روايات

رواية الشيطان شاهين الفصل الأربعون 40 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين الفصل الأربعون 40 بقلم ياسمين عزيز

رواية الشيطان شاهين البارت الأربعون

رواية الشيطان شاهين الجزء الأربعون

الشيطان شاهين
الشيطان شاهين

رواية الشيطان شاهين الحلقة الأربعون

طرقت ليليان مرتين باب المكتب قبل أن
تدلف لتجد أيهم منغمسا في العمل و أمامه
كومة من الأوراق يتفحصها بتمعن…
رفع رأسه نحوها ليضيئ وجهه بابتسامة
عريضة ثم قال :”يا اهلا و سهلا نورتي
المكتب…إتفضلي..
وقف من مكانه متجها نحوها ليقف
قريبا منها مشيرا نحو الاريكة لتجلس
عليها قبل أن يعود نحو هاتف المكتب
يطلب لها عصيرا… تأملته ليليان بضيق
و هو يسير من جديد ليجلس بقربها
على الاريكة و نفس الابتسامة مازالت
مرسومة على وجهه…
قطع الصمت عندما تحدث أيهم متسائلا
:”ليه تاعبة نفسك و جاية ما انا قلتلك
حهتم بالشغل النهاردة…. كان المفروض
تقعدي ترتاحي و تشبعي شوية من أيسم”.
تنحنحت ليليان قبل أن تجيبه بتردد:”
لقيت نفسي فاضية قلت آجي و كمان
طنط كاريمان مهتمة بأيسم جدا بالأخص
النهاردة”.
أتمت كلامها لترمقه بنظرات غير راضية
ليتعجب أيهم الذي هم بسؤالها لكن قبل
ان يتحدث قاطعه طرق على الباب”.
ايهم :”ادخل”.
دخلت السكرتيرة و في يدها صينية
صغيرة لتضع محتوياتها على الطاولة
و تغادر بعد أن أشار لها..
إلتفت نحو ليليان مرة أخرى مستفسرا
:”في حاجة حصلت؟؟
ليليان بضيق :”يعني مش عارف؟
ايهم بصبر :” قصدك إيه؟؟
ليليان :”قصدي اللي حصل إمبارح و الصبح
كمان “.
فرك أيهم طرف شفته السفلى محاولا
السيطرة على ضحكته ليهتف بتهرب
:” و إيه اللي حصل إمبارح و الصبح؟؟
صرخت ليليان بحنق على طريقة كلامه
المتلاعبة :” بطل تعمل كده…مش بحب اللف و الدوران…إنت عارف كويس انا بتكلم على
إيه و عاوزة تفسير دلوقتي حالا”.
أيهم بمشاكسة :” مش حقلك عشان حتزعلي
و انا آخر حاجة عاوزها هي إني أشوفك
زعلانة و متضايقة”
ليليان بتحذير:”أيهم لو سمحت ..
أيهم مقاطعا :” محصلش حاجة.. إنت كنتي
تعبانة لدرجة إنك مكنتيش حاسة بحاجة
نمتي في العربية و انا شلتك و طلعت بيكي
الأوضة و هناك غيرتي هدومك و أكلتي
شوية شوربة و بعدها نمتي للصبح”.
ضيقت ليليان عينيها بتفكير قبل أن
تهمس :” بس انا مش فاكرة حاجة…
أضافت بتردد” طب ليه مصحيتنيش على
الاقل عشان اغير هدومي… اووف مش فاكرة
حاجة .
أيهم بتسلية :” إنت ليه مكبرة الموضوع…
كل حاجة خلصت….
ليليان بغضب:”هو إيه اللي خلص؟؟ و كل اللي
في الفيلا فاكرين إننا رجعنا لبعض تقدر تقلي
حنعمل إيه في المصيبة دي؟؟
نفخ أيهم الهواء بنفاذ صبر قبل أن يتريث
قليلا ليرفع كأس العصير نحوها قائلا :”إشربي
العصير و إهدي.. كل مشكلة و ليها حل متقلقيش “.
أشاحت بوجهها بعيدا عنه ليعيد الكوب
لمكانه ثم يقف من مكانه ليسير نحو النافذة
الزجاجية واضعا يديه في جيوب بنطاله
و ينظر للأسفل لحديقة المستشفى….
رمت ليليان حقيبتها جانبا قبل أن
تتجه نحو أيهم الذي إنشغل عنها و كأنه
نسي وجودها او هكذا ظنت بينما
هو في الحقيقة كل تركيزه كان عليها حتى و إن
لم يكن ينظر نحوها….يكفي تهربا فقد
وصل الطريق لنهايته و حان وقت المواجهة….
أغلق عينيه ليتنفس بقوة عطرها الذي لفح
أنفاسه عندما مرت بقربه ليرتجف جسده
بضعف و حنين إليها… كم يرغب في هذه
اللحظة أن يجذبها نحوهه و ينهال على
شفتيها بقبلة عميقة ليرتشف شهد شفتيها
الذي إشتاق إليه بجنون…
يعوض سنين حياته الباردة التي توقفت منذ
أن غادره دفئ جسدها الذي كان ينعم
به و حرم منه بسبب غبائه و غروره….
ضغط شفته اليسرى بقوة حتى شعر بطعم
دمائه في محاولة منه لإخماد فتيل الحرب
الذي اشعله قربها داخله..
كل ذرة في جسده الأحمق تطالب بقربها و أخذها بين ذراعيه الآن يكفيه صبرا و تعقلا فليذهب العقل
للجحيم ففي النهاية هو رجل و هذه الجميلة
التي بجانبه تمتلك من الفتنة و السحر ما
يلهب حواس قديس فمابالك برجل حرم
من الحب لسنوات……
حرك رأسه يمينا و يسارا لينفي هذه الأفكار
المزعجة التي لا طالما أرقت نومه لينتبه
لها عندما وقفت بجانبه…
ليليان بصوت هادئ :”كلما آجي أتكلم معاك في
موضوع تتهرب زي عوايدك…كل حاجَة عاوزها
على مزاجك تضربني، تعذبني، تخوني، و تبهدلني
و بعدين تسافر و تهرب عشان مطلقنيش و دلوقني
راجع و عاوزنا نرجع عشان سيادتك ندمان و ضميرك
صحى و بقيت بتحبني و عاوز تعيش حياة
طبيعية معايا انا و إبنك…و أنا المفروض اوافق
و أقبل بكل حاجة إنت تعملها…و عشان توصل
للي إنت عاوزه بتخلي عيلتك تضغط عليا
بكل الطرق عشان أقبل… كلهم شايفين قد إيه
بتحاول تنجح علاقتنا و بتعمل كل اللي تقدر
عليه عشان تراضيني و اقبل ارجعلك من ثاني
و لو ماوافقتش حيزعلوا مني…و حيقولوا إن
أنا اللي ظالماك…
إلتفتت نحو لتنظر في وجهه بتمعن قبل
أن تكمل :”لو كنت مكاني حتعمل إيه؟؟؟
أغلق أيهم عينيه بألم قبل أن يجيبها بصوت
مختنق:” مينفعش الشيطان يكون مكان
الملاك…
ليليان بصراخ مفاجئ:”ليه مصر تحسسني
إني لعبة بتحركها زي ما إنت عاوز…طول
عمري معنديش لا رأي و لا قرار…و لا أهمية”.
لم يعد يطيق صبرا ليجذبها بذراعه الصلبة
من خصرها نحوه حتى إصطدمت بصدره
لم يعر دهشتها أي إهتمام و لا تراقص
أهدابها التي رمشتها بحيرة و لادقات قلبها
الفزعة التي يجزم انه سمع صوتها…
همس بصوت مسترخي و هو يتمعن بتفاصيل
وجهها الناعم :أنا… آسف… ياريتني كنت مت
قبل ما أزعل العنين الحلوة دي….
أحنى وجهه لتلفحها أنفاسه الساخنة كلهب
حارق زادت من إرتجافها بين يديه لم تستطع
إن تعارضه او أن تتكلم… كلما إستطاعت فعله
هو أن تحافظ على وعييها في حضرته…مشتتة و
خائفة…و كأنها مراهقة صغيرة و ليست إمرأة
ناضجة في سن الثلاثين…
انامله الخبيرة التي تمسد ظهرها و خصرها
بنعومة فائقة جعلتها تغلق عينيها و تنفصل عن الواقع….
لم تعي حتى عندما أزاح حجابها ليظهر
أمامه عنقها الأبيض بسخاء و ذلك العرق
النابض في رقبتها كم إستفزه ليطبع
عليه قبلة ناعمة أشبه بلمسات الورود…
ليزيد من جنون ليليان التي لو كانت بوعييها
لجلدت نفسها أرحم لها من ان تستسلم أمامه
بهذا الشكل المخزي….
لم تشعر بابتسامته المنتصرة و هو يرى
ذوبان جسدها بين يديه لكن من يلومها
فرجل كأيهم البحيري زير النساء السابق
رغم إبتعاده الطويل عن هذه الأجواء
إلا أن خبرته الكافية و وسامته المهلكة تجعل
أي إمرأة تذوب أمامه كقطعة ثلج…..
ليستغل هو الوضع و ينحني ليحملها
بين ذراعيه كعروس ليلة زفافها متجها
نحو باب جانبي يحتوي على غرفة نوم مجهزة
كان أيهم قد أضافها في تصميم مكتبه
تحسبا لتأخره في العمل و إضطراره في
تمضية ليلة هنا…
أراح جسدها على السرير بعد أن تأكد
من إغلاق الباب خلفه تحسبا لأي دخيل..
ثم إنحنى نحو شفتيها مقبلا إياها بشغف
و جوع أيام طويلة فيما إمتدت يداه
لتزيح عنها ثيابها التي تخفي مفاتنها عنه
ببطئ و هدوء….
يحب عليه الاستفادة بكل الطرق من هذه
الفرصة التي قدمت له على طبق من الماس
فإما الان و إما سيضطر لمزيد من الانتظار
و هو الذي لم يعد يكره في من حياته
أكثر من الانتظار….هذا الشعور الذي بات
يقتله عرقا بعرق… يوما بعد يوم.
و كأنها تفترش إحدى الغيوم القطنية…هذا
ماتشعر به ليليان في هذه اللحظة بعد أن
فقدت السيطرة على جسدها الخائن الذي
أصبح في لحظات رهن إشارته…بعد أن
سقط العقل من على عرشه و اصبح القلب
هو الملك… هو الآمر الناهي فلا مكان بعد
الان لما يسمى حدود…
الحب و الرغبة و لغة الجسد هذا ما يميز
هذه اللحظات الفاصلة بين قلبين إنفصلا
منذ سنوات…..
منذ ساعات و لم يكتفيا و كأنهما إتفقا على
تعويض مافاتهما فكلما شعر أيهم بعودة ليليان
لواقعها يسحبها من جديد نحو عالمه الخاص
يقسم انه لن يتركها حتى تخضع له بإرادتها…
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
دخلت الجامعة بخطى مرهقة بعد ليلة
طويلة لم تذق فيها طعم النوم بسبب
شجارها اليومي مع والدتها التي لم تكتفي
بضربها و شتمها لتهاتف شقيقتها و زوجها
حتى يأتيا في ساعة متأخرة من الليل
في محاولة منها للضغط عليها حتى تتراجع
عن قرارها المتهور…دون جدوى.
أخذت طريقها نحو الكافتيريا للحصول
على كوب قهوة كبير عله ينجح في إعادة
نشاطها و حيويتها التين يفتقدهما جسدها
حتى تستطيع الصمود في هذا اليوم الطويل
كطالبة في كلية الطب…
رمت الكوب الورقي في أقرب سلة
مهملات قبل أن تتابع طريقها نحو قاعة
محاضرتها التالية بعد أن فاتتها اول الحصص…
تصنمت مكانها و هي تستمع لضحكات عالية
وراء أحد الأبواب المغلقة بعدم إحكام ليظل
فراغ صغير بين طرف الباب الحائط… بدا
لها الصوت مألوفا لتقترب بتمهل و تسترق
السمع…
لحسن الحظ لم يكن سوى صوت ضحكات
ميار التي بدت و كأنها ستطير فرحا في أي
لحظة و هي تحدث صديقتها المقربة ديالا…
ديالا:”أمال هي فين مجاتش المحاضرة اللي
فاتت… مش من عوايدها أنها تغيب”.
ميار بنبرة سعيدة :”مش حتيجي النهاردة
أنا سألت الغبية بسمة و هي قالتلي إنها
كلمتها إمبارح و قالت إنها مش حتحضر
النهاردة…
أضافت و هي تجلس على إحدى الطاولات
العالية :” أحسن…..بقيت مش طايقة أشوفها
قدامي،انا ماسكة نفسي بالعافية عشان
ماقتلهاش بإيدي…. بس بعدي يقول إهدي
يا بنت و إستني لغاية ما أوصل لهدفي
و بعدين إعملي اللي إنت عاوزاه…
ديالا بابتسامة مصطنعة :” أنا مش عارفة
إنت ليه متمسكة بمحمد… اقصد هو شكله
حلو و شيك و من عيلة غنية بس في
كثير أحلى منه و اغنى منه كمان… ليه
محمد البحيري بالذات؟؟
وضعت نور كفها على فمها تمنع خروج
شهقتها المصدومة هي تستمع لهذه
الحقائق لأول مرة…إبتلعت ريقها بصعوبة
و هي تستند على الحائط لتوازن جسدها
الضعيف تجاهد لتبقي جميع حواسها
مركزة على ماستقوله تلك الحية ميار….
ميار و قد برقت عيناها بتصميم :”عشان
مختلف اللي زيه صعب تلاقي منه كثير
في زماننا داه…راجل بجد مش زي العيال المدلعة
اللي إحنا نعرفهم…راجل حقيقي تقدري تأمنيه
على نفسك و إنت متأكدة إنه مش حيخونك
و لا حيغدر بيكي….محمد لو قعدت معاه
سنة في اوضة واحدة مش حيبصلي و لا
حيحط إيده عليا عارفة ليه.. عشان هو كن النوع الوفي اللي لما بيحب يحب بجد……
راجل يحبك و يحتويكي في كل أشكالك
بعصبيتك و جنونك لما تكوني مخنوقة
و لما تكوني متضايقة…في كل حالاتك مش
حيبص لغيرك مهما كانت الاغراءات
محمد مش زي أخوه أيهم و سيف عمره
ماكان عنده تجارب مع البنات اول واحدة دخلت حياته هي نور…
أنا أعرفه من سنين بسمع اخويا دايما بيتكلم
عليه حبيته من قبل ما أشوفه كان فارس
أحلامي و انا عندي سبعتاشر سنة
عرفته قبلها يعني هو من حقي أنا… هي مش بتحبه
و مش حاسة بيه اصلا…نور متستاهلش واحد
زي محمد…لو كانت بتحبه و متمسكة بيه
مكنتش حقدر أاثر عليها مهما قلت في حقه
و شوهت صورته قدامها بس
هي كانت محتاجة حد يشجعها عشان
تتخلص منه… الغبية مش عارفة إنها لو لفت
العالم مش حتلاقي حد يحبها و يحافظ
عليها زي محمد البحيري…
ديالا بتعجب :” بس هو مش بيحب غيرها؟؟
ميار و قد إحمر وجهها من شدة الغضب :” عارفة
إنه مش بيتزفت بيحب غيرها بس انا بحبه…
و مش حخليها تتهنى بيه….محمد ليا أنا و حعمل
كل اللي اقدر عليه عشان أخليه يحبني….
هما خلاص حيطلقوا و هو أكيد حيكون محتاج
حد يقف جنبه عشان يخرجه من إحساس
الوحدة و الخذلان و انا بقى حبقى الحد
داه.. حعمل كل اللي اقدر عليه عشان يكون
ليا… “.
ديالا بتفكير :” بس داه مش حب يا ميمي
هو بالنسبة ليكي حاجة صعبة و إنت عاوزة
تحصلي عليها بأي ثمن…و لما تمتلكيها
حتزهقي و ترميها….
ميار بغضب :” إيه التخريف داه…بقلك
بحبه من و انا عندي سبعتاشر سنه… داه
حلم العمر و مش حستسلم غير لما أحققه…
هزت ديالا كتفيها باستسلام من عنادها
قبل أن تسألها :” طيب هما خلاص يعني
مفيش أمل…..
تبدلت ملامح ميار الغاضبة إلى أخرى
سعيدة :”لا النهاردة متفقين يروحوا
المحامي عشان يكملوا الإجراءات… انا
متابعة كل حاجة بنفسي و بستنى
بالدقيقة و الثانية إمتى يبقى حر
و ساعتها حيبقى ملكي….yes yes yes
انا حعمل party بالمناسبة الحلوة دي..
أنهت جملتها بضحكة طويلة تعبر عن مدى
سعادتها بانتصارها الرائع الذي حققته دون
معاناة… نصر لم تتعب كثيرا لتحقيقه فلم
يكن يتطلب منها سوى القليل من الصبر
و خطة ذكية حاكتها بذكاء و تمهل شديدين..
و كأن خنجرا حادا تسلل بخفة من بين
أضلعها ليصل نحو قلبها ليقسمه شطرين
دون رحمة او شفقة….لو لم تسمعها بنفسها
لما صدقت…ضحكت بداخلها و عيونها
تنهمر دموعا تعبيرا عن ضياعها و تخبطها
إبتعدت عن باب الغرفة بخطوات حذرة
حتى لا يتفطنا لها…
بعد أن إبتعدت مسافة جيدة ركضت بسرعة
نحو سيارتها متجاهلة نظرات باقي
الطلاب المتعجبة من حالتها…
ألقت مافي يديها في الكرسي الجانبي
للسيارة قبل أن تجلس مكانها لتضرب
رأسها عدة مرات بالمقود….
رفعت رأسها لتقابلها صورتها بالمرآة ليزداد
جنونها أكثر فأكثر صفعت وجنتيها بكفيها
مرات عديدة ثم جذبت خصلات شعرها
القصيرة حتى شعرت باقتلاع بعض منها
لكنها لم تهتم فالالم الذي كانت تشعر
به بداخلها أقوى بكثير من ألم جسدها….
أرخت رأسها على ظهر المقعد بعد أن
تعبت و هي تتمتم بصوت لاهث :غبية….
غبية…انا أكثر واحدة غبية و حمارة
في الدنيا كلها….إزاي قدروا يوقعوني
إزاي…عقلي كان فين و انا بسمع كلامهم
للدرجة دي انا كنت هبلة و عبيطة.. عندها
حق ماما و الله عندها حق…محمد ميستاهلش
واحدة غبية يستاهل واحدة قوية و خبيثة
زي ميار تقدر توصل للي هي عاوزاه بكل
سهولة طبعا ماهي لما تلاقي واحدة حمارة
زي نور أكيد حتوصل لاهدافها بسهولة….
أخرجها من هذيانها صوت رنين الهاتف…
لتمد يديها بعشوائية تبحث عنه داخل حقيبتها
لم تجد فاضطرت لرمي محتويات الحقيبة
دون إهتمام حتى وجدته….
شهقت بصوت عال و هي تغرس أصابعها
بخصلات شعرها المنكوش عندما رأت
إسمه يزين الشاشة :”داه محمد… أكيد
بيتصل عشان المحامي”.
همهمت بغصة و دموعها لاتكف عن الأنهمار
لترد أخيرا رغم عدم قدرتها على الكلام
:”محمد… إنت فين؟؟
أغمضت عينيها سامحة لآخر قطرات دموعها
بالسقوط على وجنتيها المحمرتين بشدة
عندما آتاها صوته الدافئ الحنون رغم
تصنعه الصرامة :”إنت اللي فين يا نور مش
إتفقنا إننا نتقابل عند المحامي…. أنا كلمتك
الصبح بس إنت مرديتيش فاضطريت اروحله
و أجيب الأوراق عشان ناقصة إمضتك….
إرتجاف يديها جعل الهاتف يقع على الكرسي
لتلتقطه مرة أخرى بصعوبة و تحدثه بصعوبة:” أنا حجيلك
دلوقتي الستنر بتاعك….
سقط الهاتف مرة أخرى و تعالى صوت نحيبها
و هي تقود السيارة بعدم تركيز حتى وصلت
بعد نصف ساعة تقريبا إلى المكان….صفت
سيارتها بصعوبة ثم فتحت الباب لتنزل
و تسير بخطوات مرتعشة حتى كادت تقع على الأرض عدة مرات قبل أن تصل أخيرا
إلى أولى الدرجات الرخامية لباب المركز
الرياضي…
حدقت نور في صورتها التي إنعكست على بلور الباب بضياع…شعر مبعثر و وجه أحمر تملأه الخدوش و بعض الدماء الجافة في أعلى جبينها
الملتصقة بشعرها….حمدت الله في سرها أنها
لم تجد وقتا في الصباح لوضع مستحضرات
التجميل و إلا لكان وضعها أسوأ….
أنهى تأملاتها محمد الذي جذبها بقوة من
ذراعها دون قصد قائلا بلهفة و عيناه تتفرسان هيئتها المزرية:”نور إنت كويسة
حصلك إيه…. مين اللي عمل فيكي كده؟؟؟
إكتفت بالتحديق به و قد إرتسمت على
وجهها إبتسامة بلهاء و هي تؤكد لنفسها
للمرة الالف هذا اليوم أنها غبية…
فمن التي تضيع من يدها رجلا كمحمد…
في غاية الوسامة شعره الأسود الذي يطابق
لون عينيه و بشرة وجهه البيضاء المغطاة
بلحية خفيفة تعشقها…. أما جسده الرياضي
الضخم الذي تمنت في هذه اللحظة أن
يحتضنها داخله حتى تشعر بدفئه و حنانه
الذي طالما غمرها به رغم صدها له….
هز جسدها بخفة عندما لاحظ شرودها و هو
يعيد سؤاله من جديد :”نور… إنت سمعاني
تعالي حوديكي المستشفى….”.
أحاط خصرها بذراعه ليساعدها على
المشي لكنها ثبتت أقدامها في الارض
لتوقفه عن السير قائلة بصوت مبحوح
:”مفيش داعي أنا كويسة..”.
اجابها بقلق :”كويسة إزاي….وشك
مليان دم و جروح…. قوليلي مين اللي
عمل فيكي كده و إيه اللي حصل ؟؟؟؟
نور ببكاء لم تعد تحتمل طيبته و إهتمامه بها
حتى بعد مافعلته معه :” أنا… انا اللي عملت
في نفسي كده و لو كنت أقدر كنت عملت
أكثر….
محمد بذهول و عيناه تجوبان كامل
جسدها :” إنت؟؟ ليه؟؟؟
إستندت نور عليه بعد أن فشلت في
تصنع القوة ليتلقفها محمد بحركة
خفيفة جعلتها في ثوان بين ذراعيه
لم تقاومه نور او تعترض عندما
دلف بها إلى الداخل نحو مكتبه…
صعد الدرج بخفة و نور تخفي نفسها
داخل أحضانه حتى كادت تختفي كليا
و قد ساعدها في ذلك جسدها الضئيل
دلف إلى داخل مكتبه ليضغها على
اريكة جلدية سوداء اللون كسائر اثاث
المكتب…
تململت نور لترتاح في جلستها و قد
بدأت تشعر الان فقط بآلام في وجهها
و ذراعيها…. عاد محمد و في يده علبة
صغيرة للاسعافات الأولية ليجلس بجانبها
ويضع العلبة على ساقيه….
أشاحت نور بوجهها بعيدا عن يده التي
إمتدت لتفحصها ليزفر محمد قائلا :”خليني
على الاقل اعقملك الجروح و الكدمات اللي
في وشك….
نور بحرج :” مش عاوزة أتعبك “.
أجابها و قد إرتسمت على وجهه إبتسامة
ساخرة:” متقلقيش مش حتعب في حاجة
بسيطة زي دي…إثبتي و متحركيش وشك “.
بعد دقائق قليلة إنتهى محمد من وضع
آخر شريط لاصق على جرح بجانب شفتيها
لتغمض نور عينيها بقوة و تشرع في البكاء
من جديد…
ربت على ظهرها بيده بينما يده الأخرى
كانت تمسح خصلات شعرها المتناثرة
بفوضوية كابحا فضوله القاتل الذي يحثه
على معرفة ما يحصل معها….
همس لها بخفوت محاولا تخفيف حزنها
::”كفاية عياط يانور و إحكيلي…إيه
اللي وصلك للحالة دي؟؟
صرخت نور ببكاء و قد عادت لها نوبة
جنونها من جديد :” أنا…. قلتلك أنا…
أنا السبب في كل حاجة “.
ضربت وجهها و رأسها بقوة بكفيها
مما أثار فزع الجالس بجانبها ليمسك
بسرعة كلتا يديها جاذبا إياها نحوه
حتى أصبح وجهها ملاصقا لوجهه لا
يفصل بينهما سوى إنشات قليلة…
اخفضت نور عينيها رافضة النظر في
وجهه و كأنها خائفة من مواجهته… تشعر
بداخلها بالخجل و الذنب مما فعلته معه
رغم حقارتها و نذالتها معه إلا أنه مازال يهتم لأمرها….يبدو أن ميار كانت محقة فمحمد
مختلف….
تركها عندما شعر بسكونها لتنهد بصوت مسموع
قبل أن يهتف للمرة العاشرة بنفس السؤال لكن
هذه المرة بنبرة مصرة :”نور… إتكلمي انا أعصابي
خلاص بازت و مش قادر أستنى أكثر من كده
يا تحكيلي إيه اللي حصل يا حنزل أكتشف بنفسي”.
فركت نور يديها مكان قبضته بتوتر قبل أن تستجمع
شجاعتها و تتحدث باقتضاب :” كاميليا… أختي
لما تجوزت شاهين الألفي كنا مش مصدقين اللي
حصل و…. كنا فرحانين جدا خصوصي انا و كريم
جوز أختنا بقى….. راجل غني و عنده فلوس
كثير و حيساعدنا و يخرجنا من الفقر اللي
إحنا عايشينه…..كنت أنانية جدا و مش
شايفة حاجة الفلوس عمت عينيا….فاكرة
كويس آخر يوم ليها في بيتنا القديم
مكانتش فرحانة زي اي عروسة…كانت بتخفي
خوفها و قلقها علينا كلنا عشان متبوزش
فرحتنا…مكانتش عاوزة تحسسنا بحاجة
كاميليا أختي ضحت بنفسها عشاننا…عشان
تعالج بابا و اقدر انا و اخويا نكمل تعليمنا
اللي كنا مهددين في اي لحظة إننا نسيبه
عشان معندناش فلوس…..
مسحت دموعها قبل أن تتابع…كان بيهددها
يا تتجوزه يا حيدمرنا و طبعا داه شيئ سهل
جدا عنده…و هي قبلت…. قبلت يا محمد
قبلت إنه يعذبها و يهينها و يعيشها أسوأ
ايام حياتها… كان… كان بيغتصبها كل ليلة
و بيضربها و….
توقفت عن الحديث عندما إختنقت بدموعها
لكنها رغم ذلك واصلت :”أنا كنت خايفة… خايفة
مكنتش عاوزة ابقى زيها…انا و الله مش معترضة
عشانك إنت…. بالعكس إنت راجل تحلم بيه
اي بنت…. بس أنا كنت بتخبط يمين و شمال
و مكنتش قادرة احكيلك….السر داه كنت شايلاه
لوحدي.. مقدرتش احكيه لأي حد عشان مينفعش
حد يعرفه….انا مش قادرة أتحمل يا محمد
أنا تعبت و مش عارفة اعمل إيه و عشان
عبيطة أول حاجة فكرت فيها إني مش حتجوز
طول عمري….
أطلقت ضحكة قصيرة مستهزئة مضيفة
:”مش قلتلك عبيطة…
مسح محمد وجهه بحيرة غير مصدق
لما يسمعه…حقائق غريبة اشبه بالخيال
فلطالما تعجب محمد من عشق شاهين
المفرط لزوجته حتى أنه تمنى أن في
يوم من الايام أن تكون حياته مع زوجته
كحياتهما….و هاهي نور الان تصدمه
بحقائق مغايرة للواقع….
إلتفت نحو نور التي لم تتوقف عن البكاء
ليشعر بالشفقة نحوها…بالرغم من انها لأول
مرة تتحدث معه هكذا دون قيود او أقنعة…
لأول مرة يعلم ماتفكر به لا و أيضا تشاركه
مشاعرها… يبدو أنه يوم المعجزات بالنسبة لمحمد…..
هتف بصوت هادئ رغم تزاحم الأفكار
داخل رأسه :”طيب انا ممكن أساعدك
في إيه؟؟ مش عارف يعني لو عاوزة تتكلمي
او تفضفضي.. انا موجود….
نظرت نحوه بعينين دامعتين تعكسان
مدى ضعفها قائلة برجاء:” مش عاوزاك
تسيبني…. أرجوك….
إتسعت عيناه بدهشة و هو يرمقها بنظرات
غير مفهومة قبل أن يهتف :”تقصدي إيه؟؟
نور و هي تعض شفتيها بتوتر و دقات قلبها
بدأت تتسارع بسبب خوفها من ردة فعله
:”خلينا مع بعض.. بلاش طلاق عشان
خاطري…. و أنا مستعدة أعمل أي حاجة
إنت عاوزها “.
يحق له ان يرفض فبعد كل مالاقاه منها
جفاءها و صدها له كلما حاول أن يتقدم
بعلاقتهما….لم تهتم به يوما او تشاركه
اي تفصيل من حياتها كباقي الأحباء…
يركض وراءها من مكان إلى آخر حتى
يلفت إنتباهها بالهدايا الفاخرة و دعوتها
للخروج بمناسبة او بدونها…. فماذا قدمت
له هو… قلبها يكاد يخرج من مكانه و هي
تنتظر جوابه…رغم توعدها بداخلها انها
لن تتركه مهما كان جوابه….
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إستيقظت ليليان من غفوتها القصيرة
لتجد نفسها نائمة على سرير في غرفة
غريبة تحتوي على خزانة صغيرة و أريكة
باللونين الرصاصي….رفعت الغطاء عنها
لتتفاجئ بنفسها عارية… إتسعت عيناها
بدهشة و كانت ستصرخ لو لا ذكريات
الصباح التي تدفقت داخل رأسها في هيأة
مشاهد متفرقة…
تمتمت بانزعاج و هي ترمي رأسها على الوسادة
:”إيه اللي أنا عملته داه؟؟
لفت جسدها بالغطاء ثم بدأت بالبحث عن ملابسها
التي للأسف لم تجدها…عادت لتجلس مرة
أخرى على الفراش مقابل الباب و هي تضرب
رأسها بكفها قائلة بحنق :” عجبك كده اهو
بقيت محبوسة بالمنظر داه..
أضافت بحزن و عيناها تلتمعان بالدموع لشعورها
المرير بالذل و الإهانة
:”بعد ما وصل للي هو عايزه سابني مرمية
هنا زي….أي وحدة من بنات الشارع….
أجهشت بالبكاء و هي تعض أناملها حتى
تمنع خروج شهقاتها.. تزامنا مع دخول أيهم
للغرفة وفي يده عدة أكياس…
رمى الاكياس جانبا ثم إنحنى على ركبتيه أمام ليليان ليدير رأسها نحوه و
يحيط وجهها بيديه

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى