رواية المغوار الفصل السادس 6 بقلم حليمة عدادي
رواية المغوار الجزء السادس
رواية المغوار البارت السادس
رواية المغوار الحلقة السادسة
كانت تمر الأيام بسرعة، كل يوم تأتي حياة في الموعد لتأخذ منه الخشب الذي اعتاد عليه كثيرًا. أصبح لا يكتمل يومه دون رؤيتها، أصبح لا يفهم نفسه، أصبح شخصًا غير أرسلان المعتزل عن العالم. عند رؤيتها، يشعر كأنها تمتلك العالم. جلس مثل كل يوم خلف الأشجار، يختلس النظر لها حتى انتهت مع حمزة. خرج عندها وهو يشعر بسعادة. استغرب من نفسه، اقترب منها وهتف بابتسامة قائلا:
-السلام عليكم إزيك ..
إجابته بابتسامة قائلة:
-وعليكم سلام أنا بخير خذ فلوسك كامله أهي ..
حاول أن يتحدث ولكن هناك شيء يمنعه. نظرتُ له في صمت وعرفتُ أنه يريد قول شيء، ولكنه متردد. تحدثتُ قائلة بتساؤل:
– عايز تقول شيء قبل ما أروح؟
فكّ حصار صمته وهتف قائلاً:
-أنا متشكر كنتي عايزه تعرفي حكايتي و سبب تشوهي لسه عايزه تعرفي.
إجابته بابتسامة قائلة:
-إنت عايز تقولي يعني وأخيراً هتتكلم ..
-تعالي نقعد هناك
جلست على إحدى الصخور، لسان قلبها يخبرها بالبقاء وسماعه، ولكن عقلها له شأن آخر يخبرها بذهابها. ما تفعله خطأ، الجلوس معه أكبر خطأ. ولكن في النهاية، أقنعت نفسها أنها ستسمعه لآخر مرة:
-تمام قولي بقى أنا سمعاك بسرعة ..
أخذَ نَفَسًا عَمِيقًا ورَجَعَ بذكرياتِه لسنواتٍ قد مضت، ولكن تَرَكَت أثرًا لا يزال حديثًا. هتَفَ بصوتٍ حزينٍ قائِلاً:
-لما كان عمري عشرة سنوات كنت عايش حياة جميلة مع إني كنت فقير لكن كنت مبسوط أوي بوجود أمي و أبويا
يوم عيد ميلادي كنت مبسوط أوي أمي عملتلي حفلة صغيرة وبعدما الحفلة خلصت فرحة أوي لما عرفت أي هي هدية أبويا كان هياخذني لمدينة الملاهي لأني ماشوفتهاش قبل كدا
أبويا أجر عربية وطوال الطريق كنت مبسوط إني هروح الملاهي لكن سعادتنا مكملتش طلعت قدامنا شاحنة مش عارفين جت منين عملنا حادثه وتقلبت بينا العربية أكثر من مرة ولما فوقت لقيت نفسي في المستشفى ووشي متشوه بالشكل دا
وكمل بدموع أبويا مات وأمي فقدت النطق وبعدها بقت مابتتحركش بقت طول الوقت بتبص للفراغ اللي قدامها وأنا بقيت وحيد ..
فرت دمعة من مقلتيه، كيف يمكن لقوته أن لا تنهار أمامها وهو يتذكر ذكريات الماضي المؤلمة؟ مهما حاول أن يتنسى، إلا أن الجروح تركت آثارها. شعرت بالحزن لأجله، كم هو مؤلم فقدان الأهل. تحدثت بصوت حزين قائله:
-ليه مخذتهاش لدكتور نفسي علشان تتعالج ..
تنهد بحزن وتحدث قائلا:
-أخذتها لكن لأني معنديش فلوس تكفي علاجها محدش قبل يعالجها ..
شعرت بالحزن الشديد لأجله، تبدو طفولته كانت صعبة. هتفت قائلة بتساؤل:
-بقالك مدة مش عايز تحكيلي ليه حكتلي النهاردة؟
أجابها بصوت حزين قائلا:
-علشان النهاردة عيد ميلادي، افتكرت اليوم المشؤوم اللي كان سبب كل ما حدث حصلي، الكل بقى بيكرهني من غير سبب أمي مابتقدرش تتكلم أنا بقيت وحيد من غيرها ..
كم المتها كلماته؛ فهي تشعر بما كان يشعر به عندما تكون منعزلة عن الناس. الجميع يفر منها كأنها اختارت أن تكون بهذا الشكل. ظهرت شبه ابتسامة على ثغرها وهتفت قائلة:
-إنت بتقول كدا ليه أنا موجودة عايزه أطلب منك طلب ..
رفع نظره إليها وألف سؤال في ذهن: لماذا تساعده وتستمع إليه في كل وقت؛ هتف قائلا بتساؤل:
-أنا مش عارف إنتي بتساعديني شفقة ولا إيه بالضبط أي هو طلبك ..
-ليس شفقة، إنها مساعدة، لأنني حتى أنا في يوم ما سأحتاج إليها.عايزه أشوف والدتك لوسمحتلي ..
لا يعلم لماذا يسعده اهتمامها بكل شيء يخصه، أصبحت مثل نور قد أتى إلى حياته بعد الظلام:
-ماعنديش مانع لكن هتعملي إيه لوحد شافك ..
هي لا تخشى شيئًا، ألمها قلبها من أجل والدته، وأخذت قرارًا مع نفسها أن تراها. هتفت قائلة:
-مايهمنيش حد لكن ماتقلقش هغطي وشي ونروح.
تحركت خلفها، وشيء داخلها يخبرها: “لا تذهب، كيف تثق فيه وهي لا تعرفه؟” وقلبها يخبرها عكس عقلها. داخلها حرب، ولا تعلم أي طرف سينتصر. لم تنتبه إلى وصولهم حتى تحدث قائلا:
-وصلنا إتفضلي ..
نظرت إلى المنزل المتهالك وقد ظهر عليه أثر الزمان، ولج أرسلان إلى الداخل وهي خلفه تتفحص المكان. ثم ولج إلى غرفة صغيرة وهي خلفه تمشي بتوتر، ووقعت نظرها على امرأة مستلقية على الفراش، أخذ منها المرض مأخذه بوجهها الشاحب وجسدها النحيف. نظرت لها بحزن عميق، اقتربت منها وجلست جانبها:
هجيبلك حاجة تشربيها ..
-متتعبش نفسك أنا مش هقعد كثير ..
-ميصحش إزاي تدخلي بيتي وتخرجي من غير ماتشربي حاجةهعملك فنجان قهوة.
ثم نظر إلى والدته وهتف بابتسامة قائلا:
-ماما هي دي البنت اللي حكتلك عنها أنا هروح أعمل قهوة إتعرفي عليها
انهى كلماته وخرج، جلس جانبها على سريرها المتهالك، مسكت يدها وهتفت بابتسامة قائلة:
-أنا إسمي حياة مش عارفه إذا كان أرسلان حكالك حكايتي عايزه أقولك حاجة لازم تساعدي نفسك علشان أرسلان هو بيتألم علشانك هو من غيرك وحيد هو مقدرش ياخذك لدكتور نفسي ودي حاجه وجعاه أوي إنتي عايزها يبفضل كدا وحيد هو مهما كبر هيبقى محتاجك إحنا إتكلمنا شوية أنا همشي دلوقتي فرصة سعيدة هنلتقي ثاني.
القت عليها آخر نظرة، ثم خرجت وجدته يخرج من المطبخ، يحمل بيده فنجان قهوة. هتف بابتسامة قائلا:
-قهوتك جاهزة إتفضلي
مسكت الفنجان، أخذت منه رشفة ثم وضعته على المائدة الصغيرة، نظر إليها بتساؤل ثم تحدث:
-إيه هي معجبتكيش ..
هتفت حياة باستعجال وهي تدرك أنها أخطأت بقدومها إلى بيته. ماذا سيحدث إذا علمت خالتها هي نيتها المساعدة ولكن تخشى أن يساء الناس فهم ذلك:
– لا طعمها حلو أوي لوكان عندي وقت مكنتش سبتها أستئذن أنا مع السلامة ..
استغرب من تغييرها المفاجئ، خشي أن يكون قد فعل شيئًا أزعجها دون أن يدري. هتف قائلا بتساؤل:
-شايفك مستعجله في حاجه زعجتك ..
-لا خالص لكن أنا اتأخرت أوي خلي بالك منها ..
كيف تطلب منه الاعتناء بها؟ هي نور عينيه في ظلمة الليالي ومفتاح كل الأبواب المُغلقة في طريقه. تحدث قائلا:
-أخلي بالي منها دي كل حياتي ..
-إن شاءالله هتبقى كويسه مع السلامه ..
كادت أن تغادر، لكن أوقفها سؤاله قائلاً:
-خلي بالك من نفسك هتيجي إمتا؟
استدارت له وأجابته قائلة:
-وقت الشغل زي ماهو ولو لقيت فرصة هاجي ثاني أزور والدتك ..
-تعالي وقت ماتحبي ..
******
ركضت دون النظر خلفها حتى وصلت إلى منزل خالتها، ففتحت الباب بهدوء وأخذت نفساً، ولكن عندما حاولت أن تأخذ راحتها، صدمت حين وجدت أسيل تمسك في يدها النقود التي أخذتها من أرسلان وتنظر لها نظارات غير مفهومة فيها تساؤل واستغراب. اقتربت منها وهتفت بحدة: “لا تقبل لنقاش”قائلة:
-عايزه جواب واحد بس جبتي الفلوس دي منين؛ وكنتي فين؟
لقد حدث ما كانت تخشاه، هتفت بتوتر قائلة:
-اهدي ياأسيل أنا هقولك أنا مكنتش عايزه دا ..
قاطعت أسيل حديثها بصوت غاضب قائلة:
-قلتلك عايزه جواب من غير كلام كثير ..
-طيب.
سردت لها كل ما حدث منذ ذهابها إلى أرسلان، ما أن انهت حروفها حتى هتفت أسيل بغضب قائلة:
-أنا قولتلك إبعدي عنه ..
هتفت حياة قائله:
-ليه علشان مشوه هو مش بني آدم زينا من إمتا كان قلبك قاسي كدا ..
تحدثت أسيل بجدية قائلة: “هي تعلم أن قلب حياة الطيب سوف يأخذها به إلى الهوية”
-حياة انتي مش في فرنسا تعملي اللي عايزاه إنتي في قرية مش آمنة الراجل دا الكل بيتجنبه إحنا منعرفش عنه حاجة..
هتفت حياة بدموع قائلة:
كانت فرنسا أكبر سجن ليا ليه عايزين تسجنوني هنا كمان لوكان وجودي بيزعجكم أوي كدا انا راح روح.
تنهدت بتعب، يبدو أن حياتها لم تفهم ما تريد قوله لها. اقتربت منها وهتفت قائلة:
-ياحبيبتي هنا مافيش غير الذئاب كل واحد عايز ينهش في الثاني أنا قلقانه عليكي علشان كدا اتعصبت ..
هتفت حياة بطيبة قائلة:
-أرسلان إنسان طيب مش زي ما قلتي ..
تحدثت أسيل بجدية قائلة:
-أنا مقصدتوش هو بكلامي أنا قصدت الكل
حياة إنتي طيبه وبتصدقي بسرعه إنتي متعرفيش حاجة عنه أما بخصوص الشغل هنتكلم فيه مرة ثانية ..
بينما هم يتبادلون أطراف الحديث، دخلت أمل وتحدثت قائلة:
-إيه كل الزعيق دا صوتكم واصل لبرا.
انتبهت إلى النقود التي أمامهم، هتفت قائلة بتساؤل:
-وإيه كل الفلوس دي كلها؛ من وين الفلوس دي؟
يتبع…
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المغوار)