطري!
_ لا يا ورد، لا.
_ صدقني محمد كويس والله.
_ مش كويس و خبرتك مش هتكون زي خبرتي.
_ بس أنا حبيته ومش هكون مبسوطة غير معاه.
_ هتكوني مرتاحة مع غيره صدقيني، بس أنتِ فوقي وبطلي تتعاملي إن مفيش غيره في الدنيا.
_ أنا وهو متفاهمين ومرتاحة، وصليت استخارة وحاسة نفسي مرتاحة.
تنهد بتعب:
حاسة نفسك مرتاحة ولا بتوهمي نفسك بالراحة؟
هربت من النظر إليه لتقول بهدوء:
حاسة إني مرتاحة وحتى لو مش كويس أنا اللي هعيش معاه وهستحمل.
أجاب بعصبية وغضب:
هتستحملي أي يا ورد؟ هيجي يوم وتندمي على كلامك دا كله.
قالت بعند:
مش هندم.
تنهد بيأس:
عايزة أي يا ورد؟
_ عايزة أكون معاه.
_ حددي معاه ميعاد أقابله.
وبالفعل تم الإتفاق على اليوم وأتى لهم وجلس معاه والدها الذي لم يغير رأيه إطلاقًا وبعدما رحل سأل ورد بهدوء ممزوج بيأسه:
سؤال واحد بس يا ورد وجاوبي بعقلك، هو دا اللي هتكوني مبسوطة معاه؟
أجابت بتسرع:
هكون مبسوطة أوي أوي.
نظر لها يأسًا وهو بتنهد:
ماشي يا ورد ماشي.
أفاقت ورد على صوت سناء والدتها:
قومي أغسلي وشك وتعالي نحضر الأكل مع بعض عشان تاكلي، تحبي أعملك مكرونة بالبشاميل زي ما بتحبيها؟
إبتسمت بشرود وهي تؤمن الان اكثر من اي وقتًا مضى بأن الأهل هم مصدر الدعم الأول لأطفالهم، فلولو ذلك الدعم لأصبح الأطفال موتى منذ زمن، رغم خطأها وتهورها في حياتها والتي الان تجلس تبكي بسبب خطأها الذي كان سببًا في هدم أسرة وأن يأتي طفل قريبًا إلى الدنيا تعتني به وحدها إلا أنهم لم يتركوا يدها ولم بجبروها على العودة بدأت تتذكر عندما أتت لهم وهي تبكي وتجر حقيبة ملابسها ورائها وفتح لها والدها باب المنزل:
ورد! مالك بتعيطي ليه.
أرتمت بأحضانه وهي تحتمي به وتبكي اكثر وصوت شهاقاتها يعلو:
انا اسفة يا بابا، أسفة.
_ أحكيلي يا ورد حصلك أي؟
_ أتجوز عليا يا بابا، راح أتجوز عشان يخلف.
ضمها له وهو يربط على كتفها بهدوء لتكمل:
مامته كلمتني وقالتلي إنه اتجوز، وأني معيبوبة ومش بخلف..
صوت شهاقتها ظل يعلوا:
وأنا مش مفيش حاجة، أنا مش عقيم يا بابا، والله ما عقيم ولا فيا عيب.. الدكاترة قالوا إني كويسة ومفيش حاجة تمنع الخلفة، طب أنا عملت اي طيب.. أنا مخترتش مخلفش..
_ اهدي يا ورد.
_ ليه كل دا يا بابا؟ أنا اذيتها في أي؟ أنا حاولت اكسبها، هدايا وجبت، واهتميت وعملت كل اللي اقدر عليه، هي بتكرهني بالشكل دا ليه؟
_ مهما عملتي مش هتكسبي الناس كلها، ومهما حاولتي مش هتقدري تخلي الناس كلها تحبك وتتقبلك.
ثم صمت وتركها تكمل بكائها، لتأتي والدتها تركض على صوت بكائها:
مالك يا نور عيني؟ مالك يا ورد؟ اي اللي مخليكِ تعيطي كدا بس؟
اقتربت منهم لتضمها ورد وهي تكمل بكائها:
أتجوز عليا..
صمتت بذهول:
مين دا؟
نظر لها زوجها بتحذير ليقول بخفوت:
محمد يا سناء.
سألت متعجبة:
محمد، محمد ازاي يا محمود يعني؟
قالت ورد بعدما هدأت قليلًا:
قال إني مش بخلف فقرر يتجوز عشان يخلف.
لتبتسم إبتسامة لم تصل إلى عينيها لتضمها والدتها مرة أخرى:
خلاص انتِ عايزة أي دلوقتي؟ لو عايزة يطلقها وترجعي خليكِ لحد ما يطلقها..
أقتربت من والدها قبل ان تكمل والدتها حديثها:
أنت كان عندك حق يا بابا، مكنش محمد اللي المفروض أكون معاه وأصمم عليه، أنا اسفة.
قال بهدوء:
مش مهم اللي حصل، أنتِ عايزة أي دلوقتي؟
تنهدت وقالت بخفوت:
عايزة أطلق.
إبتسم محمود توقعًا لما قالته، فهو يعلم طفلته جيدًا، عنيدة للغاية، ولن تقبل عودتها له مرة أخرى.
قالت سناء:
فكري يا ورد، أنتِ كنتِ بتحبيه ومكنتش عايزة غيره.
_ كنت! ويارتني ما كنت.. هو هدم حاجات كتير يا ماما، بابا كان عنده حق.
_ خلاص يا سناء سبيها براحتها، خليها تتطلق.
في ذلك اليوم قامت والدتها بطبخ جميع أكلتها المفضلة محاولة منها التخفيف على صغيرتها، وقام والدها بشرء العديد من الحلويات لها وملابس جديدة وبعضًا من الروايات.
يعتقد المرء أنه خسر كل شيء إلى أن ينظر إلى محاولات أسرته لمساعدته فينفي ذلك الأعتقاد ويؤمن أنه بوجودهم مازال كل شيء بخير وأن تلك الخسارة بسيطة للغاية.
في تلك الأيام علمت ورد بخبر حملها ليتحدث معاها والدها:
هتكوني مستعدة تتحملي مسؤولية طفل لوحدك؟
إبتسمت بهدوء:
هتساعدني؟
قام بتقبيل جبهاتها:
اكيد مش هسيب بنتي يعني ومساعدتهاش.
إبتسمت بهدوء:
يبقى خلاص، محمد مش هيكون الأب اللي تمناه الطفل دا.
أفاقت من كل ذكرياتها على صوت والدتها:
ورد، كلي.
إبتسمت:
حاضر.
__________
في غرفة ورد ومحمد كان محمد مستلقي على سريره بتعب وإرهاق فسمع صوت رسالة تأتي إلى هاتفه فقام مسرعًا وهو يقول بخوفت:
ورد!
ليفيق على أن الرسالة من هند التي أرسلتها عبر تطبيق الواتساب والذي كتبت بها:
“زي ما يحلالك زي هواك، سهرني عليك، سهرني معاك، دا انا عمري ما اخاف من هجرك يوم ولا قلبي بيفرح وأنا وياك، وإن كان أمل العشاق القُرب انا املي في حبك هو الحب!”
شايف سخرية أكتر من دي يا حبيبي؟
كمل بعدها وقال”وإن غبت سنة انا برضو انا، لا اقدر انساك ولا ليا غنى ولا أتوب عن حبك أنا.”
مكنتش فاهمة كل التناقض دا لحد ما فهمته معاك وفي قربك، أنت قريب وبعيد، بعيد اوي.. أبعد ما كنت اتصور، كل أمنيتي كانت لو حسيت بأي حب او إنك اتقبلت وجودي بس حتى دا مقدرتش أحسه، عارف اللي يقهر أكتر اي يا محمد؟ إني مش قادرة أنساك.. مش قادرة حتى أبعد ولا عايزة أخسرك، أنا حتى مش عارفة اكرهك على عذابي في قربك دا فبكره نفسي إنها حبتك، كل يوم بلوم نفسي على مدى حبي ليك وبتمنى لو ينتهي، لو لمرة واحدة ارتاح معاك أو أرتاح وانساك وقلبي يرتاح من ناري وكل اللي بيحصلي دا! فكرتك عوضي ووقفت اكون زوجة تانية على أمل إن ممكن تحبني لكن للاسف انت منصفتنيش ولو لمرة، حتى دي مكنتش صح فيها أنا بالنسبالك مجرد واحدة اتجوزتها عشان تخلص من زن مامتك.. مش عشان بتحبها حتى، بس للأسف أنا بحبك! بحبك أوي.
صمت وهو ينظر للرسالة العديد من المرات ويقرأها مراتٍ ومراتٍ، هل هو ظلم الأتنان الآن؟ ولكن من سيخسر؟
وماذا لو خسر الأتنان.. أخذ قرار فجأة وقام بتبديل ملابسه وقام بالخروج إلى المنزل وعلى وجهه علامات الغضب واضحة للغاية..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الورد الذابل)
