رواية المتاهة القاتلة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم حليمة عدادي
رواية المتاهة القاتلة الجزء الثالث والعشرون
رواية المتاهة القاتلة البارت الثالث والعشرون
رواية المتاهة القاتلة الحلقة الثالثة والعشرون
وقع “رام” أرضًا، أحس وكأن الأرض تدور من حوله، احتل الألم ملامحه من قوة الضربة، حاول الوقوف لكنه وقع مجددًا، وضع يده على رأسه فأحس بقطرات دماءٍ ساخنة تخرج من رأسه، وقف بصعوبةٍ بالغة.. التفت سريعًا لكي يعرف من الذي ضربه، اتسعت عيناه حين رآها تقف وهي ممسكة بيدها عصا، كانت تحدق به بفمٍ مفتوح وعيناها تكادان تخرجان من مكانهما، كان يشعر بالدوار لكنه تماسك، أمسكها من يدها وخرج يركض وهي ما زالت على صدمتها، وجد أصدقاءه في انتظارهما، ركضا باتجاه المكان الذي ترسو به السفن وهم خلفه، صعدوا إلى أول سفينة راسية.. نظر إليه أصدقاؤه بتساؤل، لكن هذا ليس وقت الرد على أسئلتهم واستفساراتهم.
ركض إلى غرفة القيادة، وجد رجلًا جالسًا يبدو عليه التعب، ويبدو من هيئته أنه قبطان السفينة أو قرصانها – من يقود السفينة حيث يُريد المسافرون فهو قبطان؛ ومن يقودها حيث يُريد هو فهو قرصان- طلب منه “رام” أن يخرجهم من هذه الجزيرة، كان يخشى أن يرفض طلبهم فهو تابع لهذه الجزيرة، فمن المؤكد أنه سيرفض، تحدث معه “رام” وحاول إقناعه، فوافق أن يخرجهم من هذه الجزيرة، فكان رده عكس توقعاته لقد أشفق على حالهم وأبدى موافقته في أن يساعدهم، لكن لكي يخرجهم كان له شرط، ظهر عليهم التوتر من شرطه، تحدث “رام” بقلق قائلًا:
وإيه هو شرطك؟
ابتسم الرجل وتحدث سريعًا عندما رأى القلق والخوف بادٍ عليهم:
أنا هخذكم لمكان ما انتوا عايزين، لكن عايز منكم تلاقولي شغل في بلدكم، لأني لو رجعت لهنا هيقتلوني.
ابتسم “رام” على الرغم من علمه أنه لن يجد عملًا حتى لنفسه، كان ما يهمه في الوقت الحالي هو الهرب من هنا، وبعد ذلك سوف يفكر له في عمل.
نظر إليه “رام” بابتسامة ووافق على شرطه، تحركت السفينة في طريقها تشق الأمواج، سمعوا صوت طلقات نارية وصوت صراخٍ عالٍ، تحدث “رام” بقلق قائلًا:
اتحرك بسرعة، الظاهر إنهم عرفوا إننا هربنا وبيدوروا علينا.
أجابه الرجل وهو ينظر أمامه بتركيز:
متقلقش، مفيش واحد غيري ممكن يقود السفينة لحد بكرة، هيجي قرصان تاني.
تنهد “رام” براحة، وجلس بتعب ثم تذكر “ماريا”، نهض من مكانه سريعًا جلس بجانبها وسألها بلهفة:
أنتِ كويسة؟
رفعت عينيها إليه وكأن كلماته لمست قلبها، نظر إلى عينيها فتاهت نظراته في بحرهما وغاص قلبه وغرق بين زرقتها، بجانبها سعادة تغمره فينسى العالم بأكمله، أخرجه من أفكاره صوتها العذب، وكأنه ألحان عزفت على أوتار قلبه، تحدثت قائلة:
أنا كويسة، أنا آسفة مكنش قصدي أضربك، افتكرتك واحد منهم.
نظر إليها فابتسامتها تجعله ينسى كل همومه، ونظراتها تسعده، أجابها والابتسامة تزين ثغره:
كل اللي يجي منك حلو عزيزتي.
وأكمل مازحًا:
لكن إيدك تقيلة أوي، من قوة الضربة افتكرت إن اللي ضربني راجل.
نظرت إليه بعينين تلألأت فيهما الدموع، أحس بالقلق وأنَّبه ضميره عندما أدرك أنه قد أحزنها بحديثه، لكنه كان يمزح، فتحدث بلهفة:
ماريا، أنا آسف، أنا مقصدش حاجة، كنت عايز ألطف الجو شوية، دموعك دي بتوجع قلبي.
مسحت دموعها بأناملها، ظهرت ابتسامة على محياها وتحدثت قائلة:
أنا مزعلتش من هزارك، دي دموع الفرح، هو احنا كدا خلاص خلصنا من التعب دا؟
أخذ نفسًا عميقًا: “آه من تلك الفتاة، عندما تحزن تبكي، وعندما تفرح تبكي، جعلت قلبه يهوي أرضًا عندما ظن أنها منزعجة منه، وتلك الدموع التي تنزل على خديها كسهمٍ غادر”، أجابها قائلًا:
كل التعب اللي تعبناه هينتهي، وأيام السعادة هتبتدي.
تحدثت “إليف” بحزنٍ بدا واضحًا عليها:
احنا هنرجع عند بابا، وهنرجع للعذاب من تاني.
قبل أن تجيب “ماريا” أشار إليها “رام” أن تصمت، اقترب من “إليف” ومسح على شعرها بحنان، وقال:
إنتِ بقيتِ أختي الصغيرة، وهتيجي معايا طبعًا دا لو معندكيش مانع.
تهللت أساريرها وارتمت بحضنه كأنها وجدت الأمان الذي كانت تبحث عنه، حنان الأب الذي فقدته وحنان الأم الذي لم تعرف عنه شيئّا، عاشت الألم والحرمان وهي ما زالت زهرة صغيرة نبتت بين أعشابٍ ضارة، وها هي الآن تجد عوضًا جميلًا تشعر بقربه بحنان الأب والأخ والسند، قطع شرودهم صوت “جان” المازح:
ما كفاية أنا كدا هعيط، تعالوا نتكلم عن فرحي أعمله فين.
وضع “رام” يده على كتف صديقه بحنان، فهو يعده بمنزلة أخيه الأصغر، ويتمنى أن يراه سعيدًا دائمًا، قال:
أنا هعملكم أحلى فرح، لكن لو زعلتها في يوم ساعتها هنسى إنك أخويا.
ابتسمت “دينيز” بخجل.. ونظرت إلى الأرض وهي تفرك يديها بخجلٍ طغى على وجنتيها، تشعر بسعادةٍ تغمرها، لقد حُرمت حنان الأم والأب، لكن عوض الله لها جميل، عوَّضها بأخٍ كريم، أما “جان” فهو كل شيء لها.
جلسوا تحت ضوء القمر الساطع، يتحدثون عن زفاف “جان” وسط فرحته هو و”دينيز”، مع مزاح “جان” الذي يملأ المكان بهجة وسرورًا، أما “رام” فكان معهم بجسده، لكن عقله في عالمٍ آخر، عالمها الذي أسرته به، كان يفكر كيف يعترف لها بحبه، هو يعلم أنها تبادله المشاعر، لكن يريد أن يسمع ذلك منها، أفاق من شروده على صوت “جان” القلق:
رام، السفينة بتتحرك بسرعة، إيه اللي بيحصل؟
أحسوا أن السفينة تهتز بقوةٍ وسط الأمواج، ظهر عليهم القلق والفزع كلما اهتزت السفينة بقوة.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المتاهة القاتلة)