رواية الشيطان شاهين الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين البارت الحادي والعشرون
رواية الشيطان شاهين الجزء الحادي والعشرون
رواية الشيطان شاهين الحلقة الحادية والعشرون
بعد ثلاثة أيام….
تجلس ليليان في مكتبها تترشف قهوتها الصباحية مع أمنية صديقتها….
أمنية بسخرية :”طول عمرك غاوية تعب و مرمطة… بدل ما تقعدي في البيت زي أي عروسة جاية الشغل بعد أسبوعين جواز… ليه هو الشغل كان حيطير و إلا العيانين حيخلصوا….
وضعت ليليان الكوب على سطح المكتب و هي تنظر لأمنية بحاجبين مرفوعين قبل أن تبادر بالقول:” جرا يا أمنية مالك مستلماني من الصبح كده و عمالة تهزقي فيا يمين و شمال… إشحال مكنتيش عارفة اللي فيها….
مصمصت أمنية شفتيها قبل أن تتكلم :” و حكون عارفة إيه يعني….بلا خيبة إنت ست حلوة و زي القمر و بنظرة واحدة تتطيري عقل أي راجل مخلية جوزك راجع شغله بعد أسبوع ليه….
ليليان بلامبالاة:” يمكن زهق من قعدة البيت بعد مارجعنا من المالديف…..
أمنية و هي تقلدها بتهكم:”رجعنا من المالديف….و ليه ما سافرتوش ثاني فرنسا أمريكا تركيا إنشاء الله جنوب أفريقيا…
ليليان بضحك :”جنوب أفريقيا و حنعمل إيه هناك..”نلعب مع القرود.
رمقتها أمنية بنظرة متذكرة و هي تجيبها :” حافضلي طول عمرك خايبة… ذكتور أيهم راجل غني و مشهور و حلم أي بنت في الدنيا و هو دلوقتي بقى جوزك إزاي و ليه معادش مهم المهم أنه بقى جوزك فلازم تحافظي عليه….و تحاولي تغيري من طباعه…ليليان إعقلي و إطلعب من دور الست الغير مهمتة بجوزها
و مش طايقاه داه مش بعيد يمل منك و يبص برا “.
ليليان بتنهيدة :” و هو يعني معملهاش قبل كده ألف مرة و إلا إنت ناسية تاريخه الحافل…داه كان بيخوني كل ليلة و احنا مخطوبين.. “.
أمنية و هي تحاول مواساتها :” أنا عارفة كل حاجة يا لولو و عارفة إنت قد إيه إتعذبتي وبسببه و إستحملتي… بس داه بقى جوزك يا حبيبتي يعني خلاص اللي حصل حصل فحاولي تنسى اللي فات و تبدئي من جديد… “.
ليليان :” طب عاوزاني أعمل إيه يا أمنية… أيهم طبعه صعب جدا و مش بيعمل غير اللي في دماغه و انا مش حقدر اغيره… انا محتارة يا ميمي و حاسة إني في تايهة في دوامة و مش عارفة أخرج منها…. انا خلاص تعبت… عملت كل اللي هو عاوزه و تجوزته
بس لسه مش مرتاحة، مش حاسة بالأمان معاه… عارفة انه مش حيتغير و حيفضل زي ماهو حيعرف بنات و حيخوني “.
أمنية باستفسار :” هو إنت بتحبيه يا ليليان؟؟ “.
ليليان بصوت حزين :” انا معرفتش راجل غيره في حياتي…مش بتخيل نفسي مع حد ثاني ساعات كثيرة بتمنى لو ماكنتش أخلاقه كده كنت ححبه… داه هو بنفسه مش بيعترف بحاجة إسمها حب بيقلي إني كل اللي بينا رغبة… بيعجبه جمالي و جسمي بس مش بيحبني، يعني مش فارقة معاه لو إشتغلت او قعدت في البيت و حتى لو حولت نفسي لجارية تحت رجليه مش حيمنعه داه أنه يبص لغيري.. ”
أمنية بحزن :” انا آسفة يا لولو بس انا كنت بقول كده عشان مصلحتك انا خايفة عليكي…
ليليان بغصة:”متخافيش انا اصلا تعودت آخر ذرة مقاومة ليا فقدتها لما تجوزته… و دلوقتي أنا راضية بكل حاجة…داه قدري و نصيبي و لازم أستحمل… داه ابويا تخلي عني و رماني و انا عيلة صغيرة حستغرب من إبن عمي إنه يحافظ عليا…”.
مسحت أمنية دموعها التي نزلت رغما عنها ثم بدأت تحرك يديها على وجهها لتجفف وجهها و هي تقول بلوم :” كده قلبناها نكد و خليتيني أعيط…ثم أكملت بمرح :”هاتي حتة من الشكلاطة اللي إنت مخبياها في الدرج بتاعك عشان أبطل عياط”.
إنفجرت ليليان بالضحك و هي تنحني لتفتح درجها و تخرج علبة الشوكولا الفاخرة التي تحتفظ بها دائما في مكتبها و تضعها أمام أمنية قائلة:” خذي يا ستي اهي العلبة كلها… بقت بتاعتك و بلاش عياط عشان نرجع شغلنا و إلا إنت ناسية “.
أمنية بتذمر و هي تفتح العلبة و تختار أحدى القطع كطفلة صغيرة :”و دي حاجة تتنسي… أكل عيشنا بردوا..”.
_________________________
في إحدى الشقق الراقية….
تثائبت نور بكسل و هي تتحسس بيديها سريرها المريح ذو المفارش الحريرية لتمتم بنعاس :” ياااه انا عمري مانمت كويس زي ليلة إمبارح… انا مش عاوزة أقوم….
لم تنهي جملتها حتى فوجئت بوالدتها تدخل الغرفة و تتجه لفتح الستائر و هي تنادي عليها بصوت عال:” بت يا نور…. يلا قومي إنت كده حتتأخري على المدرسة… يلا “.
جذبت نور الغطاء بضيق و هي تكز على أسنانها بغيظ قائلة :”أولا صباح الخير يا ماما…ثانيا وطي صوتك إحنا مش في الحارة عشان تزعقي و تتكلمي بصوت عالي…دي حتة راقية و هادية يعني أي حد معدي من تحت العمارة حيسمع صوتك….. ثالثا أنا مش رايحة المدرسة.. انا تعبانة ومش قادرة أقوم من مكاني”.
الام بسخرية :”و تعبانة من إيه إنشاء الله… دي حتى الشقة لقيناها مفروشة و مجهزة من مجاميعه… إحنا منقلتاش غير شنط هدومنا… “.
نور و هي تتصنع الألم :” دماغي يا ماما واجعاني و مصدعة يمكن عشان مقدرتش أنام كويس إمبارح… داه مهما كان مكان جديد و أنا لسه متعودتش عليه….
الام بعدم إقتناع :”ماشي انازحفوتهالك المرة دي… بس بكره مفيش حجج و حتنزلي المدرسة إنت بقالك أسبوع قاعدة في البيت مش بتروحي.. و أمبد فاتك دروس كثير”.
نور بابتسامة على نجاح خطتها فهي لم ترد الذهاب اليوم إلى المدرسة حتى يتسنى لها الوقت لتكتشف منطقة سكنها الجديدة…
هبت من مكانها لتحتضن والدتها بلهفة قائلة :” ميرسي يا أحلا مامي في الدنيا…
أبعدتها والدتها بصعوبة عنها و هي تقلدها بسخرية :” لسه مكملتيش يوم هنا و بقيتي بتناديني مامي “.
نور بضحك :” طبعا مامي و بابي كمان… “.
شركتها والدتها الضحك و هي تربت على شعرها لتستأنف الفتاة الحديث مجددا :” ماما هي كاميليا مش بترد على تلفونها ليه… إحنا بقالنا أسبوع من يوم ما تجوزت مش عارفين عنها حاجة و لا قادرين نوصلها “.
إرتبكت الام من سؤال إبنتها المفاجئ و الذي لا تنكر أنه كان في محله فهي أيضا لطالما تساءلت عن سبب غياب إبنتها المفاجئ و الغير مبرر و لكنها لم تكن تبين حتى لا تشغل بال زوجها و أطفالها…
تنهدت قليلا قبل أن تتحدث بجدية :” أنا كمان مش عازفة يا نور انا إتصلت عليها كام مرة بس دايما بيقلي مقفول… انا بكرة و حروح أسأل عنها في الفيلا بتاعتهم اكيد عندهم علم بحاجة…
نور و قد إستشعرت قلق والدتها :” إطمني ياماما هما أكيد في شهر العسل و قافلين تلفوناتهم…مش عاوزين حد يزعجهم او يقلق راحتهم… صدقيني كل الناس بتعمل كده…”.
الام بقلق :”تفتكري كده يا بنتي”.
نور بابتسامة :”أيوا يا ماما انا متأكدة من داه… بس عشان نطمن أكثر انا حتصل بهبة خطيبها يبقى صاحب شاهين.. أكيد عارف عنهم حاجة “.
أومأت لها والدتها بالموافقة و هي تدعو في سرها ان تكون إبنتها بخير و سعيدة….
أخرجتها نور من شرودها و هي تقول بحماس :” يلا بقى يا ماما أنا جعانة و عاوزة أفطر… عاوزة أجرب الفطار في البيت الجديد … “.
____________________________
طرقات خافتة على باب الغرفة تلاه دخول فتحية و هي تحمل في يدها صينية طعام لتضعها على الطاولة بجانب السرير ثم تشرع في إيقاظ كاميليا التي كانت تتدثر بالاغطية الثقيلة رغم حرارة الغرفة…
فتحية بلطف :” كاميليا يلا قومي إغسلي وشك و صحصحي انا جبتلك الفطار….
تجلست كاميليا على السرير و لفت الغطاء حولها قائلة :” انا صاحية يا فتحية بس حبيت أقعد تحت الغطاء اصلي حاسة إني بردانة… “.
تحسست فتحية جبينها قبل أن تهتف بتعحب:” حرارتك عادية….هوإنت حاسة بإيه؟؟؟
كاميليا بنفي :” و لا حاجة انا كويسة…الجو بارد و داه شيئ طبيعي….
فتحية ببلاهة :”بس الفيلا فيها سخانات يعني الحرارة معتدلة مفيش برد هنا…
كاميليا بتلعثم:”انا مش عارفة.. انا حاسة إني بردانة و خلاص… “.
فتحية بلامبالاة:”طيب قومي عشان تفطري انا عملتلك القهوة زي ما بتحبيها… يلا قبل ما تبرد “.
حركت كاميليا رأسها لليمين لتقابلها الصينية التي تحتوي على الطعام… نظرت بلهفة إلى فنجان القهوة الساخن الذي يتصاعد منه البخار لتشعر بقشعريرة تسري بكامل جسدها عندما تذكرت كوب الشوكولا الساخنة في تلك الليلة….
هزتها فتحية قليلا حتى تنتبه لها فهي قد كانت شاردة و لاتجيب عن تساؤلاتها… نظرت لها كاميليا قليلا قبل أن تطلب منها ان تقرب لها فنجان القهوة فقط….
أمسكت فتحية الصينية ووضعتها قريبا منها و هي تقول بلوم :”ميصحكش كده إنت بقالك ثلاثة أيام مش على بعضك و حتى الاكل مش بتاكلي كويس و داه مش كويس علشان صحتك… لو تعبانة حقول لثريا هانم تجيبلك الدكتور… هي دايما بتسألني عليكي مش عايزة تجيليك هنا عشان متزعجكيش…
أخذت كاميليا رشفة من قهوتها الساخنة قبل أن تتكلم بنفي :”هي قلتلك كده…مش عاوزة تزعجني…داه بيتها يعني أنا اللي بزعجها مش هي…
مصمصت فتحية شفتيها بطريقة شعبية دلالة على تهكمها قبل تتكلم :” إنت فعلا أغرب بنت شفتها في حياتي…بيت مين و إزعاج إيه و إيه الكلام داه انا أقصد انها مش عاوزة تتدخل في اللي بيحصل بينك و بين جوزك عشان متحرجكيش و كده…. قالتها بصوت هامس قبل أن تكمل بنفس النبرة….إنت صعبانه علينا كلنا و اولنا ثريا هانم طول الوقت و هي شاردة و بتفكر و مش همها صحتها اللي بتتدهور دي…. عارفة انا ساعات لما يدخل أوضتها بلاقيها بتبكي أصلها يا عيني ست حنينة و طيبة و مش رضيانة باللي بيعمله إبنها دي ياما تخانقت معاه…..
زفرت كاميليا بحنق من ثرثرة فتحية و تلميحاتها عليها حتى انها بدأت تندم أنها سمحت لها بالتحدث معها كصديقة بعد زواجها ….
:”خلاص يا فتحية مفيش داعي للكلام داه دي حاجة خاصة و مينفعش تتدخلي فيها…..
قاطعتها فتحية التي كانت مصرة على ثرثرتها متجاهلة تضايق كاميليا من كلامها :” يا بنتي أنا بقول كده عشانك و عشان صعبانة عليا…… إنت متستاهليش كل داه حرام عروسة في شهر عسلها يحصل معاها كده إنت َش شايفة وشك و جسمك إزاي كله كدمات و جروح…..
كاميليا بحنق :” فتحية خوذي الصينية دي معاكي و روحي شوفي شغلك كفاية كلام إرحمي لسانك داه لأحسن لو سمعك شاهين بيه حيقطعهولك…..
ضحكت فتحية بمرح قبل أن تجيبها :” شاهين بيه….طب بذمتك في ست بتقول لجوزها بيه… أسكتي أسكتي بلا خيبة انا مش حطلع من هنا غير لما تكملي فطارك و أقولك الكلمتين اللي قلبي عشان أرتاح…..
كاميليا و هي تأخذ من يدها قطعة التوست :” كلمتين…. داه إنت من وقت ماقعدتي قلتي يجي خمس ألاف كلمة…
فتحية بلامبالاة:” على كده خليهم عشرة ألاف و أهو كله بفائدة…..المهم إسمعيني انا كنت عاوزة أقلك حاجة يمكن تنفعك عشان تتخلصي من عذابك داه و تخلي البيه يحن عليكي و يرحمك من اللي بيعمله فيكي …. إنت مش مقدرة النعمة اللي إدهالك ربنا و مش عارفة إزاي تستغليها…..
كاميليا بملل:”بلاش لف و دوران و إتكلمي دغري انا اصلا مصدعة و عايزة أرجع أنام…..
فتحية بلهفة :” تنامي إيه لا خلاص كفاياكي نوم…النوم مش حيحيل مشكلتك….
كامليا :”أمال إيه اللي حيحللي المشكلة يا عم النصوحة و بعدين هي أصلا إيه مشكلتي…..
فتحية و هي ترفع حاحبيها باستغراب:”مشكلتك….لا مفيش مشكلة غير إنك مشفتيش يوم عدل من لما دخلتي البيت داه و البيه بيعاملك و كإنك مرات أبوه مش مراته…. ضرب و إهانة و حاجات ثانية اعذريني مش عايزة اقولها……
كاميليا بسخرية :” لا ياختي و إنت سبتي إيه عشان تقوليه….
فتحية :”اعذرني بس كل اللي في الفيلا طبعا اللي جوا بس عارفين…..
كاميليا بحرج:”خلاص مفيش داعي تكملي أنا عارفة و عارفة كمان إن كل اللي بتقوليه صح….بس انا مفيش في إيدي أي حل اديني مستحملة لحد ما يزهق مني و يسيبني….
فتحية بحماس:”و يسيبك ليه… يا هبلة هي في واحدة وصلت تجوزت شاهين الألفي و تعوز تسيبه…. إنت مش عارفة الناس بتتكلم و بتقول عليكي إيه برا في الجرايد و التلفزيون و في النت…. كلهم بيقولوا إنك اكثر بنت محظوظة عشان البيه إختيارك من كل بنات الدنيا و لسه بيتكلموا على جمالك و رقتك يوم الحفلة…. خسارة مقدرش أجيبلك الموبايل لأحسن البيه يعرف و ساعتها حتكون نهايتي..
ختمت كلامها بضحكة طويلة لتنهرها كاميليا قائلة :”كفاية ضحك لأحسن البيه ييجي و يلاقيكي هنا و ساعتها انا و إنت نقول على نفسنا يا رحمان يا رحيم….
مطت فتحية شفتيها قبل أن تقول بثقة :” تؤ متخافيش انا عاملة حسابي البيه طلع و باين عليه رجع الشغل…. أصل الناس الاغنياء دول مبيستحملوش القعدة… مش زي الثور الي عندي فالبيت بيشتغل يوم و ينام عشرة… المهم انا كنت عايزة اقلك حاجة مهمة قبل ما انزل المطبخ…
كاميليا إنت زي أختي الصغيرة و انا حبيتك اوي من يوم دخلتي هنا و ربنا عالم و مش هاين عليا اللي انت فيه داه…. إنت متستاهليش كل داه….. بنت رقيقة و جميلة زيك تستاهل إنها تعيش ملكة مش مهانة زي ما يحصل معاكي…..و شاهين بيه مكانش كده يااااه يا بختها اللي يحبها حيجبلها نجمة من السماء زي ماكان بيعمل مع أم فادي …وانت زي ما قلتلك بإيديكي تنهي عذابك إستغلي جمالك و حلاوتك و إغريه…داه مهما كان جوزك و حلالك…. انا مش حعلمك تعملي إيه بقى، كل ست و أسلوبها و انت بصراحة مش محتاجة تبذلي مجهود كبير فستان أحمر زي اللي في دماغي على ميكاب ثقيل و نظرة من عيونك الحلوة و حتلاقيه إستوى على آخره إتلحلحي بقى و بلاش لبس الغفير اللي عمالة بتلبسيه داه …..
شهقت كاميليا بخجل قبل أن تنفجر من الضحك على تعابير فتحية المضحكة و هي تصف لها ما تفعله :”و الله ضحكتيني و انا مش عاوزة أضحك…. اللي بتتكلمي عليه داه شاهين الألفي يعني الحركات القديمة مش حتفرق معاه داه مش بعيد يرميني من الشباك….. اسكتي بلا خيبة انت مش فاهمة حاجة…. و كل اللي إنت عارفاه مايجيش نقطة من اللي بيحصلي….يا ريت لو كل المشاكل تتحل بالطريقة السهلة دي…. انا اول ما بشوفه بترعب بخاف حتى اتنفس لحسن يزعل تقوليلي أغريه “.
ظلت تتحدث لوقت طويل مع فتحية قبل أن تنزل إلى الاسفل لتمضي بعض الوقت مع ثريا و فادي….
_______________________
في المقر الرئيسي لشركات الالفي…..
إنتفض عمر من مكانه عندما سمع ماقالته له هبة ليلبس معطفه على عجل و يلتقط مفاتيحه ثم يهرول متجها إلى مكتب شاهين….
رفع شاهين عينيه عن حاسوبه بتعجب بعد إقتحام عمر لمكتبه :”شاهين إلحقني… هبة كلمتني دلوقتي بتعيط عشان ابوها ناوي يجوزها لواحد قريبهم….
شاهين ببرود و هو يعود للعمل و كأنه لم يسمع شيئا غريبا :” و إنت مالك خليها تتجوز؟؟؟؟
مسح عمر وجهه بعصبيه من برود إبن خالته ليصرخ بنفاذ صبر :”شاهين ارجوك انا مزاجي مش مستحمل برودك داه….. انا جايلك علشان تلاقيلي حل “.
دفع شاهين حاسوبه قليلا أمامه و عاد بجسده إلى الوراء ليرتخي على كرسيه قبل أن يتحدث بنبرة واثقة:”انا عندي الحل و من زمان كمان بس انت اللي رافض إني أتدخل”.
علق عمر نظراته على وجهه الجدي قبل أن يتحدث بيأس:” بس إنت حلولك معروفة مش بتتعامل غير بالقوة.. و انا عاوز هبة بس مش عاوزها تخسر عيلتها…
شاهين بلا اكتراث:” إنت اللي نزلت من مستواك لدرجة إن عيلة زي دي ترفض تديك بنتهم….إتحمل المسؤولية بقى و خليك قاعد مكانك لحد ما البنت تتجوز واحد ثاني…. “.
عمر بنفي و قد تحولت ملامحه و إكتسى وجهه الغضب :”مستحيل و الله لولع فيهم كلهم….أنا ساكت بس عشان مش عاوز تزعل،”.
شاهين بضجر :” ماهو يا تزعل يا تخسرها…إحتار إنت بقى….
عمر بغضب :”شاهين انا جايلك علشان تلاقيلي حل بلاش تستفزني لأحسن و الله اروح دلوقتي الحارة و أخطفها….”.
شاهين بتلاعب :” لو عملت كده تبقى إبن خالتي بجد
و دلوقتي إحكيلي هي قلتلك إيه؟؟
عمر :” أبوها قرر يكتب كتابها آخر الأسبوع داه على واحد قريبهم…. باين فيه مخطط كويس لكل حاجة…”.
مسح شاهين ذقنه بخفة قبل أن يهمهم بتفكير :”مممممم طيب تعالى معايا و انا ححلك المشكلة دي بس حجز نفسك عشان حتكتب كتابك عليها الليلة دي…و منتدخلش في أي حاجة أنا حعملها….إتجوزها دلوقتي و بعدين حاول كل حاجة حتتحل…. “.
أومأ له عمر بالموافقة قبل أن يتبعه خارجا متجهين إلى بيت منصور…..
بعد حوالي ساعة…..
تقف نجوى في مطبخها الصغير تحضر وجبة الغداء لعائلتها لتسمع طرقات قوية على باب شقتها.. نشفت يديها بالمنديل و عدلت من وشاحها و عبائتها قب ان تتجه إلى الباب لتفتحه…
رجعت عدة خطوات إلى الوراء بفزع إلى داخل الشقة عندما وجدت عدة رجال ضخام يرتدون ملابس رسمية طغى عليها اللون الاسود و نظارات شمسية…
تصنمت مكانها و بدا عليها التوتر الشديد عندما وجدتهم يفسحون المجال لمرور رجل آخر
ذو ملامح حادة و نظرات صارمة تبعث الرهبة في نفوس المحيطين به يرتدي ملابس فاخرة لا تختلف كثيرا عن ملابس البقية و يتبعه رجل آخر بدا لها مألوفا و لكنها لم تستطع تذكره…
تكلم الرجل بصوت جهوري ليقطع تأملها :”هي دي شقة منصور…..
إبتلعت نجوى ريقها بصعوبة من هالته المفزعة و نظراته الحادة التي تكاد تخترقها لتجيبه بتلعثم :” أيوا…. ايوا دي شقة منصور…. إنتم مين؟؟؟.
رمقها شاهين بنظرات لامبالية و هو يدير عينيه داخل المكان قبل أن يعيد بصره إليها قائلا :”انا شاهين الألفي و داه عمر الشناوى.. اكيد عارفاه….
تسمرت نجوى و شعرت و كأن أحدهم سكب عليها دلو مياه مثلجة و هي تتفرس عمر بنظراتها محاولة تذكره… أومأت برأسها عدة مرات قبل أن تتحدث بارتباك ممزوج بالخوف :” أيوا عارفاه… إنتو عاوزين إيه؟؟
أشر لها شاهين بيده لتتقهقر إلى الداخل و يدخل هو و هي يجوب بعينيه اثاث الشقة البالي ليعاود السؤال من جديد و قد بانت على ملامحه دلالات الاشمئزاز و التقزز :” جوزك فين…؟ عاوزينه في كلمتين؟؟؟
تبعتهم نجوى إلى الداخل بهرولة و هي تتحدث :” جوزي مش هنا…. بتسالوا عليه ليه و عاوزين منه إيه… ؟؟؟
ضاق شاهين ذرعا من سؤلاتها المتكررة ليزفر بنفاذ صبر و هو يقول :”روحي إندهي جوزك و بلاش أسئلة…. لما ييجي حتعرفي”.
هرولت نجوى إلى داخل غرفتها ما و أوصدت الباب ورائها لتهاتف زوجها الذي جاء بعد عده دقائق نظرا لانه يعمل في محل قريب من مكان سكنه….
دخل منصور الشقة و هو يغلي من الغضب عندما أخبرته زوجته باقتحام غرباء لمنزله و في غيابه و معهم عمر الشناوى….صاح هادرا وهو يقف في مواجهة الرجلين :”إنتم مين و عاوزين إيه و إزاي تتهجموا على بيتي و انا مش موجود..”
تنحنح عمر بحرج و قد عزم على التحدث بهدوء محاولا إمتصاص غضب منصور و تفادي عصبيته حتى ينتهي الموضوع بسلام… لكن إشارة من يد شاهين أوفقته عن الكلام و الاكتفاء بالمشاهدة…
تحرك شاهين ناحية منصور ليقف أمامه و هو يحدجه بنظرات نارية قبل أن يتحدث بصوت هادئ :”إحنا خبطنا على الباب و مراتك هي اللي فتحتلنا أقعد خلينا نتفاهم بهدوء و بلاش الحركات دي عشان متاكلش معايا …..
قاطعه الاخر بصراخ و قد تضاعف غضبه من نبرة شاهين المستفزة :” انا مليش كلام معاكم… إطلعوا من بيتي حالا و إلا و الله حطلب البوليس و هو حيعرف يتصرف معاكم..”.
زفر شاهين بملل من عجرفته و هو يتمسك بآخر ذرة صبر له من أجل عمر فلو كان في وضع آخر لما سمح لمنصور حتى بالتنفس أمامه…
تحدث شاهين بنفس الهدوء و هو يتجه ليجلس على الاريكة القديمة :” متستعجلس يا أستاذ منصور هو البوليس حييجي بس مش دلوقتي خليه للآخر …إلا قلي يا حاج منصور هو فين إبنك ثامر انا مش شايفه يعني…
إضطرب منصور علي الفور من نبرة شاهين الواثقة و نظراته الخبيثة التي كانت تخفي وراءها شيئا خطيرا لكنه حاول التماس و التحدث بنبرة طبيعية إلا أن فشل في ذلك فخرج صوته مرتبكا:”و إنت…. إنت مين يا جدع إنت و بتسأل ليه على إبني…”
شاهين بتلاعب:” و لا حاجة حبيت اطمن عليه بس لحسن يكون رجع للسكة القديمة من ثاني و إنت فاهم كويس انا بتكلم على إيه فبطل لف و دوران…. و خلينيا نتكلم في الموضوع اللي إحنا جايين فيه عشان ورايا شغل و مش فاضيلك “. تبدلت نبرة شاهين إلى الجدية و هو يحدج منصور بنظرات حادة تكاد تخترقه و يشير له بالجلوس.
جلس منصور علي مضض و قد فهم مايرمي له هذا الرجل الغريب تحت نظرات عمر المتعجبة.
إنتقل بنظره إلى شاهين الذي تحدث باستخفاف:” إسمع يا… منصور إنت عارف كويس إحنا مين و جايين ليه فقصر علينا الطريق و ماتخلينيش أضطر اتعامل معاك بطريقة ثانية…”.
منصور و هو يرمقه بنظرات نارية رغم إرتباكه:”مش فاهم إنتم جايين هنا ليه و عاوزين إيه؟؟؟”.
شاهين و هو ينظر إلى ساعته بملل قبل أن يرفع رأسه و يشير بيده إلى عمر :”داه عمر الشناوى إبن الدكتور رفعت الشناوى و انا أبقى شاهين الألفي اكيد سامع عننا كثير…إحنا جايين النهاردة عشان نطلب إيد الآنسة هبة فيا ريت توافق.. “.
منصور بغضب مكتوم و هو يراقب زوجته التي أسرعت إلى غرفة هبة :” إنتوا غلطانين في العنوان يا بهوات….انا بنتي مخطوبة و كتب كتابها آخر الأسبوع داه….
قفز عمر من كرسيه و الشرر يتطاير من عينيه بعد أن بلغ غضبه الذروة فهو منذ جلوسه و هو يتحمل كلام منصور اللاذع بصعوبة و ينتظر الفرصة المناسبة حتى ينقض عليه..
عمر بصراخ:” إيه الكلام الفارغ اللي انت بتقوله داه….
انا من ساعة مادخلت بيتك و انا مستحملك بالعافية عشان خاطر هبة بس كلمة كمان و ديني لأكون دافنك مكانك”.
أمسكه شاهين من ذراعه و هو يكتم ضحكاته على غضب عمر و هو الذي كان يوصيه طوال الطريق بالتحلي بالصبر و عدم التهور و هاهو الان يفقد أعصابه و يحاول الهجوم على هذا الرجل المستفز
نفض عمر يد إبن خالته بغضب و عاد يجلس مكانه…
جذب ربطة عنقه بحركة عصيبة قبل أن يهمس حانقة: شاهين خلي المأذون ييجي انا حكتب عليها دلوقتي و حاخذها من هنا… كفاية إستحملت ثلاثة عشرين سنة عند الراجل المستفز داه “.
أومأ له شاهين الذي أخرج هاتفه و كتب رسالة ما قبل أن يدس هاتفه في جيبه مرة أخرى ….
أعاد ظهره إلى الوراء باسترخاء و قد لمعت عيناه ببريق التحدي بعد أن منحه عمر الضوء الأخضر لفعل ما يريد، هاهو الوجه الحقيقي لشاهين الألفي يظهر و على هذا النحو سيتصرف و يحل الأمر في دقائق معدودة.
:”المؤذون جاي دلوقتي علشان يكتب كتاب عمر بيه على بنتك….و إنت عندك حلين، الأول إنك توافق من سكات و تخلي الليلة تعدي على خير يا إما حضطر أبلغ البوليس على إبنك المدمن اللي انت بتتستر عليه …..
تكلم شاهين بنبرة هادئة مخيفة و هو يرسل نظرات محذرة لمنصور الذي تسمر مكانه دون رد.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)