رواية الشرف الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء الثالث والثلاثون
رواية الشرف البارت الثالث والثلاثون
رواية الشرف الحلقة الثالثة والثلاثون
الثالث
كل ما فيه يعترف بعشقه لها وهى تعترف أنها لا ترى رجالا غيره فوق البسيطة ورغم ذلك لم يتقدم أى منهما خطوة تجاه الأخر ،فهل هذا عقاب القدر لهما على تعذيب قلبيهما ؟ هل كتب عليهما الفراق ؟ وعليها الحرمان من حبيب لم ترتوى من شوقه لها بعد !!!
يتضرع قلبها لله أن يعيده إليها ،ان يعيده للحياة وتراه مرة أخرى لاينظر لها ، وإن كان بعيدا عنها فيكفيها أنه بخير .
***********
مرت ساعتين منذ وصل راشد صاحبا شقيقته روان وابنة عمه سما وطوال الساعتين تقف روان تراقب مهران المتألم قلبه فيتسرب ألمه لقلبها الذى أعلن الاستسلام أمام سطوة رجولته .
يرفض مهران منذ الصباح أن يتجرع حتى رشفة ماء ،عينيه متعلقة بالباب وقلبه متعلق بالأمل .تحمل روان زجاجة العصير التى تحتفظ بها لأجله وتتشجع مقتربة منه : مهران علشان خاطرى اشرب العصير .
الرجاء بصوتها يذيب صلابة قلبه ،فهى روان حبيبة عمره ليس عليها أن ترجو هى فقط تتمنى وإن أظهر صلابته لها دائما فهى ليست سوى قشرة يخفى حبه عبرها ، وهو فى الحقيقة ملاكها الحارس الذى يحقق ما تتمناه ، لكنه الأن ليس مهران العاشق بل هو مهران المتألم فيشيح بوجهه عنها : مارايدش هملينى يا بت عمى .
ليست ممن يتحدث لهجة صعيدية إلا حين تريد استمالته وقد فطن هذا منذ أعوام وتتلذذ أذنيه لسماعها منها فهى وقتها تكون بحاجته وهذا وحده يجعله يشعر بالحياة تسرى بأوردته : لاه ماهملكش واصل . لو ليا خاطر عنديك .
ها هو صوت الرجاء يعود لصوتها ليعلن استسلامه فورا ويعترف بضعفه لها منحيا الخجل جانبا : ماجادرش يا روان جلبى هيجف .
دق قلبها بعنف فهو قلما يناديها بإسمها لكن لم يمنحها القدر مزيدا من الوقت فأخيرا تحقق حلمه لينفتح الباب ويخرج ثلاثة أطباء يتوجه لهم الجميع فيقول أحدهم : الحمدلله النزيف وقف وهو مستقر حاليا لكن لازم يفضل فى العناية .
تعالت الهمهمات بالحمد والشكر لله فهم لم يفقدوه وهذا يكفى وسكنت القلوب الملتاعة ليتحرك هيبة من فوره : هطمن عمى وعمتى .
وينطلق فورا إلى غرفة رفاعى حاملا الخبر السعيد .
*************
كان صالح ملازما ل رفاعى منذ حضوره ليأتى هيبة بالأخبار السعيدة فيطلب منه والده صحبة الجميع للمنزل فلا أمل في رؤية طايع أو خروج رفاعى اليوم لذا ليبق بصحبتهما من يحتاجان إليه فقط .
لتسرع زينب : أنى ماهملش چوزى واصل
صالح : حجك يا بت عمى لكن الصغار يروحوا
هيبة : أنى هروح البنتة دلوك واللى عاوز يجعد من الرچالة يجعد
صالح : لاه يا ولدى هتجول إكدة كله هيجعد أنى جايم معاك .
وينظر ل رفاعى : أنى راجع لك يا ابو مهران .
يومئ رفاعى برأسه بينما تبدل زينب الكمدات على وجهه المتورم
ويخرج صالح ليصر أن يعود الجميع للمنزل للراحة فلا أحد يعلم ما تحمل الساعات القادمة .
وافقه تاج على ذلك على أن يتفقد أحدهم الوضع كل ساعة أو ساعتين .ليرضخ خميس ووهدان أمام إصرار تاج وصالح .
أما ريتاچ ومهران فيرفضان المغادرة بأى شكل كان
تبكى ريتاچ : علشان خاطرى يا عمى هقعد مش هتحسوا بوجودى
يتنهد صالح : يا بتى الله يرضى عنيك روحى مع الحريم
تاج : يا ريتاچ وجودك هنا مالوش لازمة دلوقتي
غالية : ولازم ترتاحى حبيبتى .
تبكى ريتاچ ليقترب ضاحى متعاطفا معها : يا أبوى اعذرها ده بوها وخوها .
ترفع عينيها له فهو الوحيد الذى شعر بقلبها المتألم ليرتبك أمام عينيها الباكية فورا : احممم يا بت عمى أنى هتفج وياكى على حاچة . دلوك روحى ارتاحى ساعتين زمن وانى بنفسى هنرجعوكى اهنه الليلة تشوفيهم وتطمنى عليهم .
تركت الجميع وتوجهت له فورا : بجد هتخلينى اشوفهم تانى .
ضاحى : چد طبعا روحى مع عمتى دلوك وانى هاچى لك بعد ساعتين .
أومأت برأسها وسارت مع غالية فوراً لاتدرى لم تثق به ؛ لكنها تفعل يربت تاج على ذراع ضاحى شاكرا حكمته فى معالجة الموقف ويلتزم هو الصمت مع محاولة فاشلة لمنع عينيه من تقفى أثر خطواتها البطيئة .
عاد الجميع للمنزل حيث كانت صابحة وسعاد تساعدان زبيدة منذ الصباح لإعداد واجب الضيافة كما أن البعض من نساء العائلة قدمن للمساعدة.
رحبت زبيدة ب غالية والفتيات ليبدأن جميعا بتحضير الطعام للرجال أولا .
*******************
القاهرة في المساء .
تنتظر ماسة منذ ساعات أن يهاتفها محمد ليبدى تذمره لكنه لم يفعل مما زاد توجسها وقلقها فقررت مهاتفته لتأتيها الصدمة الحقيقة إنه يرفض العودة !!!
تساءلت عن الجميع ومن خلال حديثه يبدو أن كل شئ يسير على ما يرام لتصيح بضجر : محمد من الأخر قولى فى إيه عندك ؟
محمد ببرود : مفيش يا ماما بس مايصحش اسيب خالى وطنط غالية في الظروف دى
ماسة : اديك قلتها خالك يعنى راجل وكمان ريان هناك والعيلة كلها ، انت بقا عندك تعمل إيه؟
يتنهد محمد : ماما أنا هقعد لما اجى مع خالى .
وأسرع مغلقا الخط قبل أن تستكمل استجوابه بينما لم يزيدها إلا توجسا لتقرر أن تنتظر قليلا ثم تهاتف ريان وتطلب منه ملازمة هذا المتهور فهى على ثقة أن هناك فتاة ما لها يد فى بقاءه بالصعيد وهذا وحده يكفى لترتعب .
***************
فى مكان ما ببطن الجبل يتمدد مظهر لتدخل من الباب بدر ترفع نقابها وتجلس أرضا تحت قدميه : طلبتنى سيدى .
يبتسم نفس الإبتسامة : اتوحشتك يا بدر . جربى .
تقترب بدر حيث أشار لها فيتلمس وجهها البرئ بأنامله : كلها شهر وياچو بنات إهنه وانت خلاص ماهچوزكيش تانى
تبتسم بتكلف واضح لكنه لا يبالى ويكفهر وجهه وتختفى تلك الابتسامة المقيتة التى تعتبر أجمل ما فيه ويقول بلهجة آمرة : أجلعى خلجاتك .
تنهض فورا تمتثل لما أمرها به دون أن تنبت ببنت شفة فهى تعلم أن عدم الامتثال يعنى الموت وهى تريد أن تحيا معه ، و أن كانت الساعات القادمة من أسوأ الساعات لكنها لم تعد تكترث أو اعتادت ذلك إلى حد ما فلم يعد له ذلك التأثير المؤلم الذي كان مسبقا ، لقد أصبح مظهر وحياتها معه أجمل ما حدث طيلة حياتها البائسة ، فرغم كل ما تعانيه معه إلا أنها فى النهاية تؤمن بكل ما يتفوه به إيمانا صادقا .وقد تضحى بحياتها بلا تردد بإشارة من خنصره .
****************
عاد وهدان للمشفى لتفقد أخيه وولديه بينما خميس وتاج بالمنزل فكل من هيبة وضاحى بالمشفى أيضا ولا يصح أن يترك الجميع المنزل ف راجى عليه الاهتمام بالشباب ولابد من تواجد من يستقبل رجال العائلة ومن الجيد أن خميس كان من الموجودين بالمنزل
رفضت حسنات أن تتوجه لمنزل صالح لمؤازرة زينب أو غالية فهى تكره كلتاهما على حد سواء ليصحب صخر أبناءه جميعا وزوجته شريفة ويتوجه لمنزل صالح .
لم يعجبه رؤيا تاج بمجرد دخوله فهو رغم مرور الأعوام لم ينس أنه احتجز بمنزله بسبب تاج وإن كان منصفا لفهم أنه احتجز بسبب تهوره .
دخل من الباب خلفه أبناءه الأربعة وخلفهم شريفة وابنتها رحمة ليقف خميس متأهبا له ويتقدم على تاج على غير العادة.
تتوجه شريفة ورحمة للدور العلوى بصمت بينما يقف الجميع بتأهب
ليستغل محمد إنشغال الجميع وتوتر الأجواء ليترك لعينيه العنان تقتفيان أثرها ، فهو منذ رأها بصحبة أخيها بالمشفى وقد تبدل حاله وقرر المكوث في الصعيد واحب تلك المهمة التي كان يكرهها .فهو يرى بهاتين العينين قوة لم يراها فى عينى فتاة سابقا .
خميس بتأفف : مرحب يا ابو حچاچ
يمد صخر كفه مصافحا ويتعمد جرح خميس لأنه لم ينجب الولد : مرحب بيك يا خميس معرفش اجولك يا ابو البنية ولا تزعل ؟
ينظر له تاج بغضب وقد وصل له مقصده فورا : ويزعل ليه ؟ علشان ربنا بيحبه وفتح له باب يدخله الجنة .
ينظر له صخر بغضب : اهلا تاچ أفندى هو ولدك اسمه ايه ؟
يقترب ريان بحزم : ريان يا عم صخر .أسمى ريان .
يشير دياب إلى أبناءه بفخر : شكلك من عمر سويلم ولدى بعدك صغير .
يخفض سويلم رأسه فوالده يستصغره دائما بينما يقول ريان : مفيش راجل بيبقا صغير يا عمى الراجل بيتولد راجل .
لم يتمكن صخر من مجاراة حديث ريان فعاد إلى خميس : خوك كيفه يا خميس ؟
يجلس الجميع بينما يتجه رفيع إلى ريان وراشد مرحبا لينزوى الشباب جانبا يتهامسون ويعرف ريان محمد إلى رفيع بينما ظل الأبناء الثلاثة يقفون خلف أبيهم لينظر لهم تاج متعجبا : جرى إيه يا شباب واقفين كدة ليه ؟ اقعدوا معانا أو اقعدو مع الشباب اللى يريحكم .
صخر : لاه خليهم اهنه .
يهز تاج رأسه بأسف بينما يبدأ صخر يتباهى بأرضه وأمواله تارة وبذكوره تارة أخرى .
رحب رفيع ب محمد ثم إلتفت إلى راشد : وبعدين يا واد عمى هنهملوا مهران من غير وكل أكده ؟
راشد : أنا أول مرة اوعا مهران بالشكل ده طول عمره شديد
ريان : يا جماعة معذور المصيبة تهد الجبل .
رفيع : معاك حج ياخوى ده هملهم دجيجتين يركن العربية لجاهم غرجانين فى دمهم .
محمد بفضول : هو انت تعرف اللى حصل ؟
يبدأ رفيع يقص عليهم ما حدث صباحا ولحظات التفجير الذى راح ضحيته عشرات الأبرياء . حدثهم عن نقل الأهالى للمصابين ومحاولات صالح للمساعدة .
كان يتحدث عن عمه بفخر وهو يخبرهم : ومن ساعتها والناس كل اللى عنديه حاچة يطلعها وبكرة كلنا هنروح دفنة الاجباط ما هم چيران واهل البلد وعمرنا ما شوفنا منيهم حاچة عفشة .
يرفع رفيع رأسه وينادى أخيه الأصغر : سويلم .
يقبل عليه مسرعا رغم نظرة الإمتعاض على وجه صخر ليهمس راجى : چرى إيه يا سويلم محدش شافك النهاردة واصل ؟
يتهرب سويلم بعينيه : كان عندى چامعة
ريان : طيب دلوقتي عاوزين حد مننا يروح المستشفى وياخد اكل ل مهران .
سويلم : ابعته له ضاحى .
راشد : ضاحى هناك ماجاش .
يحاول رفيع الدفع بأخيه الأصغر لتقديم المساعدة لكن يبدو أن سويلم قد اتخذ قراره فيتقرر توجه ريان وراشد ومحمد للمشفى إلا أن محمد يتهرب بحجة الإرهاق الشديد .
************
القاهرة
عاد محمود للمنزل بصحبة عمه حازم الذى توجه لشقته ليجد ابنته رنوة فى انتظاره بغضب ،يتلفت حوله فلا يرى ألاء يقترب جالسا من رنوة الغاضبة : مين مزعل القمر ؟
تعقد ساعديها لإظهار المزيد من الغضب : چودى وساهر رايحين شرم الشيخ
يحك ذقنه وقد بدأت الصورة تتضح : اه والمطلوب ايه ؟
تقترب رنوة تربت على كتف أبيها بدلال : عاوزة اروح معاهم يا بابا يا حبيبى وماما مش راضية .
حازم : أكيد ماما مش راضية علشان عندك جامعة .
رنوة : يا بابتى عاوزة اخد نفسي قبل الامتحانات.
يضحك حازم ويقرص خدها : لا خلصى امتحانات ونروح وسيبى اختك وجوزها براحتهم
تتظاهر بالبكاء وهى تضرب الأرض متجهة لغرفتها بينما يتوجه هو لغرفته ليجد الاء تسترخى فوق الفراش يقترب منها معاتبا : بقا نايمة انت ومريحة دماغك وسايبة لى بنتك غضبانة !!
تعتدل جالسة : ما انا مهما اتكلم مش هتسمع غير كلامك مش دلوعة حضرتك .
يحك رأسه بحرج فيبدو أن حبيبته تغار من شدة دلاله لصغيرته يفضل إلتزام الصمت حتى ينتهى من تبديل ثيابه ليقترب من الفراش بهدوء ليجلس بطرفه معاتبا : حبيبتى انت مش شايفة إنك اعصابك تعبانة اوى الفترة دى ؟
يبدو الغضب على الاء بينما يعلم حازم جيدا سبب ما تمر به زوجته لذا يتحمل كل انفعالاتها بحب فإن لم يتحمل رفيقة دربه من يتحملها !!!
تمدد بالفراش رغم نظرة الغضب المرتسمة على ملامحها ليجذبها مقربا إياها منه ، تبدى بعض النفور إلا أنه يبتسم حين تستقر فوق صدره . يعلم جيدا ما تسببه مشاكل الهرمونات للنساء منذ بداية عقدهن الرابع وشعورهن بالاكتئاب من وقت لآخر شئ طبيعى تماما .هو مدين لها بهذه الحياة الرائعة التي عاشها معها ،لذا تحمل طفراتها المزاجية أمر يسعده ويشعره أنه بحيز حياتها .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)