روايات

رواية الشرسة والتميم الفصل الأول 1 بقلم مي أحمد

رواية الشرسة والتميم الفصل الأول 1 بقلم مي أحمد

رواية الشرسة والتميم الجزء الأول

رواية الشرسة والتميم البارت الأول

الشرسة والتميم
الشرسة والتميم

رواية الشرسة والتميم الحلقة الأولى

بعض الأوجاع تقتل صاحبها وبعضها الأخر يُقتلها صاحبها بعقلًا من الجمود، ليس الجميع يستسلمون للألم ويختبئوا فى غرفهم مُغلقين الأبواب ، بل الضعفاء من يفعلون ذلك يا عزيزى لكن الأقوياء يُقتلون الألم قبل أن يقتلهم ويغلقون كل أبواب الخوف قبل أن يحتلهم، فحالما يسير الخوف بداخلك ستكون من الأموات، لأن الخوف إذا تمكن من عقل الإنسان أخذه للموت ولهذا هناك القليل يحاربون هذا الأحتلال بقوة حتي يصبحون أحرار وتكن هذه الحرية مسك الختام من هذا الألم حتى يستطيعون أن يقولوا (وختامهم مسك)
أنقلبت القاهرة الجديدة رأسًا على عقبًا وتحديد داخل مستشفي القاضي بعد أن وصلت سيارة الإسعاف تحمل بداخلها “غزل” ابنة رئيس المستشفي، بسبب أصابتها بحادثة سيارة..
أخذها المسعفين والأطباء من باب المستشفي وركضوا بها إلى الداخل وهناك عصا حديدية بمنتصف صدرها والدماء تلوث ملامحها ولا تظهر منها شيئًا، نظر “غريب القاضي” رئيس المستشفي على أبنته لينتفض ذعرًا مما يراه وكيف حال أبنته وما حدث لها، ركضوا بها إلى غرفة العمليات وطلبوا رئيس قسم القلب والصدر إلى الجراحة…
خرجت “مَسك” من غرفة مكتبها بذعر بعد أن وصل لها خبر أصابة أختها التوأم وحالتها الحرجة، ركضت بخوف شديد يتملكها مُرتدية زى المستشفي عبارة عن تي شيرت أخضر اللون وبنطلون مثله ولم ترتدي البلطو الأبيض من فزعها، وصلت إلى غرفة العمليات وكان والدها يقف بالخارج يتشاجر مع طليقته وأم بناته صارخًا بها :-
-أنتِ السبب… بنتى لو جرالها حاجة هتدفع الثمن من عمرك أنتِ فاهمة يا بثينة
ألتف لكى يدخل إلى غرفة العمليات ليرى “مسك” تهرع نحوها فأوقفها بغضب سافر يتملكه مُحاولًا قدر الإماكن السيطرة على حاله بعد أن رأي والدتها:-
-أنتِ رايحة فين؟
-أنا لازم أدخل
قالتها “مسك” بتحدي وعينيها لا تتوقف عن البكاء ويديها ترتجف فقال بأقتضاب شديد:-
-والله وهتدخلي تعملي أيه تموتيها وأنتِ بتترعشي كدة، أنتِ فاكرة نفسك أيه مفيش دكاترة شاطرين غيرك يا مسك
دفعت يده بعيدًا عن ذراعيها بتحدي وعناد أكثر ثم قالت وعينيها تحدق بوالدها:-
-أنا هدخل ومحدش هيقدر يمنعني واللى يقدر يورينى نفسه
ألتفت مُسرعة لكى تدخل، فتحت باب غرفة العمليات بالتصريح الخاص بها وقبل أن تضع قدمًا واحدة داخلها أوقفها “غريب” بنبرته التهديدية الحادة يقول:-
-جربي تحطي رجلك جوا وأنا بنفسي هنهي رخصتك الطبية يا مسك
توقفت محلها بغضب سافر ولم تتجرأ على فعل شيء أمام والدها، أشار إلى أحد رجاله وتحديدًا مساعده “سراج” بأن يأخذها بالقوة بعيدًا فصرخت بأختناق وخوف على أختها:-
-خلينى أساعدها!!
ألتف إليها “غريب” بهدوء شديد يحاول تملك أعصابه وقال بحزم:-
-القانون يمنعك يحطي أيدك على مريض من عائلتك وأنا بصفتي رئيس المستشفي بمنعك تدخلي أوضة العمليات بأيد بتترعش، خليهم يعملوا اللى عليهم واللى جوا دا أستاذك وحتى لو كنت جراحة متوفقة وشاطرة وتفوقتي عليه فدا ميمنعش نهائيًا أن أستاذك
دلف للداخل غاضبًا من هذا الفتاة تراة وقلقًا على الأخري تارة أخرى، ترك ابنته مُقيدة مع حارسه الشخصي تشتعل من الغضب والتقييد، نظرت إلى والدتها التى تبكي وترتجف على المقعد خوفًا على “غزل”، أقتربت “مسك” منها وجلست جوارها ثم قالت بلطف:-
-أهدئي يا ماما إن شاء الله هتكون بخير، غزل قوية وشجاعة
هزت رأسها بصمت ودموعها تتساقط على وجنتيها، امرأة فى السينتات من العمر ترتدي عباءة سوداء وتلف حجاب أبيض اللون، التجاعيد رسمت على وجهها خطوطها البسيطة وهكذا ظهر يديها، بعيني رمادتين وبشرة بيضاء ، جسدها مُمتليء قليلًا، ضمتها “مسك” إلى حضنها بين ذراعيها وبدأت تربت عليها..
وقف الجميع يتهامسون وينظرون على هذه العائلة من بعيد، وأصبحوا حديث كل فريق العمل وحتى المرضي، سألت ممرضة جديدة بالمستشفي بعد أن رأت ما حدث وقالت:-
-مين غزل؟ دى المريضة اللى عملت حادثة
نظرت الممرضة الأخري حولها وتحديدًا على “مسك” التى تجلس هناك وقالت بهمس حتى لا يسمعها أحد:-
-اه، بنت دكتور غريب رئيس المستشفي وتوأم دكتورة مسك بس هي عايشة مع والدتها أصلهم مُنفصلين لكن دكتورة مسك عايشة مع الدكتور غريب، وبتشتغل معانا هنا فى المستشفي من وهى طالبة… سافرت برا سنتين عملت دكتوراة ورجعت، كدكتورة شاطرة جدًا وتفوقت على كتير من الدكاترة وجراحين القلب والصدر هنا وفى أماكن تانية وأنتِ كممرضة لازم تحلمي بأنها تدخلك معاها جراحة واحدة هتستمعي وهتتعلمي كتير.. لكن كإنسانة منصحكيش تمري من جنبها لأنها قوية جدًا وجريئة ومتحفظة مبتحبش تصنع علاقات ولا صداقات مع حد، عنيفة وشرسة وعمرها ما سمعت لرأي حد… أووووا جسمي بيقشعر وقت أتكلم عليها ربنا يبعدنا عنها ….
_____________________________
فى الغــــــــردقــــــــة تحديدًا داخل
)Blue city ( المدينة الزرقاء
منتجع سياحي يطلق عليه السياح مالديف مصر من جماله الخلاب وعظمة طبيعته الذي خلقها الخالق بها، والسياح الأجانب يملؤن المكان فى فصل الصيف مُستمعون بأيامهم الجميلة هنا، توقف يخت أبيض اللون على حافة الشاطي وترجل منه مجموعة من السياح وخلفهم فتاة بعمر الـ 21 عام لديها بشرة بيضاء وعيون خضراء تزيد من جمالها الخلاب، نحيفة جدًا ومتوسطة الطول، ترتدي ملابس السباحة وتبتسم بعفوية بعد أن ودعت فريقها فى العمل، سارت حافية القدمين على الممر الخشبي حتى وصلت للشاطيء وتحديدًا هذا المكان المخصص للسباحين وتركت أداوتها ثم نزعت طاقية السباحة عن رأسها لينسدل شعرها البني متوسط الطويل على ظهرها وأكتافها، تبسم زميلها “فادي” بعفوية بعد عودتها وقال:-
-الفوج الألماني شكله أنبسط معاكي … صحيح أستاذ زين سأل عليكي من الصبح 7 مرات
تعجبت “ورد” لسؤاله الكثير والمُلح عليها فقالت ويديها تربط رباط حذاءها الرياضي:-
-7 مرات، ليه ههرب.. هو فين؟
أجابها “فادي” وهو يحمل أغراض السباحة وأنبوبة الأكسجين قائلًا:-
-راح على الفندق؟ صحيح سمعتي بالخبر
ألتفت إليه ويديه ترفع شعرها للأعلي وقالت بفضول:-
-أيه؟
-بيقولوا أن عبدالعال بيه تعب وحالته ساءت فقرر يعقد أجتماع مجلس الإدارة وهيعين رئيس جديد للقرية
قالها بتوتر شديد فأتسعت عينيها على مصراعيها وبدأت تركض كالمجنونة فى أرجاء المكان كي تبحث عنه، وصلت للفندق بركضها وجنونها وكل من رأها ألقي عليها الصباح برحب وهذه الفتاة بمثابة الزهرة التى تنشر عطرها ببسمتها على كل من بالفندق، وصلت إلى مكتبه ودلفت مُسرعة لتراه يقف أمام المرآة ويحاول عقد رابطة العنق ويرتدي بدلة رسمية باللون الكحلي وقميص أبيض ويصفف شعره على غير المعتاد فـ “زين” حبيبها وخطيبها يحب الحرية والعفوية لم يرتدي يومًا بدلة أو صفف شعره برسمية هكذا، ألتف “زين” إليها وقال ببسمة عافية وسعادة تهبط عليه فور رؤيتها:-
-ورد!!
أسرعت نحوه بسعادة حتى وقفت أمامه تحدق به بأندهاش وذهول تام من وسامته،شاب بعمر ال32 عامًا يملك زوج من العيون البنية وشعر أسود كثيف ناعم، بدون لحية أو شاربًا.. طويل القامة ونحيف لا يهتم بجسده أو الذهاب للنادي الرياضي يكتفي بتمارينه الصباحية معها بالأكراه منها حتى ينال رضاها وبشرته متوسطة البياض، أخذت من يده رابطة العنق وبدأت تعقدها له بلطف ثم قالت:-
-جدك جه من القاهرة!!
-اه وصل من ساعة وبيقول أنه لازم يعقد الأجتماع
قالها وعينيه لا ترفع عنها بعشق يغمره، فتاة ولدت فى منزله وتربت به أمام عينيه، كبرت على يديه وعلمها كل شيء.. مُنذ نعومة أظافرها وهى ملكًا له وحده وحُبها بداخله زرع كأنه فطرة ولدت به فور خروجها من أحشاء والدتها حتى أصبح مُتيمًا بها كأنفاسه التى لن يستطيع العيش بدونها، أجابته ويديها تسرع فى الأنتهاء قائلة:-
-طب وحالته الصحية، إذا خرج من المستشفي…
رفع يديه إلى رأسها بداعب خصلات شعرها الفوضوية بعد السباحة، أجاب على سؤالها بلطف:-
-بيقول المستشفي هتبعت دكتور يعتني به وعمومًا هو مش هيطول هنا
أنتهت “ورد” من تجهيز حبيبها للقاء الكبار ثم قالت بعفوية:-
-متتوترش يا زين أنت قدها !! دا لو وقع الخيار عليك مش على تيام لأن متنساش أنه حفيد جدك زيك وكمان له النصيب الأكبر لأن بحكم أن ابن الأبن فنصيبه من الورث ضعف مامتك
تبسم “زين” بسخرية بعد أن نظر فى المرآة على هيئته الرسمية ووقاره ثم قال:-
-هو فين تيام يا ورد؟!! تلاقيه صايع هنا ولا هنا مع واحدة أجنبية دا أن مكنش دلوقت وتحديدًا الساعة 10 نايم فى حضنها، بعدين جدي مش هيسلم القرية لواحد خمورجي ونسوانجي بيترمي كل يوم فى حضن واحدة…
أقتربت “ورد” منه بهدوء ثم قالت:-
-حتى لو دا ميمنعش أنه حفيده وابن خالك، زين أوعدني مهما كان الخيار أو القرار ميأثرش فيك وفى كل الأحوال أنت المدير العام للمكان هنا وتيام ولا حاجة ولا يملك أوضة واحدة فى المكان دا طول ما جدك عايش
ألتف إليها “زين” بسمة دافئة ثم وضع يديه على ذراعيها بحب و قال:-
-أنا مش محتاج حاجة فى الدنيا كلها غيرك وما دام أنتِ معايا وجنبي فى داهية أى حاجة لأن مهما كان اللى هيدهولي العالم غالي وثمين أنتِ أغلى عندي لأنك كنزى اللى مبيتقدرش حتى بعمري
تبسمت “ورد” إليه بحب ليفتح ذراعيه إليها فقالت بعبوس:-
-هدومي مبلولة بلاش أبلك وأبهدلك الشياكة دى
جذبها إليه بالقوة كأنه لا يهتم بشيء سواها لتبتسم “ورد” بعد أن لفت ذراعيها حول خصره، تحدث “زين” بنبرة دافئة:-
-إياكي تحرمنى من الحضن دا عشان أى سبب كان مش شوية مياه، فداكي الدنيا وما فيها، فداكي أنا شخصيًا ……
____________________________
فتح باب الغرفة بالقوة ودلف مجموعة من الرجال بقيادة “جابر” رجل فى الخمسينات من عمره قوية وشامخ، لديه نظرة حادة من عينيه البنيتين التي تشبه لون شعره البني رغم سنه لكن لا يملك شعرة بيضاء واحدة فى رأسه ولحيته الكثيفة التى تزيد من وسامته وهيبته القوية، طويلًا وعريض المنكبين مُرتديًا بدلة رسمية سوداء، نظر إلى الطاولة وكان عليها زجاجة من الخمر وكأسين، أتجه إلى غرفة النوم وهو مُشمئز من الأرضية الفوضوية وملابس نسائية علي الأرض فكز على أسنانه وأشار إلى أحد الرجال ليرفع الغطاء وكان “تيام” نائمًا على بطنه بنصفه العلوي العاري ويعانق الوسادة، تحدث “جابر” بنبرة جادة:-
-تيام بيه…. تيـــــــام
فزع من نومه على صوت صراخ هذا الرجل وأندهش عندما رأى الرجال يحتلونه غرفته، تحدث بغضب سافر:-
-فى أيه؟
-أعتقد أن وصلك خبر أن فى أجتماع مجلس إدارة
قالها “جابر” بغضب مكبوح من أستهتار هذا الرجل الذي بلغ منتصف الثلاثينات، أشعل “تيام” سيجارته ببرود شديد ثم قال:-
-وأنا يخصني أنا، أنا مجرد نزيل هنا ؟
أشار “جابر” إلى رجاله ليحملون “تيام” بالقوة عن الفراش، بدأ يصرخ بغضب بهما ليفتح باب المرحاض وخرجت فتاة أجنبية ترتدي روب الأستحمام، تقزز “جابر” من رؤيتها هنا وأخذوه بالقوة معه….
____________________________
صرخت “مسك” بغضب شديد تعارض حديث والدها قائلة:-
-حضرتك بتقول أيه؟
تحدث “غريب” وهو يجلس على مقعده فى مكتب المستشفي بحدة قائلًا:-
-اللى سمعتى يا مسك لازم تمشي من هنا، أنا مش هخسر بناتي الأثنين وكفاية عليا أن أمكم هى السبب
قالها وعينيه تحدق بـ “بثينة” التى تجلس على الأريكة هناك بغضب سافر، تحدثت “بثينة” بغضب سافر من أتهامه لها بإذاية بناتها قائلة:-
-قصدك أيه؟ أنا مقدرش أذي ولادي
وقف من محله بغيظ شديد وقد أنفجر فى وجهها كالعاصفة التى تخلت عن هدوئها وبدأت تأكل كل ما يقابلها بصراخه:-
-لا أذيتهم، غزل دلوقت بين الحياة والموت عشانك ، بسببك سابت الجيش والهندسة، مش أنتِ اللى فضلتي وراها بزنك وشيطانك اللى وسوس لها عشان تنتقم من اللى قتلوه أخوها، مش أنتِ اللى سرقتي بنتى مني وخليتها تعيش معاكي وحولتيها من مهندسة فى الجيش لمجرمة بيطاردها المجرمين وتجار المخدرات، أنا بنتي فى غيبوبة دلوقت بسببك ولو حصلها حاجة ورب العرش ما هيكفينى روحك
صرخت “مسك” بانفعال شديد من هذا الصراخ:-
-وأنا ذنبي أيه؟
ألتف إلى ابنته بقلق شديد من أن يطادرها هؤلاء المجرمين عوضًا عن ابنته ثم أخذ وجهها بين قبضتيه وقال بلطف:-
-أسمعى يا مسك أنا لاقيت لك مكان كويس وأمان تقعدي فيه فترة لحد ما الوضع يستقر وأطمن على غزل
-أنا مش ههرب يا بابا لأنى مش جبانة
صرخ بها بغضب أكبر ولا يتحمل عناد هذه الفتاة قائلًا:-
-انا مش هخسر بناتي الأثنين ومش هستنى لما حد يأذيكي زيها
أقتربت “مسك” منه خطوة بجراءة وتحدي ثم قالت وعينيها تحدق به بنظرات ثاقبة:-
-أنا محدش يقدر يأذينى غير اللى خلقني، وحضرتك عارف أكتر من أى شخص أن محدش يقدر يقرب منى ولو قرب هتكون نهايته هو مش أنا
-عارف أنك قوية وشجاعة لكني مش هجازف أنا وقفت رخصتك الطبية وبالأكراه هتمشي يا مسك
قالها “غريب” بتحدي كأنه لا يترك مجال لعنادها بأن يسيطر على الموقف الآن…
فتحت “مسك” عينيها بعد أن توقفت السيارة الخاصة بها رباعية الدفع تحديدًا سيارة رند روفو ديفندر (سيارة 4×4 صنعت خصيصًا للطرق الوعرة وشديدة الأنحدار والقفز على الصخور) سيارة رمادية اللون وضخمة حجمًا قوية تليق بشخصية “مسك” فهى تتقن أختيار الأشياء التى تشبهها تمًامًا..
فتح “سراج” باب السيارة الخلفي من أجلها قاطعًا شرودها فيما حدث أمس من والدها وقال:-
-أتفضلي
تأففت بضيق شديد من أجبارها على القدوم لهذا المكان وترجلت من سيارتها مُغمضة العينين من الغضب الذي يحتلها الآن، مد يده إليها بمفتاح سيارتها وقال:-
-أتفضلي دا مفتاح عربيتك يا دكتور مسك، أنا جهزت كل حاجة ممكن تحتاجيها فى شنطة العربية أدوات التسلق والتخييم وحتى ملابس الرياضة والجيم أنا عارف كويس أن حضرتك مبتحبيش تستعملي أى غرض لشخص تاني وحجزنا سويت لحضرتك فى الفندق مدفوع تكاليفه كاملة وزيادة ولو أحتاجتي اى حاجة ممكن تتصلي بيه وفى ظرف ساعتين هتكون عند حضرتك ودا أن مكنش قبل كدة
حدقت به رجل فى الخمسينات من عمره لكنه مخلص ووفي جدًا لوالدها لا يتحرك بدونه، وجهه حاد وعابس دومًا ، أخذت مفتاح سيارتها بغيظ شديد وعنف حتى سقط يده من دفعتها جانبًا، مرت من جواره بأختناق وتتأفف بضيق قائلة:-
-هو فاكر أنه بيحبسنى هنا؟
ألتفت إليه قبل أن تتحرك وتابعت حديثها بغيظ أكبر وهى تشعر بأن والدها نفاها هنا هاتفة:-
-فهمه أنى مش كرسي بيحركه مكان ما يحب وهم شهرين بالظبط وبعدها بيوم واحد متسألونيش على اللى هعمله
أومأ “سراج” لها بنعم مُبتسمًا إلى هذه الفتاة وكانت ترتدي بنطلون جينز أزرق وتي شيرت أبيض بنصف كم تدخله فى البنطلون وتحيط خصرها بحزام من الجلد الأسود وحذاء رياضي أبيض، غادر المكان بسيارة أجرة، أخرجت حقيبة ملابسها فأقترب موظف الفندق لكي يأخذها منها ثم بحثت عن مكان لترك سيارتها بها، أخذت السيارة بنفسها إلى المكان بعد أن رفضت أن يصعد غريبًا بها، أوقفت السيارة فى مرأب السيارات الموجود فى باطن الفندق أسفل مستوي الأرض ثم نظرت إلى طبلون السيارة و فتحت الدرج الموجود فى اليسار بمفتاح خاص وأخرجت منه مسدسًا ووضعته خلف ظهرها ثم ترجلت من السيارة، أخذت المصعد للطابق الأولي حيث قسم الأستقبال….
____________________________
أجتمع الجميع فى غرفة المؤتمرات الخاصة بالفندق وكان الجميع فى أنتظار قدوم الرئيس “عبدالعال الضبع”، فتح باب الغرفة ودلف “زين” يدفع مقعد ذو عجلات متحرك يجلس عليه “عبدالعال” رجل فى الثمانيات من عمره كبير بالعمر وضعيف الجسد لكنه ما زال يملك الهيبة والمكانة، مريضًا ومُرتدي بدلة سوداء وقميص أبيض ويضع على قدمه غطاء من الصوف ومعلق فى مقعده أنبوبة أكسجين متصلة بقناع التنفس على فمه، أوقف “زين” المقعد فى مقدمة الطاولة بعد أن وقف الجميع أحترامًا لرئيسهم ومؤسس القرية ثم جلسوا فقال بصوت خافت لكنه واضح للجميع بفضل مكبر الصوت الموجود أمامه:-
-عشان مأخدتش من وقتكم ووقتي، طبعًا زى ما وصلكم الخبر أنا قررت أتنحني عن منصب الرئيس
-أطال الله فى عمرك يا عبدالعال بيه وطبعًا مفيش أفضل من باشمهندس زين للمنصب دا ولا أيه…
قالها احد الرجال ليتجمع الجميع على الموافقة على تنصيب “زين” كرئيسًا للقرية لكن أوقفهم صوت “عبدالعال” بجدية يقول:-
-بلا شك أن زين جدير بالمنصب دا بس…
أتاهما صوت رجولي قوي من الجهة المقابل بعد أن دلف “جابر” قاطعًا أجتماعهم يقول:-
-بس حضرتك عندك حفيد ووريث غيره
نظر الجميع وكان مساعد “عبدالعال” السيد “جابر” وأشار بيديه على الباب حتى يدخل رجلين من الحرس يقبضون على “تيام” بالقوة، حفيده الأكبر سنًا والذي يكبر “زين” بعامين ويملك من العمر 34 عام، شاب بجسد رياضي قوي وعريض المنكبين وطويل القامة، يحمل بشرة بيضاء وزوج من العيون العسليتين تليق به جدًا مع شعره البني الكثيف بنعومته ولحيته الكثيفة، مُرتدي بنطلون قطني وتي شيرت أسود وفوضوي بعد أن انتزعوا رجال “عبدالعال” من فراشه، صرخ بغضب سافر فى جده أمام الجميع بلا مبالاة:-
-أيه اللى حضرتك بتعمله دا
تابع “عبدالعال” بنبرة قوية رغم مرضه:-
-شهر واحد يا أما بتتعلم أزاى تحافظ على ملكك وتكون قد مسئولية أنك تكون المدير العام للمكان دا يا أم هرميكي فى الشارع وأتبري منك ووقتها يا تيام حتى العيش الحاف مش هتلاقي تأكله وأخرتك هتكون تحت الكباري زى المتسولين، زيـــــــــن!!!
نظر “زين” إلى “تيام” بوجه حاد وقال:-
-أمرك!!
-شهر واحد يا أما تعلمه أزاى يدير المكان ويكون درعك اليمين يا أما تنسي نهائيًا منصب الرئيس وأنتوا الأثنين تستعدوا لخسارة كل حاجة
قالها “عبدالعال” بتهديد واضح وصريح لهذان الأثنين، أشار إلى “جابر” بأن يأخذه من الغرفة وقد أنهى الأجتماع بتهديده لأحفاده أمام الجميع، خرج به “جابر” إلى الردهة و”تيام” يركض خلفه غاضبًا رغم الحاشية من الرجال الذين يسيرون وراءه وصرخ بغضب:-
-أنت بتعمل كدة ليه؟
أنزل “عبدالعال” قناع التنفس عن وجهه وقال بحدة:-
-عشان أخليك بنى أدم محترم وأنقذك من القرف اللى أنت فيه
تأفف بضيق يحرق صدره وهذا الرجل العجوز يتحكم به وبحياته فصرخ “تيام” بغضب أكبر مُغتاظًا من قرار جده قائلًا:-
-أنا مطلبتش منك تخلينى محترم، ولا طلبت سلطة ومال ولا عايز منصب، أديه لزين أنا موافق
أقترب “عبدالعال” للأمام برأسه ثم قال:-
-لكن أنا عايز، مش مكسوف من نفسك دا زينة بنت عمتك الأصغر منك بتدير المكان بأشارة واحدة من صبعها وأنت أكبرهم بس أخيبهم….
بدأ يسعل بتعب شديد ووضع يديه على صدره من الألم لكنه أكمل حديثه بقوة قائلًا:-
-معاك مهلة شهر يا تيام وأدعي أن ربنا يطول فى عمرى لشهر واحد بس عشان أربيكي
زاد ألمه أكثر ليضع “جابر” القناع على وجهه ونظر إلى “تيام” بضيق من سوء حالة جده، أقترب “تيام” بجدية وغضب ولا يبالى بحالة جده الحرجة ومرضه ثم حدق به وقال:-
-مربتش أبنك ليه بدل ما تيجي تربينى أنا
ساءت حالة “عبدالعال” أكثر بعد ذكر ابنه على لسان “تيام” وظل يحدقان بعيون بعضهما، كان الجميع فى رهبة مما يشاهدون والصياح والشجار يملأ المكان، كانت “مسك” تقف أمام موظف الأستقبال تقدم هويتها فقال بهدوء:-
-أسف يا فندم لكن مفيش حجز باسم مسك غريب القاضي
نظرت إلى الموظف بصدمة فقد أخبرها والدها بأنه حجز لها جناحًا ملكيًا هنا، كادت أن تتحدث لكن اوقفها صوت صراخ الجميع عندما فقد “عبدالعال” وعيه تمامًا وبدأ جسده ينتفض من التشنجات، تجمع رجاله حوله وهكذا “زين” الذي خرج للتو وهرع إليه بصدمة ألجمته، نظرت “ورد” بقلق و تركت العصير من يدها بعد أنتظار طويل حتى تطمئن على حبيبها، صرخ “جابر” بغضب سافر قائلًا:-
-أطلبوا الإسعاف
مرت “مسك” مسرعة بين الجميع ودفعت “تيام” دون أن تهتم له، نظر “جابر” إليها بصدمة الجمته من أقترب هذه الفتاة وتجرأها على لمسه، فحصت عينيه ووضعت يديها على قلبه ليدفعها “زين” بعيدًا عن جده وقال:-
-أنت مجنونة؟
صرخت به وهى تدفع يده بعيدًا عنها بتحدي وقوية وقالت:-
-أنا دكتورة
ظل صامتًا أمامها لتعود للجلوس على قدميها أمامه تفحصه، وقفت “ورد” جوار “زين” بقلق والجميع ينظرون عليها، قالت بجدية صارمة:-
-نزلوا
نظر الرجال إلى “جابر” فأومأ إليهم بنعم فجعلوا “عبدالعال” يمدد على الأرض أمامها لتضع يدها على عنقه وبدأت تحسب ضربات قلبه، وضعت يديها الأثنين على صدره حتى تضغط بمهارة تنعش القلب الذي بدأ يتوقف عن النبض فصرخت بالجميع وقالت:-
-شنطتي
أحضر الموظف حقيبتها التى ما زالت فى يده ولم يتم تسكينها بعد، فتحتها ليُدهش الجميع من كم الأدوات الطبية التى تحملها معها فى رحلة أسترخاء داخل مكان سياحي، أخرجت أنبوب رفيع وبدون سابق أنذار ولا تردد غرسته فى رئة “عبدالعال” فتوقف جسده عن التشنجات، أندهش البعض من جراءتها وقوتها كطبيبة فى معالجة مريض، أخذوه إلى السقيفة تحديدًا الطابق الأخير فى الفندق حيث يعيش “عبدالعال” وكانت “مسك” معه تفحصه وتضغط على المحلول الطبي الذي وضعته له، دلف “زين” ومعه “ورد” و “تيام” و”جابر”، وضعوا الرجال فى الفراش لتكمل فحصها الطبي إليه والجميع فى حالة قلق على جدهم، فتح المصعد وخرجت منه “زينة” الأخت الصغري إلى “زين”، تملك من العمر 26 عامًا فتاة تحمل عيون عسلية مع بشرتها البيضاء التى بها بعضًا من النمش على الخدين يزيدها جمالًا وتلف حجابها الأحمر مع بدلتها النسائية السوداء وقميصها الأحمر الذي ترتديه أسف سترتها وكعب عالي أحمر، تحدثت بقلق شديد:-
-حصل أيه يا زين؟
-أهدئي يا زينة أن شاء الله يكون بخير
قالها بلطف ويديه تربت على اكتاف اخته، وقف “تيام” بعيدًا مُتكأ على النافذة بظهره ويعقد ذراعيه أمام صدره باردًا لا يبالي بشيء مما يحدث، تحدثت “ورد” بقلق ونبرة خافتة:-
-مش نودي مستشفي أفضل!!
نظر الجميع على “مسك” التى تجلس جواره وتضع الحقنة فى الكانولا الطبية الموجودة فى يده، تحدثت بنبرة جادة باردة قائلة:-
-مش محتاج هو ساعتين وهيكون كويس، وما دام خايفين عليه فـ ياريت بلاش العصبية على واحد عامل عملية قلب مفتوح
وقفت من مكانها وألتفت إليها ليتحدث “زين” بأمتنان شديد قائلًا:-
-إحنا متشكرين جدًا مش عارف لو مكنتيش موجودة كان حصل أيه
أجابته وهى تحمل حقيبتها ببرود وغرور شديد يحتل ملامحها دون أن ترعي قلق عائلة المريض قائلة:-
-كان مات لأن قلبه ضعيف ومكنش هيستحمل لحد ما يطلع برا الفندق مش يوصل مستشفي
تأففت “زينة” غيظًا من هذه الفتاة المغرورة وتحدثت بغضب سافر من غطرستها قائلة:-
-فال الله ولا فالك بعد الشر عنه
رفعت “مسك” حاجبها بسخرية على قلقهم وضحكت على هؤلاء ثم قالت:-
-ليكون أنا السبب ولا أنا اللى عصبته
نظرت بطرف عينيها إلى “تيام” كأنها تخبره بأنه السبب بعد أن رأت ما حدث فى الردهة كالبقية، خرجت من المكان ساخرة من هؤلاء لكن أوقفها صوت “جابر” القوي الذي ناداها بهدوء:-
-دكتورة مسك!!
ألتفت إليه بأندهاش من معرفته لأسمها وهى لم تذكره أمام أحد فقالت:-
-أنت تعرفين؟!
تبسم بلطف إليها وأشار للرجال بأن يأخذوه حقائبها وقال:-
-أكيد، حضرتك جيتي هنا مخصوص لرعاية عبدالعال بيه
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها من حديثه وهل أرسلها والدها إلى هنا ليحولها من جراحة ماهرة يطلبها المرضي أسمًا لعلاجهم إلى ممرضة ترعى رجل كبير فى العمر على وشك الموت، تحدثت بضيق دون أن تستوعب الأمر وقالت:-
-قولت أيه؟
ضحك “جابر” بلطف على صدمتها وقال:-
-عبدالعال بيه طلبك أسمًا من دكتور غريب عشان تيجي هنا تهتمي بيه فى فترة علاجه بعد الجراحة وبناءًا على طلبنا جهزها لحضرتك مكان ملكيًا، صدقينى مش هتحسي بأنك فى ضغط أو تعب هنا وأهو فرصة تتعرفي على مالديف مصر زى ما بيقولوا
تأففت بغضب سافر وعينيها مغمضتين تكاد تعتصرهما من الغيظ الذي يحتلها بعد أن أدركت كذب والدها عليها وجعل منها دُمية حتى تأتى لهنا من أجل صديقًا له ثم قالت بأختناق سافر وهى تكز على أسنانها:-
-ملكي!! يا حضرة أنا جراحة مش ممرضة!!
تجاهل جملتها وأخبرها بأنها ستكون فى السقيفة الخاصة بهذا المكان مع “عبدالعال” وستكون ملكة فحتى أحفاده لم يصعدون إلى هذا المكان نهائيًا وجعل الخادمة تأخذ حقائبها إلى الغرفة لتتحدث “مسك” بتهديد واضح وصريح:-
-حاولي تلمسي شنطتي ومتلومنيش نهائيًا
أرتعبت الخادمة من نبرتها ولم تجرأ على لمس الحقيبة ليبتسم “جابر” فهو تحري عنها جيدًا ويعرف كل شيء صغيرًا وكبيرًا عنها وحتى عنادها وقوتها يعلم بهم، أشار للخادمة بأن تنصرف، مر “تيام” من جوارها بلا مبالاة ولا يهتم بحال جده لكنه أهتم بأن يرد لها الدفعة السابقة فدفعها من كتفها على سهو فأوشكت على السقوط لكنه تشبث بها قبل أن تفعل ويده تحيط بخصرها لتتقابل عيونهما معًا كانت تشتعل كجمر ناري مُحترق وهو لا يقل غضبًا عنها، تفحصها بنظره فتاة تملك من العمر 29 عام وتملك زوج من العيون الرمادتين الفاتحتين يميلين للأبيض وبشرة بيضاء بشعر أسود يصل لمنتصف ظهرها ناعم ومسدول على ظهرها، تملك يدين ناعمتين تليق بطبيبة تنقذ حياة البشر وتعطيهم الحياة من جديد قبل أن تغادرهم الروح، قال ببسمة خبيثة ونظرة أنتصار:-
-كدة نبقي خلصين!!
أتسعت عينيها على مصراعيها من هذا الرجل وأشمئزت من غروره وبحركة واحدة منها جعلت يده التى تحيط بخصرها خلف ظهره وهى على وشك كسر هذا الذراع الذي لمسها ويدها الأخر خلف مؤخرة رأسه وقالت بتحدي ونبرة مُخيفة:-
-جرب تلمسني مرة تانية وأنا أكسرلك دراعك
نظر الجميع بأندهاش من قوة هذه الفتاة ، نظرت “ورد” إلى “زين” بقلق و”زينة” وهكذا “تيام” الذي كان مصدومًا من رد فعلها، تبسم بسخرية وهى تقف خلفه تقيد ذراعه، دفعته “مسك” بعيدًا عنها بغيظ وكل شيء بيومها منذ الصبح يسعى لإغضابها، تطلع “تيام” بها بتحدي وقال وهو يسير نحوها:-
-أنتِ بتأخدينى على خيانة..
أقترب خطوة منها لتركل قدمه بدون مقدمات فسقط أرضًا فقالت “مسك” به بسخرية على ضعف جسده الذي سقط من ركلة واحدة:-
-دى بقي متتسماش خيانة أظن عيني فى عينك أهو
أبتلع لعابه ووقف غاضبًا من هذه الفتاة وكان على وشك أن يصفعها و”مسك” تنظر له بتحدي دون خوف وهو يقول:-
-والله لأربيكي أنتِ بتتحدينى ….
أوقفه “جابر” قبل أن يلمسها رغم حماسه لهذا الموقف وقال:-
-خلاص يا تيام… أهدا مش معقول جدك تعبان جوا
تبسمت “مسك” بغرور وقالت بعد أن عقدت ذراعيها أمام صدرها بكبرياء:-
-واضح أنك الوحيد اللى فى المكان دا اللى الكل أجمعوا انه عايز يتربي…
كز على أسنانه بغيظ شديد من هذه الفتاة التى جاءت إليه ولا يعلم من أين، تتحداه بجراءتها وقوتها دون أن تخشي شيء ولا تهاب أحد، حتى عندما رفع يديه ليصفعها لم ترمش لها عين بل ظلت تحدق به بقوة وصمود، نظر إلى “جابر” الذي يقف بينه وبين هذه الفتاة ودفعه بقوة فى صدره غاضبًا ثم قال:-
-هتروحي منى فين؟
غادر المكان بغيظ شديد ثم ألتف “زين” إلى “مسك” ونظر إليها بهدوء ثم قال بتحذير :-
-نصيحة منى بلاش العداوة مع تيام …
رفعت “مسك” حاجبها بكبرياء وثقة من حالها أكثر ثم قالت:-
-أم أنا نصيحتي لك لو عندك وقت للخوف فخاف عليه مش عليا….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرسة والتميم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى