رواية الشرف الفصل المائة وستة 106 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء المائة وستة
رواية الشرف البارت المائة وستة
رواية الشرف الحلقة المائة وستة
الحادى والعشرون
منذ بدأت العلاج النفسى مع الطبيبة التى تتابع حالتها لتخليصها من الخوف الناتج عن الحادث الذي تعرضت له منذ سنوات وهى تفضل العزلة ، حتى مشاكساتها ضاحى قلت بشكل ملحوظ اشعره بالتوتر ، تتخذ من حجرتها ملاذا حيث تعيد رؤية ما مضى بشكل اوضح .
وجدت نفسها تعيد تقييم علاقتها ب ضاحى ، لقد اعجبت بشخصيته فى الماضى ، وفاءه بالوعد والتزامه بالكلمة التى ينطقها لسانه دليل على أنه لا يتفوه إلا بما يعقل ويزن ، فتنتها ملامحه الجادة التى تتنافى مع روحه المشاغبة وقلبه العابث ، أما رجولته وغيرته فهما تحتاجان أعوام للتعبير عن قوتهما .
فى تلك الليلة العصيبة كان أول اللاحقين بالجناة بشهادة اخويها ، لم يتحمل أن يلمسها أحدهم ، تتذكر جيدا نظرة الفزع التى اوقف تفكيره وهى تراه من بين خيوط الدماء التى تنضح من رأسها ووجهها بغزارة .
تلك النظرة تحيى أنوثتها أعواما بالعشق .
وحين أفاقت لازم فراشها ليشعرها بالأمان ، كانت لمسته كافية لإزاحة كل المخاوف . وفى كل مرة عادت تلك الذكريات كان هناك يحتوى مخاوفها ..يخفيها بصدره .. يمتص الرهاب من دماءها لا يهدأ حتى تستكين .
وماذا قدمت له في مقابل كل هذه الرعاية !!!
لا ترى أنها قدمت شيئا ذا قيمة .. لا تمل من مشاكاسته .. تثير غيرته وجنونه .. حتى اطفاله ليست من يرعاهم بل تركت سما تفعل وانشعلت عن الجميع بنفسها .. جمالها الذى تخشى أن يزول ..بدنها الذى تخشى أن يتغير .
وقفت أمام المرآة تنظر لنفسها ؛ لقد كانت أنانية فى علاقتها به بشكل مبالغ فيه .
توجهت نحو النافذة تترقب عودته ككل ليلة فقد أرهق النهار شمسه لتنزوى معلنة نهايته ، وهذا موعد عودته .
جلست خلف الشباك المغلق هى لن تثير غيرته مرة أخرى ، عليها التزام كل ما يهيئ له حياة مريحة يكفى جنونها فيما سبق .
رأته قادما بصحبة راجى من جهة الحظيرة ، ابتسمت لرؤيته يقترب من المنزل وفى لحظات تغير كل شيء .
انتفضت مع صوت الطلق النارى الذى اخترق السكون ، ليذهب التعقل للجحيم ، فتحت الشباك لتتسع عينيها فزعا لرؤية راجى أرضا مضرجا بالدماء وزوجها ينحنى فوقه .
رفع عينيه حين فتحت الشباك لترى الألم في قسماته وسرعان ما سقط بجوار أخيه لتطلق صرخة بإسمه قلبت المنزل رأسا على عقب .
_____
هرول هيبة خارج غرفته لتقصى الأمر ومعرفة من الذى تجرأ ليطلق أعيرة نارية قرب منزله لتشل خطواته مع صرخة زوجة أخيه التى اخترقت قلبه : ضاااااحى
دفعته سما للأمام صارخة : اتحرك يا هيبة الحق اخوك
لتعود قدميه للعدو وفى لحظات كان خارج المنزل، كاد قلبه أن يتوقف لرؤية شقيقيه أرضا .
_____
اندفعت سما لغرفة ريتاج التى نظرت لها بفزع : سما ضاحى يا سما ضاحى وراجى انضربوا بالنار .
اسرعت سما تضمها وهى تهذى بإنهيار : ضاحى هيموت ..ضاحى هيسبنى ..ضربوه بالنار . ااااااه ضااااحى .
كان صراخها يهز جدران المنزل لتصل زبيدة وهناء للغرفة وزبيدة تتساءل بفزع : خبر ايه ؟؟ ماله ضاحى ؟؟ هيبة بيچرى ليه يا سما ؟؟
رفعت سما عينيها وهي تشعر بالعجز التام فكيف تخبر أم وزوجة بهذا الفقد.
اسرعت هناء نحو النافذة لتصرخ : يا مرى !!! راچى وضاحى سايحين فى دمهم .
نزلت الجملة على مسامع زبيدة نزول الصاعقة بينما هرولت هناء خارجا ضاربة بكل الاعتبارات عرض الحائط ، ستذهب لزوجها وان كان هذا اخر شئ تفعله بحياتها .ركضت الدرج نزولا لتزل قدمها وتسقط صارخة فيجتمع حولها العاملات بالمنزل .
تسابقت دموعها تبكيه ام تبكى نفسها لا تدرى فالألم ينخر صدرها ولا تدرى مصدره .
تقدمت زبيدة من النافذة بخطى مهزوزة لكنها لم تصل لها قبل أن تترنح لتترك سما ريتاچ وتتلقفها قبل أن تصطدم رأسها بالأرض .
وجدت نفسها في حالة من العجز لم تصل لها مطلقا لتصرخ بلا وعى : انتو ياللى شغالين هنا !!
هرولت بعض الفتيات تاركين هناء صعودا لتصرخ سما : قربى انت وهى شيلوا معايا .
____
تثاقلت انفاس هيبة وكادت تخنقه وهو يرى اخويه أرضا اقترب يجثو جوارهما بفزع : ضاحى !!! راچى !!!
هزهما برفق ليأن ضاحى بينما راجى يد جسدا هامدا .
تلعثم هيبة : ماتخافش يا خوى . ماتخافش
رفع كفيه المخضبين بدماء شقيقيه يتفحص ملابسه بحثا عن الهاتف ليقبل أحد الحرس مقدما هاتفه : تلافونى اهه يا سعت البيه .
التقطه هيبة دون تفكير ليطلب الإسعاف لنجدة اخويه ويعلمهما بوجود مصابين لتأتى سيارتين .
سقط الهاتف من بين أنامله وهو يستمع لانين ضاحى : هيييبة .. يااا خووووى
اقترب منه بلهفة : انى اهه چارك ياخوى .
رفع ضاحى عينيه لكن لم يتمكن من الحركة فإصابته بالظهر ليقول هامسا بتحشرج واضح : الولد يا هيييبة . دير بالك على الولد يااا خووووى رااا راااچى وصانى بب ناته وانى بو صيييك ..ااااه .
تحجرت دموعه وانفاسه تشق صدره كالخناجر المسلولة وهو يجلس بعجزه هذا ويرى اخويه يصارعان الموت .
رفع عينيه ليرى مهدى ابن أخيه ضاحى يطالعه بنظرات ضائعة ليصرخ فى الحرس : بعدو الولد من اهنه .
ليتحرك أحدهم حاملا الصغير الذى لم يتفوه ببنت شفة ولم ترمش عينيه حتى .
______
انتفض ثلاثتهم فور تلفظ سليم بتلك الاخبار المشؤومة بينما اسرع الصغير يختفى فى صدر شريفة التى احاطته بقوة : مين جالك الحديت ده يا سليم ؟
تساءلت حسنات بأنفاس متقطعة ليبكى الطفل : كنت بلعب مع مهدى و سمعنا الضرب چرينا على دار عمى هيبة لجينا عمى ضاحى وعمى راچى انجتلوا
تشبث بصدر جدته : دسينى يا ستى انى خايف .
اقبلت رنوة بخطوات سريعة : انتو هتقعدوا كده !!! يلا يا ماما نروح للحريم يمكن نقدر نعمل حاجة .
هبت حسنات وهى تعاد أمام عينيها مقتل ابنها ، لم تتمكن يومها من إنقاذه ليصاب قلبها بقهر لم يبرأ منه رغم مرور السنوات ، ربما كانت تكره زبيدة فى الماضى لكنها لم تعد تشعر بهذا البغض الذى اججه صخر بقلبها نحو الجميع والدليل على ذلك أنها تعيش في بيت شريفة الد أعدائها فى الماضى .
عليها مساعدة زبيدة فلا أحد يمكنه أن يشعر بما تشعر به الآن مثلها هى .
تحركت نحو الخارج بينما حثت رنوة شريفة لسرعة التحرك .
_____
بدأت انات ضاحى تخبت ليهزه هيبة : ضاحى !! خوى !!
تبعا لتعليماته بدأ الحرس يمنعون الصغار من الاقترب ليعلو صوت يعرفه جيدا : هملنى يا چدع انت .. عمى هيبة ..ياعمى جوله يهملنى …
لم يلتفت هيبة لصراخات سويلم وهم بتحريك ضاحى ليصرخ الصغير : اوعاك يا عمى تحركه . اسمعنى يا عمى .
توقفت يدى هيبة عن المحاولة فإن كان تحذير هذا الصغير صحيح بنسبة واحد بالمليون فهو لن يجازف .
ضاق الصغير ذرعا وهو يدفع هذا الحارس الذى اجهده دون أن يتمكن من ابعاده ليشير هيبة للحارس فيتركه ليندفع نحوه لاهثا : ياعمى الطلجة فى ضهره ماتحركوش ممكن تأذيه بزيادة .اكتم الدم بخرجة نضيفة بس ماتحركوش .
وفى غمضة عين كان لبيب يأتى من جهة المنزل راكضا وهو يلقى بملاءة بيضاء نظيفة نحو سويلم ويمسك أخرى لينكب فوق راجى يكتم جرحه ويفعل سويلم المثل مع ضاحى .
نظر هيبة للصغيرين بنظرات زائغة متسائلة ليقول لبيب : ماتخافش يابوى إحنا شوفنا ڤيديوهات على النت عن الاسعافات كنا بنتعلم منها انى وسويلم ومصطفى
نظر له هيبة بفزع وكأنه تذكر للتو : فين مصطفى ؟
أشار لبيب نحو المنزل : چوة مع البنتة ..عم يرچفوا رچف ومحدش وياهم .
شعر بالغضب وتساءل بحدة : امك فين وعماتك ؟
زفر لبيب : ستى وجعت وعمتى ريتاچ بتهذى وعمتى هنا وجعت وهى بتركض لتشوف عمى راچى . امى هتعمل ايه يعنى ؟؟
صرخ الصغير مدافعا عن أمه ليصمت هيبة مع تدافع أبناء عمه نحوه ، رفع رأسه ليصدم برؤية حجاج لكنه لم يهتم بذلك فمصائبه تفوق وجود حجاج .
نظر ل رفيع : محدش يحركهم الإسعاف فى الطريج .
اتخذ رفيع مكان ولده الذى بدأت ملامحه تشحب واتخذ زناتى مكان لبيب ليقول هيبة بجلد : دجيجة وراچع .
وتحرك نحو المنزل ليحصى باقى مصائبه . تبعه لبيب بينما وقف سويلم بجوار أبيه خوفا من تهور أحدهم وتحريك ضاحى .
دخل من الباب ليجد هناء لازالت أرضا ليسرع نحوها . تفحص قدمها ليقول : ماتخافيش يا مرت اخوى رچلك سليمة .
لتشهق بنحيب مزق قلبه : بالله عليك يا ابو لبيب خلينى اشوفه
تنهد بضيق : هتركبى معاه عربية الإسعاف لازمن رچلك يشوفها حكيم .
حملها إلى الأريكة وعاد يرتقى الدرج عدوا . اندفع لغرفة ضاحى ليجد ريتاچ تجلس أرضا تبكى بإنهيار بجوارها بعض الفتيات يحاولن تهدئتها بينما أمه ترقد فوق الفراش وسما تحاول افاقتها .
اقترب يضرب وجنتيها : أما !! أما ردى عليا.
رفع عينيه لزوجته فورا : الإسعاف جاية البسى هنروح وياهم .
تحركت عدوا نحو غرفتها بينما عاد هو إلى شقيقيه مع اقتراب صوت سيارات الإسعاف .
توقفت السيارة الأولى ليسرع نحو المسعفين الذى تساءل أحدهم فور رؤية ضاحى : حد حركة !
اجابه بالنفى ليراه يحمد الله وبسرع نحوه ليقول بصوت خافت : چوه تلت حريم لازمن يتنجلوا معاهم .
نظر له المسعف بفزع : مضروبين بالنار ؟؟
هز رأسه نفيا : مرت اخوى وجعت من على السلم وامى غميانة ومرت اخوى معرفش مالها كأنها منهارة ولا ماتحملتش الصدمة .
وصلت حسنات فى هذه اللحظة تتبعها رنوة ليقول رفيع فورا : رنوة هاتى مرت راچى ماينفعش الرچالة الغريبة تشيلها
اومأت بطاعة واسرعت للداخل : هناء اسندى عليا علشان اطلعك للاسعاف .
تعلقت بها هناء : جولى لى يا خية راچى فيه النفس
هزت رأسها نفيا: والله ماشوفته . تعالى بس دلوقتي ربنا يطمن قلبك.
خرجت وقد استقر راجى بسيارة الإسعاف لتصعد رنوة وتساعدها لترتقى السيارة . تعلقت عينيه بجسمه وملابسه التى اختفى لونها بخزى أمام فيضان دماءه ليزداد نحيبها .
اطمأن هيبة أن رفع ضاحى عن الأرض تم بسلام لينظر نحو رفيع : انى هروح اشيل امى وانزلها .
وأسرع عدوا لداخل المنزل لتقابله على الدرج رنوة مرة أخرى وهى تسحب ريتاچ التى يبدو من حالتها أنها فقدت عقلها تماما وبدأت تضحك بهسيتريا دون أن تتوقف عينيها عن البكاء .
دخل الغرفة ليجدها تجلس بجوار أمه ليسرع ويحملها لتتبعه بصمت .
هبط الدرج حاملا أمه ليجد كارت الأمان متمثلا فى حسنات فيقول برجاء : أما حسنات عينك على الولد الله يرضى عنيكى .
تجاوزها لتقول : ماتشيلش هم يا ولدى .
خرج وكان المسعفون يقفون بجوار السيارات يعلمون أن حمل النساء إلى السيارة غير مسموح لهم .
وضع هيبة أمه فوق نقالة العربة ليرفعها الرجلين بسهولة للداخل وتسرع سما تدثرها .
وقفت ريتاچ تنظر لجسد ضاحى وتضحك بقوة : ضاحى اهوه .
تنظر ل رنوة وتشير إليه : شوفتى يا رنوة هيمشى ويسبنى . أنا كنت هقوله والله انى مش هعمل كده تانى .
عادت رنوة تجذبها للوراء لتقول بصراخ : انت رايحة فين ؟؟ ضاحى هناك اهو .
بدأت تزداد انهيارا وعنفا : اوعى كدة مش هخليهم ياخدوه منى .
حاولت رنوة السيطرة عليها لتصرخ : بقولك اوعى
اسرعت سما إليها : ريتا حبيبتى احنا هنروح فى العربية التانية . يلا تعالى معانا
اغلق المسعف الباب وهو يقول ل هيبة : دى ماينفعش تركب معاهم مانضمنش هتعمل ايه في السكة .
أومأ هيبة بتفهم لتقف أمامه سيارته ويترجل منها الحارس مقدما له المفاتيح .
زاد جنونها حين اغلق المسعف باب السيارة وتقدمت منها ليسرع هيبة ويمسك ذراعها يمنعها من التقدم فتقول برجاء : انت طيب انا عارفة ومش هتخليهم ياخدوه منى . صح يا هيبة ؟؟
جذبها نحو السيارة بهدوء وهو يقول بصوت هادئ : ضاحى زين بس لازمن الدكتور يشوفه . تعى وانى هوديكى وراه محدش هياخده منك ماتخافيش .
نظر لأبناء عمه ليقول : زناتى حصلنى . وانت يا رفيع انت وحچاچ خليكم اهنه فى الدار واوعوا للولد .
فطن رفيع فورا لحكمة هيبة فهو يريد أن يضع حجاج تحت عينيه وفى نفس الوقت يحمله المسئولية ليضمن عدم خيانته فهو لن يعرض نفسه للمساءلة .
انطلقت السيارات لينظر رفيع لزوجته : ادخلى چوه مع الولد انى وحچاچ هنجف نحرسكم .
نظر له حجاج بغضب هو لا تخفى عليه نظرات الاتهام بعينيه وإن لم ينطقها لسانه ، تحكم في نفسه ليطمر شماتته فلا تتخذ ضده .
دخلت رنوة لتجد حسنات تضم ليال وخديجة بينما شريفة تضم حسناء وحورية ليكون مستقر مريم بين ذراعى أخيها مصطفى .
جلست ليقترب سليم ويجلس بالقرب منها هامسا : ماما مهدى مش راضى يكلمنى .
ربتت على رأسه ونظرت ل مهدى : مالك يا مهدى ؟؟
لم يجب الصغير لتقترب منه فلا تجد منه استجابة بصرية . تضرب وجنته برفق : مهدى !! حبيبى كلمنى .
تزفر بضيق : يادى المصيبة .
نظرت لها شريفة : خبر ايه يا بتى؟
حملت الصغير وهى تقول : سويلم نادى بابا من برة .
دقائق وكان يقف أمامها لتخبره أن هذا الصغير فقد الاتصال بالواقع وهو تحت تأثير الصدمة ويجب فحصه فورا .
أمسكت بذراعه : رفيع اوعى تبعته مع حجاج الكلمة دلوقتي تأثر عليه جامد .
أومأ بتفهم وأسرع للخارج وهو يهاتف زناتى ليطلب منه العودة إلا أنه توقف والحاج زيدان يقتحم المنزل : خبر ايه يا رفيع ؟
انتبه لوجود النساء ليحنى رأسه ويعود للخلف بينما يقول رفيع : راچى وضاحى انضرب عليهم نار .
تساءل زيدان : وهيبة فين ؟
رفيع : راح وراهم المستشفى فى حريم كمان بعافية .
تحرك زيدان : انى رايح له وهشيع لك حسين ولدى وناصر واد اخوى يجفوا على باب الدار .
أوقفه رفيع : حج زيدان . خد الولد معاك وانى هحدت هيبة وافهمه .
لم يناقشه زيدان بل حمل الصغير الذى لم يبد استجابة حتى الآن أو تفاعل وتوجه إلى سيارته أمرا سائقه : على المركز يا ولد .
_____
دخل راجى وضاحى لغرفة العمليات فورا وبعد فحص زبيدة تم حجزها بالعناية الفائقة . غابت هناء بغرفة الأشعة أما ريتاچ فحقنت بمهدئ حين أخبرتهم سما أنها تخضع لعلاج نفسى فمن الأفضل التحكم بها حتى استشارة طبيبتها .
وقف وحده بجواره زوجته وابن عمه أمام غرفة العمليات فى انتظار خبر يحيى قلبه عن اخويه أو أحدهما .
دق هاتفه ليجيب دون اهتمام ليأتيه صوت رفيع والذى أخبره أن مهدى فى الطريق إليه .
أنهى المكالمة ليغمض عينيه ، بالطبع لم يتحمل الصغير رؤيا والده مضرجا بدمائه ، إنه طفل أتم بالكاد عامه الثالث .
دقائق وكان زيدان يطوى الرواق بسرعة ، تلقفه هيبة منه ليقدمه ل سما وهو ينظر ل زناتى : شوف حكيم يشوف الولد چرى له ايه .
بعد عدة ساعات جلست هناء بجوار سما التى تحمل مهدى الذى أقر طبيب الأطفال بضرورة مراقبته بعد استيقاظه من غفوته التى ارغمه عليها بعقار طبى .
وفى الجانب الآخر يقف هيبة وزيدان وزناتى والجميع يقتله الانتظار .
اخيرا فتح الباب ليخرج ثلاثة أطباء تجمع حولهم الجميع فمن النظرة الأولى تحمل وجوههم أخبارا غير سارة .
تحدث أحدهم : المصاب بطلق فى صدره كويس .نزف كتير بس هيبقى كويس الرصاصة ماصابتش موضع حساس .
اسرعت دموعها وقلبها ينبض بالحمد لله بينما زفر الطبيب : أما المصاب التانى فصعب نحدد إصابته ولا مدى الضرر الطلقة أصابت العمود الفقري للاسف . اذا عاش ماافتكرش يتحرك .
اخفض رأسه بحزن حقيقى بينما ترنح هيبة لتمسكه يدى زيدان وزناتى .
غادر الأطباء تاركين خلفهم قلوب تبكى مرارا وصدور تضيق بخفقات أصبحت مؤلمة بالفعل .
تعلقت عينيها به وهو على وشك الانهيار . فما حمله اليوم من مصائب يعجز اى كان عن حملها .
رأت طبيبا مقبلا . إنه الطبيب الذى يتولى رعاية زبيدة . صرخ قلبها طلبا للرحمة بينما وقف الطبيب ليتساءل : حضرتك هيبة ؟؟
نظر له بفزع ليراعى الطبيب حالته ويقول فورا : الست الوالدة فاقت وطالبة تشوفك . بس بلاش اخبار مزعجة اصلا اتحكما فى الضغط بمعجزة ساعة كمان ولا قدر الله كانت هتوصل لمرحلة سيئة .
رأى الضياع بملامحه ليتساءل : حضرتك هتيجى تشوفها .
اسرعت تقاطعه : أنا هاجى اشوفها .
تحرك دون إضافة مشيرا لها لتتبعه مدت يديها لتتلقف هناء الصغير عنهما وتبعته بصمت . وقفت أمام الغرفة التى ترقد بها زبيدة ليتعجب الطبيب فيراها تغمض عينيها وتتنفس بعمق للحظات قبل أن ترتسم على ملامحها ابتسامة لا يعرف كيف تمكنت منها ؟
تقدمت للداخل بوجهها الهادئ : حمد الله على سلامتك يا ماما . كده تخضينا عليكى؟
نظرت لها زبيدة وتساءلت : هيبة فين ؟ ولادى چرى لهم ايه ؟
اتسعت ابتسامتها وهى تقول: الحمدلله زى الفل بس مايعرفوش انك تعبانة وهيبة كان معاهم فى الاوضة معرفتش ابشره انك فوقتى بالسلامة .
ربتت على كفها برقة: شدى حيلك بقا علشان نروح كلنا سوا
نظرت لها زبيدة بشك . قلبها يتمنى صدقها رغم رجفته وفزعه إلا أن الامانى تغلبت على الفزع لتستكين ملامحها وتغمض عينيها تحمد الله .
تقدم الطبيب فلا يمكن أن يتماسك انسان مهما كانت قدرته على التحمل بهذا الشكل لوقت أطول فقرر إنهاء معاناتها ليقول : كفاية كلام يا حجة علشان ماتتعبيش . من فضلك اخرجى هى هتنام دلوقتي وهبلغكم لما تصحى .
ابتسمت لها سما وغادرت فقد فقدت السيطرة واى كلمة أخرى ستأتى بنتيجة عكسية .
خرجت من الغرفة لتجده يقف بآخر الرواق منتظرا خروجها . حاولت أن تحافظ على ابتسامتها لكنها فشلت لتفر دمعات خائنة تعبر عن الضغوط التى تعرضت لها.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)