رواية الشيطان شاهين الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين البارت الثاني والأربعون
رواية الشيطان شاهين الجزء الثاني والأربعون
رواية الشيطان شاهين الحلقة الثانية والأربعون
الفصل الثامن (الجزء الثاني)
إستيقظت نور باكرا على غير عادتها…رغم أنها
ظلت ليلية البارحة مستيقظة حتى ساعة متأخرة
تفكر في ما ستفعله بعد أن قبل محمد
باعطائها فرصة أخيرة حتى تصلح معاملتها
معه…. شردت قليلا بينما تنظم فراشها عندما تذكرت عدم حماسه للفكرة رغم إعترافه بأنه مازال
يحبها رغم كل ما فعلته معه…..
لكنه كأي رجل حقيقي يضع كرامته فوق
كل إعتبار…..
بعد ساعة إنتهت من حمامها و تنشيف
شعرها و هاهي الان تقف أمام خزانتها
لتختار ماذا سترتدي…..
ترددت قليلا قبل أن تخرج ملابس
رياضية صوفية باللون الكراميل
قريب من لون شعرها الأشقر القصير….
إرتدتهم ثم نظرت لنفسها المرآة لتقيم
نفسها.. تفننت في وضع زينة وجهها كما
لن تفعل من قبل و حرصت على إخفاء الجروح و الكدمات بوضع طبقة إضافية من مساحيق
التجميل ثم إرتدت حذاءها
الرياضي الابيض …
خرجت من غرفتها و هي تدندن احدى
الألحان المصرية القديمة بصوت خافت
لتجد والدتها تجهز الإفطار…و التي رمقتها
بطرف عين قبل أن تنشغل من جديد
بما تفعله قائلة :” صاحية بدري النهاردة
غريبة مش عوايدك يعني…..
قضمت نور بعضا من الكايك اللذيذ الذي تصنعه والدتها قبل أن تجيبها
:” صباح الخير…. أصل عندي مشوار مهم الصبح “.
الام :” بالهدوم دي؟؟
أنزلت نور رأسها تتفحص ملابسها قائلة بتعجب
:”وحشة؟؟؟
الام بخبث :” مش حكاية وحشة بس…و إلا
بلاش المهم إنكم رجعتوا لبعض..
نهضت نور من مكانها و هي تمسح فمها
بالمنديل بحذر حتى لاتفسد أحمر الشفاه
قائلة :”ماما انا رايحة محتاجة حاجة؟؟؟؟
الام بحنو:” لا ياحبيبتي سلامتك… خلي بالك
من نفسك….
أجابتها نور من بعيد و هي تتفحص مظهرها
في كاميرا هاتفها :”حاضر ياماما….
سمعت والدتها صوت إغلاق الباب
لتتنهد بخفوت قائلة :” ربنا يهديك يا بنتي و
َ ينور طريقك…..
في الخارج وقفت نور أمام باب الشقة… اخذت
نفسا عميقا قبل أن تتقدم بخطواتها نحو
شقة محمد المقابلة لهم…. طرقت الباب
بهدوء ثم وضعت يديها في جيب
السترة الرياضية محركة يديها بتوتر…لحظات
و اطل محمد من وراء الباب بسترته الرياضية
ذات اللونين الأزرق و الأبيض…
إبتسمت بعد أن لاحظت ملامحه المتعجبة
قائلة برقة :”صباح الخير…..متستغربش
كده كل الحكاية إني عاوزة اجري معاك
شوية… طبعا لو معندكش مانع….
نفى محمد برأسه و هو يجيبها مبتسما :” صباح
الورد…بالعكس اهلا و سهلا…
إستدارت نور نحو الدرج لتطل عليه من اعلى
هاتفة بتحمس :”طبعا إنت حتنزل من السلم
عشان كدة انا حسبقك لتحت….
محمد :”طيب انا حجيب موبايلي و المفاتيح
و حلحقك….
أشارت له نور ثم نزلت الدرج مهرولة…حتى
وصلت لاسفل العمارة تلهث…وضعت يدها
على خصرها و الأخرى على صدرها لتتنفس
بقوة هامسة من بين لهاثها :”يخرب بيت
غبائي كان لازم يعني …حوار الرياضة
و الجري داه… انا نزلت السلم بالعافية…. أمال
حعمل إيه في الباقي….
إلتفتت وراءة فزعة بعد أن سمعت ضحكات
محمد الذي كان يستمع إليها بعد أن وصل
بعدها بثوان..
زمت شفتيها بحزن مصطنع زاد ملامحها
البريئة جمالا في عيني محمد الذي كف
عن الضحك قائلا بمزاح:”حتستسلمي من
أولها.. انا كنت متأكد إنك مش حتقدري
تكملي…
توسعت عيناها بصدمة من كلامه قبل أن
ترمقه بتحدي :” مستحيل…وإنت عارفني. كويس
لما أحط حاجة في دماغي بوصلها…يلا
خلينا نكمل….
أشار لها بيده لتسبقه قائلا :”طيب يلا خلينا
نشوف…
تجاوزها راكضا بسرعة خفيفة لتلحقه نور
متسائلة :”مش حناخذ العربية؟؟
أجابها محمد بضحك :” طب لما نركب
العربية حنجري إزاي يا ناصحة؟؟
نور بخجل :” لا قصدي ناخذها و لما نوصل
النادي نركنها و نكمل جري….
محمد بنفي:”لا انا متعود اجري من البيت
لحد النادي كل صبح و العربية يسيبها
هنا على… كل النادي مش بعيد ربع ساعة
جري و نوصل…..
نور بانفاس لاهثة من الركض :”ربع ساعة؟؟
قليل جدا بصراحة….انا لو حكمل دقيقة
ثانية حقع….خلينا نرتاح شوية….
محمد بضحك :”داه إنت طلعتي ضعيفة
اوي ثلاثة دقائق جري و عاوزة ترتاحي…
دي العمارة اللي إحنا ساكنين فيها لسه
بتبان هناك…يلا بلاش كسل…
جذبها من يدها يحثها على المشي…
لتبدأ نور بالتذمر من جديد حتى وصلا
بعد دقائق إلى النادي الرياضي….
دخلا ليجدا العم محروس المسؤول على
تنظيف النادي و الاهتمام به….
محمد :”صباح الخير يا عمر محروس….
العم محروس بابتسامة وهو يضع المنشفة
على كتفه :” صباح الخير يا ابني…
نظر بتردد نحو نور و قد بانت على ملامحه
التعجب من وجودها فماذا تفعل فتاة
بهذا الوقت المبكر في نادي رياضي رجالي
زال ضياعه و تهللت اساريره بعد أن
سمع محمد يقول :” دي مراتي يا عم
محروس…
ليجيبه الاخر بفرحة :”اهلا و سهلا يا بنتي
لمؤاخذة اصلي اول مرة اشوفك….
نور بابتسامة مماثلة :”أهلا و سهلا….
القى محمد نظرة تفحصية في الارجاء
قائلا :” كل حاجة تمام ياعم محروس
مفيش مشاكل؟؟
العم بنفي:”الحمد لله كله زي الفل…بس
الكابتن طارق قلي أفكرك عشان إشتراكات
الدفعة الجديدة… مش فاكر هما تابعين اي
قسم بس هو قالي إنك عارف….
محمد بايجاب :”تمام يا عم محروس روح
شوف شغلك و….. إستنى شوية….
إلتفت نحو نور متسائلا :”تحبي تشربي
إيه و إلا نخليها فطار…..
نور بنفي :”لا أنا فطرت مش عاوزة حاجة غير
كباية مية بس….
محمد :” لا إنت اول مرة تشرفيني في النادي
بتاعي… يبقى مفيش إعتراض….عم محروس
لو سمحت خلي هادي يبعثلنا أحلى فطار
من الكافتيريا و متنساش كباية الشاي…
محروس بإيجاب :”حاضر يا إبني….
غادر الرجل ليكمل محمد طريقه نحو
مكتبه و هو يحدث نور التي كانت تسير
لجانبه و هي تتفحص ما حولها بانبهار
قائلة :” واو النادي كبير أوي….
أجابها محمد و هو يصعد الدرج للأعلى
:”إنشاء الله يوم الجمعة تبقي تشوفيه
بالتفصيل … و أكيد حيعجبك و لو عاوزة
تمارسي أي رياضة حبقى اساعدك….
نور بنفي :”لالا مفيش داعي… انا أصلا
مش بحب الرياضة من و انا صغيرة….
محمد بضحك :” ما أنا عارف بس قلت
يمكن لما تشوفي النادي من جوا تغيري
رأيك…
فتح الباب ليشير لها لتدخل بحركة نبيلة مكملا بلهجة درامية :”تفضلي ماي برنسس…أنرتي مكتبي المتواضع…..
ضحكت نور و هي تبادله المزاح :”شكرا ايها
البرنس…. مش عارفة تتقال إزاي…
محمد :” متقلقيش المعنى وصل و داه المهم….
جلست نور على الاريكة و هي تتنهد عندما
تذكرت يوم أمس عندما جاءت إلى هنا باكية
جالت ببصرها في أنحاء المكتب لتنتبه
لأثاثه الرمادي و وجود بعض التحف الأنيقة
التي كانت تزينه إضافة إلى خزانة بلورية
تحتوي على عديد الميداليات و الجوائز
التي تحصل عليها محمد خلال إشتراكه
في عدة مسابقات منذ طفولته…..
تنهدت بأسف لأنها للتو إكتشفت أنها لا تعلم
عنه شيئا رغم مرور أكثر من عام على
زواجهما…..
نفت أفكارها ثم هبت من مكانها متجهة
نحو محمد الذي كان يتفحص عدة
أوراق…. وقفت لجانبه قائلة بحماس
:”إيه رأيك اساعدك…
نظر نحوها محمد بتعجب قبل أن يعيد
نظره نحو الأوراق :” تساعديني في إيه؟؟
نور و هي تهز كتفيها :”طبعا مش حدرب
الناس التي حتيجي بعد شوية…انا اقصد
اساعدك هنا في شغل المكتب… مثلا الأوراق
دي….
محمد بعدم تصديق :” بجد… عاوزة تساعديني؟؟
نور بابتسامة رقيقة :” طبعا اصلي مش ناوية
اسيبك النهاردة يعني حفطر و حتغدى و يمكن
أتعشى هنا….قاعدة على قلبك يعني….
محمد :”طب و كليتك….
نور و هي تخفي تضايقها عندما سمعت
كلمة الجامعة فهي تذكرت جميع ماحصل معها
البارحة :” لا مش حروح الاسبوع داه…اصلي
تعبانة من ضغط الدراسة و عاوزة أرتاح
شوية…
أمسك محمد بعض الملفات ثم سار ليجلس
على الاريكة.. رفع رأسه ليجد نور مازالت
واقفة مكانها و تنظر له…سألها و هو
يضع يده على الكرسي بجانبه كدعوة للجلوس :” مش قلتي عاوزة تساعديني.. و إلا غيرتي
رأيك بعد ماشفتي الملف…
هرولت نور لتجلس بجانبه قائلة بعد أن وضعت
هاتفها على الاريكة بجانبها أمامها :” لا طبعا.. إنت
فهمني انا حعمل إيه و انا حنفذ…
بدأ محمد يشرح لها ما ستفعله ليتضح لنور
أنه عمل بسيط فقط تكتب أسماء المشتركين
بالنادي و بعض بياناتهم على بطاقات إشتراكات صغيرة…
بينما إنشغل محمد بالعمل على حاسوبه
بعد دقائق قليلة….
رفع محمد عينيه لتتراءى أمامه نور
منكبة على الأوراق…كم بدت لطيفة
و هي تحاول بشتى الطرق تثبيت
خصلات شعرها القصيرة التي كانت
تسقط على وجهها في كل مرة
نفخت وجنتيها بتأفف لتقرر أخيرا
وضع القلم من يدها و إنهاء المشكلة
إبتسم محمد وهو يراقبها كيف جمعت
خصلات شعرها لتضعهم على تحت ياقة
السترة ثم عادت من جديد لتركز على
عملها…
قطع مراقبته صوت طرقات على الباب
ليدخل بعدها شاب نحيل لم تتعرف عليه
نور يدفع أمامه طاولة صغيرة تحتوى
على الفطور الذي طلبه محمد….
الشاب :”صباح الخير ياكابتن…داه
الفطار اللي وصاني عليه عم محروس….
إستقام محمد من مكانه متجها نحوه قائلا
:” صباح إلخير يافتحي…تقدر ترجع شغلك..
فتحي و هو يومئ برأسه بطاعة :”تؤمرني
بحاجة ثانية؟؟؟
محمد بنفي :” لا شكرا…
غادر الشاب ليدفع محمد العربة نحو نور
التي كانت تجلس مكانها بصمت….
جلس بجانبها ثم لملم الملفات و الأوراق
التي كانت تضعها على ساقيها قائلا
:”سيبي كل حاجة من إيديكي دلوقتي
و خلينا نفطر…
نور بأعتراض:” لازم أخلص الشغل الأول
بعدين…
قاطعها محمد و هو يخطف آخر ورقة من
يدها عنوة قائلا :” نفطر الأول و بعدين
نكمل شغل.. يلا…و إلا إنت عاوزاني أفطر
لوحدي…
إستسلمت نور لإلحاحه ملبية رغبته في
مشاركته الطعام ليمد لها كأسا كبيرة بها
عصير أخضر لم تعرفه…. عقدت حاحبيها
قائلة :” إيه داه؟؟
محمد بحماس :”داه عصير ميكس خضار
ذوقيه حيعجبك جدا….
أخذت نور رشفة من الكأس لتبتلعه
بملامح ممتعضة و هي تبعد يد محمد
قائلة باشمئزاز:”أنا آسفة بس طعمه…
مقرف بصراحة…. إنت إزاي بتشربه…
محمد و هو يرتشف منه باستمتاع
قائلا :” إنت الخسرانة…داه صحي
أكثر من أي نوع عصير ثاني….
نور بمجاراة :” بالهنا و الشفاء…فكرتني
في كاميليا أختي بتحب الاكل الصحي جدا
يتعاقب أولادها بالخضار المسلوقة…
أنهت حديثها لتنفجر ضاحكة و هي تتذكر
ذلك اليوم الذي زارتها فيه لتجدها تتشاجر
مع أولادها و هي تقنعهم بتناول الخضروات
نظرا لفوائدها الصحية….
محمد :” مممم فكرة حلوة اوي….
نور و هي تتوقف عن الضحك :” قصدك
إيه؟؟
رفع محمد حاحبيه قائلا :” العقاب بالخضار
المسلوقة.. خاصة للناس اللي بتكره الأكل
الصحي…
نور :” قصدك انا صح؟؟
أومأ لها محمد بمعنى نعم :”مش قلتيلي إنك حتسمعي
كلامي طول الاسبوع اللي جاي… و حتعملي
كل اللي انا اطلبه منك….
نور بلهجة متوسلة و هي تبتعد عنه قليلا :”عشان خاطري بلاش دي….بكره الخضار بكل أنواعها….
محمد غامزا :” تؤ مش داه قصدي طبعا….
قضت نور و محمد بقية اليوم مع بعضهما
و هذا ما أسعده كثيرا حيث
إكتشف عدة جوانب من شخصية نور فهي
تبدو صارمة و قوية من الخارج لكنها داخليا
تعتبر طفلة صغيرة بحاجة للإحتواء و ترميم
جروحها التي تخفيها خلف صرامتها و تشددها…
شعر بأنه لم يخطئ عندما قرر إعطائها فرصة
أخرى لتغير من طباعها معه….بينما لم تكن
نور اقل منه سعادة رغم أنها لازالت تحتاج
وقتا طويلا و جهدا كبيرا لتستطيع إذابة
سد الجليد الذي بنته سابقا بينهما….لتصبح
علاقتهما طبيعية..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ليلا في فيلا عمر…..
تقف هبة في مدخل الفيلا تنتظر وصول عمر
على أحر من الجمر…تفحصت هاتفها للمرة الالف
منتظرة إتصاله بها لكن دون جدوى…
تذكرت منذ ساعات عندما أوصلها للمنزل
ثم غادر نحو فيلا والديه رغم معارضتها
و توسلها له ان يتراجع عن قراره لكنه رفض
ذلك رفضا قاطعا…
هرولت للخارج عندما لمحت سيارته
تتعدى البوابة لتتوقف في الحديقة
قرب الباب الرئيسي للفيلا….وصلت
إليه متفحصة ملامحه المتعبة بقلق
ليفاجأها عمر بارتمائه بين ذراعيها
يحتضنها بشدة…
إنهمرت دموعه بصمت و إهتز جسده
رغما عنه لتعلم هبة أنه يبكي…فضلت
الصمت مكتفية بتمسيد ظهره بلمساتها
المهدئة التي تمنكنها في كل مرة من
تهدأته و كأنها سحر….
إبتعد عنها ليجفف دموعه بكلتا يديه…
هاتفا بصوت جامد خال من الضعف و كأنه لك يكن يبكي منذ قليل :”أنا حكيتلهم على كل حاجة
و مشيت على طول…. مكنتش عاوز أشوف
ردة فعلهم.. مقدرتش أشوف نظرات الشفقة
و الحزن في عنيهم….
خاصة ماما…عشان مهما عملت و مهما أذتني
حتفضل في الاخير أمي و انا مقدرش غير
إني أشوفها صلبة و قوية… مقدرتش أشوف
إنكسارها بسببي…. و إنت ياهبة… إنت كمان
مش عاوزك تحسي في يوم من الايام بالنقص
أو الخجل بسببي… من حقك تكوني ام و تفرحي
زي اي ست متجوزة…هبة انا بحبك اوي… بحبك
حتى أكثر من نفسي و إنت عارفة داه كويس…
بحبك لدرجة إني مستعد أحررك مني عشان
تحققي حلمك في الامومة…. انا عارف إني
حعيش بعدك زي الميت بس يمكن داه حيكون
أهون عليا من إني اشوفك بتتعذبي قدامي…..
فجأة توقف عن مواصلة حديثه بسبب
صفعة نزلت على وجنته جعلته يغمض
عينيه بقوة تزامنا مع ضربات أخرى
طالت صدره و كتفيه من هبة التي جن
جنونها و كأن شيطانا تلبسها…..
صرخت بعنف و هي لاتزال تدفعه و تضربه
بعشوائية بسبب تلك النار التي اضرمها في
فؤادها جراء كلامه المهين لها…..
:”بكرهكككك…. بكرهك يا عمر و انا اللي
حقولهالك المرة دي عشان بجاااااد…. زهقت
تعبت من ضعفك و هروبك في كل مرة تواجهك
مشكلة….. نفس الكلام في كل مرة….
كل لما نرجع من الدكتور انا مستعد
اطلقك ياهبة…..إنت من حقك تشوفي حياتك
ياهبة….
صمتت قليلا بسبب إختناقها بدموعها قبل أن
تواصل حديثها من جديد:”كل لما تسمع مامتك
او اي حد من ثاني…. كل اما تشوف طفل
في الشارع معدي كلما……
أسهل حاجة تفكر فيها… إنك تستغنى
عني…. طبعا ما إنت عارف و متأكد
إني مش حقدر أسيبك…حروح فين يعني…
حتى بابا لسه زعلان مني و بيسيب ماما
و إخواتي يقابلوني بالعافية… هبة اللي
إنت متأكد إنها بتعشقك أكثر من روحها
مستحيل تسيبك عشان كده عمال تهين
في كرامتي كل شوية مين غير تفكير….اناني
مش شايف غير نفسك طب و انا…. ها….
ماأنا كمان بشر زيك و ليا طاقة إحتمال
يعني حستحمل نظرات الناس و إلا إتهامات
أهلك و إلا كلامك اللي زي السكاكين…..
طيب خلاص….
مسحت دموعها مدعية القوة و هي تنظر
إلى الجهة الأخرى….
:”عاوز تسيبني و تروح إتفضل…. ما إنت عملتها زمان سبتني و رجعت لقيتني مستنياك
…. بس المرة دي
اوعدك إنك مستحيل حتلاقيني…. حطلق
منك و حتزوج و حجيب أطفال و خليك
إنت قاعد هنا لوحدك بسلبيتك و ضعفك وووو
:” هبببببببة.. إخرسيييي…
عمر بصراخ مماثل مقاطع حديثها….
:”لا مش حسكت عاوزة أقلك كل حاجة
في قلبي و حتسمعني يا عمر…. عشان دي
حتكون آخر مرة نتكلم فيها…زي ما إنت
مش عاوزني انا كمان مش عاوزاك…مش
حتمسك بيك بعد كده و مش حاخذك في
حضني و اطبطب عليك زي ما بعمل في
كل مرة…. مش حضحي عشانك ياعمر
عشان إنت متستهلش كل اللي بعمله
عشانك…
تراجعت عدة خطوات للخلف قائلة
بلهجة رسمية :”إديني ساعة واحدة عشان
ألم هدومي… متقلقش مش عاوزة منك
حاجة و حتنازلك على كل حقوقي… حاخذ
بس الهدوم اللي أنا إشتريتها بمرتبي…
ركضت إلى الداخل بعد أن أنهت آخر
كلماتها تاركة إياه واقفا ينظر أمامه بذهول…
لم يكن يتوقع انها ستنفجر أمامه هكذا
في يوم من الايام و تخرج كل ما في قلبها…
الان فقط إكتشف أنه…
لم يكن الوحيد الذي يعاني بل هي أيضا
كانت تتحمل أضعاف ما يشعر به و فوق
كل ذلك كانت تبذل قصارى جهدها للتخفيف
عنه و إخفاء آلامها أمامه حتى لا تزيد من
معاناته.
مسح وجهه بتعب قبل أن يأخذ طريقه
نحو غرفته بخطوات مرهقة محاولا
تنظيم أفكاره و إيجاد الكلمات المناسبة
حتى يراضيها…
في فيلا البحيري…..
إنتهت العائلة من تناول العشاء لينتقلوا
للصالون لقضاء بقية السهرة….إستأذنت
ليليان منهم لتصعد غرفتها حتى ترتاح
بعد إن إطمئنت على ايسم مع جدته
إغتسلت ثم غيرت ملابسها و القت
بجسدها على الفراش لتغرق في نوم عميق…
بعد ساعات قليلة إستيقظت ليليان كعادتها
بسبب شعورها بالعطش…وجدت الغرفة
مظلمة و باردة و كأن لا حياة فيها….
لفت الغطاء حول جسدها جيدا قبل أن
تقف من السرير متجهة نحو الشرفة لتغلقها
حتى تمنع دخول نسمات الهواء الباردة..
عقدت حاحبيها بتعجب و هي تتساءل
داخلها عن سبب غياب أيهم و عدم
مجيئه حتى هذه الساعة المتأخرة…
انارت الغرفة ثم بدأت بالبحث عنه في
الحمام و غرفة الملابس دون جدوى…
إنتبهت لوجود ورقة باللون الوردي معلقة
على مرآة تسريحتها ذكرتها بتلك الورقة
التي تركها لها أيهم منذ ثلاثة سنوات…..
امسكتها بيدين مرتعشتين و بدأت في قراءتها
بصوت عال….
:”ليلياني…انا آسف… للمرة المليون بقولهالك بس
صدقيني المرة دي غصب عني…. مجبر إني
أسيبك و أمشي للأبد…لكن على الاقل حمشي و انا مطمن إني سبت ذكرى حلوة ليا في قلبك بعد
كل القسوة والعذاب اللي إنت عشتيهم
بسببي….الايام الاخيرة اللي انا قضتها
معاكي حتبقى الونس الوحيد ليا في وحدتي
اللي جاية… انا لما كنت في لندن عملت تحاليل و طلع عندي كانسر في المخ و للأسف في المرحلة
الأخيرة و الدكاترة قالولي إن فاضلي شهور
قليلة عشان كده قررت إني أرجع و أصلح كل أخطائي…. انا سافرت لمكان محدش يعرفه
عشان اقضي آخر ايامي فيه…مش عاوز حد يشوفني ضعيف و خصوصا إنت… عاوزك تفتكريني دايما أيهم القوي اللي بيحبك و اللي محبش في الدنيا غيرك ارجوكي تسامحيني و إفتكريني
دايما بالخير و لما أيسم يكبر قوليله إن أبوك
بيحبك اوي و إنه كان نفسه يعيش عشان يشوفك و إنت بتكبر… إوعي تبكي عليا او تحزني عشان
دموعك أغلى مني بكثير….انا زمان غلطت
في حقك اوي و دلوقتي بدفع الثمن…لما أموت
أرجوكي متنسينيش بالدعاء و الصدقة و كملي
مشروع العيادة المجانية اللي اتفقنا إننا نعمله
خلي بالك من نفسك و من أيسم و لو قررتي
في يوم من الايام إنك تتجوزي ارجوكي
إختاري الشخص الصح…
بحبك اوي…..
ايهم.
شهقت ليليان محاولة التنفس بعد أن شعرت
بنفسها على وشك الاختناق…سقطت على
الأرض و هي تحاول الصراخ بأقصى صوتها
لكنها لم تستطع فقد تتحرك شفتيها باسم
أيهم……
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)