رواية الشرف الفصل الثامن والتسعون 98 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء الثامن والتسعون
رواية الشرف البارت الثامن والتسعون
رواية الشرف الحلقة الثامنة والتسعون
الثالث عشر
عرض محمد علي رفيع قضاء يومين بالقاهرة لمنح بعض الهدوء النسبى للانفس المتوترة من ناحية وحضور عيد ميلاد تاج ليزداد تعارف الصغار من ناحية أخرى ، لم ير رفيع بأس فى ذلك لكنه يشتاقها حد الجنون ، تهفو روحه للسكينة التى تمنحها له روحها ، يصبو عقله للوعى الذى يجده في عقلها ،يشتاق قلبه للدفء الذى يبثه إليه قلبها . لكن نهارا يأخذها منه ذويها وليلا يأخذها منه ولده سويلم الذى يصر بشكل مثير للجنون أن ينام بين ذراعيها.
________
تحركت غالية بخطوات مثقلة نحو غرفتها ، أطال تاج صلاة الضحى هذا اليوم وعليهما التوجه لشراء هدية تاج الصغير ، رغم شعورها ببعض الألم الذى يثقل حركتها .
دخلت الغرفة بهدوء لتجده جاثيا يناجى ربه ، يبدو أنه فرغ من صلاته لتوقفها كلماته وتزيد وجيب قلبها صخبا مع كل حرف يخرج من قلبه لا من بين شفتيه : يااااارب اللهم اجمع بيني وبين زوجتي في خير ..
وألف بين قلوبنا وارزقنا الرضا وراحة البال ..
اللهم احفظنا من الهم والكسل والحزن .. واجعلني لها عوضا عن حنان الاب الذي فقدت وبديلا عن عضد الاخ الذي غابت عنه ..
اللهم احفظها بعينك التي لا تنام .. واشرح صدرها للايمان .. واصلح ذات بيننا واخرج الشيطان من بيننا ..
اللهم إن هذا البيت بني علي طاعتك .. فاحفظه من كل سوء واسعدني بقربها وارزقنى وإياها حسن الخاتمة .
اللهم اجعل زوجتي رفيقتي في الفردوس الأعلى من الجنة .. مع النبين والصدقين والصالحين ..
وحسُن اولئك رفيقا ..
يا من جعلتها رفيقة الدنيا بنعمتك اجعلها رفيقتي في الجنة برضاك ورحمتك يا ارحم الراحمين
وصل اللهم وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه اجمعين
نهض تاج ليجدها تقف خلفه بقلب رق لدعائه وعين غامت من سعادتها . اقترب منها ليقف أمامها فاتحا ذراعيه فتستقر بينهما دون تفكير . شد ذراعيه حولها ليسمع زفرة ارتياح خرجت من صدرها لتريح صدره .
غالبت قلبها لتتساءل : يعنى راضى عنى يا تاج ؟
أبعدها برفق ليتطلع لوجهها : راضى يا قلب تاج . انت راضية ؟
عادت تستقر بين ذراعيه : ربنا يشهد ماعرفتش الرضا غير لما عرفتك .
نظر لها متعجبا : انت لابسة ورايحة فين ؟
غالية : مش قلت هننزل نشترى هدية تاج ؟
قطب جبينه متسائلا بمرح : تاج مين ؟ هو الواد ده هياكل منى الجو ولا ايه !
ابتسمت غالية : يقدر !!!
همس بلهفة : طب ورينى إنه مايقدرش
اتسعت ابتسامتها ليتتاولها بروية ويحفظها بصدره الذى احتفظ لها به بكل بسمة محبة انفرجت عنها شفتيها منذ أعوام حتى فشلت معلوماته الحسابية فى إحصائها .
______
خرج مهران من الغرفة حاملا صندوقا كبيرا يبدو ثقله من حجمه وخلفه روان بخطوات مهرولة : حبيبى نزله وانا هجيب اخر شنطة .
ليزمجر مهران : انى جولت ايييه ؟
توقفت مرغمة تعقد ذراعيها حتى عاد إليها بعد دقائق لتقول بحدة : ماهو حرام عليك نفسك كدة ! وانا مش هخس لو شلت شنطة ؟
حمل مهران الحقيبة وهو ينظر لها بطرف عينه بغيظ لتتبعه نحو الباب ، وقفت تتطلع للشقة مرة أخيرة ، فهنا وجدت سعادتها معه ، هذه الجدران تحتفظ بأجمل ذكريات لهما معا ، استغرقت دقائق دون أن تشعر لتجده يقف خلفها مرة أخرى : مالك يا روان ؟
هزت رأسها : ماليش أنا كويسة .
دفعها للداخل واغلق الباب فى لحظة . تسابقت الأعين فى لهفة يطوى كل منهما ملامح الآخر . هو يفهم ما تشعر به . وهى تعلم أنه يشعر بها .
ارخت جسدها على الباب بإستسلام لتتساءل : فاكر يا مهران ؟
امسك كفها يقبله باطنه برقة ثم يضعه فوق صدره : هنا يا جلب مهران .
نظرت لعينيه ليتابع : هنا كل لحظة عشتيها من عمرك ..محفورة جوايا . مش بين الجدران .. بين ضلوعى .
اقتربت بلا إرادة ترتوى من نبع صدقه الذى طالما أحياها …
حين خرجت من الباب بعد دقائق لم تحصيها لم تنظر للخلف مرة أخرى بل عانقت كفه الذى يضم كفها وسارت للأمام .معه يمكنها دائما السير للأمام.
________
وصل مهران للمنزل الجديد ليجد طايع بإنتظاره : اتأخرت ليه يا مهران ؟
فتح مهران باب السيارة موليا ظهره للعاملين ليهمس بحدة : ادخلى شجة طايع مااشوفش طرفك .
وضعت كفها فوق فمها توارى بسمتها وهى تهرول للداخل حيث تنتظر ليليان والأطفال .
فتح خالد الباب لتدخل أمه متسائلة : خالتو ليليان فين؟
خالد وهو يهرول عائدا للفتاتين : فى المطبخ .
توجهت للداخل بوجه مكفهر : بتعملى ايه حضرتك ؟
نظرت لها ليليان بوجه شاحب : بساعدك يا روان مش معقول تعملى كل حاجة . بقا لكم اسبوع انت ومهران بتنقلوا معانا وبعدين لنفسكم .
جذبت روان كفها لتجلسها وهى مستسلمة تماما : تسمحى تقعدى هنا .
جلست ليليان لتتابع روان بمحبة : محدش اشتكى لك انت كل اللى عليكى ترتاحى علشان ربنا يكمل لك على خير .خلاص هانت يا ليليان لما تولدى هسمح لك تطبخى .
توجهت نحو الموقد لتتابع الطعام وليليان تنظر لها بحب ، مسد كفها بطنها المنتفخ لتربت عليه بحنان حين شعرت بركلة جنينها ، لقد ساعدتها روان مساعدة كاملة منذ علمت بحملها ، لم تدخر جهدا لمنحها الراحة النفسية والجسدية التى تحتاج .
فى الحقيقة الكل يفعل بداية من والديها قدر الإستطاعة وريان وليال ، ومهران وروان ، خالها الغالى ، وحدها زوجة خالها وحماتها التى ترفض تقبل هذا الصغير .
تنهدت بحزن لكم تمنت أن تفتح الدنيا ذراعيها مستقبلة صغيرها بحب الجميع ، لكن حقا ما كل ما يتمناه المرء يدركه .
نظرت لها روان : مالك يا لى لى ؟
ليليان : ابدا حبيبتي .
ابتسمت روان : انت فاكرانى مش حاسة بيكى ؟
نظرت لها ليليان لتتابع : والله مرات عمى دى اطيب قلب فى الدنيا وبكرة تشوفى هتحب ابنك ازاى . اديها بس شوية وقت .
ابتسمت ليليان بشحوب لتغير مجرى الحديث : هو احنا مش هناكل العمال اللى بيشيلوا العفش ؟
ضحكت روان : لا هنأكلهم بس لما يأمر سى مهران ولا عاوزاه ياكلنى ؟
ضحكت ليليان : اوف غيرتهم مش طبيعية !! إيه يعنى لو كنا سعدناهم
روان : ههههه طب قومى جربى علشان طايع يتعشى بيكى .
شاركتها الضحك فلا بأس من بعض المرح الذى يجلى الحزن عن القلوب.
______
اقترب حازم من رفيع الذى لم يبرح مكانه منذ عاد من صلاة العصر ، جلس بالقرب منه فى محاولة لتهدئة النفوس كما نصحه محمد لصالح رنوة اولا : قاعد لوحدك ليه يا رفيع ؟
ابتسم رفيع بمجاملة : ابدا يا عمى مش عاوز اشغلك .
تنهد حازم ليتحدث بصراحة : شوف يا بنى أنا ماحبش اللف والدوران ، أنا فعلا زعلان منك . وزعلان قوى كمان . ماكنتش مستنى ابدا اللى حصل منك يا رفيع . ده انا كنت بضرب بعقلك المثل !!
تنهد رفيع بضيق : خابر يا عمى كل اللى بتجوله ده وواعيه زين .
نظر لحازم ليتابع : النفر منينا يا عمى اوجات عجله يشت ويشرد من ذاته ، اللى ربنا يحبه يلجى چارة واحدة زى رنوة
ابتسم بمحبة ليتابع : تعرف ترچع له عجله .
رمش بتأثر عدة مرات : وانى شردت منيها كتير .
نظر لحازم بندم : هى حاولت ترچعنى جبل سابج بس انى عاندت وشردت تانى .. رمحت بعيييد جوى كأنى متوكد انى هرمح وارچع ألجيها مستنيانى .
ضحك بمرار : جامت ضربتنى كف ههه
تعجب حازم : ضربتك !! رنوة !!!
بهتت ضحكته وخبت : مش بيدها يا عمى . ضربتنى لما هملت دارى . كأنها بتجولى إذا انت شردت اجدر اشرد زييك .
نظر لحازم بجدية : انى كنت چاى وصدرى جايد نار منيها . بس مش نار تأذى .لاه .
ابتسم وصمت لحظة واحدة ثم قال : ماتخافش على رنوة يا عمى . وإن كان على رچعتها النوبة فانى محجوج لك فيها واوعدك ماتتكرش واصل .
ثقته أدخلت بعض الراحة لقلب حازم الذى سكنه القلق قاطع حديثهما إقبال رنوة المبتسمة : بتكلموا عن ايه ؟
ليجيب رفيع بلا تفكير: عنيكى طبعا .
ضحكت بمشاغبة : ما أنا عارفة
ابتسم حازم : وبتسألى ليه ؟
قبلت رنوة ابيها بمشاغبة : بعاكسك يا زومى
ارتفع حاجبى رفيع بينما علت ضحكات حازم وهو يرى ابنته تعود لها رقتها ويعود لها دلالها . لم تعد بنفس الحزن المتوارى بعينيها حين فتح بابه وقلبه لاستقبالها ، بل عادت لها روحها حين عاد هو إليها .
نظر لها بحنان ؛ ضحكتها هذه استحقت تضحيته مرة أخرى . عودة روحها استحق منه أن يفتح قلبه لمن عشقه قلبها مرة أخرى . عودة سعادتها استحقت أن يتغاضى عن خطأ رفيع هذه المرة .
أومأ محدثا نفسه ؛ كان الأمر يستحق . بل صغيرتى تستحق .
أفاق من شروده على كف رنوة : انت سرحت فى إيه يا بابا !
ابتسم لها مجددا : مفيش يا قلبى بتقولى ايه ؟
رنوة وهى تمسك كف رفيع وتنظر لأبيها بدلال : بقول هاخد رفيع منك علشان محمد هيعدى عليه يروحوا لطنط غالية .
أومأ حازم مبتسما ليبتسم رفيع مستسلما لكفها الذى يجذبه ولعينيها التى تمنيه بدلالها وعشقها له متوجها معها نحو غرفتها .
أغلقت الباب وهى تشير للفراش : جهزت لك هدومك يادوب تجهز محمد كان بيكلم طنط ماسة وقال جاى فى الطريق .
جذبها لصدره المتلهف لقربها هامسا : وبعدهالك !!! الكل واخدك منى وانى ..
قاطع حديثه طرقات يحفظها جيدا ليزفر بضيق : فى ايه يا سويلم ؟
فتح الباب ليدخل رأس سويلم قائلا بفظاظة : چعان
ضحكت رنوة ورفيع يتمتم بغيظ لتقول : تعالى يا قلبى اجيبلك تاكل .
وغادر سويلم لتقول بتحذير : رفيع ماتشتمش ابنى
نظر لها بحدة : روحى يا رنوة .روحى الله يرضى عنيكى من خلجتى الساعة دى .
لتضحك مرة أخرى وتغادر .حقا هى اشتاقت له بشدة لكن اعجبتها تلك اللعبة بين حبيبها الصغير وحبيبها الكبير ..لكم تعشق تأجج شوقه هذا .
حقا كل لمسة ونظرة منه تعترف بأنوثتها ودلالها لكن حديث الشوق يطرب القلوب . وما أمتعه من طرب .
_______
توجه رفيع بصحبة محمد لزيارة تاج وغالية وقد سعدا جدا بهذه الزيارة ، رفيع يذكرهما كثيرا ب صالح الذى اثر فراقه فى الجميع .
استمر الوضع على نفس الحال ومر اليومين وتوجه الجميع لمنزل ريان الذى استقبل الجميع بسعادة ومحبة.
تأخر رفيع وطلب من حازم أن يصحب رنوة وسيوافيهم إلى منزل ريان .
قدم الأطفال الهدايا التى سعد بها الفتى ليبدأ المرح بين الأطفال ويجلس الرجال بمنأى عن النساء اللائى كان جم حديثهن عن فرحة إستقبال الصغير المنتظر ل ليليان وطايع .
وصل رفيع بصحبة محمد وكل منهما يحمل صندوقين ، تجمع الأطفال حولهما فور دخولهما ليضحك رفيع : كل عام وانت بخير يا تاچ .
ريان : وانت بخير يا رفيع .ايه ده ما الولاد جابوا هدايا ؟
رفيع : دى هدايا أخواله
ابتسمت ليال فورا وكذلك ريان .
مر الحفل بسلام ولم يخلو من مشاكسات مازن ومقالبه التى تغضب الصغار بينما كان تعقل خالد وسويلم يحول دون المشاجرة بينهم .
______
فتح رفيع باب المنزل ليدخلوا جميعا إلى شقة والدته التى نظرت لحسنات وابتسمتا بسعادة ، انطلق سويلم نحو صدر حسنات : اتوحشتك جوى يا ستى .
اطبقت عليه ذراعيها : وانى اتوحشتك اكتر يا جلب ستك .
اعترضت شريفة : وانى مااتوحشتنيش يا واد رفيع ؟
أصدرت صوتا ممتعضا من شفتيها وهى تنحنى لتحمل سليم : انى بجى اتوحشت سليم اكتر منيك .
نظر لها سويلم بغضب لتقبل نحو رنوة : واتوحشت بتى اكتر منيكم كلاتكم .
شعر رفيع بالراحة فتقبل والديها لخلافهما كان له عظيم الأثر في رأب الصدع بينهما كما أن تقبل أمه له سيدعم قربهما ويساعد على عدم الخلاف مرة أخرى.
اقتربت منه فى النهاية : نورت دارك يا ولدى .
قبل رأسها ثم توجه لحسنات : عاملة كيه يا أما حسنات ؟
ربتت على كتفه بحنان وفخر : بخير يا ولدى .
شريفة : خد مرتك واطلعوا ارتاحوا من الطريج وهنتغدوا سوا النهاردة .
قفز سويلم من بين ذراعى حسنات : انى كمان هطلع ارتاح مع امى .
نظرت له شريفة بتعجب بينما مسح رفيع وجهه بغيظ : وبعدهالك يا ولد ؟ انت بتكبر ولا بتصغر ؟ متشعلج فى ديل أمه ليل نهار .
شعرتا أن سويلم يغضب والده بشكل مبالغ فيه فنظرت شريفة لحسنات نظرة فهمتها جيدا لتقول : خبر ايه يا رفيع ؟ هتعمل عجلك بعجل الولد ؟ خليه يتجلع له يومين .بعده صغير
ايدتها رنوة فورا : قولى له يا ماما حسنات حاطط نقره من نقر سويلم .
فتحت ذراعيها تضم سويلم : حبيب قلب ماما يتدلع براحته .
زاد غضب رفيع : الرچالة ماتدچلعش يا ام الرچالة .
ورغم لهجته الحادة إلا أنها نظرت له بسعادة لم تخف عليه ولا على الموجودين ، سعادة نجحت ببراعة فى تنحية غضبه ليشيح بوجهه يوارى ابتسامته التى ستحتل شفتيه فى لحظات .
______
استلقى طايع فوق الفراش اخيرا انتهى وأخيه من الانتقال بالسكن ، كم كان الأمر شاقا نفسيا وبدنيا ، هون صعوبته مشاركة مهران له في كل خطوة .
اعتدلت فوق استلقاءه لتضجع على صدره ليضحك بخفوت فتتساءل بحدة : ايه مش عاجبك ؟
علت ضحكاته : انى نطجت ، ولا هو شكل للبيع ؟
اعتدلت بحركة حادة تنظر له: قصدك ايه بقا ؟ مجنونة يعنى بجر شكلك وخلاص !
ضرب كفيه ببعضهما ليتسلل الحنان من نظراته : لى لى انى ماجادرش اچرى وراكى النهاردة لبيت عمتى .
ربت على رأسها : نامى . نامى ياحبيبتى
دفعت كفه بعيدا عنها : ماتقولش حبيبتك
ها هو جنونها يلوح في الأفق ليفسد تلك الليلة كما اعتادت مؤخرا ؛ تنهد وهو يبتسم لها: انت مش حبيبتي يا لى لى؟
بدأت الكأبة تحتل ملامحها : ايوه ما أنا بقيت مكعبرة وشكلى وحش . وانت بطلت تقولى يا قلب طايع . انت مابقتش تحبنى .
انحنى يقبل بطنها المنتفخ هامسا : ده انت جلب طايع وعجل طايع وروح طايع .
رفع رأسه لينظر لها معاتبا : انت شوفتى الأيام اللى فاتت كنت بلف حوالين روحى لاچل اخلص كل حاچة جبل ولادتك . يعنى لما انشغل عنيكى يومين بحياتنا ابجى بطلت احبك !! للدرجة دى حبى هين عنديكى ؟
تبدل حالها وفرت دمعة ليسرع كفها لشفتيها فى محاولة لمنع بكاءها ، تنهد واقترب منها : بتبكى ليه دلوك ؟
زاد بكائها : علشان انت زعلان مني .
ضمها بحيرة وهو عاجز تماما على السيطرة على نوبات البكاء التى زادت بكثرة . كان حملها الأول شديد الصخب لكنها كانت سريعة الرضا . كم يخشى أن تكون طبيعة طفلهما المنتظر تسبب لها تشويشا مضاعفا .
______
رغم عودتهم للنجع من اسبوع كامل إلا أنه لم يحظ بلحظات يرتوى فيها منها . هناك نهارا والدته وحسنات تستأثران بها . وليلا سويلم يستحوذ عليها . أصبح الوضع لا يطاق لهفة قلبه ستهلكه .
كان يسير على غير هدى ليوقفه صوت هيبة مناديا اسمه . توقف واقبل عليه هو وضاحى الذى تساءل فورا : شارد فى ايه يا رفيع ؟
تنهد رفيع : ولا حاچة .
هيبة : من يوم ما رچعت مابجتش تاچى تسهر ويانا . ايه حاشك عنا ياواد عمى ؟
عاد يزفر بضيق : ولا حاچة الليلة أچيكم .
ابتسم ضاحى بخبث : وسويلم كيفه ؟
ليقول رفيع بحدة : زى الجرد
انفجر ضاحى ضاحكا بينما نظر له هيبة بلوم فقد استمعا لضحكات شريفة وحسنات وهما تخبران زبيدة بمشاكسات سويلم لوالده منذ عودتهم للمنزل .اقترب ضاحى منه هامسا : حريم عمى التنين حدانا فى الدار .
نظر له رفيع ليتابع : والولد معاهم .
ابتسم رفيع بينما قال هيبة : ضاحى بزيداك حديت فاضى . هم ورانا اشغال .
دفعه رفيع بصدره ليخفى سعادته بهذا الخبر : هيبة وياه حج .هم شوف اشغالك .
ضحك ضاحى وتبع هيبة بينما تحرك رفيع إلى منزله فورا .
___
صعدت لشقتها بعد مغادرة حسنات وشريفة فى زيارة لمنزل هيبة لتفقد زبيدة . لم يكن لديها مايشغلها لذا أحبت الحصول على وقت خاص لعنايتها الشخصية . انتهت لتشعر بالانتعاش وتتوجه للمطبخ وقد خططت لإعداد كوب من القهوة ثم محادثة شقيقتها .
غادرت المطبخ لتجده أمامها ، شهقت بفزع : رفيع !! ايه جابك دلوقتي ؟ انت كويس ؟
ابتسم للهفتها واومأ قائلا : عطشان .
عادت للمطبخ فورا لتضع كوبها جانبا ، فتحت البراد لتخرج زجاجة المياة ليغلقه كفه قبل أن تصل كفها إليها .
احاطها ذراعه الآخر لتتساءل بخفوت : مش هتشرب ؟
حملها بلا مشقة وهو يلتف ليقابلها : هشرب طبعا .
قبل وجنتها بحنان : هشرب لما جلبى يرتوى .
تعلقت برقبته بطفولة اعتادها منها وهو يرتشف بتمهل من قسماتها ، انتفضت وهى تأن بخفوت ليشعر أنها ارتطم بالحائط .لم يبتعد عنها إنشا واحدا ولم يحد بعينيه عن عينيها بل دار على عقبيه يتلقى عنها ما تبقى من صدمات حتى وصل بها لغرفته . لم يشعر بمرور الوقت ولم يرد أن يفعل بل رحب تماما بالغرق بكل كيانه فى نبع عشقه لها أملا في ارتواء يعلم أنه لن يصل إليه مهما حيا .
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)