رواية الشرف الفصل المائة واثنان 102 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء المائة واثنان
رواية الشرف البارت المائة واثنان
رواية الشرف الحلقة المائة واثنان
السابع عشر
دخل ريان من باب غرفته وكانت تقف بردءها المهلك تصفف شعرها ، خفق قلبه لرؤيتها ؛ إنه حلم مراهقته الوحيد ..تحقق مرارا ولا يمل من تكرار تحقيقه .
اقترب يضمها هامسا : حلم حياتى .
ابتسمت له ليتابع : اول مرة شوفتك كدة فى الحلم .كرهت الحلم وكرهت نفسى .
قطبت جبينها بدلال : كرهت الحلم علشان شوفتنى فيه !!؟
التف ليحجب انعكاسها فتراه فى عينيه وهو يقول : كنت خايف لانه مش من حقى .ماكنتش فاهم إنها إشارة علشان ألحق نصيبى قبل ما يروح منى .
تعلقت برقبته : والحلم ده اتكرر كتير ؟
اتسعت ابتسامته : كتيييير اوى
قبل وجنتها بحنان: فهمته …
وتحرك وجهه للجهة الأخرى : وحققته …
دقق النظر لعينيها : ولسه بيتكرر كان وهيفضل اجمل حلم اتمنى اعيش عمرى احققه .
لطالما كان حنونا رقيقا وهو يحدثها عن حلمه ذا لكنه الليلة فاقت رقته كل ما عاشته معه مسبقاً ، تمنت أن يطول الوقت ويظل الليل مرخيا ستائره عليها وهى تنعم بدفئه لعلها تتشبع منه . لكنها لم تكتف منه قبلا ولا تظن أنها ستفعل يوما ما ستظل للأبد ترتعد بردا حتى تعود كل ليلة لدفء صدره .
كان متطلبا بلهفة تسعدها ولم تمانع في تقديم المزيد من فتنتها التى تزيد تأجج أشواقه بدلا من إخمادها .
أفاق من ثمالة النشوة على رنين الهاتف الذى نفضه فزعا بمعنى الكلمة .نظرت لعينيه تدوران بمحجريهما وملامحه التى يحتلها الفزع لتعرف أن كارثة ما نزلت بأحدهم . تمتم بكلمات تنم عن سرعة نجدة محدثه ليلقى الهاتف من يده ويغمض عينيه بألم . تساءلت فى فزع : فى ايه يا ريان ؟ مين كان بيتصل ؟
انتفض عن الفراش وكأن اللحظة التي يتمالك فيها نفسه ليست متاحة فى هذا الوقت .
_________
استيقظ تاج لقيام الليل واوقظ زوجته .رآها تتحرك بضعف ليتساءل بلهفة : مالك يا غالية ؟
ابتسمت له : ولا حاجة أنا كويسة الحمدلله.
انكر إنكارها فورا : كويسة ازاى؟ وشك اصفر اوى !!!
وصلت لباب المرحاض لتقول : حبيبى أنا كويسة ماتقلقش بس قوم اتوضا بسرعة علشان تصلى بيا .
أغلقت الباب وتركت الظنون تتاكل قلبه ؛ إنها ليست بخير . يرى ذلك بوضوح ..سيخصعها للفحص الطبي ولن يلتفت لرفضها هذه المرة .
توجه للمرحاض الخارجى وحين عاد كانت بانتظاره مستعدة للصلاة .صلى ركعتين ليلتفت لها : كفاية يا غالية قومى ارتاحى وهصحيكى قبل ما انزل .
نظرت له بتشوش ، كانت تشعر ببعض الخمول الذى تحول لدوار بدأ يسيطر على كافة إدراكها دون أن تحاول مقاومته .حتى رأت الفزع بعينيه .
كل هذا الفزع وهو يظن أنها ليست بخير . فكيف سيكون حاله إن فقدها !!
اومأت بطاعة : أنا فعلا دايخة شوية هرتاح وابقى كويسة .
قدمت له إقرارا لن يصدقه بالطبع ثم توجهت للفراش وهى تجاهد لتبدو له بحال افضل . زفر بضيق وهو يرى ما تحاول أن تخفيه من ضعف .
ثلاث خطوات فقط قبل أن تفقد المقاومة وتسقط أمام عينيه .
لم يعى كيف اصبح رأسها مستقرا فوق صدره !! هو فقط وجد نفسه يضمها بفزع ويضرب وجنتيها برفق لافظا اسمها بكل ما يعتمل بقلبه من فزع ولوعة.
مرت الدقائق دون استجابة منها لأى من محاولاته ليحتله الرعب . تسللت دموعه تعبر عن فزعه ثم تتوارى بين شعيرات لحيته فتلك الانامل التي كانت تتلهف لالتقاطها ليست هنا .
احاطها بذراعيه وقد سيطرت عليه صدمته : غالية !! غالية ردى عليا ماتعمليش فيا كده .
هزها برفق : غالية فتحى عنيكى ..غاااالية
زاد ضمها لصدره وهو يهز رأسه رافضا قبل أن يرفعه للسماء : ياااارب ، ماتحرمنيش منها يارب
حملها ليترنح بجسدها حتى وضعها بالفراش ليرى هاتفه فوق الكمود و يلتقطه فورا يهاتف ولده لنجدته وما إن سمع صوت إجابته حتى ترك صدمته تعبر عن حاله : رياان الحقنى غالية وقعت .. وقعت مابتردش ومابتفوقش .. الحقنى يا ريااان
ألقى الهاتف من يده ليقترب بوجهه من وجهها ، شعر بأنفاسها الضعيفة تتلمس ملامحه ليغمض عينيه ويجذبها لصدره هامسا : الحمدلله.. الحمدلله . ماتخافيش ربنا أرحم من إنه يحرمنى منك .
رفع عينيه للسماء مناجيا ربه : يااارب انت عالم بقلبى ووجعى ..يارب زيح عنها وعافيها بكرمك وفضلك .
أغمض عينيه مخفيها بين طيات ضلوعه ولسانه لا يتوقف عن الاستنجاد بالله .
وصل ريان لمنزل والديه فى غضون عشر دقائق ولأول مرة بحياته يقتحم غرفة والديه ليجد تاج يجلس بالفراش ضامما جذعها إليه ولا يزال تحت تأثير الصدمة .
اقترب مسرعا وما إن لمس ذراعها حتى شعر بأبيه يضمها إليه أكثر ، نظر له ليقول برجاء : بابا خلينى أودى ماما المستشفى .
نظر له ليشعر ببعض الطمأنينة ويتخلى عن جسدها ببطء ليسحبها ريان من بين ذراعيه ويحملها فورا نحو الخارج . وقف تاج مسرعا فور أن غادر ريان الغرفة . غالب قلبه ليتمكن من اللحاق بها .
هو لم يتخل عنها سابقا ولن يفعل ما دامت أنفاسه تلك تعود لصدره ذا .
____
يقفا منذ نصف ساعة تقريباً في رواق المشفى ولم ينته الأطباء من فحصها بعد..اخيرا اقبل عليهما أحد الأطباء ليهرعا إليه .ابتسم فى محاولة منه لتخفيف الفزع الواضح على وجهيهما وهو يقول بهدوء : الحمدلله هى بخير،ساعة إن شاء الله وتقدروا تشوفوها . هى عندها سكر من زمان ؟
تساءل ببساطة ليجيب تاج بفزع : معندهاش .لا معندهاش سكر . معندهاش.
تعجب الطبيب واحتفظ بتساؤلاته التى هم بطرحها وقال : هى جالها غيبوبة لأن السكر واطى والضغط كمان .
رفع كفه فوق رأسه كمن تلقى للتو ضربة أفقدته التركيز بينما تساءل ريان : طيب نعمل ايه دلوقتي؟
الطبيب : شوفوا دكتور كويس تتابع معاه يتأكد إن السكر ده حالة عارضة ولا مرض مزمن وفي كل الأحوال مفيش قلق السكر مرض تعايش ومن باب الاحتياط خدوا بالكم من اكلها اكتر .
شكره ريان لينصرف بينما تحرك تاج مبتعدا بخطوات بطيئة منهكة عن الغرفة ليسأله ريان : رايح فين يا بابا ؟
يجيب تاج دون أن ينظر له : هاصلى .عاوز اصلى .
وقف ريان متحيرا لوهلة قبل أن يتبع أبيه فأمه لن تشعر بوجوده قبل ساعة .
_______
حين عاد من صلاته طلب من الممرضة أن يكون بجوارها ولم تجد بأسا من هذا فالطبيب لم يمنع زيارتها ، دخل لينظر لوجهها الشاحب وانفاسها البطيئة ، اقترب من فراشها مبتسم الشفتين دامع العينين .يحاول أن يسيطر على أنفاسه التى تزيد تشوش الرؤية وتملأ عينيه بغيامات الدموع .
اسرع ريان وقرب المقعد من الفراش ،شعر به وشكره فى نفسه لكن لم يحد بعينيه عنها ، جلس ليمد ذراعه ويلتقط كفها الذى اتصلت به إبرة تمدها بالدواء .فرك ظهر كفها بإبهامه ليشعر ببرودة أطرافها .
نهض ليخلع العباءة التى تصر هى أن يتلحف بها في صلاة الفجر خوفا عليه ،وضعها فوقها وجمع أطرافها عليها يدثرها بعناية بينما يقف ريان يراقبه بصمت .عاد يجلس ويمد كفه تحت طرف عباءته يمسك كفها كأنه يطمئن لحصولها على الدفء الذى تحتاج إليه .
مرت ساعة كاملة قبل أن يلتفت لولده متسائلا : غالية مابتصحاش ليه ؟ مش قال هتفوق بعد ساعة !!!
اقترب تاج يتلمس وجه أمه بحنان : مش عارف يا بابا اروح انادى الدكتور!؟
وقف تاج ليميل بجذعه مقبلا جبينها بحب : غالية كفاية كده فتحى عنيكى.
لم تستجب ليضرب وجنتها بخفة : غالية !!
قطبت جبينها ليمسك ريان كتف والده : استنى يا بابا .
نظر له تاج وثار قلبه رفضا للانتظار فعاد ينطق اسمها بلهفة ممتزجة بحدة زائفة : غالية !!
فتحت عينيها بتثاقل : ااه .فى ايه يا تاج ؟
عاد جفنيها للارتخاء ليقول بفزع : لا يا غالية اصحى .
ظهر النفور على ملامحها وشعرا أنها تجاهد بالفعل لتبقى عينيها مفتوحتين وهي تهمس : عاوزة انام يا تاج .
ربت ريان على كتف أبيه : خليها تنام يا بابا اكيد مجهدة
نظر له بقلق ورفض واضح لكنها أغمضت عينيها بالفعل وعادت أنفاسها للانتظام ، زفر بضيق بينما قال ريان : أنا هروح أسأل الدكتور
أومأ دون إجابة ليغادر ريان بينما التف حول الفراش ليرتقيه ممددا بدنه المتعب بجوارها ، رفع جذعها العلوى ليستقر ذراعه أسفلها وعينيه متعلقة بوجهها حتى أتت رحمة الله على شكل غفوة اغرقته بين أمواج من راحة لحظية يحتاج لها بشدة .
____
غادر ريان الغرفة نحو غرفة الطبيب الذى أخبره أن شعورها بالاعياء وزيادة رغبتها في النوم لا يشكل اى مصدر للقلق فقط تحتاج للمزيد من الراحة وهذا جيد فسينتج عنه المزيد من التحسن .
عاد ريان للغرفة بعد أن هاتف زوجته وطمأنها على تحسن والدته .فتح الباب بهدوء ليجد والده قد استقر بجوارها وغلبته غفوته بالفعل ، ابتسم واغلق الباب مرة أخرى بهدوء ليستقر فوق اقرب مقعد .
_____
شعر بها تتحرك ليفتح عينيه فورا : مالك يا غالية؟
همست بضعف : عاوزة اروح الحمام .بس مش قادرة اقوم .
تحرك فورا ليخلع الإبرة الموصولة بذراعها بينما بدأت عينيها ترسل إشارات الإدراك لعقلها لتتساءل : إحنا فين ؟
زفر تاج بتوتر : فى المستشفى . انت تعبتى ونقلناك هنا .
نظرت له بتعجب وقطبت جبينها فى محاولة لتذكر ماحدث لكنه رفع الغطاء عنها ليقول : اسندى عليا وقومى .
اومأت وهى تنفذ ما املاه عليها لتتحرك معه ببطء نحو المرحاض ، لم تخجل من مساعدته ولم يتذمر من مساعدتها حتى أعادها للفراش وسطحها ليبتسم براحة متسائلا : الحمدلله . مرتاحة حبيبتي؟
ابتسمت بشحوب ليسحب كفه فتتعلق به : رايح فين ؟
لم يبتعد بل جلس فوق المقعد : كنت هشوف ريان راح فين . بس هقعد جمبك واطلبه احسن .
_____
اغمض ريان عينيه بإرهاق بعد أن اطمئن قلبه تجاه والدته . مجرد أزمة صحية واردة في عمرها الذى شارف على الستين .
لم يشعر بالوقت حتى علا رنين الهاتف ليعيده للواقع ، توجه فورا للغرفة ليدخل بهدوء ، ابتسم حين طالعته عينى امه : الف سلامة يا قمر .كدة بردو تخضينا .
ابتسمت غالية : تعبناك يا ريان
قطب جبينه بمبالغة واضحة : تعبتينى !!! مرمطينى حضرتك بس ماتتعبيش انت ولا تتوجعى .
اتسعت ابتسامتها لتصل لعينيها فتصمت وهلة ثم تتساءل : اوعوا تكونوا قلتوا ل لى لى !!!
ربت تاج على كفها الذى يرتخى بأمان بين كفيه ولم يجب بينما قال ريان : أنا هروح للدكتور يجى يطمنا .
بالفعل لم يستمر بقاء غالية بالمشفى وعادت للمنزل وعندها خابر ريان شقيقته ليخبرها أن أمها تمر بوعكة صحية عابرة .
______
هبطت ليليان الدرج بسرعة لتطرق باب روان الذى فتحه خالد فورا ، اقبلت عليها روان متعجبة فقد تركتها منذ ساعة واحدة : فى ايه يا لى لى ؟ إياد تعبان ؟؟
ليليان : لا يا روان دى ماما وانا لازم اروح اشوفها .
اسرعت روان بلا تفكير تحمل الصغير عن ذراعيها : روحى وانا لما تيجى ابقى اروح ..الجو وحش على إياد
اومأت ليليان : أنا كلمت طايع وزمانه على وصول .
دق هاتفها لتنظر له : طايع جه أنا هاخد البنات .
اسرع خالد : خالتو خلى بسمة تلعب معايا
واسرعت الصغيرة تتخذ جانبه : ايوه يا ماما أنا عاوزة العب مع خالد
لم تكن ليليان فى حالة تسمح بالمعارضة لتقول : طيب بس اسمعى كلام خالتو وماتتعبيهاش .
اومأت الصغيرة بطاعة لتتعلق نسمة بكفها وتنطلقان خارجا فتقول روان : ابقى طمنينى على عمتى .
_____
توجه نحو الباب يفتحه لتقتحمه ليليان : مالها ماما ؟؟ تعبت أمته وحصل ايه ؟ ازاى محدش يقولى ؟
لحق بها طايع ليهز كتفيه ويضحك بينما يقول تاج : خدى نفسك يا بنتى …
قطبت جبينها وهى تتجه لغرفة والدتها وتدخل مسرعة ، اعتدلت غالية فور رؤيتها ورؤية الفزع مسيطر عليها : أنا كويسة يا حبيبتي ماتخافيش .
تفهم طايع من تاج وضع غالية الصحى وايد فكرة تاج بمتابعة طبية جيدة حتى تستقر الحالة أيا كان سبب تلك الغيبوبة فهى انذار ليس بجيد .
_____
وصل مهران لمنزله فقد أخبرته زوجته بما ألم بعمته فقرر صحبتها لتفقدها ، دخل ليستقبله الصغيرين كانا يلعبان لعبة تجميع الصور ويتحديان بعضهما كالعادة .عادا للعبتهما ليتوجه هو للغرفة .
دخل بهدوء ليقف مكانه بلا حركة يتابع هذا المشهد الذى اشتاقه بالفعل ، فى الماضى كان يتذمر حين يعود فيجد حبيبته تغفو وصغيره ينام فوق قلبها مباشرة ، لم يكن يتخيل أنه سيشتاق هذا المشهد يوما ما .
اقترب منهما وكانا يغطان فى نوم عميق بالفعل هى تستلقى على ظهرها واياد فوق صدرها تحيطه بذراعيها .
ابتسم وتلمس شعيرات إياد الحريرية لتصل أنامله لكفها فوق ظهر الصغير .
داعب كفها بأنامله الخشنة ، تنبهت لوجوده وفتحت عينيها بتكاسل ليقول بمشاغبة اعتادها سابقا وتعمدها فى هذه اللحظة : وماله هياخدك منى سى إياد !!!
ابتسمت لنفس الذكرى الذى يشير إليها : يوووه يا مهران مفيش فايدة مابتتغيرش .
جلس بالقرب منها حين بدأت تضع الصغير بالفراش ليقول : اتغير كيف يعنى !؟ بغار وانى اكده مابتغيرش .عاچبك و…
وضعت كفها فوق فمه تمنع استرسال الحوار : عاچبنى يا واد عمى
لانت ملامحه وشعرت بشفتيه تطبعان برقة على باطن كفها بينما امتدت ذراعيه تقربها منه ليستنشق رائحتها ويبقى عليها داخل صدره لدقيقة قبل أن يهمس بحنان : بحبك يا بت عمى حب معرفتوش الجلوب ولا هتعرفه
______
هاتفته أكثر من مرة تطلب منه العودة للمنزل حتى بدأت الشكوك تنهش كيانه . هو لم يتأخر عن موعد رجوعه وهو بوجود جلسة بمنزل هيبة مع بعض كبراء العائلات لبحث موضوع السرقات الذى عاد للتزايد مرة أخرى لكن هذه المرة الضحايا من أغنى البيوت والمفترض أنها تحت الحراسة وهذا يعنى تحديا سافرا وجرأة لا يجب أن يستهان بها من قبل هؤلاء المجرمين .
تفقد هاتفه للمرة المائة ليميل عليه ضاحى متسائلا : فى حاچة يا واد عمى!!
تنحنح بخفوت : لاه ولا حاچة .
قطع تهامسهما صوت هيبة : انى شايف الاتفاج مع الحكومة اسلم حل . المطاريد مرتاحين إن إحنا فى چيهه والحكومة فى چيهة وهم محدش هيطولهم طول ما إحنا بنخبى على الحكومة كل اللى نعرفه .
تحدث أحد الرجال تظهر الهيبة على ملامحه والثراء على ملابسه : بدك تعمل كيه بوك الله يرحمه
نظر له هيبة : محدش ينكر يا حچ زيدان إن اللى عمله بوى ريح النچع من المطاريد وبلاويهم سنين وماطلعوش من چحورهم غير بعديه الله يرحمه.
هز زيدان رأسه بتفهم : انى واعى لحديتك ومجصديش اعارضه بالعكس انى موافج عليه احنا ناخدوا حجنا منيهم يوم ما النچع يخلص منيهم خالص والچبل ده ينضف .
يبدو أن هذا الرأي الذى يحض على إعمال العقل ليس جماعيا لتبدأ الهمهمات تعلو ويظهر صوت حجاج مرة أخرى : يبجى نجعد فى بيوتنا كيه الحريم ونستنوا الحكومة تچيب حجنا !!! وهى الحكومة هترچع البهايم اللى راحت !!؟ ولا هترچع المحاصيل اللى اتنهبت !!؟
نظر له أغلب الحضور بضيق واضح ليقول زيدان : طاوعناك يا واد صخر جبل سابج وطلعت الچبل جدرت ترچع حاچة من اللى اتنهبت !!؟
وتابع هيبة : إحنا دلوك مابندورش على اللى راح يا حچاچ .اللى راح ماهيرچعش احنا بندور نجطع دابر المطاريد من اهنه واصل .
تحدث رفيع بضجر لطول إنعقاد تلك الجلسة هذه الليلة : يبجى نچمع كل اللى نعرفه ونبلغ بيه الحكومة بس يبجى حد مضمون يعرف يدك الچبل على روسهم ونخلص من الموضوع ده خالص .
استحسن أغلب الحضور هذا الرأى لتنفض الجلسة اخيرا على أن يتقدم كل من لديه معلومات بشكل سرى إلى كبير عائلته وهذا لبث الطمأنينة فى نفوس الضعفاء من أهل النجع ثم يجتمع الكبراء مرة أخرى لدراسة تلك المعلومات قبل التبليغ بها .
اخيرا انطلق إلى منزله يخشى أن يكون ألم بها سوءا أو بصغيريه .دخل ليقابله سليم : بوى چبت لى حاچة حلوة ؟
ربت على رأسه : بكرة اچيب لك .
انطلق الصغير ليستقر مرة أخرى فوق ساق جدته شريفة ليتقدم رفيع ويقبل رأسها : جاعدة لحالك ليه يا اما ؟
تأففت شريفة : حسنات عچرت بجت تنام من المغرب
ليس هذا ما يريد سماعه لكن لا بأس فقال بخفوت : حكم السن الله يعافيها . ورنوة نامت بردك ؟
يعلم أنها لا تغفو قبل أن تطمئن لعودته لكنه يستشف الأخبار من والدته التى قالت : تلاجيها صاحية بس سويلم زمانه نعس من كتر اللعب طول النهار .
تحرك نحو الدرج الداخلي : وانت يا سليم ..
ليقاطعه الصغير : هنام مع ستى .
عقب جملته بوضع رأسه فوق صدر جدته التى ابتسمت وضمته بحنان ، سليم هو الأقرب لقلب شريفة من احفادها جميعا . اولاد رحمة بعد المسافة يحول دون تقربها منهم وسويلم يفضل قرب حسنات وقرب أمه قبل الجميع .
صعد لشقته ليفتح الباب بقلب خافق يقابله هدوء يألفه . تقدم فورا نحو غرفته . فتح الباب ونظر فورا إلى الركن الذى تجلس به عادة ليجدها كما توقع . اقترب منها مسرعا : كنا في الچلسة معرفتش ارد عليكى . انت زينة !
أغلقت حاسوبها النقال وقالت : زينة . بس فى حاجة مهمة ماكنتش قادرة اصبر لما ترجع .
وضع عباءته جانبا وجلس بجوارها : حاچة ايه ؟
ابتسمت وهي تقترب منه لتتعلق بذراعه وتضع رأسها فوق كتفه : حاجة كده صغغنة .
وضع كفه فوق كفها المتعلق بذراعه وقد أسرته بدلالها : حاچة إيه يا رنوة ؟ ماتشوجنيش !!
سمع صوت ضحكتها : لا ما انت هتشتاق أصلها مش هتيجى دلوقتي
لم يعد يفهم ما ترمى إليه ليرفع وجهها وينظر لها بحدة زائفة : وبعدهالك فى الشجاوة دى !!
تلك الضحكة الخجلة التى تثير قلبه ليرفرف بين ضلوعه مطالبا بالسكن بين ضلوعها كانت اخر ما يمكنه تحمله لتجد نفسها مرفوعة بين ذراعيه وهو يقول : شكلك بتلاوعى
ضحكت رنوة وقررت أن تصارحه فقالت بصراخ : يا مجنون نزلنى أنا حامل .
تسمر مكانه وشعرت بإستنفار كل خلاياه وتصلب بدنه الذى شد ذراعيه حولها بينما عينه بهما احساس اخر متناقض تماما مع الحدة التى يعبر عنها جسمه وتتقافز السعادة منهما مع استقرار كافة ملامحه الأخرى على الصدمة لتقول بدلال : رفييع
همهم رفيع وتساءل : انت جولتى ايه ؟؟
_______
جلس هيبة فى الصباح لتناول وجبة الإفطار بصحبة العائلة كالعادة وضعت النساء الطعام لتستقر الجلسة كل بجوار زوجها وأطفالها .
لحظات وانتفض الجميع على صراخ إحدى الفتيات العاملات بالمنزل : إلحجنا يا هيبة بيه .
هرولة من جميع الفتيات نحو المائدة ليتساءل هيبة بهدوء فأيا كان ما حدث ليس للعاملات ذنب فيه : حوصل ايه ؟
اخفضت وجهها ليقول هيبة : اتحدتى ماتخافيش .
تتمتم الفتاة : البهايم يا سعت البيه .
لم يفقد هيبة هدوءه : مالهم ؟
بكت الفتاة وقالت بنواح : روحنا نحلب لجينا البهايم كلها ميتة .
هب ضاحى وراجى منطلقين نحو الحظيرة بينما لم يعبر هيبة عن مصيبته سوى إختلاج عضلة فكه قبل أن يتبعهما
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)