روايات

رواية ساكن الضريح الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الفصل السادس والعشرون 26 بقلم ميادة مأمون

رواية ساكن الضريح الجزء السادس والعشرون

رواية ساكن الضريح البارت السادس والعشرون

رواية ساكن الضريح الحلقة السادسة والعشرون

جلسوا داخل السيارة في صمتٍ ينتظروه، حتى يكمل حديثه….
ليبدء مالك في الحديث ليلتفت نظره قائلاً.
-ماقولتليش الحكاية تستاهل ازاي يا حامد، معلش يعني انت لما كنت قاعد معانا، و بتسمعنا امبارح كنت حاسس انك زي ما يكون عندك فكرة عن الموضوع.
حامد رابتاً على كتفه
-اسكندرية كلها عندها علم بالموضوع يا دكتور، اللي عملوه عيلة العسال و عيلة خطاب قلب كرموز و اسكندرية تمناً….
لينظر في المراءه المعلقة امامه، و يوجه حديثه لها.
-طبعاً انتي حضرتي الحكاية كلها يا اختي و عارفة ان الموضوع مش هين.
اومئت له برأسها و اجابته.
-طبعاً عارفة، و ده اللي بحاول اوضحه لمالك من يوم ما سيبت اسكندرية.
حامد مؤكداً على كلامها
-لاء صدقها يا دكتور، الموضوع فعلاً كبير، انت بعد ما سيبتنا و طلعت بليل، انا خطفت رجلي و روحت لحد كرموز، و قعدت على قهوة العسال.
هتفت شذى بشهقة موضحه له مسائلة بريبة.

 

-دي تبقي قهوة ابويا، بس مين اللي فاتحها و مشغلها دا حتى اشرف اللي كان بيهدد انه هيخدها مقبوض عليه دلوقتي، يبقى مين اللي فاتحها؟
-تقريباً كده اللي فتحاها امه!!
هتفت شذى بكره وتفكير واضح.
-امه!
حامد مؤكداً ومؤمناً على حديثها
-ايوة علشان الرجالة اللي كانو متجمعين حاوليها كانو بيقولو ليها يا ام اشرف.
مالك مستفهماً
-رجاله هي كانت قاعدة وسط رجاله.
-اه و كانو بيتفقو علي خطف مراتك بعد خروجه من النيابه!
و هنا انفزع مالك قائلاً بخوف
-يخطفو مين مراتي انا، ليه هي الدنيا سايبة للدرجة دي هما ناسين ان في قانون وحكومه في البلد.
ضحك حامد ساخراً موضحاً له
-ما هما لو كانو خايفين من القانون او الحكومه ماكنوش قومو المعركه من الاول يا دكتور.
شذي برجفه متوترة وصوت بدء يعلو كالعادة
-شوفت يا مالك مش انا قولتلك ان الموضوع مش سهل زي ما انت فاكر.
مالك محاولاً تهدئة رجفة جسدها
-اهدي يا شذى لو سمحتي مش عايزك تتوتري كدة، واظن احنا بعددناً ده ماحدش يقدر يقرب منك.
هتف حامد أيضاً ليؤكد على كلامه

 

-ماتخفيش يا اختي برقبتي لو حد قدر بس يقرب منك أنتِ أو من جوزك.
لتلقي عليه شذى سؤال أخر، تريد أن تعرف اكتر عن ما حدث.
-لكن انت عرفت منين انهم كانو يقصدوني انا بالكلام دا.
أوضح لها مغذي الحديث مفصحاَ عما يعرفه.
-بصي لما قعدت انا و اللي معايا على القهوه، اتعاملنا على اننا زباين عاديين خالص، اغراب عن المنطقة ودا خلانا نطلب طلبتنا براحتنا،
وقعدتنا كانت قريبة منهم، و دا سمحلنا نسمع الحوار كان داير على ايه، و انتهى كمان على ايه.
نظر مالك له بتعجب! ليكمل هو.
-ماتستغربش كده يا دكتور دا خلانا كمان نفهم العركه اللي دارت بعدها كانت عشان ايه.
شذي بخوف و صراخ
-عركة هو كمان حصل عركة امبارح.
-اه عركه بين شباب عيلتكم، و بين عيلة اسمهم عيلة خطاب بيتهم في وش بيتكم على طول انتي تعرفيهم طبعاً؟
نظرت شذى لزوجها و همست
-دي تبقي عيلة محمود يا مالك.
ربت مالك على يدها و اردف.
-طب و سبب الخناقه دي كان ايه المره دي كمان يا حامد؟
-كان مراتك برضو يا دكتور.
❈-❈-❈

 

كانت كلمته بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، ليردف مالك محاولاً التماسك وعدم إظهار خوفه عليها أمامها.
-طب و دول كمان كانو عايزين ايه من مراتي؟
شاهد حامد ملامح الوجوم ظاهرة على وجهه، لكنه أصر ان يوضح له مدى خطورة الموقف، حتى لا يستهين به،
و لا يعتمد على الشرطة فقط في الدفاع عن زوجته.
-بص يا مالك يا اخويا، انا هوضحلك الأمر كله مش عشان اخوفك لاء عشان اكدلك
إن الحكاية فعلاً مش صغيرة، و مراتك فعلاً لسه في خطر.
إحنا لما قعدنا في القهوة امبارح، و سمعنا الوليه الحيزبونة وهي بتتكلم كنا فاكرين الحكاية هاتخلص على كده،
لكن اتفاجئنا بيها قامت وقفت على باب القهوه، لما لمحت راجل في سن ابويا كده، خارج من البيت اللي قصادهم وعلت صوتها عشان هو يسمعها، و قالتله…
-أهي بكره البت جايه النيابة، عشان ترجع الغايب ويكيدو الأعادي.
الراجل وقف قصادها، و عينيه كانت كلها شر، و قال…
-البت لو جات يبقى مش هاتلحق ترجع، و دمها هافرقه في الكوبيات زي الشربات على الحبايب،
أما بقى الغايب اللي انتي فاكراه هيرجع، فاده اعتبريه كده ميت و كده ميت، لو خرج ليكي هايموت ولو فضل جوه هابعتله اللي ياخد روحه قبل عشماوي ما يعملها.
الوليه معجبهاش الكلام، و مدت إيديها الاتنين، كانت عايزة تخنقه بيهم، و هي بتصرخ فيه..
-دانا اللي هاخد روحك قبل ما تلمس شعره من رأس ابني.
لكن هو برضو كان راجل عفي جامد شديد بصحته، مسك ايديها الاتنين بأيد واحده، و نزل علي وشها بالايد التانيه و هو بيقول:

 

-بترفعي ايدك على مين يا م… و يمين الله ما هاخلي في عيلتكم راجل و لا م…. يا عيلة العسال.
بس يا سيدي و في ثانية، لقينا الشارع اتملا شباب من العيلتين، و ام اشرف دي خلصوها من ايد الراجل بالعافية، و العركة قامت علي كده.
صاح مالك منفعلاً بفزع.
-لا لا لا الناس دي لا يمكن يكونو طبيعين ابداً، ارجع بينا يا حامد احنا مش هنروح النيابة.
-ارجع فين يا دكتور، احنا خلاص وصلنا: قالها حامد و هو يصف سيارته وسط السيارات، و ينزلق منها امراً لهم.
-خليكم هنا ماتتحركوش و ماتنزلوش من العربية غير لما اقولكم.
❈-❈-❈
ظلو الأثنان صامتين لا يقوى اي منهم على التفوه بكلمة واحده
إلى أن عاد إليهم حامد و اخبره ان هناك ضابط يدعي مصطفى، و معه بعض من عناصر الشرطه قد حضرو خصيصاً ليشدو من اذرهم،
و يكونو بجانبه للحماية و انتظرو قليلاً ثم تشجعو وترجلو خارج السيارة.
وبعد دقائق معدودة كان يمسك بيدها ويمشي وسط حشد من الرجال، تحت نظرات كلها غضب من الاتجاهين، و برغم انها كانت ترتدي النقاب لكنهم قد علمو بهاويتها، عن طريقه هو
علمو من يكون هذا هو نفس الشخص الذي انتشلها من وسطهم على سهو منهم.
لكن قوتهم قد تضاعفت، و يأتون برجال اقوياء الي جانب الشرطه يساندوهم و لن يقوو على اقتحام جمعهم الآن،
اذاً عليهم التروي لبعد ترجلها من داخل حرم النيابه.
تقابل مع الظابط مصطفى، و الذي بدوره أوقف الرجال قبل اقتحام المبنى بأشارة من يده.
-بس لحد هنا و شكراً اوي يا رجالة، انتو كده عملتو اللي عليكم و زيادة، تقدرو بقى تسيبوهم لينا،
و احنا نقدر نحميهم جوه النيابه، اتفضلو معايا يا دكتور.

 

وقف ينظر اليه متردداً، و من كثرة عدد الرجال الذين يمتلكون بعض الأسلحة و يظهروها دون خوف، مرتاباً في الأمر بعض الشئ.
ليهتف مالك.
-و هتقدر تحمي مراتي جوه يا حضرة الظابط؟
هتف الضابط مؤكداً.
-انا هنا مخصوص النهاردة عشان خاطرك انت و مراتك، فمن فضلك متحاولش تقلل في قدرتنا يا دكتور.
صرخ مالك بانفعال.
-و لما حضرتك ليك القدرة على انك تقبض عليهم ماعملتش ده ليه؟
-بتهمة ايه يا دكتور هما لحد دلوقتي، ماعملوش حاجه تخليني ادينهم.
-و بالنسبة لكمية السلاح اللي في ايديهم ده؟
ضحكة سخريه خرجت من فاهه ليلقي نظرة عليهم، ثم يقول
-احب اكدلك ان كل واحد فيهم ظاهر سلاح حاطط في جيبه رخصته، الناس دي مش اغبيه و لا عب.. عشان يقوعو نفسهم في غلطه زي دي،
بس ماتقلقش احنا بردو مسيطرين على الموقف، و خصوصاً اننا جاتلنا معلومه، انهم هيحاولو يهربو اشرف من النيابة.
هذه المره صرخت شذى و هي تتشبث بذراع زوجها، الذي بدوره ضمها تحته
-هو اشرف موجود هنا في النيابه.
لمح الظابط مصطفى رعشة جسدها تحت ذراع زوجها فاهتف محاولاً بث الطمأنينة لها.
-اه هنا بس اطمني، انتي مش هتتقابلي معاه، و لا هيشوفك اصلاً، انتي هتدخلي عند وكيل النيابه، و هتقولي شاهدتك و تطلعي على طول.
-مش عايزة بلاش يا مالك، خلينا نمشي عشان خاطري.
-ماتخفيش ياحبيبتي انا معاكي و مش هاسيبك ابداً.
هتف الظابط مصطفى نافياً
-لاء الحقيقة انت هاتضطر تسيبها دلوقتي لأنها هاتدخل مكتب وكيل النيابه لوحدها.
-لاء ماتسبنيش يا مالك

 

قالتها شذى متمسكة بذراعه، حين لمحت وجه عمتها الساخر والمنذر لها بسهام الشر.
ربت مالك على كفها الرقيق، و همس له بأن يرأف بحالها
-من فضلك يا حضرة الظابط، انت شايف الوضع عامل ازاي، خليني ادخل معاها عشان ابقى مطمن عليها و هيا كمان تبقى مطمنه.
اومئ له الظابط مصطفى برأسه و اسدل هاتفه من جيبه، متحدثاً به.
مرت بضعة دقائق، كانت بالنسبة لهم كالدهر، إذ تبادلا فيها بعض النظرات مع عمتها و والد خطيبها السابق، و الذي حضر الان يبث نظرات مرعبة لها لا تبشر بأي خير.
ليهتف مالك هامساً لها
-مين الراجل اللي عمال يبصلنا بشر ده يا شذى.
من كثرة خوفها، كانت تدفن وجهها في كتفه، لا تقوى على اي مواجهه معهم،
لتنظر الي ما يشير زوجها بنصف عين، و تعود في لحظتها على وضعها كما كانت هامسه بصوتٍ مرتجف.
-ده ابو محمود.
و هنا تقدم منهم الضابط هاتفاً
-اتفضلو معايا.
ولجو معه داخل مكتب وكيل النيابه الذي بدوره حياهم و رحب بهم ثم بدء يوجه لها بعض الاسئله.
-انتي بقى شذى سبب كل العركه دي واللي اتسببتي في موت اتنين مش كده.
-مدام شذى حضرتك
كان هذا صوت مالك الذي لم تريحه نظرة وكيل النيابة لزوجته، و بدئت تظهر عليه علامات الغيرة.
التفت اليه وكيل النيابة موضحاً بهدوء
-اهدي بس يا دكتور، انا اعرف منين انها هي دي شذى!
اذا كانت في البطاقة الشخصية مش منتقبه، يبقى ليا حق اسأل و اتأكد و لاء، من فضلك اكشفي وشك يا مدام شذى.
نظرت الي زوجها، تنتظر ان يقولها هو لكنه نظر اليها مطولاً، و اخيراً أشار لها بعينه بأن ترفع وشاح وجهها.

 

رفعته الجميلة، لتفتن بالفعل من بالغرفه، و يطول النظر الى وجهها، ليلاحظ مالك هذا و يصيح غاضباً.
-اظن حضرتك اتأكدت بما فيه الكفايه، غطي وشك يا شذى.
اسدلت وشاح وجهها، و جلست امامه منحنية الرأس، ليقدم لها وكيل النيابه هاتفها القديم سائلاً
-طيب دلوقتي بقي نقدر نبدء التحقيق.
تليفونك ده يا مدام شذى؟
التزمت الصمت و فضلت ان تومئ برأسها فقط.
نظر وكيل النيابة الي الظابط و هتف،
-لاء كده مش هينفع، لازم تتكلم و نسمع صوتها، عشان الكاتب يقدر يكتب شهادتها في المحضر.
وجه الظابط مصطفى حديثه لمالك، حتى يحثها ان تتحدث بصوتٍ مرتفع.
-دكتور مالك، اكيد حضرتك عارف أهمية شاهدتها بالنسبة للقضية،
دي في ايدها تعلق واحد في حبل المشنقه، و بكلمه منها تقدر تبرءه، يريت حضرتك تخليها تبطل خوف و تتكلم بصوت واضح، عشان نقدر ناخد اقوالها بوضوح.
استمع مالك له و اومئ رأسه بالموافقة، لينظر لها يحثها على التحدث…..
-سمعتي بودنك يا شذى، لازم تتكلمي عشان حقك و دم ابوكي اللي ساح على الأرض، مايبقاش انهدر على الفاضي،
انتي اللي في ايدك دلوقتي ترجعي حقك يا شذى.
-انا خايفة يا مالك يلا نمشي،
قالتها شذى متمسكة بيده.
ربت مالك على يديها محتضنهم داخل راحتي يده، مهدئاً لرجفتهم.
-نمشي يعني نفضل عايشين في الخوف ده، نمشي يعني نديهم الفرصه يفضلو يهددونا كل شويه، اتكلمي يا شذى خلينا نخلص من الكابوس ده بقى.
كلامه لها كان بمثابة تحفيز قوي لها، ليلاحظ هذا من نظرة عيناها، التي تغيرت من النقيض الي نقيض اخر،
من الخوف و الضعف، الي الجمود و القوة، لتهم بالتحدث بصوتٍ مرتفع.
-اتفضل اسأل حضرتك، و انا هجاوب على اي سؤال حضرتك هاتسأله.

 

-اردف وكيل النيابة، موافقها الرأي
-كده تمام نعيد السؤال من تاني، الموبايل ده بتاعك يا مدام شذى.
-ايوة دا موبايلي القديم
-تمام و عليه ايه بقى؟
نظرت الي زوجها بخجل، و لم تجيبه، خوفاً من ان يكون مقصده على تلك الصور المهكره، التي زورها وارسلها لها ذلك القتيل، الملقب بخطيبها السابق.
ليخرجها زوجها من ذالك المأذق، و يجيب عوضاً عنها زوجها.
-عليه مكالمه مسجله من اشرف ابن عمتها ليها هي و والدتها، و انا اللي سجلت المكالمه دي،
ليلمح لها بأشارة من عينه، بألا تخاف من شئ.
و هنا تحدث وكيل النيابة بنفاذ صبر
-لو سمحت يا دكتور، انا عايز اسمعها هي، لازم تجاوب بنفسها على كل سؤال.
شذي مؤكدة كلام زوجها
-بس مالك فعلاً بيقول اللي حصل، الموبايل متسجل عليه مكالمة اشرف ابن عمتي ليا انا و ماما، و اللي قالها فيها انه قتل ابويا و محمود، عشان يوصلي
-يعني هو اعترف في المكالمه انه هو اللي قتلهم، قالك انا قتلت ابوكي و خطيبك كده بصراحه

 

شذى نافيه
-لاء قال لازم ترجعي، انا ماكنتش بقتل عشان انتي تضيعي مني،
و حضرتك تقدر تسمع المكالمه من التليفون.
-تمام نسمع المكالمه، و نقارن بينها و بين شهادتك.
ضغط على علامة مسجل الهاتف فاتحاً تلك المحادثة، ليستمعو جميعاً لها.
اشرف بعنف
-طب اسمعي انتي بقى يا ام المحروسه، البت بنتك هترجع غصب عنها، و هتبقى مراتي برضو غصب عنها، مانا ماكنتش بقتل، و اسيح الدم في كرموز، عشان في الاخر تروح مني.
لا دا و رحمة ابوها لاجبها، حتى لو وصلت اني اخطفها هاعملها، و ماتفتكريش ان مكانكم بعيد عليا، لاء دانا عارف العنوان و حافظه بالملي، و قريب اوي هتلاقوني عندكم.
سلام و ابقي سلميلي على شذى لحد ماجي اخدها انا بنفسي.
استمعو جميعاً الي تلك المحادثة، ليغلق المحقق الهاتف، و
يتنهد صائحاً
-بس كلامه مش معناه ان هو اللي قتل ابوكي يا مدام شذى.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ساكن الضريح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى