رواية العشق الرمادي الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية العشق الرمادي الجزء الأول
رواية العشق الرمادي البارت الأول
رواية العشق الرمادي الحلقة الأولى
محافظة القليوبيه عام ١٩٦١
بمحطة قطار بنها
فى السابعه صباحً
كان يوم بنهاية فصل الخريف
على رصيف القطار
وقف ذاك الشاب الذي يرتدي الزي العسكري الخاص بالعسكرية المصريه ، لكن ليس مُجند هو خريج إحد الكليات العسكرية، يقوم بتدريب مجندين ينظر بترقُب نحو مدخل محطة القطار، فلقد إقترب موعد قدوم القطار الذى سيستقله الى القاهرة للألتحاق بثكنته العسكرية، لكن يخشى أن يأتى القطار قبل أن تصل تلك الحبيبة ويلقاها، أصبجت تجول برأسه بعض التساؤلات، ترا ما سبب تأخرها اليوم، هل مريضه، هل، وهل تتلاعب بعقلة الظنون، هى تعلم أن اليوم سيرحل بعد نهاية أجازته الشهرية ظل ينتظر لكن لم يفقد الأمل رغم سماع صافرة القطار الذى يقترب من المحطة، بالفعل ما هى الا دقائق وتوقف القطار بالمحطه بدأ الركاب يتدافعون إليه صعودًا، وآخرون ينزلون منه، ظل واقفًا ينتظر عيناه نحو الرصيف لكن عاودت صافرة القطار أنه يستعد لمواصلة رحلته، تنهد بآسف وهو يصعد الى القطار، لكن مازال ينظر بأمل لم يفقده،تفتحت ملامحه حين رأها تهرول على رصيف القطار، كى تلحقه وهو تستغيث ان يسمعها سائق القطار يتوقف أو حتى يُبطئ السرعة حتى للحظة تصعد الى القطار، حتى إقتربت من القطار للغايه، مد يدهُ لها بصعوبة إلتقتط يده، تمسك بيدها وبقوته جذبها حتى أصبحت بداخل القطار، توقف الإثنان ينظران لبعضهما يلهثان، عيناهم تتحدث بمزيج من الهدوء رغم صخب نبضات قلبيهم،
تتحدث العيون بأمل رغم أنه كاد ينتهي قبل للحظات، أن يذهب كل منهما بطريقه دون رؤية الآخر،
لحظات كفيلة ان تروي قلب كل منهما بأمل
تنبها على حالهم حين مر بعض رُكاب القطار من جوارهم بحثًا عن مقاعد شاغرة يجلسون عليها، حادت ابصارهم عن بعضهم، بعد ان خجلت وأخفضت رأسها، لوهله رفع يدهُ وكاد يرفع وجهها كي تعود تتلاقي عيناهم، لكن أحبط تلك الأمنيه أحد المارين الذى سار بالمنتصف بيهم، خجلت وخشيت أن يلاحظ أحد وقوفها ويفُسره خطأ، ذهبت نحو أحد المقاعد الشاغرة وجلست، كان المقعد المقابل لها شاغرًا، ذهب نحوه سريعًا وجلس قبل أن يفقد فرصة الإستماع بالنظر لها هي لن تظل طويلًا بالقطار، يعلم أنها فقط محطتان والثالثة ستترجل من القطار، للحظات، دقائق نظرات خاطفة منها له، وتأملات منه لها، يتشرب ملامحها الرقيقه، فتاة أحلامه
هنا بالقطار كان اللقاء الأول قبل أشهر قليلة جدًا، كآن القدر يرسم لهما الطريق، أحاديث بسيطة بينهم، تفاجئ بانها تدرس بـ “مدرسة المُعلمين”
لديها أمنية ان تصير مُستقبلًا مُعلمة تقوم بالتدريس، ليست مثل بقية الفتيات تود بالنهاية الزواج فقط، بل تود أن تكون صاحبة رسالة تؤديها… مُتمردة تتطلع لمستقبل فتاة عصرية بصورة خاصة بها، صاحبة كيان وشآن،تلك هي الفتاة المُلائمه لـ شاب يحمل رسالة الحفاظ على وطنه يحمي الدانه العسكرية المصرية ليس فقط “مُقاتل” أيضًا لديه قلب ينبُض بالحرية.
شعرت بنظرات عيناة لها خجلت أكثر،ونظرت عبر شباك القطار الى الخارج،خضار الأرض والأشجار الذى يمر من وسطها القطار،عادت ببصرها نحو الداخل حين سمعت صوت نحنحت ذاك الشخص الذي تحدث:
صباح الخير يا دُفعه.
تبسم له بود قائلًا:
صباح النور.
ثم تحدث إليها قائلًا:
التذكرة يا آنسه.
تبسمت له وهى تُخرج بطاقة ورقيه ومدت يدها بها نحوه قائله:
أنا معايا إشتراك فى القطر.
تبسم الكُمثري وأخذه من يدها وقرأه ثم أعاده لها قائلًا:
صباحك ورد يا حضرة الأستاذة، تعرفي أنا عندي بنت صغيرة عندها سبع سنين بتحب المُدرسة بتاعتها أوي وبتقولى نفسي أبقي زيها يا بابا، وناوي أعلمها العلام حلو وبيدي قيمة للبنات…تبسمت له بإيماءة، كذالك وافقة ذاك الشاب الذى نظر له قائلًا:
وإنت كمان يا دُفعه إنتم أمل مصر،وصل سلامي للريس “جمال عبد الناصر”
وقوله الشعب كله وراك وفي ضهرك يا ريس.
تبسم له بود لحظات
وتركهم الكُمثري وغادر،عادت تهرب من نظاراته مرة أخري لها، نظرت نحو خارج القطار،حتى إقترب نزولها من القطار، لكن عادت بنظرها نحو الداخل مره أخرى حين تنحنح نظرت له، تلاقت عيناهم، تبسم لها وهو يضع إحد يديه بداخل جيبه وأخرج مُغلفًا صغير، خفق قلبها وهي تنظر الى ذاك المُغلف، سريعًا أخذته من يدهُ وضعته بحقيبتها المدرسه وهى تشعر بزيادة خفقان وترقُب أن يكون رائهما أحدًا ولاحظ ذلك، بالفعل كان هنالك من رأي ذاك الموقف البرئ، هو ذاك المصور الفوتوغرافي، لكن للآسف لم تلتقط عدسته تلك اللحظة الخاصة، زاد بداخله فضول، رؤية هذان الحبيبان مرة أخري،
بينما توقف القطار بإحد المحطات، ترجلت الفتاة، وظل الشاب ينظر فى إثرها حتى إبتعد القطار وتلاشت من أمامه عاد يتنهد بإشتياق، لكن سُرعان ما تبسم وهو يتذكر خجلها، تنهد بأمل أن تقرأ خِطابه وتُعطيه الرد الذى يتأمله كي يتحقق أمله.
بعد وقت بتلك المدرسة الحكومية المُتخصصة بتعليم الفتيات كي يُصبحن مُعلمات لاحقًا، إنتهزت وقت الراحه بين الحِصص، ذهبت وإختلت بنفسها تحت إحد أشجار حديقة المدرسة ، نظرت حولها بترقُب تأكدت من عدم وجود أحد قريب منها، أخرجت ذاك المُغلف من جيب زيها، بيد مُرتعشة وخفقات مُتلاحقة فتحه وأخرجت تلك الرسالة التى كانت بداخله بدأ قلبها يقرأ تلك السطور المُفتقدة للتعبير الجيد كما قال
“عزيزتي آيات، يصعب على كثيرًا الحديث الذي لن يُعبر عن ما يكنه قلبي إليكِ عزيزيزتي، بل حبيبتي، لا أعلم ماذا تكون صفتي لديكِ، لكني متأكد من مشاعري نحوك، لم يكُن لقاؤنا صدفة بل كان حِلمًا وتحقق، تعلمين أني أعمل ضابط بالجيش المصري، علمتني الحربيه الحفاظ على كل ما هو غالي، وأنتِ غالية جدًا بالنسبة لى، لو توافقين أن يُصبح بيننا إرتباطً رسمي أكون اسعد السُعداء، أمامي شهر، أنتظر ردك بالأجازة القادمة، نتقابل بنفس القطار، اتمني أن تُعطيني ردًا
بالنهاية لكِ تحياتي’رحمي'” .
رساله مُختصرة لكن كانت ذو مغزي، ضمت الرسالة الى صدرها تشعر بمحبة وهيام وحِلم راودها منذ شهور حين قابلته لاول مرة بنفس محطة القطار حين كانت تهرول سريعًا كي تلحق بالقطار، إصطدمت به وكاد يتعثر إحداهما ويسقط أمام القطار لكن القدر كان رحيمًا بهما توقف القطار، نظرا كل منهما للآخر، القدر أعطى كل منهما للتو حياة أخرى، خفقات قلبيهما تناغمت بأنشودة خاصة بهما فقط، تكررت اللقاءات شهريًا لما يقترب من ثماني أشهُر تقريبًا… تفتح قلبيهم بمشاعر خاصة…
فاقت من ذاك الهيام حين سمعت صوت جرس قريب منها يُعلن نهاية وقت الراحه،
طبقت الرسالة وضعتها بالمُغلف واخفتها بجيب رداء المدرسة عاودت تُكمل بقية اليوم الدراسي، حتى وقت الانصراف عادت الى منزل والديها ترسم أحلامً بريئة، دخلت الى غرفتها أغلقت الباب خلفها وفتحت ضلفة الخزانه الخاصه بها، جذبت مِنديلًا من القُماش المُزخرف، فردت طبقاته ونظرت الى تلك الرسائل الموجودة به، رسائل كان يُعطيها لها، رسائل بها بعض كلمات الهيام والغزل الرقيق الغير مُنمق، لكنه واضح وصريح، لم ترُد على ايًا من تلك الرسائل، لكن قرأتها مئات المرات، حديثها معه مُختصرًا كلمات معدودة فقط.
وضعت الرسالة مع الرسائل الأخرى وطوت المنديل ثم إحتضنته وذهبت نحو الفراش تمددت عليه تشعر بإنشراح قلب وأماني سعيدة لكن سرعان ما خفق قلبها وتذكرت انها ستنتظر شهرًا كاملًا قبل تُعطيه ردها بالقبول… لكن سُرعان ما نهضت من فوق الفراش قائله بتذكير:
والدراسة، أنا لسه قدامي سنه كمان، وكمان انا عاوزه أشتغل أمنية حياتي أكون مُدرسة ، يا ترا هيوافق ولا هيعمل زي بابا وماما لما كانوا معترضين وبصعوبه بابا وافق بعد ما جدي “محمد” أقنعه.
زفرت نفسها تشعر بإرهاق ذهني الجواب لدي رحمي لو كان مُتعسفًا كما تسمع عن رجال الجيش، ماذا ستفعل هل تنهي أحلامها لتُصبح زوجة فقط، تذكرت محاربتها من أجل تكملة تعليمها والوصول الى حلمها أن تُصبح مُمرضةً، لولا مُساندة جدها لوالدها الذي دعمها بعد أن قرر والدها الإكتفاء بتعليمها حتى الثانوية والبقاء فى المنزل تنتظر عريسًا كبقية الفتيات، لكن هي لديها رغبة أخرى، لا تود حياة روتينيه، ماذا لو كانت عقلية رحمي مُشابهه ولا يود زوجة تعمل، يريد سيدة منزل كبقية الرجال، ظنون تتحكم بها والإجابة، لديه هو فقط.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية العشق الرمادي)